أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - كلنا ممثلون















المزيد.....

كلنا ممثلون


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 20:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن مصر قد تعرضت للكثير من الاعتداءات عبر تاريخها الطويل لكنها ظلت متماسكة وقوية. فلم تخضع للهكسوس الذين غزوا مصر فى الفترة من 1710-1720 قبل الميلاد ولم تنهزم أمام البطالمة فى الفترة من 332 حتى 30 قبل الميلاد أو أمام الرومان الذين احتلوا مصر عام 30 قبل الميلاد ولم تركع أمام الفرس فى الفترة من عام 621 بعد الميلاد وحتى عام 629 بعد الميلاد ثم فتحت ذراعيها للفتوحات العربية فى منتصف القرن السابع الميلادى. ورغم أن فرنسا احتلت مصر عام 1798م إلا أنها لم تستطع تغيير هويتها كما فعلت فى أماكن اخرى (المغرب العربى مثلا) ولم تستطع بريطانيا التى احتلت مصر عام 1882م أن تقسم مصر إلى أجزاء كما فعلت فى بعض الدول. وكل هذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن الشعب المصرى له أمكانيات عالية وقدرات خارقة فى التأقلم وامتصاص الضربات حيث يستطيع أن يتغلب على الكثير من صعوبات الحياة. ومع ذلك فإن مصر تعانى من الكثير من التناقضات لدرجة ان المرء يشعر أن الكل يضحك على الكل وأن الكل يمثل على الكل. أقصد بكلمة يضحك هنا الخداع والتضليل. ولا يمكن أن ننسى عبارة "الضحك على الذقون" ومعناها "السخرية من المنطق" أى نأتى بفعل أو كلام منافى للمنطق ونتوقع من الناس تصديقه.

ما يدعو إلى الدهشة أن المرء فى مصر يسعى دائما لأداء أدوار لم يتدرب عليها أو لا تتسق مع طبيعة التعليم الذى تلقاه. فالصحفى أو المحامى أو المهندس أو الداعية قد يتحول إلى مذيع والممثل قد يصبح داعية وضابط الشرطة قد يصبح صحفيا والصيدلى يعبر عن غضبه إذا لم تناديه "دكتور" والسباك يغضب ويترك شقتك غارقة فى المياه إذا لم تناديه "مهندس" والممرض يسبقه لقب "دكتور" والضابط قد يحرر لك محضرا إذا لم تخاطبه بلقب "باشا". أما المستشار القانونى فى إحدى الشركات فيقدم نفسه إلينا "المستشار فلان الفلانى". الغريب أن السطو على الألقاب بات منتشرا ليس فقط فى محيط المهنيين بل أيضا وسط الفنانين سواء فى مصر أو فى الخليج. لقد وجهت صحيفة الوطن الكويتية الصادرة فى 24/8/2013م اتهاما للفنانة أصالة بأنها خطفت لقب "قيثارة" من المطربة نوال الكويتية.

ويا ليت الأمر توقف عند الألقاب لكنها أمتدت إلى مؤسساتنا التعليمية وغير التعليمية التى أصبحت مسارح يؤدى العامل فيها دورا تمثيليا ثم يغادر المكان إلى منزله. ففى جامعاتنا نشعر أن الطلاب يمثلون على أساتذتهم والأساتذة يؤدون أدوار مماثلة. لقد كلف أحد الأساتذة طلابه بترجمة نصوص من كتاب. الغريب أن كل منهم لجأ الى أحد مراكز الترجمة التى تولت ترجمة كل النصوص وحين تطلب الأمر تلخيص النصوص المترجمة لم يستطع القائمون على الترجمة بأعمال التلخيص ونصحوا الطلاب بضرورة الاستعانة بمدرسى اللغة الانجليزية. المهم أن الأستاذ راودته الشكوك فسأل الطلاب: هل قمتم بأعمال الترجمة بأنفسكم؟ المثير للدهشة أن الطلاب قد أعترفوا جميعا أنهم لم يقوموا بأى جهد سوى توصيل المذكرات والأوراق التى تحتوى على النصوص إلى مركز الترجمة ثم عادوا مرة ثانية لدفع المعلوم واستلام النصوص المترجمة وتسليمها للأستاذ. وما يدعو إلى الغرابة أن الأستاذ لم ينطق ببنت شفة ولم يفعل شيئا لتعريف الطلاب بأهمية الاعتماد على النفس. من الواضح أن الكل يضحك على الكل والكل يمثل على الكل. لعل الطلاب يلعبون دور الطلاب الحقيقيين والأساتذة يلعبون دور الأساتذة. أسئلة كثيرة تدور فى الذهن، منها هل من المعقول أن يقوم أحد الأساتذة بإلقاء محاضرة واحدة طوال الفصل الدراسى الثانى ثم يلعب دور الضحية إذا تأخرت مستحقاته؟ هل من المعقول أن يتوجه أستاذ إلى المحاضرة ويستهلك نصفها فى الحديث عن نفسه وعن مغامراته ولا يخصص سوى ربع زمن المحاضرة للدرس ثم يذهب إلى حال سبيله معتقدا أنه أدى ما عليه؟ هل من المقبول أن يتقدم المعيد أو عضو هيئة التدريس باستمارات لصرف بدل سفر إلى القاهرة للإطلاع رغم أنه لم يسافر إلى أى مكان؟ هل من المستساغ أن يتعمد مدرس عدم الشرح بطريقة جيدة حتى لا يفهم التلاميذ الدروس فيلجأوا إليه للحصول على دروس خصوصية؟ وهل من المنطق أن يتوقف عمال أحد المصانع عن تشغيل الماكينات لشهور طويلة ثم يطالبون بالأرباح كأنهم كانوا يصلون الليل بالنهار فى العمل؟

وبمناسبة التمثيل فإنه بات واضحا أن الصغير يمثل على الكبير والكبير يمثل على الصغير. أتذكر حين زار أحد وزراء التعليم العالى إحدى المدن الجامعية بأسوان وجدنا أن الغرف فى منتهى النظافة والأسرة تغطيها الملاءات البيضاء والبطانيات الفاخرة. سألت أحد مسئولى الجامعة عن حقيقة ما نراه بأم أعيننا فقال غامزا إن ما يحدث هو لزوم الزيارة وبمجرد أن تنتهى سوف تختفى كل الآشياء التى نراها. أكاد أجزم أن الوزير كان يعلم أن هؤلاء يخدعونه لكنه كان يخفى مشاعره الحقيقية وينصاع ظاهريا. الجدير بالذكر أن ألاعيب التمثيل لم تمارس فقط فى حضرة الوزراء بل امتدت أيضا إلى الرؤساء. أتذكر حين زار الرئيس مبارك أسوان فى السنوات الأخيرة من فترته الرئاسية فقد حرص المسئولون على تقديم صورة طيبة عن أسوان فلجأوا إلى إجبار الطلاب على الخروج إلى الشوارع لتحية الرئيس. لقد أوضح المسئولون أن تسجيل الغياب سوف يتم فى الشارع والطالب الذى لن يحضر سوف تخصم منه درجات أعمال السنة. من المؤكد أن المسئولين يخدعون الرئيس بل "يمثلون عليه" حين يقدمون له انطباعا خادعا بأن الجماهير والطلاب يعشقونه والطلاب بالطبع يمثلون دور الجماهير العاشقة لرئيسها والرئيس يلوح لهم بكلتا يديه رغم علمه أن هؤلاء مدفوعون لأداء الأدوار التى يؤدونها.

وإذا تحدثنا عن الأحداث الحالية فى مصر فلا يمكن أن نغض الطرف عن الانتخابات الرئاسية التى ينتظرها الشعب فى 26 مايو القادم. من المعروف أن مثل هذه الانتخابات تجرى فى أنحاء متفرقة من العالم. حيث يشاهد المواطنون مناظرات بين المرشحين. لقد بدأت المناظرات الرئاسية فى الستينيات فى الولايات المتحدة الأمريكية حين أجريت أول مناظرة فى تاريخ الانتخابات بين نيكسون (المرشح الجمهورى) وكنيدى (مرشح الحزب الديمقراطى) فى انتخابات عام 1960م حيث شاهدها 66 مليون مواطن أمريكى. ومنذ هذا التاريخ لا تجرى أية انتخابات رئاسية فى بلاد العم سام من دون إجراء مناظرات بين المرشحين. أما فى انتخابات الرئاسة المصرية فإن المرشحين السيسى وصباحى ربما يرفضان المشاركة فى مناظرات تنقلها شاشات التلفاز. لذلك فإن البرامج التلفزيونية تتبارى فى إجراء مناظرات بين مؤيدى المرشحين. فهؤلاء المؤيدون يتقمصون دور المرشحين أمام جماهير التلفاز.

اللافت للنظر أن التناقضات التى نعيشها صارت جزءا أساسيا من حياتنا بل باتت تعشعش فى كل مناحى الحياة. إننا نردد دائما وبشكل شبه يومى أن مصر دولة مؤسسات وأن سيف القانون يصل إلى كل من يعبث به أو يخالفه إلا أن الواقع يقول غير ذلك. لقد عرفت مصر ظاهرة "أنت متعرفش أنا مين" منذ عصر الانفتاح فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات. الغريب أن تنطق هذه العبارة فى وجه رجال القانون. لعل قائل هذه العبارة يعتقد أنه فوق القانون وأن القوانين لم تشرع لمحاسبته أو لمعاقبته حتى لو أرتكب مخالفة علنيه. إن هذه الظاهرة نراها منتشرة فى وسط المشاهير وأصحاب السطوة. وفى الحقيقة فإننا نعيش فى دولة قانون على الورق ونصوص القانون فى الكثير من الأحيان لا تساوى قيمة الأوراق التى تحملها. قد نسمع أن فلانا الممثل المشهور أو الرياضى ذائع الصيت تعدى على رجل أمن أو رجل مرور وأحيانا يتم الإعتداء بالضرب أو التهديد بالسلاح وتتسارع البرامج التلفزيونية فى استضافة هذا الطرف أو ذاك وكل طرف يلقى باللائمة على الآخر. ورغم أن الأمر قد يحال الى النيابة والقضاء فإننا لا نعرف أى شىء عن نتائج التحقيقات والمحاكمات. وفى الغالب الأعم فإن هنالك ضحيتان لمثل هذه المواقف السخيفة: الضحية الأولى طبعا المشاهد أو المواطن العادى لأنه لا يعرف من المخطىء وقد يعتقد أن القانون لا يصل إلى علية القوم. أما الضحية الثانية فهى سيادة القانون الذى دنسه المخالف. يقول المثل: من أمن العقاب اساء الأدب. من المعروف أن المسىء والمخالف للقانون طالما وجد من يدافع عنه ويقف بجانبه فإنه لن يرتدع ولن يتراجع ولن يتعلم من أخطائه.

فى البلاد المتقدمة اذا خالف شخص القانون فإن أحدا لا ينظر إلى وظيفته أو إلى عائلته أو إلى النادى الذى ينتمى إليه أو إلى الانجازات التى حققها فى المحافل الدولية. كلنا يذكر مايكل فيلبس السباح الأمريكى الذى حصل بمفرده على 22 ميدالية أوليمبية منها 18 ميدالية ذهبية وميداليتين فضية وميداليتين برونزية وحصل على هذه الميداليات خلال مشاركته فى ثلاث بطولات أولمبية متتالية: أثينا 2004 وبكين 2008 ولندن 2012م. الجدير بالذكر أن هنالك موقفين لم يمثل فيهما فليبس للقانون. ففى نوفمبر 2004م ضبط متلبسا وهو يقود سيارته مخمورا فى شوارع سالزبورى بولاية ميريلاند حيث أقتيد الى قسم الشرطة وحرر له محضرا ثم أحيل إلى المحكمة التى قررت وضعه تحت المراقبة لمدة 18 شهرا وتغريمه 250 دولارا وإجباره على التحدث أمام طلاب المدارس الثانوية عن مخاطر القيادة تحت تأثير الكحول وأجبر أيضا على حضور إجتماع لمنظمة أمهات ضد القيادة تحت تأثير الكحول. أما الموقف الآخر فقد حدث فى فبراير 2009م حيث نشرت له صورة وهو يدخن الشيشة وترتب على ذلك إلغاء تعاقده مع شركة كلوج وهى من أكبر الشركات فى صناعة البقوليات. كما قررت هيئة السباحة الأمريكية حرمانه من المشاركة فى المناسبات الرياضية لمدة ثلاثة شهور وحرمانه من المعونة المالية خلال فترة الإيقاف. لقد أعترف فيلبس أن هذه الصورة حقيقية والتقطت له فى حفل طلابى بجامعة كالوارنيا الجنوبية وقدم إعتذارا علنيا واصفا سلوكه بأنه سلوك غير أخلاقى. بالله فلنتخيل أن هنالك بطلا مصريا حصل على ربع الميداليات التى حصل عليها فليبس. أظن أن أحدا لن يستطيع الاقتراب منه أو التعرض له وسوف يرتكب الجرائم تلو الجرائم من دون أن يخضع لأية عقوبة..



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعلام المصرى وتغطية الأزمة فى أسوان
- قصة النوبيين مع السلام والعنف والمؤامرة
- من يوقف نزيف الدماء فى شوارع أسوان؟
- هل سنحترم الدستور الجديد؟
- حقوق الإنسان-الطالب فى الجامعة
- عمداء الكليات فى مصر بين التعيين والاختيار
- المسئول فى مصر بين مطرقة النفاق أو النقد وسندان النسيان
- تجارب ربع قرن فى إدارات الجامعة
- خطط لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط: مشروع الشرق الأوسط الجديد ...
- مقال بلال فضل الممنوع من النشر
- كمل جميلك
- ممكن؟
- قناة الجزيرة وحقوق الإنسان فى قطر
- الخيانة وتأثيرها على الأمن القومى المصرى
- بعض أمنيات المصريين فى عام 2014
- حول تطوير التعليم الجامعى فى مصر
- هل يصوت الشعب المصرى بنعم للدستور الجديد؟
- زيارة شتوية للقاهرة والإسكندرية
- خارطة طريق أخرى فى مصر
- قراءة فى قانون التظاهر المصرى مع مقارنته بالقانون الامريكى و ...


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - كلنا ممثلون