أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان خالد شاتيلا - الطبيعة المادية في أعمال يوسف عبدلكي














المزيد.....

الطبيعة المادية في أعمال يوسف عبدلكي


حسان خالد شاتيلا

الحوار المتمدن-العدد: 4414 - 2014 / 4 / 4 - 17:30
المحور: الادب والفن
    




يرتفع أٌسلوب المدرسة التعبيرية في أعمال الفنان المبدع يوسف عبدلكي إلى مرتبة عالية من الخلق والإبداع الفني تصل إلى الكمال أو المطلق، طالما ينفرد عن سواه من الفنانين التعبيريين من حيث ما يمتلكه من قدرة على رسم خط أسود لا يقبل التغيِّير. هذا الخط،، زد على ذلك، ليس ما بعد ما يحكيه من وقائع مأساوية أي حيِّزٍ يتسع للمضاف إليه، والصِفة، والحال، والفاعل، ما دامت موضوعات أعماله هي الفعل. الطبيعة، المجتمع والإنسان الاجتماعي، من حيث أن كلا منها فعلٌ. أعمال يوسف عبدلكي جوهرها خطٌ أسودٌ يمتد أو يلتف كسلك من الحديد الصلب المشدود دوما نحو إشكاليته الإبداعية. أعماله، إن صحَّ أن تُنسَبَ إلى المدرسة التعبيرية في الفن التشكيلي، فإن ما هو مُبدَعٌ فيها إنما هو الصراع، الصراع بكل أنماطه وأشكاله في جيمع الميادين، الطبيعة، المجتمع والإنسان الاجتماعي. الصراع بين الحياة والموت، بين الكرامة والذل، بين العنف المتمرد والاستسلام المُسَيَّر والمُستلب، بين إرادة الحياة التي لا تُقهَر بالعنف والقتل والموت.
هذه السمكة ماتت، لكن عينها ما تزال تحمل أثار المقاومة والغضب حيال الصياد، حتى أنها ما بعد الموت تبدو وكأنها ما تزال على قيد الحياة بما ترويه عن صراعها مع الطعم المعلَّق بصنارة الصياد. وهذا طير ماتَ وهو مسجى، ظهره ممتد فوق الآرض، لكن أطرافه، بافتراض أن الطير أصبح جيفة، ما تزال منتصبة إلى الأعلى ونحو الجانبين، وهي ما تزال، مابعد موت الطير، تتحرك بقوة الطبيعة، في ما لا تزال أطرافه التي تشق الفضاء تكشف بمخالبها البارزة ، وأطرافها المتقلِّصة أحيانا والمنبسطة، أحيانا أخرى إلى مدى الزمان المستمر، ، تكشف، ما بعد الموت عن معركة الدفاع عن الحياة بعنف طبيعي. حتى أن عنف الصراع ما يزال حيا في أطرافها، والطير ما يزال يقاتل بعنف من أجل الانتصار. ثمة هنا جمجمة لإنسان توفي منذ سنوات بعيدة واستحالت جمجمته مع مضي الوقت إلى كتلة شبه دائرية من العظام. هذه الجمجمة مربوطةٌ بخطوط من الحبال، وهي أشبه ما تكون بجمجمة استولت عليها سلطةٌ تمارس التعذيب حتى الموت، وانتهت ما بعد الصراع إلى جمجمة مكبلة بسلَّة من الحبال المشدودة. إلا أن الحياة، بصراعاتها ومعاركها، ما تزال ما بعد موت صاحبها تقاوم الموت والهزيمة والتعذيب. إبريق الشاي المحاط بفناجين على أهبة الاستعداد لاحتساء الشاي الساخن من إبريق بارد بالرغم من أن الرسوم التزيينية المضافة إلى سطح الإبريق، سرٌ دفينٌ، لانتظار طال أمده، يترصد حركة الزمان المقبل. بيد أن هذا الانتظار لزمان فاعلٍ، ما هو سوى انتظار فاتر في قالب من الزمان الساكن للإبريق الذي تعطَّل عن الفعل والعمل.

أعمال الفنان المبدع يوسف عبدلكي تخترق دوما، بخطها المجبول بإرادة حديدية لا تنكسر، وبخطها المعجون بعنف ومقاومة الإنسان الاجتماعي، وبقوة الطبيعة، تخترق الحاجز الذي يفصل ما بين الموت والحياة، الصراع والانصياع، المقاومة والاستسلام، إرادة الحياة والموت الجبان. الخط الممتد أو الملتف بقوة وعنف وإرادة وصراع في أعماله الفنية التشكيلية، إذ هو يخترق الحواجز بين هذه وتلك من مكوِّنات الطبيعة، وصراع الانسان من حيث هو كائن اجتماعي متأتٍ عن طبيعة خلاقة، إنما هو، على هذا النحو، يكتشف وينقل ما يراه، من استمرار الصراع ما بعد موت الضحية، واستمرار العذاب ما بعد الموت، وبقاء العنف والإرادة الصلبة والصراع من أجل الانتصار، أحياءً بالرغم من أن الموت إذ هو يعادل السكون، غير أن الصراع والعذاب والعنف والقسوة مكوِّنات طبيعية واجتماعية حيٌةٌ لا تموت.

الخط في أعماله مجبول بقوة الطبيعة وعنف الصراع الاجتماعي. فإذا كان الخط في أعماله يجمع بين القوة والعنف والإرادة الصلبة، فإن الإغلاق على هذه الأعمال ضمن التصنيفات المدرسية، تعبيرية كانت، رمزية أم واقعية، يُفقدها جوهرها، ألا وهو الفعل. الفعل الطبيعي، الاجتماعي والإنساني. إن أعماله، أيا كانت التصنيفات المدرسية والأكاديمية، مجبولة بمادية الطبيعة والمجتمع. إن صديقي يوسف عبدلكي قارئ مخلص لفردريك إنجلز. بيد أن اختراق خطه القوي لكل هذه الحواجز، يُحيِيِ بصلابته الاستثنائية إرادة صلبة، هي أبعد ما تكون عن الميكانيكية والبنيوية والتطورية وغير ذلك من تعريفات فنية تقنية، ما دامت تجسيدا حيا، رغم أنف الموت، للفعل الذي يتفوق دوما بفضل خطوطه الإبداعية على الاستسلام والانهزام والخنوع.

الجماد والموت في أعمال يوسف عبدلكي يتحولان بخطوطه الحديدية الصلبة إلى طبيعة حيَّة وفاعلة، وتصير الطبيعة بدورها انسانا اجتماعيا.



#حسان_خالد_شاتيلا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة الخامس عشر من آذار: مستقبل حزب الله: ضحية الاستبداد الش ...
- ثورة الخامس عشر من آذار:هزيمة الثورة المضادة رهنٌ بوحدة اليس ...
- ثورة الخامس عشر من آذار: التآمرُ سياسةُ الثورة المضادة، حاكم ...
- ثورة الخامس عشر من آذار: المؤامرات، المتآمرون، والمتآمر عليه ...
- اليسار في سورية: مهمة واحدة من أجل انتصار الثورة العفوية
- ميدانية القاهرة (ثورة في ثورة)
- ثورة الخامس عشر من آذار: الأزمة السياسية للثورة الشعبية مستم ...
- -دور ومهام اليسار الثوري في سورية- (تتمة وتصويب).
- حسان خالد شاتيلا - كاتب ومفكر يساري - في حوار مفتوح مع القار ...
- ثورة الخامس عشر من آذار في سورية: الانتقال من عفوية الثورة إ ...
- -واجب الكراهية- للطغيان والتسلط - في العنف والعنف الثوري*
- التاريخ غير المرئي للثورة المستمرة
- .../... ثورة الخامس عشر من آذار: تهافت السياسة الليبرالية وب ...
- ثورة الخامس عشر من آذار: تهافت السياسة الليبرالية وبؤس اليسا ...
- ثورة 15 آذار السورية: اليسار في سورية تائه في رقعة ألعاب الس ...
- ثورة 15 آذار/مارس في سورية: الخطاب السياسي أولا وأخيرا
- -ميدانية القاهرة- (مقدمة)
- إيديولوجية تجمع اليسار الماركسي (تيم): مقاربة نقدية ومادية
- جورج لابيكا أو تغيير العالم بلا معلِّم
- يمين ويسار، نهاية الاستعصاء


المزيد.....




- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان خالد شاتيلا - الطبيعة المادية في أعمال يوسف عبدلكي