أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان محسن - السريالية والسرياليون الجزء الأول















المزيد.....

السريالية والسرياليون الجزء الأول


عدنان محسن

الحوار المتمدن-العدد: 4437 - 2014 / 4 / 28 - 23:52
المحور: الادب والفن
    


السريالية والسرياليون
فردينان ألكيه
ترجمة: عدنان محسن
اعتدنا على إطلاق كلمة سريالية على أي فعل يبدو غربيا، ليس مألوفا. إنّ الاستعمال الغامض بما فيه الكفاية، لهو دليل على التأثير الذي أحدثته تلك الحركة التي انبثقت في العام 1924 بعد صدور بيانها الأول، لتنتشر وتشيع أشكالا لحساسيات أدبية وفنية لا يمكن فهمها حقّا إلّا في الرجوع إلى جذورها.
في المعنى الدقيق للكلمة، لا يمكن أن تُسمى " سريالية "سوى تلك الأعمال الناتجة من مجموعة تحمل هذا الاسم. أو أنّ هذه المجموعة تعترف بتلك الأعمال. ولا جدوى في تساؤل البعض، في ما إذا كانت تظاهرة مستوحاة من قيم سريالية صرفة لكنّها خارج المجموعة، تعتبر أكثر أصالة من تظاهرة أخرى معترف بها من قبل المجموعة. إنّ أمرا كهذا لا يخرج إلّا عن نطاق المعارك الكلامية. إذ أنّ أندريه بروتون الذي حاول بدون أدنى شك رسم السمات الأبدية للسريالية، قد نوّه بأنّ " غويا كان سرياليا بنفس القدر الذي كان فيه دانتي، أوجلو، لوتريامون، أو كودي. غير أنّه عاد وفي النص نفسه " مناقشات " ليندد بالحركة الخارجة عن مجموعته والتي تدّعي السريالية معتبرها مزورة ومتآمرة.
وحقيقة الأمر، إنّ السريالية ليست جوهرا قابلا للتعريف وبإمكان المرء القبض على شواغله وانشغاله منذ الوهلة الأولى. إنّها مجموعة من الأفكار والنتاج والأفعال والمواقف لأولئك الذين تعاونوا ضمن حركة كان أندريه بروتون ملهما وضامنا لها. أي تعريف آخر للسريالية لا ينطوي إلّا على الفنطازية أو المجانية.
1 مجموعة أندريه بروتون السريالية
السمة الأولى للسريالية هي تشكيل مجموعة، لست رسمية بالطبع، لا تخضع لقوانين قضائية. مجموعة حقيقية متماسكة وفاعلة وتلتقي في مكان محدد وتنشر مجلات وتنظم معارض وتصدر بيانات. قد نُقبل فيها أو نُطرد منها. وبالرغم من أنّ تراكيبها متغايرة، يمكن القول إنّ بروتون هو الملهم والمشرف عليها. إذ لم تستمر من بعده إلّا قليلا. عرّف بروتون بمبادئ السريالية من خلال نصوص نظرية مكتوبة بأسلوب يكاد أن يكون كلاسيكيا، وهو الذي حافظ على وحدتها وسط آلاف الصعاب، وعلى تنسيق وتماسك أفكارها، فلا يمكن الشروع والحال بأي دراسة عنها ما لا يؤخذ بعين الاعتبار فكر بروتون نفسه. وبالمقابل، لم يشأ أندريه بروتون أن يتصرف على الإطلاق بكل فردي، ولم يضع مسافة بينه وبين المجموعة حتى في الظروف العصيبة من تاريخ الحركة، عندما انفصل عنه أصدقاء مثل بول ايلوار أثناء الحرب العالمية الثانية، إذ سرعان ما شكلّ مجموعة جديدة ضمّ إليها المخلصين من الأصدقاء مثل بنجمان بيريه، جون شوستر، جيرارد لوكراند، فيليب أودوان. ومن جانب آخر، لم تقتصر السريالية على أعمال بروتون، فقصائد ايلوار، ديسنوس، بيريه، تانكي، والكثير من لوحات سلفادور دالي تنتمي إلى السريالية. كما أنّ السريالية لم تتوقف على فرنسا، فثمّة مجموعات أجنبية، خاصة من بلجيكا، رفدت السريالية بمساهمات في غاية من الأهمية. ومع أنّ السرياليين البلجيكيين لم يكونوا متفقين على الدوام مع أقرانهم الفرنسيين، إلّا أن بروتون و صحبه لم ينكروا عليهم سرياليتهم. وعليه يمكن تعريف السريالية وفق المقاييس التي تبنتها المجموعة الفرنسية الداعية إلى تنظيم الحالة الذهنية، على حد تعبير بروتون. ولم تكن معاييرهم جمالية وحسب، بل تضمنت مفاهيم عامة تتعلق بالإنسان منظورا إليه كما هو وبحد ذاته من جانب، ومن خلال علاقته بالعالم والمجتمع من جانب آخر.
تُعرف السريالية على أنّها سلسة من المواقف السياسية والأخلاقية. والجدير بالقول إنّ قرارات الطرد التي طالت عدد مهم من أعضاء المجموعة، كطرد آرتو، لم تكن ناجمة عن خلاف حول مسائل جمالية ولم تكن أسبابها شخصية ولا علاقة لها بالسلوك أو أي اعتبار أخلاقي آخر. وفي العام1946 كتب بروتون في مقدمة لإعادة طبع " البيان الثاني " قائلا: لم نلمّح بالمسائل الشخصية إلّا في ما بعد، ولم نعلنها على الملأ إلّا في حالة واحدة، أن تمر على أنّها خرق واضح للمبادئ الأساسية المتعلقة بتاريخ حركتنا والتي قامت بموجبها روابطنا. كان من الضروري المحافظة على قواعد مرنة بما فيها الكفاية من أجل مجابهة الأوجه المتغيرة في أمور الحياة، وفي الوقت ذاته مستقرة بما فيه الكفاية من أجل الإيفاء ببعض الالتزامات المشتركة والعلنية التي تعهدنا بها منذ أيام البدايات. ولا يسعنا هنا إلّا أن نحيي الدقة في تحليل كهذا.
2 حرية الذهن:
ولدت السريالية كظاهرة جماعية من خلال العديد من اللقاءات. لقاءات بروتون بآراغون، سوبو، ايلوار، أرنست موريس...الخ. ولم يكن لهذه اللقاءات معنى إلّا لأنّها جمعت رجالا لهم هم مشترك نابع عن اندفاع واحد ضد الوضع القائم. رجال يجمعهم أمل واحد في التغيير. ويمكن الحديث عن لقاءات المجموعة الفرنسية بمثيلاتها الأجنبية. وليس من السهل، عند دراسة النصوص الأولى السريالية، فرز حالات انفعالية تفصح جوهريا عن مذهب محدد. لكنّه من اليسير العثور، في هذه النصوص، على هموم مشتركة مسكونة بشغل شاغل هو تأمين حرية الذهن. ويبدو أنّ حرب 1914- 1918، وبغض النظر عن الويلات التي نجمت عنها، وضعت هذه الحرية بشكل جدي على المحك. وكان ديدن السرياليين، قبل كل شيء، هو معرفة ظروف تحقيق هذه الحرية بعد أن صارت شغلهم الشاغل.
إنّ ما يلفت النظر في المقام الأول‘ هو رد فعل السرياليين ضد الحرب، حيث وجدوا في هذا الرفض النواة الأولى لأفكارهم. ورغم أنّ بروتون لم ير في هذه الحرب سوى " قاذورة من الدماء والوحل والغباء" لم يجعل من موضوعة الحرب مادة لأفكاره. ومنذ البداية، انشغل السرياليون بالكيفية التي يمكن فيها أن لا يستسلم الذهن لعدوى أحداث كهذه. وحدد هذا الانشغال حبهم الأول, فأحبوا جاك فاشيه، الرجل الذي بفضل الدعابة أستطاع أن يحافظ على نفسه صافيا، كما أنّهم أحبوا أبو لينير، مع أنّه كتب عن الحرب، وأدهشتهم قدرته على التخلص من الرعب عن طريق الشعر. وعندما كتب بروتون في " مفتاح الفرار" أنّ الجمال هو المأوى الكبير، فهذا يعني كان على مسافة حجر منه.
أعتبر السرياليون الدعابة والشعر وسيلتين يحقق الذهن بفضلهما استقلاله من جهة، ويحرره من حتميات ما زالت الحياة اليومية تنوء بأثقالها من جهة أخرى. وبهذا الصدد لم يترددوا في توظيف الجنون نفسه لتغليب مبدأ اللذة على مبدأ الواقع. وقد أشار بروتون للتأثير الذي أحدثه في تطوره الفكري أحد المجانين حين التقاه في مركز صحي نفساني في سان ديزيه والذي كان يعتبر الحرب مظهرا زائفا وأنّ جراحها أعمق مما نرى. ومن كلا م هذا المريض استوحى بروتون الفكرة الأولى من مقدمته في خطاب " بؤس الواقع". وعموما يمكن أن نرى فيها مصدر حبه للفلسفة المثالية والفلسفة التيمية (عبادة الأشياء المسحورة)، وفلسفة بركلي اللامادية.
3- الأمل، التمرد والثورة
إنّ تحرير الذهن يعني بادئ ذي بدء معارضة الشيء الذي يعارضه، ومن هنا يكون التمرد والنفي والرفض من مقومات هويتها وعلامات للدلالة عليها. وقد تحدثنا بهذا المعنى عن النهلستية وعن النزوع الفطري إلى الشر. وينبغي القول إنّ السرياليين يعارضون أي نظام، فهم يلعنون الرب ويرفضون فكرة الوطن وأحيانا يمتدحون الجريمة ومن هنا تأتي الفضائح التي غالبا ما كانوا يسببونها. كلّ شيء يمكن فعله وكلّ الوسائل ممكنة يقول البيان الأول للسريالية، من أجل تهديم العائلة والدين والوطن. وليس غريبا أن تكون السلسة التي يشرف عليها جون شوستر عنوانها الفوضى. ورغم ذلك لا ينسى المرء الأمل الايجابي الذي تستمد منه السريالية مصادرها. ورغم كلّ التحديات التي واجهتا لم تكن السريالية متشائمة لأنها مأخوذة بذاك الأمل الذي يطلق عليه رامبو" الحياة الحقّة"، ولأنّ هذه الحياة الحقّة غائبة، توجب على السرياليين العثور عليها.
السريالية غنيّة بعناصر سوداء وتأثيرات ساد مثلا واضحة في الكثير من الكتابات السريالية، كما يظهر الشعور الباطن بالخوف والذنب والكراهية في بعض الكتابات، ميشيل ليريس مثلا، كان يلمّح إلى وجود النزعة الأخيرة كأرضية ملائمة لأي تمرد.لكنّ الرغبات التي تستوحي منها السريالية تبقى إيجابية لأنّها تخلق الأمل بالوجود وبالحب والانفصال أمام الجمال، فمنذ 1913 تقرأ قصيدة لبروتون متأثرة بمالارميه ومهداة إلى بول فاليري منقطعة بهذا التساؤل: ممن تأتي بالأمن؟ ومن أين يأتي أيمانك بالحياة؟. إنّ التساؤل لم يتوقف أن يكون سؤال بروتون نفسه، بل صار سؤال كلّ السرياليين الذين راحوا يطرحونه على هيئة استبسار للرأي: " أي نوع من الأمل تضعونه في الحياة؟ ".
إنّ إرادة النفي تفسر الانتساب التلقائي عام 1919 لأولئك الذين أصبحوا في ما بعد سرياليين إلى الدادائية منضمين إلى ترستان تزارا ، غير أنّ إيجابية المشروع السريالي تفسر بالمقابل القطيعة التي حدثت بعد سنتين بين هؤلاء وبين الحركة الدادائية. وفي العام 1924 يستهل البيان السريالي بنداء للطفولة معارضا الواقع الراهن بخيباته وانغلاقه ويرى في الإنسان " الحالم الأبدي "، يجعل من المخيلة مصدرا لكلّ إنجاز وسبيلا للخروج على أي انغلاق. إنّ نصوص " السمك الذائب " يطغى عليها نوع من الإنتشاء الأيروسي يقود إلى طقوس على الضد من مناخ الدادائية السلبي. غير أنّ الحلم هو غياب الفعل، وليس من المعقول تغيير الحياة عن طريق المخيلة. ويعود إلى تاريخ السريالية إلى تفسير تفاصيل الأحداث المتعاقبة كالعلاقة مع الحزب الشيوعي الفرنسي الذي انتسب إليه السرياليون بعض الوقت ليخرجوا منه وعليه وتحولوا إلى خصوم ألداء. هذا التقلب لم يكن سوى علامة توتر لا مفر منه في داخل الحركة.
يقول كارل ماركس ينبغي تغيير العالم ويقول رامبو ينبغي تغيير الحياة. إنّ هذين الأمرين لهما أمر واحد بالنسبة لنا يقول أندريه بروتون، وفي هذه العبارة لخّص كلّ شيء. لقد أراد السرياليون، حيال الكل وضده، تحقيق أمرين مختلفين تماما يستحيل تحقيقهما دون تفضيل أحدهما على الآخر: فالانتساب إلى الحزب الشيوعي الفرنسي وتغيير المجتمع يُعتبر، وهذا أمر أكتشفه السرياليون باكرا، تنصلا عن البحث الداخلي الحقيقي وعن التطور الذاتي للذهن. كما أنّ التفرغ لهذا البحث وذاك التطور يعني التنصل عن النشاط الثوري الحقيقي. وبين هاتين المهمتين لم يستطع السرياليون الاختيار بشكل حاسم. وفي كلّ الأحوال لم يوافق السرياليون أبدا على التخلي عن القيم الخاصة بهم. ولم يبرروا البتة مبدأ " الغاية تبرر الوسيلة" ولم يمتدحوا " الواقعية الاشتراكية" ولم يوافقوا بتاتا على أحكام موسكو. وكان كلّ هذا مجالا لتمزقات جديدة ومؤلمة، لكنّه مجال أيضا للتأكيد على أنهم لا يتخلوا عن أي شيء يشكل أملا للبشرية.
وفي الحقيقة، أنّ الماركسية لا تنسجم مع السريالية، فبينما يرى ماركس أنّ العلاقة الجوهرية بين الإنسان والطبيعة هي العمل، يرى بروتون أنّ هذه العلاقة قائمة على الأنخطاف والحب. وحسب ماركس أنّ تحرير الذهن لا يتحقق إلّا في مجتمع بلا طبقات، بينما جعل بروتون منذ بيان عام 1924 من هذه الحرية شغله الشاغل معتبرا أنّ الذهن قادر بفضل المخيلة على كسر كلّ القيود وعلى الوصول إلى نقطة عليا تختفي عندها المتناقضات. ويمكن القول، ومن دون التشكيك بمصداقية السرياليين الثوريين، أنّ مبادئ وأفكار ماركس هما على النقيض من مبادئ وأفكار السريالية. وقد قاد هذا التناقض أندريه بروتون إلى الاستناد على مفكرين منشغلين بهموم الإنسان أكثر من ماركس، وأنّ قصيدته "النشيد" إلى شارل فوربيه دليل على ذالك.
4- التلقائية والصدفة
في مقدمة لخطاب " بؤس الواقع "، يتساءل بروتون في ما إذا كان بؤس الواقع الذي نعيشه لا يعتمد جوهريا على قدرتنا في التعبير. إنّ تساؤلا كهذا يظهر الأهمية التي تضعها السريالية حول إشكالات اللغة. إلّا أنّ هذه الأهمية ليست أدبية بالمعنى المعروف للكلمة، بل هي على العكس أقرب إلى تلك الاهتمامات التي تنهض بها البحوث العلمية.إنّ تجارب السريالية متعددة خاصة في الفترة المسماة " بالجمود"، إذ كانوا يحاولون اكتشاف الباطن، الجنون، حالات الأستيهام، ويميلون إلى الأعتقاد بالحظ ولا يحتقرون الروحية ويدرسون رسوم الوسطاء في تحضير الأرواح. والبيان السريالي لعام 1924 يعرّف السريالية كآلية " نفسانية صافية "، من خلالها نطرح على أنفسنا مسألة الوظيفة الحقيقية للفكر عن طريق الكلام أو الكتابة أو أي تعبير آخر. والسريالية قائمة على عدد وافر من الروابط التي كانت مهملة قبل ميلادها. الحقيقة والواقع، هاتان الكلمتان منشقتان عن اهتمامات علمية صرفة. ولكن، كيف بإمكان هذا العدد الوافر من الروابط أن يحظى بحقيقة أعلى من تلك الصادرة عن المنطق الخاص بالإدراك. ولماذا تعتبر الوظيفة الباطنية للفكر أكثر حقيقية من الوظيفة العقلية له؟
لا يمكن فهم هذه التراتبية في القيم إلّا من خلال معرفة التأثير، بل والسحر، الذي مارسه علم التحليل النفسي على السريالية والذي يرى أنّ الحقيقة الكبرى للنفس البشرية تتواجد في الباطن وهذا الأخير قائم على حقيقة ثابتة يقوم عليها أيضا الشعور ولكن بدرجة أقلّ مما هي عليه في الباطن، وما يردده السرياليون هو كشف كلّ ما هو خفي عند الإنسان. إنّ إعجابهم بساد ولوتريامون متأت بدرجة أساسية لجرأتهما على إلقاء حزمة ضوء في مناطق كان يسود فيها الظلام.
فلنجرب إذن وقبل كل شيء التخلص من ضغوط " الفكر المراقب "، ولنكتب بلا موضوع مسبق، بلا سيطرة للمنطق ولا لعام الجمال والأخلاق، ولنعمل على إظهار كلّ شيء في داخلنا أن يكون لغة يعيقها الرقيب الداخلي فينا من الظهور، إنّها الكتابة الآلية التي يحسب السرياليون أنّها تحرر وتكشف الخطاب الخفي الذي يسكن فينا ويكوّن معارفنا, إنّ الأعداد الأولى من الثورة السريالية كانت حافلة بهذا النمط من الكتابة ولكن سرعان ما أهملتها السريالية في حقبتها اللاحقة.
وينبغي عدم الخلط بين الكتابة الآلية وبين لعبة " الصدفة " التي أستعملها السرياليون أيضا.فإذا كان الابتعاد عن أي إعداد خاص بالعقل يشكلّ العامل المشترك لهاتين الطريقتين، فأنهما رغم ذلك مختلفتان وبشكل عميق.فالطريقة الأولى تعني بإظهار كلّ ما هو تلقائي فينا. أمّا الثانية فهي منشغلة بطرح اللقاء الخارجي مع العالم والذي لم نكن قد هيّأنا له، على شكل إيماءات وإشراقات. فالتعبير عن حرية الذهن ، في هذه الحالة، يأخذ مسارات ليست متشابهه معتمدا على قدرتنا على إعطاء معنى لكل المتشابهات. إنّ نقطة البدء موضوعية وقسرية في آن واحد، ومن الجائز يقول البيان السريالي تسمية قصيدة كلّ ما نحصل عليه عن طريق تجميع مجاني ممكن لعناوين مستلة من الجرائد أو أجزاء من هذه العناوين.
كان " اللعب " شائعا عند السرياليين، وفي الأنتلوجيا الشعرية المصغّرة، يصف جورج هكنيه اللعبة السريالية المسماة " الجثة الشهية "، على النحو التالي: تجلسون خمسة حول طاولة، كل واحد يكتب على ورقة مطوية بحيث لا يعرف الجالس على اليسارالإسم الذي كتبته وفي نفس الوقت تستلم من الجالس على اليمين الورقة التي أُعدّت بنفس الطريقة وتضع صفة للإسم الذي تجهله، وبنفس الطريقة تضع فعلا ثمّ مفعول به...الخ. إنّ المثال الأول عن أول محاولة والذي صار إسما لها هو: الجثة الشهية ستشرب النبيذ الجديد.
إنّ جمع الأسئلة والإجابات المصاغة لها بطريقة منفصلة هو المبدأ الذي يقوم عليه الحوار السريالي:
ما هي لذّة العيش؟ إنّها كرة عاجية في يد تلميذ.
وفي ذات السياق، يبدو أنّ الكولاج في الرسم مشتق من طريقة مشابهه، ففي تحديات الرسم، ينقل لنا لويس آراغون أنّ ماكس أرنست كان قد استعمل في معرضه المقام عام 1920 موادا فوتوغرافية ملصقة على تخطيطات على رسوم له، وهو يرى في الكولاج محاكمة حقيقية للشخصية. بفضل هذه التغيرات في التشكيل والتي ينبغي إضافة أعمال مارسيل دونان وآرتور كرافان وفرانسيس بيكايا لها، لم يعد الفن فرديا.



#عدنان_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة في الشعر السريالي
- عبقرية أندريه بروتون
- آراغون شاعر عصر
- عار الشعراء
- ناتالي ساروت والكتابة الأخرى
- مرثية جان دمّو
- مرثية جان دمو


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان محسن - السريالية والسرياليون الجزء الأول