أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - هل حسم الإسلام مسألة مصير السيد المسيح حقاً؟















المزيد.....

هل حسم الإسلام مسألة مصير السيد المسيح حقاً؟


تامر عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4433 - 2014 / 4 / 24 - 08:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل حسم الإسلام مسألة مصير السيد المسيح حقاً؟

قبل أن تمتدحنى أو تذمنى .. قبل أن تشتمنى أو تحتفى بى، أرجوك .. أرجوك .. تجرد قليلاً من مشاعرك وحكِّم عقلك فقط. لا أريد منك سوى التفكير بالعقل والمنطق.
تعال على نفسك وفكر ...
* * *
من بين كافة الشخصيات الدينية، يقف السيد المسيح حالةً متفردة. ذلك الرجل الحكيم الوديع الذى يعتقد المسيحيون بألوهيته، بينما يعتقد المسلمون بنبوته، وميلاده المعجز من عذراء بتول. هو شخص مهم وعظيم فى تاريخ الديانات الإبراهيمية بلا شك، ولكن الخلاف على طبيعته ومصيره يشكل جوهر الخلاف بين الإسلام والمسيحية.
يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح هو الله متجسداً فى صورة بشرية، تجسد فى الزمان ليخلص الإنسانية من خطيئة أبدية قديمة إقترفها آدم أبو البشر، وانسحبت خطيئته على ذريته كافة، فقرر الله أن يفدى البشر من خطيئة أبيهم بالتضحية بنفسه، فقرر التجسد فى صورة رجل هو السيد المسيح، ليموت فى النهاية على الصليب بدون أى ذنب اقترفه. أما المسلمون، فيعتقدون أن السيد المسيح هو نبى كريم من أنبياء الله، ويصنفونه باعتباره النبى التالى فى الأهمية والمرتبة والمكانة بعد النبى محمد صلى الله عليه وسلم.
تقتضى ألوهية المسيح وموته على الصليب انتهاء عهد الرسل، إذ أن الله نفسه هو الذى تجسد فى الزمان بعد أن أرسل الكثير من رسله، وبالتالى فلا معنى لإرسال رسل جدد بعد أن جاء رب الرسل ذاته. وبناء على ذلك، لا يؤمن المسيحيون برسالة النبى محمد، فحضور الله بنفسه إلى عالمنا معناه انتهاء عصر الرسالات، وهى فكرة منطقية فى ضوء العقيدة المسيحية. لكن، وفى المقابل، بدون ألوهية المسيح، تصبح المسيحية على خطأ، ويجب على المسيحيين فى هذه الحالة الإيمان بنبوة محمد، إذ يكون السيد المسيح فى هذه الحالة هو نبى آخر من أنبياء الله، ويكون محمد هو النبى التالى له، يجدد الله على يديه الدين والشريعة، فيصبح محمد واجب الإتباع والتصديق بنبوته. وبالتالى، فإن من وجهة نظر الإسلام، أن هذا الدين - أى الإسلام - لا تستقيم دعوته إلا بالإعتقاد ببشرية السيد المسيح وعدم موته على الصليب، وهو الأمر الذى يهدم العقيدة المسيحية من أساسها، ويسوغ محمداً كنبى شرعى غير مطعون فى رسالته.
هذه هى الإشكالية العقيدية الكبرى بين الديانتين على ما بينهما من ود وتقارب، وقد واجه الإسلام فى بداية دعوته هذا السؤال المهم: إذا كان الله نفسه قد تجسد فى النهاية بعد سلسلة طويلة من الرسل، فمن هو محمد، وهل هو نبى حقاً؟ وتصدى الإسلام للإجابة عن السؤال بما يسوغ صدق وشرعية محمد، ولكنها إجابة تهدم العقيدة المسيحية من أساسها، إذ أوضح أن يسوع هو بشر نبى (والإسلام يختلف مع العقيدة المسيحية فى تلك النقطة)، وأن هذا الشخص ولد ميلاداً معجزاً من عذراء (وفى ذلك، يتفق الإسلام مع المسيحية)، لكن هذا الشخص لم يمت على الصليب (وتلك هى نقطة الخلاف الصارخة بين الديانتين).
تقوم العقيدة المسيحية، جوهرها ومضمونها ومعناها، على (وجوب) موت المسيح على الصليب، بينما (يؤكد) الإسلام أن الرجل لم يمت، بل، ولم يصلب من الأساس، وذلك فى آيات واضحة قاطعة لا تحتمل اللبس، وإنما تحتمل التفسير والتأويل.
هى لا تحتمل اللبس لأن ما يُفهم من الآيات ببساطة هو أن المسيح لم يمت. لكنها، مع ذلك، تحتمل التأويل، إذ مع التسليم الإسلامى بأن الرجل لم يمت، اختلف المفسرون فى النقطة التالية: إذا كان المسيح لم يقتل، فمن هو الرجل الذى وُضِع على الصليب، ورآه الناس يلفظ أنفاسه عليه؟ هو سؤال مشروع، ولو لم يجب الإسلام عليه إجابة مقنعة، فستوضع ألف علامة استفهام على هذا الدين وعلى شرعية وصدق نبيه.
يفسر بعض المفسرين الآية بأن المقصود بــ (شُبه لهم)، هو أن الله قد ألقى شكل المسيح على تلميذه الخائن يهوذا، فاعتقله الرومان بدلاً من المسيح وصلبوه، بينما يؤولها البعض الآخر بأنه قد يكون المسيح هو من أُلقى القبض عليه حقاً، ولكنه لم يمت على الصليب، ولكن (شُبه) للحاضرين بأنه قد مات، ولكنه فى الحقيقة لم يمت. فى الحالة الأولى، يكون رجل آخر هو من وضع على الصليب بدلاً من يسوع، وهو يهوذا. كان يهوذا تلميذاً للمسيح يعيش وسط الناس فى أورشليم. كان رجلاً معروفاً ولم يكن شبحاً. الآن تعال على نفسك وفكر: إذا ألقى الله شبه المسيح على يهوذا ورفع المسيح الحقيقى إليه، ألا يحق للناس فى هذه الحالة أن يتساءلوا: أين اختفى يهوذا؟ تخبرنا الأناجيل أن يهوذا شوهد كثيراً من بعد صلب المسيح وأنه لم يختف. إذن فما معنى هذا التفسير؟ تعال على نفسك وفكر ..
الإحتمال الثانى، وهو أن المسيح هو من وُضع فعلاً على الصليب ولكنه لم يمت، ولكن (ظن) من رأوه أنه مات. هذا معناه أن أهل يسوع قد استطاعوا خداع الرومان واليهود بأن أنزلوا رجلاً (حياً) من على الصليب قبل موته، واصطحبوه إلى حيث ادعوا أنهم دفنوه، وهذا يقتضى خطة معقدة لإخفائه عن أعين أعدائه المتربصين حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً. الأمر المفعول هنا، والحل المنتظر هو (الرفع). لكن هذا الإحتمال ينفيه القرآن بإقراره أنهم: {وما صلبوه}، أى أن الرجل، حتى لو لم يكن قد مات، فإنه لم يوضع على الصليب من الأساس لأنهم (لم يصلبوه). وأيضاً فى هذه الحالة، ما معنى هذا التفسير؟ تعال على نفسك وفكر ..
نأتى إلى النقطة الأخيرة، وهى مصير يسوع. تقول العقيدة المسيحية بأن يسوع قد (صَعَدَ) إلى السماء بعد قيامته من الموت على الصليب، بينما تقول العقيدة الإسلامية بأن المسيح قد (رُفِعَ) بقدرة الله. هناك فارق كبير بين الصعود والرفع، إذ بينما تتم الأولى بالقدرة الذاتية، تتم الثانية بقدرة خارجية. بكلام آخر، إذا صعد المسيح فهو إله، وإذا رفع المسيح فهو نبى.
وفى كل الأحوال، وسواء صعد المسيح إلى السماء أو رفع، فإن ارتفاعه إلى السماء كان لابد أن يكون حدثاً مدوياً يراه أهل أورشليم أجمعين، لكن التاريخ الإنسانى المكتوب لم يشر إلى هذه الحادثة من قريب أو بعيد!
وفى النهاية، وبمناسبة التاريخ الإنسانى، قد يكون من المفيد أن نطرح السؤال التالى: ما الذى كتبه مؤرخو الإمبراطورية الرومانية عن يسوع؟ هل تجاهله التاريخ كما تجاهل أنبياء كثُر من قبله؟ الإجابة: لا، لقد ذُكر يسوع فى تاريخ الإمبراطورية الرومانية باعتباره متمرداً يهودياً حاول إثارة القلاقل ضد الرومان فى أورشليم المحتلة، وقد إتبعه بعضٌ من قومه، بينما رفض اتــِّــباعَه البعضُ الآخر، وهذا البعض الآخر عمل على الإيقاع به فى براثن السلطة الرومانية الحاكمة التى تولت إعدامه طبقاً للطقوس العقائدية اليهودية بطريقة الصلب.
بعد كل تلك الأسئلة، تعال على نفسك وفكر: هل حسم الإسلام مسألة مصير السيد المسيح حقاً؟



#تامر_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هى اللغة التى حدث الله بها آدم؟
- أنظر كيف يهدم العقل العلاقات الإنسانية الطيبة؟
- هل نحن حقاً لا نحتاج إلى الأنبياء فى زماننا؟
- نحن .. المكتوب علينا ألا نشهد المعجزات
- هل الدين هو مصدر الأخلاق؟
- هل إختار المعاق عقلياً إعاقته؟
- ما هى الحالة التى يقتل فيها الإنسان إنساناً بدون تأنيب ضمير؟
- لماذا لم تحرم الشريعة الإسلامية الرق؟
- لماذا لم تدون شعوب العالم القديم معجزات الأنبياء؟
- لماذا لم يظهر الأنبياء إلا فى منطقة الشرق الأوسط؟
- لماذا إختار الله أن يعذب العصاة عذاباً جسدياً؟
- فرعون .. المجنى عليه!!
- قبل الإختلاف على حكمها .. ما هو معنى -الردّة-؟
- ألغاز سفينة نوح
- أين يختبىء يأجوج ومأجوج؟
- أخلاق آدم والعصر الحجرى
- دخول العرب مصر .. فتح أم غزو؟
- مشاهد من رحلة الإسراء والعروج
- بأى جيش طارد فرعون موسى؟
- الإسلام أو الجزية أو الحرب .. ثالوث الإختيار الشهير بين العق ...


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - هل حسم الإسلام مسألة مصير السيد المسيح حقاً؟