أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - عتبات البناء السردي في القصة القصيرة جدا -ناقد- لمبارك السعداني. إنجاز : عبدالله فراجي.















المزيد.....

عتبات البناء السردي في القصة القصيرة جدا -ناقد- لمبارك السعداني. إنجاز : عبدالله فراجي.


نجية نميلي (أم عائشة)

الحوار المتمدن-العدد: 4420 - 2014 / 4 / 10 - 22:32
المحور: الادب والفن
    


عتبات البناء السردي في القصة القصيرة جدا "ناقد" لمبارك السعداني.
الشاعر عبدالله فراجي.
________________
نــاقــد
قال له أستاذ اللغة العربية مبديا إعجابه بطريقة تحليله للنصوص الشعرية: - سيكون لك شأن كبير في مضمارالنقد الأدبي...
ابتسم للذكرى،وتابع تقليب حبات الطماطم اللامعة بين أصابعه الرفيعة وتصفيفها في الصناديق البلاستيكة بعناية فائقة.
_______________________________
تعتبر قصة "ناقد " للقاص المبدع مبارك السعداني من القصص القصيرة جدا التي تثير انتباه القارئ بعتباتها الحكائية، و بطريقة بنائها، و كذا الرهان الذي قامت عليه من حيث المضمون و الإشارات و الدلالات.
و رغم أن الموضوع مطروق و معروف قبلا، بحكم تداول مثل هذه الطروحات في الكتابات الإبداعية، كطروحات تثير إشكالية الفارق القائم بين الطموح الفردي، و ما تقدمه المؤسسة التعليمية من تعلمات و تكوينات مختلفة و فارقية، بالنسبة لواقع مغاير و مختلف من حيث المتطلبات و الصراعات و الأهداف العامة، فإن هذه الققجة (القصة القصيرة جدا)، تستدعي أن نتوقف عندها كقراء متفحصين ، دارسين، ممحصين. و سواء كنا قراء "ضمنيين" أو " محايثين للنص" أو " خارجيين عنه" أو "عاشقين له" أو غير ذلك .. فإننا و لا شك سنحاول أولا أن نفهم ، و أن نتمثل رهانها ثانيا، و أخيرا نحاول كشف قيمتها الفكرية، و تمفصلاتها الإشكالية.
فلنبدأ بعنوان هذه الققجة: "ناقد". فالعنوان قد يكون ملخصا للنص، أو مساوقا له، أو جزءا منه، أو جزءا من إشكاله و رهانه، أو عتبة لفتح باب للتفكير و السؤال، أو توجيها للقارئ نحو إعادة بناء النص و التفاعل معه وفق طريق مرسومة سلفا. و العنوان هنا نابع من فكرة مصير يعايشه البطل، و تبدو ملامحه ظاهرة لدى أستاذ اللغة العربية و هو يقيّم عمل تلميذه بطل هذه الققجة. و كأن الأمر يشبه إلى حد بعيد ذلك التصور الأرسطي لما يجب أن يكون من خلال مفهوم الوجود بالقوة. فالتلميذ هنا ناقد بالقوة، و قد يصير كذلك. و لكن السياق العام للقجة يقود إلى القول أن هذا الوجود بالقوة لم يتحول – عمليا - إلى وجود بالفعل. و صار الناقد المستقبلي عاملا يدويا (أو بائعا متجولا) يصفف الطماطم. و إذن لم تتحقق نبوءة الأستاذ، و صار التلميذ إلى ما صار إليه، و تبخرت الأحلام. بل و تحولت لديه القدرة على التحليل و التفكيك، و القراءة، قدرة مختلفة في سياق آخر . أو لنقل لقد تم هدرها، و تحولت إلى عمل عضلي مضن بعيد كل البعد عن العمل الفكري الذي يقوم به كل ناقد للإبداعات الأدبية.
و بالتالي يظهر من خلال هذه الققجة أن الفرق شاسع بين ما ينبغي أن يكون و ما هو كائن .
العنوان إذن كعتبة أولى قد أفصح عن شئ لم يتحقق لاحقا.
في العتبة الثانية لهذه الققجة، نجد مايتغياه الكاتب من رهان عميق، يشير إليه و لا يصرح به من خلال السياق الخارجي للخطاب، ليبقى ذلك الرهان متخفيا في بنية النص العميقة.
و أعتقد أن الكاتب ينتقد – خلف الخطاب الصريح لهذه الققجة – النظام العام للتعليم و التعلم بشكله الحالي. فهو نظام لا يحقق تلك المرامي الرومانسية التي يحلم بها المربون. إنه نظام عاجز عن إنتاج أهداف و غايات ( رسمتها السياسات التربوية نفسها) متمثلة في التكوين المعرفي و التربوي، في التأهيل و التثقيف، و بناء الشخصية المتوازنة، و العمل على إرساء أسسها و تفتحها الفكري و الذهني. المدرسة إذن فشلت في تحقيق هذا . و الناقد الذي كان بالقوة، صار ناقدا فاشلا. فشلت المدرسة في بناء شخصية هذا التلميذ الشاب، ضمن نظام عام Establishment متلكئ و منكسر .
فهل الفشل هنا مرتهن بدواعي موضوعية مقترنة بالبرامج و المقررات، و بالمؤسسة التعليمية بشكل عام؟ أم أن الجانب الذاتي لفشل البطل يرتبط بشخصيته كفرد و بدوره في هذه القضية؟
يبدو من خلال السياق العام لققجة "ناقد" أن الكاتب و القاص مبارك السعداني قد رهن هذا الفشل بالظروف الموضوعية التي أشرنا إليها سابقا. فصار لزاما أن نتساءل عن دور الدراسة و التكوين في تأهيل التلميذ ليحقق توجهاته و ميوله. و عن مدى سهر المؤسسة على تنمية القدرات و المواهب و المؤهلات الخاصة بكل فرد. يبدو كما ذكرنا أن هذه الققجة تؤكد على فشل هذا المشروع.
و يبقى البون شاسعا بين الخطاب التربوي التعليمي و متطلبات الواقع. و يتضح كذلك أن النظام التعليمي لا ينمي – في كل الحالات - كل المقدرات و الميول الفردية .
هذه أسئلة أساسية تلمح إليها بنية النص العميقة، و تشير إليها من خلال المدلول لا من خلال المنطوق من الخطاب. و كل قراءة تتفحص هذه الققجة ستدرك بلا شك حضور هذه الإشارات و التلميحات .
و العتبة الثالثة هي عتبة البناء و التركيب ، حيث تتآلف عناصر النص و تتراكب وفق حركية داخلية متجانسة، تنقلنا داخل زمان و مكان متغيرين بتغير الأحداث و الشخوص، بل و بتغير الحالة النفسية للبطل في علاقته بالمحيط الخارجي الذي تتحرك الأحداث داخله.
في هذه الحالة تعيش الذات صراعا بينها و بين العالم الخارجي، بكل مكوناته من أشياء و مواضيع قائمة بذاتها. فتظهر تلك الثنائية: ذات / موضوع كثنائية مقرونة بتغيرات الحالة النفسية من الفرح المرتبط بالإطراء و الإعجاب من طرف الأستاذ.. حين خاطبه قائلا: " سيكون لك شأن كبير في مضمار النقد الأدبي .."..لتنقلب الحالة النفسية إلى حالة من اليأس و التعب و الضجر المرتبط عموما بالعمل اليدوي المضني، و لكن يقوم التذكر و الذكرى كموازنة بين الحالتين " ابتسم للذكرى.." ، و كاستبدال للحالة الثانية بالحالة الأولى، فتتحقق المتعة داخل الألم ، و تتحقق الراحة داخل التعب و الحزن.
بعد هذا تتوسع الدائرة ليصير الموضوع الذهني ( التحليل و القراءة الأدبية في مرحلة الدراسة و أمارات النقد الأدبي البادية على البطل ) مرتبطا بالفرح و السعادة ، و يصير الموضوع اليدوي مرتبطا في الكبر بالتعاسة و الشقاء .
هذه الإيقاعات ما بين الذات و الموضوع من جهة، و بين العمل الذهني و العمل اليدوي من جهة ثانية، استعملها الكاتب - الأستاذ مبارك السعداني – ليحكم حركية المشهد الحكائي داخل زمان و مكان مختلفين، مثل مشهدين من مشاهد السينما، أو لقطتين تتحرك فيهما الكاميرا (كاميرا السرد) من لقطة أولى عبارة عن قاعة للدرس ، يقف فيها الأستاذ منوها و هو يمسك بورقة التلميذ/ البطل، و يطري عليه أيما إطراء ، و يتنبأ له بمستقبل زاهر في مجال النقد الأدبي، و الصورة هنا تفترض أن يتهامس زملاؤه في القسم، أو يحسدوه على ذلك، أو يكون له معجبات مثلا.. أو يصفقوا له ابتهاجا و ربما استهزاء بعد إطراء الأستاذ عليه.
أما اللقطة الثانية فيأخذنا التكثيف السردي على مستوى الصورة إلى تمثل هذا الشخص – الذي صار يافعا و لم يوفق في دراسته – إلى أن يعمل كأجير في معمل للتلفيف و التصنيف و التعليب، أو كحمال في سوق الجملة، أو كبائع متجول للخضر و الفواكه. هذه الصورة الشقية يكسرها البطل بابتسامة متسامية و هاربة إلى الماضي، بحثا عن لذاذة و سعادة ذهنيتين. يبتسم، ينفس عن وعيه الشقي، و عن حاضره المضني، بنوع من التصعيد La sublimation أو التسامي La transcendance كآلية للدفاع النفسي كما يقول التحليل النفسي.
لقد استطاع القاص مبارك السعداني أن يقحمنا في هذا العالم البسيط لشخصيته ، فعكس مجموعة من التغيرات و الرهانات القائمة على صورتين متقابلتين تلمهما الذكرى ، و تحدد اختلافهما تلك المفارقة العجيبة بين ما ينبغي أن يكون و بين ما هو كائن أو ما سيكون. و قد وفق في ذلك كما أكدته التدخلات و القراءات المتعددة التي لامست محتوى وبناء هذه القصة القصيرة جدا.



#نجية_نميلي_(أم_عائشة) (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في نص - سفور- للسعدية بلكارح / إنجاز أمينة حسين
- الفصل الثاني من مسرحية (لا...أيها الآباء)
- مسرحية (لا...أيها الآباء )
- قراءة في نص -خطوبة- لعبد الله الواحدي
- قراءة تحليلية في القصة القصيرة جدا (الوصية) للأستاذ القاص: ع ...
- قصص قصيرة جدا (رابطة القصة القصيرة جدا في المغرب)
- حوار مفتوح مع الناقد المغربي : محمد يوب
- ومضة شعرية
- جدل الاتصال والانفصال في :-كيان امرأة-
- حوار أدبي_ ثقافي مع الأديبة الإعلامية المغربية :فجر عبد الله
- ليل ووهم


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - عتبات البناء السردي في القصة القصيرة جدا -ناقد- لمبارك السعداني. إنجاز : عبدالله فراجي.