أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمرقند الجابري - تقاسيم (قصة قصيرة )














المزيد.....

تقاسيم (قصة قصيرة )


سمرقند الجابري

الحوار المتمدن-العدد: 4417 - 2014 / 4 / 7 - 00:55
المحور: الادب والفن
    


هل كانت ملامح وجهي هي التي تربطني بكم ، إذن لماذا لم اعد احبكم فجأة بعد عودتي من ساحات القتال مشوهاً ، أكلت الانفجارات تضاريس وجهي ونخرت تلك المأساة أجمل زوايا اتزاني من دون ان تعرفوا، كما حصل لعصا النبي سليمان(ع).
لا زلت اتذكر خميس انكساري قبل عشر سنوات كأنه اليوم ، حين ألقوا القبض عليّ في بيت خالي (علاء) وأنا لم ازل أحلم بمزيد من الحمامات الزاجلة لقفصي الصغير ،كنت بطلاً حين خبأت عن فطنة امي تمردي على ارادتها وهي التي تحلم بي مهندساً وانا كاره للمدراس ومن يدخل إليها ، لا حلم لي غير زواجي من " فاطمة" إبنة خالي التي تعلمتُ معها بان الحب ممكن في زمن الموت الازرق، كنتُ اتوق الى من يفهم خارطة حزني ، لإمرأة تفهم حبي للطيور وخوفي من الاماكن المرتفعة وعشقي للخبزالساخن ،لانسانة لا اخجل امامها من قمصاني المثقوبة ومن أبي السكير ومن فقر عائلتي الذي تأسس منذ الطوفان الاغر لنوح (ع).
حلمت دوما بالعمل مع خالي سليل الصبر كالاتقياء، والاقتران بأبنته ، ولكنهم القتلة ، أقصد من يعشقون الحروب ويدفعون لها خيرة الحالمين بالغد، حينما ساقوني كالخروف الى معسكر التدريب ، وأجبروني على ارتداء بدلات بلون الطحالب تفوح منها رائحة من سنقتلهم ، لنتدرب على تمزيق الارانب التي أحببناها منذ فجر البراءات الاولى، ولنقاتل رجالاً اعلم انهم تركوا ورائهم أشياء كثيرة يحبونها وحملوا بدلها الاسلحة مثلنا مرغمين!
ثكنات الجيش لا خبز فيها ، غير اني اشم رائحة الارغفة كلما دفنتُ المساء بحروف الحبيبة ، لأزف كل الاحلام لهودج فاطمة ، وأنحت خيالاتي متصوراً أن كل الرصاصات التي عبأت بها بندقيتي ما هي إلا حبات حنطة لأرشها فوق حماماتي في سطح خالي المنتظر لعودتي .
الرسائل رابطنا الوحيد ، تأتي كل أسبوع مثل ماء الجنة على قلب تائه في صحراء تحمل اخبار الحي ،أهل الدار، هديل الشباب على أغصان نهاراتي، اشتاق بعدها لصراخ أبي فهو أهوّن من وقع الصواريخ وأوامر الضباط ، اشتقت للعاطلين عن العمل الذين كنت اقرضهم ما استطعت كي لا يفوا بديونهم وان أقسموا بكتب الله ،أفتقد رائحة الحساء الذي تطبخه جارتنا كل مساء وترسل لنا طبقا منه كي لا ننام بلا عشاء.
أعادوني الى بيتي بعد معارك " ديزفول"* مشوهاً ، لم أكن احلم بغير الشفاء ، استجمعت الكثير من حب الله لارمم وجعي، واقدر على النظر في المرآة ،استجمعت حبي لفاطمة كي استجيب للعلاج الطبيعي في مستشفيات بنتها الدولة ذاتها التي دفعتنا للحرب، ذات الدولة التي دفعت ثمنا للاسلحة التي نحارب بها أكثر من الادوية التي قد تصلح بعضاً مما قد يجازي تعب امهاتنا وانتظار الحبيبات على شرفات صارت نهشاً للاتربة، من يصلحنا من ذكرى سرفات تلوك أضلاع اصدقائنا وتمر ساخرة على حقائب براءاتنا المنتحرة.
تزوجتْ من كنتُ اُمني سنواتي بالاكتحال بعطرها من رجل آخر، لانهم يأسوا من اعوام قضيتها في المشافي لاصلاح خرائب عمري ، باع خالي طيوري كلها وغادر البلاد بما تبقى من اولاده كي لا يزجونهم في المعارك عنوة ، اختار المنافي على وطن شبانه ينضجون مبكراً فتأكلهم الاسئلة ويستردهم الله هرمين كسفنٍ قديمة.
وحدها أمي بقيت على ابتسامتها وصلاتها ، لا زالت تبحث عن عروس ترضى برجل له ثلاثة اطراف يعتاش من راتبه الاعرج ، ولم تعلم باني لستُ حاقداً على أحدغير اني صرتُ اكرهُ كل الناس بالتساوي!
وحدها فاطمة ظلت كل إسبوع ترسل لي بيد زوجها أرغفة ساخنة، وحساءا يحمل رائحة الامس المسلوب ،لا شيء يرممنا كالحب إذن ، لذا عدتُ لشراء الحمائم ، والبحث عن عمل يناسب قلب رجلٍ يظن ان الحرب لا يجب أن تهزم الاحلام.
ـــــــــــــــ
* ديزفول: اسم مدينة ايرانية حصلت فيها معارك شرسة بين العراق وايران .



#سمرقند_الجابري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة ( ارغفة وطن )
- فلم (تحت رمال بابل) انجاز سينمائي عراقي اخر
- مسرحية ( فوبيا) ألم عراقي يكرر نفسه
- الروائي العراقي نجم والي يضيء شارع المتنبي في اذار
- قصيدة ( الارض انثى) بمناسبة عيد المراة
- في عيد المرأة حداد في قصر المؤتمرات
- الاعصار يطرق الابواب، في المركز الثقافي الفرنسي
- ريشات مقاطعة في المركز الثقافي الفرنسي
- نظرات النساء في المركز الثاقفي الفرنسي
- مهرجان اربيل الثاني
- مسرحية راكور على مسرح الطليعة
- وسام الفراتي وياسمينه الاول
- لحظة - قصيدة لروح ابي
- مؤتمر تيداكس العالمي الثاني في بغداد
- انا الجثة - قصيدة
- انتخابات جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين
- - لا تسرق صوتي - على حدائق ابي نؤاس
- ويحدثونك عن الطلاق في بيت الدكتورة آمال كاشف الغطاء
- قصة قصيرة - اغصان
- انا عراقي - انا اقرا


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمرقند الجابري - تقاسيم (قصة قصيرة )