أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم العزاوي - مجسات العتمة....................قصة قصيرة














المزيد.....

مجسات العتمة....................قصة قصيرة


قاسم العزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4420 - 2014 / 4 / 10 - 23:56
المحور: الادب والفن
    


الأصوات البعيدة ، تلك التي في المساء تناديه..مثلما تنداح كل الاشياء في أخاديد الذاكرة ..، اذ لاتلبث ان تنطلق باجنحتها نحو ممالكها القصيّة ،باحثة عن أيما أمل للهبوط والتربع على عرش المسافات ...تأتي ومضة الحياة، نابضة ، هادئة ..الاصوات البعيدة تقترب مع اول دفقة هواء ، وتتكسر مع حفيف الاشجار ، وتهجم ايضا على اخاديد الذاكرة ..تعشعش مثل صغار العصافير ،فاتحة مناقيرها ،وتصدر ذالك الوصيص المتوسل، وهي ترى خفقة اجنحة الام الدائرة حول عشها الدافيء..وها هي الشهور تمرّ سريعا ،ومازالت الاصوات العزيزة تنبعث من البيت : من فوق الاسرّة الفارغة ،ومن خزانة الملابس ،ومن فوق مائدة الطعام ..من كل زاوية في البيت تدور ،وتدور، كما صوت ناعور في مهب الريح ..وهو ايضا يدور ،خلف الاصوات التي غادرته بغفلة من الزمن ..ينتقل من حجرة لاخرى ،يهرول خارج البيت ،علّه يمسك كركرة انطلقت وتلاشت، من غرفة نوم اطفاله ..يزداد صدى الكركرات ،حتى يغصّ بها البيت القابع على اشيائه، وحركته الهائمة هنا ..وهناك..
- بابا ...أنا هنا..
يتجه بسرعة حيث مصدر الصوت..
- لا ...بل هناك ..
لكنه يدور حول نفسه ،وهو يصيخ السمع لتلك الضحكة من فم صغيرته المدللة ...التي لم تتصور يوما من أنه سيفارقها ولو لحظة واحدة..بيد انها أفلت وتلاشت مثل نجمة في فضاء ملتهب ..
ينظر الى الفضاء الواسع ،والى ثلاث نجمات لاصفة فوق البيت تماما ..ولوهلة ،تصوّر ، من انه تشظى الى آلآف من العيون المحدقة بتوسل..العيون المشظية مالبثت أن انتشرت في الفضاء المترامي، وفوق الشرفات والبيت المتلاصقة الممتدة في الازقة والحارات ، وحول خيام البدو ، وفوق كثبان الرمال المحرقة ، والواحات البعيدة ..فيما سافرت عدة عيون ،خارج اسوار القلعة المحصنة بجنود وهميين واسلحة من نار..! وتتعدى الحدود ، حيث البحار والمحيطات ، وقارات واقانيم لم تألفها إلا على اوراق الخرائط ،أو من فم زائر معتوه..وتخيّل ثلاث حمامات بلون الوفر صفقت باجنحتها وتلاشت عاليا ..حينها لم يدر لِمَ داهمته رائحة الدخان ورائحة اجساد تُحرِق ، وصراخ ملتاع ..؟!
حرائق ودخان قريبة من موضع القلب ، بل في القلب-تماما-
تئن وتحمحم من آثارها الجياد الصاهلة ،والمضطربة بجريها نحو مجاهيل ومجاهيل.. سنابكها تحفر في أخاديد الذاكرة كوّة فاغرة ، تبتلع ذلك الانين المنبعث من موضع القلب..اوااااااااااه..:
من يردم هذه الحفرة في آخاديد الذاكرة العاجّة بالفوضى والتشتت...؟!وكركرات الاطفال أما آن لها ان تهدأ ولو قليلا..
كي اهدأ وأنام ...؟! لكن الاصوات التي تناديه، مازالت تدور في أركان البيت ، والنجوم الثلاث اقتربت واحدة من الاخرى وصرنّ نجمة واحدة..حينها سحبت اقرب غيمة وغطت وجهها الملائكي ونامت ..هل تنام النجوم ايضا..؟! هو الوحيد الذي لم ينم في تلك اللحظة ..ودخل غرفة اطفاله ونثر جميع لعبهم وملابسهم وحقائبهم المدرسية.. ولم ينس شرائط صغيرته المدللة ..وحدثهم واحدا واحدا..وراح يرسمهم بلوحة مشتركة ..رسم صغيرته اولا. كانت عيناها تبتسمان له وهي على وشك احتضانه ، فيما انسرحت ظفيرتها بشريطها الابيض على صدرها البض..وخلفها مباشرة جلس الاخ الاكبر والاصغر منه،وهما ينظران باصرار عجيب الى فضاء اللوحة المنفتح ..
قال بصمت: انها اجمل لوحة رسمتها..
قال الابن الاكبر: لكنها لم تكتمل ..؟!
قال الاخر: لقد نسيت يا ابي ان ترسم....!
فيما صرخت الصغيرة ..بابا...بابا
وهي توميء لكتلة ملتهبة ألقت بظلها على فضاء اللوحة ..!



#قاسم_العزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا..أنايَ
- نوافذ الغربة/مرشحات الذاكرة /) صبيح كلش يفتح نوافذ الغربة
- سنا السين....
- نص نثري..لنص شعري/ جولة محايثة لديوان سطر الشارع / للشاعر فل ...
- طيفكِ خمرتي ونديمي
- عويل الحقائب....قصة قصيرة
- استلهام القصيدة قصصياً/ تجوال قصصي داخل قصيدة لسيدة بن علي.. ...
- عطش....ايروتيكا....!
- إفتراض....!
- انكسار الصوت...!
- المهرج والبالون................!
- سنابل الروح.....!
- الرؤيا.....
- ربما ..حلم
- تأهيل الفراغ
- رؤية قصصية .....سيدة بن علي تستنطق عِلّيسة
- نافذة الريح......
- اليها...........
- صراخ اخرس...!
- كلمات عارية.....................................(الى حسين مر ...


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم العزاوي - مجسات العتمة....................قصة قصيرة