أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - وداعاً لإمبراطورية القرن الحادي والعشرين، وداعاً للقطبية الأمريكية الواحدة في العالم!















المزيد.....



وداعاً لإمبراطورية القرن الحادي والعشرين، وداعاً للقطبية الأمريكية الواحدة في العالم!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 4406 - 2014 / 3 / 27 - 00:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تكن السنوات الأخيرة من العقد التاسع وسنوات العقد الأخير من القرن العشرين فترة اعتيادية في حياة الكثير من شعوب العالم وفي الحياة الدولية، سواء أكان ذلك في مجالات السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية والثقافية والبيئية، أم في مجالات العسكرة وبيع السلاح والحروب الإقليمية، أم في منجزات الثورة العلمية والتقنية والاتصالات واتساع جوانب ومجالات العولمة الرأسمالية. فقد شهدت شعوب الأرض زلزالاً شديداً هزَّ العالم وقاد إلى حصول تغيرات جذرية في موازين القوى على الصعيدين العالمي والإقليمي وإلى حراك داخلي في الكثير من دول العالم. كان هذا الزلزال السياسي والاجتماعي والاقتصادي مفاجئاً للعالم كله, رغم المجسات الكثيرة التي استطاعت تحديد مواقع الخلل في الاتحاد السوفييتي وفي بقية دول "المنظومة الاشتراكية" الدولية، والتي لم تكن من نتاج تلك السنوات القليلة التي سبقت الزلزال, بل كانت حصيلة واقعية لعمليات معقدة ومتشابكة ومتناقضة ومتعددة الجوانب وطويلة الأمد أدركها القلة القليلة من سياسيي ومحللي الأوضاع الدولية، تلك القلة التي شخصت احتمال حصول هذا الزلزال مبكراً, ومنهم على سبيل المثال لا الحصر زبغنيو بريجينسكي Zbigniew Brzezinski وهو المفكر والسياسي البرجوازي المناهض اللدود للشيوعية والاشتراكية، الذي تحدث بصراحة ووضوح كبيرين عن احتمال حصول هذا الانهيار الصاعق لـ "اشتراكية الدول الاشتراكية القائمة في الواقع"، بالارتباط مع دراسته الجدلية المعمقة للتحولات التي كانت تجري حينذاك في المجتمع والدولة في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية وفي بقية بلدان "المنظومة الاشتراكية" في أوروبا الشرقية من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقات القومية والعسكرة في كل من هذه الدول وفي ما بين دول المنظومة, إضافة إلى الاختلال الممتد طويلاً في الزمن في العلاقة الجدلية بين المبادئ والنظرية التي اعتمدتها لبناء دولها الجديدة منذ نشوئها، وبين الاغتراب التدريجي المتفاقم سنة بعد أخرى عن تلك المبادئ والنظرية في الواقع المعاش والذي قاد بدوره إلى نشوء فجوة متسعة باستمرار استحال إعادة لحمتها بين فئات المجتمع المتطلعة لتطبيق تلك المبادئ وبين النظام السياسي المتردي وغياب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتفاقم البيروقراطية الحزبية والحكومية والفساد المالي والوظيفي والحزبي. لقد غابت الديمقراطية الشعبية الموعودة وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية وحل محلها الفساد والفقر وقوى الأمن الداخلي والعسكرة والابتعاد عن الناس وحاجاتهم وطموحاتهم وهمومهم اليومية، وأصبحت الفئات الحاكمة مجرد نخب طفيلية تعيش على حساب المجتمع وتستنزف ثرواته وتستهلكه. وكانت النتيجة متوقعة لمن كانت عيونهم مفتوحة وعقولهم متفتحة لما يجري في تلك الدول, ولكنها مع ذلك كانت مفاجئة للعالم كله.
اقترنت هذه الفترة بظواهر أساسية أخرى حددت مجتمعة مسيرة العالم لفترة لاحقة من الزمن. لقد عجزت غالبية الأحزاب الشيوعية والعمالية الملتزمة بمبادئ الأممية الثالثة، رغم حديثها عن التحليل العلمي المادي الجدلي والمادي التاريخي، عن رؤية التحولات الجارية في الدولة والمجتمع والتدهور الذي كان قد غزا تلك البلدان وهيمن على الحياة اليومية للمجتمع. ومن كان قد رأى وتلمس ذلك التطور السلبي فعلاً، لم يتحدث بها وعنها "خشية" استفادة الدول الرأسمالية المناهضة لها منها. ومن تحدث عنها علناً اُتهم بالتحريفية والنكوص عن مبادئ الأممية الثالثة. لقد غطت غشاوة الإيديولوجية على عيون الكثير من الناس حتى اللحظة الأخيرة، بل إن البعض قد اعتبر ما حصل مؤامرة خارجية استهدفت الاشتراكية وليس انهياراً من الداخل! وهنا لا استثني نفسي من ذلك ولا الحزب الذي كنت أنتمي إليه.
في ضوء هذه الأحداث الزلزالية توقع الكثير من المحللين بأن العالم سيعيش فترة انتعاش في العلاقات الدولية وابتعاد الدول الكبرى عن الحرب الباردة وأجوائها غير المنعشة وعن الحروب الإقليمية. ولكن هناك من توقع استمرار الصراعات على مستويات أخرى واستمرار وقوع نزاعات وحروب إقليمية معللين ذلك باستمرار وجود الأساس المادي للتناقضات على الصعيد العالمي، وجود الرأسمالية وتناقضاتها وصراعات دولها على تحقيق المنافع على حساب الشعوب الأخرى وتشديد استغلالها وانقسام أوسع للعالم إلى دول أكثر غنيً وأخرى أكثر فقراً، وإلى تشكيل جيش دولي جرار من الفقراء والعاطلين عن العمل، وإلى حفنة صغيرة تهيمن على القسم الأعظم من الدخل القومي المنتج على الصعيد العالمي. والدلائل تشير إلى إن العالم لا يتجه صوب إرساء قواعد السلام على صعيد الدول والأقاليم بسبب السياسات التي تمارسها بعض الدول الكبرى، بل إلى مزيد من الفوضى في أقاليم ومناطق غير قليلة من عالمنا الواحد! وقد تحقق الكثير مما توقعه جمهرة من المحللين حيث حصلت حروب كثيرة في هذه الفترة التي أعقبت نهاية الحرب الباردة. كتب الروائي والصحفي العراقي زهير الجزائري في كتابه الموسوم "أنا و هُم" بهذا الصدد ما يلي:
"تغير الزمن مراراً ولم يتغير الحكام المستبدين الذين حكمونا. لم تكن نهاية الحرب الباردة بداية السلام فقد دخلنا الألفية الثالثة مع 142 حرباً إقليمية وحدودية وأهلية أكثر من نصفها في أفريقيا وثلثها في العالمين الإسلامي والعربي، وقد شهدت هذه الحروب مصرع سبعة ملايين إنسان وكلفت 10,7 تريليون دولار وتتواجد اليوم قوات دولية في 17 منطقة ساخنة من العالم” في القارة الأوروبية شهدت العديد من الحروب والنزاعات الداخلية، كما حصل في يوغسلافيا وتفككها كدولة اتحادية ونشوء عدة دول على أنقاضها.
ومع هذه الحقيقة المرَّة بالنسبة لشعوب الدول النامية، حصلت تحولات كثيرة على الصعيد العالمي, فما هي هذه التحولات الأساسية العميقة التي عرفها العقد التاسع وبداية العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين؟ إن من عاش في هذه العقود الثلاثة وتابع تطور الأحداث فيها على المستويات والمجالات المختلفة يستطيع أن يشير إلى نقاط عدة مهمة, ومن ثم تشخيص النتائج أو العواقب التي ترتبت عنها وعليها وانتهت إليها حتى الآن:
أولاً: تؤكد قوانين التطور الاجتماعي الموضوعية إن العالم لا يعرف الجمود أو السكون والركود، بل هو حركة دائبة وتغير مستمر. وإذا كانت هذه الحركة وهذا الفعل للقوانين الموضوعية دائمة التقدم إلى الأمام على الصعيد العالمي, فإن حركات ارتدادية أو زگزگات في إطار الحركة العامة ممكنة، سواء أكان ذلك باتجاه التقدم أم التراجع على صعيد هذه الدولة أو تلك أو على صعيد مجموعة من الدول أو منطقة برمتها كالشرق الأوسط أو غرب آسيا أو أمريكا اللاتينية مثلاً, رغم إن تأثيرات مثل هذه الحركة الارتدادية يمكن أن تكون وقتية وقصيرة الأمد ومحدودة الأثر وتعاني من مخاض عسير, أو يمكن أن تكون ذات تأثير سلبي أوسع نسبياً على مسيرة العلاقات وسرعة التطور على الصعيد العالمي. وما حصل في دول المنظومة الاشتراكية هو من النوع الأخير، إذ كان تأثيره السياسي والاقتصادي والاجتماعي كبيراً وطويل الأمد نسبياً وتبلورت عنه جوانب إيجابية وأخرى سلبية.
نحن ندرك بأن القوانين الاقتصادية الموضوعية لا تتحرك وتفعل بإرادة الناس الذاتية أو على وفق رغباتهم الخاصة ولكن فعلها يحصل من خلالهم ووعبر أفعالهم ووجودهم الفعلي, كما إنها تفعل على وفق المعطيات القائمة سلباً أو إيجاباً. فهي في طبيعتها وحركتها موضوعية. إذ في حالة الإخلال بها تبرز تلك الظواهر التي تحرك تلك القوانين وفعلها، فتختل العملية الاقتصادية برمتها وما ينشأ عنها من تداعيات اختلالية، سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية على نحو خاص. وهذا ما حصل فعلاً في الاتحاد السوفييتي وبقية دول "المنظومة الاشتراكية" التي بُني على نشوئها وتطورها يساريو العالم واشتراكيوهم وشيوعيوهم، إضافة إلى نسبة عالية جداً من شعوب الكرة الأرضية، الآمال والطموحات والتطلعات ببناء عالم جديد خال من الاستعمار والاستغلال والحرب. وهي التي أحدثت هزة مزلزلة في عقول وقلوب الكثير من شعوب العالم والقوى اليسارية والاشتراكية والشيوعية.
نحن شهود عيان كيف حصل الانهيار السريع والمفاجئ الذي هزَّ العالم كله. كان الاتحاد السوفييتي هو المركز الرئيسي الذي حصل فيه الزلزال واهتزت معه بقية الدول الاشتراكية ورجّ باهتزازاته بقية الأحزاب الشيوعية والعمالية والكثير من القوى اليسارية والمناضلين في سبيل العدالة الاجتماعية في سائر أنحاء العالم. زلزال سريع ومفاجئ أنهى وجود النظام "الاشتراكي" السوفييتي والدولة السوفييتية بعد 72 سنة من نشوئها، وفكك جمهورياتها المترامية الأطراف وتهاوت بقية النظم "الاشتراكية" في دول أوروبا الشرقية كبيادق شطرنج لا حول لها ولا قوة التي نشأت في أعقاب الحرب العالمية الثانية وكنتيجة أساسية من نتائحها. فكان سقوط جدار برلين وأعقبه انفراط عقد حلف وارشو وتمزقت معه اتفاقية مجلس التعاضد الاقتصادي بين دول المنظومة. كل هذه الانهيارات قد تمت بصورة سلمية هادئة وبلا عنف من جانب فئات المجتمع, مما يؤكد حقيقة الفجوة الكبيرة التي نشأت بين المجتمع والنخب والأحزاب الحاكمة, في ما عدا ما حصل في رومانيا من محاكمة سريعة لشاوشيسكو وزوجته وحكما بالإعدام بعيداً عن الشرعية، كما كان حكمهما بعيداً عن الشرعية إزاء المجتمع أيضاً، وإعداما فوراً!
ومن الناحية الواقعية حققت الرأسمالية على الصعيد الدولي انتصاراً كبيراُ على النظم الاشتراكية القائمة في الواقع وأسيء إلى الاشتراكية كفكر إنساني عميق الجذور. واقترن هذا بدور جديد بدأت تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية على الصعيد الدولي باعتبارها الإمبراطورية العالمية الجديدة أو القطب الأوحد الذي يحق له, كما رأت الإدارة الأمريكية والمحافظون الجدد وكذلك اللبراليون الجدد, رسم الخارطة السياسية الدولية على هوى ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية من دون النظر إلى مصالح الشعوب والدول الأخرى. وتبلور هذا الدور في سياسات ومواقف جاهرت بها الإدارة الأمريكية يوميا عبر التنظير الفكري والسياسي ووسائل الإعلام والخطاب السياسي للنخبة الحاكمة والممارسة العملية على امتداد العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين, وفي فترة إدارة بوش الأب وبوش الأبن للبيت الأبيض على نحو خاص. وقد انطلق مروجو الفكر الرأسمالي واللبرالية الجديدة يؤكدون بأن القرن الحادي والعشرين هو قرن الإمبراطورية الجديدة، كما عبر عن ذلك زبيعنيو بريجنسكي في مقابلة له مع قناة الجزيرة منذ سنوات، ثم كتب عن هذا الدور الأمريكي ما يلي: "إن ما يدل على أول عقد ونصف من التفوق الأميركي الحضور العالمي للقوات العسكرية الأميركية وزيادة وتيرة تدخّلها في القتال والعمليات الإكراهية. فليس هناك نظير عسكري أو سياسي للولايات المتحدة, حيث تنتشر قواتها في كل قارات العالم وتسيطر على كل محيطاته. وكل القوى الأخرى لا تعدو كونها إقليمية بشكل أساسيّ. وعلى معظم العالم التعايش, بشكل أو بأخر, مع وجود القوات البرية أو البحرية الأميركية على مقربة منها". وفي دراسة لمؤسسة الأهرام بعنوان إمبراطورية القرن الحادي والعشرين‏(1)‏ تطور الفكر الاستراتيجي الأمريكي‏..‏ خلفيته وأبعاده" في ملفات الأهرام، جاء فيه ما يلي:
"وقد بدأ بعض المفكرين والكتاب الأمريكيين يتحدثون بصراحة عن الهيمنة الأمريكية‏.‏ ففي دورية ويكلي استاندرد المحافظة كتب وليام كريستول وروبرت كاجان يقولان‏:‏ نعم أمريكا إمبراطورية ويجب أن تتصرف علي هذا الأساس‏..‏ مستفيدة من تفوقها العسكري الكاسح‏.‏ أما زيجنيو برجينسكي مستشار كارتر للأمن القومي‏..‏ فقد وصف في كتابه رقعة الشطرنج الكبرى حلفاء الولايات المتحدة بأنهم توابع وخدم ودافعو جزية‏..‏ في حين كان ديفيد روثكوف‏..‏ أحد كبار المسئولين في إدارة الرئيس كلينتون السابقة يقول‏:‏ علي الأمريكيين ألا ينفوا الحقيقة‏..‏ فإن من بين كل أمم العالم‏..‏ تعتبر أمتهم الأكثر عدلا والأفضل كنموذج للمستقبل‏.‏ وفي نهاية أكتوبر الماضي تحدث الرئيس جورج بوش عن عقيدة الأمن الأمريكية قائلا‏:‏ إن الهدف الأساسي للولايات المتحدة هو الحيلولة دون صعود أي منافس محتمل لها في المستقبل سواء كان الصين أو روسيا أو الاتحاد الأوروبي أو أي دولة أخري أو مجموعة من الدول المتحالفة‏.‏"
ثم بدأ الترويج عن فكرة أخرى مكملة للفكرة السابقة مفادها إن العالم قد وصل إلى نهاية التاريخ, أي إلى الديمقراطية البرجوازية والرأسمالية التي انتصرت وإلى الأبد على الاشتراكية فكراً وممارسة! وكان المفكر الأمريكي والأستاذ الجامعي فرانسيس فاكوياما أول من بدأ بطرح هذه الفكرة الخائبة في العام 1989 في مقال له نشر في مجلة نشونال انتريست The National Interest, أكد فيه ما يلي:
"إن إجماعاً ملحوظاً قد ظهر في السنوات القليلة الماضية في جميع أنحاء العالم حول شرعية الديمقراطية اللبرالية كنظام للحكم بعد أن لحقت الهزيمة بالإيديولوجيات المنافسة مثل الملكية الوراثية ، والفاشية ، والشيوعية في الفترة الأخيرة. غير أني أضفت إلى ذلك قولي إن الديمقراطية اللبرالية قد تشكل "نقطة النهاية في التطور الإيديولوجي للإنسانية" و " الصورة النهائية لنظام الحكم البشري" , وبالتالي فهي تمثل "نهاية التاريخ".
ثم أعقبتها رؤية أخرى حول "صراع الحضارات" للبروفيسور الأمريكي صموئيل هنتنكتون الذي أكد فيها ما يلي:
"في هذا العالم الجديد لن تكون الصراعات المهمة والملحة والخطيرة بين الطبقات الاجتماعية أو بين الغني والفقير أو بين أي جماعات أخرى محددة اقتصادياً، الصراعات ستكون بين شعوب تنتمي إلى كيانات ثقافية مختلفة. الحروب القبلية والصراعات العرقية سوف تحدث داخل الحضارات، إلا أن العنف بين الدول والجماعات التي تنتمي إلى حضارات مختلفة يحمل معه إمكانية التصعيد فتهب دول وجماعات من تلك الحضارات وتتجمع لدعم "دول القربى". وبهذا المعنى وحين يواصل القارئ في كتاب "صراع الحضارات سيجد إن الكاتب يؤكد خطأً الفكرة الأساسية التالية: إن التناقض على الصعيد العالمي لم يعد اقتصادياً ولم يعد بين الطبقات والفئات الاجتماعية، وليس بين العمل ورأس المال، وهذا هو بيت القصيد، بل بين أتباع الديانات والمذاهب بالعالم, أو بين الحضارات الثمانية المعروفة بالعالم، ولكن وبشكل خاص بين الثقافات الشرقية والثقافات الغربية, وبشكل أخص: بين الثقافة الإسلامية والثقافة المسيحية, أو بتعبير أدق بين الإسلام والمسيحية. ولم يروج لهذه النظرية الأخيرة فكرياً فحسب بل وعملياً من خلال ممارسة الولايات المتحدة الأميركية لسياسات تساهم في تأجيج الصراعات الدينية والمذهبية في دول كثيرة أو من خلال دعم طائفة ضد أخرى في هذا البلد أو ذاك. وقد قام البروفيسور صموئيل هنتنكتون بجولة واسعة جداً زار فيها الكثير من الدول وقدم فيها المحاضرات تبشيراً وترويجاً ودفاعاً عن رؤيته الجديدة للصراعات في العالم. وكنت أحد الحاضرين في ندوة عقدت له في قاعة "قصر الثقافات العالمية" ببرلين. ولم يحض بتأييد الحضور، بل جوبه بمعارضة واسعة وتفنيد لوجهة نظره.
وإذ تراجع فاكوياما فيما بعد عن هذه النظرية وأكد خطأها، فأن المحافظين الجدد ما زالوا يروجون لها. أما نظرية صراع الحضارات فهي ما تزال قائمة وتروج لها المؤسسات والمرجعيات الدينية المتخلفة على نحو خاص والأحزاب السياسية الدينية من مختلف الديانات والمذاهب، إضافة إلى القوى الإسلامية السياسية المتطرفة التي أسسها ومولها ودربها وسعى إلى الاستفادة منها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والمملكة العربية السعودية وباكستان بشكل خاص، وكذلك جمهرة من اللبراليين والمحافظين الجدد على الصعيد العالمي وبعض الدول الخليجية.
لا شك في إن انهيار النظم الاشتراكية قد أنهى الحرب الباردة بين المعسكرين, إذ غاب أحد القطبين الرئيسيين المتصارعين عن الساحة السياسية الدولية. وبهذا الانتهاء تراجع بوضوح كبير دور دول عدم الانحياز في السياسة الدولية وبين المعسكرين السابقين, ولكن لم ينه التناقض بين العمل ورأس المال أولاً، كما لم ينه التناقض المهم بين الدول الأكثر تقدماً وغنىً والدول الأكثر تخلفاً وفقراً والتي تعاني شعوبها من الاستغلال المتفاقم بعد أن كان قد أُضعف بسبب الحرب الباردة بين المعسكرين المتناطحين. وإذ كف الحديث عن الاستعمار الجديد، فأن جوهر الاستعمار هو استغلال شعوب الدول النامية وإفقارها لصالح الدول الكبرى، سواء أُطلق عليها بالدول الاستعمارية أو الدول المُستغِلة لشعوب العالم، وبشكل خاص شعوب دول العالم الثالث. فيكفي أن نعرف الحقائق التالية:

ثانياً: شهد العالم في العقود الأربعة الأخيرة تقدماً هائلاً في منجزات الثورة العلمية التقنية, إضافة إلى ولوج العالم مرحلة الإنفوميديا ومنجزاتهما الرائعة لصالح البشرية جمعاء والتي عبرت عن التطور الهائل في القوى المنتجة المادية والبشرية. ولكن العالم الواحد المنقسم في حقيقة الأمر إلى عالمين لم يستفد من تلك المنجزات بشكل متكافئ. فشعوب العالم النامي التي تعاني في الكثير منها من التخلف والمكشوفية الصارخة على الخارج أو التبعية الاقتصادية والتقنية للدول المنتجة لمنجزات الثورة العلمية والتنقية لم تستفد منها بالحدود الدنيا الضرورية, بل استأثرت بالأبحاث والنتائج والمنجزات الدول الرأسمالية الأكثر تطوراً بشكل خاص، وكذلك بعض الدول المالكة للمواد الأولية الإستراتيجية القادرة على تحقيق موارد مالية سنوية كبيرة لتساهم في استخدام التقنيات الحديثة في بناء العمارات ودور السكن واقتناء هائل للسلع الاستهلاكية والكمالية دون أن تساهم في الغالب الأعم في تطوير البحث العلمي والتنمية الاقتصادية والإنتاج المادي في بلدانها، بل حافظت على طبيعة الاقتصاد الريعي والبنية المشوهة لاقتصادها الوطني والمكشوفية الكبيرة على الخارج تصديراً واستيراداً. ويمكن أن نتابع هذه الحالة البائسة في كل من السعودية ودول الخليج والعراق وليبيا وغيرها من الدول المالكة للنفط الخام مثلاً.
ثالثاً: دخل عالمنا المعاصر القرن الحادي والعشرين في ظل العولمة الرأسمالية المتقدمة في مستوى تطورها بالارتباط مع التطور الهائل الذي حصل على القوى المنتجة المادية والبشرية على الصعيد العالمي والتي اقترنت بثورة الاتصالات, حيث تلعب الاحتكارات الرأسمالية الدولية المتعددة الجنسية التي تمسك الولايات المتحدة الأمريكية بخيوطها وبزمام الأمور فيها حتى الآن وتلعب الدور الأساسي والرئيسي والموجه في رسم السياسة الاقتصادية الدولية وفي استخدام المؤسسات المالية والنقدية ومنظمة التجارة الدولية وأجهزة الإعلام الدولية لهذا الغرض, وحيث تغيب عنها العدالة الاجتماعية وفقدان الحس بإنسانية الإنسان الكادح, إضافة إلى محاولة رسم صورة العدو الرئيسي الذي يواجهها حاليا ومستقبلا: الإسلام والحضارة الإسلامية والحضارة الصينية. كما تعمل على ترويج موضوعة خطيرة مفادها "أن العالم لا يمكن أن يسود فيه السلام وإلى الأبد, إذ إن الحرب قضية طبيعية واعتيادية في العالم ولا يمكن تجنبها, إذ إنها من طبيعة البشر". وهي بهذا تريد أن تعود إلى النظريات الخائبة القديمة، ومنها نظرية مالتوس، وتبتعد عن طبيعة النظم الاجتماعية – السياسية التي تنشأ في ظلها الحروب نتيجة للتناقضات والصراعات والنزاعات التي تتسبب بها. وقد برزت مجموعة من الكتاب في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإسرائيل وألمانيا وفي غيرها من الدول التي تحاول أدلجة هذا الموقف وتنظيره وتسويقه على الصعيد الدولي, ومن أبرز هؤلاء، على سبيل المثال لا الحصر, صاموئيل هنتنكتون (1927-2008م) في كتابه المذكور سابقاً "صدام الحضارات" الصادر في العام 1996 بنيويورك, والكاتب الإسرائيلي مارتين فون كريفيلد في كتابه الصادر في العام 1991 بواشنطن والموسوم بـ " مستقبل الحرب", والكاتب البريطاني جون كيغان في كتابه الصادر في العام 1993 بلندن تحت أسم " ثقافة الحرب" والصحفية الألمانية كورا شتيفان في كتابها الصادر في العام 1998 ببرلين تحت عنوان "صناعة الحرب". ويمكن أن يتصور الإنسان الوجهة والنوايا التي يسير عليها حلف الأطلسي عندما استخدم ممثل ألمانيا الاتحادية في حلف الأطلسي الجنرال ناومان في خطاب له أمام وحدة عسكرية تابعة لحلف الأطلسي, وفي تلك الفترة بالذات, نصا يقول: "السلم الأزلي لا يمكن الوصول إليه, لأنه ضد طبيعة البشر" , علما بأن سياسيي ألمانيا الاتحادية وعسكرييها حذرون عموما في تصريحاتهم في هذا المجال بسبب تاريخ ألمانيا غير المشرف في الحربين العالميتين الأولى والثانية, وبسبب حساسية الشعوب التي لا تزال فاعلة إزاء ألمانيا الاتحادية قبل الوحدة ولكن بشكل خاص بعد الوحدة أيضاً، حيث تتطلع ألمانيا اليوم لأن تكون دولة عظمى ولها مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي وأن تلعب الدور القيادي والرئيسي في الاتحاد الأوروبي. وجسدت الأزمة الاقتصادية والمالية الأخيرة هذا التوجه الألماني، وبشكل خاص بعد الأزمات المالية الحادة في اليونان واسبانيا والبرتغال وإيطاليا على سبيل المثال لا الحصر.
لقد نجم عن هذه الظواهر الثلاث الأساسية عواقب سلبية مضرة على الصعيد العالمي, رغم إن البشرية كانت تتطلع لنتائج أخرى غير التي تحققت وأدت إلى نشوب حروب إقليمية كثيرة ومدمرة.
فما هي العواقب التي ترتبت على هذه الظواهر؟
إن الخطورة الكبيرة على السياسة والحياة الدولية نشأت بفعل وصول اللبراليين الجدد والمحافظين الجدد إلى البيت الأبيض وإلى مراكز القوة وصنع القرار في السياسة الأمريكية والتي برزت في نشر وترويج وتكريس وممارسة فكرة امتلاك "الجبروت الأعظم" وبقية دول حلف الأطلسي الحق المشروع في استخدام القوة الدولية لتحقيق المصالح, بغض النظر عن موقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. وازدادت خطورة هذا الموقف عندما اقتنع مروجو الإيديولوجية البرجوازية والفكر الرأسمالي اللبرالي المستحدث بأن "سقوط الاشتراكية" قد سجل "نهاية التاريخ", أي أزلية الرأسمالية العالمية وديمقراطيتها (فرانسيس فوكوياما), وأن العالم سوف لن يشهد حربا دولية جديدة لأسباب اقتصادية أو طبقية, بل يمكن أن تنشب الحروب لأسباب تنشأ عن التباين في الحضارات والصدام المحتمل جدا في ما بينها, أي بين حضارتي الغرب والشرق. والشرق يعني هنا بالنسبة للغرب الحضارة الإسلامية والحضارة الصينية على نحو خاص, (صاموئيل هنتنكتون), كما أن الأخير شدد على إن الصراع واحتمال النزاع سيكون بين الحضارة الغربية المسيحية والحضارة الشرقية الإسلامية, وأن البقاء سيكون للأصلح والأرقى والأفضل, أي للثقافة والحضارة الغربية على أساس نظرية داروين "تنازع البقاء والبقاء للأصلح", وأن القوة كانت وستبقى هي الوسيلة الوحيدة الصالحة لردع الآخرين من جانب الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الدولة القائدة للرأسمالية على الصعيد الدولي والموجهة الفعلية لمسيرة العولمة الرأسمالية وأن النزاع والحروب من طبيعة البشر ولا يمكن تفاديها طويلا.
وفي ضوء هذا التحليل النظري المتعجل وبالارتباط مع حقيقة إن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأعظم حتى الآن, وأن ضعف دورها وتأثيرها، لأنها ما تزال تملك أكبر ترسانة للسلاح النووي والتقليدي في العالم من جهة, وهي الأقوى بين اقتصاديات العالم كله، رغم مديونيتها الكبيرة وأرهقت الأزمة الاقتصادية والمالية الأخيرة المجتمع بها من جهة ثانية, ولأنها تملك قوات عسكرية هائلة منتشرة في بقاع العالم من جهة ثالثة، توفرت لها في واقع الحال مستلزمات فرض إرادتها عملياً بعدم إيلائها أي اعتبار للشرعة الدولية ونظام العلاقات الدولية، الذي نشأ في أعقاب الحرب العالمية الثانية واستمر طيلة عقود الحرب الباردة بين المعسكرين, وتجاوزها لهذا النظام الدولي, أي تجاوز لوائح الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي, من خلال فرض رؤيتها غير الواقعية للنظام الدولي الجديد, نظام القطب الواحد والإمبراطورية العالمية النووية الإلكترونية الجديدة الوحيدة التي كانت وما تزال تريد أن ترسم لوحدها مصير البشرية بما ينسجم مع مصالحها الخاصة وبالضد من مصالح الشعوب. ولكنها لم تعد قادرة على ذلك كما كانت في السابق.
ومن هذا المنطلق استخدمت الولايات المتحدة حلف الأطلسي كأداة أساسية في تمرير سياساتها على مختلف الأصعدة في أوروبا وفي العالم كله، باعتبارها القائد الفعلي والمعترف به من قبل الدول الأعضاء فيه. وفي هذا الحلف كانت الإدارة الأميركية تمتلك عمليا حق الفيتو على أي قرار مخالف لقراراتها, ولها الحق في تنفيذ القرارات التي ترى إنها صائبة, حتى لو كانت وحدها, أو مع حليفها الثابت إلى الآن، وأعني بذلك الحكومات البريطانية المتعاقبة, في مقابل بقية بلدان الحلف, رغم المعارضة التي كانت تُجابه بها الإدارة الأمريكية من قبل بعض دول الاتحاد الأوروبي, ولكنها في المحصلة النهائية كانت تفرض إرادتها وسياساتها. وقد تحولت الولايات المتحدة الأمريكية الجاسوس الدولي الأول لا على الدول النامية والدول التي تعتبر بحكم المعارضين لها مثل روسيا والصين، على سبيل المثال لا الحصر، فحسب، بل وعلى حلفاء الولايات المتحدة مثل ألمانيا والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وبقية قادة ورؤساء وأعضاء الحكومات المجالس النيابية وأجهزة القضاء والمواطنات والمواطنين في الدول الغربية، ومنها دول الاتحاد الأوروبي من خلال نظام أو "برنامج التجسس الأمريكي" NSA-Programm Prism عبر تسجيل المراسلات والهواتف وجمع المعلومات والأرقام، بما في ذلك التجسس الاقتصادي الذي كشف عن هذا البرنامج وتفاصيله الهائلة أدورد سنودن Edward Snowden ..الخ. وهي المهمة المكملة لمحاولة الدولة الأمريكية لعب الدور الأول والقيادي المهيمن على السياسة الدولة بمختلف جوانبها ومجالاتها.
وخلال هذه الفترة أصبحت الاحتكارات الرأسمالية الدولية والمحلية غير مستعدة على قبول المساومات التي كانت ممكنة في السابق بين العمل ورأس المال بسبب وجود المنافس الكبير للرأسمالية/ منظومة الدول الاشتراكية, وبالتالي فقد سعت في السنوات الأخيرة ولا تزال تسعى وفي جميع الدول الرأسمالية المتقدمة على إعادة استلاب المكاسب الاقتصادية والاجتماعية وبعض جوانب الحياة الديمقراطية التي حققها العمال والمستخدمون وكذلك النقابات العمالية والمهنية في العقود المنصرمة عبر نضالاتهم الطويلة وأثناء سنوات الحرب الباردة وبسبب المنافسة بين المعسكرين الشرقي والغربي. أي أن هذه المؤسسات تسعى اليوم إلى تحقيق أقصى الأرباح والاستفادة من التقنيات الحديثة لصالح زيادة أرباحها وتراكماتها الرأسمالية, ليس في التجاوز أو على حساب الأجور وأيام العطل والضمانات الاجتماعية والمكاسب المختلفة التي تحققت قبل ذاك حسب, بل وبرمي المزيد والمزيد من العمال إلى قارعة الطريق وفي أحضان البطالة والمساعدة الاجتماعية, وخاصة بين النساء، وتكوين جيش جرار من العاطلين عن العمل لمواصلة تغيير بنية تكوين رأس المال بين الرأسمال الحي والرأسمال الميت (المتغير والثابت) لصالح الأخير ولصالح تنشيط المنافسة بين العمال للحصول على فرص العمل مقابل الضغط المتفاقم على أجور العمال, إضافة إلى التغييرات التقنية التي تقلل من الاعتماد على قوة العمل أو العمل الأجير. وكل هذا يحصل اليوم تحت واجهة تنظير جديد, بعيدا عن الكنزية التي لعبت دورا هاما في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية في الاقتصاد الرأسمالي العالمي والمحلي, بل تحت راية "اللبرالية الجديدة", التي بدأت في الفترة الأخيرة تفقد من جديد بريقها ومواقعها ومصداقيتها التي حاولت تكريسها في الفترة بين 1985-2008 على نحو خاص.
والجدير بالإشارة إلى إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تتحدث عن "مصالحها الحيوية" في هذه المنطقة أو تلك من العالم, وخاصة منطقة الشرق الأوسط, فحسب, بل وبدأت تطرح بشكل قاطع "حقوقها الثابتة" في العالم, بسبب كونها الإمبراطورية العالمية الجديدة, لأنها الدولة الأعظم والقطب الأوحد, التي تقوم بحماية العالم في المناطق المختلفة, وتريد فرض الأمر الواقع والاعتراف به واحترامها كشرطي دولي على الصعيد العالمي. وإذا ما حدث العكس فالويل لهذه الدولة أو تلك, إذ عندها تتخذ الولايات المتحدة الإجراءات والعقوبات الضرورية "للدفاع عن "حقوقها المشروعة والثابتة‍‍!!". وأمثلة ذلك كثيرة في المجال الاقتصادي والتجاري, سواء أكانت تلك التي تتعلق بالعلاقة مع دول من العالم الثالث, أم مع دول رأسمالية متقدمة وحليفة مثل اليابان أو بلدان الاتحاد الأوروبي أو مع بلدان منافسة قوية لها على الصعيد الدولي وتعتبر أحياناً مستقلة عنها مثل الهند وإندونيسيا وبعض دول أمريكا اللاتينية، أم دول تعتبر مناهضة لها مثل الصين وروسيا.
وفي ضوء ذلك لم تعد سياسة الولايات المتحدة الأمريكية حتى نهاية سطوة جورج دبليو بوش على البيت الأبيض تقريباً تقبل بالحوار السياسي والمفاوضات السلمية "لتمرير مصالحها وقبول الآخر بحقوقها!" فحسب, بل كانت تريد إملاء قراراتها على الدول الأخرى, وفي حالة الرفض, فالتهديد بالعقوبات جاهز, ومن ثم التهديد باستخدام القوة, وبعدها استخدام القوة وممارسة العدوان فعلا. وعندها تستخدم الولايات المتحدة حلف الأطلسي لهذا الغرض, كما برز في حرب تحرير الكويت ضد العراق وفي حروب البلقان.
ومما زاد في تعقيد المشكلات التي تعاني منها دول كثيرة في العالم هيمنة العقلية الدينية المتخلفة لدى بعض قادة الولايات المتحدة. وخاصةً لدى جورج دبليو بوش الذي "آمن" تماماً بأن له "رسالة دينية" يحملها لهذا العالم, رسالة تريد فرض الحرية بمعناها ومفهومها الأمريكيين و"طريقة الحياة الأميركية" على العالم كله وممارسة كل السبل المتوفرة بما فيها العسكرية, لأنها الأفضل والأكثر صواباً والأحسن للبشرية كلها!!! لقد هيمن هذا الهاجس والهوس الديني الخائب، الذي يعبر عن أمية هذا الرئيس الفكرية والعلمية، وتجلى في سياساته التي أشعلت الكثير من الحروب في الشرق الأوسط وأوروبا. كما يبدو أن هذا الرئيس قد آمن واقتنع بنظرية صراع الحضارات لصموئيل هنتنكتون من جهة أخرى, وبهما بدأت مشكلات العالم بالتعقيد والتشابك والحروب. ولا شك في أن والده بوش الأب كان هو الآخر مهووساً بذات الذهنية مع تجربة أكبر وخبرة دبلوماسية أفضل, ولكن بذهنية العنف باعتبارها الطريق الوحيد لحل المشكلات الدولية. فلم تكن الحرب الخليجية الثانية 1991 ضرورية لطرد قوات المحتل الصدامي من الكويت, بل كان بالإمكان دون الحرب فرض الانسحاب العسكري للقوات العراقية من الكويت وتحريرها دون المذابح البشرية التي نفذت في الصحراء بين الكويت والبصرة ، أو التدمير الهائل للبنية التحتية والمؤسسات الصناعية العراقية واستخدام اليورانيوم المنضب في القذائف الخارقة وغيرها لقتل أكبر عدد من القوات المسلحة وتدمير المدرعات والدبابات العراقية وقتل الكثير من المدنيين, عملية قتل كلفت الشعب العراق وبيئته والعالم الكثير من الموت والخراب والدمار والتلوث. (اقرأ في هذا الصدد رواية صيد البط البري" للروائي العراقي محمود سعيد الطائي). ثم تلتها الضربات الصاروخية في العام 1998 ومن ثم حرب الخليج الثالثة لإسقاط الدكتاتورية الغاشمة للبعث وصدام حسين.
هذه الظواهر التي ميزت الفترة المذكورة بدأت تلعب دورا كبيراً في تشديد التناقضات والصراعات القائمة أصلا أو أنجبت تناقضات وصراعات ونزاعات جديدة في مستويات مختلفة وعلى أصعدة كثيرة, وجدت تجلياتها الصارخة وميزت الأحداث الرئيسية في سنوات العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والسنوات الأولى من العقد الثاني, والتي يمكن بلورتها في النقاط التالية:
أ- تعميق وتشديد وتوسيع قاعدة التناقض والصراع بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب والذي أدى بدوره إلى تشديد الصراعات والنزاعات واحتمال تفجرها المتكرر على مستويات مختلفة. وهذه الحالة مرتبطة بعدة عوامل جوهرية هي:
** استمرار وتفاقم فجوة التخلف في مستوى تطور القوى المنتجة المادية البشرية والعلوم والتقنيات الحديثة وفي البحث العلمي, وبالتالي استمرار الدول النامية على قيامها بدور المستهلك للسلع المنتجة في الدول الرأسمالية المتقدمة, أو الدول الريعية المنتجة للمواد الأولية والمستهلكة للسلع المنتجة في الدول المتقدمة صناعياً. وهذا يعني استمرار استنزاف موارد الدول النامية وتقليص قدراتها التراكمية وتنميتها للدخل القومي من خلال تنمية الاقتصاد الإنتاجي على حساب الاقتصاد الاستهلاكي.
** استمرار استغلال شعوب بلدان العالم الثالث من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والدول الصناعية الأخرى واستنزاف خيراتها الأولية وتركها تطلب المساعدة الاجتماعية التي سيصعب تدريجا الحصول عليها من البلدان المتقدمة والتي لا تساهم في تنمية الاقتصاد بأي حال, ثم ترك بعضها مع مصيرها المظلم أو الغامض, كما يحصل اليوم بالنسبة لعدد مهم من البلدان الأفريقية التي استنزفت مواردها الأولية (أو) الدول الأكثر فقرا وبؤساً في العالم.
** اتساع الفجوة بين مستويات المعيشة في العالمين الأول والثالث في عالمنا الواحد وتزايد حجم البطالة وجيش العاطلين في بلدان العالم الثالث على نحو خاص.
** محاولة حل إشكاليات بلدان العالم الثالث من جانب حكوماتها ومن جانب حكومات بلدان الشمال الرأسمالية بالقوة والتي قادت وتقود إلى شتى أنواع الانتفاضات والثورات التي غالباً ما انتهت إلى نتائج سلبية عموماً وحصيلة متباينة لأسباب ترتبط بطبيعة القوى السياسية والذهنية التي تحملها وتعمل بموجبها والأهداف التي تسعى إليها, إضافة إلى اعتمادها أسلوب الانقلابات العسكرية في الوصول إلى السلطة.
ب- تفاقم التناقض بين البلدان الرأسمالية المتقدمة بسبب تعارض المصالح القومية أو مصالح الاحتكارات الكبرى في هذه البلدان والمنافسة المتفاقمة باستمرار, برغم نشاط الشركات الاحتكارية المتعدية الجنسية وتجلياتها في العلاقات في ما بين الدول وسعيها لحل معضلاتها بطرق تتسم سلمية ولكنها مقترنة بهيمنة أمريكية في المحصلة النهائية حتى الآن.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو: هل يمكن تصور استمرار تصاعد الضغط الأمريكي وفرض الإرادة والمصالح المنفردة للولايات المتحدة لفترة طويلة وعلى مدى سنوات العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين, خاصة وأن الاتحاد الأوروبي ينهض اليوم بدور متزايد الأهمية رغم صعوبة تمشية رغبات بلدانه في مواجهة الرغبات الأمريكية. كل الدلائل تؤكد بأن مثل هذه الحالة لا يمكن أن تستمر طويلا, خاصة وأن روسيا الراهنة بدأت تمارس خلال السنوات الأخيرة سياسة أخرى وتلعب دورا أكبر في الساحة الدولية وستبدأ تطالب من جديد بموقع لها "تحت الشمس!". كما تجدر الإشارة إلى الدور الذي بدأت تلعبه الصين الشعبية في المنطقة الآسيوية وعلى الساحة الدولية رغم المقاومة الأمريكية لها, خاصة وأن أوروبا مستعدة وراغبة في رؤية الصين الشعبية منافسا قويا للولايات المتحدة الأمريكية على المدى البعيد وليس على المدى القريب بالضرورة. ومن استمع إلى خطاب كوفي عنان أثناء زيارة له إلى برلين في 26/4/1999 لا بد له أن سمع صرخة الإغاثة المبطنة التي أطلقها باتجاه دول الاتحاد الأوروبي مشيرا بطرف خفي إلى الدولة الأعظم التي تريد فرض إرادتها وقراراتها وتحتاج إلى الحليف الأوروبي, وعلى الحليف الأوروبي أن يبرهن على دوره المستقل في هذا المجال. وقد فهم الألمان وبقية الأوروبيين قطعا مضمون صرخة الأمين العام للأمم المتحدة والتي انتهت به إلى رفض الولايات المتحدة الموافقة على ترشيحه لدورة جديدة.
ج- إن تراجع الاستعداد للمساومة مع العمال والنقابات العمالية من جانب الاحتكارات الرأسمالية ومحاولة فرض إرادتها ومصالحها وتشديد درجة استغلالها، سيقود بالقطع تدريجا إلى احتدام التناقض والصراع بين الفئات المنتجة وبقية المشاركين في مختلف مراحل عملية إعادة الإنتاج, وبين الفئات المالكة لرأس المال والمسيطرة على الإنتاج والتقنيات الحديثة وبالتالي سيقود إلى احتمالات وأحداث جسيمة يصعب التكهن بنتائجها حاليا, ولكنها تذكرنا, وعلى نحو ما, بأحداث نهاية القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين. وها هو العالم ما يزال يواجه عواقب المرحلة الأخيرة من الأزمة المالية التي فجرتها السياسات العقارية والمصرفية الأمريكية والأوروبية والتي قادت إلى أزمة اقتصادية عالمية شديدة التأثير على الاقتصاد الدولي وعلى شعوب الدول المختلفة، ولكن بشكل خاص على الدول النامية وعلى الفقراء من شعوب العالم, رغم بعض التغير المحدود الذي حصل في بعض الجوانب من سياسات براك أوباما الجديدة، ولكنه غير قادرة على تغيير النهج العام للإستراتيجية السياسية الأمريكية التي تفرضها الاحتكاريات الرأسمالية الأمريكية.
د- وبدأت تبرز على سطح الأحداث, وخاصة في الدول الرأسمالية الأكثر تطورا, ومع وجهة العولمة الرأسمالية الجارية, ليس بطالة واسعة بسبب تعاظم التقنيات الحديثة وارتفاع متسارع في إنتاجية العمل والإنتاج فحسب, بل وبدأ العالم يعيش انحسارا جديدا في ممارسة الديمقراطية وحصر ممارستها في التمثيل البرلماني المؤطر وتراجع عن ممارسة حقوق الإنسان في مجالات كثيرة وعن الاستفتاءات الشعبية, رغم ارتفاع أصوات النخب الحاكمة "دفاعا" عن حقوق الإنسان في البلدان الأخرى, ولكن كما يقول المثل "العربة الفارغة كثيرة الجعجعة". وتبدو هذه الظاهرة بوضوح كبير في هذه المرحلة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفي بلدان الاتحاد الأوروبي. إن من عرف هذه البلدان أو عاش فيها خلال العقود الأربعة الأخيرة ستساعده على تلمس هذا التطور السلبي, وسيرى تناغما بين ظاهرة التوجه صوب القوة لمعالجة المشكلات المختلفة على الصعيدين الدولي والإقليمي من جهة, وممارسة العنف في المجتمع, إضافة إلى تراجع منظم ومدروس في ممارسة الديمقراطية على الصعيد الداخلي وعلى تقنين ما تحقق من مكاسب لشعوبها في السابق, أي توجهات يمينية واضحة في الدول الرأسمالية المتقدمة في سياساتها الداخلية والخارجية, وفي سياساتها الاقتصادية (اللبرالية الجديدة) والاجتماعية والثقافية والعسكرية. والخطورة الكبيرة تبرز في السياسة الأخيرة, رغم إنها لا تنفصل عن بقية المجالات.
يبدو للمتتبع بأن ما قام به الشرطي الدولي خلال العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين سيعجز عن مواصلته والقيام به طويلا, عندها ستعم فوضى لا مثيل لها في الصراع بين الدول أو في داخلها وستؤدي إلى انفجارات لا يمكن التحكم بها, كما يريده الشرطي الدولي. كما سيعجز هذا الشرطي (وقدوته الأولى الملهمة هو "الكاوبوي" القديم الذي حقق الهيمنة الكاملة على الهنود الحمر ومارس الإبادة أو التصفية العنصرية الواسعة والتطهير العرقي ضد الهنود الحمر, سكان البلاد الأصليين) وضد الأفارقة الأمريكيين, عن تمويل عملياته العسكرية ضد الشعوب والبلدان الأخرى, إذ إنها ستكلف غاليا, وليس هناك في العالم مناطق عديدة مثل منطقة الخليج النفطية التي يدفع حكامها باستمرار فاتورة مناوراته وعملياته العسكرية في المنطقة في مواجهة النظام العراقي الذي تكسرت بعض أنيابه قبل الغزو الأخير له ثم سقوطه في الحرب الأخيرة, علما بأن الشرطي الدولي لم يكن راغباً حتى ذلك الحين إلى الخلاص من صدام حسين ورهطه, بل كان يريد في البداية استمرار وجوده على رأس السلطة لفترة أخرى بسبب خدمته غير المباشرة لمصالحه في المنطقة, وبسبب عدم قناعة الإدارة الأمريكية حينذاك بوجود بديل مناسب له بالعراق. ولكنها وجدت في القوى الإسلامية السياسية وفي نظام المحاصصة الطائفية السياسية الشرس والمقيت البديل الذي توافق مع رغبات الولايات المتحدة ولكنهي يتسبب يومياً بموت العشرات من بنات وأنباء الشعب العراقي وخراب مستمر وتراجع عن عملية التنمية في ما عدا استخراج وتصدير المزيد من النفط الخام الذي يصدر للاحتكارات الرأسمالية الدولية.
إن محاولات الغرب تطويق روسيا الاتحادية من خلال جرّ أوكرانيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي ومن ثم إلى حلف الأطلسي، كما جرى مع الكثير من الدول الاشتراكية السابقة، بولونيا، تشيكوسلوفاكيا، بلغاريا وهنغاريا ودول البلطيق ..الخ، بعكس الالتزام الذي تعهد به الغرب لروسيا وغورباتشوف بعدم ضم هذه الدول إلى عضوية الحلف الأطلسي، ومن ثم تجاوز الاتفاق الذي تم في ليلة سابقة بحل الأزمة سلمياً والعودة إلى الدستور السابق بمشاركة ألمانيا وفرنسا والحكومة الأوكرانية وقوى المعارضة..الخ، بأخذ السلطة وهروب رئس الجمهورية الأوكراني المنتخب، هو الذي استفز روسيا ودفعها إلى إجراء استفتاء شعبي في شبه جزيرة القِرم بعيداً عن الأمم المتحدة وضمها بعد حصول نسبة عالية من مؤيدي الانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا الاتحادية وتوقيع فلاديمير بوتين على وثيقة الانضمام. ليست الدولة الروسية ديمقراطية ولكنها وضعت في زاوية حادة من جانب الغرب مما دفعها إلى مثل هذا الإجراء ووضع العالم كله أمام الأمر الواقع. إن محاولات الإدارة الأمريكية دفع الغرب إلى اتخاذ عقوبات اقتصادية متشددة ضد روسيا الاتحادية وإبعادها من مجموعة الدول الصناعية الثمانية وتحريك الطيران الأمريكي للرقابة على الحدود الأوكرانية الروسية يعتبر من الأخطاء الفادحة التي تدفع روسيا إلى إجراءات وسياسات أكثر تشدداً وتلحق أضراراً بالجميع وليس بروسيا وحدها وتعيد إلى الأذهان فترة الحرب الباردة، كما إن هذه السياسة لن تعيد الهيبة للولايات المتحدة بادعائها أن روسيا لم تعد دولة كبرى بل دولة إقليمية ولن يغير من حقيقة إن روسيا دولة نووية كبرى.
كل الظواهر الراهنة والأحداث الأخيرة في أوكرانيا، تشير إلى إن دور القطب الأوحد عالمياً قد تقلص إلى حدود ملموسة وجدية، وهو في تراجع مستمر وبسرعة كبيرة، كما أن دور الولايات المتحدة الأمريكية كإمبراطورية القرن الحادي والعشرين لم يعد قادراً على تكريس ما حلم به اللبراليون الجدد والمحافظون الجدد، فهي لم تعد إمبراطورية القرن الواحد والعشرين بأي حال، إذ إن العالم يسير باتجاه تكريس التعددية القطبية وليس القطب الأوحد في السياسة الدولية. ولن تستطيع الولايات المتحدة استثمار ما جرى في أوكرانيا والقرم لإعادة لعب العازف الأوحد والأول في العالم.
26/3/2014 كاظم حبيب

الهوامش
زبغنيو بريجينسكي Zbigniew Brzezinski ولد في مدينة وارشوا في بولونيا في العام 1928. "مفكر استراتيجي ومستشار للأمن القومي لدى الرئيس الأميركي جيمي كارتر بين عامي 1977 و1981 وهو يعمل حاليًا مستشارًا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وبروفيسورًا بمادة السياسة الخارجية الأميركية في كلية بول نيتز للدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكنز في واشنطن." راجع موقع الموسوعة الحرة, ويكبيديا.22 آذار / مارس 2013. لا شك في أن بريجنسكي كان من المعادين جداً للشيوعية والاتحاد السوفييت وبقية بلدان المنظومة الاشتراكية, وهو ما يزال من أقوى المعادين للاشتراكية والشيوعية, ولكنه كمفكر برجوازي مناهض للاشتراكية استطاع أن يرى عوامل التفكك والتفسخ في النظام السوفييتي بوقت مبكر ولم يستطع إلا قلة من السوفييت والشيوعيين في العالم مشاركته هذه الرؤية, ولكن من منطلق غير معاد للشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفييتي. كما لمس هذا بوضوح كبير الدكتور سمير أمين بدراساته القيمة في هذا المجال. ك. حبيب
الجزائري، زهير. أنا و هُم. دار المدى للثقافة والنشر، بغداد. ط 1- 2013. ص 8.
يريجنسكي، زبيغنيو. الفرصة الثانية: ثلاثة رؤساء وأزمة القوة العظمى الأميركية. ترجمة عمر الأيوبي. دار الكتاب العربي, بيروت – لبنان, 2007. ص 9.
ملفات الإهرام، امبراطورية القرن الحادي والعشرين‏(1)‏ تطور الفكر الاستراتيجي الأمريكي‏..‏ خلفيته وأبعاده. ا يونيو ، 2003 ، العدد 42545.
فوكوياما، فرانسيس . نهاية التاريخ وخاتم البشر. ترجمة حسين أحمد أمين. مركز الأهرام للترجمة والنشر. القاهرة. طبعة أولى9. ، 1993. ص 9.
هنتنجتون، صاموئيل. صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي. ترجمة طلعت الشايب و د. صلاح قنصوه. دار سطور. القاهرة. 1998 .
صاموئيل هنتنكتون. صدام الحضارات. دار سطور. القاهرة. 1998
Fred Fleischer. Vorwort zum Artikel des Prof. Dr. Ernst Woit. Der Kult des Krieges. Pax Report. Herausgegeben vom Deutschen Friedensrat. Nr. 2/3- Maerz 1999. Berlin. S. 4.
الطائي، محمود سعيد. "صيد البط البري"، رواية. دار ضفاف للنشر- الشارقة – بغداد. طبعة أولى 2013.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إياكم والفتنة التي يسعى رئيس وزراء العراق إلى إشعالها بين ال ...
- تحية للشعب الكردي وكل الشعوب المحبة للسلام والتآخي والوئام ب ...
- رسالة مفتوحة إلى السيد الدكتور حسن الخفاجي
- بؤس العلم أم علم البؤس ما تدعو إليه أيها الشيخ محمد اليعقوبي ...
- سياسات السعودية وقطر الطائفية في تصريحات رئيس مجلس وزراء الع ...
- هل من سبيل لعقلنة النخب السياسية الحاكمة بالعراق؟
- موقف الحكام الدجالين وسفهاء العقل من المرأة بالعراق
- كيف يمكن تدارك الأوضاع الاقتصادية الراهنة بإقليم كُردستان ا ...
- أسباب الأزمة المالية الراهنة في إقليم كردستان العراق
- هل عبر مقتدى الصدر عن حقيقة وطبيعة نوري المالكي؟
- من يزرع الريح يحصد العاصفة: العراق الراهن نموذجاً!!
- القتل بالجملة والاغتيالات مستمرة بالعراق المستباح
- هل لعقلاء العرب والمسلمين من مصلحة في نفي الهولوكوست ومحارق ...
- نيرون روما وبشار سوريا رضعا الجريمة والعهر السياسي!
- مرة أخرى حول العلاقة بين المثقف والسلطة!
- الجمهورية الثانية بالعراق - الفصل الأول حزب البعث العربي الا ...
- هل من دور للمثقفات والمثقفين في الحياة السياسية العراقية في ...
- المثقفون والهوية الثقافية الوطنية العراقية!
- شرطة المالكي تهين كل مثقفي العراق بالإساءة للشاعر عبد الزهرة ...
- قراءة في كتاب -أحاديث برلينية حول قضايا أوروبا والإسلام وفي ...


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - وداعاً لإمبراطورية القرن الحادي والعشرين، وداعاً للقطبية الأمريكية الواحدة في العالم!