أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - المسألة الأوكرانية ... والصراع على شبه جزيرة القرم















المزيد.....

المسألة الأوكرانية ... والصراع على شبه جزيرة القرم


جاك جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4404 - 2014 / 3 / 25 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


احتفالاً بالذكرى ال300 لاندماج أوكرانيا في الإمبراطورية الروسية أصدر مجلس السوفييت الأعلى مرسوماً يقضي بنقل ملكية محافظة القرم من الجمهورية الروسية إلى جمهورية أوكرانيا، آخذاً في الاعتبار الطابع التكاملي للاقتصاد، والمجاورة الجغرافية، والروابط الاقتصادية الوثيقة بين محافظة القرم وجمهورية أوكرانيا، ومصادقاً على اقتراح رئاسة مجلس السوفييت الروسي ورئاسة مجلس السوفييت الأوكراني بشأن نقل محافظة القرم من الجمهورية الروسية إلى الجمهورية الأوكرانية.
هذا القرار الذي اتخذته قيادة الاتحاد السوفييتي عام 1954 لم يكن أحد يتوقع أنه ستكون له نتائج كارثية على روسيا بعد أكثر من نصف قرن.
وفي 19 شباط 2009، نشرت صحيفة "البرافدا" تقريراً موثقاً وصفت فيه مسألة القرم على النحو التالي: "أبلغ خروتشوف رفاقه بقرار نقل القرم إلى أوكرانيا، وذلك بصورة عرضية أثناء توجههم لتناول الغداء، قائلاً: "نعم أيها الرفاق، هناك رأي بشأن إعطاء القرم إلى أوكرانيا" . ولم يجرؤ أحد على التعبير عن أي معارضة" .
وتابعت "برافدا" تقول: "جدول أعمال جلسة مجلس السوفييت الأعلى، التي عقدت يوم 15 كانون الثاني 1954، تضمنت مسألة تتعلق بنقل ملكية القرم إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفييتية. ومناقشة تلك المسألة استغرقت 15 دقيقة فقط. وقد وافق المشاركون على المرسوم، وبذلك أعطيت المنطقة مجاناً إلى أوكرانيا" .
هذه الهدية التي لم يكن لها أي معنى جوهري في ذلك الوقت ارتدت اليوم أهمية جيو- سياسية كبرى في لعبة الأمم الدائرة حالياً على مسرح السياسة الدولية.
وفي يوم الثلاثاء الموافق لِ 18 آذار 2014، انضمّ إقليم شبه جزيرة القرم مجدداً إلى روسيا، إثر توقيع اتفاق في موسكو في اليوم السابق، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس برلمان القرم فلاديمير قسطنطينوف ورئيس وزراء القرم سيرغي أكسيونوف، وعمدة مدينة سيفاستوبول أليكسي تشالي.
وقال الكرملين: "تعتبر جمهورية القرم ملحقة بالاتحاد الروسي بدءاً من تاريخ توقيع الاتفاق"، علماً أن البرلمانيين الروس يجب أن يوافقوا، على قانون ضم شبه جزيرة القرم التي صوّت سكانها على الانفصال عن أوكرانيا الأحد الماضي.
وخاطب بوتين أعضاء البرلمان وحكام المناطق وأعضاء الحكومة قائلاً: "في قلوب الناس وعقولهم، كانت القرم وتبقى جزءاً لا يتجزأ من روسيا"، واصفاً قرار الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف تسليم شبه جزيرة القرم لأوكرانيا عام 1954 بأنه "غير شرعي".
وكان لنتيجة ضمّ القرم إلى روسيا دلالات عدة وقد يؤدي لتداعيات محتملة على الصعيدين الدولي والإقليمي. لعل أولها، يتعلق بمكانة روسيا الدولية وقدرتها على حماية حلفائها ومصالحها ومواطنيها فيما وراء الحدود الروسية. فقد كان الاستفتاء معركة سياسية ودبلوماسية لا تقل ضراوة عن حرب القرم التي نشبت منتصف القرن التاسع عشر. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة هي أول مَن صك مفهوم "حق تقرير المصير" على لسان رئيسها ودرو ويلسون، في خطابه أمام الكونغرس في 8 كانون الثاني 1918، ضمن نقاطه الأربع عشرة التي عكست رؤيته لترتيبات ما بعد الحرب العالمية الأولى، فإنها أنكرت هذا الحق على شعب شبه جزيرة القرم. واعتبرت واشنطن أن الاستفتاء غير شرعي وأنه يمثل انتهاكاً لدستور أوكرانيا وأكدت أنها لن تعترف أبداً بنتائجه. كما اعتبر الغرب أن روسيا مسؤولة عن التصعيد حول جمهورية القرم، وأن موقف روسيا يتعارض مع اتفاقية بودابست الموقعة عام 1994 بين روسيا وكل من أوكرانيا وبريطانيا والولايات المتحدة، التي تضمن سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها مقابل تخليها عن الأسلحة النووية، وهي الاتفاقية التي لم يصدق عليها البرلمان الروسي رغم وفاء أوكرانيا بالتزاماتها وإخلاء أراضيها من القدرات النووية العسكرية التي ورثتها من الاتحاد السوفييتي.
وقامت واشنطن يدعمها الاتحاد الأوروبي ببذل قصارى جهدهم للحيلولة دون عقد الاستفتاء. وتضمن ذلك تصعيد التهديد بفرض عقوبات على روسيا وعزلها، وقيام كاترين آشتون بزيارات متكررة لكييف في دعم سياسي ودبلوماسي واضح للحكومة الجديدة. وكذلك زيارة جون كيري لأوكرانيا ثم استقبال أوباما رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك في واشنطن وتأكيده استعداد الولايات المتحدة تقديم الدعم اللازم لتأمين سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها. وترافق ذلك مع تقديم مشروع قرار أمريكي لمجلس الأمن يقضي بعدم اعتبار الاستفتاء في القرم قانونياً وأساساً لأي تغيير في صفة شبه الجزيرة بسبب عدم التنسيق مع السلطات في كييف، ويدعو جميع الأطراف والمنظمات الدولية إلى عدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء. ورغم موافقة الدول الغربية على القرار فإن استخدام روسيا حق النقض (الفيتو) أدى إلى إجهاضه وفشل المحاولة الأمريكية.
ومن جهته، فقد أكد الرئيس بوتين أن إجراء الاستفتاء في القرم يتفق تماماً مع مبادئ القانون الدولي، بما فيه البند الأول من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على حق الشعوب في المساواة وتقرير المصير، وأن روسيا ستحترم خيار شعب القرم . يعزز ذلك أن شبه الجزيرة كانت جزءاً من روسيا وضُمت إلى أوكرانيا عام 1954 خلال الحقبة السوفييتية بطريقة تعارض قوانين الاتحاد السوفييتي، ودون مراعاة لرأي شعبها. كما أكّد أن الاستفتاء تم تحت إشراف مراقبين دوليين وصل عددهم إلى نحو 70 مراقباً، من بينهم 45 مراقباً من دول الاتحاد الأوروبي، لا يمكن لأحد التشكيك في نزاهته وصدق نتائجه في كونه معبراً عن إرادة شعب القرم. ويدعم هذا التأييد الشعبي والسياسي داخل روسيا لعودة القرم إلى وطنه الأم حيث خرج الآلاف في موسكو لدعم القرم والمطالبة ببدء عملية انضمامها إلى روسيا فوراً، ووافق البرلمان الروسي بمجلسيه "الدوما" و"الاتحاد" على انضمام القرم إلى روسيا، وأبديا دعمهما "للخيار الحر والديمقراطي لشعب القرم"، مؤكدين أن منع القرم من الحق في تقرير مصيره يعتبر انتهاكاً للقوانين الدولية، بما فيها قرار المحكمة الدولية التابعة للأمم المتحدة بشأن كوسوفو، ويعكس ازدواجية في المعايير الدولية حيث قضت المحكمة الدولية في تموز 2010 أن إعلان إقليم كوسوفو استقلاله عن صريبا بشكل أحادي لا يتعارض مع القانون الدولي.
أما الدلالة الثانية، فإن خروج روسيا منتصرة في المواجهة بشأن القرم قد تؤدي إلى تعزيز أجواء الحرب الباردة التي تلبدت غيومها في سماء أوروبا مع تزايد حدة المواجهة بين روسيا من جانب والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جانب آخر.
فقد أمعن الجانبان الأمريكي والأوروبي في إطلاق التهديدات بمعاقبة موسكو وعزلها، واتخذوا عدداً من الإجراءات التصعيدية، حيث أعلن البنتاغون عن تجميد التعاون العسكري مع روسيا، وتم تجميد التحضير لقمة "الثمانية الكبار" المقرر عقدها في سوتشي في حزيران المقبل، وكذلك اجتماعات روسيا - الناتو. وأعلن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على 21 شخصية روسية وتعليق المحادثات مع روسيا بشأن تسهيل منح تأشيرات دخول الروس إلى دول الاتحاد الأوروبي. كما أعلنت الولايات المتحدة أنها على استعداد لتجميد حسابات مسؤولين وأفراد روس ومنعهم من دخول أراضيها لاتهامهم بالمشاركة في تصعيد الصراع في أوكرانيا .
بالفعل، بدأ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اليوم التالي للاستفتاء اجتماعهم في بروكسل لبحث فرض مزيد من العقوبات على روسيا بعد دعمها استفتاء القرم. هذا في الوقت الذي اعتبرت روسيا مثل هذه الإجراءات والتهديدات استفزازية وضارة للجانبين، وأكدت أنها سترد بالمثل على أي عقوبات غربية .
لقد حقّقت السياسة الروسية انتصاراً مهماً في الصراع الدائر مع قوى الاستعمار العالمي الجديد حول أوكرانيا. فقد تعاملت موسكو مع أوراق القوة التي تمتلكها ببراعة فائقة، بعدما أن أيقنت طبيعة الصراع الأساسي الذي يهدف إلى عزل شبه جزيرة القرم عن روسيا، وبالتالي عزلها عن البحر الأسود، الأمر الذي يؤدي إلى قطع اتصالها بالبحر الأبيض المتوسط، وذلك بعدما وضعت تلك القوى نُصب عينها النظرية الاستعمارية القديمة التي تقول بضرورة عزل روسيا ومنعها من الوصول إلى المياه الدافئة، لكن الكرملين أدرك منذ اللحظة الأولى أن القرم هو الهدف الرئيس لهذه المعركة، فقام بتأمين شبه الجزيرة في معركة سياسية ضخمة انتهت بإجراء استفتاء شعبي، عبّرت فيه أغلبية شعوب القرم عن رغبتها بالاستقلال عن أوكرانيا، والانضمام إلى الاتحاد الروسي.
في العالم الحديث المعقّد والمليء بالتناقضات، لا يمكن احتلال مكانة رفيعة ولعب الدور الضروري الهام في هذا العالم ولا يمكن التمتّع بهيبة ونفوذ، ولا يمكن تنفيذ سياسة خارجية مستقلة تليق بدولة عظيمة وشعب عظيم، دون الاعتماد بصورة رئيسية على القوى الخاصة والاحتياطات الوطنية الخاصة المادية والروحية على حد سواء. هذا الأمر الذي وضعه فلادمير بوتين نُصب عينيه وهو يراقب تطورات الأزمة الأوكرانية قبل أن يُقرر التحرك لإعادة شبة جزيرة القرم إلى حضن روسيا الأم متسّلحاً بالقانون الدولي وبحق الشعوب في تقرير مصيرها، هذا القانون الذي تستخدمه واشنطن عندما يتوافق ومصالحها السياسية وتعارضه عندما يتعارض مع أهدافها الاستراتيجية.



#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نار تقسيم ... توقد الصراع بين قابيل وهابيل في تركيا
- تصّدع في البيت الخليجي ... قطر تُغرّد خارج السرب
- أحاديث شرقية
- الأزمة الفنزولية
- رقعة الشطرنج الأوكرانية
- حكومة المائة يوم في لبنان
- الصراع في جنوب السودان
- الصراع على أوكرانيا
- جنيف 2 في مرآة الصحافة العالمية
- قراءة حول مؤتمر جنيف 2
- مصر ... نحو إقرار خارطة طريق ترسم مستقبل البلاد
- المعركة الأخيرة لأردوغان
- تركيا ... الفساد يَهُزّ عرش أردوغان
- تونس ... اليسار إلى الأمام
- سقوط -النموذج التركي- داخلياً
- سقوط مخطط «بيغن – برافر» ... إلى حين!
- الأزمة التونسية إلى أين؟
- أسباب فشل -النموذج التركي- في البلاد العربية
- معارك آل سعود الكبرى
- ما هو مصير الإخوان المسلمين بعد سقوط حكم المرشد في مصر؟


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - المسألة الأوكرانية ... والصراع على شبه جزيرة القرم