أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميثم الجنابي - جنون الارهاب السلفي – إيمان مشوه وبصيرة حولاء-1 من4















المزيد.....

جنون الارهاب السلفي – إيمان مشوه وبصيرة حولاء-1 من4


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 12:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن اقتران تسمية الإرهاب في السنوات الأخيرة بالإسلام هو بحد ذاته ظاهرة مثيرة للالتباس الفكري والعقائدي والديني والثقافي. والأعقد من ذلك التباسها السياسي. فمن الناحية الفكرية لا يعقل ارتباط الاسلام بالإرهاب وذلك لتعارضهما الجوهري من حيث المقدمات والغايات. واقصد بالإسلام هنا الصيغة الأولية التي يشكل القرآن والسيرة النبوية الفعلية نموذجهما النظري والعملي. وهي نماذج كانت تستمد مقوماتهما من التقاليد العربية "الجاهلية" التي كانت تحتقر فكرة وأسلوب الغيلة (الاغتيال). وهو السبب الذي يفسر سهولة اغتيال الخلفاء عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب. فقد كان كل منهما متربيا بتقاليد العرب وروح الاسلام الأول اللذين يتنافيان بصورة تامة مع فكرة الاغتيال. فالفروسية والمواجهة المباشرة هي الصفة التي كانت تتطابق مع نموذج المروءة العربية. ومنها سوف تظهر في وقت لاحق فكرة وممارسة الفتوة والفتيان، بما في ذلك الصوفية.
أما القرآن والسيرة النبوية، فانهما يمثلان نماذج راقية للمواجهة الحية والمباشرة لكل ما يعتمل في العقل والقلب والضمير. ففيهما نعثر على كل ما كان يفكر به محمد ويخطط له ويسعى إليه. وهي "آلية" كانت تستمد مقوماتها من ثلاثية الوحي والله والإيمان. لان الوحي "لا يكذب" والله "لا يخذل" والإيمان يفترض المواجهة والتحدي. وهي المقدمات الفكرية التي بلورت في الواقع مضمون العقيدة الإسلامية العملية حول ضرورة مواجهة الظلم والطغيان والمنكر بصورة مباشرة باليد واللسان والقلب، أي بالجسد والروح والعقل. كما رفعت فكرة العمل من اجل الخير إلى مصاف النموذج العملي الأكثر رقيا في المواجهة. وهي عقائد تحولت تدريجيا إلى جزء من قواعد الإيمان. وهذه بدورها قد تطورت وتهذبت وارتقت وتنوعت وجرى التأسيس لها بصور وصيغ مختلفة في مجرى تطور الحضارة الإسلامية. من هنا إشكالية الارتباط المخجل للإرهاب بالإسلام. لكنه ارتباط "واقعي" عند القوى التي تدعي تمثل وتمثيل الاسلام عقائديا ودينيا وثقافيا وتمارس الإرهاب، أي الاغتيال الفردي والجماعي، المجاني والمدفوع بصورة علنية ومستترة.
إن التناقض التام بين مضمون الفكرة الإسلامية الأولية ونماذجها العلمية في السيرة النبوية وأعلام وأئمة الاسلام التاريخي مع ممارسة الإرهاب جلي للغاية. آلا انه جلاء يتحول إلى معضلة عصية على الفهم حالما يجري نقله إلى ميدان الحياة السياسية. حيث تتحول فكرة "الإرهاب" الإسلامية (إرهاب أعداء الله والعدو)، إلى شعار أعمى. فقد كانت العبارة الإسلامية بهذا الصدد تعني أولا وقبل كل شئ مواجهة الخصم بمعايير الحق. أما مضمونها العملي فقد كان يصب في اتجاه رفع معنوية الروح الأخلاقي عند المسلمين في القتال. بمعنى أنها الفكرة النظرية والعملية الساعية لتنقية وتقوية الروح الأخلاقي وزجه للفعل بمعايير الحق. ومن ثم لا علاقة للإرهاب بالمعنى المعاصر بمضمون الفكرة الإسلامية الآنفة الذكر. فالعداء والعدو من وجهة النظر الإسلامية هي ليست فكرة أبدية. والأولوية والجوهرية في الاسلام للسلام والرحمة المقرونة بمعايير الحق والعدالة. وهي قيم تفترض المواجهة العلنية للنفس والآخرين بما في ذلك "الأعداء" وليس من خلال التخطيط المتمرس بنفسية وذهنية الغيلة والاغتيال. وذلك لما في هذه النفسية والذهنية من تراكم للرذيلة، وبالأخص الجبن وانعدام المروءة.
إننا نعثر في ممارسة الإرهاب، أي القتل المجاني للأبرياء ممارسة تشير أولا وقبل كل شئ إلى تشوه في الإيمان واعوجاج في الرؤية. وخطورتها الكبرى تقوم في أنها تجمع بين "الإيمان" وزيغ البصيرة في الأفعال "السياسية" مما يجعل منها مشكلة غاية في التعقيد. فهي المشكلة التي تجمع في ذاتها تشوه النفسية والذهنية والواقع والتاريخ. وذلك لان رفع الإرهاب إلى مصاف العقيدة المقدسة هو ليس ابتذالا لفكرة المقدس والإيمان، بل وانحطاطا رهيبا للدين والعقائد والواقع. وهو الأمر الذي يجعل من محاربة "الإرهاب الإسلامي" مهمة إسلامية في الدرجة الأولى من اجل مطابقة حقيقة الاسلام مع ذاته في مجال العلم والعمل. بمعنى مواجهة التشوه النفسي والذهني المجسدين في ممارسات الإرهاب من خلال تأسيس الفكرة القائلة بأن الاسلام والسلام توأمان لحقيقة الدين. وهو تأسيس يفترض بدوره مواجهة أساليب الصراع والمواجهة للنفس والخصوم والأعداء بطريقة ترتقي إلى إدراك الضرورات في العالم المعاصر.
إن تأسيس المواجهة النظرية والعملية "للإرهاب الإسلامي" يفترض استكماله بمواجهة التاريخ والواقع. وهي مواجهة ممكنة من خلال سحب حق تمثيل "التاريخ المقدس" من جانب القوى الاجتماعية والسياسية الهامشية. وهي مهمة ممكنة التحقيق من خلال تذليل نفسية وذهنية الراديكالية السياسية. ولا طريق لها غير الإصلاح الفعلي والشامل الذي يضمن إمكانية بناء الدولة الشرعية والنظام السياسي الديمقراطي والمجتمع المدني والثقافة العقلانية.
فالإرهاب في الإطار العام ظاهرة مرتبطة أما بحالة مرضية عميقة للمجتمع والدولة والثقافة، أي بأزمة بنيوية شاملة، أو بخلل طارئ في أوزان الوجود الدولتي والسياسي والاجتماعي والثقافي. وعندما ننظر إلى واقع العالم العربي والإسلامي المعاصر، بوصفه أحد اكبر "المصدرين" الفعليين للإرهاب، فإننا نرى بوضوح تداخل وتضافر الأزمة البنيوية الشاملة والخلل الفعلي في أوزان وجودهما. من هنا استحالة القضاء على الإرهاب بوصفه مسخ جديد للإيمان المتعصب والذهنية العوجاء دون حل العقدة الجذرية له في بنية الدولة والنظام السياسي والمجتمع والثقافة.
تكشف التجارب التاريخية للأمم والدول جميعا عن استحالة القضاء على الإرهاب وتذليل آثاره دون رؤية عقلانية وسياسة واقعية مبنية على أساس القانون والحق والعدالة. وهو أمر يفترض أولا وقبل كل شئ تحرير الدولة والمجتمع من مختلف صيغ الغلو السياسي والأيديولوجي، وأساليب ولغة العنف (السائدة في وسائل الإعلام مثل السحق والتدمير والتصفية والتحييد والتطهير وما شابه ذلك)، لأنها تؤدي على المدى القريب والبعيد إلى إنتاج هذه المعاني في السلوك الفردي والاجتماعي. وكذلك محاربة الإرهاب من خلال التركيز على أولوية الوسائل الحقوقية، من اجل تحرير هذه الوسائل من خدمة الغايات الضيقة للأحزاب والأفراد على السواء. إضافة إلى ضرورة استناد الدولة إلى فلسفة دنيوية وقيم جامعة ذات أبعاد وطنية – حكومية - إنسانية مهمتها خدمة المجتمع المدني وتوسيع وتعميق آليات فعله. وأخيرا وضع هذه الأفكار في أساس الدعاية والإعلام، من خلال صياغة نظام مرن للحقيقة يستجيب للحاجة العملية الصحيحة، وبما يتناسب مع التاريخ القومي والثقافة القومية.
إن ذلك يخلص الدولة والمجتمع والثقافة من الوقوع في مغالطات الزمن وينقلهما إلى مصاف التاريخ الفعلي بوصفه إدراكا وتراكما لوعي الذات، ومن ثم يخلصهم جميعا من شرك الإنتاج الدائم "للأوهام المقدسة". حينذاك يمكن تجفيف ينابيع الشر الاجتماعي والأخلاقي والروحي للإرهاب وتحرير الإيمان من أن يكون فريسة البصيرة الخربة. وليس اعتباطا أن قيل قديما "العمى اقرب إلى السلامة من بصيرة حولاء". فالأعمى يتمسك بعصا ترشده في الطريق بينما البصيرة المصابة بالحول عادة ما تتداخل الأشياء والألوان فيها بالشكل الذي يجعلها ترى الجميل قبيحا والقبيح جميلا. وهي رؤية لا يريدها الله ولا البشر الأسوياء ولا الحمير أيضا!



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجمهورية العراقية الرابعة – الاحتمالات والابعاد المجهولة
- هل العراق بحاجة إلى مرجعيات دينية؟
- الأغلبية المعذبة ومشروع البديل الوطني في العراق
- إشكالية الهوية العربية للعراق – مشكلة الجهل والرذيلة
- المثقف العراقي – المهمة الشخصية والمسئولية التاريخية
- العلم والأنوثة
- ملاحظات على حملة التضامن مع منتدى الاتاسي
- فلسفة الاعتدال السياسي الأمثل في العراق المعاصر
- فلسفة التسامح ومنظومة الاحتمال العقلاني
- فلسفة الإصلاح العقلانية
- الاسلام والجنس – عقيدة العقدة
- المشروع الديمقراطي العراقي وفلسفة النفي الشامل للطائفية السي ...
- الحركة القومية الكردية - المثلث الهمجي للطائفية العرقية 5 من ...
- التوتاليتارية الشيعية – المثلث الهمجي للطائفية السياسية الجد ...
- الطائفية السياسية - قاعدة الاحتمال الهمجي في العراق 2 & 3 من ...
- المثلثات الهمجية - برمودا الانحطاط العراقي 1 من 6
- الاصولية والعنف في العراق – عنف بلا اصول
- الشرع والمرأة – حق الانتخاب ام انتخاب الحق
- اهانة القرآن بين الفضيحة والادانة
- الحجاب - غطاء لغنيمة الجهاد والاجتهاد الذكوري


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميثم الجنابي - جنون الارهاب السلفي – إيمان مشوه وبصيرة حولاء-1 من4