أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عادل سالم عبد الجبار - حرب المياه البهيجة في شرق اسيا















المزيد.....

حرب المياه البهيجة في شرق اسيا


عادل سالم عبد الجبار

الحوار المتمدن-العدد: 4424 - 2014 / 4 / 14 - 14:47
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


حرب المياه البهيجة في شرق اسيا

عادل سالم عبد الجبار- بانكوك


رغم تعدد الأعياد والمهرجانات في تايلاند إلا أن مهرجان عيد الماء - رأس السنة البوذية الجديدة - هو الأبرز والأشهر ليس في تايلاند وحسب بل في الدول المجاورة مثل "بورما ولاوس وكمبوديا"، وتعني "سونجكران" في لغة "بوذا القديمة" دخول الشمس في منطقة البروج وابتداء الاعتدال الربيعي والإعلان عن بداية سنة جديدة.. ويبدأ الاحتفال بهذا المهرجان يوم 13 أبريل من كل عام وينتهي في 15 أبريل.

وكان عدد من سكان منطقة "كاوسان" الواقعة بالقرب من مباني دوائر الدولة في العاصمة التايلاندية "بانكوك"، تجمعوا للاحتفال بالعام الجديد بمشاركة عدد من الأجانب المتواجدين في المدينة (تشكل السياحة احد مواردها الاساسية حيث يمر عليها عشرة ملايين سائح كل عام ينفقون فيه قرابة المليار دولار سنويا) ، وبدأوا في ممارسة طقوس الاحتفال برش الأطفال والكبار المياه على بعضهم البعض، بالإضافة إلى مشاركة الجنود الذين يعانون من ضغط كبير في الفترة الأخيرة بسبب المظاهرات والاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد.

التقليد الشائع والمتعارف عليه في هذه الايام هو سكب ( القاء- رش ) المياه على المحتفلين او المستطرقين او عابري السبيل باستثناء كبار السن او الاطفال الذين يتم الاكتفاء بوضع بصمة من بودرة "تالك" المصنوعة من مسحوق المنثول المطعم بزيت النعناع والممزوج مع مادة الجبس " بيكاربونات الصوديوم" او ماتعرف في العربية بمسحوق النورة على وجناتهم. والماء رمزا لتنظيف الجسد من الاوساخ تقليديا والروح من الخطايا تعبيريا.

التايلانديين يجوبون الشوارع بحاويات للمياه أو مدافع المياه. وباﻹ-;-ضافة إلى ذلك، يستخدمون العديد من الأوعية الصغيرة المصنوعة من اليلاستيك او الالمنيوم " الفافون" الملونة والرخيصة.

إلى جانب إلقاء المياه، الناس المحتفلون بهذا المهرجان البوذي قد يذهبون أيضا إلى المعابد (الدير البوذي) للصلاة وإعطاء الغذاء للرهبان. ويتم غسل تماثيل بوذا في المزارات المنزلية ( عبارة عن مكان مخصص في المنزل او المحل او اي دائرة رسمية لتحية بوذا ) وكذلك في الأديرة بلطف بصب المياه المختلطة مع رائحة تايلاندية ( نام اوب تاي بالتايلاندية: น-;-้-;-ำ-;-อ-;-บ-;-ไ-;-ท-;-ย-;- تعني ماء الغسل التايلندي) وأكثرهم يعتقد أن القيام بذلك سوف يجلب الحظ السعيد والرخاء في العام الجديد.

في العديد من المدن، مثل شيانغ ماي شمال تايلاند يستغرق المهرجان ستة ايام حيث تزين تماثيل بوذا بورود الياسمين ويطوف بها في الشوارع قبل ان يتم نصبها في المعابد الجديدة او بستبدالها عوضا عن القديمة ، الطوفان بها يسمح للناس من رش الماء عليها، هذه الشعائر : غسل التماثيل والمنقوشات العامة في المدن في شمالي تايلاند، وقد يحمل الناس حفنات من الرمال إلى الدير بغية تعويض التراب الذي تضرر خلال الفترة الماضية من السنة.

بعض الناس يتخذون قرارات السنة الجديدة - الامتناع عن سوء السلوك، أو للقيام بأشياء جيدة. سونغكران وقت التنظيف والتجديد إلى جانب غسل المنازل وتنظيفها..
لاحظ ان بيوت الاغنياء نظيفة على مدار ايام السنة والطبقة الوسطى عادة تنظف منازلها في عطلة نهاية الاسبوع والسبب هو ساعات العمل الطويلة في باقي ايام الاسبوع لا تسمح لربة الاسرة ان تقوم بذلك يوميا وهذا ما تفعله ربات البيوت في العراق في ايام الجمع اما الطبقة الفقيرة فسوف تستغل مناسبة هذا الاحتفال ايضا وتغتنم هذه الفرصة لتنظيف منازلهم بشكل واسع وتهذيب الاشجار قبل بدء موسم الامطار الصيفية الممتد من ابريل الى نوفمبر.

في الجذور التاريخية الاجتماعية ان رش المياه طريقة استخدمت لابداء الاحترام لكبار السن من خلال تجميع المياة المتساقطة من غسل تماثيل بوذا واعادة استخدام هذه المياه بصبها برفق على اكتاف ثم استبدلت الى كفوف كبار السن لإعطاء حسن الحظ لهم ولذريتهم.

ولكن جيل الشباب الحالي ادخل مفاهيم جديدة على هذه التقاليد وجردها من ابعادها الدينية الميثولوجبة فتطورت لكي تشمل الاجانب الزوار وليصبح الامر مبالغا فيه من استهلاك هائل في الوقود وفي المياة المستخدمة سيما ان شهر نيسان – ابريل هو اشد اشهر الحر في السنة (يمكن أن ترتفع درجات الحرارة إلى ما يزيد على 100 درجة فهرنهايت أو 40 درجة مئوية في بعض الأيام) . فتطورت إلى معارك المياه ورشها عبر أشخاص يستقلون سيارات. مما جعل في الوقت الحاضر، التركيز على المتعة وإلقاء المياه بدلاً من التركيز على الجوانب الروحية والدينية للمهرجان، الذي نال بعض الأحيان شكاوى من المحافظين في السنوات الأخيرة فكانت هناك دعوات إلى الاعتدال في المهرجان للتقليل من حوادث الطرق المرتبطة بالكحول،( 1200 حالة وفاة عام 2013 من خلال اكثر من 3000 حادث ). فضلا عن الإصابات التي تعزى للسلوك المتطرف مثل المياه التي ألقيت في وجوه راكبي الدراجات النارية. ومن التغييرات الحديثة في هذا التقليد اجراء عرض لجمال الفتيات وشراء قلادات العنق المحلية الصنع لمنحها للجميلة التى تختارها ولم استطع الوقوف على حقيقة هذه التقليد الدخيل فيما اذا كان مصدره تجار السوق المحليين لبيع البضائع المصنوعة يدويا والراكدة او جاء من محاولة الاجانب مصاحبة الفتيات حيث يكثر وجود الفتيات وخاصة المراهقات او ذوات التعليم الواطيْ.

الشرطة ايضا المشهورة بتهم الفساد المالي تستخدم هذه الموسم لاصطياد المخالفين فتقوم بغلق بعض المناطق في العاصمة (عادة ما تحتوي بعض اقسام المدينة على بوابات مؤقتة يحرسها رجال الشرطة وتجري عملية تفتيش منفصلة لكلا الجنسين من الرجال والنساء في حالة الحاجة للبحث عن اشياء مخبئة في الجسم )عن الاسلحة والمخدارات وفقا لقانون يمنع حيازة الأسلحة أو المخدرات، قناني الكحول أو المواد المحظورة الأخرى.

الجذور التاريخية

تختلف المصادر التاريخية حول بدايات هذا الاحتفال فبعضها ينسبها الى عهد دولة جولا اي في عهد ملكها راجاندرا جولا الذى حكم تايلاندا في 1012-1044 ) وامتد نفوذ مملكة جولا التي سادت بين القرن التاسع والثالث عشر حيث كان نفوذها يمتد على اراضي الدول التى تعرف الان باسماء الهند ، سريلانكا، ماليزيا ، اندونيسا،الفلبين، بنغلادش ـ سنغافورة ، المالديف. اي انها عاصرت الدولة العباسية لحين سقوط بغداد على ايدى المغول.

استنتاجات مهمة مقارنة مع ديانات اخرى

اذا سلمنا ان هذا التقليد نتاج مراسيم اقرت في عهد دولة قوية ، فلابد ان يكون نتاج عقل ذكي ، انه الجدار الدفاعي عن ديانة ربما توقع اتباعها انها ستلقى انحسارا يوما ما ازاء الهجمات والغزوات التى كانت تسود الدول انذاك.

لهذا فان المضامين التى يحتويها هذا التقليد:

1- الحفاظ على ايام مميزة للديانة البوذية يستطيع الناس ممارستها علنا وسرا على المستوى الخاص والعام. والذى لن يشارك فيه اي اشخاص من ديانات اخرى فتبقى طقوسه مقصورة على البوذيين ملاحظة : المسلمون التايلنديون لا يشاركون في هذه الاحتفالات اطلاقا.
2- اعطاء الماء دوره واهميته في الحياة .
3- التاكيد على مفهوم التسامح من خلال هذه المناسبة كما في التسامح بعد شهر رمضان وعيد الفطر لدينا نحن المسلمين.
4- القيام بحملة واسعة لغسل التماثيل البوذية في المعابد والاماكن الاخرى.
5- تقديم الطعام والمال للمعابد والرهبان لابقاء الصلة بين الناس وبين العابد والرهبان. حيث تستقبل العديد من الذين يرغبون بالبقاء في المعابد للخلوة الروحية والتعلم ويتاولون الطعام مجانا ( وجبة واحدة) مما يجمعه المعبد من المتبرعين مقابل قيامهم بواجبات محددة مثل التنظيف والطبخ.
6- اخذ قسطا من الراحة من جراء العمل الشاق طيلة ايام السنة. مما يسمح للابناء الذين يعملون بعيدا عن منازلهم بالذهاب لزيارة ذويهم. اي ادامة النسيج العائلي والاجتماعي.
7- عزف الموسيقى والاغاني الشعبية السعيدة ..فلا وجود للاغاني الحزينة والجنائزية على خلاف مايحصل في الميثولوجيا الشيعية القائمة على جو اللطميات المهيج عاطفيًا بفعل أصوات كئيبة، وبلهجة جنوب العراق ذات النبرة الحزينة والثرية بمئات الألفاظ الواصفة لمشاعر الحزن بأدق تفاصليه المهيجة.


اما في الديانتين المسيحية والاسلامية فان الاحتفال ببدء العامين الميلادي والهجري يمران دون فاعلية مميزة.. الا بعض الاجراءات الروتينبة في الكنيسة او منابر الجوامع فقط وتكتفي هذه الفعاليات بالحديث المكرر المعاد كل عام عن معجزة ولادة السيد المسيح عيسى بن مريم علية السلام او العبر في هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، ويمر اليومين بدون ادنى تفاعل بشري اجتماعي . السؤال لماذا لا نقوم بفعاليات خاصة يغلب عليها الطابع الاجتماعي العفوي ونكسر تابو التقليد الجامد الذى ليس فيه سوي الوعظ والاطراء .. نسمع ثم نغادر المكان كأننا جئنا اليه مرغمين كارهين .. اما حان الوقت لكي نسحب البساط من تحت اقدام الوعاظ والائمة.. بدلا من الاستماع الى التطرف والتحريض والوعيد.

Video
http://www.youtube.com/watch?v=SAPbXDwabyA


عادل سالم عبد الجبار- بانكوك

الموقع الشخصي

www.adel-salem.com



#عادل_سالم_عبد_الجبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عادل سالم عبد الجبار - حرب المياه البهيجة في شرق اسيا