غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 14:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دفــاعــا عن مدينة كــســب (السورية) في مدينة لـيـون (الفرنسية)
شاركت البارحة مساء, بتجمع شبيبة أرمنية ـ فرنسية, ولد آباؤهم أو أجدادهم في سوريا أو في لبنان.. أو نــجــا بعض أجدادهم من المجزرة التركية المعروفة ببداية القرن الماضي وغيرها.. تجاه القنصلية التركية العامة في مدينة ليون الفرنسية.. وذلك ضد تدخل حكومة أردوغان ومساندتها للمقاتلين الشيشان والأفغانيين والأزربيجيانيين والتركمان وغيرهم الذين دخلوا إلى مدينة كسب الحدودية السورية, وهجروا أهاليها إلى القرى المجاورة ومدينة اللاذقية المملوءة بمئات آلاف المهجيرين من كافة المدن السورية المتفجرة...واستمر التجمع من الساعة السادسة مساء حتى بعد الثامنة.. داعيا لتجمع آخر سوف يدوم 24 ساعة.. بتاريخ 23 نيسان 2014 تجاه القنصلية التركية نفسها.. مطالبة تركيا بعدم التدخل بمدينة كسب التي غالب سكانها من أصل أرمني, وعلى كل الأراضي السورية.. حيث تدعم حكومة أردوغان ووزير خارجيته أوغلو المقاتلين الإسلاميين الأجانب, والتي تدربهم مخابرات الولايات المتحدة الأمريكية في تركيا والأردن, بتمويل سعودي وخليجي مفتوح, بلا حساب...وبصمت مخجل من الاتحاد الأوروبي الذي يتعامى بشكل آثــم عن تقتيل وتهجير الأقليات الطائفية, في المناطق التي تعبر فيها هذه الجحافل من المقاتلين الإسلامويين المرتبطين بشكل واضح ثابت مع القاعدة. وأول عمل قامت بـه هذه القوات الغريبة.. كان تفجير الكنائس.. وتكسير وحرق صلبانها وأيقوناتها....
عدة مئات من الشابات والشباب الأرمن ـ الفرنسيين, رافعين أعلام أعلامهم القومية والعلم الفرنسي.. كما رأيت رجلا متقدما في السن, مشاركا لوحده بهذا التجمع, رافعا علما لبنانيا كبيرا.. مشاركا بالهتافات والأناشيد الأرمنية... ولم أر علما سوريا بهذا التجمع للدفاع عن مدينة كسب السورية.. سوى شاب يافع, عرفت فيما بعد أنه مولود في فرنسا وهو أبن صديق قديم لي, طبيب في مستشفى مجاور لمدينة ليون.. أرمني دمشقي المولد, حمل لابنه علما سوريا ورقيا صغيرا.. يلوح به طيلة فترة التجمع... إذ كان السوريون ـ السوريون قلة... وكنت أنتظر أكثر وأكثر... وخاصة من مجموعاتهم الغالبية البورجوازية, والتي حتى هذه الساعة ما زالت, أعمالها وأشغالها الاقتصادية المنتفخة, محمية مزدهرة في المناطق السورية المختلفة... علما أن الجالية السورية في منطقة الرون Rhône (مدينة ليون والمناطق المحيطة بها) يقارب عددهم العشرين ألفا, دون العدد الإضافي الكبير من اللاجئين الذين قدموا إليها خلال السنتين الأخيرتين من كافة المدن والقرى السورية المنكوبة...
واللافت للنظر أن هؤلاء الشباب الأرمن الذين نظموا هذا التجمع مقابل القنصلية التركية, هم الذين جلبوا معهم أهاليهم حتى الجدة والجد والأصدقاء الفرنسيين... وغالبهم لم ير مدينة كسب أو أية مدينة سـورية... فجاءوا بدافع إيجابي طيب, منظمين منتظمين, بخطابات وكلمات حقيقية عما فعلته الحكومات التركية من مجازر بأجدادهم.. وما تفعله الحكومة التركية من جرائم آثمة تجاه سكان مدينة كسب الحدودية, أو غيرها من المدن والقرى السورية.. كما هتفوا ضد الحكومة الفرنسية الحالية ورئيسها ووزير خارجيتها, وسياستها الناتوية الحمقاء... وفي نهاية التجمع أعلمونا أن مثل هذا التجمع تقيمه الجاليات الفرنسية ألأرمنية بكافة المدن الفرنسية الرئيسية.. وخاصة حيث توجد قنصليات تركية.. وكان أهمها بالعاصمة باريس... كما تحركت الجاليات الأرمنية بالعديد من المدن الأمريكية والأوروبية والكندية والأسترالية.. دفاعا عن مدينة كسب الحدودية...
ثم انتهى التجمع بأغنية أرمنية تذكارية, رددتها مطربة شابة رائعة الصوت, مرفقة بعازفي ناي أرمني تقليدي... أغنية وطنية حزينة قوية.. عما عاناه هذا الشعب العظيم والذي ينجح ويعمل, أينما رحل واستوطن... دون أن ينسى أحد الخطباء ما فعلته سوريا التي استقبلت المهجرين الأرمن من المجازر العثمانية والتركية... من قبل بدايات القرن الماضي, حتى التاريخ المعاصر.. وأنهم صاروا جزءا من هذا المجتمع السوري الملون الزاهي الكبير... وغالبهم عاشوا واعتبروا وجودهم مشاركة كاملة بآلامه وافراحه.. وأن نكباته تصيبهم.. وهم متعلقون بـســلامـتـه وسلامة شعبه.. لأنهم منه... بلا أي تردد...
شـاركت بهذا التجمع الفرنسي الأرمني مع زوجتي, وقلة قليلة من السوريين ــ الفرنسيين.. أو الفرنسيين ــ السوريين.. لا تتجاوز أصابع اليد.. مع الأسف...وكم كنت أتمنى رؤية أعلاما سورية كبيرة.. كما حدث ببعض المدن الفرنسية والأوروبية الرئيسية.. ولكن الجالية السورية في مدينة ليون الفرنسية.. بعد التجمع الضخم الرائع الذي جمع الآلاف في بداية الأحداث.. من جميع الأعمار... دفاعا عن سوريا ووحدتها.. وضد المؤامرات التي كانت تحاك ضدها بوضوح.. وضد المقاتلين الأجانب الذين كانوا يدخلونها آنذاك ــ عبر كل الحدود التركية ــ بعدها وخلافا للعديد من المدن الفرنسية.. بقيت مدينة ليون باردة جامدة... حتى بردت العلاقات بين أفرادها... وغالبا طائفيا أو إثنيا.. وتصلبت الآراء واختلفت... وســاد فراغ أي نشاط... رغم وجود مئات الجامعيين والأطباء والمثقفين والاقتصاديين... ولكن هذه الجالية منذ معرفتي بها منذ أكثر من خمسين سنة, كانت بعيدة كليا عن أي نشاط سياسي (عادة سورية موروثة).. حتى عن النشاطات الفرنسية المحلية... وأكثر من 95% منهم لم يصوت بالانتخابات البلدية المحلية الشهر الماضي...رغم أنهم يحملون الجنسية الفرنسية وحق المشاركة بالترشيح والتصويت...ولست أدري لماذا كانت تنحصر دوما جل اهتماماتهم بالجانب المادي والاقتصادي من حياتهم اليومية والعامة.. لا اكـــثـــر!!!... مع مزيد الأسى والأسف. وغالبهم كانوا دوما يرسلون كل حصاد ما يملكون إلى سوريا.. ولست أدري إن كان هذا الحصاد.. تبقت له أية قيمة بــســوريــا المنكوبة اليوم؟؟؟!!!..........
أشــكر الجالية الأرمنية ــ السورية ــ الفرنسية على إعطائنا هذا الدرس الرائع للتذكير بواجبنا من أجل مدينة كسب وكافة المدن السورية التي ما زالت تقاوم وتصمد ضد التعديات الأمريكية والصهيونية والتركية والناتوية والعربانية... وجحافل إرهابية إسلاموية هيتروكليتية من خمسة وثمانين دولة.. مــتــعــامــيــة... وأرفع لها قبعتي احتراما...
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي ومحبتي وولائي واحترامي.. وأصدق تحية صادقة طيبة مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟