أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - اضحك.. الصورة تطلع حلوة.















المزيد.....

اضحك.. الصورة تطلع حلوة.


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 4421 - 2014 / 4 / 11 - 23:20
المحور: الادب والفن
    


الإنسان والشوف:
يتورط البعض منا بورطة الشهادة، فأنت في لحظة ما قد تكون مأهلاً لتكون الشاهد الوحيد، الإثبات الفعلي للوجود لحركة ما أو لحظة ما في تاريخ هذا المخلوق المعمر للكون وجنسه، ربما يستثيرك هذا الإحساس بالشهادة، فتحاول أن تزيد مؤهلاتك "الشهادية" والإثباتات على كونك تستحق أن تكون الشاهد، وفي حين آخر ومواقف أخرى يرضى الكثيرون بمجرد كونهم ضمن فصيل "شاهد مشفشي حاجة". أنت أحد هؤلاء الذين "شافوا"، مهما كانت طريقة تماهيك مع هذا "الشوف"، ومهما تباين هؤلاء ممن "شافوا" أو مارسوا "الشوف" بكل صوره، والتي تأتي في أدناها في شكل محاولة الرسم البدائي والنقش البدائي، وهو ما يميل البعض لاعتباره إرهاصات لفن ما بعينه، أو لظهور حضارة ما، أي أننا حين نحاول تتبع هذا "الشوف" في بداياته سترى صدى لهذا الكلام في تلك الخطوط والرسومات والجدريات الكتابية أو في غيرها مما يمكن اعتباره بداية ما لأمر جلل غيّر وجه الأرض في تلك البقعة. وقد يرقى هذا "الشوف" فيصير شاهدًا سميًا من نوع خاص وفي أسمى مراتبه إذ يصير في تلك الحالة الشاهد صاحب البصر والبصيرة، وهو ما كان في أمر النبوة والوحي، وهما من وجهة نظري الشخصية تمثيلا لهذا "الشوف" في أسمى صوره.

مستويات الشوف:
وتتجلى ما بين الأدنى من تلك الإرهاصات وما بين الأسمى من تلك البصائر الشهادات على قدر الشاهد، ويجيء الشوف على قدر موهبة الشاهد الذي رأى، فيمثل شهادته تلك في نص أدبي ما إذا ما قورن بالنص الأسمى سيؤكد سمو الشوف في النص المقدس، لكنه لا ينفى عنه روعته وجماله وإنما يؤسس لدرجات الشوف في النصوص مقارنة مع النص المقدس، وهو ما جعل بعض اللغويين يميلون إلى تقسيم اللغة إلى مستويات باعتبار هذا النسق، فتأتي على سبيل المثال في اللغة العربية مستوياتها الفصحي لغة النص السماوي المقدس، ثم الفصيحة لغة العلم والأدب، ثم لغة العوام التي تتفلت عنها لهات ولهجات. والأمر ليس مع اللغة وحدها فهناك الطبيعة "البيور" ومشاهدها المترادفة ما بين شروق وغروب ونجوم وبحر وظلال وطيور و.. و.... كل ما يبهر العين من مشاهد الطبيعة وهو ما أعتبره المثال الأسمى للشوف في فنون التصوير كلها وما اشترك معها من فنون فن الصورة، ثم يجيء الفنان أو المصور يحاول نقل تلك الصورة الأسمى في لوحاته حتى لو كانت صورة متخيلة يمزج فيها الخيال بالواقع أو تؤسس جملة على الخيال كله، لكنها تبقى صورة تالية للصورة الأصل. ويمكنك القياس تباعًا على كافة فنون "الشوف" والشهادة ما بين الأدب والتصوير اللغوي والفني وحتى فن النحت، وكأننا هنا نؤيد مقولة من سبق "ليس النهر الذي نراه مرتين".

الصورة شاهد إثبات أم نفي؟
أود هنا في هذا الجزء التركيز على واحدة من فنون تلك الشهادة، لعلها فن الصورة الفوتغرافية،أو الصورة التوثيقية المسجلة، ربما تفلت مني بعض المسميات في هذا الفن، أو يجب الاعتراف أولا بأن تناولي للشوف من زاويتها ليس بشكل المتخصص بقدر ما هي وجهة نظر أدبية خيالية لا ترقى إلى التنظير الأدبي أو الفني أو حتى الأنثربولوجي، قدر ما هي تحليل شخصي للمقولة "تثبيت الزمن بصورة"، أو "تسجيل الحدث"، وهنا أود تناوله من حيث الخطورة، وكيف يمكن أن يتحول هنا الشاهد الحقيقي من كونه شاهد إثبات "الصورة الفوتغرافية أو المشهد الموثق- إلى شاهد نفي بطريقة ما، وكيف يمكن التلاعب من خلاله بمقدرات وتاريخ كامل، فقط قبل أن أبدا في طرح وجهة نظري، ساعرض عليك صورة بصرية ما الأولى متخيلة، وهي أن تتخيل أحد الجنود في جيش الهكسوس، وقد دخلوا مصر القديمة، واحتلوها، ثم هزيمة هذا الجندي ولحظات موته في معركته مع جيش أحمس، فقط تخيل الجندي بشكل مجرد، حاول أن تغمض عينك وتلتقط صورة فوتغرافية له، شرطها الوحيد أن تكون أباه أو صديقه أو حتى حبيبته.. هل تظن أن هذا الجندي جاء من الفراغ وهلاكه ليس إلا عودة إلى الفراغ الذي جاء منه؟ فقط جرب ان تبحث في صورة ما بصرية مرت بك وحاول أن تقرنها بصورة هذا الجندي بالاعتبار السابق. والآن افتح عينيك وابحث عن الصورة الوثائقية الجدرية أو الإملائية للمعركة التي قتل فيها هذا الجندي كيف صوره المصري الفنان القديم أو الأديب المؤرخ القديم؟ الصورة –يقينًا- مغايرة. فكلنا سيوجه "الشوف" نحو زاوية ما بعينها، وهو ما يعكس خطورة هذا الشاهد وكيف يمكن به –ليس فقط- توثيق التاريخ الإنساني لرحلة الجنس البشري، بل تزييف الكثير منه، أو إهمال الكثير من التفاصيل الأخرى التي ربما هي مهملة من حسابات البعض بينما هي كل الحسابات لدى الآخر.

حتى لا تهرب الفكرة:
دعنا نقرب الفكرة بشكل آخر وحديث مغاير حتى لا تهرب، وإن بدا في شكله مغايرا بعض الشيء للتنظير الأنثربولوجي والفوتغرافي، سنأخذ مثالا حيًا من واقع سنوات مصر الأخيرة، تحديدًا سنأخذ الصحفي الراحل –"شهيد الشوف"- الحسيني أبو ضيف، هذا الصحفي وغيره ممن يدفعون حياتهم ثمنًا للشوف، فهل يمكن لصورهم أن نعتبرها شاهد إثبات، أو شاهد نفي؟ هنا مكمن الإشكال، كيف يمكن أن يتحول شاهد الإثبات إلى شاهد نفي في الوقت ذاته، ويقلب كل حسابات الصورة، فلا الحسيني أبو ضيف وغيره يمكن لأي صورة من صورهم التي تثبت وتوثق لأمر ما أن تثبت وتوثق للحسيني ذاته لحظة سقوطه، ربما هناك "شواهد" أو "شهود" من زوايا أخرى وفي حالات أخرى، لكن هنا أنا أحاول البحث عن تلك العلاقة ما بين اللحظة الملتقطة نفسها وما بين الواقف وراء اللقطة نفسها.. قد تبدو الفكرة مجنونة وخيالية أو لعلها لم تختمر بشكل كامل في ذهني وخانتني مفرداتي فعجزت أن أشرحها بشكل مبسط.. لكن أنت ماذا تفعل الآن.. أنت الآن تحاول أن تأخذ من كل هذا الكلام صورة ما، لقطة ما لتوثقها لذهنك ليتعامل معها، أي أنك هنا تحاول الوصول إلى شيء بعينه، ربما هو الفهم من خلال تلك الصورة التي تحاول القبض عليها في ذهنك، فكل الصور كتابية أو فنية أرى بشكل شخصي- هدفها الفهم أكثر لنرتاح، ونستكمل رحلتنا في الحياة. والسؤال هل ما رسمته بذهنك أو بفهمك أو بخيالك هل هو شاهد إثبات لفكرتي أو شاهد نفي لها؟!

خدعة مقبولة:
أنا لا أحاول اللعب بالمفردات أو استعراض لـ"فقه السفسطة"، قد ما أحاول أن ألفت انتباهك أن الصور التي نراها أو نكونها أو نلتقطها أو نرسمها بأقلامنا وكاميراتنا أو بشخوص ننحتها، ما هي إلا أحد شقي نظرية "الشوف" فهي إما إثبات لها أو نفي لها، وهو في الحالتين موجه ومقصود حتى وإن خدعتنا دواخلنا بأنه طبيعي وفطري، وهذا ما تقوم به أدمغة الموهوبين لخلع شرعية فنية أو أدبية أو حتى تاريخية على هذا المشهد أو تلك الصورة، وهو ما انتبهت له البشرية منذ القدم وعرفت خطورته فوجهت من خلاله شعوبها لأجل ترويج ما لأفكار ما، كفكرة الفرعون الإله أو ابن الإله، أو فكرة الوطن، وهو ما يمثل الصورة الدُنيا بينما في الوحي مثلت الجنة ومتاعها الصورة الأسمى، وما بين الأدني والأسمى ثمة مستويات لهذا "الشوف".

نظرية "الشوف":
سألخص الفكرة من جديد ببساطة شديدة، فالصور باختلافها انعكاس لـ"نظرية الشوف" التي تمزج بين المدركات من حولنا بأبعادها وتفاصيلها الحقيقية الواقعية والمتخيلة والمتوقعة والمرجوة بتعقيد شديد وبخلط متعمد كثير بينها، وهو ما يمكن أن نوجه من خلاله نحو قضايا بعينها لتكون الصورة فيها شاهد إثبات، وننفي عنها أن تكون "شاهد مشفشي حاجة". وتلك النظرية لها مستويات ومراتب، أدناها النقش بصوره الإملائية أو الرسوماتية او النحية، وأعلاها مرتبة الوحي والعلم الإلهى الذي صار معجزة لأنبيائه المرسلين، وما بين تلك المستويات تجيء مراتب "الشوف" وطرائقه ما بين التجلي والنورانية والشفافية والكشف الصوفي أو الكتابة الإبداعية أو الصور بكل علومها ما بين التشكيل والنحت والتصوير وغيرها، وكلها محاولات واعية مدفوعة بوعي أصيل داخلي من فطرة وجودنا الإنساني والحفاظ عليه وتعمير تلك البسيطة، وترك شواهد تؤكد القول "كانوا هُنا" أو "بالأمس مروا هنا".
إذن متى أردنا أن نعيد حضارة ما أو نكرر مجدها ووجودها، فإننا ملزمون بالفطنة إلى هذا "الشوف" وكيف نوجهه بشكل مقصود وهدف واضح المعالم، حتى يمكننا أن نحدد الكادر قبل تطلق كاميراتنا صوت "التشششششيك".. وأن نعرف كيف نضحك الضحكة المناسبة للكادر المقصود. فقط علينا ان نتعلم أن "نضحك.. الصورة تطلع حلوة".

مختار سعد شحاته.
Bo Mima
روائي
مصر/ الإسكندرية.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العين صابتني.
- عايز أغلط!!!
- من شكّ وجد.. ربُ ضارة نافعة.
- نجم السبوبة في إطلالة بمكتبة الإسكندرية
- ياقة قميصي المتسخ.
- حدث بالفعل : زلزال في معرض القاهرة الدولي للكتاب..
- حكموكي ما حكوكي.. بين البطل الشعبي ورئيس الجمهورية.
- خمسة مشاهد من فيلم -البامبِرز السوداء-.. عن فيلم الشموع السو ...
- أجب عن الأسئلة الآتية إجباريًا أو اختياريًا.. تفتكر هتفرق؟؟
- كل هذا يدعو للسخرية يوم المولد النبوي
- رسالة لن يقرأها الفريق السيسي، وقد يقرأها -أبانا- الذي طفحنا ...
- زرقاء شبرا، والبيت الرمادي.. عن رواية -بيت من شبرا- ل (د/ عص ...
- مقطع من رواية -تصلح للحزن-
- سانتا كلوز.. محاولة كتابة نص شعري.
- بوست الفيس المعنون : اكتب 10 أسماء 10 كُتب أثرت في حياتك
- قراءة أولية لرواية -الرحلة 797 المتجهة إلى فيينا ل: د/ طارق ...
- هل يموت الصوت.. وداعًا يا أيها -الفاجومي-
- إعادة التدوير، ومحمود مليجي الثورة
- بالونات الاختبار الصفراء.
- كيف تصنع قائدًا.. -بتصرف-.


المزيد.....




- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - اضحك.. الصورة تطلع حلوة.