أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حزب الكادحين الوطنى الديمقراطى - ذكرى منسية من تاريخ الحركة الطلابيّة التونسية















المزيد.....

ذكرى منسية من تاريخ الحركة الطلابيّة التونسية


حزب الكادحين الوطنى الديمقراطى

الحوار المتمدن-العدد: 4436 - 2014 / 4 / 27 - 15:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


طريــق الثّـــورة

30 مارس ذكرى منسية من تاريخ الحركة الطلابيّة

حلّت خلال موفى شهر مارس 2014 الذكرى الثانية والثلاثون لـ "عملية منوبة" التي كانت ردا على ترويع عصابات يمينية دينية مسلحة بالهروات والسيوف والسكاكين الطلبة طيلة أيام في كلية الآداب منوبة والحي الجامعي الملحق بها. فما هي الظروف التي حفّت بتلك العملية واية دروس تقدمها الى الطلبة اليوم ؟

كانت الحركة الطلاّبيّة التونسية قد رسمت منذ حركة فيفري المجيدة سنة 1972 خطّ القطيعة بينها وبين حزب الدستور الرجعى ، الذى سعى منذ صفقة 20 مارس 1956 إلى السيطرة على الحياة العامّة والسطو على المنظّمات الجماهيرية وخاصة النقابات العمالية والطلابية و كان الاتحاد العام لطلبة تونس قد بدأ يتحسّس طريقه لتحقيق استقلاليته بمناسبة انعقاد المؤتمر الثامن عشر ما بين 12-20 أوت 1971 والذي شهدت أشغاله صراعا حادّا بين الطلبة الدساترة الممثلين للحزب الحاكم وبقية المؤتمرين عكسها الخلاف حول اللاّئحة السياسيّة ممّا دفع بالسلطة إلى التدخّل السافر في المؤتمر وإيقاف أشغاله وإلغاء اللاّئحة السياسيّة المنبثقة عنه وتنصيب قيادة صوريّة تابعة لها .

و هو ما أدى إلى انسحاب أغلب المشاركين في المؤتمر وإصدار لائحة تــــمّ إمضاؤها مــن طــــــــــرف 105 من المؤتمرين ( لائحة 105 ) ضمّنوها رفضهم للانقلاب الذي قام به الدساترة منادين بمؤتمر ثامن عشر الخارق للعادة.

لقد مثّل رفض أغلب المؤتمرين الاعتراف بالقيادة المنصبة من قبل السلطة حلقة من حلقات الصراع بين النظام الحاكم والحركة الطلابيّة وكانت حركة فيفري التى انطلقت بعد أشهر من حصول الانقلاب تعبيرا عن ذلك برفعها الشعارات التالية :

- النضال من أجل إتّحاد عام لطلبة تونس ديمقراطي ، جماهيري ومستقلّ .

- ثقافة وطنيّة وتعليم ديمقراطي وجامعة شعبيّة .

- الحركة الطلابيّة جزء لا يتجزّأ من الحركة الشعبيّة .

- مساندة حركات التحرر الوطني العربيّة والعالميّة والنضال ضد الامبريالية.

و في مواجهة الحركة الاحتجاجية المتنامية وبوادر آفلات الجامعة التونسية من بين براثن الرجعية الدستورية تدخّلت ميليشيا الحزب الحاكم يوم 05-02-1972 في الوقت الذي حاول فيه الطلبة عقد مؤتمرهم من جديد بالمركب الجامعي و عندما الحقوا بها الهزيمة واطردوها من الحرم الجامعي تدخلت قوات القمع البوليسية، فحصلت مواجهات دامية بينها وبين الطلبة أدّت إلى إيقاف حوالي 900 طالب لينعقد إثرها اجتماع مجلس الوزراء يوم 08-02-1972 ويقرر إيقاف الدروس وإغلاق كليتى الآداب و الحقـــوق مع قطع المنح الجامعيّة وغلق المبيتات والمطاعم وسحب تأجيل الخدمة العسكريّة وهي إجراءات زجريّة سلكها النظام العميل لقمع الطلبة الذين رفضوا وصايته واختاروا التمسّك بالشرعيّة الجماهيريّة ورموا جانبا بقانونيّته ، فكانت بداية القطيعة بينه وبين الحركة الطلابيّة التي طرحت على جدول أعمالها مناقشة المسألة الوطنية الديمقراطية و توصيف النظام بالعمالة والخيانة الوطنية وكشف اكذوبة الاستقلال الوطنى وبالتالي فضح ارتباطه بالامبريالية.

لقد حاولت السلطة البورقيبية وقتها تركيع الحركة الطلابيّة بفرض سنة بيضاء في البداية ( السنة الدراسيّة 71/72 ) وتجنيد العديد من قادة الحركة والزجّ بالبعض منهم في السجون بعد محاكمات صوريّة تمّت في أفريل 1973 وأفريل 1974 ، بينما اضطرّ البعض الآخر منهم إلى الهجرة القسريّة خاصّة إلى فرنسا هربا من الملاحقات البوليسيّة والقضائيّة . كما تم اغتنام الفراغ الكبير الذي تركه غياب القيادات الطلابيّة عن السّاحة بحكم التجنيد أو السجن أو الهجرة لتركيز جهاز "الفيجيل" (عناصر من البولس بزيّ مدني مهمّتها مراقبة الطلبة وتقديم تقارير بشأنهم وكذلك التصديّ لتحركاتهم) داخل المؤسّسات الجامعيّة .

ورغم القمع الوحشي الذي تعامل به النظام مع الحركة الطلابيّة وقياداتها، والاعتقال الذى طال العديد من المناضلين، والتضييق الذي فرضه جهاز الفيجيل على الحريات العامّة والخاصة للطلبة، والتجويع بحرمان الطلبة من المنح والسكن والمطاعم الجامعيّة ، فإنّ الحركة الطلابيّة اشتدّ عودها وازدادت صلابتها خاصّة مع ظهور اليسار الثورى ممثلا في المجموعات الوطنية الديمقراطية وهو ما ساهم في تجذّر الوعي السياسي لدى غالبيّة الطلبة الذين التفّوا حول هياكلهم النقابيّة المؤقّتة مع انخراطهم المسؤول في نقد برامج وتوجّهات قيادتها الإصلاحيّة التي تميّزت في العديد من الأحيان بالمهادنة خاصة في ظل تاثير طلبة الحزب المسمى زيفا "الشيوعي" والمرتبط وقتها بالقيادة التحريفية في موسكو و ما لحق ذلك من تاثير الإصلاحية المرتبطة بمنظمة العامل التونسي وانحراف حزب العمل الالبانى و مناصبته العداء للماوية و تبلور بديل ثوريّ نما شيئا فشيئا على قاعدة خط الثورة الوطنية الديمقراطية عمل على الارتقاء بالنضال الطلابي مع التمسّك بضرورة توفير الظروف الذاتيّة والموضوعيّة لانعقاد المؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة والتأكيد على أنّ الإتحاد العام لطلبة تونس هو منظمة نقابية تدافع عن المطالب المشروعة للجماهير الطلابية وتساهم في كفاح الشعب .

لقد كان لتشكّل القوى الوطنية الديمقراطية كقوّة مهمة داخل الجامعات والكليات والمعاهد العليا الأثر الإيجابي على أداء الحركة الطلابيّة وعلى نضالاتها اليوميّة التي تميّزت بمواجهة سياسات النظام اللاوطنيّة واللاشعبيّة واللاديمقراطية ، هذه النضالات التي جسّدت شعار "الحركة الطلابيّة جزء لا يتجزّأ من الحركة الشعبيّة" على أرض الواقع فالتحم الطلبة بالعمال في العديد من التحركات الجماهيريّة خاصّة انتفاضة 26 جانفي 1978، إضافة لمساندتهم لنضالات الكادحين في عموم البلاد ، ولعلّ تضامن طلبة كلية الآداب بمنوبة مع إضراب عمال النقل بتونس سنة 1981 دليل على ذلك ، فإلى جانب مقاطعتهـم لوسائـــــل النقل البديلة (شاحنات الجيش) التي سخّرها النظام لإفشال الإضراب الذي استمر لعدّة أيّام ، عمد طلبة اليسارالثورى كذلك إلى التنقل يوميا إلى باب سعدون للوقوف إلى جانب العمال المضربين دفاعا عن حقوقهم المشروعة ولحماية المستودعات أين تربض الحافلات والتصدّي لمحاولات قوّات الأمن المتكرّرة اقتحام هذه المستودعات وإخراج البعض منها لغاية استعمالها في نقل الأشخاص وقد منيت تلك المحاولات بالفشل نتيجة للتواجد المكثف للعمال والطلبة .

لقد أيقن النظام أنّ الحركة الطلابيّة التي تجذر خطها النقابي و السياسي و لفت حولها أوسع الجماهير الطلابيّة قد أفلتت من بين يديه ولم يعد قادرا لا على التحكّم فيها ولا على إرجاعها لبيت طاعته خاصّة وأنّ العداء المتزايد للطلبة الدساترة وصل أوجه فأصبح هؤلاء مطاردين وغير قادرين على الإفصاح حتّى عن هويّتهم لأنّ عموم الطلبة يعتبرونهم مجرّد وشاة أو نواة للبوليس السياسي، فمرّ إلى مرحلة تجهيز جيشه الاحتياطي المتمثّل في اليمين الديني لتغذية الصراعات داخل صفوف الطلبة و تشتت صفوفهم والزج بهم في دوامة العنف سعيا لفرض سيطرته مرة أخرى .

و تنفيذا لخطة مدروسة مكنت السلطة البورقيبية اليمين الديني من إصدار عدد من الجرائد والمجلات منها الحبيب والمجتمع ومجلة المعرفة التي صدرت عن مطبعة دار الحزب الدستوري القريبة من مقر كلية الآداب والعلوم الإنسانية 9 أفريل وفتحت أبواب المساجد والجوامع على مصراعيها أمام اليمين الديني و هبت دول أخرى لمعاضدتها جهودها تلك اذ تدخلت المملكة العربية السعودية بأموالها الوفيرة لبناء البعض من الجوامع مثل جامع المركب الجامعي كما أرسلت آلاف الكتب و منها فتاوى ابن تيمية التى وزعت مجانا كما تدخلت إيران للقيام بدورها أيضا في استقطاب و توجيه أجنحة من داخل ذلك اليمين الذي أصبح جاهزا للاستعمال ليعبث في بالجامعة ويبث سمومه بين أوساط الطلبة .

كما تحرك محمد المزالي للقيام بمغازلة الإسلاميين عندما أعلن سنة 1980 عن استعداده لتمكين الطلبة اليمينيين الدينيين من تأسيس إتحاد خاص بهم ( التعددية النقابية ) ممّا دفع بحركة الاتجاه الإسلامي التي تميّزت بازدواجيّة الخطاب برفــــــع شعار "المؤتمر التأسيسي" سنة 80/81 والحال أنّها كانت ترفع في السنة الدراسيّة 79/80 شعار "انتخاب الهياكل النقابيّة المؤقّتة".

ولم يكتف النظام بهذه الخطوات، بل خطّط لنفي الطلبة وإبعادهم ما أمكن عن العاصمة وعن مناطق العمران فأقام كلية للآداب بمنّوبة في مكان خال من السكان ووسط الحقول حتّى إذا اضطرّ يوما ما إلى مواجهة الطلبة بالعنف فإنّ جرائمه ستظلّ خافية عن العيان .

وفي علاقة بالتوجّه الجديد الداعي الى التأسيس، طرحت حركة الاتجاه الإسلامي / النهضة حاليا على نفسها عدم الاعتراف بالهياكل النقابيّة المؤقّتة والسعي لإفشال كلّ تحركاتها سواء داخل المبيتات أو الكليّات ، كالتصدّي لكل الأطراف السياسيّة المدافعة عن الهياكل النقابيّة والمتمسّكة بالمؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة خاصّة طلبة اليسار الثوري الذين طرحوا في تلك الفترة مسألة تعزيز الهياكل النقابيّة المؤقّتة.

و ارتكزت ممارسة اليمين الديني على إسكات أصوات مناضلي الحركة الطلابية والعمل على إفشال كلّ التحركات الجماهيريّة ولو باستعمال العنف الذي طال العديد من العناصر الطلابية المنتمية فكانت محاصرة الحي الجامعي بمنوبة أيّام 27/28/29/ مارس/1982 و التسبب في جرح عدد من الطلبة أرسل بعضهم إلى غرف الإنعاش في المستشفيات ممّا ولّد حالة من الغضب و الاحتقان و تنادى الطلبة إلى تنظيم صفوفهم استعدادا للدفاع عن هياكلهم النقابية و كليتهم بكلّ الطرق المتاحة فانتظمت اجتماعات بكلية الحقوق جمعت طلبة من مختلف الأجزاء الجامعية للنظر في الوضع و ما يتطلبه على صعيد مواجهة احتلال كلية الآداب بمنوبة و حيها الجامعي و تقرر التصدي لكل اعتداء جديد.

و هو ما تم بسرعة فاليمين الدينى كان يمارس تلك الاعتداءات يوميا فقد انطلقت المواجهات الأولى لتلك العملية صبيحة يوم 30/03/1982 إثر دعوة الهياكل النقابية المؤقّتة لاجتماع عام للنظر في الاحداث ، فما كان من بعض عناصر اليمين الديني إلاّ التوجّه للعنصر الذي دعا الى الاجتماع وتعنيفه باستعمال مطرقة حديدية رغم انه كان ينتمي لليسار الاصلاحى الذي بقي على الحياد في المصادمات السابقة بين المجموعات الوطنية الديمقراطية و اليمين الديني .

و سرعان ما اتسعت المواجهات التي شارك فيها المئات عندما هب الطلبة اليساريون الثوريون إلى التصدي للعناصر الاخوانية التي أفسدت ذلك الاجتماع، واستعملت في المعركة التى امتدت قرابة ثلاث ساعات العصي والقضبان الحديدية والسكاكين والسيوف والسلاسل و وصلت خلال ذلك تعزيزات من الميليشيات اليمينية الدينية فواجهها الطلبة بقطع الطريق على الحافلات وأضرموا النيران في الدراجات النارية التى كانت تقل تلك الميليشيات بعد السيطرة عليها لوضع حد لتدفقهم .

و لوحظ خلال ذلك مراقبة قوات البوليس المشهد دون التدخّل أو حتّى إيقاف العناصر الغير طلابية ومنعها من الوصول إلى كليّة الآداب و عندما تيقنت ان المعركة تكاد تحسم لغيرصالح تلك المليشيات تدخلت بعنف لإيقاف عشرات الطلبة اليساريين الثوريين أما القسم الأعظم من الطلبة فقد انسحب الى الحقول والهضاب القريبة مرددا الأهازيج والأناشيد والأشعار الثورية وانعقدت حلقات نقاش سريعة للنظر في اى طرق يجب اتباعها للقيام بانسحاب ناجح يتفادى الحواجز البوليسية على الطرقات فكان الاتفاق على استبعاد السير في اى طريق كان و الدخول الى تونس العاصمة من جهة الغرب وبالذات حى الملاسين المطل على كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية والانتشار بعدها و هو ما تم بنجاح .

و سرعان ما تدخل الإعلام الرجعى لصالح اليمين الدين متحدثا عن مجزرة رهيبة و ظهر على شاشة التلفزيون طلبة يمينيون دينيون لسرد روايتهم عما حدث وهو ما انخرطت في تغطيته أيضا الجرائد ومنها جريدة الراى التى انحازت كلها للرواية اليمينية الدينية وصبت جام غضبها على "الحجارة الوطنية الديمقراطية" وفي اليوم ذاته تحدث هيئة الإذاعة البريطانية عما جرى في تونس متحيزة للحليف الاخوانى في نشرتها الرئيسية للأخبار.

لقد دافع طلبة منوبة يوم 30 مارس 1982 لا عن كليتهم فقط بل عن الحركة الطلابية باسرها و قد شاركهم هذا الشرف طلبة اخرون جاؤوا من كليات اخرى من بينها كلية الشريعة وأصول الدين و كان لافتا للنظر مشاركة الطالبات بأعداد كبيرة في المعركة ومنهن من جرحت و اعتقلت.

لقد شكلت الميليشيات الدينية غداة عملية منوبة فرقا خاصة جابت شوارع العاصمة بحثا عن طلبة اليسار الثوري وقد توصلت إلى الإستفراد ببعض العناصر وتولّت تعنيفهم . اما طلبة اليسار الثورى فانهم ظلوا عاجزين عن تنظيم المواجهة خارج حرم الجامعي .

و من بين الأهداف التي اراد النظام العميل في مجموعه من وراء تحريك اليمين الدينى تمرير العديد من القوانين التي فشل في تمريرها سابقا خاصّة قانون تحديد االتسجيل ـ نظام الخراطيش ـ الذي أصدره في أوت 1982 وإرجاع البوليس للكليات والمبيتات بعد أن تولّى في مرحلة أولى إيقاف الدروس بكليّة الآداب وإقفال المبيت ليعمد فيما بعد إلى تطبيق بعض الإجراءات التعسفيّة الأخرى من خلال فرض الإستظهار بالبطاقة الطلابية كشرط للدخول للكلية ممّا مكّن إدارة الكليّة من افتكاك بطاقات المئات من الطلبة ومنعهم من مواصلة الدراسة ، كإقرار حرمان كافة الطلبة من إجراء امتحانات آخر السنة (دورة جوان) ليطال هذا الإجراء كل الطلبة الذين صودرت بطاقاتهم في دورة سبتمبر 1982 بتعلّة تغيّبهم عن الدروس والحال أنّة تمّ منعهم من ذلك و قد ترتب عن هذه الإجراءات التعسّفيّة حرمان المئات من مناضلي الحركة الطلابيّة بكلية الآداب بمنّوبة من مواصلة تعليمهم فاضطر البعض إلى الهجرة لمتابعة الدراسة، بينما التحق العديد منهم بسوق العمل.

لقد كان هدف النظام إفراغ الساحة الطلابيّة من المناضلين المتمرّسين لتصبح إمكانية السيطرة عليها سهلة ، وهو ما مهد له قبل ذلك بعام عندما فتح المجال أمام مئات الطلبة للعمل في مجال التدريس كأساتذة مرحلة اولى و معلمي تعليم ثانوى مستظهرين فقط بشهادة ختم المرحلة الاولى باكلوريا + 2 او بكلوريا + 1.

غير أنّ هدفه لم يتحقّق كاملا لأنّ النضال الطلابي استمرّ بدعم من أغلب القيادات الطلابية التي غادرت مقاعد الدراسة والتحقت بالعمل النقابي صلب الإتحاد العام التونسي للشغل ، كما أنّ مسعى الظلاميين الدينيين لم يتحقّق في السيطرة على الكليّة ولا على أسلمتها لما أبداه الطلبة من استبسال في التصدي لهم وظلّت مهمّة إنجاز المؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة مطروحة على جدول أعمال الحركة الطلابية حتّى تمّ تحقيقها على أرض الواقع. إنّ فشل اليمينيين الدينيين في مساعيهم جعلهم يعيدون الكرّة سنة 2012 أي بعد ثلاثين سنة من ذلك التاريخ عندما اقتحموا الكلية ورفعوا فوق أسوارها ذلك العلم الأسود كمقدّمة للسيطرة عليها ، غير أن استبسال الطلبة في الدفاع عن الكلية من جديد وتصديهم لمشروع أسلمتها حال دون تحقق ذلك الحلم القديم الجديد للظلامية الدينية.

ويسود اليوم التشتت صفوف الحركة الطلابية وصولا إلى انقسام الاتحاد العام لطلبة تونس مما أضعفها و فتح الباب مجددا أمام أحلام اليمين الدينى والمتسبب الرئيسي في ذلك هو اليسار الانتهازي الذي يسيطر على الاتحاد ويوظفه لغايات فئوية ترتبط بتحالفاته مع أطراف رجعية مشهورة و هذا الوضع يفرض على مناضلي الحركة الطلابيّة العمل على رصّ صفوف الطلبة من جديد على قاعدة برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وإفراز قيادة ثوريّة للإتحاد العام لطلبة تونس.

و إجمالا يمكن حوصلة دروس عملية منوبة في ما يلي :

اولا : يمثل اليمين الديني قوة احتياطية يلجأ إليها النظام في تونس لبسط سيطرته على الشعب و هو ما جرب سابقا في الساحة الطلابية و استعمل بوضوح بعد هروب بن على في البلاد بأسرها.

ثانيا : عندما تصمم الجماهير على المقاومة وتجد تنظيما ولو جنينيا لنضالها فانها تنتصر على الرجعية .

ثالثا :بينما انهزم اليمين الديني داخل أسوار الجامعة كان أقوى خارجها و يفسر ذلك باستناده الى تنظيم حزبي و هو ما كان الطلبة اليساريون الثوريون يفتقدونه .

خامسا: لعب اليسار الانتهازي دور الحليف الموضوعى للرجعية الدينية ورفع شعار : لا للعنف مهما كان مأتاه بل انه اعتبر اليمين الديني ضحية للتطرف اليساري و هو ما يفسر بعد ذلك بسنوات التحالف بينه و بين ذالك اليمين في ائتلاف 18 اكتوبر .

سادسا: ظلت عملية منوبة بالمعنى التاريخي حدثا معزولا فالحركة الطلابية تطورت بعد ذلك لا في اتجاه القطع مع اليمين الديني و إنما في اتجاه التعايش معه خلافا لما كان عليه الحال في التعامل مع الرجعية الدستورية و هو ما يعنى ان الحركة الطلابية كانت خلال تلك العملية مهتمة برد الفعل أكثر من كونها وضعت خطة إستراتيجية للمواجهة و قامت بتنفيذها

سابعا : تمت عملية منوبة في ظل ظروف محلية و عربية و عالمية بدا فيها بوضوح انحسار المد الثوري مع هزيمة الخط الشيوعى الثوري في الصين و ألبانيا وبداية ضرب الخط الوطني في المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية والعربية .



#حزب_الكادحين_الوطنى_الديمقراطى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستنقع الانتهازية
- ما العمل ؟
- تونس : ماذا وراء اطلاق سراح أعوان بن على ؟
- بيان : من أجل وقف حرب الابادة في سوريا
- في ذكرى يوم الأرض : جماهير الكادحين وحدها تصنع التاريخ .
- تونس : بيان مشترك للكادحين و النضال التقدمى حول يوم الارض
- تونس : اليمين الليبرالي يعكس الهجوم
- سيدى بوزيد في مرمى الرجعية مجددا
- مصدر اضطهاد المرأة وسبيل تحرّرها
- قرع طبول الحرب في أوكرانيا
- بيان : وضع المرأة يزداد سوءا
- تونس : تردى الاوضاع المعيشية للكادحين
- بيان حول اوكرانيا
- بيان حول الوضع في فنزويلا
- تونس : صندوق للنهب
- تونس : وقائع انتفاضة الإتاوة
- حكومة جديدة على بوّابة العام الجديد
- افتتاحية العدد الجديد من جريدة طريق الثورة


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حزب الكادحين الوطنى الديمقراطى - ذكرى منسية من تاريخ الحركة الطلابيّة التونسية