أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم ألصفار - الشرف والدونية














المزيد.....

الشرف والدونية


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 4404 - 2014 / 3 / 25 - 21:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اتذكر حين كنت طالبا في الجامعة بموسكو، شاهدت عرضا سينمائيا عن الحرب الاهلية في روسيا بعد استيلاء البلاشفة على السلطة، والتي كان محوريها الرئيسيين هما الجيش الاحمر البلشفي، الساعي لتشييد نظام جديد في روسيا، والجيش الابيض المدافع عن النظام القيصري الذي كان قائما في ذلك الوقت هناك. وقد كان ضباط الجيش الابيض في جلهم يتميزون بتقاليدهم العسكرية القيصرية الارستقراطية مع مستوى لا بأس به من الثقافة.
يروي الفلم احداث معركة بين كتيبتين من الجيشين الاحمر والابيض في منطقة ريفية نائية على نهر الفولغا، يقع فيها احد ضباط الجيش الابيض اسيرا بيد الكتيبة الحمراء، وينقل بعدها على عجل الى الخطوط الخلفية للجبهة لإجراء تحقيق معه قبل ارساله الى اقرب مدينة يسيطر عليها البلاشفة لمحاكمته والحكم عليه، وهو غالبا حكما قاسيا.
ويصادف ان يكون الضابط البلشفي المكلف بالتحقيق مع الاسير من اسرة محسوبة على الانتلجنسيا الروسية ومتميز بتهذيبه وادبه في التعامل مما يفتح المجال لنشوء علاقة ود وثقة متبادلة بين ضابط التحقيق البلشفي والضابط الاسير الذي كان يرد بهدوء ورصانة على اسئلة المحقق.
وبعد انتهاء التحقيق وتنظيم اوراق الارسال، قرر الضابط البلشفي التريث في تنفيذ قرار ارسال الضابط الابيض الى المحكمة، فيستدعي الاخير الى مكتبه للحديث معه على انفراد ودون بروتوكول تحقيق. وبعد مغادرة الجندي، المرافق للأسير، المكتب بطلب من ضابط التحقيق، يفاجئ المحقق اسيره بسؤال يبعث الامل في قلب الضابط القيصري، وهو عن ما سيفعله الاخير ان اطلق سراحه ، وهل سيعود لقتال البلاشفة من جديد؟ تأمل الاسير في وجه المحقق ليتأكد من مغزى السؤال قبل ان يجيبه بعد تردد لم يطل كثيرا، انه مستعد للقسم بشرفه العسكري على ان لا يعود مرة اخرى الى قتال البلاشفة وانه سيعتزل العمل في الجيش ليعود الى اسرته التي تحتاج اليه في تلك الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. واثر سماعه لإجابة الضابط الابيض وقسمه، امر المحقق بإطلاق سراح الاسير على مسؤوليته الخاصة وبضمانة شخصية منه اقنعت زملائه في الكتيبة بعد نقاش ساخن.
تمر بعد هذه الحادثة اسابيع اخرى من القتال الضاري بين الطرفين، تنتصر في نهايته الكتيبة الحمراء البلشفية على الكتيبة البيضاء القيصرية، ويفر قائدها مع بعض من ضباطه من ارض المعركة الى نهر الفولغا القريب من الجبهة، ليقلون زورقا صغيرا كان متروكا على الشاطئ، منحدرين به مع المجرى.
الا ان قوة بلشفية تقوم بمطاردة الضباط الفارين وتستبقهم الى موقع ضيق من مجرى النهر يوصل بين ضفتيه جسر عائم للمشاة. فيكمن جنود القوة المطاردة للضباط الفارين عند موقع الجسر. وعند اقتراب الزورق من الجسر، رفع احد الضباط البيض ناضوره لمراقبة الموقف عند الجسر، فشاهد رجال الكتيبة الحمراء متربصين لهم في مواضع عديدة تطوق منطقة الجسر وتمنع زورقهم من النفوذ خلاله مع المجرى. ولمح الضابط الابيض، الذي كان هو نفسه الضابط الاسير السابق، من بين المتربصين وجه الضابط البلشفي الذي حقق معه في الاسر والذي اعطاه كلمة الشرف بعدم العودة للقتال ثانية.
تنحى الضابط الابيض (ألأسير السابق) الى حافة الزورق، والقى بناضوره الى الماء دون ان يخبر زملائه بالموقف، واخرج مسدسه ليطلق النار على رأسه منتحرا وعيونه شاخصة نحو نفس المكان الذي شاهد فيه ضابط التحقيق البلشفي، فيسقط اثرها في النهر جثة هامدة تنحدر مع المجرى نحو قاع نهر الفولغا.
بهذه الخاتمة اراد الضابط الابيض ان يمحو عار قسم لم ينفذه، ولم يرضى لنفسه هوان ودونية لا تشرفه اذا ما وقعت عينا من اقسم له، عليه مرة اخرى. وبدلالات هذه الخاتمة ذاتها بودي ان اذكر القارئ والناخب العراقي بمن نثر الوعود واقسم ان ينفذها، كلما احتاج الى اصواتهم لكي يعتلي كرسيا ويتبوأ منصبا. ثم نسى وعوده وانشغل بغنائمه ولم يشعر بالحرج في التوجه بعد مرور فترة اختبار مخيبة دامت اربعة او ثمانية اعوام الى نفس الناخبين مطالبا اياهم بمنحه الثقة من جديد لأنه لم يستكمل بعد انجاز وعوده او ان في جعبته وعود جديدة خطرت على باله في حالة يقظة او منام.
الوعود التي اقسموا على تنفيذها لم تتحقق. فلم يتحقق الامن والامان للمواطنين بجميع المعايير والمقارنات. وابتلع ممثلي الاسلام السياسي شعاراتهم المزيفة بشأن الدولة المدنية ودولة المواطنة والعدالة الاجتماعية. واصبحنا نلجأ الى الشارع وننظم التظاهرات الشعبية من اجل الغاء القوانين الطائفية لتنظيم شؤون الاسرة والاحوال المدنية والقوانين التي تمنح امتيازات مالية هائلة لكبار مسؤولي الدولة والرواتب التقاعدية غير المبررة للنواب. وما قيمة تحسينات جزئية في مجال الخدمات مقارنة بوضعها الذي كانت عليه منذ ثمانية او اربعة سنوات من الان، ان لم تصل في مستواها الى المستوى المقبول بالمعايير الانسانية وبالمقارنة مع ما حققته دول الجوار في هذا المجال.



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاشتباه اساس التهمة في عراقنا الجديد
- قراءة للمشهد السياسي العراقي قبيل الانتخابات
- حكاية الدفئ المفقود في العلاقات الايرانية الغربية
- خاطرة في شهر محرم
- مأزق الاستحواذ في منظمات المجتمع المدني العراقية
- التغيير المغامر وانتاج النكسة
- ذكريات في ضواحي بيرسلافل
- آراء عند الخطوط الحمراء
- قراءة جديدة للجذور
- رسالة اخرى الى الاحياء
- تساؤلات بعد الفاجعة
- هوامش في ذاكرة متعبة
- -عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألثاني-ألمفاجئات)
- -عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألأول-ألبدايات)
- رسائل قصيرة من بغداد-2 (حوار في موضوع المقاومة)
- رسائل قصيرة من بغداد-1
- قضية ألبروليتاريا هي قضية ألمجتمع بأسره
- قراءة لرسائل مفتوحة
- ألأصالة
- قراءة هادئة للوضع في سوريا


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم ألصفار - الشرف والدونية