أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - طوني سماحة - العنف التربوي و اساليب معالجته















المزيد.....

العنف التربوي و اساليب معالجته


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4405 - 2014 / 3 / 26 - 18:43
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


تناقلت وسائل الإعلام، و منها جريدة النهار اللبنانية، حيث شاهدت المقطع التالي من الفيديو "” http://goo.gl/MTPnvD، فيلما حيا لأحد المدرسين و هو يضرب بعض تلامذته. أريد من خلال هذا النص أن أعلّق على هذا الموضوع، كوني مدرّسا أتعامل مع الصغار الذين ينتمون الى نفس الفئة (ما بين الثامنة و الثالثة عشرة من العمر) من الاطفال الذين ظهروا على الشاشة.
حسنا فعلت جمعية المقاصد الاسلامية حين قررت "اقفال المدرسة غدا، صرف المعلم من الخدمة، اتخاذ صفة الادعاء الشخصي بحق المعلم الذي أساء لكرامة التلامذة، و قيام رئيس الجمعية على رأس وفد تربوي ونقابي وقانوني بزيارة المدرسة غدا لمتابعة التحقيق". لكنني أوكد أن القضاء على هكذا تصرفات شاذة تتطلب تعاونا وثيقا بين الاهل، المدرسة، الاعلام، لجان حقوق الطفل/الانسان و وزارة التربية لتغيير ثقافة سائدة تتساهل مع العنف، و قد لا تكون هذه الثقافة سوى انعكاس لثقافة العنف و الحرب التي تلتهم مجتمعاتنا.
أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يعانون من خلل ما في عائلاتهم غالبا ما يكررون هذه التصرفات مع أطفالهم عندما يصبحون أباء و أمهات، ما لم يتم معالجة الامر من خلال أشخاص مؤهلين، محبوبين من الطفل، و ذات ثقة لديه. خذ على سبيل الامر الفتاة التي تعاني من تأثير الكحول على والدها المدمن. فهي تكره أباها و تعاهد نفسها عدم الزواج من سكّير، لكنها و في النهاية ترتبط بشاب مدمن. كذلك الصبي الذي يشعر بالاحراج عند رؤية والده يهذي في شوارع القرية و يصبح موضوع تندر الجيران و نكاتهم و حكاياتهم، فهو ما أن ينضج حتى نراه يعيد التاريخ و يجعل من نفسه أضحوكة الآخرين. و في هذا السياق، أود القول أن الصبي أو الفتاة الذين يعانيان من آثار التعنيف المنزلي أو المدرسي، غالبا ما يكبران ليصبحان معنفّين لشريك الحياة و لأولادهما.
قد يتساءل سائل "كيف نكبح جماح الاطفال المشاغبين إن نحن تركنا لهم "الحبل على الجرار" كما يقول المثل العامي، أي "على حريتهم". من البديهي القول أن الكثير من الاطفال يجهلون ما هو في صالحهم. لذلك يتوجب على المدرسة و البيت توجيههم و تصحيح مسارهم حين ينحرفون. لذلك أقترح في هذا المقال بعض الخطوات اللازم اتباعها في هذا الامر:
1. الجرعة الاولي في تربية الطفل ترتكز على ثلاثية لا بد منها من أجل نمو طفل سوي: الحب، الاحترام، و الامان. أن طفلا يفتقد الى احد عناصر هذا المثلث، لا بد و ان يشعر بخلل و قلق في مكان ما. و دون أن يدري نراه يترجم هذا القلق من خلال اهماله دراسته او المشاغبة و العناد و رفض التوجيهات التي تعطى له من خلال المسؤولين.
2. يتأثر الطفل كثيرا بما يراه و يسمعه. فالشجار بين الاب و الام و حالات الطلاق تفقده الاحساس بالامان و تدفعه للانتقام من ذاته و من الاخرين بتصرفات شاذة، إذ لسبب يجهله علم النفس، غالبا ما يلقي الطفل باللوم على ذاته و يظن انه المسؤول المباشر لخلافات اهله. لذلك وجب على الوالدين حل مشاكلهما بمعزل عن الاطفال. و حتى في حالات الطلاق، وجب على الاهل الحفاظ على احترام واحدهما للآخر ليعكسوا بعض الراحة في حياة اطفالهم.
3. وجب على الاهل و المدرسة ان يشاركوا الطفل في انجازاته. فالطفل الذي يدرك ان عمله سوف يكون محور اهتمام والديه و مدرسيه يعمل جاهدا للنجاح.
4. من الضروري الثناء على الطفل كل مرة يحقق النجاح في حياته، لكن علينا ان ننتبه لامر مهم، ألا و هو يجب ان يكون الثناء صادقا، في المكان الصحيح و الزمن الصحيح. و بالتالي، لو نحن قمنا بالثناء "على الطالع و النازل" لاكتشف الطفل اننا نكذب عليه و بالتالي فهو لن يقوم بالمجهود اللازم لتحقيق النجاح.
5. أن يدرك الطفل مسبقا ان نجاحه سوف يكافأ. غالبا ما ننظر الى المكافأة على انها يجب ان تكون مادية. أريد أن أوكد هنا ان الطفل يعنى أكثر بمكافأة معنوية. فقضاء وقت ممتع مع والده أو والدته يشعره بالسعادة أكثر كثيرا من اللعبة النحاسية التي يمل منها سريعا.
6. أن نشعر الطفل بالقبول في حالات الفشل غير المعتمدة. مثلا إن هو صرف مجهودا كبيرا في عمل ما دون أن يكلل بالنجاح، وجب علينا أن نثني على المجهود الحسن و أن ندفع الطفل لتكرار التجربة حتى النجاح. لا ننسيّن أن النجاح يبتدأ بتجربة و خطوة فاشلة، لكنه يكلل بالنجاح في حال الاصرار الدؤوب.
7. أن يدرك الطفل أن فشله المتعمد و سؤ سلوكه لن يمر دون عقاب. و من الضروري أن يدرك الطفل مسقبا طبيعة العقاب الذي ينتظره، إذ بناء عليه يستطيع أن يقرر ما إذا كانت مغامراته سوف تكون بمستوى العقاب الذي سوف يحصل عليه. لنذكرن أن أي عقاب يجب أن يأخذ في الحسبان كرامة الطفل كما يجب أن نحافظ من خلاله على احترامنا له. بعض أنواع العقاب قد تكون حرمانه من امورغالية على قلبه مثل حريته الشخصية في اختيار بعض نشاطاته، منعه لوقت ما من اللعب من اصدقائه، حرمانه من مشاهدة برامجه المفضلة على التلفاز او استعمال الحاسوب و الالعاب الاخرى.
8. عدم معاقبة الطفل امام الآخرين مثل اولاد الجيران و الاقارب لكي نسمح له بالحفاظ على كرامته.
9. ان يتم اللقاء مع الطفل اثر انتهاء العقاب في جلسة حميمة يطغى عليها الحب و القبول لتقييم الامور و اعادة ترتيب الاولويات من خلال مناقشة هادئة تقع النقاط على الحروف.
10. أن تكون البرامج الدراسية محفزة للطفل. فالطفل الذي يرى متعة في دراسته ينجح أكثر من طفل لا يعنيه مضمون المادة الدراسية. نحن كبرنا و نسينا ان اللعب جزء أساسي من عالم الطفولة. لذلك وجب علينا كأهل و مدرسين أن ندخل اللعب و الفنون الموسيقية و الرسم و الرياضة كجزء رئيسي من المادة التعليمية.
11. أن نستبدل نظام "الحفظ عن غيب أو عن ظهر قلب" كما نقول بالعامية بالابحاث المشوقة التي تحفز الطفل على المقارنة و التحليل والبحث و تقييم المعلومات و النقد البناء كجزء رئيسي من النظام التدريسي . وغالبا ما نرى ان الطفل الذي يتلو غيبا يجهل فحوى المادة التي يدرسها أو ينساها سريعا فيما الطفل الذي يبحث يحتفظ أكثر بالمعلومات التي حصل عليها في مسيرته الدراسية.
12. ان يتم التركيز على نقاط القوة لدى الطفل. علينا أن ندرك أن لكل منا نقاط قوته و ضعفه. لذلك لا يجوز ان نرغم الطفل على دراسة مادة لن ينجح فيها اطلاقا. بل وجب علينا ان نساعد الطفل كي يكتشف قدراته و ينميها.
13. أن نستبدل اسلوب التهويل و العنف في علاقتنا بالطفل بثقافة الحوار.
14. أن نكون كأباء و أمهات و مدرسين مثالا حيا لما نعلّمه، أي أن نحيا ما نقول.
يبقى السؤال الذي شغلني طويلا "هل تنجح المقترحات المذكورة اعلاه في حل مشاكل الطفولة؟" الجواب حتما لا. فهناك امور يعيشها الطفل لا سيطرة لنا عليها مثل شخصيته و تركيبته النفسية و الذهنية و قيمه التي يأخذها من اصدقائه و الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي أو يتوارثها من المجتمع الذي يعيش فيه. لكننا نستطيع ان نحد كثيرا من الكوارث التي قد تدمر حياة اطفالنا. ستة آلاف سنة مضت و لم يستطع العنف فيها ان يحل مشاكلنا، لكن لمسة محبة و ثناء صادق و اظهار الاحترام لاطفالنا و اشعارهم بالامان و القبول قد يصنعوا المعجزات حيث اخفقت العصا.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورقة اللوتو
- زمن أبي اللهب
- سيّدي الرئيس/ جلالة الملك
- نساء عاريات أمام اللوفر
- رسالة الى تكفيري
- السيدة و الخادمة
- عذرا سيّدتي


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - طوني سماحة - العنف التربوي و اساليب معالجته