أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - ما هى اللغة التى حدث الله بها آدم؟















المزيد.....

ما هى اللغة التى حدث الله بها آدم؟


تامر عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4431 - 2014 / 4 / 22 - 03:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما هى اللغة التى حدث الله بها آدم؟

قبل أن تمتدحنى أو تذمنى .. قبل أن تشتمنى أو تحتفى بى، أرجوك .. أرجوك .. تجرد قليلاً من مشاعرك وحكِّم عقلك فقط. لا أريد منك سوى التفكير بالعقل والمنطق.
تعال على نفسك وفكر ...
* * *
فى تراث الأديان الإبراهيمية، كلم الله النبى موسى عند جبل الطور فى سيناء، وألقى عليه رسالته، وأرسل الله الملك جبريل إلى النبى محمد فى غار حراء ليلقى عليه رسالته.
فى حالة موسى، نحن نعلم أن موسى عبرانى، من سلالة بنى إسرائيل، وأنه قد تربى فى قصر فرعون مصر منذ طفولته. وبذلك، يكون موسى قد تحدث اللغة العبرية، أو اللغة المصرية القديمة، أو اللغتين معاً. على ذلك، يمكننا أن نفهم أن الله قد كلم موسى بإحدى هاتين اللغتين. أما فى حالة محمد، فنحن نعلم أنه عربى، وأنه لم يتكلم فى حياته لغة غيرها، وبالتالى، فإن اللغة التى أنزل بها القرآن هى العربية. وفى الحالتين، فإن الله قد استخدم لغة يعرفها النبيان من قبل، تعلماهما من مجتمعيهما وكانا جاهزين للتواصل بهما بالفعل، ولم يكن من الله إلا أن استخدم اللغة التى يعرفها كل نبى منهما، ولم يعلم أياً منهما لغة جديدة خاصة.
لكن، ما هى اللغة التى تحدث بها الله مع آدم؟ إن قصة آدم مع اللغة قصة مثيرة، أو هى يجب أن تكون كذلك. فهذا المخلوق الجديد، - الذى أراد له الله أن يكون مميزاً عن غيره من المخلوقات بالعقل واللغة - فى الغالب، لم يخلق متحدثاً لغة معينة من تلقاء نفسه، إذ يخبرنا القرآن أن الله قد علم آدم الأسماء: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئونى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين}. وسواء أكانت عملية التعليم الإلهى لآدم تشمل تعليمه اللغة كلها برمتها، أو كانت مقصورة على الأسماء فقط، فإن الذى لا شك فيه هو أنها كانت لغة محددة واضحة، إستطاع بها آدم تحصيل معارفه من الله، ثم نقلها، بدوره، بعد ذلك بالتعليم إلى أبنائه من بعده.
بداية، فإننا يجب أن نستدعى حقيقة على قدر كبير من الأهمية والخطورة، وهى أن (صناعة) لغة بواسطة البشر، وتطويرها لتستوعب أكبر مساحة ممكنة من التفاهم والتواصل، هى عملية صعبة بطيئة، تستغرق مئات الآلاف من السنين حتى تصبح متداولة فى المجتمعات الإنسانية، حسب ما يقطع به علماء الأنثروبولوجى. وهى حقيقة بديهية يمكن إثباتها فى التو لو حاولنا الإستغناء عن أى لغة معروفة فى العالم، بما فيها لغة الإشارة، وحاولنا إختراع أصوات جديدة مستقلة، نطلقها فى وجوه بعضنا البعض للتعبير عن أفكارنا وعن أسماء الأشياء بما فيها المعنوية منها مثل الحق والضمير .. إلخ.
وبالتوازى مع ذلك، فإننا يجب أن نستدعى حقيقة أخرى على نفس القدر من الأهمية والخطورة، وهى أن اللغة الربانية، التى علمها الله لآدم، هى لغة لا تحتاج لهذه القرون المتطاولة من الله لينشئها ويطورها، فالله من شأنه إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، وبالتالى، فإن هذه اللغة الربانية التى علمها الله لآدم، هى لغة (فورية سابقة التجهيز)، تم تحميلها فى دماغ آدم بنفس طريقة تحميل التطبيقات والبرامج فى الكمبيوتر.
السؤال الآن: ما هى تلك اللغة؟ هل هى لغة نعرفها؟ هل هى لغة اندثرت أم أنها لغة حية لا زال بعض الناس يستخدمونها؟ لم تخبرنا الكتب المقدسة أى لغة هى بالتحديد، وإن كان أتباع كل ديانة يميلون إلى (تصور) هذه اللغة باعتبارها لغة الديانة الرسمية لأتباع تلك الديانة. فالمسلمون، على سبيل المثال، يتصورون أن تلك اللغة هى العربية، مسوقين باعتبارات عقائدية وعاطفية تفيد بأن لغة الله ذاته هى اللغة العربية، مستدلين على ذلك بأن أصل النص القرآنى، وهو كلام الله، موجود منذ الأزل فى السماء، فى اللوح المحفوظ، وبالتالى يصح فى نظرهم الإعتقاد بأن لغة الله الأصلية هى العربية، مع إمكانية تحدث الله بكافة اللغات بالطبع بسبب أنه كلى القدرة.
وأياً كانت تلك اللغة التى علمها الله لآدم، فإن تلك اللغة لا تخرج عن احتمالين: الأول أنها لغة حية وموجودة ومستخدمة حتى وقتنا هذا، أو لغة قديمة قد اندثرت.
عندما نفكر فى الإحتمال الأول، وهو أنها لغة حية وموجودة حتى وقتنا هذا، فإنه يحق لنا أن نعجب كيف تأتى للإنسان أن يخترع لغات أخرى غير تلك اللغة الربانية الأصلية؟ كيف استخرج الأفعال والأسماء والدلالات والمشتقات التى تعد فى كل لغة بالملايين؟ إن إختراع اللغة ليس مسألة بسيطة، وإذا أخذنا فى الإعتبار أن الإنسان هو المخلوق الوحيد العاقل، ذو القدرة على استخدام اللغة فى التواصل، وأن الكلام والعقل هما خصيصتان حصريتان ميزه الله بهما عن سائر المخلوقات، فإننا يحق لنا أن ندعى أن إختراع اللغة هو عمل ربانى بامتياز. قد يكون تطوير اللغة مع الزمن مما هو فى قدرة الإنسان، لكن مسألة اختراع لغة من لا شىء مسألة من الصعب جداً ابتلاعها فى ظل تصور أن الله هو الوحيد الجدير والقادر على اختراع لغة جديدة.
إختراع لغة جديدة هى مسألة شديدة الصعوبة، ولا تتأتى فجأة فى المجتمعات، إذ يتعين مرور قرون عديدة على مجتمع ما ليرسخ قواعدها وينشر مفرداتها ودلالاتها بين أبنائه. كما أننا لو افترضنا حدوثها فى ظل وجود لغة أصلية، فإن آلافاً من الأسئلة يحق لها أن تقفز أمامنا على الفور، أولها وأهمها هو: لماذا يضحى الناس بلغة جاهزة لديهم ليقعوا فى مصيدة إختراع لغة جديدة بكل ما تحمله العملية من سوء فهم وبطء فى الإتصال، ناهيك عن عبثية الدافع، إذ أن الأقرب للتصور هو تطوير اللغة القائمة لصالح وبدافع توسيع دائرة الفهم والتفاهم، بينما اختراع لغة جديدة من شأنه أن يحقق العكس تماماً، فيضيق دائرة الفهم والتفاهم ويوسع من دائرة سوء الفهم والخلط.
إذا عدنا إلى الإحتمال الأول، وهو أن اللغة التى حدث الله بها آدم هى لغة حية مستخدمة حتى وقتنا هذا دونما انقطاع، لاستنتجنا على الفور أن هناك مجتمعات قد هجرت تلك اللغة الربانية الأولى، وشرعت فى عملية معقدة لا لزوم لها، بل وتنطوى على خطورة حقيقية، وهى التنازل طواعية عن لغة تفاهم وتواصل موجودة ومتجذرة فى المجتمع لصالح تطوير لغة جديدة، يفترض أن تؤدى إلى نتائج للتواصل والتفاهم أفضل من اللغة الأصلية، وهو الأمر غير المضمون فى ظل اجتهادات البشر بعيداً عن المعرفة الإلهية الكلية التى أنتجت اللغة الأصلية الأولى.
أما إذا حللنا الإحتمال الثانى، وهو أن اللغة التى علمها الله لآدم هى لغة مندثرة، فإن الإشكالية تتضاعف، إذ إن سؤالاً صعباً جديداً يقفز إلى الأذهان: كيف تندثر لغة ربانية، جاهزة ومعجزة، وتختفى فاقدة قيمتها فى التواصل والتفهيم أمام لغة مستحدثة إخترعها الإنسان بغير تلك المعونة الربانية؟
تبقى نقطة أخيرة جديرة بالذكر والرد عليها أيضاً، إذ قد يعتقد البعض أن كافة اللغات ذات أصل واحد، وأن اللغات قد اشتقت تدريجياً من تلك اللغة الأولى، (وهى اللغة الربانية التى علمها الله لآدم)، وهى نظرية صحيحة جزئياً، ولكنها تفسر إشتقاق لغات معينة من لغة أم قديمة، حيث تتشابه اللغات (الأبناء) مع اللغات (الأمهات) بصور متعددة. لكن ينسف هذه النظرية حقائق أنثروبولوجية ولغوية عديدة أثبتت أن اللغات (الأمهات) تختلف عن بعضها إختلافاً جذرياً. فعلى سبيل المثال، تنحدر اللغتان العربية والعبرية من لغة واحدة قديمة هى اللغة السامية، لكن اللغة السامية تختلف بشدة عن الصينية القديمة، إذ بينما تتكون السامية من حروف، تتكون الصينية من كلمات، الأمر الذى يعنى أن المتعلم للغات السامية مثلاً، يتعين عليه معرفة عدد محدود من الحروف التى تشكل الكلمات فى النهاية، بينما المتعلم للغة الصينية بمشتقاتها، يتعين عليه معرفة من 5000 إلى 6000 كلمة (وليس حرف)، يكون بها الجمل ليتحدث لغة سليمة، الأمر الذى يعنى استحالة اشتقاق اللغتين أحدهما من الأخرى.
ويبقى لدينا السؤال لنفكر فيه: ما هى اللغة التى حدث الله بها آدم؟
تعال على نفسك وفكر …



#تامر_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنظر كيف يهدم العقل العلاقات الإنسانية الطيبة؟
- هل نحن حقاً لا نحتاج إلى الأنبياء فى زماننا؟
- نحن .. المكتوب علينا ألا نشهد المعجزات
- هل الدين هو مصدر الأخلاق؟
- هل إختار المعاق عقلياً إعاقته؟
- ما هى الحالة التى يقتل فيها الإنسان إنساناً بدون تأنيب ضمير؟
- لماذا لم تحرم الشريعة الإسلامية الرق؟
- لماذا لم تدون شعوب العالم القديم معجزات الأنبياء؟
- لماذا لم يظهر الأنبياء إلا فى منطقة الشرق الأوسط؟
- لماذا إختار الله أن يعذب العصاة عذاباً جسدياً؟
- فرعون .. المجنى عليه!!
- قبل الإختلاف على حكمها .. ما هو معنى -الردّة-؟
- ألغاز سفينة نوح
- أين يختبىء يأجوج ومأجوج؟
- أخلاق آدم والعصر الحجرى
- دخول العرب مصر .. فتح أم غزو؟
- مشاهد من رحلة الإسراء والعروج
- بأى جيش طارد فرعون موسى؟
- الإسلام أو الجزية أو الحرب .. ثالوث الإختيار الشهير بين العق ...


المزيد.....




- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - ما هى اللغة التى حدث الله بها آدم؟