أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الديمقراطية والفساد















المزيد.....

الديمقراطية والفساد


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1251 - 2005 / 7 / 7 - 09:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"الحكومة الديمقراطية هي ليست الحكومة المثالية، ولكن لحد الآن لا توجد حكومة أفضل من الحكومة الديمقراطية" هذا ما قاله تشرتشل. فالديمقراطية لا تحول الناس إلى ملائكة ولا السلطة الديمقراطية تخلو من فساد. وكما قال آخر : «السلطة تفسد، والسلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة». ولكن الجميل في النظام الديمقراطي أنه يمكن فضح الفساد والفاسدين والمفسدين، بينما لا يمكن ذلك في الأنظمة المستبدة. وعليه، تقع علينا، نحن العراقيين، وخاصة أولئك الذين يقيمون في الخارج، مسؤولية فضح الفاسدين أكثر من غيرهم، لأننا بمأمن من انتقام الحكام الجدد ومن الإرهابيين. وعليه يجب أن لا تأخذنا في الحق لومة لائم. فالفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة.

يعاني الشعب العراقي من كوارث لا عداد لها، وهذا ناتج عن التركة الثقيلة للنظام البعثي الفاشي الساقط الذي دمر الاخلاق والنسيج الاجتماعي. فالمعاناة ليست ناتجة عن غياب الأمن وحده، بل هناك مصادر كثيرة لهذه الكوارث ومنها بعض الأشخاص الذين جازف أبناء الشعب بحياتهم يوم 30 حزيران من هذا العام بانتخابهم كممثلين عنهم في الجمعية العامة ليديروا شؤون البلاد. ولكن المشكلة أن هؤلاء النواب لم يأتوا من مريخ أو أي كوكب آخر، بل هم من أبناء هذا الشعب، دماً ولحماً وثقافة وأعرافاً وتقاليداً، فيهم الجيد وفيهم الرديء...الخ

شاهدنا من على شاشات التلفزة مناظر مخجلة يقوم بها عدد كبير من أبناء الشعب بعملية نهب (فرهود) ممتلكات الدولة. وحسب تقديري الشخصي، فإن معظم الذين قاموا بالفرهود كانوا من الفقراء الذين أذلهم الحكم البعثي فأرادوا الانتقام من الدولة التي أذلتهم، لأن هؤلاء لم يشعروا يوماً أن الدولة هي دولتهم، فبسقوط النظام توفرت لهم الفرصة لتوجيه الصاع صاعين والانتقام لكرامتهم. ورحنا نلوم قوات التحالف على عدم أخذ أي إجراء لوقف الفرهود حسب قرار جنيف القاضي بأن أمن البلاد من مسؤولية القوات المحتلة. ولكن بعد مرور موجة الفرهود العلني، جاءت موجة الفرهود السري و"القانوني".

فالفرهود السري، كما نسمع به الآن، قام به أناس من الوزن الثقيل، وزراء ومسؤولون كبار في الدولة في عهد حكومة الدكتور أياد علاوي وما قبله وما بعده..، مما اضطرت حكومة الدكتور الجعفري، المنتخبة ديمقراطياً، تشكيل لجنة النزاهة للتحقيق في قضية تفشي الفساد. ولا ندري مدى نجاح هذه اللجنة في تحقيق أغراضها وكشف الفاسدين وهل بإمكانها إعادة أموال الشعب المنهوبة إلى خزينة الدولة؟ نقرأ الآن أن مليارات من الدولارات دفعت على شكل رواتب على أسماء وهمية لا وجود لها في وزارتي الدفاع والداخلية.. وهذا هو الجزء المرئي من الجبل الجليدي، وقد استطاع الوزيران الجديدان (سعدون الدليمي وبيان جبر) إعادة بعض هذه الأموال (الرأي العام، 5/7/2005). لذلك نحن نثمن دور الوزيرين ونأمل أن نسمع المزيد في عملية تنظيف مؤسسات الدولة وفضح الفاسدين.

أما الفرهود القانوني وكما تفيد الأنباء، فأنه من شكل آخر أو (من شكل تاني- مع الاعتذار للسيدة نجاة الصغيرة التي لم تعد صغيرة الآن) لأنه يتم في وضح النهار وتجرى المباحثات والنقاشات لتقنينها تحت قبة البرلمان. إذ نقرأ في صحيفة الجيران الإلكترونية ما يلي: « أثار قرار بمنح كل عضو في الجمعية الوطنية مبلغ 50 ألف دولار خلافات كبيرة بين أعضاء الجمعية الوطنية في بغداد . فانقسموا بين زاهد بالأموال وطامع بها. وحسب مصادر مطلعة داخل الجمعية الوطنية قالت لـ (الجيران) أن قرارا صادرا من جهات عليا بمنح كل عضو من أعضاء الجمعية 50 ألف دولار أي مايعادل 75 مليون دينار لشراء سيارة إضافة الى رواتب شهرية ومخصصات تصل الى 5 ألاف دولار شهريا لكل عضو فضلا عن مبلغ عشرة آلاف دولار تكاليف سفر ومعيشة لكل عضو يتم إيفاده للخارج». ( الجيران 2/7/2005).

خمسون ألف دولار مبلغ ضخم حتى بمقاييس الدول الغربية الغنية، فما بالك في العراق الذي يعاني شعبه من الفقر المدقع، ونسبة البطالة فيه تكاد تكون الأعلى في العالم. وهذا الفقر أحد أسباب عدم استقرار الوضع فيه. كما قرأنا مراراً أن السلطة صرفت عشرات المليارات من الدولارات منذ سقوط الفاشية على إعادة بناء العراق والخدمات ولكن دون أن يكون لهذا الصرف الباذخ أي تأثير على وضع الناس المعيشي. لذلك فمن حق الناس أن يسألوا: أين ذهبت هذه الأموال؟ ففي الأنظمة الديمقراطية، من حق الناس أن ينتقدوا حكامهم ويحاسبوهم على سلوكهم. فهل من الديمقراطية بشيء أن يستغل النواب والحكام مواقعهم للكسب المادي؟
مثال آخر أنقله من الدكتور جابر حبيب جابر، باحث أكاديمي عراقي في جامعة بغداد محتجاً على سلوك المسؤولين الجدد بعد أن يستذكر زهد الزعيم عبدالكريم قاسم الذي تمتع بحب الشعب العراقي، مقارنة بما يجري الآن فيقول: "الذي جلب هذا الاستذكار للذهن، هو متابعة مناقشات الجمعية الوطنية المنتخبة، التي خصصت راتباً للعضو فيها، يساوي عشرة اضعاف راتب الأستاذ في الجامعة من حملة درجة الاستاذية وبخدمة لا تقل عن 25 سنة، بجانب مخصصات حماية وتنقل وشراء أسلحة حماية وغيرها، حيث انشغل الاعضاء ومنذ الجلسة الاولى بالتحدث عن حقوقهم التقاعدية، وعملوا على وضع التشريعات لذلك، وكأنهم مجلس ادارة شركة يقررون امتيازاتهم بعيدا عن رأي المساهمين، يشرعون حقوقاً تقاعدية لعضو جمعية لن يظل فيها اكثر من ستة شهور. وقد تواصلت الى الأمس المناقشات حول ضرورة ضم حماياتهم الى الجيش وجعلهم يتمتعون بحقوق افراده وضماناته، تكلفات أمنية لجمعية يتغيب اكثر من نصف اعضائها خوفاً من الوضع الأمني، فماذا توقعوا عندما رشحوا انفسهم للانتخابات ؟ وهل امتنع الشرطي الذي اصبح هدفاً للمفخخات يوماً عن الذهاب الى عمله، او امتنع عمال تنظيف الشوارع الذين قتل البعض منهم بالعبوات المزروعة على الارصفة ؟ او غاب التلامذه عن مدارسهم. " (الشرق الأوسط، 19 يونيو 2005).
كذلك نقرأ في الأنباء عن نية الوزارة الفلانية ببناء كذا مشروع بمبلغ كذا مليار دولار..الخ. فهل حقاً تكلف هذه المشاريع كل هذه المبالغ الخيالية أم هي واسطة للنهب؟
يبدو أن السادة، سواءً كانوا أعضاء في الحكومة أو نواباً في الجمعية الوطنية، يتصرفون هكذا لعلمهم اليقين أن الشعب سوف لن ينتخبهم ثانية، وهذه هي فرصتهم الوحيدة للثراء السريع، لذلك شعارهم (اغتنموا الفرص فإنها تمر عليكم مر السحاب). وهذا السلوك لا يؤدي إلى خيبة أمل الشعب بنوابهم فحسب، بل يلقي ضرراً بالغاً على الديمقراطية ذاتها وسيوجد المبررات لسلوك عصابات صدام حسين والتحسر على عهده المشؤوم.
نعم، نحن نقدر دور المسؤولين العراقيين والمخاطر المحيقة بهم، وأنهم وضعوا أنفسهم وعائلاتهم وحتى أقربائهم أمام خطر الإرهاب. ولا نطالبهم أن يقلدوا الإمام علي في زهده وعدالته ولا عبد الكريم قاسم في زهده وبساطته، ولا نريدهم رهابنة ونساكاً، فهذا مستحيل، فمن حقهم أن يتمتعوا بضمان سلامتهم وبمعيشة مريحة، ولكن في نفس الوقت يتوقع الناس منهم أن يجعلوا من أنفسهم مثالاً في الإخلاص وقدوة في التضحية وأن الدافع الوحيد الذي جعلهم يقدمون على هذه المناصب هو حبهم لخدمة الشعب وليس سعياً وراء الوجاهة والثراء السريع وتحقيق المكاسب الشخصية. فهم يمرون الآن في مرحلة امتحان وتحت مراقبة شعبية وعالمية شديدة، وهناك أعداء الديمقراطية يتربصون بهم وبالعراق يبحثون عن كل زلة لتضخيمها واتخاذها ذريعة للطعن بالعراق الجديد والإدعاء بأن الشعب العراقي مازال غير مستعد للحكم الديمقراطي وبذلك يجب عدم إعادة تجربة الديمقراطية في بلدان المنطقة.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن في خدمة الشعوب الفقيرة
- الإرهاب السني والإرهاب الشيعي
- البعث السوري على خطى توأمه العراقي
- هل للعقل دور في اختيار الحلول الصائبة؟
- قراءة في بيان، ليبراليون عرب: صرخة ضد التبسيط
- لا يمكن-تطهير- كتب التراث..... تعقيباً على الأستاذ أشرف عبدا ...
- ملاحظات حول الدستور الدائم
- الماركسية وأفق البديل الاشتراكي
- الدكتاتور عارياً!!
- انتصار المرأة الكويتية ترسيخ للديمقراطية
- أزمة قوى التيار الديمقراطي في العراق
- مخاطر الحرية المنفلتة
- شاكر الدجيلي ضحية القرصنة السورية
- الفتنة أشد من القتل... تضامناً مع العفيف الأخضر
- تحليل نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة
- حكومة الوحدة الوطنية وإشكالية المحاصصة
- فوز بلير التاريخي انتصار للديمقراطية
- المحاصصة شر لا بد منه!!
- حملة الانتخابات البريطانية والقضية العراقية
- محنة العراق وبن سبأ الإيراني


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الديمقراطية والفساد