أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - إيرينى سمير حكيم - الفنان عادل نصيف يُعرِّف بأعماله ويواجهنا بمشكلة الفن القبطى المعاصر















المزيد.....


الفنان عادل نصيف يُعرِّف بأعماله ويواجهنا بمشكلة الفن القبطى المعاصر


إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)


الحوار المتمدن-العدد: 4411 - 2014 / 4 / 1 - 23:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الفن القبطى حقيقة مُلونة، مرسومة، منحوتة ومنقوشة على جدران الوطن، وظل فنا يشرق بالوطنية والإبداع المصرى الأصيل، الذى استشف منه العالم رقى روح وحضارة نبتت من وجدان فنان شعبى بسيط، اختار التعبير عن إيمانه وانتمائه بأبسط وأجمل التعبيرات، وحيث أن هذا الفن مثله مثل باقى تراث التاريخ، فقد تأثر بخدوش التطورات الفكرية وأحداثها عبر الزمن، والتى يعكسها الحاضر بوضوح، فعانى من قطف نبتته الرقيقة التى تأذت بمحيط واقعه المادى، ولكنه بُعِث من جديد وعاد إلى معايشة الحياة الفنية مرة أخرى، ليجد من يستلق جدران فرصه من مبدعين مزيفين، يخنقون نمو نبتته ثانية، لكننا نجد الآن أيضا مبدعون حقيقيون ممن يحافظون على مبادئ هذا الفن الأصيلة، ويعرفون العالم به ويصالحونه مع حقيقة جذوره الإبداعية، ومن هؤلاء الفنان عادل نصيف، والذى سنعرف منه عن انجازاته فى الفن القبطى، وكيف تقبل العالم أعماله باحترام وتقدير لهذا الفن ولإبداع مصر، والذى سيواجهنا أيضا بعوائق الفن القبطى الحديث.

سمات الفن القبطى

يقول الفنان عادل نصيف عن الفن القبطى باختصار، أنه فن البعد عن الواقع فى فلسفته، لأنه كان يتأمل فى الفن المصرى القديم، حيث يرسم الأشخاص بشكل فنى يخدم الفكر الدينى، لذلك هناك صله بينه وبين الفن المصرى القديم، كما أن الفنون فى الشرق تميل غالبا إلى التبسيط والاختزال وإعادة صياغة الأشياء، بعكس الفنون الغربية المستوحاة من الفن اليونانى الرومانى الذى يميل إلى التجسيد، غير الفن فى الشرقى الذى يهتم بالروح أكثر، والفنان القبطى كان عنده فلسفة فى فنونه، وهى أن الفن يكون لتعليم العقيدة وترجمه للطقس واللاهوت وكل ما يتعلق بالديانة، لكن كان لسوء حظ الفن القبطى انه لم يستمر، بحيث أن مرحلة توفر الإنتاج للفن القبطى كانت حتى القرن السابع الميلادى.

كما يعتبر الفن القبطى هو الفن الوحيد الذى نشأ بعيدا عن السُلطة، اى أن كل الفنون الدينية فى العالم نشأت مرتبطة بالسُلطة، ماعدا الفن القبطى فقد كان له خصوصية غير عادية، بحيث انه كان فن شعبي اى انه نابع من فنان من الشعب غير ممول وغير موجه، لذا كان يتميز بفقر الإمكانيات وغنى التعبير للحالة الروحية، بالإضافة إلى انه غير موجه سياسيا إطلاقا، إنما فقط موجه بالإحساس الروحى والفكر العقائدى.

وقد اهتم الفنان القبطى بربط الفكر الروحى بكل مناحى الحياة، فلم يكن مرتبط تفريغه الابداعى بالفن الكنسي فقط، ومثال على ذلك نماذج الآثار الموجود فى المتحف القبطى، حيث لعب الأطفال وأدوات الجراحة وغيرها أشياء من كل مناحى الحياة كانت ذات بصبغة دينيه، وبالذات النسيج القبطى الذى له شهرة عالمية واسعة ويسمى بنسيج القباطى.

لذلك يؤكد على انه يعتز جدا بمرحلة الفن القبطى، لأنه فن نقى جدا حيث خرج من أصول المصريين والفن الفرعونى، لكنه نشأ فى عصر الدولة الرومانية وبالطبع به بعض التأثرات بالفنون الرومانية، إلا انه سريعا ما تخلص من تلك السمات وأصبح له سماته الفنية الخاصة.

التطور السلبى فى الفن القبطى

يرى عادل أن أهم مشاكل الفن القبطى المعاصر هى عدم دراية العديد من المسئولين الدينيين وعدم تفهمهم للفن القبطى، بالإضافة إلى عدم وجود مبدعون تقريبا لهذا الفن حاليا، فما يكثر على الساحة الآن هو وجود من يتبعون نظام الحرفية والنسخ والتقليد، وتلك بالطبع قضية فى منتهى الخطورة، فعلى سبيل المثال مشكلة نقل فن غربي إلى كنيسة عريقة فنها ابهر العالم، فهو شئ يعبر عن مدى الانتكاسات التى مر بها الشعب فى استيعاب الفن، أيضا جرم المسئولين فى إنهم يستوردون فنا أجنبيا تاركون الفن الشعبي، ليستبدلونه بفن غربي سواء ايطالى أو امريكى، ويصور السيد المسيح والقديسين بملامح غربية وغير مصرية.

ويستكمل انه لو ركزنا على الحقيقة والواقع نجد مأساة الفن القبطى المعاصر، هى عدم فهم من يدعون الأعمال الغربية فى كنائسنا، وترتب عليه إبعادنا عن عمق الفن الدينى، وهو فن البُعد عن الواقع والتبسيط والتخليص وتأكيد المعنى للمصلى بشرط انه يكون ذو قيمة جمالية، اى انه ليس مجرد فن دينى مستغنى عن السمات الفنية، فهو فن يجذب من يقف أمامه، والفن الشرقى بشكل عام لا يميل للبعد الثالث والخداع البصرى بل يميل إلى التلخيص والبعد عن الواقعية وهذا ليس من ثقافتنا ولا من تطبيق روحانياتنا على الفن.

ولقد وصل الأمر عند هؤلاء الناسخون إلى أنه أصبح من الممكن أن يستخدموا صور لشخصيات معروفة، ويقومون بنسخها على إنها إحدى الشخصيات الروحية المُمثلة فى الأيقونة، وهذا به خطورة على الفن الدينى انه يتحول لفن واقعى، مثل استخدام صورة من فيلم قُدم عن حياة السيد المسيح، أو بورترية لفنان مشهور مثل الفنان الفرنسي وليم بوجرو والذى استخدمه احدهم فى نسخه على انه احد الرسل، ذلك فى حين أن للفن الدينى ليس له اى علاقة بالقرب من الواقع، إذ انه حينئذ يفقد قيمته، وذلك لأنه فى فلسفته يتكلم عما وراء الأشياء، فإن جسدت الأشياء يفقد رسالته وقيمته الروحية، لذا من البديهى أن نعرف أن الفنان القبطى كان بمقدوره أن يجسد فن واقعى والفن الفرعونى كذلك، إنما هو يخدم بفنه مبدأ روحى وعقيدة، وللأسف الشديد انه من الخطأ الفادح أن نجد شخصيات دينية كبيرة يوردون الشكل الغربي للمسيح فى الفن القبطى مع الدفاع عن هذا السلوك الفنى الجديد فى الكنيسة القبطية.

وان كان فى العقيدة المسيحية أن كلمة الله اللا محدود تجسد فى شخص السيد المسيح، فهو يصور فى كل بلد على حسب ملامح أهلها، فمثلا عند الزنوج هو اسود وعند الصينيون هو صينى، حتى انه فى فارق بين التجسيد الفنى فى بلغاريا ورومانيا فى الأيقونة، أما نحن هنا بعد تاريخ طويل وحضارة، وما قدمناه من تعليم فنى وروحى لجميع كنائس العالم ككنيسة قبطية، نستورد من أعمال وأفلام وصور ايطالية، مشيرا إلى احترامه للصورة الايطالية فى مظهرها ومكانها، وانه يسعى كأى متذوق للفن أن يذهب لرؤيتها لأنها تعبر عن بيئتها ومكانها، إنما بعيدا عن تأثيرها على الفن القبطى وذلك لان الفن الدينى فن خصوصية، ولهذا اتجه الفنان القبطى للتعبير فى صوره عن البيئة والملامح المصرية، والدليل على هذا شرقية باويط الموجودة فى المتحف القبطى، والتى جسد فيها السيدة العذراء وهى واقفة، وحولها ليس العدد التقليدى للرسل، إنما بجوارها صور 14 بدلا من 12، حيث قدم الفنان اثنان من القديسين المحليين فى مصر.

وفى نفس الوقت حين وجد الفنان القبطى صراع عقيدى حول أن المسيح لاهوت فقط لا ثالوث على الأرض، ظهرت أيقونة "العذراء المرضعة" فى مصر لتأكيد ناسوته، وهى موجودة فى دير السريان والمتحف القبطى، وهذا يعنى أن الفنان القبطى كان لديه فهم للدين، ووعيه لتقديم الصورة بشكل صحيح، أما الآن ما يحدث هو إما استيراد فنون غربية أو نسخ وتقليد أعمال تسمى قبطية، وفى الحالتين هى مأساة وانتهاك لخصوصية الكنيسة الفنية، وتلك الأزمة أنتجت مجموعة كبيرة ممن لا علاقة لهم بالإبداع، لأنه من السهل أن احد يطلب من اى رسام أن يقوم بتكبير صورة ويقلدها، ويذكر انه حين كان فى زيارته لليونان، رأى انه لدراسة الأيقونة كان يتم تدريب المتدربين على نسخ بورتريهات الفيوم، أما نحن الآن فنفقد ما تبقى من قيمة عندنا.

سمات الأيقونة القبطية ومشكلتها المعاصرة

يجد عادل أن فن الأيقونة أصله قبطى مصرى، حيث يرى أن ذلك يتضح فى بورتريهات الفيوم التى وٌجدت فى ارض مصر، والتى نسبت إلى الفيوم لأنها المنطقة التى وجدت بها عدد كبير من البورتريهات، وقد كانت أول صور ترسم على الخشب، وكان البورتريه فيها له بُعد فلسفى وبُعد دينى، ويقول انه فى الحقيقة ليس كما يعتقد البعض أن فكرة برورتريهات الفيوم يونانية، لأنه فى زيارته إلى اليونان لم يجد اثر به شبه لبورتريهات الفيوم إطلاقا، ويعتقد انه أنتج مصريا وبأيدى مصرية، وهذا يعنى أن بورتريهات الفيوم هى أصل إنتاج الأيقونة فى العالم، وهذا لأنها رُسِمَت على طريقة الأيقونة، والدليل على هذا انه إذا قمنا بمقارنة بين بورتريهات الفيوم وأثار القرن الرابع والخامس، تكاد تكون البورتريهات موجودة فى الأعمال كما هى، مثل شرقية باويط فى المتحف القبطى، وما تم اكتشافه فى دير السريان، والذى يظهر به تأثر واضح وكبير بكل أعمال باويط، وتظهر هذه الملامح بشكل قوى فى الأعمال الجدارية، كما أن الأيقونة الشهيرة ليسوع وهو يحضن القديس مينا محفوظة فى متحف اللوفر يوجد تشابه كبير بين أسلوبها وبين أسلوب بورتريهات الفيوم، وكأن فنان بورتريهات الفيوم هو الذى قام بالأعمال الفنية الدينية.

إنما للأسف لم يتبقى لنا أيقونات ترجع إلى العصور القديمة إلا فيما ندر، فجميع الأيقونات الموجودة فى مصر حاليا بنسبة كبيرة تعود إلى القرن 18 و19، وهذا لأن مصر من بعدها مرت بأحداث سياسية دمرت إنتاج كبير من الفن القبطى، بالإضافة إلى أن إنتاجها وافد من خارج مصر، وهكذا لم يجد فن الأيقونة القبطية استمرارية.

أما اغلب إنتاج الأيقونات المتبقى فى الأديرة وكنائس مصر القديمة والمجموعة الفنية الموجودة فى المتحف القبطى، أنتجها فنانون وافدون إلى مصر مثل يوحنا الارمنلى وإبراهيم الناسخ، إلى أن جاء محمد على وحقق طفرة فى الفنون بشكل عام، لكن لم تنتج الأيقونة المصرية فى العصر الحديث إلا على يد الفنان الراحل اييزاك فانوس، والتى نفذها بأسلوبه وسماته الفنية، لذا كان هناك غموض لفترة كبيرة يخص إنتاج قبطى مصرى للأيقونة حيث حدث إظلام على الفن فى مصر منذ القرن السابع حتى جاء محمد على، إلى أن ظهر ايزاك فانوس وأنتج الأيقونة بأسلوبه الخاص، وقد تعلم ايزاك أسلوب الأيقونة وبدا فى تنفيذه وأصبح أول مصرى فى العصر الحديث يمارسه مرة أخرى.

ويَذكر عن الأيقونة أن لها سمات مميزة فى الفن القبطى وهى البساطة والبعد عن الواقع، دائما ما، تكون مفرحة حتى فى صور الاستشهاد لا تمثل مشاهد دموية، وتبعد تماما عن العنف لأنها تدعو المصلى إلى الأمل والرجاء، حتى فى تصوير السيد المسيح وهو على عود الصليب تكون عيناه مفتوحة، فبالرغم من أن الكنيسة القبطية هى كنيسة شهداء، وعانت من ألام وعذابات كثيرة، إلا أن شخصية القبطى شخصية روحية تميل إلى الفرح فى الله والتمسك به، لذا ينعكس هذا الفكر فى الفن القبطى.

وينفذ فيها الرسم بالمواجهة وليس بالجنب، ويتم الاهتمام بالهالة الروحانية والتى دائما ما تكون دائرية، ولا يمثل فيها إلا شخصيات مقدسة بالنسبة لفكر الفن القبطى، ويتميز التجسيد فيها بالبساطة والاختزال والاختصار فى الألوان، والتعبير الفنى بها مرتبط بتجسيد البيئة النابع منها، فكان الفنان القبطى يمثل موضوع روحى من وجهة نظر مصرية، فمثلا فى شرقية باويط جسد العذراء المرضعة وموضوعات لم يتناولها فنانون فى كنائس أخرى، فالكنيسة القبطية برغم الصعوبات التى مرت بها إلا إنها كانت سباقة فى تفسير الموضوعات اللاهوتية وتقديمها فى إطار فنى للمصلى.

أما عن الوضع الحالى فيرى أن الأيقونة قد فقدت قيمتها، وخرجت من إطارها الرمزى والروحانى، موضحا أن الفن الدينى بقدر ما هو بسيط بقدر ما هو فى حاجة إلى حالة إبداعية لتؤثر فى من يرى أعماله، أما تحويل الفن إلى استنساخ والأعمال إلى نسخ، وإتباع منهجة تفتقر إلى الإحساس، فهذا يحولنا إلى صنعة، والصنعة تفقد الإحساس بالعمل المنفذ، وسبب قوى لتلك المشكلة هو خضوع كثير من منفذى الأيقونة القبطية لتأثير الفن الغربي.

ويضيف بأن الفنان القبطى كان يتعامل على بعدين لأنه يتعامل مع الطول والعرض، ولم يتطرق إلى المنظور، لذا لا يصلح الآن أن ينفذ فى الأيقونة نوع من الخداع البصرى، فالأيقونة تعبر عن حالة هدوء تقدم للمصلى، معبرة عن أبعاد تعامل معها المصلى ورآها، وهكذالا يوجد احتياج لخداع بصرى، لان فى نفس اللحظة يؤمن المصلى بأشياء لم يراها، فإذا تم تحويل الأفكار المرسومة بها الى شخصيات مُجسَدة بثلاثة أبعاد بها فستفقد جوهر مبدأها الفنى والروحى، حيث يتم تجسيد لملامح شخصية بلون عينين وشعر، وهذا يفقد الأيقونة معناها الروحى، لان الفنان القبطى يرسم روح الشخصيات وليس شكلها، فنحن لم نقابل الشخصيات المرسومة لذا فهو يميل للرمزية لتعبر فقط عن جوهر شخصياتها وليس نقل ملامح للتركيز فى البعد الروحى الذى من هدفه يقوم الفنان القبطى بإنتاج فن الأيقونة، ولكى يترجم من خلالها الطقس والمعتقد الذى تؤمن به الكنيسة، بأسلوب معبر عن ارتباطها بثقافة الأرض التى خرجت منها، وذلك يظهر بوضوح فى الأيقونات القبطية الأثرية.

وأخيرا يؤكد الفنان على أن التكرار والتقليد لا يفيد الفن بشئ كما أن الحرفة والصنعة لا تقدم إفادة على المستوى الروحي، غير أن العمل الخالى من الإحساس لا يمكن أن يصل إلى المصلى، بالإضافة إلى أن استخدام خامات سيئة والاعتماد على خداع النظر فى أيقونات فى كنائس قبطية وزحمة الألوان، على عكس منهج اختيار الألوان من قبل الفنان القبطى القديم الذى تعمد الحفاظ على روحانية الأيقونة، واستخدام الألوان الترابية الهادئة مما يكمل حالة الهدوء فى الكنيسة والتى بالتالى يناسبها عدم وجود إزعاج لونى فى أيقوناتها.

آثار قبطية مُلطخة بفنون غربية

أشار عادل إلى أن اغلب الفنون غير الأثرية الموجودة فى الأديرة لا تعبر عن اى هوية، فهناك العديد من الأديرة الأثرية لُطِّخًت فيها أعمال ايطالية، والحقيقة انه إن كان سيتم ترك الحوائط بدون اى رسومات كان سيكون أفضل وأكثر احتراما لطبيعة المكان، وهو يطلق على عملية إضافة الفنون والنسخ بتلك الطريقة "التلطيخ"، وهذا لأنه قد تم تحويل الفن الدينى إلى صورة مادية تجسد القديسين بصورة غريبة عن الناس الذين يعيشون في بيئة هذا الفن الممثلة به.

ويقول أن فنان الفن القبطى لا يجسد القديسين بأشكالهم الحقيقة، بل يعكس أرواحهم، ومن الطبيعى أن تجسيد ملامحهم يكون ملائم لبيئة هذا الفن، أما الإنتاج عن طريق النسخ بالإضافة لاستخدام أردأ الخامات والتعامل مع تنفيذ الأيقونة من منطلق مادى على انه عمل مؤقت ليتم تغييرها لاحقا، بسبب مفهوم خاطئ لدى البعض من المسئوليين الدينيين بان ذلك سيتكلف الكثير مما يؤثر على ما يعطى للفقراء، فى حين انه فى تغيير الأيقونات باستخدام خامات رديئة لها وعمل غيرها بعد وقت قليل سيعمل على استهلاك تكلفة أعلى مما كانت تنفذ بخامات جيدة تحافظ على استمرارية بقائها فنا ومادة، لذا يرى عادل انه لمن الأفضل والأشرف لهذا المسئول أن يترك الحوائط خالية للجيل الذى سيأتى بعدنا، فربما قد يبدع فنا نحن لا نستطيع أن نبدعه.

ويجد انه بتلك التصرفات نغلق الفرص أمام الأجيال التى ستأتى بعدنا أن تبدع ونحد من رؤيتهم الفنية فى نسخ ونقل وتلطيخ أعمال، فى حين أن أعمال بسيطة حين قدمت إلى العالم أثرت فيه ونالت اهتمام وانبهار، لذا فالاهتمام بخصوصيتنا يجعل العالم كله يحترمنا ويحترم خصوصية فننا، ومثال على ذلك تجارب لنجاحات فنية خارج مصر (سيشار إليها بالتفصيل لاحقا)، إنما ما يحدث الآن فما هو إلا ناقوس خطر بتشويه الفن القبطى وتدميره تدريجيا، وهو تدمير لما تبقى من التراث الذى من المفترض أن نفتخر به ونحافظ عليه، مؤكدا على أن الفنان الحقيقي لا يهمه الإنتاج إنما الجودة، وهذا المبدأ الذى كان يحق أن يُتبع.

ويذكر انه لهذا السبب يقوم فى تنفيذه للأيقونات باستخدام الذهب الحقيقى، لكى يُحافظ عليها للأجيال القادمة، فلا تفسد بعد خمس سنوات ويتم عمل أخرى جديدة بدل منها، ففى الحفاظ على قيمة فننا القبطى كرامة ليست فقط للفنان الذى ينفذه إنما عمل يدوم ويعكس كرامة الفن المصرى عامة، لأنه بهذا يجذب العالم لاحترام هويته.

عن الفنان عادل نصيف

يذكر انه بدأ عمله فى عام 1985 بعد التخرج من كلية الفنون الجميلة، واهتم بالفنون التراثية عموما وبالفن القبطي بشكل خاص، حيث بدأ بدراسة شخصية فيه، وكان يهتم بتطوير هذا الاتجاه وفى نفس الوقت كان عنده شغف واهتمام بالفن بشكل عام، وفن التصوير بشكل خاص، مشيرا إلى انه متخصص فى الفن القبطى وفى أعمال الموزاييك، ويهتم بتقديم البيئة والشخصية المصرية عموما فى أعماله، فمثلا عند تنفيذه لأيقونة تجسد هروب العائلة المقدسة إلى ارض مصر، جسدها فى حالة وبيئة مصرية، وبداية أعماله كانت كنيسة السيدة العذراء فى امستردام، ومن ثم استمر فى البحث والتجريب فى الفن القبطى، حيث عمل على تنفيذه فقام بتنفيذ عدة أعمال، منها على سبيل المثال كنيسة فى السويد وأمريكا وكنيسة فى الإمارات، وأهمهم العمل الذى تم تنفيذه فى كنيسة الملاك ميخائيل فى باريس، حيث قام بعمل مجموعة فنية منها فن الموزاييك والأيقونات، وقد وفق على الفور من انتهائها أن تم إدراجها من قبل وزارة الثقافة الفرنسية ضمن التراث الثقافى، وذلك عام 2010 و2011، حيث تعتبر أول كنيسة خارج مصر مدرجة من قبل وزارة ثقافة أجنبية كتراث ثقافى يستحق الزيارة، وقد أقيم احتفال بهذه المناسبة، وهى تعبتر أول كنيسة مصرية فى العالم يتم معها هذا التكريم فلا توجد كنائس مصرية خارج مدرجة ضمن جدول الزيارات السياحية.

منهجه الفنى

يؤكد عادل على انه يقدم أعماله من رؤيته الفنية بالإضافة إلى انه يستلهم من التراث القبطى المصرى بشكل عام، ويجد أن الفنان الحقيقي من الصعب أن يتبع مدرسة أو أسلوب معين ويعيد الإنتاج منه، ويجد أن هذا المنهج يلائم من يمارس العمل كحرفة أو كصنعة، إنما بالنسبة إلى فنان دارس ومتخصص ومبدع، فلابد أن يكون له خصوصية فى شغله، وإلا لا يوجد داعى إلى أن يمارس الفن، لان كثار هم من يستطيعون أن يمارسوا فن الأيقونة بشكل تقليدى أو بنسخ الصور.

أما عن الفنان ايزاك فانوس فيذكر انه فنان يحترمه ويحترم فنه، لأنه فنان له قيمته فى الكنيسة المصرية، إنما يستوضح عادل انه كفنان ينظر إلى جذور الفن القديمة جدا فى الفن القبطى، والتى هى مرحلة بورتريهات الفيوم والفريسكات الموجودة فى القرن الرابع والخامس والسادس الميلادى، وهذه المرحلة يعتبرها مرجعيته، ويضيف عليها من إبداعه، مشيرا إلى انه لا يقوم بنسخها، إنما يدرس التكنيك القديم ويضيف عليه بأسلوبه.

من مشاركات المعارض

قام الفنان عادل بعمل العديد من المعارض والمشاركة فى أخرى، والتى منها معرضه الخاص فى مصر فى عام 2008، وقد قدم فيه عن خمسون لوحة من فن الموزاييك، ويتميز انه ينفذ مناظرة طبيعية لبورتريهات ووجوه شخصية، بأحجام لا تزيد عن 50 X 70، والذى يعتبر الأول من نوعه فى مصر، وقد كان معرض جديد فى الساحة الفنية، حيث انه معرض كامل من فن الموزاييك بالمنظر الطبيعى.

وفى عام2003 قام بعمل صالون فى الخريف الفرنسي بباريس فى دورته ال112 وال 113، ومشاركته الأولى كانت بلوحة موزاييك، والثانية كانت بعمل من أسلوبه الخاص للأيقونة القبطية عن العائلة المقدسة، وقد كانت مواضيع اللوحات تعبر عموما عن الفن المصرى، ومشاهد تعكس البيئة المصرية.

بعض انجازاته الفنية

يذكر عادل انه فى عام 2008 قد تم إصدار كتاب للمؤلف "آليستر ماكدونالد"، وهو كاتب من جزيرة برمودة، والذى طلب منه أن يقوم بتنفيذ لوحات القصة التى قام بكتابتها حول قصة ميلاد السيد المسيح، بحيث أن ينفذ لوحاتها على طراز التراث القبطى بأسلوبه الفنى الخاص، ذاك لان الكاتب وجد أن هذا الأسلوب ملائم لحالة القصة، رغم انه لم يرى من أعمال الفنان عادل سوى عمل واحد فقط، ومن ثم نفذ الأيقونات، وتمت طباعتها ونشرت فى 25 ألف نسخة انجليزية و5 آلاف اسبانية، ويجد انه لمن المحير هنا أن خصوصية فننا يحترمها كل العالم وهى الأيقونات القبطية، فى حين أن بلدنا لا تقدرها، أما عن الكتاب اسمه first Christmas، وقد أقيم لأيقونات الكتاب معرض فى منهاتن، وقد نال الكتاب فور نشره فى أمريكا جائزة أول كتاب لهدايا الأعياد للأطفال، بالإضافة إلى وجود ملحق مع الكتاب عن تاريخ الكنيسة القبطية، وهذا دليل عن مدى استيعابهم وتقديرهم للفن القبطى.

كما تم تكريمه مؤخرا فى فبراير هذا العام، بمعرض جيل الثمانينات بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عن مشواره فى الفن القبطى والأيقونة وأعمال الموزاييك، وذلك بمنحه الدرع الخاص بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، وأيضا شهادة تقدير لاهتمامه بتطوير الفن القبطى والمشاركة بالمعارض منذ تخرجه عام 1985.



#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكاثر الانحطاط الذوقى والاخلاقى عن عشق بين فنان بخُلُق همجى ...
- باسم يوسف يُعيِّر الإعلام على ابتذاله داعيه إلى الرقى بإيحاء ...
- نشرة غير دورية عن *شفت تحرش* تضغط على إصدار قانون يُجرِّم ال ...
- مصرفون إذاعة الإمكانيات القليلة تفتدى قيمة تراثنا الكبيرة
- فيلم *هاتولى راجل* يبحث عن توازنات فقدها المجتمع
- فيلم *لامؤاخذة* صادم للعنصرية كاشفا معايير المجتمع العمياء، ...
- الفنان *مُحِب عماد* موهبة شابة تناقش ألوان الشخصيات على المس ...
- مِن خدام بيت الله مَن يسرقون الله
- ملحدون مؤمنون
- لن ادخل جنتك
- -ربنا يستر عرضِك- دعوة إلى الله أم إهانة إلىّ
- الإنسانيون الجُدد فى مجتمعنا بين الغزو النفسى والاحتيال الفك ...
- لو كان التاريخ إنسانا
- عرض -عن العشاق- حلم عاشه الجمهور
- من كان منكم بلا ضعف فليرمهم أولا بحجر
- صلاة منتحر
- ورشة -تنمية مهارات الأطفال- فى جمعية المحافظة على التراث الم ...
- حصول فرقة التنورة على شهادة التقدير لمشاركتها فى المهرجان ال ...
- رحلة بالية -زوربا- من الشارع إلى دار الأوبرا يحكى مسيرة تمرد ...
- فريق Like Jelly يُمتع الجمهور بحكىّ وغناء وفكرة


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - إيرينى سمير حكيم - الفنان عادل نصيف يُعرِّف بأعماله ويواجهنا بمشكلة الفن القبطى المعاصر