أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامي فريدي - يسوع .. حبّة الحنطة!..















المزيد.....

يسوع .. حبّة الحنطة!..


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 4436 - 2014 / 4 / 27 - 21:28
المحور: حقوق الانسان
    


سامي فريدي
يسوع .. حبّة الحنطة!..
" إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ." – متى16: 28
"ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ، بَلْ لِيُخَلِّصَ".- لو9: 56
"تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ، فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ."- لو12: 1-2

ثمة ثلاث إشارات من ثلاث جهات تمثل ثلاثة مواقف ووجهات نظر حول الموت كما وردت في الانجيل، وهذه هي..
1- موقف هيرودس الأدومي..
"فَسَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ بِجَمِيعِ مَا كَانَ مِنْهُ، وَارْتَابَ، لأَنَّ قَوْمًا كَانُوا يَقُولُونَ:«إِنَّ يُوحَنَّا قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ». وَقَوْمًا:«إِنَّ إِيلِيَّا ظَهَرَ». وَآخَرِينَ:«إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الْقُدَمَاءِ قَامَ». فَقَالَ هِيرُودُسُ:«يُوحَنَّا أَنَا قَطَعْتُ رَأْسَهُ. فَمَنْ هُوَ هذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْهُ مِثْلَ هذَا؟» وَكَانَ يَطْلُبُ أَنْ يَرَاهُ."- لو9: 7-9 ، متى14: 1
2- موقف الكهنة..
"وَكَانَ يُعَلِّمُ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ، وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ مَعَ وُجُوهِ الشَّعْبِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُهْلِكُوهُ."- لو19: 47
3- موقف يسوع الناصري..
"اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ. "- يوحنا12: 24


في أيام يسوع كانت في فلسطين أربعة تيارات دينية اجتماعية متنفذة في الحياة العامة والعلاقة بالحكومة، وهي.. [الفرّيسيّون، الصدّوقيّون، الهيروديّون، الشفائيّون]. كان الفرّيسيّون والصدّوقيّون يتحكّمون في المجلس اليهودي الأعلى الممثل الديني والواجهة الاجتماعية والسياسية لليهود في ظلّ الحكم الروماني للبلاد. يمثّل الفرّيسيّون التيّار السّلفي الأصولي في المجتمع اليهودي يومذاك، والكتاب بالنسبة لهم هو توراة موسى أي الأسفار الخمسة الأولى من التناخ (Pentatuch) التي تتضمن نصوص الشريعة وأحكامها التطبيقية، وهم معلّمو الشريعة التقليديّون بحسب نهج عزرا الكاتب، ووصايا الأباء الكهنة من عهد هارون. وقد وصفهم يسوع بقوله: اسمعوا أقوالهم، ولا تعملوا أعمالهم!. وهو بذلك يؤكد صحّة تعليمهم بحسب شريعة موسى، لكنّه يعترض على سلوكهم. ولما كان يسوع الناصري يعلّم في الهيكل، ويشفي المرضى والناس يلتفّون حوله ويتبعونه ويؤمن به كثيرون، فقد وجدوا أنفسهم أمام منافسة غير محسوبة أو متوقّعة في تهديدها لنفوذهم. كان تعليم يسوع يعتمد النصوص الكتابية التي يعترف بها الجميع، ولكن قراءاته لها كانت أكثر عمقاً وأشدّ تبسيطاً، مما أسفر عن تأسيس قواعد ثورة اجتماعية دينية على أنماط الحياة والتفكير الاجتماعية السائدة. سيما وأن تعليم يسوع اقترن بالعمل والسلوك، وكان يعيش مع الطبقة الفقيرة والمنبوذة في المجتمع، ويدعو للمساواة الاجتماعية والدينية بين الجميع، بغض النظر عن الدرجة الدينية أو الموقع السياسي والمستوى الاقتصادي للفرد. فعلى الرغم من وحدة أسس (العقيدة) التي يلتزم بها المعلّم الناصري، لكنه شكّل تهديداً حقيقيا لنفوذ القادة الدينيين ومكاسبهم الاقتصادية ومقامهم الاجتماعي.
لا يختلف الصدّوقيّون على الصعيد العام عن زملائهم الفرّيسيّين، ما خلا فوارق محدودة تتمحور حول عدم ايمانهم بفكرة قيامة الموتى والحياة الآخرة، وموقفهم الفكري والسياسي من الفلسفة الاغريقية والتعاون مع الحكم الروماني. وكانوا كذلك معلّمين للتوراة (Pentatuch) ولا يقلّون عن الفرّيسيّين نفوذا. والمهم في هذه المناسبة، أنّ قيادة السنهدريم كانت بيدهم في وقت الصّلب، ورغم الطابع التشاوري بين جميع الأطراف داخل المجلس اليهودي، فأن اسمي قيافا وصهره حنانيا الصدّوقيّين دخلا التاريخ إلى جانب إسم بيلاطس البنطي ويهوذا الاسخريوطي في تحمّل المسؤولية الجُرْمِيّة لمقتل يسوع الناصري وذلك بغير ذنب مستوجب الحكم.
هل ثمة علاقة بين العقيدة الصدّوقية في نكران القيامة وبين قتل يسوع الناصري؟ .. يمكن عكس السؤال أيضاً، للتعبير عن اهتمام يسوع بفضح تلك العقيدة وتأكيد بطلانها بقيامته المجيدة. من هذا المنظور يمكن فهم دافع قيافا في ترويج إشاعة سرقة الجثة من القبر لتفنيد فكرة القيامة!.
تيار الهيروديّين نسبة إلى إسم هيرودس الكبير [73- 4 ق. م.] ويلقب بالأدومي نسبة إلى أبيه من أدوم (الحجاز اليوم) وهم من ذريّة عيسو ابن اسحق ابن ابراهيم بحسب مصادر التوراة، وأم هيرودس من الأنباط (جنوبي الأردن)، وقد اشتهر باهتمامه بالبناء والعمران في عهده، ومن ذلك بناء هيكل سليمان في القدس الذي قال عنه يسوع : اهدموا هذا الهيكل وأنا أقيمه في ثلاثة أيّام، وكان يقصد جسده!. وما تزال آثاره العمرانية شاخصة حتى اليوم.
يوحنا2: "18 فَأَجَابَ الْيَهُودُ وَقَالوُا لَهُ: أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هذَا؟. 19 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ!. 20 فَقَالَ الْيَهُودُ: فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟. 21 وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ. 22 فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هذَا، فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكَلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ."
والعائلة الهيرودية يهودية –أو متهوّدة- ولكنها بسبب مركزها الحاكم وصلتها بروما، كانت صورتها غير مرغوبة عند الشعب. وبعد موت هيرودس الكبير خلفه في الحكم ابنه هيرودس أنتيابس [20 ق.م.- 39 م] الذي ارتبط اسمه بمقتل يوحنا المعمدان. وهو الذي قابل يسوع ولم يحكم عليه، وكان يرغب في رؤيته لما سمعه عنه.
لم تكن للهيروديين مكانة دينية او اجتماعية، وانحصر نفوذهم في المجال السياسي والحياة العامة المتصلة بالحكم.
أما الشفائيين فهم حركة دينية أصولية قانتة اعتزلت الناس وحياة المدن والقرى وعاش أفرادها على شكل جماعات بتولية في مغاور وكهوف حول وادي نهر الأردن. عرفوا بقوة الايمان وأعمال شفاء المرضى والمجاذيب، والمعروف من بينهم يوحنا المعمدان. رأى هؤلاء انّ يهود زمانهم قد استهوتهم الحياة الدنيا وتساهلوا في أمور الشريعة، وأنّ على اليهود لكي يعودوا للايمان أن يعلنوا توبتهم ويتعمّدوا في مياه نهر الأردن (يردنه). وإضافة لموقفهم من مسائل الزواج واليهود، كانوا يرفضون الحكم الروماني، وتعود جذور تلك الجماعة إلى زمن انهيار حكم الحشمونيين، واستمرّ وجودهم لما بعد القرن الأول المسيحي. وكانوا يعتمدون نظاما صارما في حياتهم الخاصة وتنظيم وقتهم للعبادة الروحية المتصلة وإعادة نسخ الأسفار الكتابية ودراستها، والتي تم العثور على جانب منها عام 1955 في وادي قمران. ورغم الصلة العائلية والروحية بين يوحنا المعمدان ويسوع الناصري، لكنه لا توجد معلومات عن مدى صلة السيّد المسيح بهذه الجماعة وأفكارها، وموقف الجماعة منه. والمعروف انهم استمرّوا على مذهبهم. رغم قبول بعض تلاميذهم الايمان المسيحي.
*
ان الجهة الرئيسة والمدبرة لفكرة قتل يسوع هي الفرّيسيون والصدّوقيّون قادة المجلس اليهودي ورأس الكهنة والكتبة كما يرد وصفهم في الانجيل. والصدّوقيّون وحدهم ينكرون القيامة من الموت وحياة ما بعد الموت. أما الفرّيسيّون والهيروديّون والشفائيّون فيؤمنون بذلك.
ان السبب الرائج وراء مقتل المعلّم الناصري هو عدم تصديق (قادة) اليهود ان يكون هو المسّيّا المخلّص المنتظَر. وذلك بحسب شروطهم الموضوعة له..
1- انه يظهر في أورشليم. ويسوع جاء من ناصرة الجليل المعروفة بجليل الأمم.
2- لا يُعرَف له أهل ولا من أين جاء. ويسوع يعرفون انّه ابن مريم والنجّار.
3- انه يعيد تأسيس مملكة داود قوية ويهزم أعداء إسرائيل. ويسوع لم يكن ملكا ولا قائدا عسكريا ولم يؤسس مملكة أو يحارب الرومان.
4- أنه لا يموت، ومملكته وحكمه حكم أبدي لا يزول. وبحسب اعتقادهم أنه صُلِبَ ومَات.

وما زالوا حتى اليوم ينتظرون ظهور المسّيّا مخلّص اليهود وباني مملكة داود الأبدية. ولنا أن نتأمّل في أبعاد مقولة الفرّيسيّ أمام مشهد الصليب: " إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيب فَنُؤْمِنَ بِهِ!"- متى27: 42
وهي عبارة تجمع بين الانكار والندم والتمني والأسف.
لكن الواقع الملموس يؤكد أنهم قتلوه اعتزازا بالنفوذ والأموال والمكاسب الطبقية الآنية التي يتمتعون بها، وهم يُدركون من واقع كتبهم مدى تحقق وعودها أمام عيونهم في شخص يسوع المسيح، والذي وصفهم بالمرائين، لأنهم يعلنون عكس ما يبطنون. أي أنهم كذبوا على أنفسهم، عندما تنكّروا للحقيقة!.
لذلك أيضا قاتل المعلّم: "مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا."- متى10: 39



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعماله.. وأعمالهم..
- قالوا.. وقال..
- البارّ بين الأثَمَةِ
- الصَّلِيبُ عَثْرَةُ لِلنّاظِرِ
- خرستوس آنيستي.. آليسوس آنيستي
- سايكولوجيا الحرف- 18
- سايكولوجيا الحرف- 17
- سايكولوجيا الحرف- 16
- سايكولوجيا الحرف- 15
- ساسكولوجيا الحرف- 14
- سايكولوجيا الحرف- 13
- سايكولوجيا الحرف- 12
- سايكولوجيا الحرف-11
- سايكولوجيا الحرف -10-
- البنت.. البنت/ الولد.. الولد..
- سايكولوجيا الحرف- 9
- رسالة ثانية إلى مصر
- رسالة إلى مصر..
- الموقف من النصارى
- الموقف من اليهود


المزيد.....




- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر ...
- فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامي فريدي - يسوع .. حبّة الحنطة!..