أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - كيف تشكلت دولة سوريا















المزيد.....

كيف تشكلت دولة سوريا


محفوظ أبو كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 13:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذه المقالة واحدة من سلسلة مقالات تبين لنا مكونات دول العالم العربى من خلال إستعراض أزمنة وملابسات وكيفية تشكلها. محاولين التعرف على دوافع أهالى بعض هذه الدول فى المطالبة بتغيير نظم الحكم إلى فيدرالية أو كونفيدرالية أو إلى نظم دستورية ديموقراطية. كى نتحقق من خلفية هذه المطالبات أهى مؤامرات دولية شريرة أوهى دوافع مشروعه تتيح للسكان تقرير مصيرهم والحياة فى كيانات سياسية ونظم حكم تتوافق مع رغباتهم وتعبرعن مجتمعاتهم التى أدمجت قصرا مشكلة غالبية الدول المتواجدة حاليا. وفى هذا المقال سنحاول الإجابة عن سؤال كيفية تشكل وتطور دولة سوريا .
تقع الجمهورية العربية السورية فى غرب آسيا؛ يحدها شمالاً تركيا، وشرقًا العراق، وجنوبًا الأردن، وغربًا إسرائيل، ولبنان، والبحر الأبيض المتوسط، بمساحة 1850,000 كم، وتتسم بتضاريس وغطاء نباتي وحيواني متنوّع، ومناخ متوسطي. ومنطقة سوريا التاريخية مختلفة عن الدولة السورية الحالية من ناحية الإمتداد والمساحة، وتشير الأولى إلى بلاد الشام، أو الهلال الخصيب. والشعب السوري متنوع عرقيًا ولغويًا ودينيًا، ويشكل العرب - مستعربي سوريا - السنّة الغالبية بنحو 63% من مجموع السكان الذى يبلغ عدده حاليًا 22.5 مليون نسمة، وتنشط الهجرة منذ القرن التاسع عشر حيث توجد جاليات ضخمة من السوريين في الخارج. وأزدهرت البلاد في العصور القديمة لكونها طريقًا للتجارة بعيدة المدى والجيوش العابرة، وقامت فيها إمبراطوريات متعاقبة قوية شملت أغلبها الهلال الخصيب برمته، وبرزت منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد الحضارة الآرامية التي استمدت هوية البلاد الحضارية الأساسية منها، إبتداء من القرن الثالث قبل الميلاد كانت البلاد جزءً من الإمبراطورية السلوقية التى إتخذت من انطاكية عاصمة لها - ولقّب الملوك السلوقيون أنفسهم بملوك سوريا – وفى عام 64ق.م دخلت تحت الإمبراطورية الرومانية فالبيزنطية؛ وبعد دخول الإسلام للشام فى عام636، كانت البلاد حاضرة الدولة الأموية - أكبر دولة إسلامية في التاريخ من حيث المساحة – وتكونت بعد ذلك خلال مرحلة الدولة العباسية وما بعدها تعاقب عليها الدولة الفاطمية والأيوبية ثم الدولة المملوكية عام1250 وقد عانت البلاد من إنتشار المجاعات والأوبئة، وإنهيارالإقتصاد، وكثرة الإنقلابات العسكرية وما يصاحبها من إقتتال ودمار، وثورات نواب المماليك في المدن السورية، حتى إنخفض عدد السكان إلى الثلث خلال حكمهم الذي دام نحوً ثلاثة قرون، حتى دخلت الشام تحت حكم الإمبراطورية العثمانية فى 26 سبتمبر عام 1516 لمدة أربع قرون . وعند فتح السلطان سليم الأول لبلاد الشام عام 1516 أبقيت التقسيمات الإدارية والسياسية على حالها أيام المماليك مع بعض التغيرات وأصبح التقسيم يشتمل على خمس ولايات تابعة مباشرة للصدر الأعظم بالأستانة على الوجه التالى : ولاية حلب، وتشمل خمسة سناجق هي حلب وأضنة ومرعش وعنتاب والبيرة – ولايةطرابلس الشام و تحوي أربعة سناجق هي طرابلس الشام واللاذقية وحماة وحمص - ولاية دمشق وتشمل عشرة سناجق هي دمشق وبيروت وعكار وصيدا وصفد ونابلس والقدس وغزة وحوران ومعان - ولاية الرقة وتشمل مناطق الجزيرة الفراتية وبادية الشام - ولاية صيدا وتشمل جبل لبنان وجبل عامل وصفد والجليل وعكا. بالإضافة لعدة تقسيمات إقطاعية أصغر حجما. ولقرون عديدة لاسيّما في الريف فإن إرهاق الشعب بالضرائب، وهجمات البدو، وانعدام الأمن، وجور أغلب الإقطاع المحلى قد ساد فى البلاد. وفى خلال القرن التاسع عشر أدى التوسع فى النشاط الإقتصادى والحراك الإجتماعى والثقافى والسياسى إلى نموالمشاعر القومية العربية فى مواجهة الحكم العثمانى، وكان تأسيس المطابع، ودور النشر، والمجلات، والصحف، والمدراس الوطنية والأجنبية، والجامعات، والجمعيات الوطنية السياسية والعلمية أحد أبرز وجوه هذا الحراك، وتزايدت المطالبة بإجراء إصلاحات فى نظام الحكم العثمانى، وتنامى العداء واستفحل ضد الدولة العثمانية بعد مجاعة 1915، وسياسة جمال باشا السفاح الدموية فى مواجهة أهل الشام، والتجنيد الإجباري خلال الحرب العالمية الأولى، أدت هذه العوامل وغيرها لتصاعد موجات الهجرة وإنطلاق الثورة العربية الكبرى عام 1916، والتي استطاعت مع فرق من قوات الحلفاء دخول سوريا في آخر سبتمبر 1918. وإلتأم المؤتمر السورى العام كأول برلمان سوري معاصر، وأعلن الاستقلال وقيام المملكة السورية العربية فى 8 مارس عام 1920، غير أن الحلفاء رفضوا الإعتراف بالكيان الجديد، وقامت فرنسا بحلّه بعد معركة ميسلون في 24 يوليو 1920، التى هزمت فيها القوات السورية الضعيفة التسليح والعدد لتبدأ مرحلة الإنتداب الفرنسي على سوريا الذى أقرته عصبة الأمم المتحدة رسميا عام 1922.
صدرت المراسيم بتقسيم بلاد الشام الخاضعة للإنتداب الفرنسى لستة كيانات مستقلة قريبة الشبه بالتقسيمات العثمانية التى ألغتها حكومة المملكة وهى : دولة دمشق - دولة حلب – دولة العلويين" اللاذقية" – دولة لبنان الكبير - دولة جبل الدروز – لواء الأسكندرونة كانت هذه الدويلات في بادئ الأمر مستقلة تماماً ولكل منها علم وعاصمة وحكومة وبرلمان وعيد وطني وطوابع مالية وبريدية خاصة، وبسبب الرفض الشعبي للتقسيم فقد كان الجميع متفقين على القومية السورية وعدم الاعتراف به وقامت فرنسا في عام 1922 بإنشاء اتحاد فدرالي فضفاض بين ثلاث من هذه الدويلات (دمشق وحلب والعلويين) تحت اسم "الاتحاد السوري". وفي الشهر الأخير من عام 1924 قرر الفرنسيون إلغاء الاتحاد السوري وتوحيد دولتي دمشق وحلب في دولة واحدة هي دولة سورية، وأما دولة العلويين فقد فصلت مجدداً وعادت دولة مستقلة بعاصمتها في اللاذقية. وشهد عام 1925 إندلاع الثورة السورية الكبرى التي إستمرت حتى 1927، وفي عام 1930، وكنتيجة غير مباشرة للثورة، جرت انتخابات الجمعية الدستورية وتم اتخاذ دستور جديد لسورية وإعلانها باسم "الجمهورية السورية"، واتخذ علم جديد يرمز إلى المحافظات الثلاث (دمشق وحلب ودير الزور) وقد عرفت تاريخيا بالجمهورية الأولى. في عام 1936، تم توقيع معاهدة الإستقلال مع فرنسا لتوحيد كافة الأقاليم السورية بما في ذلك دولتي اللاذقية وجبل الدروز. ولكن فرنسا رفضت إنضمام إقليم جبل لبنان لهذه الدولة الموحدة بسبب معارضة الموارنة المؤيدين بشدة لإنشاء دولة مستقلة. وهكذا تشكلت الحدود السياسية لدولة سوريا الحالية وفى السنوات اللاحقة بعد التوحيد، إستمر النضال ضد الإنتداب حتى أعلن الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية استقلال سوريا، وتم إنتخاب شكرى القوتلى رئيسا للجمهورية، وقد أفضت الإنتفاضات المطالبة بالإستقلال بإعلان الإستقلال التام عام 1946.
بدأ مايعرف بالجمهورية الثانية.ولكن الهزيمة في حرب 1948، وما صاحبها من احتجاجات شعبية فى نفس العام نتج عنها أزمة في النظام السياسي المستقل حديثًا أدخلت البلاد فى سلسلة من الإنقلابات العسكرية كان آخرها ماعرف بالحركة التصحيحية عام 1970 والتي أوصلت وزير الدفاع حافظ الأسد إلى السلطة، وبهذا الإنقلاب نكون قد وصلنا إلى الإنقلاب الأخير فى سلسلة الإنقلابات التى تجاوز عددها عشرة تقريبا منذ الإستقلال بمعدل إنقلاب كل سنتين، وتخلل الانقلابين الآخرين خسارة الجولان خلال حرب 1967، وقد أفضت حرب 1973إلىاسترجاع أجزاءٍ منها أهمها القنيطرة. وفى عام 1973 أقرّ دستور جديد للبلاد، كرّس نظام الحزب الواحد باعتبار البعث "قائدًا للدول والمجتمع"، وفي عام 1975 تدخلت سوريا عسكريًا في لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية واستمرت بالتواجد حتى 2005.و فى عام 1979 اندلعت انتفاضة بقيادة الإخوان المسلمين تطورت إلى مواجهات عسكرية انتهت عام 1982 بما يعرف بمجزة حماة الكبرى. وشاركت سوريا في مؤتمر مدريد عام 1991 وقبلت فيه بالسلام مع إسرائيل مقابل إعادة الجولان، ورث بشار الأسد رئاسة الجمهورية عام 2000 خلفًا لوالدة بتعديل دستوري. بكل الأحوال فإن الحريات السياسية والإعلامية ونشاط الأحزاب والمجتمع المدني وحقوق الإنسان وتسلّط أجهزة الأمن، لم تطرأ عليها تغييرات تذكروتكرس نظام الحزب الواحد، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات شعبية ضد الحكم القائم فى مارس 2011متواكبة مع الربيع العربي، وسرعان ما توسعت أفقيًا وعموديًا لتشمل معظم محافظات البلاد، وقد ردت عليها السلطة بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان بما فيها التعذيب وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، وزج الجيش السوري فيها لقمعها، وهو ماأفضى فعليًا منذ 2012 لنشوء مقاومة مسلّحة غير مركزية التنظيم دعيت الجيش السوري الحر، من منشقين عن الجيش النظامي ومتطوعين مدنيين ومسلحين ينتمون لجماعات اسلامية متطرفة، وبنتيجتها تعسكرت الإحتجاجات، وتحولت إلى حرب مدن، ومعارك تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة، وبمشاركة مقاتلين ومنظمات أجنبية - مثل حزب الله، وجماعات النصرة وداعش وغيرها من الجماعات وثيقة الصلة بتنظيم القاعدة - وفي ظل فشل محاولات الحل السلمية السياسية والدبلوماسية وعدم تحقيق حسم عسكري، أفضت الأزمة منذ اندلاعها، إلى دمار واسع في البنية التحتية لعدد وافر من المدن السورية، وإتلاف مواقع أثرية، وشبه انهيار في الإقتصاد، والأعداد المرتفعة للقتلى بشكل يومى، والجرحى، والمعاقين، والمعتقلين، والمخطوفين، والمحاصرين، والمشردين، بالإضافة لملايين اللاجئين والمهاجرين والنازحين فى الداخل.
إن المتفحص لتارخ سوريا المعاصرسيلاحظ أن السوريين " ذوى التنوع العرقى والمذهبى والثقافى " لم يكفوا أبداً منذ قرنين من الزمان عن البحث عن طريق يصل بهم إلى نظام يحقق لهم العدل والحرية والكرامة، إن هذا العدد الهائل من الإحتجاجات والإنتفاضات والإنقلابات العسكرية والثورات التى يذخر بها تاريخهم المعاصر ماهى إلاعلامات على هذا الطريق. إن مايحدث فى سوريا الآن يثبت إن حزب البعث لم يتمكن من السوريين، ولم ينجح فى إخماد روحهم الوثابة . وبصرف النظرعن التحليلات والإنتماءات السياسية فإن هذا الشعب سيتمكن من بناء النظام الذى يحقق له ماينشده من عدل وحرية وكرامة ، بما يتحمله من تضحيات وبما يدفعه من ثمن باهظ يتناسب مع تسلط وإجرام حزب البعث وجماعات الإسلام السياسى الإرهابية.



#محفوظ_أبو_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تشكلت دولة العراق


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - كيف تشكلت دولة سوريا