أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - وَسائِلُ خَسِيسَةْ - 2















المزيد.....

وَسائِلُ خَسِيسَةْ - 2


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1254 - 2005 / 7 / 10 - 23:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


أشدنا ، الأسبوع الماضى ، بالحملة المجيدة التى أطلقها (مركز الأمل) السودانى لتعميق المناصرة advocacy لمناهضة التعذيب فى فضاء المجتمع المدنى ، من فوق كلِّ ما ينوء به الضمير الوطنى والعالمى إزاء الوسائل الخسيسة فى (الحصول) من (المشتبه فيه) على (شئ ما) ، كلما لم يستشعر (المُحقق) وازعاً من اخلاق ، أو لم يلمس رادعاً من رقابة دستوريََّّة ، مِمَّا يُلزمه جادة المعايير الدوليَّة الحديثة لحقوق الانسان والمحاكمة العادلة!
واستعرضنا ، بهذه المناسبة ، طرفاً من تاريخ جهود البشريَّة للتطهُّر من تلك الأوزار ، منذ العهد الذى كانت (مشروعيَّتها) تقوم فيه على (اختبار!) براءة المتهم بالنار أو السُّم أو الوحوش ، وحتى العصر الحديث الذى بلغ فيه اهتمام القانون الدولى بحقوق الانسان ، ومناهضة التعذيب بخاصَّة ، حدَّ إبرام (الاتفاقيَّة الدوليَّة لمناهضة التعذيب) التى أجيزت فى 10/12/1984م ، ودخلت حيِّز التنفيذ فى 26/6/1986م ، وهو التاريخ الذى اعتمدته الجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة ، فى ديسمبر عام 1997م ، يوماً عالمياً لمناهضة التعذيب ، وجاءت حملة (مركز الأمل) فى إطار تقليدها السنوى لإحيائه.
ولأنه ما يزال هنالك الكثير مِمَّا ينتظر الانسانيَّة بذله قبل أن تتيقن من محو وصمة (التعذيب) نهائياً من على جبينها ، فإننا نواصل فى ما يلى ما كنا بدأناه ، مركزين على إضاءة دور الثقافة ، والمعتقد خصوصاً ، ضمن سياق هذا الجهد متعدِّد الأوجه ، رحب الحقول ، ثرىِّ الاحتمالات. ذلك أن المجرى العام للعلاقات والقانون الدوليَّين لم يعُد ، كما كان فى السابق ، محصوراً ، فحسب ، بين ضفتى حقوق (الدول) ، بل ما ينفك ينفتح باتجاه المزيد من ضمانات تمتع كل (فرد) بكامل حرياته العامة وحقوقه الأساسيَّة ، سواء فى أزمنة السلم أم فى أزمنة الحرب (Igor Bishchenko, International Law, 1989, p 16).
ولئن شكلت (الشرعة الدوليَّة لحقوق الانسان) علامة فارقة بالنسبة لأزمنة السلم ، ومن أبرز أعمدتها (الاعلان العالمى) الصادر فى 10/12/1948م ، والذى تنصُّ (المادة/5) منه على حظر تعريض أىِّ إنسان للتعذيب أو الحط من كرامته ، وكذلك (العهد الدولى للحقوق المدنيَّة والسياسـيَّة) إلى جانب (البروتوكول الاختيارى الثانى) الملحق به ، وقد صدرا كلاهما فى 16/12/1966م ، ودخلا حيِّز التنفيذ فى 23/3/1976م ، وتنص (المادة/7) من ذلك العهد على حظر إخضاع أىِّ فرد للتعذيب أو لأيَّة معاملة قاسية أو غير إنسانيَّة أو مهينة ، كما تنص (المادة/2/3) منه على التزام كل دولة طرف فيه بأن تكفل لكل فرد تقع عليه مثل هذه الاعتداءات علاجاً فعَّالاً لحالته بوساطة السلطات القضائيَّة أو الاداريَّة أو أيَّة سلطة أخرى مختصَّة ، علاوة على ضمان تنفيذ ذلك العلاج ، مثلما تنص (المادة/14) منه على عدم إلزام أىِّ متهم بالشهادة ضد نفسه أو الاعتراف بأنه مذنب ؛ فإن القانون الدولى الانسانى قد خطا ، بالقطع ، خطوة ضخمة باتجاه تحقيق أمل الانسانيَّة فى الحصول على مظلة دوليَّة للحماية الجنائيَّة من هذا النوع من الجرائم فى أزمنة الحرب ، وذلك بتأسيس (المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة ICC) بموجب نظام روما لسنة 1998م ، والذى اتخذ السودان ، دون أدنى ريب ، موقفاً ابتدائيَّاً صحيحاً منه بالتوقيع عليه فى 8/9/2000م ، فى انتظار استكمال ذلك بالمصادقة النهائيَّة المطلوبة ratification من جانب سلطته التشريعيَّة.
ومع ذلك فإن من فساد الرأى تصوُّر هذا الجهد مقتصراً فقط على أنشطة الأمم المتحدة ، ومنظماتها ، أو حتى منظمات المجتمع المدنى المحليَّة والعالميَّة ، الرامية لحماية المستضعَفين بالكشف عن هذه الممارسات حيثما وقعت ، وملاحقة مرتكبيها أينما وجدوا ، ونشر الوعى العام بحقوق الانسان والقانون الدولى الانسانى ، وما رتبه وما زال يرتبه التعاون الدولى من معايير واجبة المراعاة على هذا الصعيد. ذلك أن الأعمق أثراً من القانون ، على أهميَّته ، هو المعتقد والثقافة. فإذا كان التواثق ، فى سياق التعاون والتضامن الدوليَّين ، هو مصدر القاعدة القانونيَّة الدوليَّة الملزمة ، فإن الواعز الذاتى النابع من ديناميَّات العقل والوجدان الجمعيَّين يظل هو مكمن قوَّة الثقافة الشعبيَّة والحديثة ، والتى غالباً ما تتشكل لدى مختلف الشعوب والجماعات على منظومات نضيدة من شتى ترميزات (القيم الدينيَّة) الخيِّرة والمثل المتأصِّلة فى صميم (الفطرة الانسانيَّة) السليمة. بل إن القاعدة القانونيَّة نفسها لا تحظى بالاحترام اللائق أو تشتغل بالكفاءة المرغوب فيها إذا لم تتسق وبنية العقل والوجدان الانسانيَّين. ومن نافلة القول أن هذه البنية قد بلغت حدَّاً من التطوُّر والرقىِّ فى العصر الحديث بما يكفى لاستبشاع التعذيب فى أيَّة صورة من الصور ، وبصرف النظر عن اختلاف الألسن والثقافات أو تعدُّد الألوان والأعراق.
من هنا تجئ دعوتنا إلى عدم الاقتصار على ما أنتجته وتنتجه المادة القانونيَّة الدوليَّة وحدها ، وضرورة الانتباه لأهميَّة إثراء خطاب الحركة المدنيَّة بالأخص ، على صعيد المناصرة advocacy لجهود مناهضة التعذيب ، بما يعكس خصوصيَّة نظرة مختلف الأديان والثقافات فى بلادنا لهذه الممارسة اللا إنسانيَّة البشعة ، ويُكرِّس ، فى المحصلة النهائيَّة ، للمواقف الأخلاقيَّة الحاسمة لدى مفردات منظومة التعدُّد والتنوِّع السودانيَّين من هذه الممارسة.
ولكن ثمة ما ينبغى الانتباه إليه جيداً على هذا الصعيد ، وهو أن حقيقة القوامات المتنوِّعة لما يُطلق عليه مجازاً (الثقافة السودانيَّة) تعنى أيضاً ، وبوجه من الوجوه المنطقيَّة ، حقيقة القوامات المتنوِّعة لظاهرة (المثقف السودانى). بعبارة أخرى من غير الممكن تصوُّر (التنوُّع) لجهة (الثقافة) ، وفى الوقت ذاته (الواحديَّة) لجهة (المثقف) و(التديُّن)! وبالتالى ، ولأن ادعاء أىِّ مثقف سودانى القدرة على (تمثل) و(تمثيل) جماع (الثقافات) و(المعتقدات) فى السودان لا يعدو كونه ضرباً من التنطع الأجوف ، فيجدر بنا التفكير ، بدلاً من ذلك ، فى جدوى استنفار مثقفى التكوينات القوميَّة المختلفة فى بلادنا للاسهام فى الجهد المطلوب لبعث واستنهاض الجوهر العقدى ـ الثقافى لدى هذه التكوينات فى ما يتصل ، تحديداً ، بالموقف الأخلاقى من التعذيب. ففى أساس كلِّ دين حكمته النبيلة المقدَّسة ، وفى جذر كلِّ ثقافة عنصرها الانسانى الرفيع.
ولهذا فسنركز ، من موقع الثقافة الدينيَّة للجماعة المستعربة المسلمة فى السودان ، على أن نعرض لموقف الاسلام من هذه الممارسة ، لا باعتباره ، فحسب ، دين هذه الجماعة بثقلها المعلوم ، والمصدر الرئيس لثقافتها وثرائها الروحى ، بل ولكونه أيضاً دين مجموعات معتبرة من غير المستعربين فى بلادنا ، مِمَّن ينتمون إلى تكوينات إثنيَّة مغايرة ، فيتداخل فى نسيج ثقافاتها ، يتأثر بها وتتأثر به ، ولعلَّ ذلك بعض فأل الوحدة الوطنيَّة المأمولة.



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التَّجَمُّعْ: هَلْ يَنسَدلُ السِّتارُ؟
- وَسِيلَةٌ خَسِيسَةْ 1
- مَحْجُوبٌ .. الذَّهَبِىْ!
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ3ـ3
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ 2ـ3
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ 1ـ2
- جَنَازَةُ البَحْرْ!
- وعَلَى الأقْبَاطِ .. السَّلامْ 2ـ2
- وعَلَى الأقْبَاطِ .. السَّلامْ 1ـ2
- الحَرَكَةْ: مِن الثَّوْرَةِ إلى .. الدَّوْلَةْ!
- لَيْسُوا -رِجَالاً-؟!
- اللُّغَةُ .. فِى صِرَاعِ الدَّيَكَةْ
- للذِّكرَى .. نُعِيدُ السُّؤالْ: الحَرَكَةُ: حُكومَةٌ أَمْ .. ...
- مِن الدَّوحَةِ إلى سَانْتِياغُو مَا لا يَحتاجُ لِزَرْقَاءِ ا ...
- القُوَّاتُ الأَدَبِيَّةُ المُسَلَّحَةْ!
- الحُكومَةُ والكُتَّابُ فى السُّودانْ (2) إِتِّحَادُ الكُتَّا ...
- الحُكومَةُ والكُتَّابُ فى السُّودانْ (1) مَشْرُوعِيَّةُ الغَ ...
- حِسَابٌ أَمْ .. -كُوَارْ-؟!
- مُفَاوَضَاتُ القاهِرَةْ: مُلاحَظاتٌ أوَّلِيَّةْ (3)
- (2) مُفَاوَضَاتُ القاهِرَةْ: مُلاحَظاتٌ أوَّلِيَّةْ لَعْنَةُ ...


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - وَسائِلُ خَسِيسَةْ - 2