أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ياسر استانبولي - فشل الربيع العربي و نهاية الإسلام السياسي















المزيد.....

فشل الربيع العربي و نهاية الإسلام السياسي


ياسر استانبولي

الحوار المتمدن-العدد: 4430 - 2014 / 4 / 20 - 21:34
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في الوقت الذي رفعت فيه الثورات العربية شعارات الحرية و الديمقراطية فإنها اليوم باتت أبعد ما تكون عن ذلك فهي إما أنها تحولت إلى صراعات داخلية أو أعادت إنتاج الأنظمة الاستبدادية . لماذا؟ و كيف؟ و إلى أين تتجه الأمور؟
طبعاً الثورات العربية انطلقت من مطالب شعبية و هو أمر لازم في أي ثورة لكن لكي تتحول هذه المطالب إلى قوة قادرة على إسقاط النطام القائم و إقامة حكم بديل فإنها بحاجة إلى حامل سياسي و هذا الحامل في العالم العربي يتمثل في أحد قوتين القوى المدنية أو القوى الإسلامية .
إذن عملياً الصراع السياسي الداخلي الحاصل نتيجة الثورات العربية هو صراع بين ثلاث مكونات :
قوى النظام :
و هي تريد إبقاء الأمور كما هي أو تعتقد أن أي تغيير سيكون نحو الأسوأ و هذه القوى لها شعبية كبيرة باعتبار أن أغلب الناس لا يحبون التغيير أما عنصر قوتها الأساسي فهو أجهزة الاستخبارات التي تتدخل في كل تفاصيل المجتمع إضافةً إلى الجيوش النظامية الضخمة و المدججة بمختلف أنواع الأسلحة لكن الثورة السورية أثبتت أن هذه القوى لا يمكنها الصمود طويلاً أمام القوى الثورية فقد اضطر النظام السوري العلماني للاستعانة بمقاتلين أجانب شيعة يقاتلون في سورية من أجل ظهور المهدي .
القوى المدنية :
وهي تريد أن يكون هناك تعددية سياسية و تداول للسلطة من خلال الانتخابات و هذه القوى هي الحلقة الأضعف في الصراع فليس لها قواعد واسعة داخل المجتمعات العربية لأن قيم الديمقراطية المتمثلة باحترام رأي و حرية الآخر ضعيفة و أحياناً معدومة في العالم العربي كما أن هذه القوى لا تملك مقاتلين على الأرض و ليس لديها إنجازات هامة خلال الفترة الماضية و نستطيع القول بأن هذه القوى مقتصرة على النخب و بعض الشباب الصاعد و قد كان دورها الأبرز في بداية الثورات .
القوى الإسلامية (الإسلام السياسي) :
و هي تريد إقامة حكم إسلامي (خلافة بالنسبة للسنة ، ولاية فقيه بالنسبة للشيعة) و هذه القوى لها قواعد واسعة لكن شعبيتها ليست راسخة كما أثبتت تجربة سقوط الإخوان في مصر و هذه القوى تملك مقاتلين أشداء على الأرض ﴿-;---;--المجاهدون) لذلك فإن صعود هذه القوى على حساب القوى المدنية أمر طبيعي عندما تتحول الثورات إلى صراعات مسلحة خصوصاً أن هذه القوى قد حققت خلال الفترة الماضية العديد مما يعتبر إنجازات :
1) مواجهة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان و إجباره على الانسحاب عام 1989 و من ثم مواجهة الحكومة الموالية له و إسقاطها عام 1992 و إقامة حكم إسلامي .
2) مواجهة إسرائيل في لبنان و إجبارها على الانسحاب عام 2000.
3) مواجهة إسرائيل في غزة و إجبارها على الانسحاب عام 2005.
4) التصدي لإسرائيل في حرب لبنان عام 2006 .
5) التصدي لإسرائيل في حرب غزة عام 2008 .
6) مواجهة أمريكا في العراق و إجبارها على الانسحاب عام 2011 .
7) مواجهة حلف الناتو في أفغانستان و إجباره على إعلان نيته الانسحاب عام 2014 .
8) مهاجمة الدول التي تنتهج سياسات تعتبر معادية للمسلمين في قلب أراضيها .
إذن ونتيجة كل هذه الإنجازات من الطبيعي أن يتصدر الإسلام السياسي الربيع العربي و لعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن الربيع العربي هو ذروة الإسلام السياسي و الذي سيبدأ بعدها بالتراجع و الانحدار كما حصل في مصر و كما سيحصل في سوريا .

صعود الإسلام السياسي :
يتضح مما سبق أن الصراعات و العنف في الشرق الأوسط هما السبب الرئيسي لصعود الإسلام السياسي و في الخمسينات و الستينات كان هناك موجة عارمة من التحرر تجتاح العالم العربي لكنها انتكست نتيجة هزيمة حزيران عام 1967 و ظهرت ما تسمى بالصحوة الإسلامية .
هناك ثلاث أمور أساسية لابد أن نتوقف عندها في صعود الإسلام السياسي :
1﴾-;---;-- إسرائيل :
في الوقت الذي تبنت فيه القوى العلمانية ممثلةً بشكل رئيسي بالقومية العربية خطاباً إعلامياً قوياً و معادياً جداً لإسرائيل إلا أنّ هذا الخطاب في حقيقة الأمر كان بهدف المزاودة و زيادة الشعبية و لم تكن هذه القوى قادرة على تجسيد هذا الخطاب على أرض الواقع فالمجتمع العربي لم يكن قد حصد بعد نتائج العلمانية في التطور الاجتماعي و المعرفي و العلمي و التي تحتاج إلى وقت طويل نسبياً فكان لا يزال مثلاً بحاجة إلى استيراد الأسلحة الحديثة من الدول المتقدمة التي قامت هي بإيجاد إسرائيل و لا يمكن أن تمنح العرب سلاحاً يزيلها و هنا نذكر أن الاتحاد السوفيتي الذي كان يسلّح الجيشين المصري و السوري لمحاربة إسرائيل هو أول دولة اعترفت بإسرائيل عام 1948.
لقد استخدمت الأنظمة القومية خطاب العداء لإسرائيل إلى حد الاستنزاف التاريخي و يبدو أن هذه الأنظمة و في سكرة فرحها بهذا السلاح الرائع الذي يمكنها من حرف نظر الشعب عن أخطائها و عيوبها و حتى فسادها لم تكن تدرك أنها بهذا الخطاب تغذي الفكر المتطرف الذي تحاربه اليوم و أنها تخلق عدوها الداخلي بأيديها و تنجر إلى ميدان صراع ليس في صالحها فهي تملك جيوش نظامية لكن هذه الجيوش لا يعوّل عليها في حرب استنزاف طويلة الأمد و المقاتلون العقائديون الذين تملكهم إضافةً إلى قلّتهم فهم ليسوا بجودة المقاتلين الإسلاميين فربما يكون المقاتل العلماني مستعداً للتضحية لكنه لا يمكن أن يجاري المقاتل الإسلامي الذي يرغب بالتضحية.
نعم لقد وجد مقاتلون علمانيون عقائديون (شيوعيون ، ناصريون، قوميون سوريون................) تأثروا مثلاً بثوار فيتنام الذين هزموا أمريكا و تأثروا مثلاً بتشي غيفاراً و كان لهم دور كبير في مواجهة إسرائيل إلا أنهم لم يستطيعوا الحفاظ على الزخم الكافي للاستمرار في المعركة لأنهم لا يملكون جذور عميقة في المجتمع تمكنهم من التعويض عن الخسائر العددية الكبيرة التي يتكبدونها في مواجهة عدو بقوة اسرائيل إضافة أنه هناك من هؤلاء المقاتلين من انضم لاحقاً إلى فصائل إسلامية ففي ساحات القتال حين يقترب الموت من الإنسان من الطبيعي أن يحتاج الإنسان إلى المشاعر الدينية لذلك في النهاية لم يبقى هناك مقاتلون علمانيون يواجهون اسرائيل و استفرد المقاتلون الإسلاميون بمواجهة اسرائيل و رغم أنهم لا يستطيعون إزالة اسرائيل إلا أنهم استطاعوا بمواجهة اسرائيل زيادة شعبيتهم .
لقد حاولت الأنظمة القومية التغلب على هذه المشكلة بالسيطرة على القوى الإسلامية التي تواجه اسرائيل و تحويلها إلى ورقة سياسية لإسكات الداخل و ابتزاز الخارج كما فعل نظام الأسد بنسختيه الأب و الابن من خلال دعمه ورعايته لما يسمى بالمقاومة و التي هي في حقيقة الأمر عبارة عن حركات إسلامية يحمل أغلب مقاتلوها نفس الفكر الذي يحمله مقاتلو المعارضة الذين يحاربهم اليوم الأسد و حتى حزب الله الذي يقاتل اليوم إلى جانب نظام الأسد سيأتي يوم و يتقاتل مع النظام فمن المؤكد أنه سينشأ بينهما صراع على النفوذ.
إذن القوى العلمانية التي استمرت في جعل العداء لاسرائيل قضيتها المركزية قد ارتكبت خطأَ كبيراً و كان يجب عليها أن تركز على قضايا التنمية و التطور العلمي و الثقافي فهو ميدان قوتها الرئيسي .
ندرك اليوم تماماً عمق النظرة السياسية التي كان يتمتع بها أنور السادات حين قبل بالسلام مع اسرائيل فالدول العربية لم تكن قادرة على إزالة اسرائيل الموجودة بإرادة كل الدول الكبرى و السلام الذي دعا السادات الدول العربية لتقبل به مجتمعة و رفضته وقتها عادت متفرقة و قبلت بما هو أقل منه بعد سنوات .
لقد رفض حافظ الأسد السلام الشامل و العلني مع اسرائيل و فضّل الصفقات الجزئية السرية مع إبقاء حالة لا حرب و لا سلام تعطيه حرية الحركة و المناورة و راح يزاود على السادات و يتهمه بالخيانة و قام من أجل زيادة شعبيته بدعم الحركات الجهادية ضد أعدائه واستمر بشار الأسد بسياسة أبيه في دعم هذه الحركات رغم خطورتها و خطورة فكرها واثقاً من قدرته على السيطرة عليها لكن اليوم تبين أن السادات كان يفكر بمصلحة مصر على حساب مصلحته بينما حافظ الأسد كان يفكر بمصلحته على حساب مصلحة سورية و قد حقق كل منهما هدفه فالسادات قتل و بقيت مصر بشعبها و جيشها و مؤسساتها أما حافظ الأسد فقد استمر بالحكم حتى موته و ورّث الحكم لابنه لكن سورية اليوم تحترق بنيران الفكر المتطرف الذي غذاه هو لقد تدمرت سوريا و تشرد شعبها و تفرق إلى طوائف و ضعف جيشها و انهار اقتصادها و باتت تعيش على المساعدات الخارجية فاقدة السيادة تابعة لحكم الولي الفقيه في إيران .
و قد يقول البعض أن تركيا اختارت السلام الشامل مع اسرائيل لكن في النهاية من صعد للحكم حزب العدالة و التنمية الإسلامي و نقول في تركيا هناك وضع خاص فالحكم العلماني شن حرب شاملة ضد الإسلام حتى الإسلام كعقيدة إيمانية و من الطبيعي أن تنشأ مثل هكذا ردة فعل كما أن حزب العدالة و التنمية حزب إسلامي معتدل بل حتى إن الإسلام بالنسبة له هوية أكثر من كونه برنامج سياسي و الحزب ليس لديه تعصب ضد الأفكار و المذاهب الفكرية الغير إسلامية و لا نعتقد أن هناك مشكلة في مثل هكذا حزب خصوصاً أن الدولة بقيت علمانية يقوم الحكم فيها على مبدأ الانتخابات و تداول السلطة أما في سوريا و التي دعم نظامها الحركات الجهادية ضد اسرائيل فالإسلام الذي صعد فيها هو إسلام أصولي لا يؤمن بالانتخابات متعصب ضد الآخر يريد أن يصادر الفكر و يفرض أفكاره الخاصة كمحاربة الفن و اقتصار العلم على ما يراه نافعاً و تقييد المرأة و تحجيبها بالكامل و حرمانها من التعليم أو تحديد مجال تعليمها .
2﴾-;---;-- الثورة الإيرانية عام 1979:
لقد استطاعت الثورة الإيرانية و من خلال المظاهرات و الإضرابات إسقاط حكم الشاه رغم امتلاكه جيشاً قوياً و ضخما و بذلك شكلت مصدر إلهام لكل القوى الدينية و أكسبتها شعوراً بقوة الإسلام بعد الهزائم و النكسات التي تعرضت لها الأمة تحت الحكم العلماني .
لكن في الوقت الذي أعطت فيه الثورة الإيرانية دفعاً للإسلام السياسي فإنها شكلت شرارة لإشعال صراع إسلامي داخلي يقوم على إحياء أحقاد تاريخية سنية شيعية فقد رفعت الثورة الإيرانية شعار تصدير الثورة و كان هدفها الأول العراق لوجود أكثرية شيعية فيه فاعتبرت النظام الحاكم في العراق كافراً و يجب إسقاطه من أجل تحويل العراق إلى جمهورية إسلامية و هكذا اشتعلت الحرب العراقية الإيرانية و استمرت 8 سنوات دون أن يتمكن أحد من هزيمة الآخر لتنتهي باستنزاف قدرات البلدين و زرع أحقاد طائفية عميقة تكفي لإشعال صراعات أخرى لاحقة كما يحصل الآن في سورية و العراق.
إذن صحيح أن الثورة الإيرانية أعطت دفعاً للإسلام السياسي لكن ما نجم عن هذه الثورة من صراع داخلي إسلامي يدفعنا للاعتقاد بأن الثورة الإيرانية كانت أول محاولة غربية لاحتواء الصحوة الإسلامية السنية الآخذة بالصعود و النمو منذ عام 1967 و تشكيل خط دفاع بالنسبة لإسرائيل ضد هذه الصحوة السنية ﴿-;---;--طبعاً ليس هذا هو السبب الوحيد للثورة الإيرانية﴾-;---;-- هذا من ناحية التحليل أما من ناحية الوقائع فكيف يمكن أن نفسر أن الخميني كان لاجئاً في فرنسا و طوال فترة الثورة الإيرانية ظل يرسل خطاباته الثورية للشعب الايراني من فرنسا و تحت أنظار المخابرات الفرنسية و أكثر من ذلك يعود لإيران على متن طائرة خاصة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية ؟
3﴾-;---;-- سقوط الاتحاد السوفيتي 1991 :
لقد أعطى سقوط الاتحاد السوفيتي زخماً كبيراً للإسلام السياسي فالاتحاد السوفيتي كان يمثل رمز الكفر و الإلحاد فقد أنكر وجود الإله و اعتبر الأديان أفيون الشعوب
الاتحاد السوفيتي وصل لدرجات متقدمة جداً من القوة و التقدم العلمي و قام على نظريات التي تصور أنّ كل الأنظمة الغير شيوعية ما هي إلا مراحل عابرة نحو الوصول إلى الشيوعية لكن ما حصل أن الاتحاد السوفيتي انهار و تبين أن الشيوعية ما هي إلا مرحلة عابرة في البشرية و كان للمجاهدين دور كبير في انهياره من خلال هزيمته في أفغانستان إضافةً إلى عوامل أخرى داخلية لكن بالنسبة للشعوب الإسلامية فقد رأت أن الاتحاد السوفيتي الذي يمثل الكفر انهار نتيجة هزيمته أمام المجاهدين الذين يمثلون الإيمان.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي حصل انهيار جماعي للأحزاب الشيوعية في العالم العربي بل و تحول كثير من منتسبي هذه الأحزاب إلى تيار الإسلام السياسي لذلك نستطيع القول أن انهيار الاتحاد السوفيتي لعب دوراً كبيراً في صعود الإسلام السياسي .

المعركة الدولية ضد المجاهدين :
الذي أفشل المشروع السوفيتي في أفغانستان هم المجاهدون و الذي أفشل المشروع الأمريكي في العراق هم المجاهدون و الذي أفشل المشاريع الاسرائلية في فلسطين و لبنان هم المجاهدون و الذي أفشل مشروع الناتو في أفغانستان هم المجاهدون و طبعاً دائما كان يوجد من وراء هؤلاء المجاهدين دول داعمة لكن مانراه اليوم في سوريا أن هناك إجماع دولي على تصفية الظاهرة الجهادية .
إذن جميع الدول الكبرى ترغب بالانتقام من المجاهدين أما ما جعل هذه الدول تضع الحرب ضد المجاهدين في قمة أولوياتها فهو الخطأ الفادح الذي ارتكبه المجاهدون و المتمثل بتنفيذ عمليات إرهابية في داخل هذه الدول و التي تشكل أحداث 11 أيلول قمتها .

العمليات الإرهابية:
لقد نُفذت عمليات إرهابية من قبل مجاهدين في كل أنحاء العالم و استهدفت محطات نقل , مدارس ، مشافي ، مطارات ، أماكن عامة و لم تسلم حتى الدول الإسلامية من هذه العمليات لذلك نستطيع القول أن المجاهدين لم يتركوا لهم أي صديق و استعدوا كل العالم عليهم .
لقد بررت القاعدة استهدافها للمدنيين في أوربا و أمريكا بأنهم ينتخبون حكومات معادية للمسلمين .
لقد أعلنت القاعدة الحرب على أمريكا ﴿-;---;--الصليبية﴾-;---;-- و دعت إلى قتل الأمريكيين أينما وجدوا.

أحداث 11 أيلول 2001:
الولايات المتحدة الأمريكية تهاجم في قلب أراضيها من قبل مجاهدين و يقتل 3000 من مواطنيها.
أمريكا لم تتعرض لمثل هكذا هجوم حتى في الحرب العالمية الثانية و من مقبل من؟ من قبل حليف سابق أسامة بن لادن التي قامت هي بدعمه ضد الاتحاد السوفيتي .
لقد شكلت هذه الأحداث صدمة كبيرة بالنسبة لأمريكا فقد رأت أن استراتيجيتها في دعم الأنظمة الاستبدادية من أجل الاستقرار قد فشلت لذلك قررت إعادة تشكيل الشرق الأوسط بحيث لا يخرج منه في يوم من الأيام ما يمكن أن يشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي لذلك قررت اجتياح الشرق الأوسط من بوابته الشرقية المنهكة المتمثلة بالعراق و تنفيذ مشروع نشر الديمقراطية .

مشروع نشر الديمقراطية:
أمريكا نجحت في تحويل اليابان و ألمانيا الغربية و كوريا الجنوبية إلى دول ديمقراطية صديقة و متطورة و هذا كان أحد أهدافها في العراق لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في ذلك بل تكبدت خسائر بشرية و مالية كبيرة.
إضافةً إلى الاختلافات الثقافية العميقة بين العراق و أمريكا فإن المجاهدين المدعومين من دول الجوار و بالتحديد سوريا لعبوا الدور الرئيسي في إفشال أمريكا في العراق .
لقد رأى نظام الأسد في نجاح الديمقراطية في العراق تهديداً لحكمه و لم يكن أمامه إلا خيارين الأول البدء بإصلاحات داخلية تلغي احتكار السلطة و الثاني إفشال مشروع الديمقراطية الأمريكية في العراق و قد اختار نظام الأسد الخيار الثاني فبدأ بتسهيل دخول المجاهدين من كل العالم إلى العراق عبر حدوده و قدم لهم الغطاء السياسي المتمثل بوصفهم بالمقاومة و كان يرد على كل الدعوات الأمريكية لضبط الحدود بأن أمريكا رغم كل تقدمها العلمي لا تستطيع ضبط حدودها مع المكسيك .
لقد كانت فكرة استخدام المجاهدين لإفشال أمريكا في العراق فكرة ذكية من الأسد أكسبته نفوذاً وشعبية فهو استطاع بذلك أن يتجنب عملية غزو أمريكي محتمل و هو يدرك تماماً أن جيشه لا يستطيع الصمود في حرب نظامية مع الجيش الأمريكي لأكثر من أسابيع لكن ما لم يكن في حساب الأسد على ما يبدو أن أميركا ستنجح في إعادة توجيه المجاهدين ليقاتلوا ضده هو ما حصل في الثورة السورية فالنظام الآن يكتوي بالنار التي كوى بها أميركا .

مشروع الفوضى الخلاقة :
و هو المشروع الذي أعلنت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية كوندريزا رايس عام 2005 و يبدو أنها قد بدأت بتنفيذه من خلال ثورات الربيع العربي .
فأمريكا أدركت و بعد تجربتها في العراق أنها غير قادرة على تحقيق مشروعها في الشرق الأوسط من خلال التدخل العسكري لذلك بدأت بتنفيذ المشروع البديل المتمثل بالفوضى الخلاقة.
لقد نجحت أمريكا في إحداث حرب فوضوية جداً في سورية ونجحت في زج كل أعدائها في هذه الحرب و عملت على الحفاظ على حالة من التوازن في هذا الصراع حتى تستزف جميع القوى المشاركة في هذا الصراع قدراتها لتصبح المنطقة بعدها في حالة فراغ سياسي و عسكري و مستعدة لتقبل أي مشروع دون مقاومة و عندها يتم إعادة تشكيل المنطقة بما يتلاءم و مصالح الدول الكبرى .
كما قلنا القوة الوحيدة القادرة على التصدي لأي غزو أجنبي هم المجاهدون و ليست الجيوش النظامية لكن المجاهدين اليوم زُجّ بهم في صراع داخلي ضد بعضهم البعض ﴿-;---;--المجاهدون السنة و المجاهدون الشيعة _ داعش و باقي الفصائل الجهادية في سورية﴾-;---;-- إضافة إلى صراع مع جيوشهم النظامية و من يدفع الثمن الباهظ لهذا الصراع هم الشعب الذين سيكرهون الجهاد و المجاهدين كما أن المشروع السياسي للمجاهدين و قوى الإسلام السياسي عموماً و المتمثل بإعادة الخلافة لا يحمل النضج السياسي الكافي ليكون مشروعاً واقعياً و نزوله إلى أرض الواقع لا يعني فشله فقط بل يهدد باستئصال الظاهرة الجهادية بالكامل و التي كان من الممكن أن يحافظ عليها لتكون سلاح دفاعي بيد الدول العربية .
و الغريب في الموضوع أن بشار الأسد أدرك منذ بداية الأزمة أن هناك مؤامرة تختبئ خلف الاحتجاجات لكن ما قام به منذ بداية الأزمة و حتى الآن بوعي أو بدون وعي هو تنفيذ دوره في المؤامرة و المثير للضحك أن كل الذين كانوا ينظرون و يتحدثون عن المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط و يحذرون من خطورته و يدعون أنهم يشكلون الحائط الصلب في مواجهة هذا المشروع هم أبطاله اليوم .



#ياسر_استانبولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ياسر استانبولي - فشل الربيع العربي و نهاية الإسلام السياسي