أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ايلاف نوفل احمد العكيدي - المشاريع الاميركية في منطقة الشرق الاوسط .















المزيد.....


المشاريع الاميركية في منطقة الشرق الاوسط .


ايلاف نوفل احمد العكيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4433 - 2014 / 4 / 24 - 03:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من المعلوم ان معظم منطقة الشرق الاوسط بشكل عام والمنطقة العربية وشمال افريقيا بشكل خاص كانت تخضع للاستعمار الاوربي، وتم تقسيم المنطقة بعد تفكك وافول الامبراطورية العثمانية ، لما تتمتع به هذه المنطقة من ثروات اقتصادية وممر مهم لإمداد العالم بالمواد الاولية.
ارتبط ظهور مفهوم الشرق الأوسط وانتشاره بتطور الفكر الاستراتيجي ، وأول مرة استخدم هذا الاصطلاح من قبل الأمريكان عام 1902م بواسطة ضابط بحري أمريكي هو (الفريد ماهان) صاحب نظرية القوة البحرية في التاريخ، وتطور استخدام هذا المفهوم حتى جاءت الحرب العالمية الثانية لتؤكده، فأنشأ مركز تموين الشرق الأوسط وقيادة الشرق الأوسط.
لم يعد في وسع الولايات المتحدة أداء دور المتفرج ، إذ كان عليها التدخل في شؤون الشرق الأوسط لمواجهة القوة السوفيتية . و كرد فعل على سياسة التدخل السوفيتي جاء مبدأ ترومان مطلع عام 1947 يلزم فيه الولايات المتحدة تحمل مسؤوليات سياسية و أمنية مباشرة في الشرق الأوسط تحفظ لها مصالحها النفطية . و كان هذا المبدأ يتضمن تقديم مساعدات عسكرية و اقتصادية لدول المنطقة شريطة تبني الأخيرة الاستراتيجية الأميركية المعادية لسياسة التوسع السوفيتي.( )
وان اولى المشاريع الاميركية للشرق الاوسط بشكل واضح كانت تصب في خدمة اسرائيل ، بعدها القضية الاهم في الشرق الاوسط الى جانب القضايا الاقتصادية المتعلقة بتوفير اسواق جديدة ، ونزح الفوائض المالية المتأتية من الانتاج الطاقوي من دول المنطقة وبشكل خاص دول الخليج وبعض الدول العربية .
ومن هذه الاعتبارات دفعت الإدارة الأمريكية إلى التقدم بمجموعة أفكار تجمعت في إطار ما يعرف الآن بـ: "مبادرة الشرق الأوسط الكبير"، لطرحها خلال القمم المختلفة، مثل: قمة مجموعة الدول الثمانية في ولاية جورجيا الأمريكية، والقمة الأمريكية الأوروبية في دبلن، وقمة حلف الأطلنطي في اسطنبول. وقد تلي الكشف عن هذه المبادرة تقدم عدد من الدول الأوروبية بمبادرات فردية وجماعية خاصة بالإصلاح في الشرق الأوسط، تُعدُّ، في مجملها، مكملة للتوجه الأمريكي، رغم بعض التحفظات الأوروبية على التوجه الأمريكي، والتي تتمثل في أسلوب تناول القضايا المرتبطة بمسيرة الإصلاح في دول الشرق الأوسط، وترتيب الأولويات السياسية فيما يتعلق بالقضايا الحاكمة للمنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث تعطى الدول الأوروبية اهتماماً حقيقياً لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط من منطلق أهميتها في تهيئة المناخ السياسي والأمني اللازم لدفع خطوات الإصلاح في المنطقة، في حين تفضل الولايات المتحدة عدم إبراز هذه القضية.
وكان اخر المشاريع ما بعد التغيير لمنطقة الشرق الاوسط تقسيم 5 دول الى 14 دويلة وفق منهاج طائفي وعرقي واثني ، وهو مشروع قديم جديد اعده برناد لويس ، وهو يكرس حالة من الضعف والوهن ، لجعل الولاءات صغيرة وضيقة تلغي مفهوم الدولة الام والدين والقومية . وهي يعني تفكيك الهوية الى جانب التفكيك الجغرافي للمنطقة .
ويكون التقسيم الذي اعده برنارد لويس لمنطقة الشرق الاوسط على الشكل الاتي:
1. ضم إقليم بلوشستان الباكستاني إلى مناطق البلوسن المجاورة لإيران، وإقامة "دولة بلوشستان".
2. ضم الإقليم الشمالي الغربي من باكستان إلى مناطق البوشتونيين في أفغانستان، وإقامة "دولة بوشتونستان".
3. ضم المناطق الكردية في إيران والعراق وتركيا، وإقامة "دولة كردستان".
4. تقسيم إيران إلى أربع دويلات: "إيرانستان"، و"أذربجيان"، و"تركمانستان"، و"عربستان".
5. تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات: كردية، وسنية، وشيعية (والمشروع قيد الانشاء )
6. تقسيم سوريا إلى ثلاث دويلات: درزية، وعلوية، وسنية.
7. تقسيم الأردن إلى كيانين: اولها الدولة الهاشمية تمتد الى شمال السعودية وجزء من الدولة السنية في العراق ، وثانيها : ودولة فلسطينية ))
8. تقسيم السعودية إلى كيانات قبلية، تعيدها إلى حالها قبل وحدتها سنة 1933م.
9. تقسيم لبنان إلى خمس دويلات: مسيحية، وشيعية، وسنية، ودرزية، وعلوية.(اجزاء كبيرة من هذا المشروع قد تحققت )
10. تقسيم مصر إلى دولتين على الأقل: إسلامية، وقبطية.(المشروع قيد العنفيذ)
11. تقسيم السودان إلى دولتين (دولة دينية) مسيحية في الجنوب (وقد استقلت الان)، وعربية في الشمال.
12. تقسيم المغرب بين العرب والبربر.(ازمة الصحراء الغربية الصحراء الغربية.)

ثالثاً : اشكال التحرك الاميركي تجاه المنطقة لتعزيز الهيمنة:
اخذت اشكال التحرك الاميركي ابعاد وانماط مختلفة ، تختلف في كل مرحلة وبما تتلائم والوضع الدولي ومكانتها الدولية ، والغاية تصب في بوتقة واحدة تحقيق وتعزيز الهيمنة ، وسنجد ذلك بشكل جلي تدرج اهتمام الولايات المتحدة الاميركية بمنطقة الشرق الاوسط وتوسيع بما يتفق مع كل مرحلة .

1. دعم حركات التحرر ضد الدول الاستعمارية وحق تقرير المصير :
أن الدعوة (الشرق أوسطية) ليست جديدة على المنطقة كما يبدو للبعض، فهذا المشروع قديم قدم الأهداف التوسعية للقوى الدولية. وقد مرت الفكرة بعدة مراحل من أجل أن يتم ترتيب المنطقة على قواعدها وأسسها لكنها في صيغتها الجديدة على وفق الترتيب الحالي، وإيجاد صيغة للتعاون الإقليمي بهدف طمس وتذويب الهوية العربية عبر أستيعاب المنطقة العربية في إطار إقليمي تكون (إسرائيل) فيه أكثر تفوقا ً في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. ولا شك أن المجالات الثقافية هي الأخطر بين الأهداف المبتغاة في هذا الترتيب الجديد. وكانت بداية التطبيق الفعلي لهذه السياسة الاستعمارية هو معاهدة "سايكس بيكو" عام 1916، التي تم تدبيجها في غفلة من الزمن العربي، ولم يكن مفهوم (الشرق الأوسط) حينها يشير في حقيقته إلى حيز جغرافي محدد بذاته ولا إلى تأريخ محدد تتقاسمه شعوب المنطقة ، بل أرتكز في أساسه إلى نظرة أوربا الاستعمارية إلى أوربا كمركز جاذب للعالم يقع خارج الشرق الأوسط، وبالتالي كمناطق استعمارية يقودها قطب واحد هو القطب الاستعماري العالمي .
وفي هذه المرحلة استغلت الولايات المتحدة الاميركية الفرصة للوقوف الى جانب الشعوب تحت مبدا حق تقرير المصير والوقوف مع الشعوب ضد القوى الاستعماري، وامتعضت الولايات المتحدة الأمريكية من سياسة المملكة المتحدة والدول الاستعمارية في المنطقة ، ومن هنا اعلن "ولسن Wilson " رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك، و صَرح في شروطه الأربعة عشر، بوجوب ترك حق تقرير المصير للبلدان المتخلفة. ( )
وهي بهذا ارادت ان تكسب الشعوب وان تقرر مصيرها وتنشا حكوماتها ودولها القطرية ، بعيداً عن النزعة القومية او الدينية ، وكان هذا التوجه الاميركي في فترة اتسمت بالعزلة والحياد ولم يكن التدخل في العالم الخارجي سيما في منقطة الشرق الاوسط واضح المعالم ، وبرز بشكل جلي مع انتهاء الحرب العالمية الثانية .

2. اقامة علاقة متوازنة مع الانظمة سيما الانظمة العربية منها ، التي اتسمت بدكتاتوريات ملكية وجمهورية :
في هذه المرحلة اتسمت مخططات الولايات المتحدة الاميركية تجاه الشرق الاوسط بقبول الانظمة الحليفة لها ، وجعل منها خطوط عسكرية وحرب بالنيابة في مرحلة الحرب الباردة ، واشغلت الدول المعادية للسياسة الاميركية بشكل خاص والمنظومة الغربية بشكل عام ، بحروب بينية ، كحرب العراق وايران 1980-1988. سيما وان العراق من اول الدول التي اعلنت تأميم النفط 1973 ، التي شكلت خطر على المصالح الاميركية بشكل واضح وأضرت بالشركات العالمية النفطية ، والاستثمارات الاجنبية، ومن هنا ، حاولت الولايات المتحدة الاميركية الى فصل القضية الفلسطينية او (الصراع العربي –الاسرائيلي ) عن النفط ، وجعلها قضية مستقلة التوجهات الاميركية. بالمقابل لم يكن للولايات المتحدة الاميركية يسمع لها صوت مناد للديمقراطية والحرية وحقوق الانسان التي تمثل ابرز القيم الاميركية المعلنة . بل انها تعاملت مع الانظمة العربية الديكتاتورية حتى في انها دعمت هذه الانظمة في قمع شعوبها .
يتضح من هذه المرحلة ان المصلحة الأميركية اقتضت الابقاء على هذه الانظمة بما يخدم مصالحها العليا وخلق اعداء في منطقة الخليج التي تعد اهم طرق الامداد الطاقة العالمية ، فايران كانت عدو لدول الخليج العربي ، ثم ما ان انتهت الحرب ما لبث ان احتل العراق الكويت عام 1991، واصبح العدو العراق ليس فقط لدول المنطقة بل للمجتمع الدولي ، ليكون الركيزة في الوجود العسكري الأمريكي في المنقطة واقامة قواعد عسكرية مختلفة واتفاقيات امنية بحجج حماية هذه الدول وشعوبها وفق القانون الدولي ومنظمة الامم المتحدة . وتكرس هيمنة الولايات المتحدة الاميركية في المنطقة بشكل واضح عبر تواجدها واعلانها النظام العالمي الجديد على لسان "بوش الاب" بعد تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي. لنكون في عالم القطبية الاحادية والهيمنة الاميركية .

3. معاقبة واسقاط الدول المارقة التي تقف ضد مشاريعها بالقوة العسكرية :
مرت الاستراتيجية الاميركية تجاه منطقة الشرق الاوسط بمراحل كثيرة ، اتسمت كل مرحلة بصفة تختلف عن الاخرى ، بيد ان الهدف واحد ، وهو تعزيز الهيمنة الأميركية والحفاظ عليها، واخذت مرحلة ما بعد احداث 11 ايلول 2001وصعود المحافظين الجدد سمت اكثر وضوحاً في اظهار المعلن من اهدافهم تجاه منطقة الشرق الاوسط .
ولعل اكثر الاشكال وضوحاً هو استخدام القوة العسكرية ، واحتلال العراق وافغانستان ، بحجة الحرب على الارهاب ، بيد ان الاسباب الحقيقية والمضمرة كثيرة التي دعت الولايات المتحدة الى هذا الاتجاه ، على الرغم من أن الشرق الأوسط الكبير لا يعد سبباً أوليا معلنا ، أو مرتفع الأهمية من بين العوامل الدافعة لاتخاذ قرار الحرب، فأنه يعد سببا مهما بحسبان الأهمية الاستراتيجية والجيو -استراتيجية للمنطقة وموقع العراق منها، فضلا عن أهمية (إسرائيل) بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية والارتباط الوثيق بها.
إنَّ مفهوم الشرق الأوسط الجديد، الذي بشّرت به الإدارة الأمريكية، في غضون احتلال جيوشها للعراق وافغانستان ، من الخطأ التعامل معه ، بوصفه مشروعا استراتيجيا بات في عداد المشروعات الفاشلة، أو أنَّ الإدارة الأمريكية ذاتها قد طوت صفحته، بعدما اصطدمت نواياها بمصدّات مانعة، جعلتها تُغير مساراتها باتجاه أهداف أخرى، فالمـفهـوم تدعمه أكثر من وسيلة لغرض التحقيق ظـاهريا وباطنياً،و ينصب كل الجهد على غاية موت الدولة المستهدفة عسكريا، والدول الأخرى تباعا بطريقة سياسية .
صحيح أنَّ المقاومة وقوى المعارضة للاحتلال في العراق، شكّلت الرادع الأقوى إزاء تنفيذ ذلك المشروع، ونجحت إلى حدٍّ ما، من عرقلة عجلة مشروع موت الدولة، عن السير في تحقيق مفرداته السياسية، لكن ثمة دلائل جانبية وانعكاسات مرحلية، لجأت إليها الإدارة الأمريكية على المستوى التكتيكي، لكي تستأنف حالة المضي في ترسيم المعالم التي أعدتها، ليكون عليها مشروعها المزعوم قابلاً للصيرورة والانبعاث، وذلك من خلال العمل بكل الصيغ على بناء وإيجاد بؤر سلطوية، ضمن عناوين ومسميات انفصالية ليست جامعة، تكون بديلاً تقاسمياً عن قوة الدولة ومركزية السلطة الموحدة. وانتهت هذه المرحلة تحت معالم اسقاط الانظمة الديكتاتورية و الحرب على الارهاب بالطريقة المباشرة عبر القوة العسكرية ، تحت ذرائع مختلفة منها تحقيق الديمقراطية وحقوق الانسان ...الخ ، وجاءت مرحلة اخرى بعد الانسحاب من العراق بعد الاخفاق العسكري ، وصعود الديمقراطيين ليظهر نمط جديد لتحقيق الهيمنة الاميركية في اتجاهات الاستراتيجية الاميركية .
4. التغيير عبر ادوات القوة الناعمة ثم الذكية لتعزيز الهيمنة الاميركية:

إن أخطر دروب الهيمنة هي تلك التي تتم دون أن يشعر والتي تتمثل بالقوة الثقافية والتي وصفها "مورجانثو" بانها اخبث انواع القوة لأنها غير ملموسة، وان كان تأثيرها غير منظور وخفي تجاه الجهة المستهدفة( )، بيد ان نتائجها محسوسة في الامد البعيد. والولايات المتحدة الاميركية تعلم أن الهيمنة والحفاظ عليها لا تخضع دائما لمنطق القوة العسكرية المفرطة . فقد انتهى عصر الغزو وحل عصر التحكم في العقول عبر استمالة القلوب وفق الاليات الناعمة التكنولوجي والثقافية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة الاميركية والمتمثلة بالأنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي والاعلام الدولي المرئي والمسموع وقوة الجذب والاستقطاب ومن ثم الاقناع عبر امبراطورياتها العملاقة المترامية الاطراف (كإمبراطورية ماكدونالد وإمبراطورية مايكروسوفت ...الخ )، فضلاً عن غزارة قوتها المادية التي توفر الغطاء للقوة النعامة . وهكذا يمثل التحكم في العقول أهم رهان لكل إمبراطورية تريد الاستمرار لأمد بعيد.
وان اهم ما يميز الفكر الاميركي سمة التجدد والمرونة ، فهو يتكيف ويتوائم مع مختلف الازمنة زمع مختلف الظروف السلبية منها والايجابية ، ومن هنا جاءت تحقيق الهيمنة وتقويض خصومها عبر القوة الناعمة التي تطورت فيما بعد لتشمل كل مركبات القوة الاخرى في منسجم واحد ، وهو القوة الذكية الذي ابتدعه كل من "جوزيف س ناي " و زمليه "ارميتاج" ليكون الخريطة الجديدة لإدارة ومراجعة اسباب التراجع الاقتصادي وتقويض سعي روسيا على سبيل المثال من استعادة الدور، فضلاً عن تنامي الدور الاقليمي على حساب الدور الدولي ليصبح التنافس والصراع بالنيابة عبر الحلفاء الاقليمين ، كدور ايران المضاد، ودور تركيا المؤيد للاستراتيجية الاميركية في المنطقة.( )
واخذت الولايات المتحدة الاميركية في عهد اوباما ، استراتيجية الاداء السلمي والتحكم بخيوط المصالح عن بعد، وعد الحرب والقوة العسكرية خيار ضرورة ، وقد نجحت الاستراتيجية الاميركية عبر سلسلة من المشاريع من تقسيم منطقة الشرق الاوسط الى دول قطرية ثم الى دويلات تحت ما يسمى ب(بلقنة المنطقة) ، ثم انتقلت فيما بعد وتحديداً بعد 2011 الى (لبننة المنطقة) ، وهذا ما خلق فوضى خلاقة في المنطقة لكن بأدوات ناعمة وذكية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والانترنيت ووسائل الاعلام ، فالتغيير في المنطقة العربية على سبيل المثال تحت ما يسمى (بالربيع العربي)، هو احدى ثمار التغيير المنظم المنضبط لتحويل المنطقة الى كنتونات صغيرة تعمها الفوضى واللا استقرار النسبي. لتبقى دول المنطقة اسيرة وبقناعة شعوبها اسيرة للسياسة الاميركية التي اصبحت المنقذ للشعوب من الديكتاتوريات من جهة ، وبالتالي خلقت فجوة ما بين الشعوب والانظمة من جهة اخرى .
فمن المعروف ان تفكيك دول المنطقة وإعادة رسم خرائطها على النحو الذي يضمن المصالح العليا الأمريكية وأساسا التحكم في موارد البترول، لأن ثروة الدول العربية النفطية تشكل 63% من الاحتياطي العالمي. وهو ما يضمن هيمنتها العالمية وريادتها امام خصومها الاستراتيجيين. في النظام الدولي ومنطقة الشرق الاوسط .
ان نظرية (تقسيم المقسم وتفتيت المفتت) هو ليس جديد وانما هو يأتي من شعار قديم كثير ما رددته الاوساط القومية والوطنية في اثناء مرحلة حركات التحرر ضد الاستعمار الاجنبي آنذاك ، شعار (فرق تسد) ، ويمكن ان نلمس اهم ثمار الهيمنة الاميركية في المنقطة:

أ‌- فصل قضية فلسطين عن المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، لذا عملت جاهدة على إقحام نفسها في كل الاتجاهات وبكل الوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية. فالإدارة الأمريكية تتبع أسلوبا ً يتماشى مع فكرة الترهيب والإرهاب واستقطاب الإتباع والمطيعين، كما هو الحال مع الدول العربية، فضلا ًعن التضييق والمُباغتة ومُهاجمة المُعارضين والمُمتنعين ولو عبر سلسلة من الإجراءات التي تتناسب مع مجريات السياسة المتبعة أي حسب ما تتطلبه المرحلة، كما هو الحال مع سوريا فضلا ً عن إيران.
ب‌- تحقيق الاندماج مع (اسرائيل) ضمن النسيج الاقليمي واقامة التبادل التجاري والدبلوماسي معها . وبالتالي فك الطوق والمقاطعة التي نظمت ضدها آنذاك.
ت‌- لم تعد اسرائيل العدو الاول في تراتبية قائمة الخصوم للشعوب ، فالشعوب اصبحت ترى امامهم مجموعة من الاعداء تشتت ما بين الانظمة الديكتاتورية والارهاب الدولي .
ث‌- انكشفت امام الشعوب حقيقية الانظمة الحاكمة في منطقة الشرق الاوسط ، فهذه الانظمة كان كثيراً ما تردد شعارات تكسب القلوب ضد العدو الاسرائيلي ، اتضح بين ليلة وضحاها ان الحفاظ على (كرسي الحكم) اهم من الشعوب ، بل ان الاخير هم الاعداء .
ج‌- اصبح في المنطقة ظاهرة ثنائية الصراع ، فبديل اسرائيل اصبحت ايران ، وبديل اميركا ، اصبحت روسيا ، وبديل الجماعات الاسلامية (الاخوان) اصبح القائدة ، هذا التحول في صناعة العدو خلق ، صراع جدلي ديالكتي بين الشعوب نفسها .
ح‌- اصبحت العديد من الدلو في مصاف الدول الفاشلة ما بعد التغيير في المنقطة ، اذ اضيفت 4 دول الى قائمة الدول الفاشلة من دول منطقة الشرق الاوسط ومنها سوريا وليبيا .
خ‌- لم يعد يشغل الولايات المتحدة الاميركية الطاقة في الشرق الاوسط ، اذ استطاعت ان تسيطر على كافة صمامات الطاقة في المنطقة ، واصبح الاهتمام بتامين نقل هذه الإمدادات من الاطراف الى المركز وهذا ما يتم عبر التواجد في منطقة الخليج والمتوسط .
د‌- فتح اسواق المنطقة للبضائع الاميركية والاوربية، تحت شعار اقتصاد السوق ، وعبر منظمة التجارة العالمية التي تدعم تحرير التجارة وتعزيز التبادل التجاري ورفع القيود الجمركية ، والتي تعد اهم الركائز الرئيسة لديمومة هيمنتها الاقتصادية.
ذ‌- خلقت الولايات المتحدة شراكة امنية مع مجموعة من الدول لحماية مصالحها ، وان اولى اولوياتها في مشروعها الشرق اوسطي ايجاد منطقة معزولة وخالية من اسلحة الدمار الشامل، وهذا الامر لا يخلو من استثناءات (كإسرائيل) الحليف التقليدي للولايات المتحدة الاميركية .
ر‌- لعل أهم دولتين في المنطقة سعت الولايات المتحدة الأمريكية لفرض طوق حولها لتحقيق هيمنتها في المنطقة عبر التدخل العسكري ثم دعم التغيير في المنطقة العربية، هي سوريا وإيران، فضلاً عن محاصرة ومحاولة قطع الدعم على فصائل المقاومة والحركات المناوئة (لإسرائيل) كحركة حماس في فلسطين وحزب الله في جنوب لبنان.
ز‌- جر حزب الله في معركة طائفية في سوريا مع الاتجاه المعارض للنظام السوري، وحماس في صراع مع حركة فتح . بما يصب في مصالح الولايات المتحدة الاميركية وبالتالي توجيه البنادق باتجاه اعداء اخرين غير اسرائيل.( )
س‌- تحويل نظرية (صراع الحضارات) التي اضطلع بها "صموئيل هنتنغتون" من حرب بين الغرب والاسلام ، الى صراع الاسلام المعتدل تدعمه الولايات المتحدة الأميركية والغرب ضد الاسلام الراديكالي المتمثل بالقاعدة .
ش‌- خلقت الولايات المتحدة الاميركية عدو هلامي ليس له شعب ولا ارض ونظام يمكن ان يحارب وهو القاعدة او الحرب على الارهاب، فهو يتنقل في الفكر ويعمل في كل العالم ، بيد انه من رحم منطقة الشرق الاوسط التي تمثل اسخن دول العالم واكثرها اضطراباً مما يمهد لها التحرك هنا وهناك بالتعاون مع الانظمة القديمة والجديدة تحت شعار الحرب على الارهاب.
ومن هذه النقاط الجوهرية التي تم التطرق اليها نفهم اهمية المنطقة في المدرك الاميركي في تعزيز الهيمنة الاميركية بمختلف اشكالها في ظل التحديات الدولية والإقليمية ومن غير الدول في المنقطة .

المصادر :

ربيع كسروان , احصائيات الطاقة في الوطن العربي, مجلة المستقبل العربي, مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت –لبنان، العدد(297),2003.
علي بشار اغوان ، الفوضى الخلاقة ، العصف الرمزي، لحرائق الشرق الاوسط ، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية ، ط1، بغداد-العراق ، 2013.
سيف نصرت توفيق الهرمزي ، الحرب الاميركية على العراق الدوافع الاستراتيجية والابعاد الاقتصادية ، دار روافد ، بيروت -لبنان، 2014.
أسامة الغزالي حرب، الشرق أوسطية: أصولها وتطوراتها، في: سلامة احمد سلامة محرراً الشرق أوسطية، هل هي الخيار الوحيد؟، مركز الأهرام للترجمة والنشر ،ط2، القاهرة –مصر ، 2003.
حافظ برجاس ، الصراع الدولي على النفط العربي ، بيسان للطباعة ، بيروت ، 2000.
علي عواد الشرعة، الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط، المنارة، المجلد 14، العدد 2، 2008..
فتحي شهاب الدين ، مخطط "برنارد لويس" لتفتيت العالم الإسلامي، بحث منشور على شبكة المعلومات الدولية الانترنيت :
https://groups.google.com/forum/#!msg/fayad61/iOUaxjMMvhI/RjPDRSorGmMJ
عبد الرزاق الحسني، تاريخ العراق السياسي الحديث ، دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط 7، الجزء الأول، 2008،.
ابراهيم خليل العلاف، الجُذور التاريخية للمصالح الأمريكية في العراق ، ندوة تأريخ المصالح الأمريكية في العراق ، اللجنة الاستشارية للثقافة والفنون، الموصل ، أيار 1995.
أنطوني كوردسمان، الشرق الأوسط الأكبر": المهمات الأميركية سنة 2004 متغيرات الحلف الأطلسي، المعضلة الأوروبية ،أنظمة المنطقة، النفط، مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية، دراسات اميركية العدد 11، 2005، ص ص 2-7.
:محمد حمدان، القوى الناعمة وإدارة الصراع عن بعد، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، ط1، بغداد-العراق، 2013، .
غازي حسين ، الشرق الأوسط الكبير بين الصهيونية العالمية والامبريالية الأمريكية ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق-سوريا ، 2012 (pdf).
فهمي الفهداوي ، مفهوم الشرق الأوسط الجديد والعمل على موت الدول المستهدفة ، مقالة منشورة على شبكة المعلومات الدولية الانترنيت ، بتاريخ 10 /30 / 2007 .
http://www.alhaqaeq.net/?rqid=2&secid=5&art=80906.
مريم نوفل، الدول الفاشلة سمة القرن الجديد (المنطقة العربية انوذجاً) ، مجلة شؤون سياسية ، جامعة لخضر باتنه ، الجزائر ، العدد 51، اب 2013..
كارن ابو الخير ، المراجعات الاستراتيجية لنظريات الهيمنة الاميركية، الهيئة السورية للنشر ، سلسلة دراسات استراتيجية (12)، 2012.



#ايلاف_نوفل_احمد_العكيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ايلاف نوفل احمد العكيدي - المشاريع الاميركية في منطقة الشرق الاوسط .