أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - الصورة الحقيقية لمصر














المزيد.....

الصورة الحقيقية لمصر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4416 - 2014 / 4 / 6 - 16:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جاء مُحمّلاً بصورة شديدة القتامة عن مصر. يُقدّمُ قدمًا ويؤخّر أخرى. ولولا ضرورات العمل ما جازف وسافر من بلاده الوادعة، إلى البلد التي يُقتّل فيها الناسُ في الشوارع كل ساعة من ساعات النهار والليل. هكذا رسمت مُخيّلته صورةً مخيفة لبلادي! رسمها له، كما قال، الإعلامُ الذي لا يعرفُ إلا الريشةَ السوداء مغموسةً في باليتة سوداء على خلفية سوداء، فاختلطتِ الملامحُ والأشلاءُ بالدم المُهرق من الأعناق المنحورة، النافر من الجماجم المصدوعة، وامتزجتِ أنّاتُ الشهداء بصرخاتِ الثكالى، اللواتي كنّ حتى الأمس أمهاتٍ هانئاتٍ، بالأجاسد المسحولة، والأطراف المبتورة، والملابس الممزقة. ذلك هو المشهد الفولكلوري الذي تصوّره صاحبُنا قبل مجيئه مصرَ، كما جسّده الإعلامُ عن البلد التي أمّنها القرآنُ: “ادخلوا مصرَ إن شاءَ اللهُ آمنين.” وطوّبَ الإنجيلُ شعبها: “مباركٌ شعبي مصر.”
هو أحد قرائي بالمملكة العربية السعودية. حصل على رقم هاتفي وكلمني بعد يومين من وصوله أرض طِيبة، وتجواله في حي الحسين وشارع فيصل والهرم، عدا مناطقَ مخيفة،، حسب قوله، لأنها محتشدة بأنصار الإخوان الإرهابيين الذين مسّهم مسٌّ من جنون بعد سقوط مرسي وزبانيته.
هاتفني وصوتُه يرقص فرحًا ويقطر اطمئنانًا قائلا: “الصورة الواقعية كما لمستُها بيدي، شديدة الاختلاف عما يصوّره لنا الإعلام.”
قاطعته قائلةً: “علّك لا تشاهدُ قناة الجزيرة الكذوب!”
فهتف مستنكرًا: “أعوذ بالله. بل عن الإعلام المصري أتحدث. لكن الصورة التي عاينتُها وعايشتُها تشي بإشراق وشيك وخير قادم. عادت للوجوه المصرية ابتسامتُها وبشاشتها بعد القتامة والعبوس الذي كان يكسو العيون حين زرت القاهرة العام الماضي. ما وخز قلبي بنصل حاد، أنا الذي تربّيتُ في مصر وتخرجت في جامعتها ودثّرني دفء أبنائها الذين ما سمحوا بلحظة غُربة تضرب قلبي. الناسُ اليومَ، متفائلون واثقون في الغد. يضحكون كما عرفتهم دائمًا، عدا العام المظلم الفائت. لا أصدّق أن بلدًا، أيَّ بلدٍ، بعد ثورتين هائلتين في عامين، أطاحتا برئيسين أحدهما كان أبديًّا، والآخر كان مستميتًا على الكرسي حدَّ الهلع، ثم غابا في غيهب السجن رهن التحقيق، لا أكاد أصدق أن بلدًا مثل هذا قادرٌ على أن يصحو من جديد في هذه البرهة الوجيزة. لكنها مصرُ التي لا تني تُدهشنا بأعاجيبها منذ فجر البشرية.” “لا تتصورين"، والكلام مازال لهذا المواطن السعوديّ العاشق لمصر، "لا تتصورين كم أسديتم بثورتكم الأخيرة، 30 يونيو، خدمة عظمى لبلادي!”
لا ألوم الإعلامَ لأنه ينقل الدمَ الذي تنثره جماعةُ الإخوان كل يوم في كل ربوع مصر. فالإعلام وظيفته أن ينقل لك "الحدث". والحدث هو أن يقتلَ إنسانٌ إنسانًا، أو يفجّر مجرمٌ مؤسسةً، وليس الحدثُ أن يجلس بعض الأصدقاء في مقهى يتسامرون، أو تأخذ أمٌّ طفلها إلى حديقة ليلعب.
لهذا، حين تكون نشراتُ الأخبار مصدرنا الوحيد عن بلد ما، ستكون الصورةُ الواصلةُ لنا هي جماع تلك الأحداث الصعبة، فنتصور أن الحياة متوقفة والاقتتال والدم والحرق والتفجير هي مفردات اليوم، وفقط. ثم يحدث أن تزور هذا البلد المأزوم، فتندهش أن الأطفال يذهبون إلى مدارسهم، عادي. والسيدات يذهبن للتسوق، عادي. والمقاهي تصخب وتضجُّ بماتشات الكرة، عادي. والعشّاق يتنزهون في الحدائق، عادي. وأنا أحاربُ الإخوانَ بيد، وأداعبُ قطّتي بيدي الأخرى، عادي جدًّا.
علّمنا "رشاد رشدي" أن الخبر الصحفي هو أن "يعضّ إنسانٌ كلبًا"، وليس أن "يعضّ كلبٌ إنسانا". فالأول "خبر" مثير، والثاني عرضٌ عادي تافه متكرر لا يليق بجريدة. فحين تقرأ في جريدة أن شخصًا عقر كلبًا، ليس معنى هذا أنه ليس هناك ألفُ كلب عقروا ألفَ إنسان، لم تأت الجريدة على ذكرهم، لأن ذاك ليس خبرًا.
مصرُ آمنةٌ رغم أنف الإرهاب الممنهج. وستظلُّ بإذن الله. ولا تنس أن "مصر جميلة، خليك فاكر"، كما قال عم طه.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صانع العرائس قاتل ماري
- اسمك إيه يا أم محمد؟
- الباليه... فوق كفّ مصر
- ابحثوا عن قاتل -ماري- الحقيقي.
- معندناش كتب خيالية
- مليون إنسان في بيتي
- رسالة إلى حابي
- الشاعرة اللبنانية زينب عساف تكتب عن ديوان الشاعرة المصرية فا ...
- وجدى الحكيم أيام زمان
- 13 مارس 1950
- أغلى سيارة في العالم
- أمي، و-أحمد رشدي-
- هنا كردستان
- القتل على العقيدة
- تُرى كيف يقرأ هؤلاء؟!
- متى يطمئن مرسي؟
- صولجان -نادر عباسي- المستبد
- الديكتاتور محمد صبحي
- المرأة بين عقيلة وفرحات
- حوار قديم مع فاطمة ناعوت 2006 | ناعوت: الشاعر راء لأنه لا يق ...


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - الصورة الحقيقية لمصر