أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المحجوب لال - هل يمكن لابن كيران تقديم استقالته فعلا ؟















المزيد.....

هل يمكن لابن كيران تقديم استقالته فعلا ؟


المحجوب لال

الحوار المتمدن-العدد: 4433 - 2014 / 4 / 24 - 00:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أن دخل حزب العدالة والتنمية إلى البرلمان المغربي وهو يتحدث عن الاصلاح ومحاربة الفساد، وحين كنت أتابع جلسات البرلمان من قبيل الصدفة، كنت أسمع أحيانا بعض المناوشات اللفظية والاصوات المتعالية هنا وهناك، بين الحكومة وتيارها ، وبعض قياديي البيجدي، غير أن المتتبع للخطاب ما قبل الوصول إلى الحكومة وما بعده يستطيع أن يتلمس أن المشهد قد طرأ عليه بعض التغيرات من قبيل :

أن الانتقال من التنظير إلى الممارسة يدفع لامحالة الى محاولة تكييف البناء النظري المعتمد لمقاربة الواقع السياسي والاجتماعي مع مساحات التحرك الممكنة ، وعليه فإن الحزب ربما حاول ايهام نفسه على مدى سنوات أن الفساد في المغرب فساد شخصي وذاتي، بمعنى أنه يرتبط بأشخاص بعينهم وبسلوكيات محددة، والحقيقة أن الفساد في المغرب فساد بنيوي، بمعنى أنه يطال البنية السياسية العامة ككل. وليس المقصود أن الكل فاسد ، بل المرام أن الفساد معمم ومنظم ومهيكل ومدعوم .

أن الممارسة الجزئية في تدبير الشأن العام ، مع مساحة تحرك يمكن القول بأنها متحررة إلى حد ما في مجال تدبير الجماعات والبلديات، خاصة إذا ما كان الشركاء في العملية متفقون على برنامج محدد أو خطط عملية، وما رافق هذه الممارسة من نجاحات، جعل الحزب يعتقد أن النموذج يمكن تطبيقه وتعميمه وتجذيره، في حين أن البون شاسع بين الأمرين ، إذ أن تحركات المنتخبين الجماعيين في أحسن أحوالها تحركات ضمن الاطار الضيق في المنظومة ككل، بينما المطلوب من الوزراء والحكومة وما يقع على عاتقها من اكراهات وتحديات أكبر بكثير .
ارتباطا بالدوائر الصغرى التي تحرك في اطارها الحزب والمساحات النظرية التي تحدث فيها وعنها، فقد عان الحزب من غياب استراتيجيات واضحة وعميقة وجذرية ، تستطيع أن تواجه ما تنادي بمحاربته ومكاشفته، ليس على سبيل الحل الوحيد المتعالي، بل كإمكان نظري معتمد وجدي لامكانية التطبيق، وهو الامر الذي يحتاج إلى أمرين : الأول المعلومة الكاملة والصحيحة، والثاني الأطر القادرة على التنظير العملي ووضع الخطط والاستراتيجيات، فالاول يغيب لعدم شفافية الادارة وغياب القوانين الداعمة، والثاني يضعف بسبب الانشغال اليومي وأحيانا المحلي وأحيانا بسبب ضعف الانفاق على مجال التخطيط والبحث وتنمية الكفاءات وكذا بسبب ضعف سياية استقطاب النخبة .

أن غياب استراتيجيات مسبقة جعل الحزب ما بعد الوصول إلى الحكومة يتخبط خبط عشواء، بل يتيه بين المطلوب وبعده والموجود وضعفه ، فكان من ذلك اعلان قوائم الكريمات في وزارة التجهيز والمنح في التعليم والجمعيات المستفيدة في وزارة البرلمان والمجتمع المدني إلخ . ونعتقد بإجماع ، أن الأهم ليس معرفة هذه القوائم بل ما بعدها، وعلى رأسها محاربة الريع بشكل عملي ووفق برنامج واضح وصارم ويأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي والسياسي .

أن اهتمام الحكومة ببعض جزئيات الفساد قد أفقد الحزب بعض مصداقيته، فالفساد الحقيقي والثقيل هو الذي يمارس وما يزال في مجالات عديدة لم تحرك الحكومة بعد ملفاته، ليس هذا فحسب، بل إن الاتجاه العام الذي تتجه فيه عبر فتح منتديات ولقاءات وطنية مطولة لإصلاح القضاء والاعلام وجمعيات المجتمع وغيرها، لا تبشر بالخير، لأن الكلام في ذلك طال والواقع يحتاج الى ممارسات جديدة تعطي الاشارة الى الشعب بأن الحكومة ليس الكلام رأسمالها الوحيد بل إن الخطاب الذي يحذر وينذر جزء بسيط من استراتيجية الحزب الرامية إلى الاصلاح الحقيقي والشامل .
مما سبق يتضح بشكل بديهي أننا نتحدث عن اصلاحات جذرية، تقطع مع الماضي الكئيب، وتدفع بنا إلى العهد الجديد الذي لم نعايشه بعد سوى على مستوى الاعلام والخطب الرسمية، وهي الأمور التي تهدد مصالح النخب الاقتصادية والسياسية، على اعتبار أنهما عملة واحدة في الدول المتخلفة ، فالتغيير يحتاج الى سلطة ومساحات حقيقية للفعل، وابن كيران مكبل اليدين والرجلين، ولم يبق له سوى رأس يتحرك ليرى ولسان يتحدث ويخطب، فأعز ما يقدر عليه الرجل هو تغيير المنكر بالقلب حين ينحني خجلا أو تذكرا، وباللسان حين يرفع الهامة مهددا أو محذرا .

أن بقاء الحزب في الحكم وفق برنامج الدولة العميقة، يدفع بالحزب إلى أن يفقد الكثير من مصداقيته بل قد يفقدها كلها، خاصة وأن دوره ينحصر عندئذ في انقاذ النظام من الإنهيار وزيادة عمره والقيام بتدابير تقشفية لا يتجرؤ أي أحد على القيام بها سوى أعضاء البيجيدي والفضل يعود في ذلك إلى رأسمالهم الرمزي أي مصداقيتهم التي يُتاجر بها اليوم ليس من قبلهم بل من قبل المحرك الأول في الدولة .

أن بقاء ابن كيران وصحبه يروم من جهتهم الاصلاح ما استطاعوا الى ذلك سبيلا، غير أن البقاء في الدوائر الصغرى ومحيط الكبرى، وعدم القدرة على المواجهة الحقيقية للمشاكل الجذرية للبلاد، سيجعلهم يتحولون إلى حكومة تسيير الاعمال، فيتحول الرهان من رهان اجتماعي سياسي عام يروم مجابهة الفساد والاستبداد واقرار العدالة الاجتماعية الشاملة ، الى رهان اداري تنظيمي يروم ادخال آليات الحكامة والحوكمة والنجاعة الادارية طبقا لمواصفات المنظمات المالية الدولية ، وهو الأمر الذي يمكن أن يقوم به كل أحد، لكن الرهان الأصلي في محاربة الفساد والاستبداد، يحتاج إلى نخبة سياسية متخلقة وملتزمة ومسؤولة وليس لها ما تفقد ، بل إن ما يحركها أكبر بكثير مما يدفع بها إلى التراجع أو التخلي عن الشعار المرفوع كأفق تفكير وكحلم حياة .

أن النظام يراهن بشكل كبير على ادماج البيجيدي في المنظومة كخطة تكتيكية وليس كحل أو خيار استراتيجي، واخضاعهم شيئا فشيئا لشبكة مؤثراته ومفاعيله، الأمر الذي يجعل من الصعب عليهم الخروج، بل قد يزين لهم أعمالهم، فيظنون فعلا أنهم قد حققوا شيئا ما، وتأتي الصدمة من حيث لا يحتسبون، إن مكر أولئك شديد، غير أننا نثق أن المبدأ والقيم التي حركت الخطيب وصحبه ليس من السهل المتاجرة بها أو تحوير مسارها، وإذا كان مخططهم يروم الادماج فالاضعاف فالافشال، فإن المخطط المعاكس يجب أن يقوم على الاندماج في المؤسسات بهدف الاصلاح الجذري والشامل وإلا فالاستقالة والرجوع، فليس للحزب ما يخسر ولم يراكم الثروة ليحزن، بل إن ما راكمه هو مصداقيته ومبدئية رجاله في الغالب الأعم، وهي الثروة التي سيفقدها لا محالة إن هو آثر الاستمرار دون أن يرسل اشارات حقيقية على الهم الذي يحركهم والرسالة التي تسوسهم .

وفي الختام ، كثيرا ما طُرح السؤال حول امكانية أن يقدم ابن كيران ورفاقه الاستقالة، فكانت الاجابات مختلفة ومتنوعة ربما بتنوع واختلاف السائل والمسؤول، لكني أؤمن أن الأمر يرتبط بمدى الالتزام بالمقول والسعي لتزمينه بالمفعول، وعندها لن يكون من الصعب الاستقالة، بل الصعب هو مصارحة الشعب بسبب الاستقالة مع ما قد يحمله ذلك من آثار عامة وشاملة .



#المحجوب_لال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن لابن كيران تقديم استقالته فعلا ؟


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المحجوب لال - هل يمكن لابن كيران تقديم استقالته فعلا ؟