أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - لن أعزّيك يا صديقي ..














المزيد.....

لن أعزّيك يا صديقي ..


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4419 - 2014 / 4 / 9 - 18:11
المحور: حقوق الانسان
    


ماذا تفعلُ حين تطيرُ والدةُ صديقك، إلى حيث تطير الأمهات ولا يعدن أبدًا؟ أفضل ما يمكن عمله، هو ألا تفعل شيئًا على الإطلاق. ربما تفكر أن تهاتفه وتواسيه بكلمات مكرورة فارغة من المضمون وربما جالبة لمزيد من الوجع. ربما تزوره في بيته وتعانقه وتذرف معه دمعةً لن تكون حارقةً مثل دموع قلبه المصدوع. قد تخبره أنها الآن في مكان أجمل من عالمنا التعس، وأنه الآن رجلٌ ناضج لا يحتاج إلى أمٍّ ترعاه والبركة فيه. أو تردد على مسمعه: ”البقية في حياتك“، العبارة الأشهر في مثل هذه المناسبات. ستقولها، ويقولها عشرون من خُلصاء أصدقائه، وسبعون من زملاء عمله، ومثلهم من أقربائه، وعائلاتٌ من جيرانه في الحي، وآلافٌ على صفحته في فيس بوك، عدا زوجته وأقرباء زوجته. ألفُ عبارة مواساة، وألفُ مهاتفة تليفونية، وألفُ برقية عزاء، لن تفعل سوى أن تعطّله عن لحظة ضرورية لابد أن يعيشها وحده حتى يستعيدَ توازنه. لحظة أن يعود طفلا، ويبكي، وحيدًا، في غرفته، على وسادته، دون أن يراه أحد.
كلُّ من فقد أمَّه، يعود طفلاً تائهًا يبحث عن يدها التي تركته في الزحام ومضت إلى مكان مجهول. مهما كان عمرُه لحظة موتها، يعود طفلا مرتعبًا من فكرة غياب الأم. يسألُ الَله: ”أين أمي يا ربُّ؟“ ويسأل أمَّه: ”كيف هُنتُ عليك ولمَ تركتِني؟“ ويسأل الجدرانَ: ”كيف سمحتِ أيتها الحوائط بأن تتركك الجميلةُ التي زينتكِ وعلقت عليك لوحة الزهور؟“ وتسأل زهورَ الشرفة: ”كيف تركتِ الطيبةَ التي كانت ترويك تمضي عنك بغير إياب؟!“ وتسأل باب البيت: ”كيف سمحتَ لها بالخروج بلا عودة؟“ ثم تسأل نفسك: ”لماذا لم أتعلّق بطرف ثوبها وهي تطير إلى السماء؟“ ثم تنظر إلى السماء تٍسألها: ”كيف حال أمي؟ وهل أسكنتِها بيتًا جميلا؟ اختاري لها أجمل ما لديكِ أيتها السماء. أسكنيها بيتًا يطلُّ على نهر رقراق، تظلله أشجارٌ وارفة، واملأي الأغصانَ بالعصافير المغردة كي تُسلّيها بشدوها حتى آت. وزيّني الأرض تحت قدميها بأوراق الياسمين والجوري. وإياكِ أن تتركي الصغارَ يزعجون نومَها، فقد أزعتُجها في طفولتي، ثم نالها من صخب أطفالي ما يكفي. امنحيها أشهى ثمارك، ولا تتركيها حتى تتناول فطورها أمام عينيكِ، فهي دائمًا ما تنسى نفسَها وتُطعم أطفال الحي من صحنها.“ وبعدما تطمئنك السماءُ بأنها ستنفّذ وصاياك؛ تعود كطفل تبكي وتقول: ”لا، أعيديها إلىّ أيتها السماءُ الطيبة. أمي مينفعش تموت أصلا.“ لهذا لن أعزّيك يا صديقي رئيس التحرير. بل سأقول لك ابكِ ما شاء لك البكاء على أمك التي طارت إلى السماء. وجِدْ سلواك في الكتابة، فهي ملاذُنا وأمُّنا.

أمي
تقفُ على عتبةِ الدار
عكّازٌ في يدِها
تنتظرُ التابوتَ الذي أنا فيه
تكشفُ الغطاءَ
تمسُّ العينَ المُرخاةَ وتقول:
كانت ابنتي خرساءْ
يُفزعُها ضجيجُ العرباتِ والضوءْ
فلماذا تركتموها حتى تموتَ كثيرًا
هي ابنتي
أعرفُها من ثقبٍ في الرئة
وأنا
أريدُ أن أغلقَ الباب!
فشكرا للأصدقاء الذين لم يأتوا
أجملُ المُعزّين الذين يغيبون.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهيدتا الحق والحب
- النبلاء ينقذون رعايانا في ليبيا
- الصورة الحقيقية لمصر
- صانع العرائس قاتل ماري
- اسمك إيه يا أم محمد؟
- الباليه... فوق كفّ مصر
- ابحثوا عن قاتل -ماري- الحقيقي.
- معندناش كتب خيالية
- مليون إنسان في بيتي
- رسالة إلى حابي
- الشاعرة اللبنانية زينب عساف تكتب عن ديوان الشاعرة المصرية فا ...
- وجدى الحكيم أيام زمان
- 13 مارس 1950
- أغلى سيارة في العالم
- أمي، و-أحمد رشدي-
- هنا كردستان
- القتل على العقيدة
- تُرى كيف يقرأ هؤلاء؟!
- متى يطمئن مرسي؟
- صولجان -نادر عباسي- المستبد


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - لن أعزّيك يا صديقي ..