أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين المصري - الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 7















المزيد.....



الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 7


ياسين المصري

الحوار المتمدن-العدد: 4436 - 2014 / 4 / 27 - 15:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الـدين الجـديد

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتاب من محمد النبي رسول الله إلى العتقاء إن آمنوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فعبْدهُم حـر ومولاهم محمد. ومن كان منهم من قبيلة لم يرد إليها، ومن كان منهم من دم أصابوه أو مال أخذوه فهو لهم، وما كان لهم من دين في الناس رد إليهم ولا ظلم عليهم ولا عدوان وأن لهم على ذلك ذمة الله وذمة محمد والسلام عليكم.
رسالة صلعم إلى صعاليك جبل تهامة

ـ الجـمـاعة
ـ الصـعلـكة
ـ التقـية والصـعلـكة
ـ الإرهاب والقـتل
ـ الحـروب النـبوية

يقول خزعـل الماجد إن « التوحيد لم يبدأ يالإسلام، ولكنه انتهى بالإسلام*1* »، وهذه حقيقة، فالإسلام ليس ديانة توحيدية، بل وثنـية بامـتياز، فالثابت أن الإسلام خــرج من رحـم اليهودية، ثم اعتمد ـ ومازال يعتمد ـ على العبادات الوثنية التي كانت سائدة بين القرشيين في مكة التجارية قبل ظهـوره، وذلك بتقديس الكعبة والحجر الأسود ورمي الجـمرات وتقديم الأضاحي، وتقديس الأشخاص بداية من صلعم وأصحابة ونهاية بالمشايخ والأئمة والـوعـاظ وأولياء الله «الصالحين» وأولي الأمـر والدجالين وقطاع الطـرق وكل المنتفعين من وراء الدين. بل وتقديس البدو العربان أنفسهم بصفتهم « خير أمة أخرجت للناس »، وتقديس لغتهم أيضا بصفتها « لغة أهل الجنة الوحيدة ». وأصبح الإسلام ونبيه وسدنته هم الوثن الأكبر بين الأوثان جميعها، والرائد الأعظم من بين الديانات الأخرى في تشريع القتل والذبح والتعذيب والاضطهاد في كل مكان وزمان.

يقول "جورج سيل" في صدر ترجمته للقرآن في أوائل القرن الثامن عشر: « أخبرنا المؤرخون أن المدن الشهيرة المميَّزة على جميع المدن الأخرى في التجارة والآداب تنازعت فيما بينها، أيها كان لها شرف أن تكون مسقط رأس هوميروس ... وإن مثل هذا النزاع ليستحق الثناء ، لأنه يدل على رقي فكر رجال ذلك العصر، ولكن لما فحصت عن شخصية محمد فحصا دقيقا ألفيت الصورة فظيعة معيبة، حتى أنه من الغريب أن مكان منبته (يعني مكة) لم تسدل عليه سدول النسيان، إن أي قطر ليخجل من إنجاب مثل هذا المجرم، ومع ذلك فقد كان توقير العرب لهذا المخاتل الكبير عميقا، حتى إنهم لم يدعوا المكان الذي تنفس فيه أول ما تنفس يكتنفه ريبة أو غموض ».

ويتساءل سيل قائلا : « كيف استطاع مثل هذا المجرم، مثل هذا المخاتل الكبير، أن يخلق ديانة يدين بها اليوم ثلاثمائة مليون مؤمن، وبدلا من أن تأخذ في الزوال كما حدث لكثير من ديانات العالم، فإنها اليوم أقوى مما كانت، ويزداد معتقدوها يوما بعد يوم؟!. ».

وهذا التساؤل مازال قائما حتى اليوم، وهو تساؤل وجيه وله ما يبرره.

وفي محاولتنا للإجابة عليه، نجد أن هذا الدين اعتمد منذ بدايته على الركائـز السياسية التالية:

الصـعلكة

يقول علم النفس الجماعي أنه في البداية تتواجد الفكرة التي تكـوِّن الجماعة، وتبلور أهدافها، وتعطيها الإحساس بالذات الجماعية، ومن ثم تشكل الوعي والإحساس لدي أعضائها بأنهم الصفوة أو النخبة الممتازة، والتأكيد على الإنتماء إليها من خلال الترابط العاطفي، وتبادل الأدوار والعلاقات والمنافع بينهم، لذلك لابد من أن يلتزم العضو بتفويض أو تسليم الأنا ـ الفردي لديه للأنا ـ الجماعي، لأن هذا التفويض يشكل الأساس الجوهري لبقاء الجماعة متماسكة. وبذلك يتخلى عن جزء كبير من ذاته إذ لم يكن جميعها؛ مما يقلل من مستوى ذكائه ومن ثم مقدرته على الفكر السليم، إذ من الثابت علميا أن متوسط ذكاء الفـرد يقل إلى حـد كبير، بل وقد ينعدم داخـل الجماعة.

ولا بد أن تتأسس الجماعة على علاقة ثنائية الطرف بين الراعي والرعية، والكلمتان كما هو واضح تدلان على أصلهما البدوي الخاص. ومن هنا يرى المتأسلمون أن أعضاء الجماعة مثل الأغنام إذا لم يكن لها راع يحافظ عليها تهـلك. وفي مقابل تعالي الراعي يجب على الرعية أن تطيع وتخضع لما يفـرضه عليها بصفته ولي الأمـر والنهي، وذلك بشرط خادع وغير محدد هو: « ما دام يطيع الله ويطيع الرسول »، ولذلك فإن كل إخلال بطاعة الراعي ليست في الحقيقة، إلا إخلالا بطاعة الله ورسوله، ومن هنا تنبثق مقولة العقاب باعتبارها إحدى تقنيات السلطة الـرعوية الأكثر لفتا للانتباه*2*. وهذا ما يحرص عليه كافة العملاء المتأسلمين دائما وأبدا، بحجة درء الفتنة، وهم لا يعرفون أو لا يريدون معـرفة أنهم هم صانعي الفتنة على مـر التاريخ الإسلاموي، وأن الفتنة قائمة دائما بسببهم، ولكنها تخبو أحيانا وتظهـر أحيانا أخـرى.

إن الـراعي هو الذي يتزعم الـرعية ويقودها، ويحقق لها المنافع التي تلم شملها وتجمع أعضاءها، وهو الذي يضع قوانينها ويسن تشريعاتها، ويعاقب من ينتهكها. هو باختصار الذي يُجَسِّم فكرتها ويبلور أهدافها وبمنح أعضاءها الوعي والإحساس بالذات الجماعية أي يعمل بشتى الطرق على لمِّ شملها، وهو في ذلك يعتمد دائما على تدني مستوى ذكاء الـرعية أو انعدامه كلية.

وتصبح الجماعة " باثولوجية " ـ أي مريضة ومنحطة أو فاسدة ومفسدة ـ عندما ترى نفسها أفضل الجماعات على الإطلاق وأنه من المحتم عليها أن تتوسع وتنتشر وتبيح لنفسها الاستيلاء على ممتلكات الآخـرين أو قتلهم أو إرغامهم على الانضمام إليها كي يتقوا شـرَّها، وألا تقتصر مهمتها على المنع والتحريم فقط، بل تتعدى ذلك إلى إصدار الأحكام وتوقيع العقاب على المنشقين والخارجين عليها أو المنتقدين والرافضين لها، واستعمال أساليب الإرهاب والقتل ضدهم، وتفـيـد الـمصادر التاريخية وأيضا التراثية البدوية أن محمدا اعتمد في دعوته ومنذ بدايتها على مجموعة من هذا القبيل عـرفت بـإسم " الصعاليك "، وعقد تحالفا معها، وراح يشرع لها بإسم السماء، فحملت فيما بعد إسم " الجماعة الإسلاموية " والتي مازالت تمارس الصعلكة منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا.
مـن هـم إذن أولـئك الصـعالـيك؟؟
ومـا هي عـلاقة مـحـمد صـلعـم بـهـم؟؟

الصعاليك مجموعة من قطاع الطـرق والمجـرمين والطائشين الحاقدين أشد الحقد على مجتمعهم، ومن ثم خلعتهم قبائلهم لسوء سلوكهم، ولذلك أطلق عليهم أيضا إسم " الخلعاء ". فالخليع سمي به لأنه خلعته عشيرته وتبرؤوا منه. وكانت العشائر تنادي في سوق الحج وسوق عكاظ وغيرهما: إننا خلعنا فلانا، فلا نأخذ أحدا بجناية تُجنى عليه، ولا نأخذ بجناياته التي يجنيها*3*، بمعنى أنهم غير مسؤولين عـما يُفعل به أو عـما يفـعـله. وعُـرِف الصعاليك أيضا بـ" ذؤبان العـرب "، فجاء في تاج العـروس « إن ذؤبان العـرب لصوصهم وصعاليكهم الذين يتلصصون ويتصعلكون لأنهم كالذئاب »*4*. ويقول الدكتور جواد علي: « قد انتشر الصعاليك في كل موضع من جـزيرة العـرب حتى صاروا قوة مـرعبة مُخَوِّفة لشدة بأسهم في القتال*5* » ويستطرد قائلا: « وقد كوَّن الصعاليك عصابات تنتقل من مكان إلى مكان، تسلب المارة وتغير على أحياء العـرب. وتكوَّن أكثر الصعاليك من الشبان الطائشين والخارجين على أعـراف قومهم، ومن الذين لا يبالون ولا يخشون أحدا، فصاروا قوة خُشِي منها وحسب لها حساب. وكانت مكة على ما يظهر من أهل الأخبار مكانا آوى إليه ذؤبان العـرب وخلعاؤهم وصعاليكهم حتى كثر عددهم بها لما وجدوه من حماية ومعونة »*6*. وعن فلسفتهم يقول جواد علي: « إن كل ما تقع أعينهم عليه هو مفيد لهم نافع ومن حقهم بحكم فقـرهم انتزاعه من مالكه، وإن لهم حق في سلب الآخـرين بسبب بخلهم والسبي مدفوع لهم من الله، والقتل عندهم كشـربة ماء، وكانوا يتسم بالقسوة ويفرحون عندما يقتلون الآباء ويتركون الآلام في نفوس السبايا من النساء والأطفال، ويمثلون بأجساد الناس »*7*. وجميع هذه الصفات وغيرها تبناها صلعم وأدخلها إلى دينه كمقومات أساسية، وركائز عـقائدية، لا تخفى عـلى كل ذي عـقل سليم.

وكان معـروفا عـن عـبدالمطلب وابنه الزبير (جد صلعم وعمه) أنهما كانا يأويان الصعاليك والفاسدين*8*. وجاء في الأغاني للأصفهاني أن « الذين كانوا يريدون استخدام الصعاليك الخلعاء كانوا يأتون إلى مكة بسبب تواجُد كثيرين هناك »*9*. ولذلك وضع " الصعاليك " أنفسهم في خدمة من يريد استخدامهم لتحقيق أهدافه، مقابل ترضيتهم وإعاشتهم، كما يفعل الجنود المرتزقة دائما وأبدا. ولما خُلِع الشاعر المعروف امرؤ القيس جمع جموعا من ذؤبان العـرب وصعاليكهم، وأخذ يُغير بهم على أحياء العـرب*10*. ولما غـزا زهير بن جناب الكلبي قبيلتي بكـر وتغلب أخذ من تجمَّع له من شُذاذ العـرب والقبائل وغيرهم فغزا بهم*11*. وأصبحت كلمة الصعاليك هوية لهم تتعدى انتماءهم لأهلهم وقبائلهم. بمعنى أن من ينتمي إليهم يعادي أهله وقبيلته، ولا مانع لديه من مهاجمتهم وقتلهم وسلب ممتلكاتهم تماما كالغـرباء، وهذا بالضبط ما يحاول العملاء المتأسلمون المتصعلكون دائما وأبدا فرضة على كافة الناس في مشارق الأرض ومغاربها.

إذنْ لم يكن محمد ليبحث عن الصعاليك عندما احتاج إليهم، فهم على مقـربة منه وفي حماية قبيلته التي يزعم العملاء الملفقون بأنها أشرف القبائل أجمعين. ومن المرجح بشكل قوي أن يكون محمد نفسه أحدهم، إذ تقول السيرة التراثية أنه تربي الفترة الأولى من حياته في كنف جده عبدالمطلب ـ حامي وآوي الصعاليك، وأن سلوكه يتفق تماما مع سلوكهم.

وتفيد كتب التراث بأن بعض من أولئك الصعاليك صاروا بتأسلُمهم قادة مهمِّين، منهم ـ على سبيل المثال ـ ساري بن زنيم الدائلي الكناني الذي أمَّـره عمـر بن الخطاب على جيش وسيَّره إلى بلاد فارس سنة 23هـ*12*. كما وأن كل متأسلم يعـرف بلا شك أبا ذر الغفاري الصحابي الشهير، لقد كان من عتاة الصعاليك في الجاهلية، يقطع الطـريق ويغير على النوق عند الفجـر*13*، بل كانت قبيلته (غفار) بكاملها من الصعاليك*14*. وبعد تأسلُمة زادت صعلكته إلى حد كبير إذ وجدت لها غطاء إلهيا يسوِّغها ويبررها، ولأنه صعلوك كبير وضليع في الزنا والسرقة، فقد سأل محمدا:
ـ « ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات بعد ذلك إلا دخل الجنة؟؟ » قال:
ـ « نعم »،
ـ فقال أبو ذر: « وإن زنى وإن سرق؟؟»
ـ قال محمد: « وإن زنى وإن سرق »
كررها ثلاث مـرات وفي المرة الرابعة
ـ قال « على رغم أنف أبي ذر ».
فصار أبو ذر يفعل ما يريد ثم يردد على « رغم أنف أبي ذر »*15*. إذنْ ما أحلى الصعلكة أسوة بصلعم رغم أنف العالم أجمع!!!

وتسبب دخول الصعاليك إلى الإسلام وممارسة الصعلكة على نطاق واسع تحت حماية وتعليمات إله البدو الصحراوي إلى أن قـريش طعنت في صحة القرآن والدين برمته. وحمل أبو طالب عم صلعم على أن يقول قبل موته: « كأني أنظـر إلى صعاليك العـرب ... قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته وعظموا المـرء فخاض بهم غمرات الموت »*16*. ولذلك مات دون أن يتأسلم أو يعترف برسالة ابن أخـيه.

وكان في جبل تهامة جماعة من الصعاليك قال عنهم ابن منظور في لسان العـرب تحت كلمة " جُمَّاع ": « كان في جبل تهامة جُمَّاع غصبوا المارة، أي جماعات من قبائل شتَّى متفرقة ». ويقول ابن سعد: « كتب رسول الله صلعم لجُمَّاع كانوا في جبل تهامة قد غصبوا المارة من كنانة ومزينة والحكم والقارة (أفارقة) ومن اتبعهم من العبيد، فلما ظهـر صلعم وقدم منهم وفد على النبي صلعم فكتب لهم: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي رسول الله إلى العتقاء إن آمنوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فعبْدهُم حـر ومولاهم محمد. ومن كان منهم من قبيلة لم يرد إليها، ومن كان منهم من دم أصابوه أو مال أخذوه فهو لهم، وما كان لهم من دين في الناس رد إليهم ولا ظلم عليهم ولا عدوان وأن لهم على ذلك ذمة الله وذمة محمد والسلام عليكم »*17*. إذنْ أعتق صلعم صعاليك جبل تهامة وضمهم إلى حـركته ونصب نفسه واليا عليهم وحاميا لهم، بدلا من إدانتهم وتقديمهم إلى العدالة لما اقترفوه من جـرائم. والطيور على أشكالها تقع، إذ يبدو لمن يقرأ سيرته قـراءة متعمقة أنه نفسه كان صعلوكا في شبابه، خاصة في الفترة التي تجاهلها التاريخ الإسلاموي، منذ نشأته وحتى زواجه من خديجة وهو في الأربعين من عمره. وتأكيدا لقول الدكتور إسماعيل أحمد أدهم: « إن عبدالمطلب لم يكن جدا حقيقيا لصلعم وأنه لم ينحدر من صلب هاشم »، إذن من الواضح أن عبدالمطلب آواه كما آوى غيره من الصعاليك. وهذا لا يتعارض إطلاقا مع طلب خديجة الزواج منه، بل يدعمه، بهدف حماية قوافلها التجارية من هجمات الصعاليك الآخـرين. وهو أمـر ليس بجـديد أو نادر بين البـشر.

علاوة على ذلك، إذا تفحصنا ما جاء في كتب التراث بدقة، نجد أن فلسفة أولئك الصعاليك وسلوكهم في الحياة ينطبق تمام الانطباق على تصـرفات صلعم وفلسفته الإسلامويه وسلوك أتباعه المتأسلمين منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا.

لا يسعنا إلا القول بأن محمد بدَّل كلمة "الصعلكة" بكلمة "الإسلام" بمعنى أن يسلم المرء أناه الذاتي وحياته بكاملة للعصابة التي تُعرف بـ"الجماعة".


الـتـقـية والصـعـلـكة

كان القرشيون في مكة حريصين أشد الحرص على تجارتهم الدينية وغـير الدينية، ويجمعون منها أموالا طائلة، مكنت البعض منهم على العيش في رفاهية مفرطة، بينما البعض الآخر مازال يعاني من الفقر والقهر. فحدث خلل في البنية الاجتماعية بين المكيين، واتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء منهم . فظهر الصعاليك وتعاقد معهم صلعم كرد فعل حتمي لتلك الاحوال المتردية التي يعيشها العربان، وذلك لوضع حدا صارما لها ويعيد إليهم كيانهم المفقود وإنسانيتهم الغائبة. وكي يحد من تهورهم الذي لا يفيد، لجأ صلعم في البداية إلى اسلوب التقية (النفاق والمسكنة حتى يتمكـن)، فتظاهـر بأنه يدعـو إلى مـكارم الأخـلاق، إذ قـال: « جـئت لأتمم مكارم الأخلاق »، وكأن "مكارم الأخلاق" كانت موجودة بينهم بالفعل . ويتضح من السور الأولى مثل : الماعون والعصر والضحى والبلد والفجر ... إلخ نقد المظاهر السلبية التي تفشت في المجتمع المكي، وركـزت بوجه خاص على نقد حب المال والتكبر وسوء معاملة اليتامى والمساكين وأبرزت أيضا فكرة تحـرير العبد كسلوك أخلاقي محبذ. وفي كل هذا وغيره محاولة إنقاذ قريش من الانحلال الذي يدفع إليه الـثراء الفاحش وتبعاته. وعادة ما يصاب العربان بالانحلال والتفسخ الأخلاقي والسلوكي كلما أصابوا ثراء فاحشا، كما اتضح من عائدات النفط. ويلاحـظ في كافة السـور المكية عدم ذكر لكلمة "النبي" على الإطلاق، مما يدل على أن الفكرة كانت إصلاحية في بدايتها، ولا تتعدى أسلوب الوعظ والإرشاد الذي كان يتلقاه صلعم من ورقة بن نوفل أو سرجيوس (بحيرا) النصراني أو غيرهما. فجاء القرآن يقول:
{واعف عنهم واصفح} المائدة 13
{لست عليهم بمصيطر} الغاشية 22
{واعرض عن المشركين} الأنعام 106
ولما أراد بعض من أصحابه قتل أحد رؤوس المكيين الذين عرفوا بعدائهم البين للدين الجديد، نهاهم عن القيام بذلك، وجاء الـقـرآن على الـفـور ليقول لهم {إن الله يدافع عن الذين آمنوا، إن الله لا يحب كل خوان كفور} الحج 38. إذ لم تكن الاغـراءات السياسية تفرض نفسها في ذلك الوقت على أفكار محمد، نظرا لعدم توفر أي من الإمكانيات التي تساعده على تحقيقها. وهنا يتساءل المرء: إذا كان إله البدو يدافع عن الذين أمنوا وهم في مكة، فلماذا لم يستمر في الدفاع عنهم وهم في يثرب، لماذا أمـرهم بعد ذلك بالقتال في سبيله، والعمل على نصـرته كي ينصـرهم؟؟

ظلت دعوته السلمية في مكة ثلاثة عشر عاما دون أن تلقى قبولا سوى من 40 وقيل 150 شخصا، أغلبهم من العبيد والصعاليك والمنبوذين والمساكين لشعورهم بأنه يدافع عنهم وعن حقوقهم الإنسانية، ولم يتعرض محمد خلال تلك الفترة لمعتنقي الديانات الأخرى كاليهودية والنصرانية اللتين اعتمد عليهما. بل أشاد بهم وشهد أكثر من مرة بصحة كتابهم:
{ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة } الأحقاف 46.
{وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمِرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا} الشورى 15.
{ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب}غافر 53-54.
{ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا} الفرقان 35.
{ ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ...} الجاثية 16.
{وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} المائدة 47.
{إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون (يجب أن تُكْتب «الصابئين» لكونها إسم إنَّ) والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} المائدة 69.

ولكنه هاجم عبادة الأوثان التي أتخذها العرب " شفعاء " لهم عند " الله "، إذ إراد أن تكون " الشفاعة " منه هو ومن خلال الشهادة بأن لا إله ألا الله وأنه نبيه ورسوله، والتسليم لهما تسليما تاما. وحدث الطفـرة الحاسمة بانتقاله إلى يثرب والذي عرف في التاريخ العربي الإسلاموي بـ" الهجرة "، بينما هو في حقيقة الأمر "لجوء سياسي" بهدف اتباع أساليب سياسية أخرى، هي شن الحـرب عـلى القـرشيين في مكة وقطع مصدر رزقهم وتهديدهم في حياتهم.

وفي أثناء هذه الفترة التي دامت 13 عاما، كان يتبع محمد مع القرشيين أسلوب التقية على النحو السابق الذكـر، وكان في نفس الوقت يجند الصعاليك الذين تأسلموا للسطو على ممتكاتهم وقوافلهم التجارية وهي في طريقها إلى الشام أو اليمن، فمثلا عندما أسلم أبو جندب بن سهيل لحق بأبي بصير الصعلوك، فجعل لا يخـرج من قـريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون ببعير خـرجت من قريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم*18*.

ويكشف الملفقون عن وجه الإسلام القبيح بوصفهم تلك الفترة المكية بأنها كانت فترة استضعاف بالنسبة للمتأسلمين، بمعنى أنهم « تمسكنوا حتى تمكنوا »، ويفـردون لـذلك فــقـها كامـلا تحـت إسـم " التقية "، بمعنى أن يتقي المتأسلم اعـداءه غير المتأسلمين حتى تقوى شوكته ثم ينقض عليهم كما فعل صلعم وعصابته، إذ لم يفغـر الإسلام فاهه ويظهر أنيابه الشرسة إلا بعد أن قويت شوكة الصعاليك المتأسلمين في يثرب، فراحوا يعتلون أجساد الآخرين وينهضون على أشلائهم، ويرتوون من دمائهم. وينعمون بممتلكاتهم ونسائهم. ويذهب أولئك الملفقون إلى أن دخول السياسة إلى الديانة الإسلامية بدأ باغتصاب الأمويين للسلطة ونقل مقرها إلى دمشق. وأنهم دسوا على النبي أحاديث كاذبة من خلال أبي هريرة وابن عباس وغيرهما بإيحاء من اليهود المنافقين. ولكن الحقيقة الدامغة هي أن السياسة بكل ألاعيبها وأكاذيبها وخبثها تتضح بشكل تام في الممارسات المحمدية منذ أعلن صلعم دعوته ونصب نفسه واليا على صعاليك تهامة وغيرهم، كما تتضح في القرآن ذاته، خاصة في الآيات اليـثربية.

فلقد بدأ العمل السياسي الحقيقي والمعلن، والتي يعتمد على فلسفة الصعاليك، عندما وجد صلعم مخـرجا لدي أخواله من بني النجار في يثرب [المدينة حاليا]، وعقد " تحالفا حربيا " سـريا مع وفد من الأوس والخزرج جاء إلى مكة ليؤدي مناسك الحج، وقد توسط في إتمام هذا التحالف السـري عـمه الوثني عباس بن عبد المطلب فيما يعرف في تاريخ العربان الإسلاموي بإسم " بيعتي العقبة الأولى والثانية ". وانضمت إليه عندئذ عدة قبائل متصعلكة وتقيم على تخوم يثرب وكانوا جميعا يحقدون على اليهود لثرائهم ويريدون التخلص منهم، فقال لهم النبي: " الدم، الدم، الهدم، الهدم، أنتم مني وأنا منكم أحارب من حاربتم ". ولكن اليهود من ناحيتهم رأوا في قدومه إليهم تقوية لمكانة يثرب التجاري على حساب هيمنة مكة. لجأ صلعم إلى يثرب ثم طلب من بقية الصعاليك المتأسلمين في مكة اللحاق به، ولم تنسى تلك الروايات نسج خرافات حول انتقاله إليها يرافقة صديقه أبو بكر، بينما تذهب روايات أخرى إلى أن مرافقه شخص آخـر يُدْعَى ابن بكر الذي كان يدله على الطريق، واتخذ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ذلك اللجوء السياسي تقويما للعربان المتأسلمين فيما بعد سمي بـ" التقويم الهجـري ".

الإرهـاب والقـتـل

إرتبط الإرهاب والقتل بحياة القبائل البدوية ومن ثم بالديانة السماوية الأولى التي نشأت بينهم بإسم " اليهودية "، فنجد الإله الصحراوي " يهوذا أو يهوا " يغضب على بني إسرائيل لأنهم أعجبوا بنساء مؤاب وأحبوهن وسجدوا لآلهتهن، لذلك أمر نبيهم المدعو موسى أن يأخذ جميع قادة عبدة البعل ويصلبهم ويعلقهم تحت وطأة حرارة الشمس أمام الرب كي يتراجع عن غضبه (العدد 25/4). وبعد أن نفذ موسى هذه الأوامر، طلب منه الرب أن يقتل كل ذكر من سكان مديان ويسبي نساءهم وأطفالهم وينهب جميع بهائهم وجميع مواشيهم وكل أملاكهم وأن يحرق جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار، وأن يأخذوا كل الغنيمة وكل النهب من الناس والبهائم (العدد 7/310ـ12). وعندما علم موسى أن رجاله من وكلاء الجيش ورؤساء الألوف والمئات القادمين من جند الحرب لم يقتلوا النساء وأبقوا على كل أنثى حية غضب منهم غضبا شديدا، وأمرهم بقتل كل طفل ذكر وكل امرأة ضاجعت رجلا، وسمح لهم بأن يحتفظوا بالعذارى لأنفسهم، فكان نصيبهم منهن 3200 عذراء (العدد310 /14ـ15).

وأرست العبرانية قاعدة العقاب الجماعي، فعدما اختلف شخص مع موسى لم يتردد الإله الصحراوي من أن يخسف بقومه الأرض، بعد أن طلب من موسى وهارون الابتعاد عنهم كي يفنيهم في لحظة، ولكنهما خرا على وجهيهما وسألوه في توسل: « يا إله أرواح جميع البشر، أتخسف على الجماعة كلها من أجل خطيئة رجل واحد؟ »، العدد21/16ـ22، بيد أنه لم يهتم بتوسلاتهما، « وحالما انتهى من كلامه انشقت الأرض تحتهم وفتحت فاها وابتلعتهم مع بيوتهم، كما ابتلعت رجال فورح مع كل ما يملكون، فاختفوا هم وكل ما يملكون أحياء في باطن الأرض التي انطبقت عليهم »، العدد31/16ـ33.
ثم أمرهم بعد ذلك أن يأخذوا على عاتقهم مهمة القتل الجماعي نيابة عنه قائلا:
« وتستأصلون جميع الشعوب الذين يسلمهم الرب إليكم، فلا تشفقوا عليهم » التثنية 7/16 .
« فاقضوا قضاء على سكان تلك المدينة وعلى بهائهم واقتلوهم بحد السيف، واجمعوا كل أمتعتها وكوموها في وسط ساحتها واحـرقـوا المـدينة مع كل أمتعتها فتصبح خرابا إلى الأبد لا يبنى بعد » التثنية 13/ 15ـ 16.

ومع ذلك ظلت اليهودية ديانة خاصة بالعبرانيين وحدهم بصفتهم شعب الله المختار، كما جاء في التوراة، والمفضلين من قبله على العالمين، كما جاء في القرآن. ولم يحاولوا فرضها بالقوة على الشعوب الأخرى، ولم تذهب أكاذيبهم التوراتية إلى أن موسى قد أسس دولة لهم، بل سحبهم فقط إلى تخوم «أرض الميعاد»، وأن تلك الدولة المزعومة لم تتكون إلا على أيدي النبي سليمان المزعوم، فكان نبي وملك في نفس الوقت، ولذلك اتخذه محمد قدوة له، وأصبح الدخول في "الإسلام" أو التأسلم لا يعني سوى الخضوع و"الاستسلام" لشخصه وللأشخاص الذين يأتون مـن بـعده بصفتهم " ألي الأمر " أو ورثته. لذلك يغتالون خصومهم منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا.

بدأ الإرهاب المبرمج في الإسلام بتصفية الخصوم جسديا كل على حدة، فتقدم لنا الروايات التراثية الإسلاموية بفخر شديد ودفاع مجيد عددا من الاغتيالات التي تمت بأمر من محمد لمن هجاه أو انتقد سلوكه النبوي الفريد من نوعه، فقد كانت تسكن في يثرب منذ زمن بعيد ثلاث قبائل يهودية رئيسية هي: بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظ، وقد هادنهم النبي في بداية هجرته إليهم حتى تقوى شوكته تحت تعريف " تمسكن حتى تتمكن " أو "التقية " في الفقه الإسلاموي، وعندما تحقق له ذلك، شن سلسلة من الاغتيالات للمعارضين من اليهود وغيرهم، فبدأت ـ على سبيل المثال ـ بـذبح الشاعر اليهودي كعب بن الأشرف زعيم بني قريظة، حيث أرسل إليه محمد بن مسلمة ومعه أبو نائلة أخ كعب من الـرضاعة ومعهما رجالا آخرين، فذبحوه وحزوا رأسه، وجاءوا بها إلى النبي ووضعوها بين يديه، فهلل وجهه وانشرح صدره*19*.

ثم قام أتباع صلعم من الصعاليك باغتيال سلام بن أبي الحقيق أمام زوجته، وقد كان من كبار زعماء بني النضير، ثم عادوا إلى يثرب ليزفوا لولي نعمتهم خبر اغتياله.

كما اغتالوا الشاعـرة عصماء بنت مروان، التي تضاربت الروايات التراثية كالعادة حول أسباب قتلها، وربما لأنها كانت من النساء الاتي هجون النبي بأشعارهن، وقد قتلها إرضاء للنبي رجل أعمى يدعى عمير بن عدي، إذ دخل عليها أثناء الليل وكان ينام بجانبها عدد من أولادها، بينما ترضع أحدهم، فجسها بيده وانتزع الطفل وألقاه بعيدا عنها، ثم غرس سيفه في صدرها حتى أنفذه من ظهرها، وذهب إلى المسجد وصلى الصبح وراء النبي ثم أخبره بما حصل، فأثنى عليه ثناء جميلا، ثم أقبل على الناس وقال: « من أحب أن ينظر إلى رجل كان في نصرة الله ورسوله، فلينظر إلى عمير بن عدي*20* ».

كما كلف سالم بن عمير باغتيال أبي عفك اليهودي بيثرب، وكان قد بلغ من العمر 120 سنة، وكان يهجو محمد بالشعر، ويحـرض على عداوته، ففي ليلة حارة كان نائما بفناء منزلة، وعلم سالم بذلك، فأتى إليه ووضع سيفه على كبده فقتله*21*.

ولما بلغه أن كعب بن الأشرف يهجوه ويحـرض قريشا عليه، أرسل خمسة من رجاله، منهم أبو نائلة أخو كعب من الرضاعة لقتله، ورافقهم محمد جزءا من الطريق، ثم قال: انطلقوا على إسم الله، اللهم أعنهم، ثم رجع إلى بيته. وكانت ليلة مقمرة، فأقبلوا حتى انتهوا إلى حصن كعب، وكان حديث العهد بعرس، فناداه أبو نائلة، فوثب في ملحفته خارجا آمنا إذ عرف صوته، فغدروا به وقتلوه وأخذوا رأسه، ثم عادو راجعين مكبرين، فلما سمع محمد تكبيرهم كبَْر وعرف أنهم قتلوه، ثم انتهوا إليه وهو قائم يصلي فقال: أفلحت الوجوه، قالوا: وجهك يارسول الله، ورموا برأسه بين يديه*22*.

وأنه حـرض رجل أعمى على قتل زوجته لأنها كانت تنتقد صلعم، ولم يتحمل نبي الرحمة انتقاداتها، فتسبب في تيتيم أولادها، وحرمانهم من أمومتها. وتقول الرواية أن أعمى كانت له أم ولد تشتم صلعم وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجـرها فلا تنزجـر. فلما كانت ذات ليلة أخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك من بالدم. وفي الصباح جمع صلعم الناس، وقال: أنشد الله رجلا فعل ما فعل، لي عليه حق، إلا قام. فقام الأعمى يتخطى الناس، وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي صلعم، وقال: كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجـر، ولي منها ابنان مثل اللؤلوتين. فقال صلعم: ألا اشهدوا أن دمها هدر، في ستين داهية. إنه نبي الرحمة بالفعل. وعندما قتل عمه [وأخوه من الرضاعة] حمزة في غزوة أحد، غضب غضبا شديدا وأقسم أن ينتقم من قريش بقتل سبعين نفرا منهم.

ولما غزا*23* قبيلة بني قريظة اليهودية وحاصرهم، قبلوا الاستسلام بشرط أن يبقيهم أحياء بشفاعة من قبيلة الأوس، ولكنه بعد ذلك فوض سعد بن معاذ للحكم في أمرهم، فقضى سعد بقتل رجالهم وتقسيم أموالهم وسبي ذراريهم ونسائهم، فاستحسن صلعم هذا الحكم، فأمر ببني قريظة، فأدخلوا إليه وضربت أعناقهم، وكانوا بين 600 و700 نفر*24*. وقام بقطع نخيلهم وتدمير مزروعاتهم، ونهب ممتلكاتهم ... إلى آخـره.

كذلك أرسل عبد الله بن عتيك ومعه أربعة رجال لقتل عدوِّه (اليهودي) أبَيّ بن أبي رافع، فلما هدأت الأصوات جاءوا إلى منزله وصعدوا درجة له وقدموا عبد الله بن عتيك لأنه كان يتكلم باليهودية، فاستفتح وقال: جئت أبا رافع بهدية ففتحت له امرأته، فلما رأت السلاح أرادت أن تصيح، فأشار إليها بالسيف فسكتت، فدخلوا عليه فعـلوه بأسيافهم وقتلوه*25*.

كما أرسل عبد الله بن جحش ومعه ثمانية من المهاجرين لسلب بعير لقريش كانت تحمل مواد غذائية في آخر يوم من رجب، وكان القتال فيه حراما. ولما عيَّره القـرشيون، أتى بقـرآن يُسَوِّغ له عمل ذلك {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قـل قتال فيه كبير} البقرة 217*26*.

ثم اغتالوا خالد بن سفيان سيد قبيل هزيل بحجة أنه قرر حشد جيش للزحف على يثرب، فانتدب النبي لهذه المهمة عبد الله بن أنيس وزوده بمعلومات عن أوصافه. ولما وصل الصحابي إلى حمى هزيل إلتقى بخالد بن سفيان وبادره بالسلام وتظاهر بأنه جاء للتطوع في الجيش المتجه إلى حرب المسلمين، ثم غافله أثناء الطريق وسدد إليه ضربة بسيفه فإرداه قتيل، ولاذ بالفرار إلى المدينة، حيث بارك النبي صنيعه، وكافأه لقاء ذلك.

كما اغتالوا أم قرفة وهي فاطمة بنت ربيعة الفزاري، وقرفة هو إسم أكبر أبنائها وقد قتله المتأسلمون في أحد غزواتهم، وقتل باقي أولادها في حروب أبي بكر المعروفة بحروب الردة. وتقول كتب الرواة عن هذه المرأة إنها كانت مضرب الأمثال بين العرب في العزة والصلابة. فبعث النبي إليها يزيد بن حارث على رأس مجموعة من القتلة، فكانوا يكمنون في النهار ويسيرون في الليل متبعين في ذلك نفس التكتيك القتالي الذي اعتادت علي تنفيذه غزوات وسرايا النبي للإطباق على القوم وهم نيام. إنقض الرجال على قوم أم قرفة فقتلوا بعضهم وأسروا أم قرفة. وأصدر زيد حكمه عليها بالقتل بحجة أنها كانت تسب النبي، وكان قتلها غاية في البشاعة والوحشية والهمجية، إذ أمر زيد بربط قدميها في طرفي حبلين، وربط الطرفين الآخرين في جملين، وأطلقهما في اتجاهين مختلفين، فشقت أم قرفة إلى نصفين، وقطع رأسها، فأمر النبي بالطواف بها في دروب وأزقة المدينة*27*.

ويقول الواقدي أن النبي أمر بقتل ستة رجال وأربع نسوة، وذنب النسوة وبعض الرجال أنهم هجوه، فأباح دمهم مع أنهم تعلقوا بأستار الكعبة، على أساس أن الكعبة كانت حرما آمنا لكل العربان قبل يهدم صلعم هذا الأساس، فلا يؤذى من يدخلها حتى وإن كان قاتلا، وجاء القرآن ليؤكد ذلك في الفترة المكية بقوله عن أول بيت للناس، وهو الكعبة، في سورة آل عمران الآية 97: «فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا...».
والقائمة طويلة.
ألم يكن نبي الـرحمة المـزعوم هذا صعلوكا وقاطع طـريق وقاتلا بالفعل؟؟؟؟

الـحـروب الـنبـوية

لم يُعْـرف دين على وجه الأرض حتى الآن يأمر معتنقيه بالحـرب والقتل وإخـراج الناس جميعا من بيوتهم " في سبيل الله " إلا دين الإسلام وحده. ومع أن أحدا في العالم أجمع لا يعرف ما هو " سبيل الله " هذا، ولن يعرفه قط ، إلا أنه عندما شعر محمد وعصابته بقوتهم تدريجيا من خلال التصفية الجسدية لخصومهم وعمليات السلب والنهب وقطع الطريق وسبي النساء والأطفال من القوافل التجارية التي تسيرها قريش إلى بلاد الشام أو من القبائل المجاورة ليثرب، راح يشرع لشريعة الغاب التي مازلنا نعاني منها، ومازال العالم أجمع يعاني منها حتى اليوم. فبعد احتمائه بالأوس والخزرج ومن ثم قويت شوكته، نزلت أول سورة، هي سورة البقرة تقول في الآية 190: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكن ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}، ويلاحظ هنا التحفظ في القتال بعدم الاعتداء لأن الله لا يحب المعتدين. ولكن هذا التحفظ سرعان ما تلاشى أمام الآية 91: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم [وجدتموهم] واخرجوهم من حبث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل}. وبدأ " الله الصحراوي " يلغي أو ينسخ ما قاله في مكة من قبل ، فجاء القرآن يقول: {إن الدين عند الله الإسلام} آل عمران 19.
{ومن يبتغ غير الإسلام فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} آل عمران 85.
وإن أراد الله أن يهدي إنسانا فيشرح قلبه للإسلام (الأنعام 125)، فهو الدين الحق ولابد أن يلغي كل الأديان ويظهر على الدين كله (الصف 9).

واتهم الوحي القرآني اليهود والنصارى بتحربف كتبهم المقدسة، التي أشاد بها من قبل، وهي تهمة عبثية تفكرنا بالذئب والحمل التي درسناها في المرحلة الابتدائية.

وبدى إله البدو العـربان متوحشا كما هو شأنه دائما، فقال: {جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يُقتِلوا أو يُصلِبوا أو تُقَطع أيديهم وأرجلهم من خلاف} المائدة 33.

ولم يقتصر الأمر على قتل أهل الكتاب الذين مجدهم القرآن من قبل، بل تعداه إلى نهب ممتلكاتهم وسلب أراضيهم وسبي نسائهم وأولادهم:
{وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم} الأحزاب 26و27.

ثم جاءت الضـربة القاضية للذين أوتوا الكتاب (اليهود والنصارى) في سورة التوبة 29ـ 32 التي يقال أنها آخـر ما أنزل من القرآن، وكانت مفقودة، وعُثِر عليها من فم أحد البدو الأعراب الذين هم أشد كفرا ونفاقا، فقال:
{قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرين[أي أذلاء]}.

وحلل للجماعة الإسلامية النهب:
{ويسألونك عن الأنفال [أملاك الغير التي يتركونها خوفا من القتال] قل الأنفال لله ورسوله، واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ... فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا} الأنفال 1، 41، 69.

ولم تشهد أي من الديانات إلها عاجـزا مثل إله الإسلام، إذ يطلب من معتنقيه أن ينصـروه كي ينصـرهم ويثبت أقدامهم، ويأمرهم بقتل الآخـرين وسلب أموالهم ونهب ممتلكاتهم وسبي نسائهم وأولادهم في سبيل نصـرته. لقد أوجد نبي البدو إلها على شاكلة إله أبناء عمومتهم العبرانيين، والذي لا تتفق معالمه إلا مع طبائع البدو، فتمكن من تأسيس أكبر عصابة للقتل والسلب والنهب وقطع الطريق، مازالت تعمل بفاعلية حتى يومنا هذا، ومازالت تلك العصابة قادرة على خداع البشر وابتزازهم وتجنيد عملاء لها من بينهم في كل مكان من العالم. أليست هذه جميعها صناعة بشرية لا صلة لها بأي إله يمكن الاعتقاد في وجوده. وأي إله هذا الذي يسن السنن لقتل البشر ونهب ممتلكاتهم وسبي نسائهم بهدف اعتلائهن، وهتك أعراضهن وإذلال أرواحهن إلى أبد الآبدين، ويقول لنا إن المقصود بذلك هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور؟.

إن المتأسلمين مازالوا يتباهون بهذه الجـرائم المحمدية وغيرها، ويعملون قدر استطاعتهم على التأسي بها، في الوقت الذي أجمع فيه العالم المتحضـر على تقديم كافة المجـرمين إلى المحاكمة الدولية لمحاسبتهم على الشنائع التي ارتكبوها في حق الإنسانية، وقد يجمع في يوم ما على ذلك بالنسبة لمحمد وعصابته.

الـغـنـائم

تم توظيف الملاك العبراني المدعو جــبريل لتوصيل الـرسائل الإلهية البدوية من السماء إلى الأرض لمدة 23 سنة، فكانت رسائله تتغـير وتتبدل تبعا لمقتضيات الأمـور المتغيرة من المجتمع المكي إلى المجتمع اليثربي. وكان على إلههم أن يتناقض في أقواله وينسخ الكثير منها أو ينساها، فيأتي بأفضل منها، وهذا يمكن فهـمه، أو مثلها، وهذا مالا يمكن فهمه، فما العلة من نسخها أو نسيانها ثم الإتيان بمثلها؟، وكيف ينسى هذا الإله البدوي الصحراوي، وقد قال إنه عنده أم الكتاب أو أن ما يقوله مُسَجَّل في لوح محفوظ؟؟ وأنه قوق ذلك عليم قديـر ... إلخ. إنها أقوال بـشرية، سواء كانت من محمد أو غـيره. وقد جاءت بما يتفق مع الـظروف الموضوعية المتسارعة في تغييرها، وقد تحولت تلك الظـروف إلى السياسة وما يتبعها من عمليات الغـزو والسلب والنهب والسبي بعد الانتقال إلى يثرب، فجاءت التشريعات القرآنية لتأكد على أهمية «الغنائم» التي لعبت دائما دورا محوريا في حياة البدو في صحرائهم القاحلة.

كانت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في شبه جزيرة العربان متفاوتة إلى حد كبير، ففي مكة كان الأثرياء يزدادون ثراء والـفقراء يزدادون فقرا وعددا كل يوم، إذ اقتصرت منافع الحج على أثرياء مكة وحدهم، وكانت يثرب مدينة ثرية وتكاد تنعم بالاكتفاء الذاتي من منتجاتها، ولكن كان أغلب سكانها من التجار والصناع اليهود الأثرياء، ويعيش بجانبهم قبائل أخرى فقـيرة، تقتات من الزراعة أو تقديم الخدمات الاجتماعية. بينما القبائل الجائعة مثل غفار وأسلم ومزينة وجهينة وغيرها كثير، فقد تصعلكت بالكامل واتبعت أساليب قطع الطريق والقتل والسبي والسرقة.

وبالرغم من أن تبادل المنافع كان ولازال هو الذي يجمع البشـر معا في سلام ووئام، إلا أن المنافع أصبحت لدي البدو المتأسلمين "غنائم". كما كان عليه الحال بين بدو القبائل، فلا يخفى على أحد أن كلمة "غنيمة" كلمة بدوية صحراوية بكل المقاييس، إذ اشتقت من "غنم" و "أغنام"، وهي من أهم الحيوانات المستحبة في بلادهم، وتتميز بسلوك يختلف عن باقي الحيوانات الأخرى، الأمر الذي يجعلها تحتاج إلى رعاية من نوع خاص. وكان من الطبيعي في مجتمع بدوي صحراوي أن تسقط رعاية الغنم تلك بسهولة على العربان، فجاء الحديث يقول: « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ». ولكن هذه المساءلة تحدث أمام إله البدو الصحراوي أو ممن نصبوا أنفسهم أولياء أو خلفاء له، تحت إسم جامع شامل هو " العلماء " طبعا بلا علم على الإطلاق.

ولكن للتفريق اللغوي سميت "غنائم" أو "مغانم" لتعب الدور الأساسي وربما الوحيد في انطلاق البدو الجياع من مكامنهم المقفـرة في الصحـراء إلى غـزو البلاد الخصبة المجاورة لهم والبعيدة عنهم واستيطانهم فيها، وسلب خيراتها وسبي نسائها، تحت شعارات براقة وخادعة مثل « نشر الدعوة، وتقديم أنفسهم لهم عـلى أنهـم خـير أمـة أخرجـت للناس، ليخرجوهم من الظلمات إلى النور..»، ذلك النور الذي لم يراه أحد حتى الآن، بل على العكس تماما، فلقد عم الظلام على أيديهم كل أرجاء المعمورة كما هو واضح للعيان، وبعد أن إشباع نهم السلب والنهب وسبي البنين والبنات واستقرار لهم الاحتلال الإستيطاني للبلدان الموطوءة، تأتي الغنائم المستدامة وهي الخراج أو الزكاة أو الجزية ليدفعها مواطنوها عن يد وهم صاغرين أزلاء حقراء. وفي وقت ما اضطروا إلى التوقف عن هذا السفه كما توقف العالم أجمع عنه، واكتفوا بما تدره عليهم فريضة السياحة الدينية " الحج أو العمرة" في أوقات معلومات أو طوال العام ، وعادوا مرة أخرى ينكمشون في مكامنهم الصحراوية وينغمسون ثانية في ظلماتها الدامسة، بعد أن تركوا لنا تركة طاغـية من الظلام.

نبقى لبعض الوقت معهم في كمائنهم لنرى لنحاول تتبع آثر الغنائم في تعميق الفكرة وترسيخها لديهم ولدي المتأسلمين في كافة بقاع الأرض!!

لا شك أن إله البدو كان يدرك أهمية الغنائم بالنسبة للعربان، فقد عاشوا دائما وأبدا من أجلها، وقاتلوا وقتـلوا دائما وأبدا في سبيل اغتنامها، وخرجوا من كمائنهم مكتسحين الشعوب الأخرى بسيوفهم بهدف ابتغائها، فحياتهم البدوية بكاملها قامت على سلب ونهم الغنائم وليس على تبادل المنافع، وهو الأمر المعتاد بين البشر. كان لا بد إذن أن تدخل الغنيمة كجزء أساسي في الكيان المادي للجماعة الإسلاموية الناشئة وفي نهجها السياسي وفكرها الاقتصادي، فراح إلههم يشرعها بينهم. وحدث أن تعجل بعض الصحابة أمـرها عندما التقوا برجل من بني سليم وهو يسوق غنمه، فسلم عليهم، ولكنهم قالوا: ما سلم علينا إلا تقية [أي كي يقي نفسه منا]، وقتلوه وسلبوا غنمه، فجاء القرآن يلومهم برفق قائلا: {يا أيها الذين آمنوا أذا ضربتم في سبيل الله [سافرتم للجهاد] فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عـرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كـثـيرة كذلك كنتم من قبل [مثلما كنتم قبل الإسلام] فَمَنَّ الله عليكم} النساء 94. إذنْ بدأ إله البدو الصحراوي في وضع عمليات الصعلكة تحت لوائه وتنظيمها.

ولأن الغنيمة كانت تشغل حـيزا كـبيرا من فكر البدو الصعاليك وتجمعهم تحت شعار الدين الجـديد، فقد تخلف الكـثيرون منهم عن مرافقة النبي عندما قرر الذهاب إلى مكة للعمـرة في أول مرة بعد انتقاله إلى يثرب، وأراد من تلك الزيارة استعراض قوته الضاربة الجديدة أمام الـقـرشيين، وكانت حجتهم في ذلك هي انشغالهم بأهالـيهم وأموالهم، بينما الحقيقة أنهم لم يتبينوا من تلك الـزيارة أية غنائم لهم. وبالفعل انتهت الـزيارة بما يعـرف بـ«صلح الحديبة» الذي تم تحت الشجرة مع القرشيين في مكة، وهو صلح تكتيكي ونصر معنوي، خلا من الغنائم، ومن ثم وعد النبي مرافقيه أن يعوضهم سـريعا عن غنائم أهل مكة بغنائم يهود خيبر. وكان من الواضح أن أولئك البدو سيطلبون الذهاب معه عند غزو خيبر طمعا في الغنيمة، ولكن الوحي حال بينهم وبين ذلك في قوله: {سيقول لك المحلفون من الأعـراب [الذين تخلفوا عن الذهاب معك إلى مكة] شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفـر لنا} الفتح 11، وأنهم سيقـولون: {إذا انطلقتم إلى مغانم [خيبر] لتأخذوها ذرونا [دعونا] نتبعكم}. ومع أن الخطة السياسية كانت معروفة ومعدَّة سلفا، إلا أن إله البدو الصحراوي لا بد أن يؤكد الوعد المحمدي بوعد من عنده كي تطمئن النفوس المتعطشة للدماء والغنائم فقال: {وأثابهم [أي وعدهم بالثواب] فتحا قريبا ومغانم كثيرة [مغانم خـيبر] تأخذونها} وعندما أخـذوها ذكـرهم مـرة ثانية بوعـده قائلا: {وعدكم الله مغانم كثـيرة تأخذونها فعجل لكم هذه [مغانم خيبر] وكف أيدي الناس عنكم [أيدي أهل خيبر] ولتكون [تلك الغنائم العاجلة] آية للمؤمنين}، الفتح 15ـ20.

ومع أن محمد وجماعته أبادوا اليهود وشتتوا من لم تطولهم الإبادة بعد محاصرتهم وقطع نخيلهم وتحريقها وترويعهم، وغنموا أموالهم وسبوا ذراريهم [أبنائهم] ونسائهم، إلا أن محمد عندما تمكن من دخول مكة غازيا منع استباحة وسلب أموالها أو سبي نسائها، أي أنه حرم أعوانه من الغنيمة عند استيلائه عليها، مما اضطره إلى اقتراض المال من الأثرياء فيها وتوزيعه على الفـقـراء في جيشه تعويضا لهم عن الغنيمة المنتظـرة دائما.

ويقول الجابري الذي عـالج الـتراث البدوي بتحفـظ وحرص شديدين: « هكذا صارت " الغنيمة " حاضرة في غزوات النبي (ص) وسراياه، يأخذها المسلمون ويوظفونها ليس فقط في تجهيز الجيوش بل أيضا في تحفيز النفوس على الجهاد*28* ».

ولكن لا بد وكما هو الحال دائما وأبدا، أن تكون الغنيمة سببا أساسيا في نشوء خلافات بين جماعة المتأسلمين في حياة صلعم، كما أصبحت سببا لـذلك أيضا بعـد مماته. ففي السنة الثامنة للهجرة انتصر المتأسلمون بعدما أوشكوا على الهزيمة في موقعة " حنين "، وبعد جمع الغنائم تلكأ النبي في توزيعها على غير العادة، بحجة أنه يجب أن ينتهي أولا من تعقب فلول الفارين، وكانت الغنائم مغرية من حيث الكم والكيف، إذ كانت تشمل عددا كبيرا من النساء والذراري وستة آلاف بعـير وما لا يحصى من الغنم، فخيَّر النبي المهزومين بين أبنائهم ونسائهم وبين أموالهم، فاختاروا الأبناء والنساء فأطلقهم، ووزع الأموال على المهاجرين والمتأسلمين الجدد [أي المؤلفة قلوبهم، بمثابة رشوة لهم] دون الأنصار، تبعا لما أورده الطبري*29*. مما أحدث « شيئا ما » في نفوس الأنصار « سيفصح عن نفسه بمجرد ما يعلن عن وفاة النبي عندما يجتمعون في سقيفة بني ساعدة*30* ».

بطبيعة الحال إلـتزم الخلفاء بنفس النهج، ومن ثم بقيت تلك الغنيمة التي شرعها الله للبدو العربان قائمة حتى يومنا هذا ولو اتخذت أساليب الاسحـواذ عليها أشكالا بدت وكأنها مختلفة عما كانت عليه أيام محمد، فهي مازالت تنحصر في عمليات السطو والقتل والسلب والنهب من دون السبي، وأصبحت تهدف إلى الحصول على الأموال والممتلكات النفيسة في المقام الأول، خاصة من الكفار الذين هم على غير دين الإسلام، بل وتعدى الأمر في مصر مثلا إلى استحلال أموال الأقرباء الذين ارغموا على الغربة والعمل لدي أولئك الكفار المزعومين.

جـنة الـبـدو العـربان

رأينا فيما سبق كيف أن البيئة التي يعيش فيها البدو العـربان فـرضت عليهم نمطا خاصا من الحياة، يمكن وصفه بـ" الجحيم "، فكان لا بد أن يحلموا بالجنة ليتمتعوا بنعيمها. وأصبح الـترهيب من جهنم ونارها والترغيب في الجنة ونعيمها مصدرا هاما من مصادر توجيه السلوك والتربية والحياة اليومية في دينهم الجديد، مع أن القرآن يقول {وإن منكم إلا واردها، كان على ربك حتما مقضيا، ثم ننجي الذين اتقوا} مريم 91ـ92. أي أن كل المتأسلمين سيدخلون جهنم بالتأكيد، ثم سينجي ربهم الأتقياء منهم ويخرجهم منها ليضعهم في الجنة. بينما سيبقى غـيـر الأتقياء منهم والكافرون مخلدين في نار جهنم.

ومن الملاحظ أن كلمة الجنة ذكرت في القرآن 66 مرة بصيغة المفرد، كما جاء مثلا في سور البقرة 2، ومريم 63، والنازعات 40ـ41، ولكننا نفاجأ بالقرآن يتحدث عن جنات بصيغة الجمع 69 مرة، مثلما ورد في البقرة 25 ولقمان 8 والطور 17، هذا إلى جانب الإشارت الأخرى إلى الجنة بتعبيرات مثل دار السلام ودار الآخرة ودار المتقين ... إلى آخره. فهل عند ربهم جنة واحدة أم جنات كثيرة، وما هو الفرق بينها، إذ ذكـر القـرآن أنها درجات. فهل يمكن تصورها على أنها كالهوتيلات مثلا، منها ما هو بلا نجمة أو يبدأ بنجمة واحدة وينتهي إلى خمس أو سبع نجوم؟.

ولكن أكثر الأسماء شيوعا للجنة في القرآن " جنة عدن "، التي تجسد الحلم الجميل والشوق الدفين في وجـدان البدو الصحراويين، خاصة وأنها ذكـرت أولا في كتب اليهود والمسيحيين على أنها كانت مسكن آدم وحواء قبل طردهما إلى الأرض الملعونة [سفر التكوين 3 /23ـ 24و15 /2ـ 8].

وأطنب القرآن ونبي الأسلام في وصف جمال الجنة ونعيمها بشكل حسي أو جنسي خاص وشديد التشويق، إذ أن من يدخلونها سوف يكونون {على سرر موضونة [منسوجة بالذهب ومشبكة بالدر]، متكئين عليها متقابلين، يطوف عليهم ولدان مخلدون، بأكواب وأباريق وكأس [من خمر] معين، لا يصدَّعون عنها [لا يحدث لهم منها صداع*31*] ولا ينزفون [لا تغتال عقولهم]، وفاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون، وحور عين، كأمثال اللؤلؤ المكنون، جزاء بما كانوا يعملون} الواقعة 15-24*32*، وجاء الدجال ابن عباس ومن بعده العملاء يتبارون في وصفها من الداخل إلى حد يحمل المرء على أن يتخيل نفسه في تلك الجنة ليستمتع بأنهارها وثمارها ونسائها وغلمانها بلا انقطاع، ولكن هذا يتعارض مع حديث رواه الدجال أبو هريرة عن محمد يقول فيه: « قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرأوا ما شئتم: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}. ومن الثابت أن هذا الحديث مأخوذ من الإنجيل، حيث ورد في رسالة كورنثوس الأولى 9/2 قول الوحي المقدس: « ما لم ترى عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال إنسان: ما أعده الله للذين يحبونه ».

ولقد ساهمت الجنة المزعومة في نشوء جماعات متأسلمة سـرية على مـر التاريخ، كانت مهمة الكثير منها اغتيال الخصوم المخالـفـين لها في الـرأي أو في العقـيدة، وسلب أو نهب ممتلكاتهم، بأساليب انتحارية يقوم بها الرعاع نيابة عنها. وقد بدأ تشكل تلك الجماعات السرية في وقت مبكر جدا من ظهور التأسلم، فكان الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وقرروا اغتيالهم، ولكن عبدالرحمن بن ملجم تمكن من قتل علي ولم يتمكن زملاؤه من قتل الآخرين. ثم ظهرت مجموعات أخري كثيرة، يذكر التاريخ مـنها القـرامـطة والأشاعـرة والمعـتزلة والحشاشين والقاعدة في العصر الـراهن بقيادة المجاهد في سبيل الله أسامة بن لادن. وجمعيها تعتمد على الجانب الإجـرامي للإسلام "الجهاد في سبيل الله"، والوعـد بجنات النعيم.

إذن لا عجب أن يصف المتأسلمون نبيهم بـ" الكـريم " جدا، لأنه أباح لهم من الشذوذ مالم يبحـه أي مخلوق على ظهـر الأرض!!!

تولـيف القـرآن

لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
عبد الله بن الـزبعـري
تلـعـب بالـنبـوة هـاشـمي بلا وحـي أتاه ولا كـتـاب
الوليد بن يزيد

رأينا فيما سبق كيف أن الإسلام دين تمت فبركته على أيدي محمد وعصابته، تم تولى الاستمرار في فـبركته حتى يومنا هذا كافة العملاء والمرتزقة في كل بقاع الأرض، بهدف تحقيق مصالحهم الشخصية فقط. وكان القـرآن جزءا أساسيا من هذه الفـبركة الطاغـية، فمن المفـروض على أي متأسلم أن يعتقد بنزول القرآن من السماء متقطعا ومتفرقا على مدى 23 عاما، وأن الملاك العـبراني جبريل قام بهذه المهمة طيلة هذه المدة، ولكن من الثابت ـ كما ذكرنا سابقا ـ أن صياغته جاءت منسجمة تماما مع واقع البدو العربان وأهداف صلعم السياسية بحيث يأمر وينهي ويهدد ويرغب ويرهِّب ويحث على القتال والقتل والتعذيب تبعا لمقتضيات الأحوال وضروريات السياسة، وانشغل جـزء كبير منه بالغنائم وبشـؤون صلعم الزوجية وعلاقته وعلاقة البدو العربان بالنساء، وبرر لهم الكذب والخداع وعمليات السلب والنهب وسبي الأطفال والنساء واغتصابهن بوصفهن ملكات يمين.

ونظرا إلى أن القرآن جاء متقطعا ومتفـرقا، طوال تلك الفترة الزمنية الطويلة، فقد تضمن الكثير من التناقضات والخرافات والأخطاء اللغـوية والتاريخية وغـيرها في أكـثر من موضع، وقد سبق ذكـر أمثلة منها. وبالإضافة إلى أن كتابته كانت صعبة، فأن عملية جمعه في مصحف كانت أصعب، إلا أن العملاء الدجالـين استماتوا ومازالوا يستميتون في البحث عن تبريرات واهية لذلك.
ونفهم مـن القـرآن نفسه أن أدوات الكتابة كانت معروفة لدي البدو العربان، فجاء ذكر للقرطاس (الأنعام 7 و91) والورق والصحف (عبس 13ـ14 و الأعلى 18ـ19 والمدثر 52 وغيرها) والأقلام والمداد[الحبر] (العلق 4 والقلم 1والكهف 109 وغيرها) والسجلات (الأنعام 104)، وذكر القرآن أيضا أن هناك كتاب «أو لـوح» مسطور [لم يقل لنا أحد حتى الآن ما هو هذا الكتاب وما مضمونه وأين هـو؟] في رق*33* منشور (الطور 2ـ3)، وجميعها آيات مكية.

والسؤال هنا هو: مادموا يعـرفون كل هذه الأدوات، لماذا لم يستعملونها؟؟ كما وأن من المتبع في أي مجتمع تجاري أن يلتزم الناس بكتابة العقود وتدوين الحسابات ... إلى آخره، ولكن كتب التراث التي يقدسها كل متأسلم تشير إلى أن صلعم أمر بكتابة القرآن على الـرقاع واللخاف والعسف وقطع الأديم*34*وأكتاف الناس وأقتابهم وصدورهم، ولا ندري حتى الآن السبب في ذلك، خاصة وأن جـيرانهم العـراقيين كتبوا تعليماتهم الدينية على ألواح من الطين، والمصريين كتبوا أدق نواحي حياتهم على ورق مصنوع من نبات البردي أو على اللوحات الجدرانية الحجرية منذ آلاف السنين، وأنهم جميعا كانوا على معـرفة بالكتابة وبالقرءة قبل أن يظهر الإسلام!!. ولذلك نفى محمد دروزة هذه العملية بصفتها عملية بدائية، بينما قال محمد صبيح ببعض من " خفة الدم " إن كتابة القرآن على هذه الوسائل البدائية لا بد أن تُكَـوِّن « مصحفا يحتاج إلى عشرين بعيرا لحمـله، ولم نعـلم من أنباء الهجـرة أن قافـلة من الأحـجار فـرت قبل النبي، أو مع النبي، ومعها هذا الحمل الغريب*35* ». ولأن الأمر برمته كما يبدو كان كلاما في كلام، فقد تركنا في حيرة وتكهنات ولت وعجن وتبريرات خادعة وأكاذيب ساطعة، وأساليب رادعة ـ أو قاتلة ـ لمن يسول له عـقـله المساس بها.

ويفهم من كتب الـتراث الإسلاموي أن صلعم القرشي سمح لتابعيه بكتابة ما ينزل عليه من الوحي القرآني بلغة قومه، إلا أنه لم يشـرف بنفسه أو بغـيره على عملية تدوينه، ولم يتأكد بنفسه أو بغيره مما إذا كان تدوينه كاملا أم ناقصا، وما إذا كان صحيحا أم خاطئا. بمعنى هل اتفقت كتابته بالتمام والكمال مع ما يدعي أنه يوحى إليه أم لا. ويبدو أن الأمـر برمـته كان مجـرد هُـراء فلم يؤخذ بالجـدية المـطـلوبة. إضافة ـ كما أسلفنا ـ إلى صعوبة كتابة اللهجة العربية القرشية في ذلك الوقت، وأن البدو العربان ما كانوا يتغلبون، قديما أو حديثا، على أي من المصاعب التي لا تجلب لهم الغنائم، وتدر عليهم الأموال والسبايا ملكات اليمـين.

كان إذن القرآن هو أول من حاول العربان كتابته بلهجة قريش التي أطلقوا عليها " العربية "، وذلك بطلب من صلعم القرشي، لجعلها لغة كاملة يمكن استعمالها تكلما وكتابة. وكانت لغة الكتابة والقراءة والتحدث في ذلك الوقت هي اللغة السريانية المستعملة في منطقة الهلال الخصيب وهي لغة مشتقة من اللغة الآرامية، وقد انتشرت على مساحة كبيرة من المنطقة، وكتب بهما لأول مرة كل من توراة العبرانيين وإنجيل المسيحيين، ودخلت إلى شبه الجزيرة مع اليهود والنصارى الهاربين من الاضطهاد أو المرافقين للقوافل التجارية*36*، وكلا اللغتين مازالتا تستعملان من قبل طائفتي الكلدانيين والسريانيين في العراق وسوريا حتى اليوم. وفي مكة اشتقت من السريانية لغة الكتابة بالخط «المسند» أو بـ" قلم حمير " الذي جاءهم من اليمن مع القوافل التجارية، ثم دخل إليها " قلم " آخر « أسهل وألين في الكتابة من القلم المسند أخذوه من القلم النبطي المتأخر، وذلك قبيل الإسلام*37* »، أما فيما يختص بالكلام، فقد انبثقت من السريانية عدة لهجات كلامية منها العبرانية والنبطية والعربية والحبشية، ولم تكن تستعمل أي منها في الكتابة، مثل أية لهجة من اللهجات الحالية كالمصرية أو العراقية أو المغربية أو غيرها. وقد انحصر استعمال اللهجة العربية في قبيلة قريش دون غيرها من القبائل البدوية الأخرى، وكانوا فخورين بها إلى حد كبير. وتكون " القلم العربي " من تلك اللهجة، ومن ثم كتب به القرآن. وكان من الطبيعي أن تحتوي لهجة قريش العربية على مفردات سريانية وعبرانية وحبشية وقبطية وغيرها، جاء الكثير منها في قـرآن صلعم. ولم يكن يعرف القرشيون معناها أو أنهم كانوا يستعملونها في لهجتهم اليومية بمعنى آخر، فأصبحت قراءته صعبة على المتأسلمين منذ بداية الإسلام. وقد أقر النبي خمس قراءات مختلفة له ـ وقيل سبع ـ دون أن يدلهم على قراءته الصحيحة التي من المفترض أنه تلقاها من ربه كنبي أو رسول، لماذا لم يطلعة ربه هذا ولو لمرة واحدة على اللوح المحفوظ المزعوم، كي يتم حسم الأمر مرة واحدة وللأبد؟؟؟.

ومما لا شك فيه أن تحويل لهجة كلامية إلى لغة كتابية، خاصة في تلك اللهجات الموصومة بالسامية، لم يكن بالأمر السهل، فعندما اتفق العـربان على شكل معين للحروف الأبجدية لم يكن معـروفا لديهم كيفية تنقيطها أو تشكيلها، ولذلك كُتِب القرآن في بدايته غير منقوط أو مشَكّل، فيما يعرف بـ" الرسم العثماني ".

وتستمـر كتب التراث في الاستهانة بعقول البشـر، فتذكـر أنه كان من السهل على الكثيرين من أصحابه حفـظ القـرآن من دون كتابته، ولكن حدث أثناء خلافة أبي بكـر أن قتل الكثيرون ممن يحفظونه في موقعة اليمامة، الأمـر الذي حتم ضرورة جمعه في مصحف ممن حفظوه أو دونوه كاجتهادت فـردية. وأهواء شخصية، فتذكـر تلك الكتب أن أبا بكر ترك مصحفا بعد وفاته لخليفته عمـر الذي تركه بدوره لدي ابنته حفصة، دون ذكر الأسباب، ولماذا لم يطبعوه وينشروه في بقاع الأرض التي احتلوها وأجبروا أهلها على التأسلم. فعندما توسعت الإمبراطورية العربية وانتشر البدو الجياع في البلاد المحتلة وصل إلى علم خليفتهم عثمان بن عفان أن الخلاف اشتعل بينهم بشأن القرآن، وأنهم يقتتلون فيما بينهم في صحة قراءته، فهم في دمشق وحمص يقولون إن قراءتهم هي الأفضل، لأنهم أخذوها عن المقداد. وفي الكوفة يقولون إن قراءتهم هي الأفضل لأنهم أخذوها عن عبد الله بن مسعود الصحابي الكبير الذي لم يتمتع بوزن اجتماعي يذكر، بينما أهل البصرة الذين يعادون الكوفة إدعوا أن قراءتهم هي الأصح لأنها عن أبي موسى الأشعري، وكانوا يسمون مصحفه " لباب القلوب ". فطلب عثمان من حفصة أن تسلمه لبعض الوقت المصحف الذي كانت تحتفظ به والذي جمع أيام أبي بكر من أجل الاستفادة منه في تحرير النص، كا طلب ذلك من الآخـرين، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية، ما هو المقصود من تحـرير النص؟ ولماذا أحرق عثمان النصوص الأصلية؟ هل كانت تلك النصوص مخالفـة لما حرره عثمان بإسمه؟

شكل عثمان لجنة لـ" تحـرير النص " أو لتدوين القرآن ـ اختلفت الآراء في عـدد وأسماء أعضائها ـ وكانت برئاسة زيد بن ثابت، وهو يثربي، كان عمره 11 سنة عندما وصل محمد إلى مدينته لاجئا.

وكان من الطبيعي أن تواجه اللجنة مشاكل عديدة أهمها:
1. كيفة مضاهات النص المدون في مصحف أبي بكر مع أقوال حفظة القرآن الذين مازالوا على قيد الحياة، ومدى الثقة التي يجب أن يحظى بها كل منهم فيما يقوله أو فيما كتبه، فظهرت اختلافات كثيرة، واتضح وجود سور بأكملها لم تكن مدونه، فاضطرت اللجنة ـ على سبيل المثال ـ إلى إضافة سورة التـوبة بكاملها عن أحـد البـدو الأعراب الذين هم أشـد كفـرا ونفاقا.

2. كيفية ترتيب الآيات القرآنية خاصة وأنها نزلت متفرقة على مدى 23 سنة، وبعضها نزل في مكة والبعض الآخر في يثرب. ويبدو أنهم لم يتفقوا على ذلك فجاءت الآيات مبعثرة وغير مترابطة.

3. كيفية ترتيب السور، خاصة وأن أسباب نزولها لم تعـد معـروفة لأحد.

4. الاتفاق على قـراءة واحدة، فقد كانت قراءته تختلف باختلاف اللهجات المستعملة في منطقة الحجاز، وقد أقر صلعم منها خمس أو سبع قراءات إرضاءً للقبائل المختلفة، تبعا لما جاء في الـروايات التراثية. ولكن عثمان أمرهم بتثبيت القراءة على لهجة قبيلة قريش في حالة الاختلاف، ثم تركوا ما دونوه بلا تنقيط أو تشكيل كما أسلفنا.

ولأن اللجنة لم تكن مؤهلة لمثل هذا العمل، وأن الأمـر برمته لم يؤخذ منذ بدايته بالجدية الدينية المطلوبة، بل بالعزم السياسي المرغوب دائما وأبدا، فقد جمعوا ودونوا ما يتفق مع أهوائهم ويحلوا لطباعهم، في كتاب أصبح يعرف بـ" مصحف عثمان وليس محمد "، هو المصحف الذي بين أيدينا اليوم. وبالعزم السياسي نفسه جمع عثمان المصاحف الأخرى وحرقها، في عملية طمس للحقائق معـروفة جيدا وسائدة دائما في تاريخ البشـرية جمعاء.

ومع أن إله البدو الإسلاموي تحدى المشركين بقوله: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} النساء 82. فإذا تدبره أحد سوف يجد بالفعل فيه اختلافا كثيرا، وسوف يرى أنه لا يقنع سـوى الـبلهاء أو الجهلاء، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
❉-;---;-- إن مؤلفه لم يكن على علم بما قاله من قبل، لأنه كان ينسخ (يمحي) أقواله أو ينسها، ليأتي بمثلها أو أحسن منها، مجـرد هـزيان إلهي صلعمي، فماذ يفعل، حتى وإن كان إلها، ففترة نزول الوحي استمرت على امتداد 23 عماما، لذلك لم يعرف مثلا:
هل أرسل إلى مريم عددا من الملائكة (آل عمران 45) أم أنه أرسل إليها روحه فتمثل لها بشرا سويا (مريم 17 وما بعدها).؟
وهل عذب قوم عاد في أيام نحسات (فصلت 16) أم في يوم نحس مستمر (القمر 16)؟ وهل خلق السماوات والإرض في ستة أيام ثم استوى على العرش (يونس 3) أم خلق الأرض في يومين ... وجعل فيها رواسي من فوقها ... في أربعة أيام ... ثم استوى إلى السماء وهي دخان ... فقضاهن سبع سموات في يومين (فصلت 9-12) وبذلك يكون قد خلقهما في ثمانية أيام؟ وهل كانت السموات والأرض معا ففرقهما (الأنبياء 30) أم أنه استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتنا طوعا .... (فصلت 11)؟ وخلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن (الطلاق 12)، وجعل السماء سقفا محفوظا (الأنبياء 32)، وأمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه (الحج 65). ولكن أيهما خلق أولا؟ ما جاء في سورة فصلت الآية من 9ـ12 التي سبق ذكرها أم ما جاء في النازعات 27ـ32 والذي يفهم منها أنه بنى السماء ورفع سمكها وسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها أولا والأرض بعد ذلك دحاها [سواها] و أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها؟ وكيف يتحدث موسى عن الإنجيل الذي أتى بعده بأكثر من ألف سنة ويدعي أن الرسول النبي الأمي [محمد] يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل (الأعراف 155-157)؟ وكيف تدخل الخمر وهي من الرجس (المائدة 90) الجنة التي وعد المتقون وبأنهار لذة للشاربين (محمد 15)؟ ولم نعـرف من القـرآن هل نجا فـرعون من الغـرق، لأنه عندما أدركه الموت قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين فنجاه الإله ببدنه (يونس 90ـ92)، أم أن هذا الإله أغـرق فـرعون ومن معه جميعا (الإسراء 101ـ103)؟ وهل كان إسماعيل جد العرب المزعوم رسولا نبيا؟ (مريم 54) أم كان إنسانا وحشيا كما وصفته التوراة العبرانية (تكوين 12/16). وما هو عقاب الزنا؟ هل هو الجلد لكل منهما مئة جلدة (النور 2) أم يقع العقاب على النساء الزانيات فقط من دون الرجال، بشرط استشهاد أربعة من البدو عليهن، فإن شهدوا فيتم حبسهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا (النساء 15)، ويصبح الأمر أكثر غموضا في الآية 16 التي تقول {واللذان يأتيانها [الفاحشة] منكم فآذاهما فإن تابا وأصلحا فاعرضوا عنهما} فلم يقل لنا من هما المقصودان بإتيان الفاحشة هل هما رجل وامرأة أم رجل ورجل؟ وكيف يكون أسلوب إيذائهما ووسائل توبتهما وإصلاحهما التي تقتضي العفو عنهما؟

وذكر القرآن أن الذكور المتقين في جنات نعيم ينعمون بأشياء منها الزواج من الحور العين، ولم يقل لنا هل الإناث سيتزوجن أيضا بذكور من الحور العين أم سوف يكتفين بالمشاهدة فقط؟

وماذا كان جواب قوم لوط؟ هل طلبوا إخراجه ومن معه من قريتهم، فنجاه وأهله إلا امرأته (الأعراف 82ـ83) أم تحدوه وكان جوابهم ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين (العنكبوت 28ـ29)؟ وهل نجا الله نوح وأهله من الكرب العظيم وجعل ذريته هم الباقين (الصافات 76ـ77) أم أن ابنه كان في معزل، فغرق رغم نداء موسى لربه قائلا إن ابني من أهلي (هود 42ـ45)؟. وهل يوم القيامة مقداره ألف سنة (السجدة 5) أم خمسون ألف سنة (المعارج 4)؟ وهل مصدر القرآن إلهي أم أنه قول رسول كريم (التكوير 19).

هـل يمـكن أن يكـون إلـه بمـثل هـذه السـذاجـة وهـذا الجـهل؟

لا بد أن يقف المرء أمام تلك الهفوات الإلهية والكثير غيرها وهو مشلول الفكر ميبس العقل مكتوف اليدين والقدمين، وهذا بالضبط ما يريده منا الأقذار وعملاؤهم الأبرار أو يقذفون بنا إلى الـموت عـلى أيدي من أسماهم د. سيد القمني بـ" كلاب جهنم " الجاهزة تحت إمـرتهم لاغتيال من تسول له نفسه المساس بهـذا الهـراء.

❉-;---;-- كان محمد معجبا بالشخصيات العبرانية، ولكنه على ما يبدو لم يكن على اطلاع صحيح أو كاف بخرافاتهم، فقـرن إسم هامان بفـرعون مصر المرجح تاريخيا أنه منفتاح رمسيس الثاني، بزعم العبرانيين أنه عدو موسى اللـدود، فجاء في القرآن أن {فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين} القصص 8، كما اقـترنا معا مرة أخرى في الآية 38 من نفس السورة. ولكن الحقيقة التاريخية هي أنه لا صلة بين الإثنين على الإطلاق، فهامان هو أحد وزراء الفرس، وقد عرف بكرهه الشديد لليهود، ومن ثم اضطهدهم وحرض عليهم أثناء منفاهم في بلاد الـرافدين، وبذلك تفصل بينه وبين فرعون موسى المزعوم حوالي 1900 عام.

❉-;---;-- فضلا عما سبق ذكره، فإن كتاب البدو المقدس يحفل بالعديد من الأخطاء اللغوية والعلمية، ويمتلئ بالأكاذيب والحث على قتل الآخرين ونهب ممتلكاتهم وسبي نسائهم ... إلى آخره مما يندى له الجبين الإنساني، وينغمس بسببه العقل البشري في فيض من الأوحال. ومع ذلك يعمد العملاء والملفقون والدجالون إلى التهافت في تأويله من خلال الخدع الكلامية البلهاء، رافعين دائما سيوفهم فوق رقاب الجميع، لأنهم « يكنزون الأموال الطائلة من وراء حراسة الجهل والدفاع عنه وتجميل وجهه القبيح ... أما من يدفع ثمن ذلك فهو: الأمة المخدوعة التي تجعل من هذا الكـتاب العـتيق الـمتخـلف دستـورا لهـا أو أهم مصـدر لدستورها ـ عـلى الأقل ـ!*38* ».

إن قرآن صلعم، بل دينه بكاملة ما هما إلا " سوبرماركت " يجد فيهما المرء ما يريده من كافة المتشابهات والمتناقضات والغالي والرخيص والجيد والردئ، وهذا شأن كل المفبركات، وربما يكون سر بقائهما حتى الآن.

ومع أنه جاء في القرآن إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظين، فلم يحدث ذلك، فقد تشتت وتبدد على الـرقاع واللخاف والعسف وقطع الأديم وأكتاف العـربان وأقتابهم وصدورهم، وقام عثمان ابن عفان بحـرق سبع مصاحف منه مختلفة القـراءة لأنها لا تتفق مع أهوائه السياسية، وأجريت عليه تغييرات يتضح بعض منها في المثال التالي وهو مأخوذ من سورة الأحزاب آية 146 في نسخة سمرقند وهي أقدم نسخة للقرآن*39*، وقد كتبت بالخط الكوفي في العصر العباسي:
هذا ولم يستدل حتى الآن على أية نسخة أصلية لأي من مصاحف حفصة أو ابن مسعود أو حتى عثمان نفسه، والذي يدعي الملفقون أن النسخة المتادولة بين المتأسلمين الآن هي من مصحفه.

وفي الآونة الأخيرة ظهـر بحث علمي حديث يتناول تفسير القرآن بناء على لغة الكتابة التي كانت منتشرة في منطقة بلاد مابين النهرين (العـراق) وسوريا في الفترة التي دُوِّن فـيها الـقـرآن. في كتاب بعنوان " قـراءة آرامية سـريانية للقـرآن ـ مساهمة في تفسير لـغـة القـرآن " قام به أستاذ للغات السامية في جامعة برلين، وهو من أصل سوري، ويحمل إسما مستعارا هو " كريستوف لوكسنبرج "*40*، إذ يخشى على حياته من كلاب جهنم الذين أطلقهم العملاء على أمثاله ممن يستعملون عقولهم، فاغتالوا الدكتور فـرج فودة في أحد شوارع القاهـرة وألقوا بأستاذهم الجامعي الدكتور سليمان بشير من إحـدى نوافذ جامعة نابلس الفلسطينية وغـيرهما كـثيرون.

ركـز لوكسنبرج في بحثه على الألفاظ والتعبيرات الكثيرة الغامضة، التي جاءت في القـرآن ولم يفهما العملاء المتأسلمون أو أساءوا فهمها وفسروها بأساليب غير منطقية أو لا معقولة، بالـرغم من أن القـرآن نزل بلسان عـربي مـبين (واضـح). وعادة ما يتبعون تفسيراتهم لتلك الكلمات أو التعبيرات المظلمة بقولهم: والله أعلم أو والعلم عند الله ... إلخ. وقد اعتمد في تفسيره اللغوي على سياق تاريخي للغة العـربية، التي ـ كما أسلفنا ـ لم تكن قبل كتابة القرآن لغة كتابية بل مجـرد لهجـة قرشية إلى جانب لهجات أخـرى تسببت جميعها في تعدد أحـرف القرآن، واختلاف المتأسلمين حول قـراءته. وكانت اللغة الآرامية ـ السريانية اللغة الأم هي التي تقوم بوظيفة التواصل الكتابي في شبه جزيرة العـربان كما كانت تقوم بذلك في منطقة الهلال الخصيب منبعها الأصلي. لذلك وليس من الصعب على أي باحث أن يدرك حقيقة أن اللغة الأم هذه تشكل الأساس لما تسمى باللغة العـربية الفصحى التي استعملت لأول مـرة في كتابة القـرآن، ولم تظهـر في أي أدب عـرباوي مكتوب يستحق الذكر إلا بعد ما يزيد عن 150 عاما من ظهـور الإسلام. ومن هنا فإن أي شخص لا يراعي اللغة الآرامية السـريانية، لا يمكنه أن يقـدم تفسيرا كاملا وواضحا للقـرآن. وقد يؤكـد هذا حقيقة أن القـرآن نقل بالفعل من مـدونات دينية مختلفة كتبت في الأصل بلغة الأم هـذه إلى جانب اللغة العبرية، وعـرفها القرآن بـأنها « أم الكتاب» أو «اللـوح المحفوظ» ولذلك كان محمد يطلب من أتباعـه تعلم السريانية والعبرانية، وأن زيد بن ثابت تعلمها في 17 يوما بناء على طلبه، وظلت اللغة السريانية اللغة الـرسمية إلى جانب العـربية في امبراطورية العـربان الناشئة حتى عـهـد البدوي الأموي عبدالملك بن مـروان (685ـ705م).

أقدم هنا بعض الأمثلة لما جاء في هذا الـبحـث الجـاد:
1. كلنا يعـرف أن إله العـربان طـرد إبليس من الجنة لأنه رفض السجود لآدم، فاستأذن منه إبليس أن يسمح له أن يجـرب الناس إلى يوم الدين، فأذن له إله العـربان بقوله في الآية رقم 64 من سورة الإسراء {واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا}. وفسَّر العملاء وفي مقدمتهم الطبري (839ـ923م) الآية على النحو التالي:
(استفزز) بمعنى إفـزع بصوتك، وهذا يناقض المفهوم القـرآني القائل بأن إبليس {يوسوس في صدور الناس} الناس 5.

وجد لوكسنبرج بالرجوع إلى قاموس لسان العـرب لابن منظور (1232ـ1311م) أن كلمة استفزه بمعنى ختله حتى أوقعه في مهلكة، وهذا يتفق تماما مع سياق الآية. و(واجلب عليهم بخيلك ورجلك) بمعنى إهجم على الناس بجلبة لتخويفهم بالخيَّالة والمشاة، وهذا المفهوم يخالف أيضا المعنى القرآني.
وجد اعتمادا على اللسان أخلب بدلا من إجلب بمعنى احتل أو أنصب عليهم . وبذلك يستحيل الاحتيال على الناس بالهجوم عليهم بجلبة وبالخيالة والمشاة تبعا لشرح العملاء، فيرى لوكسنبرج أنه من الأنسب قراءة بحبلك بمعنى حبالك أو حيلك بدلا من خيلك، ودجلك بدلا من رجلك مما يتفق مع المنطق القرآني.
أما (وشاركهم في الأموال والأولاد) فيعجب العملاء من سماحة إلههم، إذ يطلب من إبليس أن يشارك الناس بالأموال والأولاد التي يرزقهم إياها. ولذلك يلجأون إلى التلفيق فيقولون بأن مشاركة إبليس الناس في المال الحـرام وأولاد الـزنى. هكذا.
وهنا يجد لوكسنبرج أن مصدر (سرك) بالسريانية مشتق منه الشرَك بالعربية أي الفخ والإغراء مستشهدا بحديث محمد: «أعوذ بك من شر الشيطان وشـرَكِه» والمفهوم الديني أن الشيطان يغري الناس بوعوده الكاذبة لهم بالمال والبنين وليس بمشاركته أياهم بهم، وهذا المفهوم يتضح من نهاية الآية: {وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا}*41*.

2. في سورة المدثر الآية 51 وردت كلمة (قسورة): {ما لهم عن التذكـرة معـرضين، كأنهم حمـر مستنفـرة، فـرت من قسورة}، هذه الكلمة البسيطة عجـز العملاء شرقا وغربا عن شرحها حتى الآن، وادعى البعض منهم أنها كلمة حبشية بمعنى الأسد لأن الحمير تفـر منه دائما، ولأن الأسد يقال له (أريا) بالسريانية، ثم جاء المفسرون الغربيون فلم يجدوا لهذه الكلمة أصلا في الحبشية، فظل المعنى الحقيقي لها غامضا، حتى وجد لوكسنبرج أن الكلمة في الواقع سريانية الأصل وقد اشتقت من قسر أو قصر. ويقلب السين والواو تصبح قوسرا أو قوصرا(أو قوسره أو قوصره). ويذكر لسان العرب بأن أهل البصرة في العراق يقولون للمرذول إبن قوصرة بمعنى القاصر أو الفاشل. أما المعنى بشهادة المراجع السريانية فهو الحمار الهرم المتهالك. والمقصود هنا أنهم يفر من شيء لا يستدعي الفرار كقولنا يهرب أو يخاف من خياله*42*.

3. في سورة البقـرة يشير إله العـربان إلى أنه أمات إنسانا لا يؤمن بيوم القيامة ثم بعثه بعد مئة عام، وقال له في الآية 259: { وانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما}. والآية بشكلها الحالي تدع مجالا كبيرا للتلفيق والتخمين وسوء الفهم.
ويرى الباحث ضرورة شـرحها بمفهوم سـرياني يوافق النص القـرآني. فيقرأ طعامك على أنها طعم بشرح المراجع السريانية بمعنى العقل والفهم مشيرا إلى التعبير السرياني الأصل الشائع في اللغة العربية الدارجة القائل (حكي بلا طعم) أي بلا فهم وأيضا بمعنى الحال والشأن والأمر.
وكذلك كلمة شرابك وهي مرادفة لما قبلها. وأن كلمة يتسنه منسوبة إلى أصلها السرياني إشتنى بمعنى تغــيَّر.
كما أن حمارك يجب أن تكون جمارك بمعنى كمالك والمأخوذ منها في العربية كلمة الجمر أي اكتمال النار. والدليل الجملة التي بعدها وهي ولنجعلك آية للناس وليس لنجعل حمارك آية للناس.
ثم يشير الباحث إلى أن قراءة ننشزها خاطئة، والمفروض أن تكون ننشرها بدليل مرادفها السرياني (فشط) بمعنى نشر وبسط وأصلح وعدَّل، فيكون للآية معنى بقراءتها على النحو التالي: {أنظر إلى حالك وأمرك لم يتغـير وانظـر إلى كـمالك ولنجعلك آية للناس أنظر إلى العظام كيف نصلحها ثم نكسوها لحما}*43*.

من الواضح حتى الآن أن "عملاء التأسلم" يحاولون تجاهل هذا الكتاب، لأنه يهدم ـ بأسلوب علمي ـ الكثير من أركان دينهم، التي يدعون أنها ثابتة بالضرورة. إنهم بلا شك عاجزون عجزا تاما عن الرد عليه ردا مقنعا.
وفي الكتاب، الذي يضم أكثر من 300 صفحة، أمثلة أخـرى كثيرة، وهو منشور في موقع google باللغة الألمانية والإنجليزية لمن يريد قراءته.

الهوامش:
*1* خزعـل الماجـد: مجلة آفاق عربية، ص 36، بيروت 1979.
*2* ماجد السمرائي ومحمد الجويلي: الزعيم السياسي في المخيال الإسلامي، ص79 و84، المؤسسة الوطنية للبحث العلمي، تونس، بدون تاريخ.
*3* تاج العـروس ج 18 ص .92
*4* نفس المصدر ج1 ص248.
*5* د. جواد على: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج9 ص 616 مصدر سابق.
*6* نفس المصدر، ج9 ص 618.
*7* د. جواد على: المفصل، ج9 من ص 602 حتى 618 مصدر سابق
*8* د. جواد على: المفصل مصدر سابق، ج9 ص621، والأغاني للأصفهاني ج11 ص 382، وابن حجر العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة ج رقم 2013.
*9* الأغاني للأصفهاني ج21 ص 62.
*10* نفس المصدر، ج9 ص 617.
*11* الأغاني ج21 ص 96.
*12* أبن حجـر العسقلاني: الإصابة ... مصدر سابق رقم 2036.
*13* إبن سعد الطبقات الكبرى ج4 ص162.
*14* نفس المصدر ج4 ص 87.
*15* صحيح مسلم باب «من مات ولم يشرك بالله شيئا».
*16* السهيلي: الروض الآنف ج2 ص175.
*17* إبن سعد الطبقات مصدر سابق ج1 ص155.
*18* صحيح البخاري ج3 ص 183.
*19* صحيح البخاري، حديث رقم 2510.
*20* برهان الدين الحلبي: السيرة الحلبية، باب سرية عمير بن عدي لقتل عصماء، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ.
*21* نفس المصدر، باب سرية سالم بن عمير إلى أبي كفك.
*22* نفس المصدر، باب سرية أبي نائلة إلى كعب بن الأشرف.
*23* الغزوة هي التي اشترك فيها محمد بنفسه والسرية هي التي تمت بأمر منه ولم يشارك فيها.
*24* نفس المصدر، باب غزوة بني قريظة.
*25* نفس المصدر، باب سرية عبد الله بن عتيك إلى أبي رافع.
*26* نفس المصدر، باب سرية عبد الله بن جحش.
*27* لمزيد من التفاصيل عن هذه الاغتيالات وغيرها راجع كتاب هادي العلوي: الاغتيال السياسي في الإسلام، دار المدى، 2001.
*28* د. محمد عابد الجابري: العقل السياسي العربي، ط1، ص113، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1990.
*29* الطبري: تاريخ الملوك، ج2، ص173.
*30* الجابري: العقل السياسي...، ص121، مصدر سابق.
*31* يبدو أنهم كانوا يشربون أنواعا رديئة من الخمر.
*32* راجع تفسير محمد فريد وجدي، ص714، مصدر سابق.
*33* الـرق هو الجلد الرقيق وقد اشتهرت بإنتاجه أماكن مختلفة في الحجاز واليمن بترقيق الجلد ودباغته، وأجوده ما كان من جلد الغزال.
*34* الـرقاع: جمع رقعة، قد تكون من الجلد أو الورق أو غيرهما، واللخاف: جمع لخفة، وهي الحجارة الرقيقة أو صفائح الحجارة، والعسف: جمع عسيف، وهو جريد النخل، والأقتاب: جمع قتب، وهو الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب البدوي عليه، وقطع الأديم: هي قطع الحلد.
*35* محمد صبيح: بحث جديد عن القرآن، ص 87-88.
*36* راجع كتاب اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية للسيد إقليميس يوسف داود، طبع في الموصل سنة 1896،
*37* د. جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج8، ص152، مصدر سابق.
*38* صلاح الدين محسن: إرتعاشات تنويرية، مصدر سابق.
*39* الاختلافات بالكامل موجودة على صفحة الإنترنت: http://www.geocities.com/izhar_alhaq/samarkand
*40* Christoph Luxenberg: Die syro-aramä-;---;--ische Leseart des Koran: Entschlüsselung der Koransprache (Das Arabische Buch, Berlin 2000).
*41* نفس المصدر ص 216-220.
*42* نفس المصدر ص 45-46.
*43* نفس المصدر ص 176-183.



#ياسين_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 6
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 5
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 4
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 3
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 2
- الخديعة الكبري العرب بين الحقيقة والوهم 1
- هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 5
- هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 4
- هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 3
- هل الإسلام جاء من بلاد الفرس ؟ -2
- تعليق سريع على حوار القراء المتمدن
- هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟
- المرض المزمن الذي أصاب المصريين
- الناس اللي تحت
- إنتو شعب واحنا شعب حكاية حزينة للغاية
- مصر والطريق إلى الديموقراطية
- الشيخ أحمد وزملاؤه
- أما آن الأوان للأزهر أن يتحرك؟؟
- بين هذا وذاك
- العربان المتأسلمون


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين المصري - الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 7