أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - مقدمات الغزو البدوى لمصر















المزيد.....

مقدمات الغزو البدوى لمصر


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4438 - 2014 / 4 / 29 - 08:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من دفتر إنكسار أهلك يا مصر(4)
في أواخر القرن الثالث، قسم الإمبراطور دقلديانوس الإمبراطورية الرومانية إلى نصفين ، الإمبراطورية الغربية ومركزها مدينة ميلان، والإمبراطورية الشرقية في بيزنطة ، التي عرفت فيما بعد باسم القسطنطينية.
سهل التقسيم حكم الإمبراطورية في المدى القصير ، ولكن مع مرور الوقت تباعد الشطران بشكل محسوس ، فلقد فشل الشرق والغرب أن يعملا معا لمكافحة التهديدات الخارجية ، واختلفا في كثير من الأحيان على الموارد والمساعدات العسكرية .
مع اتساع الهوة ، نمت ثروة الإمبراطورية الشرقية التي تتحدث اليونانية إلى حد كبير بينما انحدر الغرب الذي يتحدث اللاتينية متخبطا في ازمة اقتصادية طاحنة .
الأهم من ذلك، أن قوة الإمبراطورية الشرقية حولت غزوات البرابرة بعيدا عنها إلى الغرب ، فمدينة القسطنطينية مع ملك مثل قسطنطين كانت محصنة و تخضع لحراسة مشددة ، بينما كانت ايطاليا ومدينة روما (التي كان لها فقط قيمة رمزية بالنسبة للكثيرين في الشرق) تتراجع.
و هكذا فيما انهارت البنية السياسية لروما في القرن الخامس ، استمرت الإمبراطورية الشرقية لألف سنة أخرى قبل أن تتغلب عليها الإمبراطورية العثمانية عام 1400 م.
دون التورط في اسباب الاختلافات الحادة التي صاحبت المجمعات المسيحية المتتالية أو في المناقشات الفكرية و الفلسفية التي دارت هناك إلا أن عزل بطريرك أنطاكية ساويريوس عام 518 لكونه من أصحاب إتجاه الطبيعة الواحدة (اللاهوتية ) للسيد المسيح شكل تغيرا جذريا في علاقة المسيحيين من المصريين (الاقباط ) بالسلطات المحتلة (التي تؤمن بأن له طبيعتين أحدهما لاهوتية و الاخرى ناسوتية )، وهكذا من خلال مجمع محلي عقد في القسطنطينية، رفض البطريرك المعزول هذا القرار وانتقل إلى مصر حيث أدار جزءًا من كنيسة الاسكندرية في حين أدار بطريرك (خليقدوني) قسم اخر.
بمعني أن ما حدث في أنطاكية من صراع بين الفريقين إنتقل مثيل له الي الإسكندرية (أيضا ) ولكن بشكل أكثر تفاقما بعد أن شكّل أصحاب الطبيعة الواحدة (اللاهوتية )أو المونوفيزيون قاعدة شعبية كبيرة في مصر، وعانوا بسببها من شتى أنواع الاضطهاد على يد ممثلي الإمبراطورية البيزنطية بالرغم من أنه (اى الاضطهاد ) لم يأت بالثمار المرجوة بل عمّق الشرخ الحاصل في الإمبراطورية بين الفئتين.
سنة 622 م أقر الامبراطور (هرقل) عقيدة جديدة هي المونوثيلية بمعني طبيعتين في مشيئة واحدة كحل وسط لكن أصحاب الطبيعة الواحدة رفضوا الصيغة الجديدة مما افتتح عهدًا جديدًا من الاضطهادات الشديدة، لكنها لم تطل بسبب وقوع المنطقة بيد الجيوش البدوية القادمة من شبه الجزيرة العربية.
يرى عدد من الباحثين أن المسيحيين الشرقيين دعموا عملية الغزو، خصوصًا الغساسنة والمناذرة وكذلك فعل المسيحيون (السريان)، ويقال أن سكان المدن السورية على نهر الفرات فتحوا أبواب المدن مهللين للفاتحين الجدد، وكذلك فعل مقاتلو الجيش البيزنطي خلال معركة اليرموك.
هذه المقولات عن ترحب مسيحي الشرق (الغساسنة و المناذرة و السوريون )بالقوات الغازية ، لا أستطيع قبولها الا في إطار أن السادة المهللين المرحبين كان قد تم خداعهم بتصويرأن البدو القادمين علي ظهور الخيل إنما هم من انصار احد المذاهب المسيحية (المسمي بالاسلام ) التي تتبع تعاليم (النساطرة )او( الاريوسيين)الذين يؤمنون بالطبيعة(الناسوتية ) الواحدة للمسيح و الذين كانوا منتشرين بكثافة في شبه الجزيرة العربية في اواسط القرن السادس الميلادى هاربين من إضطهاد قياصرة القسطنطينية .
الدكتور (جواد علي) في موسوعته عن ((العرب قبل الاسلام ))يوضح لنا من هم (هؤلاء) البدو الذين زحفوا بالاف علي جيرانهم المزارعين ((من الأمور التي تثير الأسف، تهاون المؤرخين في تدوين التأريخ الجاهلي، ولا سيما القسم القديم منه، الذي يبعد عن الإسلام قرنا ًفاكثر، فإن هذا القسم منه ضعيف هزيل، لا يصح أن نسميه تأريخا، بعيدا في طبعه وفي مادته عن طبع التواريخ ومادتها.
المؤرخون العرب لم يظهروا مقدرة في تدوبن التأريخ الجاهلي، بل قصروا فيه تقصيراَ ظاهراً. فاقتصر علمهم فيه على الأمور القريبة من الإسلام، على أنهم حتى في هذه الحقبة لم يجيدوا فيها إجادة كافيه، ولم يظهروا فيها براعة ومهارة، ولم يطرقوا كل الأبواب أو الموضوعات التي تخص الجاهلية. فتركوا لنا فجوات و ثُغراً لم نتمكن من سدّها وردمها حتى الآن .))
ثم يكمل متساءلا عن الأسباب التي دعت إلى حدوث ذلك وهل كان تعمد طمس أخبار الجاهلية أو أن العرب البدوعند ظهور الإسلام(( بسبب انهم لم يكن لديهم كتب مدونة في تأريخهم ولا علم بأحوال أسلافهم، وأن الاسباب كانت قد تقطعت بينهم وبين من تقدمهم فلم يكن لديهم ما يقولونه عن ماضيهم غير هذا الذي وعوه فتحدثوا به إلى الإسلاميين، ووجد سبيله إلى الكتب؟))
أم أن العرب ((لم يكونوا يميلون إلى تدوين تواريخهم، فلم يكونوا مثل الروم أو الفرس يجمعون أخبارهم وأخبار من تقدم منهم وسلف، فلما كان الإسلام، وجاء زمن التدوين، لم يجد أهل الأخبار أمامهم من شيئاً غير هذا الذي رووه وذكروه من بقايا ما ترسب في ذاكرة المعمرين من أخبار.))
لقد عزا بعض الباحثين هذا التقصير إلى الإسلام كمنهج تفكير و اسلوب حياة ، ((فزعم إن رغبة الإسلام كانت قد اتجهت إلى استئصال كل ما يمت إلى أيام الوثنية في الجزيرة العربية بصلة، مستدلا بحديث: "الإسلام يهدم ما قبله"، فدعا ذلك إلى تثبيط همم العلماء عن متابعة الدراسات المتصلة بالجاهلية، والى محو أثار كل شيء تفرع عن النظام القديم، لم يميزوا بين ما يتعلق منه بالوثنية والأنصاب والأصنام،وبين ما يتعلق بالحالة العامة كالثقافة والأدب والتأريخ ، فكان من نتائجه ذهاب أخبار الجاهلية، ونسيانها، وابتدأ التأريخ لدى المسلمين بعام الفيل. ولهذا كان المؤرخون أو الأخباريون، الذين يحاولون تدوين أخبار الماضي وحفظ مفاخره، ينظر اليهم شزراً في المجتمع الإسلامي، وخاصة في العهد الإسلامي الأول والراجح أن السبب في ذلك هو الرغبة في عدم دراسة الأشياء التي قرر الإسلام طمسها، أعني بذلك الديانات والطقوس الوثنية في بلاد العرب))اليس هذا هو منهج السلفيين حتي الان عندما يطالبون بهدم الهرم و تدمير معبد الكرنك ام أن الزمن غير من التفكير البدوى وحعله اكثر تحضرا و فهما لما تعنيه اثار الاجداد من ثروة .
((كما جاءوا بدليل آخر في إثبات أن الإسلام كان له دخل في طمس معالم تأريخ الجاهلية، إذ ذكروا أن الخليفة، "عمر" ساًل بعض الناس "أن يرووا بعض التجارب الجاهلية، أو ينشدوا بعض الأشعار الجاهلية، فكان جوابهم: لقد جب الله ذلك بالإسلام، فلم الرجوع. فوجدوا في امتناعهم عن رواية الشعر الجاهلي أو أخبار الجاهلية، دلالة على كره الإسلام لرواية تأريخ الجاهلية وانتهاء ذلك إلى طمس معالم ذلك التأريخ.))
وهكذا من الصعب معرفة كيف كان مجتمع ما قبل الدعوة الا من خلال ماسمح به لنا كتاب السيرة البدو بعد عدة عقود .
ولكننا نستطيع بدرجة مناسبة من الثقة أن نقول ان الثقافة التي سادت في ذلك الزمن و العلاقات الاقتصادية والاجتماعية كانت تدور في الغالب حول مجتمع بدوى يحمل كل الملامح المعروفة لمثيله عبر العصور وانه قد تم دعمه من الخارج(بواسطة الجماعات المسيحية (الايروسية )اللاجئة لشبه الجزيرة والتي كانت تؤمن بإنسانية المسيح ومضطهدة بسبب ذلك في جميع أنحاء الامبراطورية ) فهذبته بكل المتيسر لها من القدرات والاسباب التي جعلت من السكان المتصارعون دوما علي الكلاء و الماء المختلفي اللغات و اللهجات والاديان جماعه موحدة متماسكة قادرة علي هزيمة اضخم إمبراطوريتين عرفهما الزمن القديم .
سؤال شديد البراءة .. لابد من طرحه .. هل كانت السيدة خديجة رضي الله عنها و إبن عمها ورقة بن نوفل من أتباع المسيحي الفار للجزيرة (إريوس ) لذلك لم يتزوج سيد الخلق عليها حتي وفاتها !!.وكان مقتنعا أن السيد المسيح( النبي إلانسان ) لم يصلب و إنما شبه لهم .
و هكذا لن يكون مدهشا أن معظم طقوس و اساليب القوم في الحياة لم تتغير باعتناقهم الدين الجديد إلا قليلا .. شهورهم قمرية و مناسك حجهم إبراهيمية و حرفتهم الغزو للمناطق الغنية او الزراعية .. قطع الطرق علي القوافل وسلبها سار كما إعتادوا ، او الكعبة لم تختلف الا بازاحة الاصنام من حرمها .. والتجارة في العبيد و الجوارى والاغنام و الابل كما هي ..وأسلوب تقسيم غنائم الغزوات و الحروب ..إحتقار المرأة حتي مستوى إعتبارها جلابة للعار و الشؤم .. الولاء لشيخ القبيلة المتحكم في الارزاق والامان..التفاخر بالانساب مع إلاقلال من شأن الاخر لم يتبدل حتي لو كان قيصرا او كسرى ..فلنقرأ ماذا كتب المسعودى عن المصريين ((نساؤها شر نساء الارض وعندهم خبث ودهاء و مكر ورياء وهي بلد مكسب لا مسكن .. فكن منهم علي حذر )).. او ماذا كتب عنهم ابو الصلت ((أهل مصر الغالب عليهم إتباع الشهوات و الانهماك في اللذات و الانشغال بالترهات .. و التصديق بالمحالات وعندهم مكر وخداع ولهم كيد و حيل )).
مع إفتتاح عام 641 م كان عمرو بن العاص ومعه ثلاثة الاف و خمسمائة بدوى من الذين جمعهم ولم يهذبهم الاسلام (بعد ) ،مجهول حقيقة أهدافهم يزحفون في إتجاه وادى النيل قادمين من العريش جوعي حفاة يتوقون الي الظل والماء البارد و الصبايا اليافعات امثال سرية نبيهم مارية ..في مواجهه مع محتل بيزنطي بقيادة (المقوقس ) يعاني من مشاكل تتصل ببعد قواعد امداده من الوطن الام ...وشعب أغلبه قبطي يعيش في وحدات متفرقة منفصلة مستفذ طاقتها بواسطة من يجمعون الغلة لصالح القيصر ومضطهد بسبب خلافات مذهبية بين قيادته الدينية الفارة لاديرة سرية بالصحراء ومحتليه من وحوش رجال الامبراطور هرقل .
شعب يعاني من الجهل وفقد الثقة في النفس بسبب طول التهميش الذى زاوله عليه أغراب يحكمونه لمدة الف سنة بدأت بقمبيز و إنتهت بالمقوقس . لتفتح صفحة اكثرالقصص مأساوية من دفتر إنكسار أهلك يا مصر بعد تحكم الراعي في الزارع .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقباط هم اولادك المضطهدين دوما يا مصر
- يومنا في إكتيوما من دفتر إنكسار أهلك يا مصر (2)
- من دفتر إنكسار أهلك يا مصر
- خطوات علي الارض المحبوسة التي لم تقرأها بعد
- أحزان مسن ضاع عمره هباء.
- خدعة تميزنا العربي كعرق وثقافة وعقيدة .
- الخلط في اوراق علاقة مصر بجيرانها
- خطوات (اخرى ) علي الا رض المحبوسة
- ملكة القبط (دلوكة) تحمي مصر!!
- لن أقول لخطيب أمي يا عمي
- هل سقطوا علينا هؤلاء المجرمون من السماء
- من الذى يحكم او (يتحكم ) في مصر
- هؤلاء حرام فيهم العلم
- العام الرابع عشر من الالفية الثالثة
- كم بنينا من ثراها اربعا .. وانثنينا فمحونا الاربعا .
- احاديث عن الغولة ..وتكنولوجيا المعلومات
- اى معول تحمل و اىصرح تهدم
- الحياة مع الابرار المخلدون .
- تبدلت الوجوه والبؤس واحد
- الاسلام دين لا يقبل عليه المعاصرون


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - مقدمات الغزو البدوى لمصر