في ليبيا.. السياسيون خائفون من المليشيات القوية

عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 12:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في عرض مُذل بالفيديو لسياسي كبير في ليبيا- رئيس البرلمان- ظهر وهو يستجدي قائد مليشيا كيف تم القبض عليه في مقر إقامته مع أثنين من النساء وإصراره على عدم حصول شيء فاضح..

أقسم نوري أبو شامين بالله في مقابلته لرجل المليشيا هيثم ناجوري، بقوله "هيثم.. أنا لا أخفي عنك شيئاً".. ويظهر في الفيديو بأنه خائف.. أخبره قائد المليشيا بأن المرأتان تدعيان أن لديهما "معلومات حساسة" في وقت كان يتلقى نصائح حول خلية متآمرة تخطط لاغتياله.

أجابه القائد المليشياوي بقوله: "اُريد أن أغلق هذه القضية نهائياً، لكني اُريد أن أفهم.. أنا لست غبياً."

تم تسريب الفيديو من قبل المليشيات قي وقت سابق من هذا الشهر لمحطات التلفزيون الليبي. وهذا ما أثار ضجة واسعة دفعت النائب العام فتح التحقيق واستدعاء الطرفين- رئيس البرلمان والقائد المليشياوي- لاستجوابهما، بهدف كشف ما إذا حصلت جريمة في القضيىة، سواء ابتزاز من قبل الطرف المليشياوي أو انتهاك لقوانين الأخلاق من قبل أبو شامين- السياسي ذات الميول الإسلامية.

في نهاية المطاف، ما كشف الفيديو عنه، هو المستوى الواسع لضعف السياسيين، متجسدا برئيس البرلمان، في مواجهة المليشيات.. هذه المليشيات التي صارت في موقع تنفيذ القانون والوقود التي تغذي الفوضى في البلاد منذ الإطاحة بـ: معمر القذافي العام 2011.

منذ البداية، فعلت الحكومة الوليدة القليل لتنفيذ برنامج نزع سلاح وتسريح المليشيات.. وبدلا من ذلك، حاولت الحكومة شراء المليشيات.. أنفقت مليارات الدولارات لتجنيد المقاتلين في المهام الأمنية المختلفة، دون أن تنجح حتى في الحصول على ولائهم لها أو بناء دولة قادرة على كسب ولاء هذه المليشيات.

والآن، مع استمرار الفوضى في الجيش والشرطة، يبقى السياسيون أضعف من السيطرة على هذه المليشيات..

الحصيلة، تتلخص في: لا تفاوض مع الحكومة.. تحاشى أي حل وسط.. الحكومة ستبقى ضعيفة جداً.. وغير قادرة على اتخاذ موقف في مواجهة المليشيات.. وفقاً لـ Jason Pack- باحث / تاريخ الشرق الأوسط- جامعة كمبردج، ومدير موقع Libya-Analysis.com الذي يركز على الجانب السياسي والاقتصادي في البلاد (ليبيا)..
وأضاف بأن سياسة الحكومة ترضية المليشيات والطلبات الإقليمية "تسببت في تآكل erosion المؤسسات الرئيسة.. كافة المشاكل تعود إلى هذه المعضلة (تآكل/ انهيار مؤسسات الدولة.)

جاء الموقف المذل لرئيس البرلمان مع القائد المليشياوي مجرد أحدث حالة لمثل هذا الموقف الذي يتعرض له سياسيو السلطات الليبية المنتخبة على أيدي هؤلاء المسلحين.

منذ ما يقرب الستة أشهر، أختطف رئيس الوزراء آنذاك- علي زيدان- لفترة وجيزة من فندقه الخمس نجوم من قبل جماعة من المليشيات الإسلامية قبل أن يُطلق سراحه من قبل مجموعة مسلّحة أخرى منافسة. وآنذاك تم خطف نجل وزير الدفاع من قبل المليشيات، ولم يطلق سراحه قبل أربعة أشهر في ك2/ يناير. وأصبح والده رئيس الوزراء المؤقت بعد إزاحة زيدان من منصبه من قبل البرلمان الشهر الماضي.

في الصيف الماضي، حاصرت المليشيات البرلمان والحكومة، وأجبرت المشرعين على تمرير "قانون العزل السياسي"، الذي تم بموجبه الحرمان من العمل في السياسة كل من شغل منصباً خلال حكم القذافي الذي دام 42 سنة. شمل القانون عدداً من الشخصيات البارزة ممن انشقوا عن القذافي وقاتلوا ضد حكمه، ثم سعوا إلى المشاركة في إعادة بناء البلاد بعد ذلك.

قاد هذا القانون إلى تقسيم البلاد وفق مقولة "أنت معنا أو ضدنا." وحسب وصف حنان صلاح- الباحث الليبي- منظمة مراقبة حقوق الإنسان/ نيويوك Human Rights Watch: إن طريقة تمرير القانون المذكور، شكل "نقطة تحول" في ليبيا.

""ومنذ ذلك الوقت، صار تمرير القانون بالقوة أمراً مشروعاً على نحو مطلق""..

نشأت المليشيات ابتداءً بوصفها ألوية من المقاتلين الذين اشتبكوا مع قوات القذافي خلال انتفاضة العام 2011. ومنذ ذلك الحين تضاعفت أعدادها وقوتها في السلطة بالعلاقة مع نهبها كميات ضخمة من الأسلحة من ترسانات القذافي ، علاوة على ما تسلمتها من أسلحة من الخارج.

تمتد جذور كثرة من المليشيات إلى المدن أو القبائل، لكنها وسعت قوتها جغرافياً. المليشيات من ثالث أكبر مدينة ليبية- مصراتة، على سبيل المثال، تشكل قوة يُخشى منها في العاصمة- طرابلس، كما هو الحال بالنسبة لمليشيات إقليم غرب زنتان، وهما متنافستان، كل قوة تدعم إحدى الكتلتين من المعارضة الرئيسة في البرلمان. في النصف الشرقي من البلاد، اصطفت بعض المليشيات وراء دعوات الحكم الذاتي للمنطقة، والمعروفة باسم "برقة"، والتي شكت طويلاً من التمييز من جانب طرابلس.

مليشيات أخرى، متجذرة ايديوجياً، لا سيما مجموعة من المليشيات الإسلامية المتشددة، وكثرة منها تستوحي أفكارها من تنظيم القاعدة.

يقول عضو سابق في البرلمان Tawati al-Eiydha/ اختطفت المليشيات عدداً من أعضاء البرلمان، عمدت إلى تجريدهم من ملابسهم.. إذلالهم.. تصويرهم.. وابتزازهم ، وإجبارهم السسير وفق ما هو مطلوب منهم.

يقول عضو البرلمان السابق آل Tawati-آل Eiydha- اختطف رجال الميليشيات عددا من المشرعين، ثم تعريتهم وإذلالهم وتصويرهم و ابتزازهم للاحتفاظ بهم السير وفق الخط المطلوب.

واصل النائب السابق كلامه لـ Associated Press بأنه قابل أحد الضحايا الذي وصف له محنته- نائب برلماني سابق- رفض تعريف هويته- وأضاف بأنه أثناء بحثه وجد حالات أخرى "ثانية وثالثة ورابعة تعرضوا لمثل هذه المعاملة."

وحسب النائب السابق (الطويل): "من هنا فهمت، لماذا تم خنق هذه الدعوة .. سيطرة الدولة على المليشيات."

الطويل كان يمثل المدينة الليبية الجنوبية في البرلمان الليبي al-Kufra.. ذهب، قبل عدة أشهر، إلى محطة التلفزيون الأولى في ليبيا لنشر ادعاءاته.. ورداً على تصرفه، صوت البرلمان بطرده من مقعده البرلماني.

عضو برلماني سابق آخر Mohammed Domaa، أكد لوكالة الأسوشيتد برس AP بأن نفس البرلماني وصف قضية اختطافه له شخصياً أيضاً. قال الضحية لـ Domaa بأنه احتجز لمدة أسبوع تقريباً من قبل المليشيات بـ: تهمة "جريمة أخلاقية"، وتعرض للتعذيب مع تصويره.

وحسب Domaa "كان الضحية- عضو البرلمان السابق- في حالة انهيار عصبي،" حيث قدّم استقالته من البرلمان حالاً بعد اعترافه، احتجاجاً على اختطافه وسيطرة حالة الاستقطاب polarization في البرلمان.

وأضاف "كنا نريد سيادة القانون.. أردنا بناء دولة لها حق الاستخدام الحصري للقوة، ولكن ما حصلنا عليه هو مجموعات من المليشيات تتركز لديها السلطة/ القوة."

تقويض المليشيات لسلطة الدولة واضحة في جميع أنحاء البلاد.

خلال العامين الماضيين، اغتالت المليشيات نحو 200 من الشخصيات البارزة، بما في ذلك كبار المسئولين في الشرطة،، مدعون عامون.. قضاة ناشطون، ومعظمهم من المنطقة الشرقية، لا سيما في بنغازي ودرنة، معقل المليشيات الإسلامية.

وقال الباحث صلاح، لا يجرؤ المحققون الذهاب إلى مسرح الجريمة أو إجراء الاعتقالات، ونادراً ما يشهد الشهود خوفاً من الانتقام. كما وأغلقت المحاكم أبوابها لخشية القضاة من الاغتيالات. "هناك انهيار للقانون والنظام في مناطق عديدة من ليبيا."

في مدينة درنة Darna، لا تملك الحكومة أية سلطة على الإطلاق في مواجهة العديد من المليشيات الإسلامية المتطرفة التي تسعى إلى إقامة حكم مبني على تفسير صارم للشريعة.

في يوم الجمعة، انتشر موكب المتشددين في أنحاء المدينة مع عشرات الشاحنات الصغيرة المزودة بالأسلحة، رافعة لافتات سوداء للمجموعات الجهادية، ومجلس الشورى من شباب الإسلام، وأعلنوا على صفحتهم في الفيس بوك بأنهم سيتحدون "كافة القوانين الكافرة" ويعملون على تنفيذ الشريعة فقط. كما وأقاموا نقاط تفتيش في المدينة، بدعوى تشكيل لجان لحل النزاعات بين السكان من خلال الشريعة الإسلامية.
تعيش مدينة Darna العنف المتكرر. أثناء التصويت على الصعيد الوطني في فبراير/ شباط الماضي لاختيار جمعية كتابة الدستور، قامت هذه المليشيات في المدينة بقصف أو حصار مراكز الاقتراع. وعلى مدى الأشهر الماضية تم قتل المدعي العام السابق في المدينة، وصارت جثث الأجانب متروكة في الشوارع، كما وهاجم المسلحون مكتب خزينة المدينة، حيت تدفع الحكومة من خلالها رواتب الشرطة.

وحسب Hanan al-Bereik- محام/ مدينة Darna، اعتصم سكان المدينة لمدة ثلاثة أيام مطالبين الحكومة التخلص من المليشيات، لكن السلطات لم تستجب لهم..

وأضاف "إنهم يريدون دولة إسلامية.. لكن الناس كافة يرفضون هذا.. وفي ظل المليشيات تعيش النساء في حالة إرهاب.. لا توجد وسيلة للخروج ليلاً،، نحن نخشى على أطفالنا."

جرت محاولة درامية من قبل ميليشيات الشرقية بصورة غير قانونية لبيع شحنة من النفط، بحيث تركت الليبيين في ذهول من عجز حكومتهم. تم إحباط المحاولة فقط عندما أوقفت سفينة حربية أمريكية ناقلة قبالة قبرص.. ويلاحظ أن معظم المنشآت النفطية في البلاد ومنذ العام الماضي صارت تحت سيطرة المليشيات التي أوقفت الإنتاج في إحراج متكرر للحكومة.. هذا رغم التوصل مؤخراً إلى اتفاق لإعادة سيطرة الحكومة على حقولها النفطية.

قال Gomaa Barbash- طرابلس- موظف في شركة للطيران: "البلاد لم يبق فيها شيء.. الناس ضاقوا ذرعاً.. نريد رئيساً!"
ممممممممممممممممممممممممممممـ
In Libya, politicians in fear of powerful militias,MAGGIE MICHAEL Associated Press,uruknet.info,April 10, 2014.

http://www.uruknet.de/?p=m106249&hd=&size=1&l=e

(( مقالة ذات علاقة))
إستقالة رئيس الوزراء الليبي المؤقت بعد تعرضه لاعتداء
أعتذر رئيس الوزراء الليبي المؤقت عبد الله الثني عن تكليفه بمهام رئاسة الحكومة بعد تعرضه "لاعتداء غادر" مع عائلته كما جاء في رسالته للبرلمان، أكد فيها أنه سوف يستمر في "تسيير الأعمال" حتى تعيين رئيس وزراء جديد.

أعلن رئيس الوزراء الليبي عبدالله الثني، الذي كلفه المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في الثامن من نيسان/ ابريل تشكيل حكومة جديدة، الأحد (13 نيسان/ أبريل 2014) أنه يعتذر عن تكليفه بمهام رئاسة الحكومة بعد تعرضه "لاعتداء" السبت. واعتذر الثني الذي تعرض "لاعتداء غادر" مع عائلته كما جاء في رسالة بعث بها للبرلمان، عن قبول تكليفه بمهام رئيس الحكومة، لكنه أكد أنه سيستمر في "تسيير الأعمال" حتى تعيين رئيس وزراء جديد. وقال الثني في الرسالة التي نشرها موقع الحكومة على الانترنت "لا أقبل أن أكون سببا في الاقتتال بين الليبيين بسبب هذا المنصب". وأضاف دون ذكر تفاصيل عن الحادثة "أتقدم إليكم باعتذاري عن قبول تكليفي بمهام رئيس الحكومة المؤقتة مع استمراري وأعضاء الحكومة في تسيير الأعمال".
وأشار إلى تعرضه وأسرته إلى اعتداء غادر الليلة الماضية بإطلاق الرصاص الذي روع الآمنين في منطقة سكنه وعرض حياة بعضهم للخطر. وقال متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء إن أحدا لم يصب في الهجوم الذي وقع خارج منزل الثني.
وكان الثني قد عين في وقت سابق من هذا الشهر كرئيس مؤقت للوزراء لمدة أسابيع فقط. ومدد المؤتمر الوطني العام هذه الفترة الأسبوع الماضي شريطة أن يشكل حكومة جديدة بهدف تحقيق قدر من الاستقرار في ليبيا.
وكان المؤتمر الوطني العام قد أقال علي زيدان سلف الثني بعد أن فشل في إنهاء أزمة مع مسلحين احتلوا ثلاثة موانئ نفطية حيوية لعدة أشهر. وتمكنت حكومة الثني من إبرام اتفاق مع المسلحين لإعادة فتح الموانئ.
وهرب زيدان الذي سبق أن خطفته هو نفسه ميليشيا لوقت قصير العام الماضي إلى أوروبا بعد عزله من منصبه. وكثيرا ما شكا من عدم قدرته على الحكم بسبب التناحرات السياسية والضغوط التي يتعرض لها من الميليشيات.
وتأتي استقالة الثني وسط الفوضى المتنامية في ليبيا حيث تكافح الحكومة الهشة للتغلب على التناحرات السياسية وكتائب المقاتلين السابقين بعد مرور قرابة ثلاثة أعوام على سقوط معمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي. وفي غياب جيش وطني حقيقي تواجه ليبيا صعوبات في انتقالها نحو الديمقراطية في حين ترفض الكتائب التي حاربت القذافي تسليم سلاحها وكثيرا ما تتحدى سلطة الدولة.

http://www.dw.de/%D8%A5%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%82%D8%AA-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D8%B6%D9%87-%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%A1/a-17564308

#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات