مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1252 - 2005 / 7 / 8 - 11:00
المحور:
الادب والفن
وهي جزء لايتجزأ من ثورة المعلوماتية الصاعدة والاّخذة في النمو والتطور يوما بعد اّخر في عصرنا هذا .
وجاءت ثورة المواصلات والإتصالات والأقمار الصناعية لتدفع إلى إنهيار حدود الزمان والمكان معا , لأن مفهوم القرية يعني ما هو محلي وصغير ومتجانس ومتأخر عن حركة الزمن الأسرع .. .
فيما العالمية تعني ما هو كبير ومتعدّد ومتباعد الأطراف , ومختلف , وغير متكافئ , فتأتي الصورة لتحاكي أي شعب وأي ثقافة , وأية حضارة , وقومية .. ولغة .
ولما كانت الصورة هي أيضا جزء من الخط الشرقي .. , فهي تحمل الضوء .. والمساحات .. تحمل الجمال .. والحركة .. والخط .. واللون .
وتعبّر عن العلاقات , والفكر الشعبي , والطقوس الدينينة , والخلفيات الروحية , والعادات الإجتماعية , وكل ما هو تراثي . فهي إذا مشبعة بالمفعول الروحي والوجداني , وتعمل في تحريك مشاعر الإنسان المخبأة في ذاكرته .
اّمل أن يكون هذا الكتاب مستقبلا , مساهمة فعّالة في مكتبة ( التراث الفني الشعبي ) .. لإعلان شأن ومفهوم وقيمة الصورة في تراثنا وثقافتنا .. ماضيا وحاضرا ومستقبلا .
ولما كان تراثنا الديني , والإجتماعي , والحضاري , تراثا عميقا حيا يفيض بالجمالية والرؤى والحركة .. , ويعجّ بالألوان والمعاني والدروس والإختبارات يتجسّد مكانيا وزمانيا بفكر المرء وتفاعلاته - وليس ذاك التراث الجاف .. الصامت .. , التراث البخيل , والسطحي .. والمستورد .
لذلك .. إنني أعتقد بعصر الصورة أي ( عصرها الذهبي ) هو اليوم قد بدأ .. , فعلينا أن نمشي معه , وبجانبه من أول الطريق , لنساهم في الخطوة الأولى , ونضع اللبنة الأولى فيه , ونسرع الخطى لنلحق بالركب . وهذا من صلب واجبنا الاّن .. وليس غدا .
وسنأخذ معنا كنوزنا .. كنوزنا المحلية الوفيرة التي نتباهى بها .. ونعتزّ .
هويتنا .. وأصالتنا .. وجذورنا .. وصورتنا
وإذا لم نضع نتاجنا فيه ونساهم بشكل أو باّخر , سيبتعد عنا , ولن نركب بقطاره .. أبدا .
ولما كانت - صيدنايا - هي الماضي والحاضر والمستقبل .. فسيكون لنا حتما موقعا جيّدا في كل المراحل .. والعصور .
ونسعى إنشاء الله مستقبلا بأن نقيم المعارض الواسعة .. والمتنوعة بالصورة .. وغير الصورة لصيدنايا القديمة - الذاكرة - وصيدنايا - اليوم - الجديدة .. الحديثة التي هي المستقبل .. لأنها جزء من الفن , والفن أصبح اليوم تعبير عن حضارة الأمة ... وروحها .
قد يقول أحدهم :
بأن هذه المظاهر والصور .. والرسوم التي تجمعينها , هي مشابهة وعامة مع بقية القرى والأرياف , والبلدات , والنواحي , في الوطن العربي الكبير .. وما هو الجديد لديك .. ؟
فأجيب على ذلك .. . نعم هذا صحيح .. فهناك أشياء كثيرة مشتركة , وجامعة , ومتشابهة في كثير من النواحي والجوانب , لكن , يبقى لكل بلدة ومدينة ومصيف وموقع ومزار .. خاصية متفرّدة بها - لها ملامح ومزايا مختلفة في أوجه كثيرة عن البقية في الأصقاع الأخرى .
هذه الخاصية .. والفرادة .. والتميّز في الشكل والمضمون لبلدتنا .. , والتي ورثناها عن الأوائل .. , هي التي أود أن أكشفها وأبرزها وأظهرها .. وبالتالي لكي نحافظ على هذا الإرث الثمين .
لندرس ( صورتها ) الدراسة المعمّقة في المستقبل والاّن وبشكل علمي .. , لأن هذه اللوحة هي وسيلة تعارف ومعرفة .. وتعرّف .. سريعة الإنتشار والوصول إلى كل مكان وأسلوب أو طريقة لتوصيل المعرفة والثقافة والعلوم بين الثقافات .. والشعوب .. والحضارات .
وبفضل مناخ وتعاظم وسائل النقل والإنتقال , وفي هذه الحالة لا تموت . ولا تموت قيمتها المادية والمعنوية , بل بالعكس , ستحمل صعودها بين جنباتها , وإطارها , وزخمها التاريخي كقيمة أثرية , وبالعكس تماما كلما تقدّمت بالسن ازداد سعرها وثمنها كا ( التحف , السجاد , الذهب , النحاس , والنبيذ , ... ووو ) .. وارتفعت قيمتها التاريخية .
فنحن إذا أخذنا الصورة - أي صورة - وشرحّناها من جميع أوجه الحياة ومن كل بإختصاصه , ومن زاوية كل رأي , ونظرة , فسنجد فيها .. :
الفنون التشكيلية - هندسة معمارية , ومدنية - ورسم وتصوير - أزياء - موضات شعر - المواد الأولية للبناء -إهتماماتهم - علاقات الناس - تقاليدهم - مستوى تفكيرهم - مستواهم الحضاري - المعتقدات الدينية - أنماط المعيشة - النظام الإقتصادي "" الزراعي الصناعي الرعوي التجاري السياحة المواصلات .. الخ " وبالتالي جغرافية المكان " المناخ التضاريس ... الخ " والخدمات الإجتماعية . ... وغيرها .
أجل ..هذه المجموعة من الصور .. التي تمكنت من جمعها وأنا في الغربة ... وهي المتاحةلي والموجودة بين يدي .
كنت أشعر وأنا أجمعها , وأصنفها , وأكتب تحتها , كأنني أملك كنوزا .. وذخائرا .. وجواهرا .. , ومحطات تاريخ .. وذكريات .. وتراث غني جدا جدا ... أتباهى به .
أنني أعترف مسبقا.., بأن هناك الكثير من النواقص لدي الاّن حيث لم أتمكن من الحصول عليها
. اّملة في المستقبل القريب , إذا أتاحت لي الظروف أن أغني وأضيف وأطوّر هذه الخطوة والبداية , لتكون أرشيفا مصوّرا , يبنى عليه مشاريع مستقبلية تخدم العلم والمعرفة .. والإنسان
وبالتالي .. هي خدمة لبلدتي الغالية ... ووطني الحبيب .
فبدون ماض لا يوجد حاضر ومستقبل , ودون الجذور لا يوجد أغصان وأوراق وأشجار وارفة الظلال شامخة .. تكوّن حدائق وغابات وأسيجة وأسوارا خضراء .. , تصّد الرياح القمعية العاتية .. وسموم الغبار الصحراوي .. , وجرف التاّكل الفكري , والإجتماعي , والعمراني , بل تعمل إلى تنقية الهواء الفكري المسموم .. , وزرع مساكب الورود .. والأعشاب المحلية المميّزة بثمار الخير والجمال والبركة ... وحقيقة الأشياء .. والوجود .
ومع تطوّر قيمة الإنسان الإجتماعية .. , تطوّرمعه فنّه , وارتفع قيمته , ومستواه . وكان لا بد لاّثار الإنسان القديم والجديد أن تصعد ضمن التيار العام . فكل شئ , أو أثر مهما بدا وكان صغيرا بنظر البعض , أو غير معنى بالواقع , نرى بأن أناسا كثر , وأيادي خيّرة ومحبة ومدركة , أخذته وقدّرت قيمته التاريخية , وصنّفته في إطاره الجميل اللائق زمانيا ومكانيا , وأخذت تتباهى به , وتفتخر بنتاجها الشعبي والإنساني .. والذاتي المحلي لأنه يحكي عن جزء من تاريخ وتطور حقبة أو بلد أو مجموعة سكانية تنتمي إلى هذا الكوكب .. الملئ بالعجائب .. والغرائب .
فهذه المجموعة من هذه الزاوية , هي جزء من مخيلة وتفكير وفلكلور شعب .. عاش على هذه البطاح الجرداء الصخرية .. البعيدة عن البحار والبحيرات والأنهار والمستنقعات والأهوار والأغوالر ... والدلتات الخصبة -
وبالرغم من ذلك الفقر بالمياه , فلقد إنتزع إنسانها الحياة على هذه البقعة .. , وبنى مدرّجاتها , وسفوحها , وأعطاها رونقها وإيقاعها , وما يناسبها من ثمار ومزروعات , معتمدا على المطر فقط بين الصخر والوعر .. , وأنتج حباّت العيش من شقوق الصخر .. وشرايين الكروم التي زرعها على سفوح التلال .. والجبال والحبوب والحنطة في السهول .. , وتكاتف مع أخيه الإنسان .
وعمّروا .. وبنوا نواة بلدة .. , أصبحت في وقتنا الحاضر ( ناحية ) - للقرى المحيطة بها .. وعروسة القرى والمصايف .. , بنقاء هوائها.. وطيب ثمارها , وجودة تربتها و ( قداسة أرضها ) .. وجمال بيوتها الحجرية المنحوتة بالعرق .. والتعب .. والصبر .. والفنّ الريفي البسيط .
حوّلوا هذه الجبال والتلال , إلى تجمعات ..تضجّ بالحركة والعطاء والإنتاج الريفي المتطوّر ذات الإكتفاء الذاتي .
والساحات .. تحوّلت إلى أسواق إقتصادية ( محلية , ومناطقية ) تجاريا وزراعيا ورعويا , نشيطة .. ومنفتحة , أثرت إيجابا وانفتاحا وتقدّما للمنطقة كلها ... في كل المجالات .
يتبع -
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟