أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الصائغ - من رواد المسرح العراقي ... المطران سليمان الصائغ















المزيد.....



من رواد المسرح العراقي ... المطران سليمان الصائغ


يوسف الصائغ

الحوار المتمدن-العدد: 4405 - 2014 / 3 / 26 - 19:52
المحور: الادب والفن
    


يعتبر العديد ممن درسوا المسرح العراقي ، (المطران سليمان الصائغ) واحدا من الرواد البارزين في كتابة المسرحية العراقية (1) .
وقد لعبت عوامل عديدة في دفع الصائغ الى الكتابة المسرحية والاجادة فيها خلال مرحلة مبكرة ، يمكن ان نتبين ابرزها ما يلي :
فلقد شهدت مدينة الموصل (التي ولد الصائغ وعاش فيها) ، منذ مطلع هذا القرن ، نشاطا مسرحيا متصاعدا (2) ، تحت تأثير دوافع مختلفة . ولقد كانت الطوائف المسيحية ، ربما بسبب احتكاكها بالرهبان الدومينيكان الذين اسسوا لهم اديرة في الموصل (3) ، وقد جرت على تقليد تقديم المسرحيات ، لغرض الافادة من ريعها في الاعمال الخيرية ، وبديهي ان تتسم الاعمال المسرحية التي كانت تقدمها هذه الطوائف بسمة دينية اخلاقية ، فهي لذلك تنسجم مع الاهداف العامة التي تنشدها هذه الطوائف ويتوخاها رجال الدين .. ولم يخل هذا النشاط الذي نهضت به الطوائف المسيحية من تنافس ، كان أثره ايجابيا على تطور المسرح .
وهذا يفسر لنا السر في ان العديد من كتاب المسرح الاوائل والمترجمين له ان مدينة الموصل ، كانوا رجال دين او ممن هم قريبون من هذا المحيط .
وما من شك ان الصائغ ، حين كتب مسرحياته ، كان واقعا تحت تأثير هذه الظروف التي اشرنا اليها ، فضلا عن الحافز الذاتي الذي كان يتجلى في حرص الصائغ على ان يكون وجها ثقافيا لامعا .. يدلل على ذلك تنوع اهتماماته الثقافية – بصرف النظر عن كونه رجل دين – واهتمامه الواضح في النشر والتأليف .. (وسترد صورة بعدئذ) . وواضح انه في مجرى التنافس على تقديم المسرحيات لاغراض خيرية ، ولاحساسه بحاجة الطائفة الى نصوص جديدة ، عمد الى كتابة هذه المسرحيات (وكلها مكتوبة في فترات متقاربة) .
ذكرنا آنفا ان عددا من رجال الدين المسيحيين انصرفوا منذ مرحلة مبكرة الى كتابة المسرحية . واحسب ان ذلك لم يكن ليتأتى لهم بسهولة ، لولا انهم جميعا كانوا يملكون ان يقرأوا لغة اجنبية . فمن المعلوم ان المدارس التي درسوا فيها في مرحلة اعدادهم ليصبحوا كهنة كانت تدرس اللغة الفرنسية لعدة سنوات .. وعلى هذا فكل الذين تخرجوا في هذه المدارس كانوا يملكون – اذا ارادوا – الاطلاع على الادب الفرنسي ، بحدود ماهو متيسر في تلك السنوات (4) .
وواضح ان الصائغ تعلم الفرنسية وهو في المدرسة الكهنوتية ، ومن المؤكد انه تابع القراءة فيها ، ففي مكتبته مئات الكتب الفرنسية تتوزع بين اللاهوت والتاريخ والادب ... وقد ترجم عن الفرنسية للمجلة التي كان يصدرها خلال تلك الحقبة (مجلة النجم) ، كما ترجم مسرحية " هوراس" لكورنيه ..
وتدلل ترجمته لمسرحية " هوراس " على تمكن من هذه اللغة ، يمكن للدارس استجلاء ذلك من خلال مقارنة المسرحية المترجمة ، بترجمات سواء للمسرحية نفسها .. وما من شك في ان تمــــــكن الصائغ في اللغة العــــــــــربية ساعـــــــــــده كثيـــــــــــرا على التـــرجــــــــمة بنجاح ..
واحسب ان " كورنيه " كان المسرحي المفضل لدى الصائغ .. ان في مكتبته (5) مجموعة مسرحيات "كورنيه " . واذكر انه كان بين اوراقه اكثر من مسرحية مترجمة لكورنيه ، بقيت دون ان تمثل او تطبع اذكر منها مسرحية " السيد " .
لقد كانت معرفة الصائغ باللغة الفرنسية عاملا مهما في اهتمامه بالمسرح ، وفي تحديد ثقافته المسرحية . فاذا اضفنا الى ذلك ، ان الصائغ لم يكتف باللغة الفرنسية التي تعلمها في مدرسة الكهنوت ، بل راح يتعلم الانكليزية لوحده ، ادركنا ان معرفته للغتين ، فضلا عن اتقانه للغة الكلدانية القديمة ، وترجمته عنها ، كان عاملا مهما في تجربته المسرحية .. ان مجرد اطلاعه على نماذج من المسرح الفرنسي ، في تلك الحقبة المبكرة ، كان كفيلا بأن يتيح له فهما اوسع للمسرح ، ومتطلباته ، ويعمق – عدا ذلك – من حسه المسرحي ، في انتقاء الحدث ، وفي البناء ، والحوار ، بل حتى في فهم بعض متطلبات الاخراج التي تنبغي للكاتب المسرحي .
يضاف الى ذلك ان سليمان الصائغ برهن في السنوات نفسها ، على تمكن نسبي من الفن الروائي ، حين قدم عام 1934م روايته الطويلة التي اسماها " يزداندوخت " ، وهي رواية تاريخية دينية عاطفية ، حظيت بشهرة واسعة في الاوساط المسيحية .. وواضح ان هذا النشاط وفي حقبة محدودة محتسب للصائغ ، بما يعكسه من تاثيرات متبادلة في العمل الادبي والتجربة الفنية .. دع عنك انه عالج الشعر ، وترك بين اوراقه قصائد عديدة ، يمكن ان تزيد من فهم الدارس لادبه عامة ، ولمسرحياته بوجه خاص ..
ينبغي ان نشير بعد هذا الى ان الصائغ كان مؤرخا . بل لعله لم يعرف ادبيا ومسرحيا ، بقدر ما اشتهر كمؤرخ (6) ، ولعل ولعه بالتاريخ وانصرافه اليه هو الذي طبع اعماله الادبية بالطابع التاريخي . وهو الذي دفعه الى ان يستقي اعماله الروائية والمسرحية من التاريخ العربي عامة ، والعراقي بوجه خاص .. والتاريخ مادة غنية وجد فيها الصائغ مصدرا ثرا ، وحاول ان ينتقي منها الحدث الاكثر دلالة ، والاوفر حيوية ، مبرهنا على ارهاف مزدوج ، للتاريخ والمسرح .. احسبه لم يتوفر لسواه من معاصريه في الموصل ، او في العراق ، خلال تلك الحقبة .. ان الباحث لا يملك الا ان يعجب لقدرة الصائغ على تطويع الحدث التاريخي للحدث الفني ، وهو يقرأ مثلا رواية (يزداندوخت) ، ويرى ما بناه المؤلف على حدث تاريخي مقتضب ، حشد له شخصيات ومكانا تاريخيا وربطه عبر علاقات وحدث روائي متسع الاطراف ..
وقد زاد من قدرة الصائغ على كتابة العمل الفني . لغة سهلة صافية . تطاوعه في مختلف الاغراض . وتستجيب له بما يناسب الموضوع ، سواء في المسرح او الرواية ام البحث التاريخي . ان المتأمل في اسلوبه ليكتشف ذلك وهو يقارن ، بين لغة الصائغ في المسرحية ولغته في الاغراض الاخرى ، حيث تكثيف لغته المسرحية لمتطلبات الحوار بشكل ملحوظ وتغدو اكثر بساطة وشفافية (7) .
ولغة الصائغ متطورة ، يتجلى ذلك من دراستها عبر اعماله المسرحية ، مسرحية بعد اخرى ، حتى لنجدها في احسن صورها في مسرحيته (المخطوطة) شميراما 1952م ، وترجمته لمسرحية (هوراس) عام 1945م .
ويزيد من تأثير هذا كله ان الصائغ مارس طول حياته الخطابة ، في مجال عمله الديني . فقد كان يعتبر من ابرز الخطباء المسيحيين اداء ولغة ومضمونا .. وما من شك في انه اذ افاد من خبرته المسرحية في الخطابة . فقد افاد بالقدر نفسه من خبرته في الخطابة للكتابة المسرحية وللاخراج . ذاك ان خطاباته غالبا ما كانت تتخذ طابع المونولوج ، او الحوار، وكان ذلك يعني انه كان ملزما بأن يؤدي ذلك ، بما يقربه من صعيد الاداء المسرحي . وكان اداؤه لذلك مؤثرا .. بحيث يعرف الذين سمعوه انه كان يستدر الدموع حين يشاء .
ويقودنا هذا الى مزية اخرى ناجمة عما سبق ، تتمثل في ان الصائغ كان يخرج مسرحياته بنفسه (وكان عدا هذا يصمم الملابس والديكور) . وقد اعطاه ذلك – كمؤلف – مزايا المخرج ، في الوقت الذي اعطاه كمخرج مزايا المؤلف . وهذا يعني انه حين كان يمارس الكتابة للمسرح كان في الوقت نفسه يتعامل مع مادته وهو يراها مخرجة ، ويقدر مزاياها ، ويكيفها وفق فهمه للاخراج ، وليس وفق فهمه للكتابة . ومعروف ان مؤلفا يمارس الاخراج – كمبدأ – هو اكثر توفيقا في كتابة المسرحية ممن لا يلم بمتطلبات الاخراج . وهذا في رأيي يفسر لنا السبب الذي جعل من مسرحياته اكثر مطاوعة للاخراج .
وفي ختام هذا يجدر ان نشير الى قضية اخرى ، هي ان الصائغ طبع كل ما كتبه من مسرحيات . مستفيدا من مطبعة الطائفة التي كانت تحت ادارته . وبهذا لم تنحصر اعماله المسرحية في حدود المسرح بل تعدته الى ما يمكن ان نسميه المسرح المقروء . وقد كان لذلك تأثير على الثقافة المسرحية عامة ، وعلى المؤلف ايضا .. اذ اشاع اعماله ، وجعلها اكثر تفاعلا مع المحيط .
وقبل ان ننتقل الى جانب اخر في دراستنا لعمل الصائغ المسرحي ، سيكون مفيدا ان نتوقف قليلا عند الصائغ مخرجا . فان ذلك كفيل بأن يكمل الصورة الاولية التي اردناها لفهم العوامل التي صاغت نتاجه .
ولقد اتيح لي ان اشهد اخراج مسرحية (هوراس) عام 1945م ، كان الصائغ قد اوكل مهمة الاخراج الى السيد يعقوب رسام (8) . بسبب ان مشاغله لم تكن تسمح له كما في السابق بالتفرغ للاخراج (9) ، ولكنه كان مع هذا يشرف على عمل السيد يعقوب ، ويقدم ملاحظاته ، كما فعل الشيء نفسه لدى اخراج مسرحية " شميراما " (10) .
في (هوراس) حدد الصائغ شكل الديكور (11) , شرفة في قصر نبيل روماني تطل على بساتين روما ويلوح فيها من بعيد (البانثيون) .. ثم على حاجز الشرفة تمثالان احدهما (لجوبيتير) والاخر " لفينوس" (12) ، وتتوزع في المسرح اعمدة رومانية ضخمة على الجانبين .. ثم صمم الملابس (13) ، واعطى ملاحظات للمسؤول عن الماكياج (14) .
اما في اشرافه على الاخراج ، فكان يرى عكس ماكان يذهب اليه السيد يعقوب رسام ، ان على المخرج ان يجعل الممثل متشبعا بروح المسرحية وابعادها ثم بطبيعة دوره ، وعلى هذا فلم يكن يرى صوابا ، ان يحدد المخرج للممثل طريقته في النطق او الايماء . بل ان يترك له ، وقد فهم دوره ، ان يحاول الوصول بنفسه ووفق طبيعته الى الاداء المثل .
كان يهتم بضبط حركة الممثلين على المسرح ، ان تكون متوازنة ، ومضبوطة . وما كان ليسمح ضمن ذلك ان يولي الممثل ظهره للجمهور ، ولا ان يتجمع الممثلون في جهة من المسرح ، لتبقى الجهة الاخرى فارغة . ولا ان يثبت الممثل في مكانه وهو يؤدي دوره .. بل ان يتحرك وفق خطة تنسجم مع انفعاله بطريقة مدروسة ..
وقد كان يهتم في تحديد المواقف التي ينبغي لها شيء من التأثير الموسيقي او اللوني (15) . واذ لم تكن الموسيقى المسجلة متوفرة ، فقد كان يعمد الى تكليف احد عازفي الكمان بتقديم مقطوعة مناسبة في الموقف المعين (16) .
وكان عدا هذا يلجأ عند بدء المسرحية الى تقديم الممثلين واحدا واحدا ، بحيث يظهر كل منهم ، مؤديا مقطعا صغيرا من دوره ، ويعلن من خلف الستارة اسم الممثل ودوره في المسرحية .
اقدم مسرحيات الصائغ المطبوعة عنوانها على الغلاف (مشاهد الفضيلة رواية ادبية تمثيلية ذات خمسة فصول) اما في الغلاف الداخلي فمعنونة هكذا : " (رواية الصديق) وهي رواية تمثيلية ذات خمسة فصول " (17) – تشتمل على حادثة يوسف ابن (كذا) يعقوب ابي الاسباط ، مع اخوته ثم بيعه الى المديانيين وحوادثه في مصر مع " فوطيفار" قائد الجيش المصري وتفسيره الاحلام وارتفاع شأنه " ، والمسرحية مطبوعة في المطبعة الكلدانية بالموصل سنة 1931م . وتحت عنوان " كلمة المؤلف " يقدم الصائغ ملاحظة ننقلها نصا لاهميتها التاريخية : " الى هواة التمثيل نزف هذه المأساة الكتابية (18) التمثيلية الاخلاقية ، راجيا ان يغضوا النظر عما يصادفونه فيها من هفوة او تقصير ، فقد كتبناها ، خلال ايام قليلة مما سمحت لنا به الاشغال ، اجابة لاقتراح فئة من الشبان الراغبين في التمثيل ، ونزولا عند رغبتهم ، قدمناها للطبع من غير ان يكون لنا متسع من الوقت لاعادة النظر فيها ، ولم نصدرها بمقدمة تشتمل على خلاصة المأساة لشيوع هذه الحادثة الكتابية بين طبقات الناس . فنؤمل ان يقبل الشبان الراغبون في هذا الفن ، على امثال هذه الروايات التي تفيد الاخلاق بمضامينها وعبرها والسلام" .
وتعكس هذه الملاحظة جملة من القضايا التي قد يفيد منها دارس تلك الحقبة في مجال المسرح . فهي تتضمن اشارة الى وجود شباب يهتمون بالفن المسرحي يسميهم المؤلف (هواة التمثيل) .. ذوو علاقة بكتاب المسرح ، يناشدونهم نصوصا يؤدونها .. بل ان المؤلف (نزولا عند رغبتهم) يقدم نص مسرحيته للمطبعة وثمة عدا هذا نقاد ، يتوجه اليهم المؤلف بالاعتذار عما قد يجدونه في النص من مآخذ ، تسببت فيها العجلة .. وثمة اشارة الى تقليد مسرحي لعله كان شائعا ، يقتضي المؤلف ، ان يقدم لمسرحيته بخلاصة ، تناقش (المأساة) وتقدمها للجمهور وللممثلين على حد سواء (19) . وتفيد هذه الملاحظة اخيرا في حقيقة ان مسرحية (مشاهد الفضيلة) كتبت على عجل (خلال ايام قليلة) .
ويلفت الانتباه في غلاق المسرحية ان المؤلف يطلق عليها اسم " رواية " (20) ، بما يدفع الباحث الى التساؤل عن الوقت الذي شاع فيه اصطلاح " المسرحية " وعما اذا كانت التسمية لم تكن شائعة في الثلاثينات (21) !!
تعتمد مسرحية (مشاهد الفضيلة) كما اسلفنا قصة " يوسف بن يعقوب " كما وردت في العهد القديم ، اننا نتابع في المسرحية السياق نفسه ، والاحداث نفسها بل اننا نتابع الاشخاص انفسهم فهناك يعقوب واولاده (22) ، اضافة الى ثلاثة من تجار مدين ، اما في مصر فثمة فرعون وفوطيفار وامرأته زليخة ورئيس الخبازين (وهم شخصيات وردت في العهد القديم) واضاف المؤلف الى ذلك كله اثنين من رجال البلاط ، واربعة من رجال بلاط فوطيفار ، ورئيس الحكماء وكبير السحرة ، وجنديا ثم اخيرا الوكيل ..
لقد وجد الحدث الوارد في العهد الجديد كافيا . فالتزم به ، ووجد اولاد يعقوب اكثر عددا مما تحتمله المسرحية ، فأبقى منهم من وجدهم اكثر حيوية (23) ، اما في مصر فقد اضاف ما يقتضيه الحدث المسرحي . ونحن لا يمكن ان نتصور حاجة الى التلاعب في الحدث مادام وافيا ، ولا في اختراع شخصيات لا مكان لها في البناء (24) .
تلي مسرحية (مشاهد الفضيلة) مسرحية (الزباء) وهي مطبوعة عام 1933م وسنعرض لها بالتفصيل بعد قليل .. ثم مسرحية الامير الحمداني المطبوعة عام 1937م .
وقد استقى الصائغ احداث هذه المسرحية من تاريخ الموصل في القرن الرابع الهجري ، وما من شك في ان لكتابته لتاريخ هذه المدينة ولكونه موصليا اثرا في اختيار هذه المادة التاريخية . " انها تدور حول المشكلات التي كان يعانيها ناصر الدولة مؤسس الدولة الحمدانية في الموصل والجزيرة وحلب بعد وفاة اخيه سيف الدولة ، وتعرض الحمدانيين في الموصل للمؤامرات والدسائس التي دبرها ابن رائق لحساب البويهيين في بغداد بالتعاون مع جند الديلم ، ثم نزاع ابناء ناصر الدولة عندما هرم واضعفته متاعب الشيخوخة " (25) .
وتقع المسرحية في ثلاثة فصول " وقد ساعد تعدد هذه المشاهد وتنوعها الى بث الحركة والحيوية ، فتوالت الاحداث ، وتعددت ازمنة حدوثها واماكنها ، وارتبطت ببعضها باتقان واضح ، وقد ادخل المؤلف عليها عددا من المشاهد الثانوية دون الابتعاد عن الموضوع الاساسي ، وادخل الفكاهة الخفيفة في بعض المشاهد ، وقد اجاد المؤلف تصوير الشخصيات .. فكان من الطبيعي ان يولد احتكاك هذه الشخصيات واصطدام نوازعها ازمنة تثير الاهتمام وتمد الاحداث بالحيوية والنشاط " (26) .
ويذهب الدكتور عمر الطالب الى اعتبار مسرحية (الامير الحمداني) افضل مسرحيات الصائغ .. ويرى انها " تمتاز بالتركيز على الاحداث والشخصيات .. كما تمتاز بخفة الحوار .." (27) .
واحسب ان مسرحية " الامير الحمداني" يمكن ان تعيد الى ذهن القاريء مسرحية ( الملك لير) لشكسبير ، فما عاناه الملك لير من تآمر بناته على الحكم ، يشبه الى حد واضح ماعاناه ناصر الدين الحمداني .. مما قد يدفع الى التساؤل ان كان الصائغ قد اطلع على مسرحيات شكسبير !
انقطع الصائغ بعد مسرحية (الامير الحمداني) عن كتابة المسرحية حتى كان عام 1952م ، فكتب (28) مسرحية "يمامة نينوى" التي تجري حوادثها في نينوى ايضا (الموصل) .
بطلا هذه المسرحية شميراما (29) ، والملك نينيب ، في بلاد اشور ، لقد اغتصب قائد الجيوش " فولوك" شميراما من مربيها "سيماس" وقتل خطيبها "خليا" ثم انقذت شميراما جيوش نينيب الملمك فأحبها وتزوجها واخلص لها .. ولكن احد حواشيه من المجوس نجح في تدبير مؤامرة اوهم فيها الملكة ان زوجها يخونها فدست له السم ، ثم قبل ان يموت تنكشف المؤامرة ، حيث لا مجال لتلافي ما وقع ، فتتناول شميراما السم ايضا وتموت مع زوجها .
كان يمكن ان تقدم مسرحية " يمامة نينوى" فرصة كبيرة لدارس مسرح الصائغ ، لو امكن البت في صحة انه الفها ، ولم يعمد الى اعدادها ، باعتماد كبير على رواية او ما يشبه ذلك .. والى ان يتم جلاء ذلك ، نكتفي بالاشارة الى الفرق بين ادارة الحوار والبناء ، بل حتى الى الجرأة في رصف المشاهد ، وتنويعها ، هذا الفرق الذي نجم دون شك عن خبرة لابد توفرت للمؤلف بعد عشرين عاما من تأليفه لمسرحية (الامير الحمداني) .
سأتفرغ في هذا القسم من البحث الى الحديث عن مسرحية (الزباء) . لانني على خلاف ما ذهب اليه الدكتور طالب ، اعتقد انها اكثر مسرحيات الصائغ تكاملا . على مختلف الاصعدة :
يذكر المؤلف في الصفحة الاولى عن المسرحية : " الزباء – مأساة تمثيلية تأريخية ادبية ذات خمسة فصول ، ويردف ذلك بقوله : " جرى تمثيل هذه الرواية ! على مسرح مدرسة شمعون الصفا بالموصل (30) لفائدة بناية المدرسة المذكورة ، ثم اعيد تمثيلها في بغداد ، وطلبت مؤخرا للتمثيل في الشام .. (31) .
ثم يقدم بعد ذلك للمسرحية مقدمة تاريخية تستوعب سبع صفحات .. ولابد لمن يريد ان يدرس مسرح الصائغ ان يتوقف عندها ، ليتأمل كيف يتعامل المؤلف مع التاريخ ، لدى كتابة مسرحياته .. ماذا ينتقي ؟ ولماذا؟ .. وكيف يتعامل مع الشخصيات التاريخية .. ماذا يطرح منها ، وماذا يضيف اليها .. كيف يخرجها من اطارها التاريخي .. وكيف يربطها بالعصر ، ليعيد اليها حيويتها ..
يخبرنا الصائغ منذ البدء ان هناك تضاربا في الآراء حول الزباء تاريخيا ثمة ما رواه مؤرخوا العرب القدماء (32) وما يستقيه المختصون العصريون من آثار تدمر .. ومن المؤلفين القدماء واليونان والرومان (33) ويشير بعد هذا الى التناقض بين الروايتين وينص قائلا انه سيورد الآراء المتضاربة في هذا الموضوع " حتى يتبين لمن اراد استقصاء الشقين المخالفين ، ان روايات المؤرخين العرب في مملكة تدمر الشهيرة ليست اسطورات او اقاصيص قد لعب فيها الخيال دورا هاما (34) وقد آثرنا اختيار الآراء العربية اساسا لروايتنا التمثيلية ، رغبة لوقائعها الغريبة " ويضيف " وها اننا نلخصها للقاريء الكريم ، ثم نجتزيء بايرار آراء المحققين المحدثين ضنا بالحقيقة التاريخية من التشويه والتلاعب " .
لقد اختار المؤلف الآراء العربية اساسا لمسرحيته ، غير آبه بما يراه حقيقة تاريخية . بل منساقا وراء وقائع الرواية العربية (الغريبة) . وهذا يعني انه انحاز من التاريخ الى الفن ودون ان يفرط بالتاريخ ، اذ حرص على تقديم الرواية العربية ، وما يراه من وصفهم بـ (المحققون المحدثون) .
ولا تعنينا هنا المناقشة التاريخية للروايتين ، بقدر ما يهمنا التركيز على الرواية العربية التي اختارها الصائغ ، لكي نتبين فيها ما استهوى كاتب المسرحية .
وملخص الرواية العربية كما اثبتها الصائغ في المقدمة ان جذيمة الابرش (الذي كان يملك في أرض العراق) حارب عمرو بن ظرب (الذي كان ملكا على الجزيرة واعمال الفرات ومشارف الشام) .. وقد انتصر جذيمة في احد هذه الحروب وقتل عمرو . اما جماعة الاخير فما لبثوا ان لموا شعثهم ونصبوا عليهم ملكة ابنة عمرو : الزباء ..
ويذكر الصائغ نقلا عن المصادر العربية ماجاء من وصف الزباء ، بأن العرب لم يروا في نساء عصرها اجمل منها ولا اقوى حزما واكمل عقلا .. وهي عدا ذلك ، كانت بتولا ، وترغب في الوقائع والحروب وتقود الجنود ..
واذ يستقر الامر للزباء ، ويقوى جيشها ، تروح تستعد للاخذ بثأر ابيها ، وحين يعز عليها ذلك تفكر بأن تاخذ عدوها بالحيلة ، فتستدرجه اليها ، فيأتيها (رغم نصح وزيره "قصير" بألا يستجيب لها ..) وحين تتمكن منه تقتله ..
بعد موت جذيمة يخلفه ابن اخته عمرو الذي راح يفكر بدوره بالانتقام لخاله مستعينا بدهاء قصير وزير جذيمة . فيتدبر الاثنان وسيلة لذلك : بأن يذهب قصير الى الزباء مدعيا بأن عمرو تخلى عنه وآذاه وضربه .. فتقتنع الزباء بعد تردد بصدق قصير ، واذ تأتمنه ، يعمد قصير الى حيلة يستطيع من خلالها ان يأتي بعمرو مع رجاله ويدخلهم الى قصر الزباء سرا ، ويتمكن بذلك من مواجهة الزباء التي ما ان تشعر بفشلها حتى تشرب السم ، مؤثرة ان تموت بيدها لا بيد عدوها ..
تلك هي الخطوط الاساسية للرواية العربية .. مع تفصيلات اخرى افاد منها الصائغ في بنائه المسرحي ، من ذلك " النفق" الذي تقول الرواية العربية ان الزباء اعدته وربطت به بين حصنيها المتقابلين على الفرات ..
فما الذي استهوى الصائغ في هذه الرواية ؟ وكيف تعامل معها . مادة الرواية العربية ، كما يرى ذلك واضحا في ما قدمنا ، تتضمن حدثا مسرحيا غنيا . انها تذكرنا بالمادة المسرحية التي بنى عليها كثير من المسرحيين تراجيدياتهم .. وبشكل اوضح ، الحكايات التي اعتمدها شكسبير لكتابة (هاملت) و(مكبث) .. و(يوليوس قيصر) .
ثمة صراع يجري بين قطبين ملكيين ، يحركه الثأر والانتقام ، وتتحرك له مملكتان بكل طاقتهما .. وتدبر من اجله المكائد ، وتعقد المواثيق . ويسفك الدم .. ولن يهدأ الصراع الا وقد اودى بالقطبين الملكيين .
ويزداد هذا الصراع حدة . حين يعمد المؤلف تحت تاثير وعيه المسرحي ، الى افتراض علاقة حب بين القطبين العدوين – جذيمة يحب الزباء .
ان هذا الافتراض ، يكسب المادة المسرحية بعدا انسانيا ، ويعمق من طاقة الحدث على التفاعل ، ويزيده حدة وارهافا .
الملك يحب الملكة . لكن الملكة تسعى الى قتل الملك الذي يحبها ، انتقاما منه لانه قتل اباها في الحرب . وهي تتوسل حب الملك لها ، لكي تستدرجه اليها وتقتله ، فهو غدر ، استخدم الحب وسيلة . وبهذا فهو يقتضي عقابا وانتقاما بمستواه .
وواضح ان قضية الحب المضافة الى الحدث (35) ، لا تزيد من حدة الصراع في الحدث المسرحي حسب بل تتعدى ذلك ، بأن توسع من آفاقه . واحسب مثلا ان الصائغ ، لو افترض حبا متبادلا بين الملك والملكة – ولم يجعل الحب من طرف واحد ( جذيمة يحب الزباء) ، بل جعل الزباء ايضا تحب جذيمة ، ولكنها مدفوعة ، بحكم العرف ، السائد والتقاليد ، الى الثأر لابنيها من حبيبها .. و اكتمل ذلك الافتراض ، اذن لاتخذ الحدث المسرحي في مسرحية الزباء ، وجها آخر اشد تأثيرا ..
واذ وجد الصائغ في الرواية العربية مادة غنية وحدثا مسرحيا متميزا (غريبا) فقد قدم له الحدث في الوقت نفسه شخصيات ذات فرادة مسرحية ايضا ..
الشخصية الرئيسية ، هي الزباء (التي اطلق اسمها على المسرحية) انها تقدم لنا ملكة ، وملكة جميلة (لم يرى في نساء عصرها اجمل منها) ، وملكة قوية (لا اقوى حزما ولا اكمل عقلا) ترغب في الوقائع والحروب وتقود الجيوش .
ولفهم شخصية الزباء من خلال هذه المعطيات الاساسية .. لابد من ان نضع امامها اسئلة تتعلق بطموحها واحلامها وما تنطوي عليه في اعماقها ، كملكة ، وكامرأة ، وامرأة لم تتزوج .. ثم وامرأة محبوبة .. وبالتالي كامرأة ملكة محبوبة .. وتسعى في الوقت نفسه الى الثأر ، بل الى قتل من احبها .
ان نفهم سعيا الى الحصول على ما ارادته او سعت اليه . ونفهم اعماقها بعد ان حصلت على ما ارادت .. واصبحت عرضة للعقاب .. هل اراحها ذلك ؟ هل احزنها ؟ هل اقلقها ؟
اما احست ندما لقتلها ملكا احبها ؟ هل كان في قتلها لهذا الملك الحب ، طموح سياسي ، رغبة في التخلص من سلطة قوية .. طمع للسيطرة على ملكه ؟
وعدا هذا !
الم يخطر ببالها ان تبادله الحب ؟ او تكون على الاقل شريكة له ، فتجمع دولتها الى دولته وقوتها الى قوته ؟ ناسية بذلك ثأرها في سبيل طموحها ..
واين هذه الملكة العذراء من الرجال .. من الحب؟
اين الرجال منها ؟
ان شخصية كهذه بابعادها النفسية والتأريخية والفنية ، لابد تذكرنا بكل الشخصيات النسائية في التاريخ وفي الفن ، بـ(كليوباترا) ، بـ(سميراميس) ، بـ(بلقيس) .. الخ .
وازاء شخصية الزباء . وفي مواجهتها شخصيتان .. بل ربما ثلاث شخصيات .. الملك جذيمة ، ووزيره قصير ، ووريثه عمرو .
ثلاث رجال امام امرأة ..
ولكل منهم ملامحه ودوره .. بل انه لدور متكامل . فكل منهم مستمر ومتكامل في الآخر . حتى لكأنهم بمجموعهم يشكلون شخصية واحدة توازن الزباء .
جذيمة . ملك قوي .. حكيم وشجاع . شاد دولته وأحل بها الرفاه ولكنه ، مع ملكه وقوته محروم من الاولاد ..
وتعويضا عن هذا الحرمان ، سلا الملك بابن اخته عمرو ، ووضع فيه امله ، بأن جعله وريثا لهذا الملك .
ومعادلة لهذا الملك وقوته وحكمته وشجاعته ومن ثم حرمانه ، يقع جذيمة في حب امرأة ، ملكة ، قوية ، ومنافسة ، وتنطوي على رغبة في الثأر منه . لانه قتل اباها في احدى المعارك ..
وان عليه من اجل هذا الحب ، ان يتجاوز رغبة حبيبته في الثأر ، بأن يقنعها بقبول حبه وتوفير دمه .. وليكن في ذلك اجتماع مملكتين وزيادة قوتهما ، ورفاههما ، وهو حافز معقول . اكثر عدلا ومنطقا من حافز الثأر او حافز الحب ، وكلاهما قد يكون اكثر اغراء ..
وينبغي ازاء ذلك ونحن ندرس شخصية جذيمة ، ان نفهم الوضع النفسي الذي يعيشه : ملك توفر له ما ينبغي ان يتوفر لحاكم عظيم .. ولكنه محروم من الاولاد .. ومن الحب ..
أين مكان الحب من ملك كهذا؟
ايهما أقدر على استيعاب سلوكه؟ عقله ام قلبه؟
ولماذا يختار ملك مثله حبيبته ، الزباء، وليس سواها ؟ ولماذا يختار سوى الزباء ، ومن مثلها ؟
ولماذا هي ؟ وهي عدو .. وطالبة ثأر؟ بماذا يملك ان يغطي على رغبتها في الثأر .. بالصدق ، ام بالحيلة؟ بالضعف ام بالقوة ؟ ايضعف الملك ان يكون عاشقا ام يقويه ؟ وبالتالي . ماذا يعنيه حب ملك مثله ، داخل هذا الحدث؟
سينقاد جذيمة الى حبه لانه بحاجة الى هذا الحب .. فهو يعادل كل ملكه وجبروته .. ومن دون هذا الحب ، اليأس والنحس.. ذلك قدره .. وان غريمته ، وحبيبته لتفهم ذلك فيه ، فتقوده عن طريق هذا الحب الى مصيره .. ويلبي ..
ويفهم هذا الحب وزيره ، ووريثه .. ولكن فهمهما لا يملك ان يغيـــــــر من الحـــــــب حين يغـــــــــــــدو مصــــــيرا .
فلقد حسم ذلك الامر .. واختار ان يراهن بين الحب والموت .. واذ ينتهي جذيمة ، ويقتل الملك ، يكون الدور لوزيره قصير .. ان قصير هو الوجه الثاني لجذيمة .
ولو كان لرأي قصير ان يسود دائما اذن لما اتيح للزباء ان تتمكن من غريمها .. فقصير يعمل بوحي ذكائه وخبرته ووفائه .. انه عقل خزيمة حين سيطر عليه الحب . وهو عقل عمرو حين سعى الى الانتقام ... واذ فشل في تجنيب ملكه الموت ، فهو لم يفشل في ان يقود الزباء الى الموت .. وباصرار وحزم حتى اننا نتساءل ، ترى ماذا لو لم يكن قصير الى جانب عمرو وهو يسعى الى الانتقام . بل ماذا لو لم يكن قصير وظل عمرو بأيدي مختطفيه من اللصوص ؟
ان قصير في واقع الحدث هو المعادل الحقيقي للزباء .. لقد كان كفوء لها .. وندا . وهي ملكة وهو وزير ... واننا حين نريد ان نتبين موقعه ، لانملك الا ان نقارنه بوزير الزباء (ابن هوثر) فنرى الفرق .. بين وزير عظيم ، ووزير لملكة عظيمة .. لا تكاد تبين له شخصية . فهو ليس اكثر من وزير عادي ، لا تميز مسحة من قوة او عظمة ..
وقصير الوزير ، فوق ذلك ، انسان مستعد للتضحية ، في سبيل ما يريد .. انه يركب المخاطر ، يبحث عن عمرو ، حين اختطفه اللصوص ، حتى يجده .. وهو يصحب جذيمة الى الزباء رغم انه واثق من ان مكيدة تنتظره هو وسيده لديها . وبصدق ظنه ، ويكاد يلقى حتفه ، لولا ان يفر من الطوق ويقطع الطريق الى بلده هاربا .. وهو في سبيل الثأر لسيده لا يتوزع عن جدع انفه – وما ذاك بأمر هين عند العربي ، بل عند وزير عربي – ويذهب الى الزباء ، راكبا مخاطر جديدة .. في سبيل الانتقام .
حتــى يبـــــــــــــــــــدو لنا انه لولا قصـــــــــــــــير لما كان متاحا لعمـــــــــــــــــــــــرو وحـــــــــــــــــده ان يخــــطط وينفــــــــذ الانتقام ..
وقصير حكيم : بعيد النظر ، حتى ان ملاحظاته التي كان يسوقها عن الاحداث اخذت مجال المثل او الحكمة من بعده "لامر ما جدع قصير انفه " " لا يطاع لقصير رأي " .. الخ .
اما شخصية عمرو فتبدو ضعيفة قياسا للشخصيات الاخرى .. انه يبدو ضعيف الحيلة ، قد وضع اعتماده على خاله ، ومن بعده على قصير .. وردود فعله ازاد الاحداث لا تتسم بالنضج ، بل هي انفعال لا اثر للتجربة فيه .. وذلك مبرر ربما بسبب صغر سنه ونقص تجربته قياسا الى خاله الملك والى وزيره .. ونحن نراه مترددا في اللحظة الاخيرة امام الزباء .. بحيث ضيع على نفسه فرصة قتلها ، فماتت وهي تتجرع السم مرددة قولتها المشهورة : " بيدي لا بيد عمرو " !
واذ تقدم المسرحية عمرو على هذا الشكل ، فهي في الواقع لا تضعف العمل المسرحي بل تزيده قوة .. ثمة في الشخصيات تمايز ضروري ، لانه تمايز الحياة ، بين شخصيات قوية وشخصيات اقل قوة .. ثم بين شخصيات قوية يصيبها الضعف ، واخرى ضعيفة تستمد قوتها من الحدث ..
وقد اضاف الصائغ الى هذه الشخصيات شخصية لها وزنها في المسرحية ممثلة " بطريفة " كاهنة الزباء ..
لقد قدمها لنا في قصر الزباء تستطلع لسيدتها الغيب ، وتحاول الدفاع عنها ضد المتآمرين عليها ، في وقت ندرك فيه ، انها كانت ذات يوم مرضعة لعمرو كما ندرك انها ليست راضية على فعلة الزباء حين قتلت جذيمة غدرا باسم الحب ..
وهكذا فهي شخصية ذات علاقة مسرحية متشابكة ، تنطوي على عمق وتحتمل صراعا وتزيد بذلك من حدة الصراع العام ..
ان طريقة موزعة بين وفائها لعمرو الذي ارضعته ، فهو يحكم ولدها .. ووفائها لجذيمة الذي رعاها حين كانت في قصره ، وبين وفائها لواجبها باعتبارها كاهنة الزباء ..
وهي موزعة بين سخطها على ما فعلته سيدتها ، وايمانها بأن الغدر الذي ارتكبته لا يمكن ان يمر دون عقاب وبين سخطها على قصير وهو يسعى بالغدر ايضا لقتل الزباء .. فما الذي ستفعله ؟ وكيف؟ بل ما الذي تريده ولماذا ؟
تلك هي الشخصيات الاساسية في المسرحية . وهي كما نرى شخصيات ذات نقل مسرحي ، ووضوح نفسي واجتماعي ، واقع تحت تأثير علاقات من فعل متشابك ومتناسق .
وقد قدم الصائغ الى جانب الشخصيات الرئيسية هذه ، شخصيات ثانوية لا تخلو من ملامح معقمة يستدعيها الحدث ، او متطلبات السياق .
اعطى الحدث المسرحي الذي احتوته الرواية العربية عن " الزباء " ، والشخصيات والعلاقات التي تضمنتها فضلا عن الافتراضات او الاضافات التي ارتآها المؤلف – اعطى كل ذلك للصائغ امكانية لبناء مسرحي متسق ومتماسك .
وبصرف النظر عن الفصول التي احتوتها المسرحية (خمسة فصول) يمكن ان يلاحظ الدارس ، ان المسرحية تنقسم الى قسمين اساسيين .
الاول : يكاد يكون مستقلا في المكان والزمان والحدث ، ويكاد اغلبه يجري في قصر جذيمة بالحيرة وينتهي بموته (ويتضمن ثلاثة فصول) .
في الفصل الاول الذي يجري كله في مغارة اللصوص ، يقدم المؤلف بحذق كل المعلومات والتمهيدات للحدث المسرحي المقبل . بل اننا لنكاد من خلاله نتعرف على اهم شخصيات المسرحية ، اما الحدث الهام فيه فهو تحرير عمرو من ايدي اللصوص .
اما في الفصل الثالث : فمستقبل فيه خبر مقتل جذيمة .. وتصميم قصير على الانتقام وبذلك ينتهي القسم الاول من الحدث المسرحي . القسم الثاني مستقل ايضا في الزمان والمكان والحدث .
انه جذيمة يجري في قصر الزباء ، وينتهي بموت الزباء وهو يتضمن فصلين في الفصل الاول نتابع قبول الزباء للجوء قصير واعتمادها عليه .
اما في الفصل الثاني ، فنتابع اكتمال حلقات المؤامرة ، ودخول عمرو الى القصر ثم المواجهة بين الزباء وبين عمر حتى تناولها السم ..
ولايمكن فهم هذا التقسيم في البناء الا من خلال فهم الاسلوب الذي تسلسل فيه الحدث وتكامل على اساس من تتابع الصراع واحتدامه . ان البناء في المسرحية هو مجمل صراعات مركبة على بعضها ، ومنبثقة عن بعضها ويمكن متابعة ذلك كما يلي :
• الفصل الاول : صراع بين عمرو واللصوص صراخ بين جماعة عمر واللصوص .
• الفصل الثاني : صراع جذيمة ازاء مشاكله : حرمانه من البنين .. فقده لعمرو .. حبه للزباء .. فقدانه لصنمه .
صراع جذيمة ازاء دعوة الزباء ، صراعه ازاء تحذير قصير .
• الفصل الثالث : صراع عمرو ازاء توقعه لمصير جذيمة .
صراع عمرو ازاء حقيقة جذيمة .
صراعه ازاء الرغبة في الانتقام .
الفصلان الرابع والخامس : صراع الزباء لقتلها جذيمة .
صراع الزباء ازاء حقيقة قصير .
صراعها ازاء تحذيرات الكاهنة .
صـــــــراعها ازاء عــمــــــــــــرو .
صراع عمرو بين قصير والكاهنة .
وتتداخل مع هذه الصراعات الاساسية صراعات ثانوية تزيد من الصراعات الرئيسية حدة .. نذكر من ذلك هذه الصراعات التي تجري وفق سياق الحدث .
- الصراع الذي يعانيه قصير ازاء اصرار الملك على السفر الى الزباء .
- الصراع الذي يعانيه عمرو ازاء الموضوع نفسه .
- الصراع الذي يعانيه الكاهن في قضية قراءة الغيب لعمرو .
- صراع كاهنة الزباء مع الوصيفة .
- صراع الكاهنة مع نفسها في الانحياز الى جانب عمرو او جانب الزباء .
- الصراع بين قصير وطريفة حول مصير الزباء ..
ولا ريب ان تركيب هذا الصراع ، في بناء المسرحية ، يشكل اساسا مهما ، لابد من متابعته بالتفصيل – لولا ان المجال لا سمح بذلك .
" امتاز حوار الصائغ بالرشاقة والتركيز وحسن التوزيع .. وقد وزع الصائغ الحوار بين المونولوج والحديث العادي توزيعا جيدا وجميلا .. (36) .
ولعل في ما اوردناه من امثلة ونحن نبحث عن البناء في مسرحية الزباء يكفي لاعطاء فكرة كافية عن هذا الرأي . واحسب ان الحوار عند الصائغ يزداد براعة كلما مال الى الجمل القصيرة . وهي تتردد في موقف متوتر بين شخصيتين او اكثر .
هو ذا جذيمة وقد نفد صبره وضاق صدره لما يحيط به من نحس – ينادي حاجبه مسعود ويسأله :
جذيمة : ايها الحاجب ..
مسعود : مولاي .
جذيمة : الم يبلغك خبر عن قصير ؟
مسعود : كلا يا مولاي .
جذيمة : الم يعد رسولنا من شابور الفارسي ؟
مسعود : كلا .
جذيمة : (بحدة) اذهب ، كلا .. كلا .. ما هذا النحس ايها المشتري العظيم .
اننا في هذا المقطع من الحوار ، بالجمل القصيرة .. التي لا تزيد عن سؤال يجاب عليه بـ (كلا) نلاحظ حساسية وتمكنا .. لا يتأتى الا لمن جرب العمل المسرحي ، وعرف كيف يمكن ان تلعب جملة واحدة او كلمة واحدة من خلال التكرار على تصعيد حالة ، او الكشف عنها ..
ومثل هذا نراه ايضا في الحوار الاخير بين عمرو وقصير وطريفة قبل ان تقتل الزباء نفسها . ونراه في كل مسرحيات الصائغ . انه يتخذ هذه السمة كلما اتخذ الموقف طابعا متأزما . فالصائغ يدرك انه لا مجال للجمل الطويلة ، حين يبلغ الانفعال اشده .
وتبدو براعة الصائغ ايضا في ما يمكن ان نسميه المونولوج .. ففي هذا المونولوج جيشان افكار داخلي تصطرع فيه الخواطر والعواطف : يمكن ان نرى ذلك مثلا في حديث الزباء الى نفسها وهي تتأمل صور عمرو التي عاد بها الرسام من الحيرة .. ها هي تتأملها صورة صورة ، وبينما تفعل ذلك تتقلب افكارها مع حركة تقليب الصور ..
الزباء – (تدخل وبيدها رسوم عمرو .. فتتفرس فيها واحدا واحدا .. وتقول) ويحا لك يا ابن عدي . اذا كانت الالهة قد انقذتك من ايدي اللصوص ، فلن تسلم مني . سلبت راحتي واقلقتني . انت انت " تخاطب الصورة " . فكن على حذر مني . صرعت خالك الجبار . فمن تكون انت . ايها الشاب الغر . سأحطم قدك الرشيق . واعفر خدك النضير (تتأمل الصورة) . لكن لالا .. ان نظرتك الهادئة ، الساكنة تدل على ان روحك الخفيفة تأبى الدنايا ، وان ملامحك كلها تنبيء على كبر نفس ورفعة قدر . الا ان دافعا يحملك على الشر .. (تطرق) الحراس كثيرون . افتنزل الينا من السماء يا ابن عدي ؟ .. (ترمي الرسم) .
هذا المقطع ، يمكن ان يعطي صورة صادقة عن طبيعة المونولوج عند الصائغ ، والذي نستطيع ان نتبين بعض خواصه كما يلي :
فثمة التنويع في طبيعة الجمل . اننا في هذه الاسطر القليلة نتابع السياق هكذا : جملة دعائية ، نداء ، تقرير ، خطاب ، امر ، استفهام ، نداء ، تهديد ، نفي ، تأكيد ، استفهام ، نداء ..
وواضح ان مراوحة بين هذه الاساليب ، كفيلة ، ابتداء ، في ان تكسب الاسلوب حيوية ، بصرف النظر عن كون المادة مسرحية ام سواها .. وطبيعي ان المادة المسرحية هي احوج الى التنويع والتلوين ، وتغدو هذه الحاجة أكثر اهمية ، حين يكون هذا التنويع مرتبطا بالحالة النفسية التي تعيشها الشخصية ..
ومـــن هنا فان المقطع الذي قدمناه يكتســـــب طاقته من هذا التــــــرابط ، بيــــــن حــالة الزباء ولغتــــها النفســــــية .
وحيث ان التناقض النفسي الذي تعيشه هو دفقات مقطعة وقصيرة .. اشبه بتنهدات صدر ضيق .. قلق .. انها لا تطول الا حين تحاول الافكار ان تهديء خاطرا مضطربا .. عندما تحاول الزباء ان تستجلي من صورة عمرو طيب خلقه بما يبعد عنها – ولو الى حين شر انتقامه .. (ان نظرتك الهادئة) .. حتى (كبر نفس ورفعة قدر) ..
ويتعكز المونولوج بأسره على الخطاب ، ولهذا يعتمد اسلوب النداء .. (يا ابن عدي انت .. انت .. ايها الشاب .. يا ابن عدي) وفي استعمال النداء تعبير عن رغبة دفينة تعانيها الزباء في ان تألف عدوها ، او تعتاد حضوره في ذهنها .. او تتجاوز الخوف منه ، عن طريق الاقتراب منه ..
اننا نستجلي في هذا المقطع تراوحا بين التهديد والاطمئنان .. بين الاعتراف والمكابرة (ويحا لك يا ابن عدي .. لن تسلم مني .. سلبت راحتي .. كن على حذر مني ، سأحطم قدك الرشيق .. الخ) ثم (ولكن لا .. لا .. روحك تأبى الدنايا .. ملامحك تنبيء عن كبر نفس) ثم (الحراس كثيرون افتنزل الينا من السماء) .
واذا كان المونولوج قد نجح في التعبير عن الحالة النفسية للبطلة من خلال ما قدمناه فانه في الوقت نفسه قد جاء متسقا مع الحركة الخارجية للزباء .. ان الجمل القصيرة المتقطعة . والمتناقضة ، في باتصال معبر مع حركتها ، وهي تقلب صور عدوها بين يديها .. والتأثير الذي تتركه كل صورة في نفسها .. حتى اذا تصاعد التناقض في اعماقها ، قالت الجملة الاخيرة (أفتنزل الينا من السماء يا ابن عدي) وهي ترمي الصور من بين يديها ، كانما لتفرغ من عدوها ، او لتقضي عليه .
الحوار غالبا لصيق بالشخصية ، يميزها ، ويتميز بها ، ويدل عليها . فلكل شخصية مستوى للحديث وللغة . ونحن مثلا نحس جيدا الفرق بين اللغة التي تتحدث بها الزباء ، واللغة التي تتحدث بها وصيفتها . ونلاحظ فرقا بين طريفة وجذيمة في الكلام واسلوب عمرو ، بل اننا نجد هذا الفرق بين لغة وصيفة الزباء وكاهنتها . ولغة كاهن جذيمة تختلف عن لغة كاهنة الزباء . بل ان لغته وهو يقرأ الغيب هي غير لغته وهو يتبادل حديثا عاديا . ومن هنا مثلا دخل السجع في كلامه ، وهو يتظاهر بالنبوءة امام عمرو .. السجع .. والتقوقع ، والغموض . والايجاز .
ولغة المسرحية عامة سهلة وبسيطة ، خالية من التعقيد والبهرجة . بل انها تبدو بعيدة عن أية مسحة شعرية ، فلا تأنق ولا صنعة ، الا في ما ندر .. على ان الشعر والتأنق ، سرعان ما يتسرب الى اللغة ، متى دعت طبيعة الشخصية او الموقف الى ذلك . لنأخذ مثلا رسالة الزباء الى جذيمة وهي تستدعيه فيها ، وتضرب له العهد والمواثيق :
" ثم بعد ان غزواتكم العظيمة وحروبكم الهائلة وانتصاراتكم الباهرة ، قد طبق ذكرها الخافقين ، وتحدث بها ركبان الفرس والعرب . وقد بلغني عن حزمكم وعزمكم وسطوتكم وصولتكم وبأسكم ومراسكم ، ما رغبني في الاقتران بكم كي استعين بسطوتكم على دفع الطامعين ببلادنا .. الخ .. " .
ان اللغة التي تصطنعها الزباء هنا ، مدروسة ، ومتانقة ، وكيسة . بل انها تختلف عن لغة الزباء التي تتداول بها احاديثها . وذلك طبيعي ، فهي عدا كونها لغة ملكة ، انها هنا لغة رسالة من ملكة الى ملك ، ورسالة من نوع خاص .. تتضمن فخا وشركا .
ويحرص الصائغ على ان يضع تعليمات داخل الحوار ، ولكنه يقتصر في ذلك مكتفيا بايراد الملاحظات التي يرى انه لا غنى عنها – راجع التعليمات التي وضعها في المقطع الذي قدمناه – واقتصار المؤلف في ذلك ، يدلل على وعي بالعمل المسرحي ، فهو لا يريد ان يثقل النص ، ولا ان يقيد المخرج الذي يتصدى لاعماله الا بما يراه ضروريا .
ويقــــــــــــدم المـــــؤلف كل فصــــــــــــل ومشـــــــــهد بتحـــــــــديــــــــــــــدات عامـــــــة لطبـــيــــــــعة المســــــــــــــــرح .. ففي الفصل الاول حيث اسر عمرو ، ينص " يمثل المسرح مغارة لصوص فيها ثلاثة مداخل من الوسط ومن اليمين ومن اليسار وعلى المسرح اسلحة عتيقة واثاث مبعثر " .
ونلاحظ ان الصائغ يتابع (المداخل) التي حددها ، فيميز دخول الشخصيات منها ويقدم الاوصاف بالطريقة نفسها للفصول الاخرى – سواء في قصر جذيمة ام قصر الزباء .
على ان ما يستوقف الدارس وهو يتابع صياغة الحوار في مسرحيات الصائغ ، هو اعتماده مقاطعة الحوار بمقاطع من قصائد شعرية . اختار بعضها وكتب بعضها بنفسه .. ولا نحسب هذه المقاطع تقدم كثيرا لصياغة هذه المسرحيات ، ان لم تكن تخل بالسياق والانسياب . ولقد بقي الصائغ متشبثا بهذا التقليد حتى في آخر مسرحياته " يمامة نينوى " التي كتبها في الخمسينات . ولا احسبه الا متبعا في ذلك تقليدا كان سائدا في المسرحيات المقدمة آنذاك .
وثير الانتباه عدا هذا بعض الاخطاء اللغوية تتبعثر في سياق النص . ما لبثنا ان رأيناها تقل وتنعدم في مسرحية (يمامة نينوى) وترجمة مسرحية (هوراس) .
يبقى ان نشير بعد هذا ، الى ان مسرحيات الصائغ تكاد تكون غير متوفرة للدارسين . لقد مضى على طباعتها ما يقرب من نصف قرن . وانه لأمر مفيد ، بل لعله ضروري ، ان يصار الى اعادة طبعها ، هي وسواها من المسرحيات الرائدة ، لتكون في متناول الدارسين .

الهوامش
1. انظر كتاب (المسرحية العربية في العراق) للدكتور عمر الطالب ، وكتاب (المسرحية العربية في العراق) للدكتور علي الزيدي.
2. يعطي لنا الفهرس الذي نشره خضر جمعة حسن في كتابه (حصاد المسرح في نينوى) عن المسرحيات المكتوبة والمترجمة التي قدمت في الموصل – يعطي لنا صورة لهذا النشاط . انظر الكتاب ص 110 .
3. الطائفة الكلدانية والسريانية خاصة .
4. كانت في الموصل مدرستان للقسس ، احداهما للطائفة الكلدانية والاخرى يشرف عليها الاباء الدومنيكان ، والمدرستان كانتا تدرسان الفرنسية . يضاف الى هذا ان مدارس الآباء الدومنيكان لغير القسس ، كانت تدرس اللغة الفرنسية ايضا ، ومن هنا فان القسس الذين ورد ذكرهم في عداد رواد المسرح العراقي (الخوري هرمز نرسو ، والخوري روفائيل حبابه ، والمطران اسطيفان كجو ، والخوري انطون زبوني ، والمطران جرجيس قندلا ، والقس فرنسيس حداد ، والقس الفونس شوريز ، ونعوم حنا رحماني) ومثلهم الشماس حنا حبش ، ونعوم فتح الله سحار واسكندر زغبي ، وحنا رسام ، ونجيب قانو .. الخ ، كل هؤلاء كانوا يعرفون اللغة الفرنسية .
5. ما تزال مكتبة الصائغ محفوظة حتى الان لدى ابن اخيه الاستاذ نجيب الصائغ . وحين يدرس الباحث الكتب الاجنبية التي تضمها هذه المكتبة كفيل بأن يخرج بصورة اوسع عن ثقافة الصائغ الادبية والمسرحية .
6. من اشهر مؤلفاته التاريخية : " تاريخ الموصل " الذي يقع في ثلاثة اجزاء ، عدا عن مقالاته التاريخية التي نشرها في مجلته المسماة النجم ، والتي ثابر على اصدارها ما يقرب من عشرين عاما .
7. لا تخلو المسرحيات المطبوعة من بعض الاغلاط اللغوية واحيانا النحوية . وهذا ما لا نجده في الرواية ولا البحوث التاريخية .
8. والد المخرج التلفزيوني عمانوئيل رسام (ع . ن . ر) .
9. أخرج الصائغ مسرحية (مشاهد الفضيلة) و(الزباء) و(الامير الحمداني) .
10. اشتركت انذاك في التمثيل واعطى لي دور (فولوك) قائد الجيوش.
11. قام بتنفيذ ديكور مسرحية (هوراس) الفنان (صبيح نعامة) .
12. اذكر ان الصائغ اعتمد التخطيطات من قاموس (لاروس) ..
13. اعتمادا على قاموس (لاروس) ايضا .
14. الفنان صبيح نعامة .
15. ابدل الصائغ النهاية الاصلية لمسرحية (هوراس) ، فبدل ان تظهر كاميل قتيلة على المسرح جعلها تتجلى من اعالي الاولمب (وبرر ذلك في المسرحية المطبوعة بانه عمد الى ذلك تخفيفا من وطأة المأساة الاليمة على المشاهدين) . وقد نفذ هذا المشهد عن طريق بث دخان في المسرح ينعكس عليه ضوء من شريط مغنيسيوم متوهج ، حيث تبدو كاميل وسط الضوء والدخان .
16. واستخدم الاضاءة الملونة للتدليل على الحالة النفسية في المواقف المتأزمة .
17. يطلق في الغلاف تسمية (فصل) ولكنه في المتن يطلق عليه (قسم) .
18. يشير بذلك الى انها ترد في العهد القديم ، وفي القرآن الكريم .
19. ظل الصائغ حريصا على اثبات هذه المقدمة في سائر مسرحياته اللاحقة .
20. وهي التسمية نفسها التي اطلقها على " الزباء " حيث ورد " رواية الزباء – مأساة تمثيلية .. الخ " .
21. يلاحظ في هذا المجال ايضا ان المؤلف يستعمل كلمة (مرسح) بدلا من (مسرح) في كل نصوص مسرحياته .
22. ليعقوب في العهد القديم اثنا عشر ولدا ، ولكن المؤلف يذكر انه اكتفى منهم بستة لغرض الاختصار .
23. لعله استوحى هذه الحيوية من نبوءة يعقوب حين اشرف على الموت ، فدعا بنيه وتحدث عن فرد فرد منهم ، ثم تنبأ لهم بما سيكون لذريتهم – راجم العهد القديم .
24. انظر رأي الدكتور عمر الطالب في كتابه (المسرحية في العراق) – جـ 2 ، ص 82 .
25. المسرحية العربية في العراق – مجلة الاقلام . د. علي الزبيدي عام 1966م .
26. المسرحية العربية في العراق – جـ 2 – الدكتور الطالب ص 84 .
27. المصدر السابق ص 85 .
28. اغلب الظن ان (يمامة نينوى) هي اعداد ، وليس تأليفا صرفا . فقد شهدت الصائغ وهو دائب في العمل بهذه المسرحية ، وكان اعتماده على كتاب اسمه (سميراميس) . لا اذكر اسم مؤلفه .. ومما يعزز هذا الرأي ان الصائغ لم يطبع المسرحية ، فبقيت مخطوطة ، وما تزال مسودة المخطوطة محفوظة عندي .
29. شميراما هو (كما كان يقول الصائغ) التسمية الاصح (لسميراميس) الذي شاع في التاريخ .
30. تقع مدرسة شمعون الصفا (سابقا) في محلة الرابعية بمدينة الموصل ، وكانت كبناية ومدرسة ، نابعة للطائفة الكلدانية ، وتتضمن المدرسة عدا صفوفها الموزعة على ثلاثة جوانب منها ، فناء واسعا يتسع لاكثر من الف (مشاهد) ، يتصدره ايوان يرتفع عن الغناء بأكثر من متر ، على جانبيه غرفتان (احداهما للمدير والاخرى للمعلمين .. وقد اتخذ هذا الايوان دائما مكانا للمسرح ، بفضل هذه المزايا ، ونظرا لانه لم يكن كافيا من ناحية عمقه ، فقد جرى اكماله بمنصة خشبية حين اعداد مسرحية هوراس – ولان الفناء مفتوح ، فقد كانت المسرحيات تقدم صيفا ..
31. جرى تمثيل هذه المسرحية الاكثر من مرة بعد ذلك .. أذكر من ذلك ان مدرسة الراهبات بالموصل قدمتها اواخر الاربعينات .
32. لا يذكر من هم هؤلاء المؤرخون .
33. لا يذكر ايضا من هم هؤلاء المؤرخون .
34. حين يقرأ الباحث نص هذا التمهيد يكاد يقتنع ان هناك حرفا ساقطا ، حتى يبدو مؤكدا ان الصائغ قال : " ليست الا اسطورات .. الخ " ومن يراجع النص الذي اثبتناه يمكن ان يكتشف وجاهة ما نذهب اليه .
35. يشير الدكتور عمر الطالب الى ان سليمان الصائغ ، اول رجل دين يقحم الحب في مسرحياته / المسرحية العربية في العراق ، جـ 2/ ص 87 .
36. المسرحية العربية في العراق / جـ 2 / ص 91 .



#يوسف_الصائغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الصائغ - من رواد المسرح العراقي ... المطران سليمان الصائغ