أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (د):















المزيد.....



سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (د):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4428 - 2014 / 4 / 18 - 23:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فواتح السور (الحروف المقطعة)، آيات الله البينات المحكمات IV:

يقول الله تعالى سورة آل عمران: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ - مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ - « هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ » وَ « أُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ » ..... فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ « فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ » - وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا « اللَّهُ » وَ « الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » - يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا - وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ 7). صدق الله العظيم.

حتى الآن ناقشنا عدد من الإفتراءات والإجتهادات التي دارت حول فواتح بعض السور من (الحروف المقطعة)، عبر التحليل والبراهين العلمية والأدلة المادية والموضوعية والمنطقية، من خلال المواضيع التالية:

(I): تصحيح المفاهيم الخاطئة عن اللغة العربية:
(II): الحروف المقطعة في القرآن الكريم:
(III): فرية حساب الجمل:
تجدونها في الرابط (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=410485).

(IV): المغالاة في الإعجاز العددي:
(V): تعريف المحكم والمتشابه جاءت فيه أقوال:
تجدونها في الرابط (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=410609).

الآن نواصل تحليلنا لعدد وأنواع أخرى من الشبهات والإفتراءات التي تجنى بها أصحابها على هذه الآيات البينات المحكمات النيرات، فيما يلي:

(VI): شبهة الكلام العاطل:
أطلق المستشرقون وأعداء الإسلام على هذه الحروف المقطعة كلاماً مجحفاً بوصفوها بأنها "كلام عاطل"، لا معنى له ولا دور. وقد حاول بعض المجتهدين الدفاع عن هذه الآيات ورد الشبهة عنها ولكن للأسف بأدوات غير مناسبة، وقدرات ضعيفة وتبريرات فاترة تتراجع كثيراً عن حجم الشبهة الآثمة، والغاية الخفية التي يسعى إليها هؤلاء الشياطين ظناً منهم أنهم سيحققون مسعاعم في نهاية المطاف إن عاجلاً أم آجلاً.

والشيء الذي كان مشجعاً لهم ومحفز هو شدة غفلة الكثير من المسلمين، وإنشغال الذين أوكل إليهم الأمر بمصالحهم الشخصية وأهوائهم ومغالبتهم لحطام الدنيا، بعد أن أصابهم الوهن. فأوهموا الناس بأنهم حماة للدين والشريعة وأنهم يتمتعون باليقظة التامة ويملكون ناصية العلم والقدرة اللازمين، ولكن إتضح فيما بعد أنهم "منسأة سليمان"، فكثر التشكك في كل شيء، فما أن تفتح كتاب تجد تلك العبارة الصادمة المهيمنة على كل النصوص التب بداخله، الا وهي قولهم: (إختلف العلماء)، ويأتيك صوت نشاذ من آخر النفق يقول له "بغباء" إختلاف العلماء رحمة.

قال تعالى في سورة الأنفال: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ 46), وقال عن الكافرين في سورة الحشر: (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ-;---;-- ذَٰ-;---;--لِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ 14). أبعد كل هذا البيان يوصف بالعقل من يعتبر إختلاف العلماء رحمة؟ وقد رأينا كيف قتل المسلمون الأبرياء بالآلاف في ليلة واحدة ليلاء بفتوى غيبية ظالمة من جهلاء ينتمون إلى العلماء، كل ذنبهم أنهم مخلصون لله تعالى.

فزادوا هؤلاء المجتهدون بذلك الضعف الطين بلة لأن دفاعهم الذي جادوا به لم يكن مقنعاً بما فيه الكفاية حتى لهم أنفسهم، فكيف يكون ذلك أداةً قويةً، كافيةً لمحاجة وإفحام ألمتربصين بهذا الدين وكتابه الكريم، وهم أهل لغة وبلاغة وملكة مشهودة بلغة القرآن الكريم، ما لم يكن الرد عليهم بالقوة الكافية لزجرهم وإسكاتهم إن لم يكن إقناعهم بالبينة؟

سنناقش فيما يلي بعضاً من هذه الردود التي إجتهد فيها المخلصون لهذا الدين ولكن للأسف لم يكن ذلك بالحسم القاطع الذي تتضمنه تلك الآيات البينات من الحروف "المقطعة" المنيرة التي جاءت في فواتح بعض السور الكريمة.

فيرى بعضم،، أن هذه الحروف المقطعة، قد فهمت منها الأمة، التى أُنزل عليها القرآن بلغتها العريقة، أكثر من عشرين معنىً، وما تزال الدراسات القرآنية الحديثة تضيف جديداً إلى تلك المعانى التى رصدها الأقدمون فلو كانت "عاطلة" كما يدعى خصوم الإسلام، ما فهم منها أحد معنى واحداً.

ولكننا ، نرد على هذه الجزئية من رأيهم بالملاحظات التالي:
أولاً: الخصوم المتربصون طلبوا من علماء المسلمين ببساطة إثبات أن هذه الحروف المقطعة في القرآن الكريم ليست "كلاماً عاطلاً" وإنما هي ذات معنى يرقى إلى قدرها، بحكم وضعها وورودها بالقرآن الكريم الذي يعرفون قدره، ولكن للأسف لم تكن ردودهم مقنعة حتى لهم أنفسهم، فالتبرير ليس له قيمة، بل على العكس يؤكد أن المعاني التي يتحدثون عنها كلها غير مقنعه لهم فكيف سيقنعون بها غيرهم؟

أما أن يتضمن الرد عليهم ما فهمته أمة القرآن لأكثر من عشرين معنىً، هذا لا يقوي الحجة عليهم بل يضعفها أكثر، لأن كل ذلك غير مقبول من الكثيرين من علماء هذه الأمة، فكيف يقنع من يتوقع إجابة أكبر من ذلك بكثير، بل حتى الأجوبة المقنعة لن يقبلها هؤلاء المتربصين منهم بل سيمارون فيها ويحاجون ويجادلون، لأن غايتهم التعجيز والإفشال والتهكم، حتى لو كان ذلك على حساب الحق والحقيقة التي لا تعنيهم في شيء،

ثانياً: وقولهم إن موضوع هذه الحروف المقطعة لا يزال مطروحاً للدراسة وإضافة الجديد، أيضاً هذا دليل على أن أغلب تلك المعاني إن لم تكن كلها ليست في قوة وقيمة وقدر تلك الحروف المقطعة التي إما أن تكون آيةً قائمة بذاتها وفي فاتحة السورة، أو أن تكون جزءً من آية تتصدرها،، فهذه القيمة العالية التي أولاها الله تعالى لها لا تنسجم مع تلك المعاني السطحية التي توصلوا إليها حتى الآن، ومن البديهي أن لا تقنع مناظراً أو مجادلاً عادياً بسيطاً،

فكيف يكون الحال مع ذلك الخصم المتربص المتخصص في المراوغة والتحايل والتحريف، من مردة المكذبين الضالين المضلين الذين أعدوا قنوات تلفزيونية خصصت كل بثها المواصل بمعدل (7 ×24)، لمحاربة الإسلام والقرآن والمسلمين مثل قناة الحياة التي يطل منها كبرائهم أمثال زكريا بطرس ورشيد المغربي ومن على شاكلتهم، ليبثوا منها الأكاديب التي لا يصدقها حتى مريديها ولكنها ترضي نفوسهم المريضة العدائية لكل ما هو في خير البشرية وسلامها، هذا بالإضافة إلى مواقع كثيرة تنحى نفس المنحى.

فما فُهم حتى الآن ليس كافياً للرد، وعليه،، فإن هذه الردود إلى الآن أخفقت تماماً في رد الشبهة الكبيرة والخطيرة عن تلك الحروف المقطعة، يجب أن يسلم أصحابها بهذه الحقيقة المؤلمة حتى يعدوا أنفسنا للمزيد من التدبر الجاد،، وقد شعر العدو المتربص بذلك فسال لعابه وبرزت أنيابه وظن أنه قد قلب الطاولة على المسلمين،، ولكن هيهات، فهيهات .... ثم هيهات.

وإعتبر البعض أن "يس" و "طه" ليستا ضمن الآيات ذات الحروف المقطعة،، لذا قرر إستبعادها عن مجموعة هذه الآيات،، وباستبعاد هاتين السورتين "طه" و "يس" من السور التسع والعشرين تُصبح هذه السور سبعة وعشرين سورة ، منها سورة الشورى، التى ذكرت فيها هذه الحروف المقطعة مرتين هكذا: "حم ، عسق " فيكون عدد الآيات موضوع هذه الملاحظة ثمانى وعشرين آية فى القرآن كله، وحيث أن عدد آيات القرآن الكريم كلها يبلغ (6,236 آية)، يقول صاحب الفكرة: فكيف ينطبق وصف ثمانٍ وعشرين آية على (6,208 آية ؟)،، فكأنما بهذه الفكرة الساذجة قد إستسلم وقبل الشبهة، لذا رأى أن يقللها بعض الشيء إن إستطاع "عبر التحايل" لذلك سبيلا،، فأراد أن يكحلها عماها.

وهنا لنا بعض الملاحظات:
أولاً: قول هذا المدافع: (("لو جارينا المتحاملين، لوجدنا شططاً في إتهامهم القرآن كله))،،،" فهذا يزيد من الضعف والإستسلام لذلك ألإتهام وتلك الفرية، لأن الشطط وإتهام القرآن كله بأنه "كلام عاطل" هو غاية هؤلاء المتحاملين، فلا أظنهم يكترثون بما يقع على خصمهم من الهزيمة والإنكسار، فأين دفاعكم؟ وأنتم تملكونه حقيقةً ولكنكم لم تستعملوه في ردكم المنتظر بعد؟؟؟

ثانياً: إستبعاد "يس" و "طه" والجزم على أنهما إسمان للنبي صلى الله عليه وسلم، لتقليل عدد السور من (29) سورة إلى (27)،، هذا كلام مبني على أساس باطل، من قال إنَّ "يس" أو "طه"، هي إسم للنبي الكريم؟ ..... فهل ورد بالقرآن الكريم مثلاً (يس رسول الله،، أو طله رسول الله)؟؟؟ وهل ورد في السنة أن جبريل عليه السلام قال للنبي "يا يس، أو يا طه"؟؟؟ ..... وهل أحد من الصحابة قال للنبي "يا رسول الله يس،، أو يا رسول الله طه"؟؟؟.

كل هذه الإفتراءات جاءت من الذين إعتبروا قوله تعالى: (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين...), وقوله: (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ...). فلم يجدوا لها مخرجاً سوى إعتبارها أسماء، ولأنم أن يكون ما بعدها خبر وبالتالي لم يحتبروا هذا الإسم مبتدأ،، فأقرب حل لهم هو أن يعتبروه "منادى"، جذفت منه أداة النداء بإعتبارها (يا يس...) و (يا طه ...). ولكن هل يصح غير الصحيح ؟؟؟

فإن كانت إسماً لكتبت "ياسين" كما تكتب دائماً في إستعمالها كإسم لشخص ما، والأمر ينسحب أيضا على "طه"، على أقل تقدير كان ينبغي عليكم أن تتحسبوا (أن فيهما خلاف وترجيح رأي من إعتبرها حروف أكبر)،

ثالثاً: لم يثبت أن نادى الله تعالى أي من أنبيائه ورسله بإسمه مجرداً من أداة النداء "يا" ، فهو مثلاً لم يقل (موسى ، عيسى ، زكريا ، آدم ، نوح ...) وإنما يناديهم بقوله (ياموسى ، يا عيسى ... يا آدم) ، حتى رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لم يذكره الله بإسمه دون لقب نبي أو رسول مثلا (محمد رسول الله والذين آمنوا معه...)، و (يا أيها النبي ...)، و (يا أيها الرسول...) وقفاً عليه دون سواه من الأنبياء والرسل، فالكلام عن حذف "ياء" النداء لا يمكن إقامة الحجة عليه لغوياً أو تعبيرياً،

رابعاً: الضمير في قوله تعالى ( مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ-;---;-- 2)، يعود على المخاطب "محمد" ولا يعود على "طه" لأنها حروف وليست إسم، وذلك ينسحب على المخاطب "محمد" في قوله تعالى ﴿-;---;-- إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ 3﴾-;---;-- وليس على "يس" لنفس السبب السابق، وسنثبت صحة ذلك لاحقاً بالدليل إن شاء الله تعالى،

خامساً: إن مجرد وضع نسبة لهذه الآيات التي عدها "27" آية ومقارنتها بعدد آيات القرآن الكريم بأكملها والبالغ عددها (6,208 آية)،، بإعتبارها نسبة بسيطة هو إعتراف ضمني منكم بأنكم قد قبلتم فكرة كونها "كلام عاطل" ولكنها قليلة قياساً بباقي آيات القرآن، وهذا يعتبر إنهزام مخزي لا يليق السكون عنه، لأن آية واحدة فقط من هذا الكتاب الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لو ثبت أنها "كلام عاطل" لجاز منطقياً أن يشكك في الكتاب الكريم المحكم بأكمله، وأمثال هؤلاء المهزومين هم الذين شجعوا أعداء القرآن على التجرؤ عليه ويشيرون إلى أقوالهم ومراجعهم إن كانت كتب تفسير أو سيرة أو فقه، أو تاريخ.

سادساً: الإحتجاج بأن نظم آيات القرآن الكريم من نفس حروف اللغة التي يتقنها من تحداهم الله بأن يأتو ولو بسورة واحدة من مثله فعجزوا عن ذلك لا يصلح للإحتجاج به في حالة مثل هذه الشبهة بالذات، ولكنها حجة قائمة ومعجزة بالنسبة لآيات الكتاب الكريم بأكملها، بالإضافة إلى الآيات ذات الحروف المقطعة بشرط أن يتمكن علماء المسلمين من بيان الإعجاز الحقيقي المقنع لهم ولغيرهم فيها فهي في ذلك أقوى من غيرها أو مثلها ولكنها ليست بالمعاني التي توصلوا إليها في الغالب يقول تعالى في سورة هود: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ « قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ » وَ « ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ » - إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 13) ، ( فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ « فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَن لَّا إِلَٰ-;---;--هَ إِلَّا هُوَ » - فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ؟؟؟ 14﴾-;---;-- ، فالشبهة هنا لم تكن في الكتاب كله وإنما كانت قصراً على "الحروف المقطعة" فقط لا غير،

سابعاً: القول بأن هذه الحروف المقطعة "المضيئة" إنما هي أدوات صوتية مثيرة لإنتباه السامعين ،،، الخ، أو أنها "قرع عصى" وما إلى ذلك، لا يمكن أن يقبل في هذا المقام رداً مقنعاً أو مقبولاً لسبب بسيط، إن كانت كذلك فلماذا خلت منها سورة الفاتحة "فهي الأولى" وكذلك باقي السور الأخرى ؟ ولماذا لم تشمل كل الحروف الهجائية والإكتفاء فقط بنصفها ؟ ،، هذه الحجة لا تقنعنا نحن فكيف نقنع بها من يحصي علينا أنفاسنا ويقيس كل رد أو كلمة من رد بميزان الذهب؟ أليست الآية الكريمة (ذَٰ-;---;--لِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ - « فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ » 2﴾-;---;-- أكثر قرعاً وتنبيها للسامعين حتى من ﴿-;---;-- الم 1﴾-;---;-- "كمجرد حروف طبعاً وليست كآية بينة" ؟ ، فالمعيار هنا يختلف تماماً ، يقول تعالى (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ « فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا » لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 204﴾-;---;--،

ثامناً: إن رأي الإمام الزمخشري "أكرمه الله" من حيث أن هذه الحروف "سراً دقيقاً من أسرار الإعجاز القرآني المفحم" مقبول من هذه الزاوية، ويمكن الرد به على المتربصين ولكن ينقصه إقامة الدليل على ذلك ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بالغوص إلى أعمق أعماق هذه السور الكريمة لإستخراج تلك اللآلي من جوفها، وهي موجودة، وشامخة، وتتضمن الرد المفحم حقيقةً.

أما الحديث عن صفات الحروف من حيث: (الهمس ، والجهارة ، والشدة، والرخاوة، والإنطباق، والإنفتاح، والإستعلاء، والإنخفاض، والقلقلة،،،الخ)، على درجتها العالية من الإعجاز من حيث التناسب بين المذكور والمتروك، إلا أنها ليست معنية هنا بالتحديد في مسألة مقارعة الشبهة الخطيرة، والتي لا تزال قائمة بالنسبة لكل هؤلاء المجتهدين، ومعلقة لأنهم للأسف ولم يحسموا أمرها بعد،

تاسعاً: القول بأن خصوم الإسلام ما كان ليتركوا هذه الشبهة تمر بسلام لو وجدوا فيها ما يدل على أنها "كلام عاطل" وهم المشهود لهم بالفصاحة والبلاغة والمهارة في البيان،،، الخ،،

ولكن الرد المنطقي والبدهي على هذا التساؤل بسيط، وهو أن الكم الهائل من الآيات البينات المبينات والكونيات التي أزهلتهم بصدقها وإعجازها وإحكامها لم يترك لهم الفرصة في أن يفهموا "كأميين" ما كان قد فهمه أهل الكتاب من نصارى ويهود "لأنهم أهل كتاب"، وما فهموها هم ولم يفهمها غيرهم ، فكان ما بين "الفاتحة" و "الناس" علم غزير يلزمه أعمار مع أعمارهم حتى يدرسوا ويفهموا ويستوعبوا فقط الظاهر منه، فكيف لهم أن ينشغلوا بهذه الحروف المقطعة التي عجز عن فهمها كثير من العلماء المعنيين بها (او حجبت عنهم لغاية الله اعلم بها)، على كثرة سعيهم وإجتهادهم إلى يومنا هذا؟

إذاً,, هذه الشبهات من البديهي أن تظهر في عصرنا هذا،، عصر العلم، وتقنية المعلوماتية، وبعد أن تفنن المستشرقون في تنوع وسائل البحث والتنقيب بين آيات هذا القرآن إتباعاً لما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله،، ثم تلاهم سفهاءهم المتعلمنين الجهلاء في ذلك، في عصر العلم والمعلوماتية والإحتكام إلى التحليل والبيان، العصر الذي كثر فيه أعداء الإسلام وعظمت محاصرتهم له ومحاولة هدمه من داخله لصرف الناس عنه لإدراكهم بعظم خطره على كشف توجهاتهم المجرمة الظالمة ومقارعته لهم بالحجج القوية الراسخة التي تعمل على توعية الناس وتحذيرهم منهم،

عاشراً: إنَّ طعن الكافرين في القرآن كله أيسر عليهم بكثير من الطعن في جزئية أو آية منه، لأنهم يعرفون أنه الحق من ربهم، لذا بالطعنهم في القرآن ورفضه بالكامل يوفر لهم فرصة إغلاق باب الحوار فيه وفي آياته إبتداءً، فلا يدخلون في ورطة العجز عن إيجاد حجة منطقية للرفض أو التكذيب، أما الطعن في ما تشابه منه يكون أيسر عليهم، والله أعلم.

أما الطاعنون الجدد ، فقد وجدوا فرصتهم في ضعف وتشتت المسلمين وإختلافهم المتنامي في الصغيرة قبل الكبيرة، وترددهم في الإتفاق حول كثير من المسائل وتحكيم الأهواء وتنشيط آفة التدابر والتحاسد إلا من رحم ربك فانقضَّ عليهم أعدائهم ورموهم بسهم واحد، وأتوهم من حيث ضعفهم ذلك فهانوا في أعينهم وأمعنوا في إزكاء نار الفرقة بينهم، فهذا الكيد يكفيهم لشغل أهل هذا الدين في أنفسهم حتى لا يتمكنون من تفعيل كل ملكاته وقدراتة التي يعرفون أنها ستقضي على توجهاتهم الشيطانية الآثمة، لأنهم بإختصار يبغونها عوجاً.

(VII): الطامة الكبرى – القرآن ومحاولة تحريف وسرقة القرآن الكريم:

فرية الهيروغليفية وتفسير الحروف المقطعة في القرآن الكريم:
هناك قول حول الحروف المقطعة بفواتيح بعض سور القرآن الكريم أغرب من الخيال لكاتب مصري درس اللغة المصرية القديمة، وتخصص فيها، فأراد أن يجرب قدراته فيها، فلم يجد أمامه سوى القرآن الكريم، فقرر سرقته والإستحواذ عليه بالتحايل والتزوير والإفتراء، فقام بتفنيد آراء العلماء حول هذه الآيات البينات، فوجد الفرصة متاحة أمامه فإتبع نفس منهجية زكريا بطرس الذي إدعى هذه الآيات للنصرانية،، فقال عن العلماء والمجتهدين وما يلي:
1. فمِن قائل بأن هذه الحروف هي أسماء الحروف الهجائية،
2. وآخر يقول: إنها أسماء للسور،
3. وثالث يقول: إنها إعجاز على أنها حروف الكلام ،
4. ورابع يقول إنها أسماء الله تعالى،
5. وخامس يذكر لنا أنها اختصار ومفتاح لأسماء،
6. وسادس يقول بانها أقسام،،،
ومن ثم،، فهو يرى أن كل هذه الآراء غير صحيحة، ونحن نؤيده في ذلك. ولكنه قال كلمة حق ستقود إلى باطل "إن كان ذلك بقصد أو غير ذلك".

غريب أن نرى الخيال الجامع يصل بصاحبه حد الخروج من دائرة المنطق والعقل إلى فضاء التكهناك والتخاريف الفسيح ويركب موجة الإفتراضات التي لا يستقيم لها عقل ولا يقبلها منطق. والأغرب من كل ذلك أن يرى صاحبها أنها "فتح من الله عليه" وفضل،، ولحسن الحص أن الله صرفه من أن يدعي بأنها "فتح له من الله"، إلى قوله (فتح عليه من الله).

فهو، عبر هذه الإفتراضات الغريبة الشاذة، يرى الآيات الكريمات التي تكونها "الحروف المقطعة" في مطالع بعض سور القرآن الكريم أنها « ليست حروفاً من حروف المعجم » و « إنما تشابه البعض منها ». ويرى بناءً على هذه الفرضية ان حروف المعجم عددها يبلغ 28 حرفاً بل وربما 29، ثم يقارنها بتلك الحروف التي ذكرت في أوائل السور والتي لا يزيد عددها على 14 حرفا. بل ويرى أن "ألم" قد تشابهت مع الألف واللام والميم العربية في شكلها ونطقها ولكن "ألر" يتشابه فيها الألف واللام، أما الحرف "ر" ينطق في القراءات مفتوحاً ولا ينطق "راء" ، فهذا بالنسبة له دليل على أن هذه الحروف ليست عربية.

يواصل إستنتاجاته على أساس هذه الفرضية المدعاة، ويحاول إيجاد دليل على صدقها بقوله في الآية البينة ( كهيعص) (أن حرف "الكاف" الذي إعتبره غير عربي، يتشابه مع الكاف العربي "مجرد تشابه"، ويرى أن الحروف "ه ي ع" (وقد كتبها في بحثه هكذا "هيع") ، أنها لا تتشابه مع حروف المعجم، وبرر ذلك الإستنتاج الغريب الشاذ الفارغ بقوله (أنها تقرأ "هاي عيين")، ويدعي بأن (هذا ليس النطق الصحيح للهاء والعين) مما يدل بوضوح طبعاً أن هذا التصور أبعد ما يكون عن المنطق والواقع والحقيقة، ويتضارب مباشرة مع قوله تعالى (قرآناً عربياً غير ذي عوج) ، ومع قوله (بلسان عربي مبين)، ولكن الذي لاحظناه أنه غير معني بقول الله تعالى في هذا الموضوع، وقد أغلق عليه تماماً.

واصل إستنتاجاته تلك بحثا عن المزيد من المبرر لرسوخ الفكرة والإعتقاد الجازم لديه بأن هذه الحروف المقطعة ليست من المعجم بمعنى (أنها ليست أحرفاً عربية في الأصل ولكنها "كما يدعي" تشبهها فقط لأنها من اللغة المصرية القديمة وهي الهيروغليفية). فيقول في (طه) إنها أيضاً ليست حروف الهجاء (طاء، هاء) ، وأن ﴿-;---;--طس﴾-;---;-- أيضاً ليست (طاء، سين)، وواصل إدعاءه وتخريفه بأن (يس) كذلك ليست الحروف العربية (ياء ، سين)، وإنما هي ( ياسين) حسب رأيه وقراءته لها.

هذا منهج أغرب من الخيال ولا يمكن أن يستقيم معه عقل أو تقام عليه حجة، فقد أخرج القرآن كله من عربيته وروحه ومنهجه، وأخرجه من إحكامه ولسانه المبين ولا حول ولا قوة إلَّا بالله. وليعلم الذيب، أن هذا الشخص لو كان في تل أبيب، وقال ما قاله في التلمود لرجم بالحجارة حتى الموت بحد التجديف.

واصل المدعي في منهجه ذاك فيقول أيضاً في الآية الكريمة (حم عسق)، إن (حم ...) لو كانت من حروف الهجاء لنطقت (حاء ميم)، وإن (... عسق) تقرأ عيين سين قاف.
لم يكتفي بهذا الخراب والتخريب في منهج قرأة القرآن الكريم وتجاوز علم التجويد والنطق السليم للحروف الهجائية وبلاغة التركيب اللغوي المتفرد والمعجز للقرآن الكريم.

خاض أيضاً في علم النحو والإعراب فبان أنه أيضاً يفتقر إلى الملكة الكافية ليبرهن به ويؤيد فكرته الغريبة فادعى بأن هذه الحروف غير عربية "من ناحية إعرابها" بقوله: (فنحن لا نرى في القراءات أي تنوين لها، فلو كانت هي من حروف الهجاء لنونت مثلا ولقلنا : بدلا من "ألف، لام، ميم" ، "ألفٌ , لامٌ , ميمٌ" بالتنوين، وهذا ليس الحال هنا كما يقول وعلى هذا فهي في رأيه ليست حروف الهجاء ولا هي أسماؤها.

ونسي تماماً أو تناسى أو قد يكون لا يعلم في الأصل أن "التنوين" من علامات الأسم" في اللغة العربية وليس من علامات الحروف أساساً والتي تلزم البناء دائماً، كما أن الحرف في النحو هو "ما لا يظهر معناه إلا مع غيره" وموقف اللغة من هذه هو "البناء" وليس الإعراب،، كما هو معروف، وكما هو معروف, كما أنه ليس كل معرب يكون منوناً فهناك أقسام عديدة من الأفعال المعربة والمبنية ، ومن الأسماء المعربة ولكنها لا تنون وهناك أسماء معربة ولكن لا تظهر عليها حركات الإعراب.

فالحرف "ل" ينطق "لَاْمْ" وليس "لَاْمٌ" كما يدعي وكذلك الحال بالنسبة للحرفين "أ" و "م"، ينطقان "أَلِفْ" وليس "اَلِفٌ"، و "مِيْمْ"، وليس "مِيْمٌ",, وكذلك كل أسماء حروف الهجاء. فهو إذاَ يفتري الكذب ويصدق نفسه ويسعى لتضليل الناس بضلاله.

ثم يواصل إدعاءه فيقول ((ولمن يقولون إنها "يقصد الحروف المقطعة" وردت لتدل على إعجاز، فإننا نقول لهم: من ناحية انها إعجاز فهي وللحق كذلك، ولكن ليس لأنها حروف الهجاء بل لأسباب أخرى سنعرض لها خلال البحث)) .... ولو لا أنه يدخرها للهيروغليفية لأنكر إعجازها.

فيواصل إدعائه قائلاً ((نقول بعد كل هذا: إن النظرية التي تعتبر هذه الرموز حروفا قد بدأت تضعف وتتهاوى، بل إن الافتراضات التي تحيلنا إلى أشياء غيبية أخذت الآن في الوهن والانحسار، لا لشيء إلا لأن تفسيراً علميا أصبح ملحا وضرورياً). فالفرصة أصبحت مؤاتية للإنقضاض والإستحواذ والسرقة بوضع اليد،، والدليل على ذلك قوله: ((والفرضية المقابلة - ولا أقول المضادة - تلخص نفسها الآن وتتبلور في كون هذه الرموز ليست حروفا على الإطلاق) ... إنتهى قوله)).

لماذا تجرأ هذا الساذج بهذه الطريقة؟؟؟ ..... الجواب المنطقي: لأنه إطلع على المحاولات الكثيرة من العلماء والباحثين والمفكرين المسلمين، فرأى أن يستأثر بها هو وقد رأى أن زكريا بطرس وعدد من النصارى قد نافسوه وسبقوه إلى إلتهامها وترميم حطامهم بها لضرب عدة عصافير بحجر واحد. كما سنفصل ذلك بعد الفراغ من هذا الهيروغليفي المتسلط. فرأى أنه أحق بها منهم لأنه يملك ناصية لغة الملأ الأعلى، واللغة التي علمها الله تعالى لآدم، ولغة الأنبياء جميعاً حتى نوح وحتى النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم. هذا هو التلبس في أعلى درجاته.

واضح أنه أصبح الآن على قناعة تامة، بعد هذه المقدمة الهادفة المفبركة بطريقة تعوزها المنهجية والتخطيط السليم، بأنه قد أبعد كل منافس له بعد أن أخلى الساحة "حسب ظنه" من مقارعة العلماء بأي حجة جديدة تضاهي قوة حجته الواهمة الواهية، وقد توهم أن هؤلاء العلماء قد أفرغوا كل ما في جعبتهم وأنه ليس أمامهم سوى الإستسلام والتسليم للتفسير العلمي الملح والضروري الذي بشر به. ويلخص فريته وإدعائه فيقول: إذن:
1. الفرضية القديمة: هذه الرموز هي حروف الهجاء.
2. فرضـــيـتنا: هذه الرموز هي كلمات وجمل. يقصد (هيروغليفية Egyptian Hieroglyphics‏)،

تعليقنا هنا على هذه الجزئية: أن منهج بحثه الذي مهد له بما أسلفناه قد بدأه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضل قراءة القرآن وعائده على القاريء، فذكر الحديث التالي:
روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول "ألم" حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف, وميم حرف) - صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد أشكل عليه هذا الحديث كثيراً، إذ قال في مفهومه: ((والمتأمل في معنى ودلالة الحديث الشريف لا بد وأن يكون لفت نظره "يقصد "لفتت نظره" تلك الجزئية: لا أقول الم حرف: فمن البديهيات أنها ليست حرفا واحدا وإنما ثلاثة أحرف "إذا اعتبرنا أنها حروف الهجاء"))،،

إذاً,, قد أصبحت الآن فرية الهيروغليفية مسيطرة على تفكيره تماماً،، فيستأنف قائلاً ((فماذا يقصد الرسول الكريم من قوله إذن: لا أقول الم حرف، إلا إذا كان يقصد بكلمة حرف معنى آخر غير مسمى حرف الهجاء، فهل تعني كلمة - حرف - معنى غير ذلك؟؟ لننظر في المعجم )). لعل القاريء الكريم قد أدرك الآن لماذا بدأنا موضوعنا هذا بعرض أهم خصائص الحروف الهجائية كأسماء وأصواط،، فإذا راجعنا ذلك مرة أخرى عرفنا مشكلة هذا الباحث ومواطن الخلل عنده.

ما أغرب هذه الإفتراضات والإدعاءات البعيدة عن منهج العلم والعلماء في الفكر واللغة والتحليل والمنطق؟ هل هذا الحديث الشريف يعطي أي دلالات من قريب أم بعيد إلى أن الحرف يمكن أن يقصد به غير الحروف الهجائية وهي (أ ، ل ، م) ؟ ألا يعرف هذا الباحث الفرق بين قوله تعالى ﴿-;---;--ألم ، ذلك الكتاب لا ريب فيه﴾-;---;-- التي تشير ﴿-;---;--الم﴾-;---;-- فيها إلى الحروف الهجائية ﴿-;---;--أ ، ل ، م﴾-;---;-- ،، وبين قوله تعالى ﴿-;---;--ألم نشرح لك صدرك ...﴾-;---;-- التي تشير كلمة ﴿-;---;--ألم ...﴾-;---;-- فيها إلى حرفين "الهمزة" التي هي للإستفهام و"لم" التي هي حرف لنفي الفعل المضارع، وجزمه، وقلب زمنه إلى الماضي، والمكون من حرفين هجائيين هما (ل ، م) ؟ هل هذا الباحث على استعداد للتضحية والتخلي عن ضوابط اللغة والصرف في سبيل الإنتصار لإستنتاجاته وتأييد صدق توجهه ولسلامة منهجه البحثي الغريب؟

يقول الباحث: (( إن في "لسان العرب" من معاني كلمة حرف: حرف من حروف الهجاء، الأداة التي تسمى الرابطة، القراءة التي تقرأ على أوجه، والحرف في الأصل الطرف والجانب، والحرف: الكلمة - يقال هذا الحرف ليس في لسان العرب، والحرف: اللغة واللهجة ومنه الحديث الشريف (نزل القرآن على سبعة أحرف) ... الخ)) .

واضح من هذا العرض الغريب لمعنى الحرف في اللغة أن الأمور قد أختلطت عليه وأشكلت، وأنه قد نسي أو تناسى أو بالأحرى جهل أدوات ومناهج "البلاغة" في اللغة، فبهذا المنهج وتلك المفاهيم كيف سيفهم قوله تعالى ﴿-;---;--... يجعلون أصابعهم في آذانهم ...﴾-;---;-- ؟ فهل يمكن أن ينصرف العقل والفهم إلى أن المراد هنا إدخال كل ما يمكن أن يطلق عليه "أصابع" من جسد الإنسان، أو حتى كل أصابع اليدين بكاملها، أو حتى أصبع واحد من كل يد بكامله وجعلها في آذانهم؟ وهل يمكن أن يستوعب مفهومه هذا للغة أن المراد من هذه الآية هو (إدخال طرف السبابة من كل يد لسد فتحة الأذن منعاً لسماع صوت الرعد القاصف)؟
وكيف سيكون مفهومه لقوله تعالى (... يد الله فوق أيديهم)؟ ،
وما علاقة عرض معنى الحرف على أنه (الطرف والجانب) في هذا المقام؟
فإذا عرف من لسان العرب أن الحرف هو: اللغة واللهجة أليس هذا كافياً لأن يفهم من الحديث الشريف (نزل القرآن على سبعة أحرف)، أنه نزل على سبعة لهجات أو لغات عربية؟

مواصلاً في بحثه ومنهجه يقول: ((وعلى هذا تكون الرموز التي تبدأ بها السور هي كلمات وجمل: ولما وجدنا أن هذه الكلمات لا تؤدي إلى معنى من المعاني في اللغة العربية كان لزاما علينا ان نبحث في لغة أخرى من اللغات القديمة أو المعاصرة للغة القرآن. (إنتهى حديثه)). إذاً أليس هذا "ضمنياً" يقود إلى فكرة أن القرآن ليس وحياً من عند الله، وأنه كان مكتوباً باللغة المصرية القديمة ثم تم تزويره وكتابته باللغة العربية؟؟؟ اليس هذا يقول بصراحة أن هذا القرآن ليس (عربياً غير ذي عوج)؟؟؟

إذاً,, بهذا المنطق وهذا التوجه نكون قد خرجنا تماماً من "عربية القرآن الكريم" إلى أعجمية مفتوحة لا تحدها حدود" ما دامت تلك الأعجمية من اللغات القديمة التي كانت معاصرة للغة القرآن.
ثم واصل في بحثه المشئوم، مقترباً من اللغة التي رشحها لتكون بديلاً للغة العربية التي عجزت أن تجد تفسيراً للحروف المقطعة التي هي في الواقع بينة ظاهرة مضيئة وليس كما ظن، وما دام ذلك كذلك "حسب ظنه" فلا بد من أن تكون تلك اللغة البديل لغةً مقدسةً لتكون في مقام قدسية القرآن وتضاهي، بل وتنافس اللغة العربية في ذلك.

فوضع كل اللغات القديمة في صف مستوٍ، ومقام واحد ثم بدأ في التفاضل بينها ثم عمل على ترتيبها من حيث القدسية (في رأيه)، فقال مدعياً: ((لقد اختص الله عزّ وجل منطقتنا وهي قلب العالم بكل الرسالات السماوية، فهل كل لغات المنطقة معنية بالأمر؟ وهل كل لغات المنطقة مقدسة))؟ يقصد بمنطقته (مصر)، فما دامت "أم الدنيا"،، فلماذا لا تكون لغتها أم اللغات؟؟؟

فيرد على سؤاله قائلاً ((بالطبع لا ، فاللغة المقدسة هي تلك التي تنزلت بها رسالة على رسول، أو نبوة على نبي، واكتسبت قدسيتها من باب أن الله تعالى خاطب بها الأنبياء والرسل وسائر البشر الذين ما تنزلت الرسالات إلا من أجلهم ومن أجل هدايتهم ودعوتهم إلى الله ووحدانيته. فإذا غصنا في أعماق التاريخ الديني لكي نحدد أي اللغات مقدسا، وأيها غير مقدس، لاحظنا ما هو جدير بالملاحظة)):
1. بدأ أولا بالعبرية وقال أنها اللغة التي نزلت بها رسالات أنبياء اليهود (إبراهيم وإسحق وإسماعيل ثم يعقوب وأبناؤه)،،
وقد شمل أيضاُ سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، متجاهلاً قول الله تعالى (ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين)،

2. وليقترب من "الهيروغليفية" أكثر فأكثر قال ((إن نبي الله يوسف قد عاش معظم حياته وتربى في مصر، ولا بد أن يكون قد أتقن اللغة المصرية القديمة، فإذا كان قد بلغ عن الله أي تبليغ فلزم أن تكون اللغة المصرية هي لغة التبليغ وحتى إن كان لا يزال يذكر لغته الأم)،

3. ومادام الأمر متعلق "باللغة المصرية القديمة" فإنه يقول أن ((نبيّ الله موسى ولد وتربى في مصر لا بد أن يكون قد بلغ باللغة المصرية حتى وإن تكلم العبرية إلى جانبها، وقصص القرآن لهي خير دليل لنا في هذا المقام، حيث مسرح أحداث القصة يدور في مصر ومع فرعون مصر.))، وقد نسي أن موسى عليه السلام هو نبي لبني إسرائيل وليس للفراعنة.

4. إستمر في التركيز على اللغة المصرية القديمة "الهيروغليفية" فقال إن (سلسلة الأنبياء كداود وسليمان وحتى زمن عيسى بلغوا فيما يبدو باللغة العبرية أو إحدى لهجاتها، مع العلم أن داود مثلا قد تأثر في مزاميره بأناشيد إخناتون (وليس العكس)، التي ترجمها مما يدل على علمه باللغة المصرية، ومن المعروف لدى كل علماء المصريات الآن أن المزمور رقم 104 لداود يكاد يكون ترجمة حرفية لترنيمات إخناتون في الوحدانية (فمن أين أتى إخناتون بهذه الوحدانية؟)، فهل كانت اللغة المصرية في ذلك العهد هي لغة أهل الزمان أو كانت لغة عالمية لكل من أراد أن يعبر؟). لعل العالم كله يعج بالثقافة الهيروغليفية القديمة، فمن يدري؟

السؤال المنطقي هنا: ماذا سيكون حال القرآن الكريم بصفة عامة، والحروف المقطعة بصفة خاصة إن لم يمن الله على المسلمين بالحملة الفرنسية على مصر، ويلهم ذلك الضابط الفرنسي بوشار بإكتشاف حجر رشيد عام 1799م؟؟؟ ..... وماذا سيكون الحال إن لم يلهم العالم الفرنسي جون فرانسوا شامبليون بفك رموز اللغة المصرية القديمة بالإستعانته بحجر رشيد الذي إكتشفه بوشار؟؟ وما مصير القرآن الكريم بعد إندثار اللغة المقدسة التي نزل بها، ولغة الملأ الأعلى، اللغة العالمية ولم تظهر إلَّا بالصدفة وبلا شيك ستكون حضارة وعلم كل الأمم منذ خلق آدم إلى عام 1799م مجهولاً؟

5. مواصلاً تصوراته يقول: ((ومن المعروف أيضا أن النبي سليمان حتى ولو تكلم العبرية، إلا أن الحكم المأثورة عنه تكاد تكون أيضا ترجمة حرفية لحكم الحكيم المصري (أمنوبي)، (إذاً،، قد تعلم سليمان الحكم والحكمة من الحكيم "أمنبي" وليس من الله،، الذي قال ًعنه وعن أبيه داؤد "وفهمناها سلمان ولك آتينا حكماً وعلماً)، فيقول: فهل أتقن هؤلاء الأنبياء اللسان المصري آنذاك أم كان هؤلاء المصريون - إخناتون وأمنوبي - من الأنبياء الذين قال فيهم رب العزة لرسوله: (ومنهم من لم نقصص عليك) أم نقلوا عن أنبياء لا نعرفهم، أم اقتضت عالمية اللغة المصرية ذلك؟!)).

ها هو ذا يقترب بسرعة السهم من الهدف الأساسي،، ولكنه الآن معني بترسيخ القدسية للغة الغيروغليفية "البديلة" فلا بد من قداسات لازمة من هنا ومن هناك، فالتاريخ يسع الكثير، بحيث تتضمن الزمان والمكان والمكين،، فلا يكفي أن يتحدث كل الأنبياء بهذه اللغة، ولكن لا بد من أن تكون هي لغة التنزيل في الأساس،، وقد مهد فيما سبق حتى لا تكون مفاجأة للناس عندما يعلن أن القرآن نزل بالمصرية القديمة والدليل (الحروف المقطعة التي ليس لها صاحب)، بعد أن إتضح لهم أن المسلمين لم يتعرفوا عليها.

فليتذكر القراء أنه سبق أن إقترب من النبي محمد نفسه، أما المكان فلا مشكلة عنده فمكة وخيبر وغيرها كلها أسماء غير عربية، ولن يجد صعوبة في الإدعاء بأنها أيضاً غير عبرية. والآن قد رجح أن تكون الأنبياء التي لم يقصصها الله على النبي أن يكونوا فراعنة، والآن عندنا إخناتون وأمنوبي لا يستبعد أن يكونوا أنبياء،، وما المانع في أن يكون فرعون موسى نفسه نبي،، إن لم يكن إله حقيقي. أرجوا أن لا يعتقد الناس أنني أبالغ،، وسنرى معاً أن ما قيل حتى الآن يكاد لا يذكر.

6. ثم يقول أيضا: ((حتى نبي الله عيسى كما يذكر لنا التاريخ المسيحي كان قد قضى طفولته في مصر، وهذا ثابت في رحلة العائلة المقدسة، فلا مندوحة من التسليم أنه كان يعرف اللسان المصري آنذاك والمعروف لنا الآن باللغة القبطية. فلما عاد إلى فلسطين بلغ بلهجة من لهجات العبرية، ربما اللهجة الآرامية. حتى أن أحد حوارييه - مرقص - الذي كلف بنشر الدعوة في مصر وأسس الكنيسة المرقصية بها والتي ما زالت هي مذهب القبط حتى الآن، لا بد وأن يكون قد عرف اللسان المصري وإلا كانت دعوته للمسيحية في مصر كقبض الريح وغير ذات مضمون كبير وغير مفهومة بدون وسيط اللغة.)).

والغريب في الأمر أنه زهد هذه المرة في عالمية اللغة المصرية القديمة التي أعلنا فيما سبق،، فلماذا لا يكون عيسى عليه السلام قد بلغ في بفلسطين أيضاً باللغة الهيروغليفية التي كانت لغة التخاطب في ذلك الزمان ولغة كل الأنبياء الذين نعرفهم، والذين لا نعرفهم و لعل منهم إخناتون وأمنوبي ،،، الخ.

أخيراً يقول: ((ولا نريد في هذا المقام أن نثير قضايا كبرى مثل مصرية سيدنا إبراهيم وسيدنا لوط عليهما السلام، أو نقول إن نوحا عليه السلام كان مصريا)). ..... هذا تصعيد بارع يمكن أن يقنع أي شخص خالي الذهن وخافية عنه الحقيقة، ولم يلمح الصناعة الرديئة، والفبركة الركيكة التي صاغ بها هذا الشخص مشروعه. فلنصبر عليه قليلاً ونكمل معه المشوار ونتحمل ظلام ليله حتى تدرك شهرزاد الصباح.

والآن، وقد بلغ هذا المبلغ، يقول ((ونستطيع من كل ذلك أن نستنتج حقيقة تاريخية هامة ألا وهي: أن اللغة المصرية القديمة والمعروفة الآن تحت مسمى "اللغة الهيروغليفية" كانت لغة عالمية، وكانت لسان العصر لكل من أراد أن يعبر أو يكتب أو يتكلم، ربما لا نبالغ إن قلنا حتى بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ....)) ..... لاحظ،، أنه سكت هنا عن تصريح قصده من البداية ... ولكن!!! لماذا سكت؟؟؟ .... هل هو تكتيك؟ أم لعله تشويق؟؟؟ ..... يقول إنها « كانت عالمية » ولغة التخاطب للملأ الأعلى وللأنبياء وحتى النبي محمد،،، إذاً،، لماذا إندثرت وتوارت تحت الثرى بين الأنقاض وقد تطوع بإيراد خبرها حجر رشيد؟؟؟

هذا الباحث ظن أن الساحة خالية له تماماً، بعد أن عجز علماء المسلمين عامة (في تصوره) والمعنيين بتعليم القرآن ودراسته خاصة عن الوصول إلى ما تشير إليه هذه الآيات البينات التي جاءت "كحروف مقطعة" لترمز وتلفت النظر إلى آيات معجزات في داخل السور التى تصدرتها فبدأ في الإنحراف مائة وثمانين درجة عن الحق والحقيقة.

فعمد قصداً أو جهلاً إلى إفراغ القرآن الكريم وآياته البينات عن محتواها وإعجازها إلى لغة قديمة مهجورة مطمورة ولم يبق له إلا أن يعلن رسمياً أن القرآن بكامله ليس عربياً، بعد أن عدد كل الأنبياء بأنهم بَلَّغُوا و/أو بُلِّغُوا باللغة المصرية القديمة "الهيروغليفية" وأوشك أن يقول بأن محمد رسول الله ذاته بلَّغَ بالمصرية القديمة أو أُنْزِلَ عليه القرآن بكامله بتلك اللغة (ما دامت فواتح أكبر سور القرآن الكريم باللغة المصرية القديمة ، ولِمَ لا ! ) ..... بالمناسبة هذا ليس تخميناً،، فقد تضمن بحثه مشروعاً قال عنه إنه بصدد كتابة القرآن بكامله بلغته الأصلية المقدسة وهي الغيروغليفية.

هذه المقولة لم يسكت عنها نهائياً، وإنما يريد أن يمهد لها أكثر قبل أن يصرح بها جهاراً نهاراً. ولكننا نقول له أن الساحة ليست خالية تماماً كما تظن ولكن الله تعالى لن يترك الباطل يأتي لهذا الكتاب من بين يديه ولا من خلفه. ولن يترك مراده من عباده أن يضيع وسط الإدعاءات والأوهام والشطحات الفارغة من المحتوى والمضمون.

ولخطورة ما جاء بهذا البحث الغريب، أجدني مضطراً إلى المضي قليلاً في تحليل مقتطفات منه حتى لا يقع بعض السذج والعامة والبسطاء في حبائله والتصديق بإفتراءاته الضالة والمضلة.

يقول صاحب البحث في ملحوظة ثانية، عن أيات الحروف المقطعة والتي يسميها رموزاً: ((إن بعض هذه الرموز التي تصدرت بها بعض السور القرآنية مثل : ق ، ص ، ن ، لها شكل مميز « شبيه بصورة الأفعال في اللغة المصرية القديمة »، وبالذات أنها لا تحمل نهايات في آخرها ولا تتغير مع تغير الفاعل أو المفعول به، فإن لها صورة واحدة هي صورة المفرد المذكر حتى وإن اختلف فاعلها من حيث التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية أو الجمع.)) ..... فإذا تتبعت مسعاه تجده:

أولاً: قد دخل في خصائص اللغة المصرية القديمة من حيث التركيب النحوي وأدوات التعريف والتنكير .. الخ

ثانياً: وأعتبر أن (الديانة المصرية القديمة كانت تؤمن بالحياة بعد الموت وبالحساب بعد البعث ومن ثم فقد اشتملت مفرداتها على كلمات في هذا الاتجاه بل وتغطي كل مناحيه، بل وكل الغيبيات). فهو على ما يبدوا قد أعتبر الديانة المصرية القديمة هي "ديانة التوحيد الكامل" التي تؤمن بالبعث والحساب وتؤمن بكل الغيبيات، بما في ذلك طبعاً "وحدانية الله، والملائكة، والكتب، والرسل والقدر خيره وشره، والجنة والنار والصراط ...)، سبحان الله ! . إذن هي في سبيلها للقدسية الكاملة بجدارة، فهي لغة المؤمنين الموحدين، أولئك الذي حباهم الله تعالى بالجراد والقمل والضفادع والدم والسنين،،، جزاءً على هذا التوحيد الفريد المتفرد. فماذا يعني قوله تعالى في سورة غافر: (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا « وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ » 45)، (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا - وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ « أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ » 46)؟

ثالثاً: يواصل فريته قائلاً ((ولا نريد هنا أن نسهب في شرح هذه السمات ولكن لأهميتها سنتناولها ثانية في حينه أثناء شرح معنى الرمز في السور ولكنا نجد أنفسنا هنا وفيما يخص الرموز التي في أوائل السور القرآنية نسلم بأنها كلمات من اللغة المصرية لما وجدناه من تشابه كبير من سمات تلك اللغة .) كل ذلك لمجرد التشابه،، أليس هنا أليق مكان لقوله تعالى (... فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ « فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ » ...) ؟ إذاً ، في رأيه وقناعته أن الحروف المقطعة:

(أ): هي مجرد رموز في أوائل السور القرآنية وليست آيات بينات كما قال الله تعالى (... هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ - مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ - « هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ » وَ « أُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ») ، فهو يقول على قول الله تعالى دون تحفظ.

(ب): و انها كلمات من اللغة المصرية (لما وجده « من تشابه كبير » من سمات تلك اللغة)، وقد نفى مسبقاً أن تكون حروفاً عربية وأكد على ذلك جازماً، إذاً ليس غريباً "في مسعاه"، أن يكون النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد بلغ باللغة المصرية القديمة "العالمية" لغة كل الأنبياء ألا وهي "الهيروغليفية" ذات التفوق والتفرد القدسي.

ثم تكلم عن علاقة اللغة المصرية القديمة (باللغة العربية، و بالجزيرة العربية، ثم بلغة القرآن الكريم ونصوصه) . فقال:

أولاً: ((تعتبر اللغة المصرية من أقدم لغات العالم على الإطلاق، ومن ثم فقد (أثَّرَتْ وأثْرَتْ) اللغات الأخرى بتأثيراتها وثرائها، ولسنا هنا في مقام تحديد أي اللغات أقدم من الأخرى، ولكنا هنا سنعجب كل العجب عندما نجد كلمات لا تعد ولا تحصى موجودة في قاموس اللغة المصرية وموجودة أيضا في معجم لغتنا العربية نسوق منها على سبيل المثال لا الحصر: مادة ب ر ك، وسندهش كثيرا حين نرى كل هذه المعاني في المعجم العربي)).

فلنفرض ان هناك كلمات في الهيروغليفية موجودة في المعاجم فما الضير في ذلك؟ وماذا يقصد بعبارة (نجد كلمات لا تعد ولا تحصى ....) ثم يمثل بكلمة ب ر ك. فما هي الدهشة في ذلك؟؟ ..... منهجية قديمة بالية، تركها الحواة والمهرجون لنفاذ تأثيرها حتى على العامة،، ولكنه يستخدمها على مكث حتى يصل إلى عملية غسل الأدمغة و التعود بالتكرار والإصرار فيحل التعود محل التفكر.

ثانياً: يقول: ((علاقة اللغة المصرية بالجزيرة العربية؛ فالجزيرة العربية وهي الأرض التي بارك الله فيها للعالمين ولا ريب، وهي الأرض التي اختصت ببيت الله الحرام، ولكننا وللمفاجأة نجد أن معظم مسمياتها من أسماء للأماكن والمدن والجبال بل وبعض أسماء القبائل والنبات والحيوان، نجد أنها مسميات معجمة لا تبوح لنا اللغة العربية بسرها، وحيث إننا لسنا من أنصار المبدأ الذي يقول بأن "الأسماء لا تعلل" فقد رأينا من واجبنا:
1. أن نشير إلى تلك المسميات،
2. محاولة توضيح أصولها وإلى ما قد تدل عليه من معنى)).

ما أغرب هذا المنطق الشاذ ،، فكأنما "في ظنه" أن القرآن الكريم قد نزل وأنزل من لدن حكيم خبير ومن ضمن أهدافه تغيير المسميات القديمة من اسمائها التي عرفت بها منذ مئات القرون إلى أسماء عربية حتى يكون القرآن عربياً غير ذي عوج. كل ذلك جرياً وراء غاية وهدف تافه لا يرقى إلى أهداف ومقاصد آيات الله البينات المعجزات التي يتحدث عنها هذا الباحث ويسعى جاهداً إلى سلخها من عربيتها العامرة إلى أعجمية قديمة مهجورة مطمورة.

وحتى مسألة نفيه إلى تعليل الأسماء "كما يقول" إلا أن التعليل هنا مطلوب بشدة لأن قصص القرآن وأحداثها وقعت في هذه الأماكن وبمسمياتها القديمة التي هي عليها، بغض النظر عن من الذي سماها وبأي لغة كانت تلك التسمية، ومعروف للحكيم والسفيه أن القرآن الكريم يحكي الواقع كما حدث وحيث حدث وكيف حدث وبالتالي فلا غرابة أن يتضمن أسماء لأشخاص وأماكن وأشياء غير عربية وهذا بالطبع لا يقدح في أولوية لغة البيان الأساسية وهي اللغة العربية التي إختارها، بل إصطفاها الله تعالى من بين سائر لغات خلقه ، وبالتالي ستكون هي صاحبة الصدارة والقدسية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

فتعلم اللغة العربية وإجادتها يعتبر عبادة يتقرب العبد بها إلى الله تعالى ولكن الهيروغليفية ليست في هذا المقام بالطبع، فتعليل الأسم هنا ضرورة لا يستقيم القصص الحق إلا بها.
فلو كان القرآن معنياً بتغيير أسماء المدن والأماكن والأشياء لكان الأولى إعادة تسمية "مكة" إلى "مدينة الرسول" أو "عاصمة الإسلام" ، أو أي اسم آخر من اسمائها المحببة إلى الرسول الكريم وصحبه الميامين ولكنهم لم يغيروا أي اسم لها أو لغيرها ورد في القرآن الكريم. ستظل الأسماء كما هي مادامت قد وردت بكتاب الله تعالى، سواءً أكانت بالعربية أو العبرية أو الهيروغليفية. فالله تعالى هو خالق الخلق كله،، وبالتالي ليس لديه حواجز في إستعمال اللغة أو اللغات التي يريدها،، ويعلمنا أيضاً بأسماء ليست لها علاقة بالأرض نهائياً مثل (البرزخ، وسقر، والزبانية، والحور العين، السراط، الأعراف، لظى، الفردوس، المأوى، .... الخ).

فليعلم الباحث أن الله سبحانه وتعالى إختار لغة البيان لمراده من البشر وهي اللغة العربية بلا نزاع ولا جدال ولا منازع، فكيف يستقيم عقلاً أن يعدل سبحانه وتعالى عن تلك اللغة الواسعة البيان وكاملة التصوير وعذبة النبرات، إلى لغة أخرى قديمة مهجورة هي في حقيقتها (طريقة كتابة وتدوين)، ليستخدم منها رموزاً من حروف مقطعة للإشارة إلى أهم وأخطر آيات بالقرآن، من حيث إحتياجها لكل أدوات ولوازم البيان؟ ..... فماذا سيكون حال هذا الباحث عندما يكتشف أنه قد بنى صرحاً شامخاً من ثلج على قاعدة من رمل؟؟؟

فلتبقَ المسميات غير العربية كما هي ( مكة ، بكة ، أوس ، ثقيف ، جسر ، النضير ، قينقاع ، خزاعة ، أطم ،،،) سوءً أكانت عبرية أو مصرية قديمة أو غيرها، فهذا لا ولن يؤثر في عربية القرآن وكل أحرف البيان فيه. فحين تقول مثلاً (أقْفَلْتُ جِهَازَ التِّلْفَازِ لأسْتَمِعَ للأخبارِ مِنْ الرَّادْيُو)، هذا تعبير عربي فصيح سليم لغوياً وإنشائياً على الرغم من أن أغلب الأسماء الواردة به أعجمية مثل "التلفاز" و "الراديو". ولا يحتاج الأمر إلى تعريب الكلمة كأن تقول مثلاً "المِزياعِ". فاللغة العربية لغة حية، مرنة في التعريب والإشتقاق. فلا أظن أن تعريب كلمة راديو إلى مزياع زادت شيء للبيان والإبيان.

وحديثه عن علاقة اللغة المصرية بالقرآن الكريم، يقول فيه ((نعرض فيما يلي لبعض النماذج لكلمات في القرآن الكريم، علاقتها باللغة العربية ضعيفة، ولذا نجدها موضحة بآيات تشرح معناها أو تتساءل عن مرادها ومفادها: أمثلة:
1. (كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ 4), (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ 5) و
2. (الْحَاقَّةُ 1), (مَا الْحَاقَّةُ 2), (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ 3) و
3. (الْقَارِعَةُ 1), (مَا الْقَارِعَةُ 2), (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ 3).
4. وكلمات مثل : حور عين، الصاخة، علق ، برزخ ، فردوس ، الطامة ،،،))،

حتى هذه الآيات أيضاً نسبها للغة المصرية القديمة، ليس لسب إلا لأنه عرف تلك اللغة "الهيروغليفية" ثم وجد من بين مفرداتها ما ( يشبه ) تلك الآيات القرآنية النورانية الكريمة.

نرد على هذه الإدعاءات فيما يلي:
أولاً: مشكلة الناس أنهم يجهلون اللغة العربية وفقهها،، وبالتالي تختلط عنهم الأمور، فيدخلون الحابل على النابل،، فإن عرفوا شيء عن قواعد النحو، غاب عنهم الصرف والإشتقاق، وإن عرفوا شيئاً من هذا وقيضاً من ذاك، غاب عنهم التركيب البياني والبلاغي. فالفرد منهم، قبل أن يستقر الجهل في جوفه يلق به على الناس من خلال لوحة المفاتيح على جهاز الحاسوب.

ثانياً: الآن أمامنا نموذج حي أورده هذا الباحث فشنف به آذاننا، فقد أورد كلمات عربية فصحى "عامة الإستخدام"، فلم يعرف مصدرها وتصريفها وإستعمالها وبيانها فلم يجد بداً من أن يلق بها إلى سلة المجهول مدعياً بأنها غير عربية فمنهم من يسميها "عبرية"، ومنهم من يسميها "سريانية"، ومنهم من يسميها "هيروغليفية"، وهكذا. الآن دعونا نحل إشكالية وعقد هؤلاء القوم الذين لا يكادون يفقهون حديثماً فيما يلي:
1. كلمة "الحَاقَّةُ" مؤنث كلمة "الحَاقُّ"، وهي إسم فاعل مُعَرَّفق بـ "أل"، مشتق من الفعل "حَقَّ، يَحِقُّ" فهو "حَاقٌّ", وهي "حَاقَّةٌ" ..... فما هي تلك التي "حَقَّتْ"؟، وعلى من "حَقَّتْ"؟ ولماذا؟؟؟ ... هذا ما سنعرفه لاحقاً,
2. "طَغَىْ"، ماء السيل إذا إرتفع، وطَغَىْ الشخص إذا إرتفع وعلا جبروته وظلمه وكفره، حين "يطغى" على غيره، فهو طاغٍ، و السيول والمياه إذا إرتفعت فهي طاغيةُ، وهذا هو عقاب وهلاك قوم ثمود "بِالطَّاغِيَةِ".
3. وكما هو معلوم،، فأن اسْمُ الفَاعِلِ قد يَأتي على وزن « فُعَلَةٌ » مثل:
(أ): "حَطَّمَتْ" النار كل شيء أتت عليه، فهي "تُحَطِّمُهُ"، "تحطيماً" .... لذا فهي حُطَمَةٌ، لأنها ما أتت على شيء إلَّا وحطمته تماماً،
(ب): الهَمْزُ، هو خصلة إجتماعية قبيحة، يحاول "الهَامِزُ" لفت شخص أو أشخاص آخرين بيده أو نحوها أو بالغمز بعينه ليلفتهم إلى شخص أو أشخاص آخرين "مهموز بهم"، بقصد الإساءة إليهم أو الإستخفاف بهم أو تتبع عوراتهم.
فهذا يسمى "هامز"، ولكن إذا تكررت منه أطلق عليه "هَمَّازٌ"، وإن صارت خصلة فيه وعادة وسمة مميزة له أطلق أو أشير إليه بإسم الفاعل "هُمَزةٌ "، لأنها صارت ثابتة فيه لن يقدر على تركها.
(ج): أما اللَّمْزُ فهو الخوض في أعراض الناس والتحدث عنهم بما يكرهونه، وهي أيضاً من الخصال الذميمة التي تدمر الأسر والمجتمع بكامله، فإن فعلها مرةً واحدةً كان "لامزاً"، وإن تكررت منه كان "لمَّازاً"،، أما إن صارت خصلة وسمة متأصلة فيه أصبح " لُمَزةً".
(د): "قَرَعَ" البَابَ، إذا طرق عليه بحجر أو عصى أو نحوها لإصدار صوت مرتفع يسمعه البعيد، يَقْرَعُهُ قَرْعَاً، فالبابُ مَقْرُوْعٌ، وهو قَارِعُهُ، وهي قَاْرِعَةُ. وقرع الخبر سمعه، إذا عرفه وعلم به. وقوارع الدهر، مصائبه، فهي تقرع ليست فقط تقرع سمع الناس وإنما تقرع كل حواسهم لهولها وشدة تأثيرها المستمر عليهم. وقَرَعَ سَاقَهُ في زرعه إذااجد العزم فيها. إذاً،، "القارعة" مؤنث "القارع"، وهو إسم فاعل معرف بـ "ال" التعريفية.

ثالثاً: أراد الله تعالى أن يعلم نبيه الكريم بحادثة لم يكن يعرفها من قبل، كان قد سماها "الحاقة"، فلعله أراد أن يؤكد له أنه لم يسبق لأحد من الأمم السابقة قد عرف بتفاصيلها ومسماها قبله، فبادره بقوله: (الْحَاقَّةُ !1)’ هل سبق لك أن سمعت بهذا الإسم من قبل؟؟؟ ... إذاُ: (مَا الْحَاقَّةُ 2)؟، إن كنت تعرف فقل؟، لكن من أيت تعرف؟,,,: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ 3)؟، لأنه لا يوجد أحد من بني إسرائيل ولا غيرهم يعرف هذه الحقيقة، حتى الذين سمعوا بالحدث ولكنهم لا يعرفون إسمها ولا تفاصيلها وانت الآن ستعرف أسرارها دون غيرك، وهي أن هناك أمتين هالكتين هما عاد وثمود، كذبوا الرسل ولم يصدقوا بحادثة "القارعة" وهي قيام الساعة حيث تقرع بصوتها وأهوالها آذان الخلق فيصعقون من شدته، قال: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ 4)، فكل أمة منهما عاقبها الله عقاباً مختلفاً في نوعه ولكن نتيجته هلاكهم وإستئصالهم تماما،
(فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ 4)، (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ 5)، ففي ظنه وفهمه لهذه الآيآت البينات أن تكرار مفردة "الحاقة" في الآيتين الثانية والثالثة المقصود بها شرح لمعنى هذه المفردة، أو التساؤل عن مرادها،، وهذا يعتبر خلل منهجي مبين، فالله تعالى يخبر النبي بما فعله بالمكذبين بيوم القيامة (القارعة)، من الأمم السابقة (عاد وثمود وفرعون ومن قبله ، والمؤتفكات، وقوم نوح) وقد سمى حوادث عقابه لهم "بالحاقة" (لأنهم فعلوا ما إستحقوا عليه العقاب، فحق بهم، فكانت الحاقة). فليست المسألة مفردة "مصرية قديمة" يريد الله أن يشرح معناها أو يتساءل عن مرادها، كما يقول هذا الساذج.

وتفاصيل ذلك هكذا: (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ 5)، (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا « بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ » 6)، لم تكن ريحاً عادية عابرة ليوم أو يومين، بل كانت مستمرة، وكلها أهوال: (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا « فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ-;---;-- » - كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ 7)، وقد أبادهم الله تماماً: (فَهَلْ تَرَىٰ-;---;-- لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ 8)؟؟؟ ليس ذلك فحسب، بل هناك أقوام وأمم آخرين لم يتعظوا مما حدث لعاد وثمود بل فعلوا مثلهم وأكثر، قال: (وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ 9)، فما هي هذه الخاطئة؟؟؟ قال: (فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً 10)،

رابعاً: أما الكلمات مثل : حور عين، الصاخة، علق ، برزخ ، فردوس ، الطامة ،،، الخ، فكلها كلمات بعضها دنيوي وهذه كلمات عربية فصحة مثل حور عين، وعلق، والطامة،، وبعضها عن الآخرة،، منها الصاخة، والطامة. فلا علاقة لها باللغات الأخرى.
فالحَوَرُ هو شدة بياض العين، مع شدة سواد سوادها, بمعنى انها عَيْنٌ بَيَاضُهَا أبْيَضُ ناصِحٌ وسَوَادُهَا أسْوَدُ. والمرأة العِيْنُ هي تلك المرأةُ ذَات الأعْيُنِ الواسِعَةِ، والحَوْرَاءُ العِيْنُ هي المرأة ذات الأعْيُنِ الواسِعَةِ والتي بَيَاضُهَا نَاصِعٌ وسَوادُهَا أسْوَد. وتجمع الحوراء على "حُوْرٍ" أما كلمة عين فلا مفرد لها.

أما البرزخ فهو الفاصل بين شيئين قال تعالى في سورة الرحمن (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ 19)، أحدهما عذب والآخر مالح، ولكن لا يختلط ماء أحدهما بماء الآخر: (بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ 20). كما أن مرحلة البرزخ في مسار الإنسان هو فترة الإنتظار التي تبدأ بمفارقة الحياة الدنيا بالموت، وتنتهي بمفارقة القبر بالبعث يوم الحساب. فإن كان قد وجدها هذا الباحث في لغة أخرى فهذا لا يعني بالضرورة أنها غير موجودة في اللغة العربية، فإن كان لديه دليل على إدعائه هذا فليأتنا به.

إذاً،، لا علاقة الهيروغليفية والمصرية القديمة بهذا البيان العربي المبين ..... هل بلغ الجنون والسفه بالناس إلى هذه الدرجة المتأخرة؟؟؟
قال تعالى في سورة الإسراء: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً « أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا » - فَفَسَقُوا فِيهَا - «« فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ »» - فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا 16)، (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ « مِن بَعْدِ نُوحٍ » - وَكَفَىٰ-;---;-- بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا 17).

من غرائب هذا البحث وعجائب صاحبه أنه أنكر ما جاء بالقرآن ونفاه تماما حين تحدث عن "العلق" ، ولأن هذه الكلمة أسكرته لأنه وجد مفردة "هيروغليفية" شبيهة بها فوجدها فرصة سانحة له ليدعي أن الكلمة ليست عربية، ليس ذلك فحسب، بل تمادى في غيه وإنحرافه بأنه:
1. "جزم" وأصر على أنه لا وجود لكلمة "علقة" بالقرآن الكريم إبتداءً،
2. وأنها ليست مرحلة من التخليق للجنين،
3. وأنه يرى أن قول العلماء المفسرون بذلك الكلام يجانبه الصواب،،

وإليكم قوله بالنص الكامل فيما يلي:
1. يقول: ((وقد وردت كلمة - علق - في سورة العلق وسميت السورة بها، وهي أول آيات تتنزل من القرآن، وقد وجد المفسرون تشابها بين هذه الكلمة وكلمة - علقة - فقالوا إن معناها تلك المرحلة من التخليق للجنين، ونرى أن هذا الكلام يجانبه الصواب؛ فكلمة علقة لم تأت في القرآن إلا في هذه الصورة المفردة المؤنثة، وهي ليست أول مراحل التخليق في الجنين وليست آخرها))،

2. ثم قال: ((هذا بالإضافة إلى أن معنى كلمة علق في سياق الآية لا يوحي أبدا بمعنى كلمة علقة فلنقرأ النص: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 1)، (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ 2), (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ 3), (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ 4), (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ 5) ...)).

نرد على هذا الباحث بما يلي:

أولاً: يقول تعالى في سورة المؤمنون:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ « مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ » 12) ، (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ «« نُطْفَةً »» فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ 13)، (ثُمَّ خَلَقْنَا « النُّطْفَةَ عَلَقَةً » فَخَلَقْنَا « الْعَلَقَةَ مُضْغَةً » فَخَلَقْنَا « الْمُضْغَةَ عِظَامًا » فَكَسَوْنَا « الْعِظَامَ لَحْمًا» ..... « ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ » - فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ 14).

فإن كان في إعتقاد هذا الباحث أن هذه الأيات الكريمات الثلاثة من سورة المؤمنون ليست قرآناً فليقل ذلك صراحة لينظر في أمره أما إن كان يجهل وجودها بكتاب الله الكريم فليعلم أن كلمة علقة جاءت في القرآن الكريم وهي كلمة عربية للنطفة عندما تتخلق فتصير نقطة دموية صغيرة تَعْلقُ بجدار الرحم، بنفس الشكل والكيفية التي تعلق بها حشرة العلقة مصاصة الدماء، وهي بالطبع مرحلة من مراحل تخليق الجنين بنص القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ودودة العلقة الحقيقية Blood-sucking Leach التي شبه الله تعالى بها الجنين في هذه المرحلة هي نوع من المخلوقات التي تعلق بالجلد وتتغذى على الدماء وهي عالقة لا تتحرك من مكانها. فمن اراد أن يراهنا بنفسه إليه بالرابط التالي: (http://en.wikipedia.org/wiki/File:Leech_Removal.JPG).

ثانياً: كلمة "العَلَقِ" في سورة "القلم" هي كلمة عربية حتى النخاع، إذ أن كلمة "عَلقَةٍ" تُجْمَعُ "عَلَقٍ"، فإذا كان كل إنسان مفرد يُخْلَقُ من "عَلقةٍ" واحدةٍ، وكلمة إنسان مقصود بها جنس الإنسان الذي هو عبار عن أعداد كبيرة من الأفراد، وبالتالي خُلِقُواْ بالمقابل من أعدادٍ كبيرةٍ من العلقاتِ (كجمع مؤنث سالم لعلقة) أو "علقٍ" (كجمع تكثير لعلقة)، مثلها كلمة "بلحة" تجمع "بلح" ، و "عنبة" تجمع "عنب" ، وورقة تجمع "ورق" ، وسمكة تجمع "سمك" ،،، وهكذا . فأين أنت من كل هذا البيان ، أيها الباحث؟ أأصبح كتاب الله بهذا الهوان عند مرضى القلوب والعقول؟؟؟ ألم يجدوا لهواً آخر يهلكون به ما تبقى لهم من عمر تعس إن بقوا على حالهم هذا بدلاً من الإستزادة من الشقاء والتعاسة في مواجهة صريحة مع الله تعالى؟

يقول الله تعالى في سورة المرسلات:
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ19)، (أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ20)؟، (فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ21)، (إِلَىٰ-;---;-- قَدَرٍ مَّعْلُومٍ22 )، (فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ23)؟, (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ24)!!!. صدق الله العظيم .

يناقش الباحث هذه المرة بعض الإشكالات الفكرية التي أوردها في بحثه وقد رأينا نقل هذه الجزئية للقاريء حرفياً بالنص، ولكن سنوردها على أجزاء حتى يسهل متابعة تفنيدنا لهذه الإشكالات الخطيرة:

أولاً: يقول ((وكما قلنا فهذه الآيات هي أول ما تنزل من القرآن، ولا يعقل أن تبدأ السورة بكلمة – إقرأ – وهي من وظائف الفكر والمعرفة والعلم وباسم الله الخالق العليم، ثم يتبع ذلك تذكير بعملية الخلق المهين (من ماء مهين، كما ورد فيما بعد من آيات في سور أخرى))،

قبل مناقشة هذه الجزئية من قول هذا الباحث، أرى أن نستحضر الآيات التي تحدث عنها ليكون النقاش عن بينة: فالله تعالى في سورة العلق قال لرسوله الكريم: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 1), (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ « عَلَقٍ » 2)، (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ 3), (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ 4), (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ 5), (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ-;---;-- 6), (أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ-;---;-- 7). صدق الله العظيم .....

أولاً: ليس المخاطب هنا الإنسان كما يدعي هذا الباحث، بل هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم لشخصه دون سواه (... اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ...)، وقد سبق نزول هذه الآية إعداد الرسول لتلقي القول الثقيل، وكان الحوار بينه وبين جبريل عليه السلام بقوله "إقرأ !" ، فرد عليه بالحق والواقع قائلاً "ما أنا بقاريء"، قال "فغطني ... " ، وقد تكرر هذا الحوار والغط ثلاث مرات ،، إذن ما الذي حدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم من تغيير كامل أثناء هذا اللقاء الفريد؟ أفلا نستحضر قوله تعالى (... وعلم آدم الأسماء كلها)، كيف؟ ،، ولنتذكر قول سليمان (... علمنا منطق الطير)،، كيف ؟،،

نعم يا رسول الله، ربُّكَ يعلم أنك لست بقاريء، وجبريل كذلك لا يجهل هذه الحقيقة التي لعله قد أرسل لك ليغيرها بأمر الله تعالى. الآن أنت يا محمد – بعد الغطات الثلاث – مهيأ تماماً للقراءةً وستقرأ حتماً بإسم ربك الذي خلق، الذي خلق الإنسان كل الإنسان من شيء بسيط تافه عبارة عن نطفة من مني يمنى ثم كان علقةً فخلق فسوى، فجعل منها الزوجين الذكر والأنثى، خلق الإنسان من علقٍ (جمع علقةٍ) وهي نقطة صغيرة من دم متجمد عالق بجدار الرحم، شاءَ المتشككون أم أبوا،

ثانياً: يجب أن يفهم هذا الباحث أن القراءة شيء، والفكر والمعرفة والعلم شيء آخر، فلا يجوز الخلط بين الكلمات ومعطياتها اللغوية والبيانية ونحن في حضرة آيات الله البينات (مقومات اللسان المعوج)، إذ يُمْكِنُكَ أن تقرأ دون أن تُفَكِّرِ، وأن تُفَكِّرِ دون أن تقرأ وتكتب، وأن تعرف دون أن تقرأ أو تكتب وتفكر، فهذه مسلمات لا يختلف فيها إثنان، إلَّا من سفه نفسه لسفه فيها. هذا الباحث لديه إشكالات عدة متداخلة ومتراكبة:

1. ولا تزال إشكالية إستنكاره للعلقة ونسبتها لخلق الإنسان لديه تسيطر على تفكيره ظناً منه أن المقصود من قوله تعالى (إقرأ بإسم ربك الذي خلق) هي فقط المخلوقات الأخرى التي خلقها الله من "علقة" والإنسان ليس من بيها، والتي يرى أنها لا تتضمن خلق الإنسان مع المخلوقات الاخرى وإلَّا "في رأيه" ستكون مهانة له أن يوصف بأنه خلق من علقة، علماً بأن الذي خلقه وخلقها قال في سورة الأنعام (وَمَا مِن « دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ » وَ « لَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ » - إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم - مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ «« ثُمَّ إِلَىٰ-;---;-- رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ »» 38). فهو أيضاً لا يعرف أنها أقرب إلى الله بتسبيحها وتوحيدها أكثر من البشر. لعله لم يقرأ قوله تعالى في سورة الحج: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ - « يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ » وَ « مَن فِي الْأَرْضِ » وَ « الشَّمْسُ » وَ « الْقَمَرُ » وَ « النُّجُومُ » وَ « الْجِبَالُ » وَ « الشَّجَرُ » وَ « الدَّوَابُّ » ..... وَ « كَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ» وَ «« كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ »» - وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ - «« إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ »» 18).

2. الإشكالية الثانية لديه، أنه يفرق بصورة غريبة ما بين "العلقة" و "العلق"، إذ أن هذه العلقة لديه شيء آخر غير العلق، لأن العلق "في إعتقاده" خلق كريم ولائق بخلق الإنسان ومنسجم مع أيات سورة "العلق"، اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ1), (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ2)، ولا يعرف أن "العلق" هو جمع "علقة". والجهل باللغة وغياب الحس بها إنما هو آفة الكثيرين من الذين يحملون شهادات علمية مرموقة، ولكنهم يلحنون بصورة محبطة،، فنرى أمثال هؤلاء في السمنارات والمؤتمرات والندوات العلمية وفي وسائل الإعلام وفي الصحف،،، الخ. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

3. الإشكالية الثالثة لديه، هي ظنه أن عبارة "... ماءٍ مهين" هي نفسها عبارة "خلق مهين"، التي قال بها هو من عنده، فالخلط واضح لديه،، لم يقل الله تعالى أن الخلق مهين، وهذا سوء فهم من الباحث وتَقَوُّلٌ على الله بما لم يقله، ولكن سبحانه قال الحقيقة والواقع فقد خلق هذا الإنسان من ماءٍ قليل في حجمه ووزنه وشأنه ولم يقل أنه من ماءٍ ذميم أو حقير أو قذر، فالله تعالى لا يخلق شيئاً حقيراً فكل خلقه بقدر وعلم وإبداع، وإن نظر إليه الإنسان بغير ذلك جهلاً وسفهاً وإفتراء عليه.

يواصل بحثه تأكيداً لإشكالياته السابقة، قائلاً: ((ولا سيما أن الآية التي تليها – إقرأ وربك الأكرم – فقد خلق الله الإنسان وكرمه لا لأنه خلقه من علقة ولكن لأنه اختصه دون سائر المخلوقات التي لا علاقة لها على الإطلاق بكلمة علقة، وإذا تدبرنا الآيات: لوجدنا أن الأمر للرسول بالقراءة باسم الله الذي خلق، وهذا الخلق عام ينطبق على كل ما خلق الله، أما خلق الإنسان من علق فهذا خلق آخر وتمييز للإنسان عما سواه، فلا يصح أن يكون معنى علق يساوي علقة فما هذا بتمييز للإنسان عن سائر الحيوانات (لاحظ أن تكرار كلمة خلق ليس من نوع التكرار الذي لا يفيد بل قمة البلاغة)). هذا نتاج طبيعي وبديهي لعدم الفهم والتدبر.

الإشكالية الرابعة لديه في مفهومه للآية الكريمة: (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ 3) مدعياً أن الإكرام هنا مقصود به الإنسان "المخلوق"، مع العلم أن "ربك هو الأكرم" وليس المخلوق هو الأكرم كما يظن، كل ذلك ليبرر رفضه وإنزعاجه ونفوره من "العلقة" التي أنكر وجودها أصلا بالقرآن،، ولا يزال يكرر ويؤكد أن خلق الإنسان يتميز بأنه من "علق".

الإشكالية الخامسة لديه حتى في تكرار كلمة (خلق) في الآيتين الكريمتين اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ1)، (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ 2) ، فهو يرى أن (خلق) في الآية الأولى ليست تكرار لكلمة (خلق) في الآية الثانية، هل لنا أن نذكر هنا قوله تعالى: (... أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) ؟

ثم يواصل الباحث حديثه فيقول: ((وتكريم الله للإنسان (إقرأ وربك الأكرم) أن ميزه بالعقل، ولهذا نجد الآيات التالية تسير معنا في هذا الإتجاه، فالله الذي علم بالقلم – لاحظ أن مهمة التعليم بالقلم هي وظيفة لا تنطبق إلَّا على جنس الإنسان، فقد علم الله الإنسان أي أعطاه القدرة على العلم والتعلم ثم علمه ما لم يعلم، وبشرح كلمة علق بهذا المعنى كانت موجودة في اللغة العربية القديمة وتوارت بقلة إستعمالها) يتضح المعنى الحقيقي للآيات)) إنتهى كلامه،

قال تعالى في سورة المائدة: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ « وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ » - مُكَلِّبِينَ - « تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّه »ُ - فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ 4). إذن الحيوانات أيضاً يمكن تعليمها.

فقوله تعالى (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ 3)، إنما يمن الله تعالى على الإنسان بكرمه عليه، إنه الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، فإذا كان قد علم الإنسان (كل الإنسان) ما لم يعلم، وعلمه بالقلم، فهل يعقل أن يضن بهذا العلم عليك أنت يا محمد؟ وقد اصطفاك خاتماً للآنبياء والمرسلين وأنزل خاتم الرسالات السماوية بك وإليك؟

أما قوله بأن كلمة "علق" كانت موجودة في اللغة العربية القديمة وتوارت بقلة إستعمالها هي فرضيات لا معنى لها، فهذه الكلمة بالمعاجم (القاموس المحيط صفحة 1175) معناها: الدم عامة، أو الشديد الحمرة، أو الغليظ، أو الجامد، أو القطعة منه، وبالهاء "العلقة" هي كل ما علق، والطين الذي يعلق باليد.

واضح أنه الآن يتجه بقوة وإصرار إلى غايته الأخيرة ألا وهي أن الحروف المقطعة في القرآن هي ليست عربية وإنما هي من اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية). فمشكلته مع "علقة" و "علق" أنه وجد لها معنى في اللغة الهيروغليفية،، هذا كل شيء,, لذا أراد أن يهييء لها المناخ المناسب ليفرضها على الواقع، لذا:

1. قال: ((إن الكلمات مثل: (الصاخة ، والحاقة ، والحطمة ، والحور العين ، والسَّمْكُ ، والفردوس ، والبرزخ وغيرها) التي تصف إما ما يحدث في الآخرة أو ما يدور في الملأ الأعلى، هي كلمات مصرية قديمة )).

2. وثم قال (( إن الحوار بين الملائكة وربهم في سورة البقرة، من قوله تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ... إلى قوله تعالى (... وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون)، فهو يتسأل عنه فيقول: فبأي لغة عُلم أدم، أعُلم باللغة المصرية القديمة، حيث أنها اقدم لغات العالم؟ وهل كانت لغة آدم لما هبط إلى الأرض هي اللغة المصرية؟؟!! ، إذن هو يرجح "إن لم يؤكد" جازماً بأن لغة آدم عليه السلام كانت اللغة المصرية (الهيروغليفية) .....))، إن لم يكن هذا هو الهوس بعينه فماذا يكون إذاَ؟؟؟

3. ثم يقول ((فنحن لسنا من أنصار من يصورون الإنسان البدائي في هذا الشكل الممقوت الذي يصور به الإنسان وكأنه لا يعلم شيئا ولا يتكلم لغة مفهومة وانه هو الذي طور لغته بنفسه، فإن كان الأمر كذلك، فأين ما علم آدم، وأين التكريم الذي كرمه الله للإنسان؟)) ،

4. يقول أيضاً: ((ونحن نرى أن آدم لما نزل إلى الارض كان معلَّما، وكان يتكلم اللغة التي عُلمها، وهبط إلى الأرض فسكن أرض مصر - جنة الرب كما يقول عنها اليهود في كتبهم - فصارت لغته التي عُلمها في السماء هي لغة أبنائه وأحفاده من بعده، وصارت إلى اللغة المصرية التي نتكلم عنها في كتابنا هذا .)).

5. يواصل متسائلاً فيقول ((وهل اللغة المستخدمة في الكلام في الملأ الأعلى هي اللغة المصرية ؟؟!!))،

6. يقول أيضاً: ((ونحن نرى أيضا أن الكتب السماوية الأولى ربما كانت تحمل إشارات إلى هذه المعلومة كصحف إبراهيم وتوراة موسى الحقيقية، مؤداها أن لغة الملأ الأعلى هي تلك اللغة التي تسمت فيما بعد باللغة المصرية، وان « هذه الإشارات في أوائل السور القرآنية تصح ان تكون المفتاح السري الذي يتم من خلاله التعرف ما إذا كانت رسالة محمد من عند الله »، فخاصة الخاصة من أحبار اليهود كانوا يعلمون هذه الشفرة ومن خلالها آمن منهم من آمن واستكبر من استكبر، فهم ولا شك في ذلك كانوا ما زالوا يعرفون اللغة المصرية حتى على عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهي لغتهم في الأصل (وليس العبرية كما يتوقع)).

7. يواصل قوله ((أم أن اللغة التي علمها آدم في الملأ الأعلى كانت مختلفة بدليل أن الملائكة لما سئلوا عن تلك الأسماء لم يعرفوها (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا))،

8. ثم يقول ((على أي حال فهذا الموضوع لا نستطيع الآن أن نبت فيه بكلمة نهائية إلا بعد بحثه علميا مدققا في مناسبة أخرى، ولعلنا بهذه الإشارات نفتح الباب لغيرنا لبحث الموضوع مستقبلا)).

ما الذي يهدف إليه هذا الباحث ؟؟؟
واضح أن الهدف غاية في الخطورة، فهو يصوره بوضوح فيما يقوله صراحةً فيما يلي:

يقول أن: المنهج الذي سنستخدمه في كتابنا هو:
1. ((تحديد الرموز القرآنية المعجمة التي في أول السور الـ 29، «« وإعادة كتابتها بلغتها الأصلية »»، ثم البحث في معانيها في قاموس اللغة المصرية القديمة، ثم التأكد من صحة معناها في السياق، سواء بالحس اللغوي التفسيري أو بما نستطيع الحصول عليه من كتب السيرة والسنة من إشارات في هذا الاتجاه )) .... ألم أقل لكم إنني لم أكن أبالغ؟؟

2. الآن بان التوجه الذي يقصده الباحث وبصورة مخيفة، فقد أطلق بكل ثقة اسم "رموز قرآنية معجمة" للآيات البينات المكونة من حروف مقطعة في مطالع السور، فقد أسقط عنها كلمة "آية" وأبدلها بكلمة "رمز" ، وكان من قبل قد إجتهد كثيراً وجادل حتى ظن أنه استطاع أن يسقط عنها عربيتها ونسبها إلى اللغة المصرية القديمة الهيروغليفية،
3. قرر إعادة كتابة هذه الآيات البينات من الحروف المقطعة بلغتها الأصلية (المصرية القديمة) طبعاً، بدلاً عن العربية،
4. ثم البحث في معانيها في قاموس اللغة المصرية القديمة،
5. ثم التأكد من صحة معانيها في السياق، سواءً بالحس اللغوي أو التفسيري ... ،

ثم يقول، عن كتابه الذي ألفه: ((وهدف هذا الكتاب: تعيين اللغات المقدسة: (- اللغة المصرية القديمة ، اللغة البابلية وعلى وجه التحديد في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد، واللغة العبرية، اللغة العربية -) وإعلاء شأنها على سائر اللغات، حتى نتفادى أن يفسر مجتهد كلمات معجمة في القرآن الكريم بلغات أخرى غير المقدسة لمجرد تشابه كلمة معها؛ كأن يقول قائل في معنى (فرت من قسورة): الأسد، ويشرح كلمة قسورة بلغة اخرى (الحبشية) غير مقدسة مثلا (وكلمة قسورة أيضا كلمة مصرية وتعني: (رامي الحربة). فإن هو فسر بها كلمة فلن تسمو تلك اللغة لتفسر كلمات أخرى، وربما كانت تلك اللغة قد انتقلت إليها الكلمات من المصرية لانها ليست بأقدم من اللغة المصرية. لاحظ أن هذا المعتوه جعل اللغة العربية آخر اللغات من حيث القدسية، الملاحظ أن كل مخبول تعلم لغةً من اللغات سعى لأن يعيد كتابة القرآن بها،، وإذا الأمور إستمرت على هذا النحو، فلن يكون غريباً أن نرى مصاحف بلغة Pascal, Visual Basic, SQL, .Net,,,, etc. ولا نستبعد إن ظهر لنا معتوه يعرض علينا آيات بالكميات التخيلية أو بالتباديل والتوافيق، أو بلغة الآلة الثنائية Binary .

الآن جاء دور قدسية اللغة التي تكتب بها آيات الكتاب عموماً والقرآن كذلك وهي بلا شك اللغة المصرية القديمة، ما دامت "في رأيه) هي لغة الملأ الأعلى والملائكة ولغة الأنبياء جميعاً واللغة التي علم الله تعالى بها الأسماء لآدم فلن تكون هناك أقدس منها، فيقول: أن هدف كتابه هو تحديد قدسيتها، وإعلاء شأنها على سائر اللغات،

وعليه،، قام بترتيب اللغات حسب أولوية القدسية عنده، هكذا ((1- المصرية القديمة ، 2- اللغة البابلية القديمة وعلى وجه التحديد الألفية الثانية قبل الميلاد ، 3- اللغة العبرية، 4- اللغة العربية))، إذاً،، من هذا الطرح الواضح أن الهيروغليفية تفوز بأعلى درجات القدسية وتحتل اللغة العربية أدنى مرتبة في القدسية، تعلوها في ذلك اللغة العبرية واللغة البابلية، إذن اللغة التي نزل بها القرآن هي أقل قدسية من العبرية والبابلية، وأعلى درجات القدسية هي للمصرية القديمة بلا منازع. الآن وقد حددها، بقي عليه إعلاء شأنها على سائر اللغات.

يقول إنه: ((يريد أن يتفادى أن يفسر مجتهد كلمات معجمة في القرآن الكريم بلغات أخرى غير المقدسة لمجرد تشابه كلمة معها، كأن يقول قائل في معنى (فرت من قسورة): الأسد ويشرح كلمة قسورة بلغة أخرى (الحبشية) وغير مقدسة مثلاً (وكلمة قسورة أيضاً كلمة مصرية وتعني (رامي الحربة)، (هو لا يقصد الحبشية ، ولكنه يعني اللغة العربية، وقد قال من قبل أن "الم" تشبه الحروف العربية ولكنها ليست كذلك بل هي كلمات مصرية قديمة (هيروغليفية)،

ويقول أيضاً: ((لا بد وأن يأتي المنهج بثمرة ويضيف إلى تفسير الآيات ما يستأهل الأخذ بهذا المنهج .)) ،
(لا بد وأن يعاون المنهج على الكشف عن أسرار جديدة في القرآن، من أسرار الله وعلوم وتاريخ . . . إلخ .)

الغريبة لا أدري لماذا يصر الناس على أن كلمة "قسورة" غير عربية، أو أنها حبشية، أو هيروغليفية,,, الخ هل لأنهم وجدوها في معاجمهم؟ أم هي مسألة مغالطات للوصول إلى هدفهم البعيد المنال الذي لن يبلغون؟؟
القسورة: كلمة عربية فصحى، وهي ليست وقفاً على الأسد، بل كل ما يمكنه أن ينفر الحيوانات أو غيرها، فالقسورة هو الشخص العزيز القوي، وأيضاً الأسد أو ما يقوم مقامه من الكواسر، وأيضاً الرماة والصيادين. والقسورة هو الشاب القوي وللكلمة إستخدامات أخرى متعلقة بالليل إن كان أوله أو منتصفه،، الخ.
إذاً،، قسور الحيوانات إذا أخافها وإستنفرها فجرت أمامه أو منه هلعاً وخوفاً، يقسور، فهو قسورةً ،
زمجر، يزمجر، زمجرةً,
بلور، يبلور، بلورةً،
ثرثر، يثرثر، ثرثرةً

ثم يقول: ((واخيرا ليتضح معنى الآيات التي ورد بها الرمز في محاولة للوصول إلى مراد الله عز وجل لتأكيد بلاغة القرآن حتى وإن احتوى بعض الكلمات المعجمة حيث ضن وضعها في سياقها وتوظيفها في مكانها في الآيات يشير إلى بلاغة عالية رفيعة مما سنشير إليه في موضعه))،

ويقول: ((فاستخدام المنهج المذكور ليس مجرد شرح مفردات أو أن كلمة ما تساوي كلمة أخرى من لغة أخرى وحسب، بل لا بد وأن تضيف هذه المعلومة الجديدة كشوفا جديدة إلى تفسير النص، وشرحها يساعد في توضيح المراد الحقيقي الذي أراده الله عز وجل، وإلا كانت هذه العملية برمتها لا فائدة منها ولا طائل)).

مما تقدم يتضح جلياً أن الموضوع أصبح أخطر مما نستطيع تصوره، فالمسعى هو أن يعاد صياغة القرآن وفق أكثر اللغات أقدمية وقدسية، وقد وصل الباحث إلى هذه اللغة وهي الهيروغليفية دون منازع وحيث أن اللغة العربية أقل اللغات المقدسة قدسية فالمشروع سيبدأ أولا بالكلمات المقطعة ثم بعد ذلك يسهل التوجه إلى (الحاقة ، والحطمة ، والقارعة ، والفردوس ، والبرزخ ،،،، وغيرها كثير) فهذه كلمات من اللغة المصرية القديمة وليست عربية "كما يدعي". هذا نوع فريد من العمه لم يصل إليه أحد قبله.

أود هنا أن ألفت نظر القراء الكرام إلى أن هذا الباحث حتى هذه اللحظة لم يتطرق إلى معنى فواتح السور من الحروف المقطعة، فقط إعتبرها مدخلاً ليعرض الغيروغليفية كبديل للغة العربية في القدسية والقيمة والأصالة. وسوف نتناول توجهات أخرى من النصارى وكيف كان إنقضاضهم على هذه الفواتح التي ظنوها هاملة لا يعرف قدرها المسلمون كما صرح بذلك زكريا بطرس.

تحية طيبة للقراء الكرام

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(ج):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(أ):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(ج):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(أ):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء11:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء10(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء10(أ):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء9:
- التقديم والتأخير - إن كنت تدري فتلك مصيبة:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء8:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء7:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء6:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء5:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء4:
- العلم - والأخلاق وآداب الحوار:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء3:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء2:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء1:


المزيد.....




- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (د):