أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - الحركات الإسلامية والدولة الديمقراطية















المزيد.....



الحركات الإسلامية والدولة الديمقراطية


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 1250 - 2005 / 7 / 6 - 12:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لبيان موقف الحركات الإسلامية من الدولة الديمقراطية التي تناضل من أجلها القوى الديمقراطية ، ومدى استعداد هذه الحركات لقبول الانخراط الإيجابي والمساهمة الفعالة في بناء صرح هذه الدولة الديمقراطية، فإن الأمر يقتضي التمييز بين الجماعات الإسلامية ، ومن ثم رصد موقف كل واحدة منها . وستركز هذه المساهمة المتواضعة على ثلاث جماعات هي : جماعة العدل والإحسان ، حزب العدالة والتنمية وجمعية البديل الحضاري.
مفهوم الدولة لدى الجماعات الإسلامية في المغرب :
1/ جماعة العدل والإحسان : يميز مرشد الجماعة الشيخ عبد السلام ياسين بين نوعين من الدولة: دولة السلطان ودولة القرآن .وحدد خصائص كل واحدة منها كالتالي :
دولة السلطان : وهي دولة الحكم " العاض" و " الجبري" . ويدمج ضمن دولة السلطان كل أشكال الدولة بما فيها الدولة الديمقراطية على النمط الغربي . وإن كان الشيخ يرى أن تطبيق الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية أمرا مستحيلا . فكل تلك الدول تندرج ضمن ما اصطلح عليه بدولة السلطان لكون إطارها يشمله الوصف الوارد في الحديث النبوي الذي اعتمده الشيخ ووسع مدلوله بما يتناسب مع مقاصده السياسية والإيديولوجية . والحديث المعتمد هو : روى الإمام أحمد عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكا عاضا ، فيكون ما شاء الله أن يكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون ملكا جبريا ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون الخلافة على منهاج النبوة . ثم سكت ) . وبحكم غايات الشيخ السياسية ، وتبعه بعقيدة العرفان ـ التصوف والتشيع ـ فإن كل إطار للدولة لا يشمله المفهوم الخاص ل " الخلافة على منهاج النبوة" كما يحدده الشيخ ، فهو إطار مرفوض بما فيه إطار الدولة الديمقراطية . ويرجع الشيخ أسباب رفضه إلى كون الإطار الديمقراطي :
1 / يقوم على العقلانية . والعقلانية بالنسبة للشيخ هي كفر بواح يجب رفضها ومحاربتها أنى وجدت ، وعلى أي هيئة وجدت : فلسفة ، علوم المنطق ، العلوم الإنسانية الخ . فالعقلانية بالنسبة للشيخ تقول بسيادة العقل لا الوحي ( مفهم العقلانية الذي يتقدم به المثقف المغرَّب يعني أول ما يعني تأليه العقل وسيادته ، أي تأليه الإنسان وطغيانه وسيطرته على الطبيعة ) . ومن ثم يجزم الشيخ أن ( كلمة " عقلانية " في خطاب المثقف الحداثي تعني مثل كل كلمات قاموسه المفضلة : لاييكية ، لا دينية )(ص 42 حوار مع الفضلاء.) . وهكذا تصير العقلانية عند الشيخ ( أغبى ما خلق الله ) لأنها تقوم على الصرامة المنطقية لا على صوت الفطرة ، وأن العقلانيين ( صم بكم عمي فهم لا يرجعون ) .
2 / يقوم على الديمقراطية : ومعلوم أن الديمقراطية يرفضها الشيخ لاعتبارات عديدة أهمها :
أ ـ أن عللها فاشية ، ولها أمراض شيخوخة وتتعايش مع الرشوة والكذب وإعلان الشيء ونقيضه.
ب ـ أن الديمقراطية فقدت مصداقيتها . يقول الشيخ ( فالديمقراطية الشيخة العليلة في بلادها ( يقصد الغرب) فقدت مصداقيتها ، فالناس عامة نفضوا أيديهم من الطبقة السياسية لا يثقون بها )(ص 60 حوار مع الفضلاء.) .
ج ـ أن الديمقراطية الحديثة ( زحمة إعلامية عمادها الصورة والقدرة على مخاطبة الناخبين بما يهواه الناخبون ) ، وبالتالي فهي لا تعدو أن تكون مجرد ( مسرح وتمثيل وبهرجة ، ومن وراء المسرح مصالح ورأسمال ومساومات وبيع وشراء )(ص 60 حوار مع الفضلاء.) .
د ـ أن الديمقراطية تقوم على القانون الذي يساوي بين الحاكم والمحكوم . وكل قانون لا يميز بين الحاكم والمحكوم في الطبيعة والمنزلة يعتبره الشيخ قانونا لاييكيا وكافرا . يقول الشيخ ( والقانون المسوي تسوية ديمقراطية في الحقوق والواجبات لا يمكن أن يكون إلا لاييكيا بمعنى لادينيا )(ص 113 الشورى والديمقراطية ). وعلة ذلك أن الشيخ لا يريد أن يكون مجرد مواطن له حقوق وعليه واجبات ، وإنما ينطلق من تنصيب نفسه " ولي الأمر الشرعي " الذي تكون طاعته واجبة على أفراد الأمة ولا يُسأل عما يفعل . ويستند الشيخ في ذلك على تأويله للآية القرآنية الكريمة ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) .
هـ ـ أن الديمقراطية ( نفعية محضة ، أرضية محضة ، لاييكية اختيارا واضطرارا )(ص60 الشورى.) .فهو يصر على موقفه التكفيري للديمقراطية في قوله ( فمهما كان الشكل الديمقراطي ذكيا فالمضمون الكفري اللاييكي هو عين الغباء )( ص60 الشورى . ). ويقول أيضا ( لا ديمقراطية إلا لاييكية بمعنى من المعاني اللاييكية . أصفاها جوهرا لاييكية لادينية مناضلة مقاتلة للدين )(ص 296 الشورى) . وبسبب هذا الموقف المعادي للديمقراطية اجتهد الشيخ في فتواه بأن جعل للشورى " سياقا" وللديمقراطية " مساقا" كما في قوله ( استعملنا في الفصل الأول من هذا الكتاب (= الشورى والديمقراطية) كلمة " سياق" لدى حديثنا عن الشورى وسياقها . ذلك لنوازن بين سياق ومساق ، ولنحمل المفهومين ما تحملهما اللغة وما يحملهما الكلم الحق : القرآن الكريم )(ص 277 الشورى .) . وبسبب هذا التعسف المغرض سيصير للديمقراطية " مساق" وللشورى " سياق" ، ومن ثم يجزم الشيخ ( ما سواء مساق الديمقراطية وسياق الشورى ) . وآية هذا التمييز ، حسب الشيخ ، أن ( السياق الذي يندرج فيه حكم الشورى ، كما بسطه الله عز وجل لنا في سورة الشورى ، يسير على منهاجه مومنون ومومنات )(ص 14 الشورى.).أما " مساق" الديمقراطية فأسقط عليه الشيخ المدلول القرآني الذي يحيل في سورة القيامة على ( نسق متكامل من صفات الإنسان الغفل عن الإيمان ، الكافر أصلا ، أو المرتد عن دينه ، أو المنافق في الدين ، أو الغاطس في غفلات الكبائر والفواحش )(ص 278 الشورى.) .والشيخ لا يكفيه تعمده الإساءة إلى المناضل الديمقراطية بأن حشره ضمن مساق الكفرة والمرتدين ، بل يصر على الطعن في كرامته وصدق إيمانه بقوله ( ونقول : إن الإنسان الديمقراطي الذي يتبنى نظام الحكم الديمقراطي .. لا ينبغي له أن يشيح بوجهه وأن يعرض عن تأمل صورته في مرآة القرآن . لأن صورته في القرآن ـ سورة القيامة مثلا ـ لا تؤذي تصوره لنفسه . ولا تخدش مرتضاه لنفسه . إن كان مسلما نام في قلبه الإيمان فقد تصدمه الصورة ، وذلك ما نبغي ) فينتظر الشيخ ، في هذه الحالة أن يعدل هذا الذي كان ديمقراطيا عن توجهه الديمقراطي ويرتمي في أحضان الشيخ الذي يهيئ له منزلة ضمن " سياق" الشورى ويجعله يستجيب لنداء فطرته التي ( أيقظتها صحبة مربية)(ص 17 الشورى.) . أم من ( كان الإسلام على لسانه ولباسه واسمه عاريات ومخلفات وموروثات فلا داعي أن يتهمنا بتشويه صورة الإنسان وإلصاق التشويه بنظام بنظام ارتضاه الإنسان )(ص 280 الشورى.). إذن لا خيار أمام الديمقراطي : إما أن يتبرأ من ديمقراطيته ويستسلم لإرادة الإمام الحاكم بأمر الله ويسلس له القياد دون معارضة أو احتجاج ( حتى وإن علم خطأه ) ، فيكون في هذه الحالة ، مسلما ومؤمنا ، لأن الشيخ جعل من شروط الإيمان طاعة ولي الأمر الشرعي الذي عينه الله لهذا المنصب ، ولا دخل للأمة في ذلك . بل الأمة مأمورة بطاعته . أو أن هذا الديمقراطي يمارس حقوقه السياسية والمدنية المتعارف عليها دوليا بما يضمن له المشاركة في بناء دولة الحق والقانون ، دولة المؤسسات وفصل السلط ، دولة تكون فيها السيادة للأمة . وفي هذه الحالة يرميه الشيخ بالكفر والردة كما في قوله ( وما فصلنا روافد ذهنية المناضل ومصادرها ومواردها إلا لنؤكد على الخلاف الجوهري بين الفاعل والفاعل ، بين الديمقراطي اللاييكي لزوما ونشأة وعادة ونمط تفكير ، وبين المستجيب لربه الذي لا ينبغي له ولا ينبت في أرضه إلا شورى في سياقها ، وبشروطها وبنودها وخصال فاعلها )(ص19 الشورى.) . وبذلك يجعل الشيخ الديمقراطية نقيض الدين والإيمان .
و / إن مفهوم الديمقراطية ومصطلحها غربيان . والشيخ يعتبر أن تبني المصطلحات الغربية هو ( انجراف ، واقتراف ، وانحراف ) (ص97 الشورى.). بل إن الشيخ لا يتورع عن التوظيف الإيديولوجي للدين في رفضه للديمقراطية ، إذ سارع إلى الإفتاء كالتالي ( وابتغاء كلمة أخرى غير كلمة الله التي أوصى بها إلى رسوله زيغ عن الدين وفسق عن الدين وظلم في الدين ، وكفر بالدين )(ص 190 الشورى.) . فصار الدين ، من حيث لا يدري المسلمون ، مجرد كلمة من بدلها فكأنما بدل دينه . وهذا بهتان ما بعده بهتان .
ز / إن الديمقراطية تقر بالمجتمع المدني . وما دام الشيخ يصر على أن المجتمع المدني هو الانفصال عن الإسلام ، فإن الديمقراطية تحتم الكفر والانفصال عن الدين . يقول الشيخ ( معنى المجتمع المدني ، كمعاني كل الألفاظ المستهلكة في خطاب الديمقراطية ، أن ننفصل عن الإسلام ونصل علاقتنا ونقنن قوانيننا ونعالج شؤوننا على اعتبار المواطنة في المدينة والتعايش لا غير , لاييكية أينما توجهت . لادينية )(ص71 حوار مع الفضلاء .) وبات ، وفق هذا المنظور الياسيني، أن الإختيار الديمقراطي يقود إلى الكفر .
ح / إن الدولة الديمقراطية تقر بالتعاقد المدني الذي يحدد واجبات كل من الحاكم والمواطن وحدود مسؤوليتهما ، ويحمي حقوق كل منهما . أي أن الرابطة فيه رابطة قانونية . والشيخ ، باعتباره ينصب نفسه ولي أمر الأمة الشرعي ، يرفض قطعا أن تكون علاقته بالأمة قائمة على أساس التعاقد المدني الذي يجعل المواطنين أطرافا لها نفس الحقوق سواء في تحديد القضايا المتعاقد عليها ، أو إعادة النظر في أسس ومقتضيات هذا التعاقد . وهذه الميزات التي يضمنها التعاقد المدني للمواطنين لا تخدم مقام " الإمامة" و " الولاية" التي يدعيها الشيخ لنفسه منذ أعلن أنه ( المبلغ عن رب العالمين ) ، وأنه " المبعوث" الذي بعثه الله تعالى( وأمره بإعداد القوة ووعده بالنصر ) .
ط / إن الديمقراطية تقر بسيادة الأمة وخضوع الحاكم لإرادة هذه الأمة . في حين أن الشيخ هو من له السيادة على الأمة . فهو يمثل إرادة الله ويبلغ شريعته إلى خلقه . لهذا أمرت الأمة أن تطيعه لأنه هو ولي أمرها الشرعي . ولتكريس ولايته تلك لجأ إلى النص القرآني ليستخرج منه ما يجعل طاعته من طاعة الله ورسوله كما في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ، بحيث تصير الأمة ملزمة شرعا ودينا بطاعة ولي الأمر . الشيء الذي يجردها تلقائيا ومباشرة من كل سيادة وسلطة في اختيار الإمام ، على اعتبار أن ( الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما باختيارهم ) .
ك / إن الديمقراطية تقر بالتعددية الحزبية والنقابية والفكرية والعقدية ، بينما الشيخ يرفض كل تعددية ليس فقط داخل الأحزاب ، بل أيضا داخل الحركة الإسلامية . ففيما يتعلق برفضه التعددية الحزبية فالأمر مرده إلى كون الشيخ لا يؤمن إلا بوجود حزبين اثنين هما : حزب الله وحزب الشيطان . ومادام الشيخ " مبعوثا" إلى الأمة فهو يمثل " حزب الله" . أما من يعرض الشيخ في أفكاره ومشروعه السياسي ، فهو بالضرورة من " حزب الشيطان" كما في قوله ( إننا لا بد أن يعارضنا المعارضون من " حزب الشيطان" )(ص 135 العدل) . وكل من والى غير حزب الشيخ فهو من حزب الشيطان . تلك هي القاعدة العامة التي على أساسها تم التصنيف بين الحزبين ( فيكون الولاء للكافرين والتحيز إليهم الصفة الواحدة الكافية لتعريف حزب الشيطان . والولاء للمؤمنين والتحيز إليهم صفة حزب الله )(ص 133 العدل ) . أما ما يتعلق بالاختلاف الفكري والعقدي ، فأمر مرفوض كلية من قبل الشيخ الذي لا يؤمن إلا بالطوفان والمقاتلة والوعيد بتقطيع أيدي مخالفيه وأرجلهم . وموقف الشيخ من التعددية الحزبية ليس وليد اليوم ، بل سبق واشترط على الملك الراحل الحسن الثاني في رسالة " الإسلام أو الطوفان" أن يمنع كل الأحزاب السياسية . فضلا عن ذلك فالشيخ يرفض حتى التأدب في اللغة التي يخاطب بها مخالفيه وخصومه السياسيين . فهو يفصح عن هذا الرفض بقوله ( ولا نلعب بالكلمات لنلقي جسرا وهميا نعبر عليه ويعبرون لنلتقي على أرضية " عقلانية" مشتركة ، ولا نطرح بمقتضى آداب العقلانية لغة السجال لنلاطف حتى نستلطف )(ص 45 الشورى .).
ل / إن الديمقراطية تقر بالتداول على السلطة . في حين أن الشيخ يؤمن جازما أنه موعود بإقامة الخلافة على منهاج النبوة ، وأنه مأمور بإعداد القوة لانتزاع السلطة من حكام العض والجبر . وقبول التداول على السلطة معناه قبول عودة الحكم الجبري . أي الإقرار بحق الأحزاب على اختلاف مشاربها في إدارة دفة الحكم متى حظيت بثقة الشعب . وهذا في حكم الشيخ " فسوق" و " انجراف" ، لأنه إقرار بشرعية " حزب الشيطان" وقبول بموالاة " الكافرين" . بينما الشيخ " مبعوث" من أجل اجتثاث كل أشكال الحكم وإقامة الحكم " الشوري" الذي لا مكان فيه " لأحزاب الشيطان" ، ولا تسامح معهم . فهم يمثلون " عقبة" في وجه تحقيق المشروع الياسيني على حد تعبيره ( في طريق الحركة الإسلامية الصاعدة ، الغادية الرائحة من نصر إلى نصر بإذن الله ، تتمثل هذه الذهنية المغربة العلمانية عقبة في سبيل بناء النموذج الإسلامي في الحكم .. تتوسط هذه "الفلسفة الأنوارية" أم الإلحاد وأم الليبرالية وجدة الماركسية وسائر الفلسفات المادية ، بين الدعوة الإسلامية وبين الفطرة المقبورة في كيان من نود أن نبلغهم عن الدين ، وعن الله عز وجل ، وعن الآخرة )(ص 16 العدل) . فضلا عن ذلك فالشيخ لا يعترف للأمة بصلاحها ورشدها حتى تختار من يحكمها . فالأمة في قراره ( ماتت موت الخنوع ، وفسد نظامها ، وسقطت من مقام " خير أمة أخرج للناس )(ص 146 العدل) . لهذا فالشيخ يقدم نفسه أنه " هادي" هذه الأمة ومنقذها كما في قوله ( قبل أن أنادي العالم إلى مأدبة الخير ، قبل أن أصرخ بالإنسان حريصا عليه رحيما به ، يجب أن أوقظ قومي من سبات ، وأجمعهم من شتات ، وأحييهم من رفات )(ص 235 في الاقتصاد) . أما أتباعه فهم " جند الله " الذين لا ترفعهم الأمة إلى الحكم ، بل الله سيرفعهم ، كما في قول الشيخ ( في يوم من أيام الله يرتفع الإسلاميون مع رياح التاريخ إلى سدة الحكم . أستغفر الله العظيم من لوثة الخطاب المادي الفج الكافر ، بل يرفعه الله ، ويحبوهم الله . ويورثهم الله ، ويستخلفهم الله . ما من رافعة خافضة إلا بإذنه )(ص 219 في الاقتصاد) . فمن كان هذا شأنهم ومقدارهم كيف يقبلون يوما أن ينزلوا عن كرسي الحكم اللهُ هو من رفعهم إليه لا غيره ليتداول على اعتلائه من وصفهم " بالمغربين العلمانيين" " أولياء الشيطان" ؟ !
م / إن الديمقراطي تساوي بين المسلمين وغيرهم من البشر ( بالديمقراطية الحرة النزيهة اللاييكية المبنية على " مجتمع مدني " تعددي نصطف في أحسن الأحوال مع عامة البشر ، في ذيل قافلة البشر )(ص 70 حوار مع الفضلاء.) .ولا لا يليق بالشيخ ولا بأتباعه . فهو أسمى من البشر مادام الله اصطفاه " وليا" وبعثه للعالمين هاديا ومبلغا ، وكلفه بمهمة إقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة . أما أعضاء جماعته فهم جنود الله وأحباؤه ، ولا يجوز أن يصطفوا مع البشر . وقبول الديمقراطية معناه قبول التخلي عن مقام أنزله الله فيه .
ن / إن الديمقراطية أداة فقط وليس عبادة . فهي تهتم بالجانب الدنيوي وتهمل الجانب الأخروي . كما أنها تعتبر الدين مسألة شخصية . وهذا أمر لا يستجيب للمشروع الياسيني ولا ينسجم مع طروحاته . ذلك أن مشيخة الشيخ وإمامته وولايته لا تتأسس إلا على أرضية فكرية ومذهبية يكون الدين محورها . فيكون الدين والوطن لله . ومن يجعل الدين لله والوطن للجميع يخسف بالشيخ قاعدة مشروعه ويحرر المواطنين من سلطانه المذهبي والعقدي . فكيف إذن يقبل الشيخ بالديمقراطية ، وهي الأداة التي تقر له بسلطته الدينية على الأمة ؟لذا يبقى المدخل الوحيد أمام الشيخ لبسط " إمامته" هو الارتكاز على الديني عقيدة وممارسة .
ص / إن الديمقراطية تقر بثنائية : حكومة ومعارضة ، وتسمح للمعارضة ( بمناقشة قرار الأغلبية بعد انتهاء دور المناقشة ، ويشكك الحزب المعارض في صواب رأي الأغلبية ، ويسخر ويحط من قيمة الحكومة . بينما الشيخ يقضي أنه ( متى تم التصويت على قرار فقد انتهى حق الاعتراض ، وقبح التشكيك والتعقيب )(ص 556 العدل) .
ع / إن الديمقراطية تضمن حرية التعبير مما يتنافى مع المشروع السياسي للشيخ الذي يقوم على إلغاء التعددية الحزبية والمذهبية . فالشيخ يميز بين نوعين من حرية التعبير :
• / حرية تعبير ديمقراطية : وهذه لا يمارسها ، في نظر الشيخ ، إلا من ( اقتنع أنه سليل قرود داروينية تطورية ) . ويقصد بذلك كل الذين لهم ثقافة عصرية تنهل من الثقافة الغربية التي ينتمي إليها داروين صاحب نظرية التطور التي تعتبر أن أصل الإنسان قرد . وقد جهل الشيخ أن من العلماء والفقهاء المسلمين من أصَّل لهذه النظرية للتوفيق بينها وبين الحقيقة الدينية الواردة في القرآن الكريم ، ومن أبرزهم الأستاذ عبد الصبور شاهين في كتابه " أبي آدم" . إلا أن سبب الرفض لدى الشيخ يكمن في كون ( حرية التعبير [ الديمقراطية ] لا تعرف حدودا سفلى في سفالة عرض الآراء المريضة ، فعباد الشيطان ينافسون كهنة الكنيسة .. وتنحط حرية التعبير الديمقراطي التعددي في بلاد الحرية الديمقراطية دركا دَركا .. وتحلق حول كرتنا الأرضية في أفلاكها كواكب صناعية تحمل كل الفعالية الإعلامية ممثلة في أخبار اللحظة ، يراها ويسمعها ساكنو العالم ، متمثلة في السفالة والانحطاط والعهر )(ص 84 الشورى.). ومن ثم يحكم الشيخ على هذه الحرية في التعبير بأنها ( عملقة في الشكل والوسائل ، ورداءة دوابية في المضمون ) . فمثل هذه الحرية لا تصلح في الدولة التي يسعى الشيخ لإقامتها ، لأنها ستمكن خصومه من ممارسة النقد والكشف عن أخطاء وعيوب السلطة الحاكمة . وهذا من شأنه أن يجعل الأمة تسحب الثقة من الجهة الحاكمة وتستبدلها بأخرى . والشيخ لا يرضى بذلك ، ولا يسمح به حتى وإن تأكد الأمة أن جماعة الشيخ فشلت في تحقيق وعودها .
• / حرية تعبير شورية : وهذه يمارسها من آمن بالله وأنه سليل خليفة الله آدم . ويضع لها الشيخ ضوابط كالتالي ( إن حرية التعبير الشورية ، إن كان الأمر رأيا واختلافا ووجهة نظر ، هي مجال اختيار ووسيلة إظهار . فإن كان الأمر إسفافا وانحطاطا ورذالة فلا مجال ولا مقال )(ص 86 الشورى.). وطبعا الإسفاف والانحطاط والرذالة ليس تلك الأمور التي تعتبرها الأمة كذلك ، بل الشيخ هو مصدر التحديد . فتكون الأمة محكومة بقانون أشد وطئا من ظهير " كل ما من شأنه" ، يجعل كل مزعج للشيخ وكل منتقد انحطاطا ورذالة يخرج ممارسه من الإيمان بالله ، وأنه سليل خليفة الله آدم ، ويحشره طوعا أو كرها ضمن من اقتنع أنه سليل قرود . أي أن الشيخ يُملِّك نفسه سلطة " القائم" بأمر الله ، المتعالي عن كل نقد أو اعتراض . ومن ثم فالسمع والطاعة من أوجب الواجبات على كل أفراد الأمة .
إذن فالشيخ ياسين يرفض مطلقا الديمقراطية ، ويجزم باستحالة استنباتها في بلاد العرب والمسلمين لأنها ( نبتة غريبة أنى لها أن تستنبت في أرض غير أرضها )(ص23 الشورى.) . كما يجزم باستحالة تخليق الديمقراطية ( تنادي الديمقراطيين إلى تخليق الديمقراطية طلب لمستحيل في بلاد المسلمين )(ص93 الشورى.) . ويعلل الشيخ هذه الاستحالة بقوله ( وما زالت الديمقراطية تناغي حلما مستحيلا إذ تنادي " بتخليق" الديمقراطية . من يخلق الناس الفاعلين للديمقراطية حتى تتخلق الديمقراطية ، والسيل الجارف من الرذائل الإباحية يميل إلى الخروج من مسرح الشاشة إلى مسرح الحياة ، وشوارع المدن الكبرى ، وأكواخ مدن القصدير ، بسرعة اليوم بعد اليوم ، وبوتيرة نبض قلب حي بحياة شيطانية مريدة ؟)(ص 91،92 الشورى.) . وقد تجاهل الشيخ أن مصدر الفساد السياسي والاقتصادي في المجتمعات الإسلامية ليس هو الديمقراطية ، بل انعدامها . أي الاستبداد وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات .
دولة القرآن : وهي الدولة البديلة عن دولة السلطان . ويزعم الشيخ أنه الموعود بإقامة دعائمها على أنقاض دولة السلطان . وحسب الحديث النبوي الشريف الذي اعتمده الشيخ لإضفاء الشرعية والمشروعية على حركته ، فإن دولة القرآن هي آخر شكل من أشكال الدولة ، وقيامها أمر محتوم يأتي بعد عصور العض والجبر . أما وقت قيامها فقد بشر الشيخ بحلوله في زماننا هذا ، كما بشر أصحابه بأنهم صاروا قاب قوسين أو أدنى من سدة الحكم . وبتعبيره ( هم على عتبة المسؤولية عن الحكم ) . ويجزم الشيخ أن دولة القرآن ( لن تكون كذلك إلا إن قادها الربانيون أولياء الله )(ص251 الإحسان1) . وليس بمقدور كل جماعة إسلامية أن تقيم دولة القرآن ، حسب الشيخ ، إذ ( ينبغي أن تكون نقطة الانطلاق ، أولى الأولويات ، من وجود قائم ، قائم مؤمن بالله وباليوم الآخر ، عالم بما فرض الله عليه .. منبعث للتنفيذ مخلص صادق ، منتظم في جماعة المؤمنين )(ص 346 العدل) . ومن ثوابت دولة القرآن :
أ ـ الحاكم : الذي هو ولي الله وحجته على خلقه . يبلغ عن الله ويطبق شريعته . فهو ولي الأمر الشرعي الذي أمرت الأمة أن تطيعه وتسلس القياد له . وكل دولة لا يقودها الحاكم الرباني تنتفي عنها صفة " دولة القرآن" . ومن المهام التي يتولاها الحاكم :
• ـ السلطة الدينية : بحيث يكون هذا الحاكم هو مصدر التشريع إلى جانب القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، إذ لا قياس ولا إجماع . يقول الشيخ على لسان الطوسي ( وجملة علوم الدين لا تخرج عن ثلاث : آيات من كتاب الله عز وجل ، أو خبر عن رسول الله (ص) أو حكمة مستنبطة خطرت على قلب ولي من أولياء الله تعالى )(ص33 الإحسان1) . وما يعطي هذا الحاكم الرباني تلك السلطة الدينية هو كونه "وارث" السر الإلهي ، يتلقاه إما وحيا عن طريق ملاك أو إلهاما وكشفا . مما يعني أن النبوة ، بما هي كلام الله لا زالت مستمرة من خلال الأولياء/ الأئمة ولم تختم بعد .ومن ثم تكون طاعته واجبة لأنها من طاعة الله ورسوله . فهي دين من الدين . إذن مسؤولية الحاكم لا تنتهي عند ما هو دنيوي ، أي أن مهمته ليس فقط إدارة الحكم ، ولكنها أساسا ( الحكم بما أنزل الله ) .
• السلطة الدنيوية : إن الحاكم بما هو ولي الله ومبعوثه والمبلغ عنه ، والمأمور بإقامة دولة الخلافة ، فإنه الوحيد الذي يمثل الإرادة الإلهية في خلقه . فالله تعالى اختاره وليا له بعد أن أحبه ، ومن ثم كشف له عن سره. فصار ، بالتالي يستمد الشرعية السياسية من الله وليس من الأمة . أي أن الله تعالى هو الذي جعله إماما ونائبا عنه . فيكون بذلك الإمام وحده مصدر التشريع ، أما الأمة فمأمورة بالطاعة والخضوع لولي الأمر الشرعي .
ب / جماعة المسلمين : وهي بديل عن المجتمع المدني ، وتمثل في مشروع الشيخ ( قاعدة المجتمع الإسلامي ، ونسيج ثوبه ومناط تجمعه السياسي ، من فارقها مات ميتة جاهلية )(ص 71 حوار مع الفضلاء.). وتقتضي جماعة المسلمين ، كما تصورها الشيخ ، الانسجام العقائدي والفكري . أي يصير أفراد المجتمع كتلة صماء حيثما دار الإمام أكبرت وباركت . وطبيعي أن يرفض الشيخ إقامة مشروعه على قاعدة المجتمع المدني الذي يضمن لكل المواطنين سلطة الضغط على الحاكم . يقول الشيخ ( نقترح نحن على الأمة إعادة لحمة جماعة المسلمين لتكون رباطا عضويا تشد إليه الشورى وتقترحون أنتم تجميع المسلمين في " مجتمع مدني" )(ص 72 حوار مع الفضلاء.) . إن الشيخ يريد رعية طيعة تجله لأنها ترى فيه منقذها من الهلاك والضلال . ولا مكان لمن له دين مغاير أو موقف مخالف لموقف الشيخ .
ج / الشورى : ويجعلها الشيخ بديلا عن الديمقراطية و( قبة البناء في نظام الحكم الإسلامي القرآني ) . وهذه الشورى ، كما فهمها الشيخ وصاغ نظامها ، هي وحدها التي تخدم أهداف الشيخ وتحقق مبتغاه . وذلك كالتالي :
+ / إن الشورى معلمة وليست ملزمة ، أي أن الحاكم يكون هو صاحب القرار النهائي والفاعل الحقيقي ، بينما الأمة تتخلى عن سيادتها وتستقيل أمام الحاكم ( فالشورى مرحلة تهييئية للقرار . ينبغي أن يتفاوض فيه حتى يحصل الإجماع أو شبهه . بعدما يعزم الأمير ، ويأمر ويطاع )(ص 562 العدل) . إذن ما فائدة الشورى مع وجود الطاعة ؟ سؤال أجاب عنه الشيخ وحسمه قسرا بأن جعل ( المسألة في الإسلام محسومة في قوله تعالى ( فإذا عزمت فتوكل ) رد القرار النهائي إلى ولي الأمر .. المسألة محسومة في البيعة والطاعة بمقتضى قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )(ص 562 العدل) . وبهذا التبرير ينتهي الشيخ إلى مصادرة حق الأمة في اتخاذ القرار معتبرا أن الالتزام بنتيجة الشورى يترتب عنه " الشلل التام" . وفي هذا السياق يقول الشيخ منتقدا بعض الإسلاميين ( من الإسلاميين من يتصور أن على الأمير أن يشاور ولا يتعدى المشورة " قيد أنملة" معنى هذا الشلل التام )(ص 563 العدل) . فالشيخ يؤسس للانفراد بالقرار واغتيال الشورى بعدما أطنب في مدحها . لقد اغتالها على صخرة " الطاعة" و" البيعة" . ذلك أن البيعة تقتضي الطاعة ، والطاعة تستوجب التخلي عن الحريات والسيادة التي للأمة . وهذا شرط الشيخ ( يجب أن يطرح في الحكومة الإسلامية مشكل التعارض الحريات وبين فريضة الطاعة بوضوح . ومن الدين والحكمة أن لا يجبر أحد على البيعة . لكل الحق في اختيار موتته ما دام يقرأ في الحديث أن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . لكن إمضاء قرار الحكومة الإسلامية يجب ألا يتلعثم . ومن حق الإسلام علينا أن نستفيد من قوة القيادة لا أن نوهنها )(ص 563 العدل).
+ إن الشورى لم يحدد طريقة ممارستها نص ديني . الأمر الذي يعفي الشيخ من كل التزام بأية قواعد مألوفة . وهذا ما حذا به إلى صياغة الشروط العشرة التي يضمها سياق الشورى ، وهي :
= اليقين التام بوجود حياة أخروية .
= اليقين المبني على الإيمان وليس على الاستدلال بوجود الله .
= اليقين بالفوز بنعيم الجنة .
= الكف عن الآثام والفواحش والتعبئة الخاصة لإقامة حكم شوري .
= امتلاك زمام النفس الغاضبة.
= الاستجابة التلقائية لولي الأمر .
= إقامة الصلاة .
= الالتزام بأداء الواجبات تحت طائلة الرقابة الإلهية والمحاسبة الأخروية .
= الزكاة الإنفاق في سبيل الله .
= مقاومة البغي والظلم .
ويتمحور سياق الشورى هذا حول شرط مركزي هو ( الاستجابة التلقائية لولي الأمر ) . وأكيد أن الشيخ غير معني ، دينيا ودنيويا ، بالشروط المتبقية ، مادامت تخص الفرد في علاقته بربه مصداقا لقوله تعالى ( كل نفس بما كسبت رهينة ) . بل ما يهم الشيخ أساسا ، هو التحكم في رقاب العباد دون أدنى رفض أو مقاومة .
+ / البيعة ويعتبرها الشيخ من خصائص الحكم الإسلامي ( مادام أمر الله عز وجل بالبيعة والطاعة وحيا منزلا ) . وهذا التأويل من شأنه أن يمكن الشيخ / الحاكم من رقاب المواطنين ، خصوصا لما يجدون أنفسهم بين خيارين : إما طاعة الأمير والاستجابة التلقائية له ، أو الموت ميتة جاهلية متى فسخوا البيعة أو رفضوها من أساسها . وطبيعي أن كل مسلم سيرفض الميتة الجاهلية ويقبل الدخول في طاعة " ولي الأمر الشرعي" رغم أنه (= الولي) ليس من اختياره ز فالشيخ يقيم مشروعه المجتمعي على هذه الطاعة التي يريدها أن تكون " طوعية " حتى لا يعقبها أي احتجاج أو انتقاد ، بحيث ينقاد المواطنون لأولي الأمر انقيادا سلسا كما هو بين في قوله ( يسلس لهم (= أولي الأمر) القياد طوعا وطاعة لله ورسوله )(ص 570 العدل). وهذه الوضعية المريحة للحاكم لا توفرها له الديمقراطية . لهذا السبب يرفض الشيخ كل محاولة لدمقرطة الدولة ومؤسساتها .
2/ حزب العدالة والتنمية : لم يقدم هذا الحزب الإسلامي مفهوما واضحا ومحددا للدولة التي يسعى لإقامتها ، كما هو الشأن بالنسبة لجماعة العدل والإحسان ، أو جمعية البديل الحضاري ، ولكنه انبرى منذ تأسيسه على هيئته الحالية بعد التحاق حركة التوحيد والإصلاح، إلى دعم دولة المخزن كما هي قائمة الآن ، والعمل على صيانة هياكلها وبنياتها عبر التصدي لكل محاولات التحديث التي تستهدف الدولة والمجتمع . والحزب لا يخفي دفاعه عن ثوابت الممارسة المخزنية ، سواء على مستوى نظام الحكم أو طبيعة الدولة وذلك من خلال :
أ / تكريس شرعية البيعة التقليدية بما هي علاقة بين الحاكم والمحكومين تقوم على :
+ / تحويل أفراد المجتمع من مواطنين إلى مجرد رعايا ، ليس بالمفهوم الديني الذي يضع شروطا للبيعة والطاعة تصون حقوق الحاكم والمحكوم معا ، بل تجعل مسؤوليات الحاكم أعظم ، ولك بالمفهوم المخزني السياسي الذي يجرد الفرد من كل حقوقه السياسية والمدنية ويحيله إلى مجرد عنصر ضمن قطيع آدمي عديم الفعل ورد الفعل المعبر عن عمق شخصية المواطن وآفاق تطلعاته . بحيث يصير الرعايا منفعلين حتى النخاع بقرارات الحاكم ، ومتجاوبين مع تقلبات مزاجه ، لا يملكون من سلاح غير التضرع إلى الله تعالى ألا يسلط عليهم من لا يخافه ولا يرحمهم . ويعمل الحزب جادا على نفي الطابع المخزني السلطوي عن الدولة ونظام الحكم من خلال تأكيد التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الرابع للحزب على ( الأصالة الإسلامية التي يقوم عليها نظام الحكم في المغرب منذ أزيد من اثني عشر قرنا ، والذي يرتكز على البيعة كعقد يضبط علاقة الحاكم بالمحكومين على أساس الكتاب والسنة ) . إذن ، مبدئيا ، لا يرى الحزب أن نظام الدولة المغربية نظام علماني لاييكي (= غير إسلامي) كما تفعل جماعة العدل والإحسان . لهذا لا يطالب بإقامة الدولة الإسلامية مادام نظام الحكم يقوم على أساس الكتاب والسنة . بحيث لم يتضمن التقرير السياسي للحزب أية إشارة إلى أن نظام الحكم في المغرب هو عاض وجبري ، أو على الأقل وصفه بأنه غير ديمقراطي ، أو يتبع أساليب غير ديمقراطية لا تحترم حقوق الإنسان . كما خلا التقرير ، وخاصة في الجزء المتعلق بالحريات العامة وحقوق الإنسان ، من أي ذكر لخنق الحريات العامة أو التضييق عليها ، أو مآسي تازمامارت وغيرها . لدرجة أن الحزب لم يجرؤ في تقريره هذا على وصف حالة الاستثناء التي عرفها المغرب ابتداء من سنة 1965 وما تلاها ، بأنها فترة استبداد وظلم . بل اكتفى بوصفها بأنها ( عقود من التنازع والإقصاء).
+ / التفويض المطلق للحاكم بالتصرف في مصائر الرعايا باعتباره " ولي أمر" الرعية . وبمقتضى عقد البيعة فإن الرعية ملزمة بطاعة ولي الأمر والخضوع لأوامره . وكل من خرج عن طاعة الحاكم فقد فسخ عقد البيعة التي تطوق عنقه ، ومن ثم عُدَّ مارقا وخارجا على الجماعة يكون " قتله واجبا شرعا " . وهذا ما أفتى به أبرز فقهاء حركة التوحيد والإصلاح/ العدالة والتنمية عبد الباري الزمزمي في حق المهدي بن بركة وكافة المعارضين السياسيين . وحزب العدالة والتنمية ، وإن ادعى أن الزمزمي ليس عضوا به ، إلا أنه لم يتبرأ من فتواه بقدر ما دافع عن أحقية الزمزمي في الترويج لمثل هذه الفتاوى على امتداد المواقع الجامعية حيث استقدم أنصار الحزب فقيههم لتأطير أنشطة في الموضوع .
+ / تقديس الحاكم وتنزيهه عن كل نقد مهما كانت أخطاؤه وسلبياته . وهذا واضح من رفض الحزب مناقشة مضمون الفصل 19 من الدستور .
+ / التصدي لكل الانتقادات التي تتوخى إصلاح نظام الحكم ، إذ كلما وجهت جهة أو حزب انتقاده للممارسة السياسية للدولة إلا وسارع الحزب إلى الرد والدفاع عن سياسة المخزن ولو اقتضى الأمر توجيه الاتهام للأطراف المنتقدة بالتآمر مع أعداء المغرب . ولم يسلم من هذا الاتهام حتى الأمير مولاي هشام الذي خصص له إعلام الحزب أكثر من عدد ومقالة لإدانته بتهمة التآمر. ونقرأ في جريدة العصر عدد 166 بتاريخ 2001 صك الاتهام كالتالي : ( تزامن المواقف التي عبر عنها الأمير مولاي هشام مع الضجة التي يبدو أنها مفتعلة حول قضية المهدي بن بركة مما يدفع إلى الاعتقاد بأن هناك مخططا يستهدف زرع البلبلة وتهديد الشرعية ) واعتمد أصحاب الجريدة في توجيه تهمة المؤامرة للأمير على ما يلي :
• ـ أن الأمير اختار عن قصد ( التحدث الآن فقط وعن طريق التركيز على المنابر الأجنبية ) بتزامن مع طرح قضية بن بركة .
• ( قد يبدو للوهلة الأولى أن تزامن مواقف الأمير مولاي هشام مع ظهور تصريحات أحمد البخاري ليس سوى صدفة ، لكن التمعن أكثر في هذه الأحداث وتسلسلها يدفع إلى اكتشاف ذلك الرابط المقصود ألا وهو استهداف المغرب ).
• ( الاستنتاج بأن الأمير مولاي هشام ربما يهيئ نفسه ليظهر في الصورة في انتظار التحولات التي يمكن أن يعرفها المغرب خصوصا أن الأمير يتدرج في تركيز حضوره السياسي ( .
ج / رفض إدخال تعديلات / إصلاحات جوهرية على الدستور : المؤكد أن الحزب لم يخض معركة سياسية من أجل تعديل الدستور مثيلة لمعركته ضد خطة إدماج المرأة في التنمية ، كما أنه لم يجعل المسألة الدستورية والسياسية من أولوياته . بل اكتفى في بيانه السياسي الصادر عن المؤتمر الرابع بحصر المسألة الدستورية في الجوانب التالية :
= التنصيص في الدستور على صفة إسلامية الدولة .
= التنصيص عل الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الأعلى للتشريع وبطلان جميع التشريعات والقوانين التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية .
د / التصدي الشرس لمحاولات تحديث المجتمع : وفي هذا الإطار تدخل الحرب السياسية والدينية التي خاضها الحزب ضد خطة إدماج المرأة في التنمية بهدف إغلاق أهم منافذ تحديث المجتمع ودمقرطته سعيا من الحزب إلى :
+ الإبقاء على حالة الظلم والاستغلال التي تعاني منها المرأة . وهذا الموقف يضع الحزب في تناقض مع ما سبق وأقر به شهورا قبل حملة مناهضة خطة المرأة . ومما أقر به ( أنها ( = المرأة) قد تعرضت ولا تزال لظلم تاريخي وتهميش اجتماعي وحيف قانوني .. ذلك أن الوضعية المتردية للمرأة إنما كانت بسبب سوء فهم وتنزيل الأحكام الشرعية ، وبسبب الأمية التي تعيشها بوصفها نتائج حتمية لقرون من الركود والانحطاط ).
+ تكريس واقع الأمية والجهل والتهميش وذلك من خلال معارضة كل مطالبة برفع سن الزواج إلى 18 سنة ، وتكريس سلطة الرجل على المرأة ، سواء بحرمانها من الولاية على نفسها في الزواج ، أو رهن خروجها من البيت برغبة الزوج حتى يمكنها مزاولة أنشطتها . إذ لم يتقدم الحزب بمطلب تغيير الفصل 35 من مدونة الأحوال الشخصية ، أو الفصل 123 منها والذي يعطي للزوج حق إجبار الزوجة على معاشرته ، أو الفصول المتعلقة بالطلاق من حيث إيقاعه وما يترتب عنه ، حيث تكون المرأة معرضة للتشريد والظلم . فضلا عن ذلك ، فإن الحزب على لسان الأمين العام ل" منظمة تجديد الوعي النسائي" اعتبر أن اقتراح تعليم الفتاة القروية الذي جاءت به الخطة الوطني لإدماج المرأة في التنمية ( تاكتيك يمكن من محاكاة المجتمع الغربي للتأثير فيه عبر قنوات التواصل المباشر المندمج حيث يؤخذ بعين الاعتبار البيئة والمحيط وهذه مقاربات استعملها المستعمر في قيامه بالعديد من الدراسات والبحوث في مناطق نائية بالمغرب )(ص 25 المرأة والتنمية ) . وهذا تبرير لا يقبل العقل ولا يسند الواقع . لأن التعليم ، هو أولا فريضة دينية ، ثم ثانيا وسيلة رئيسية لتأهيل الإنسان المغربي وإدماجه في كل مشاريع التنمية . دون هذا لن تتحقق التنمية ولو في أبسط مستوياتها .
هـ / الانشغال عن قصد بالقضايا الثانوية : وهذا بين من الجعجعة التي أحدثها الحزب في موضوع الترخيص لكازينو مالاباطا بطنجة لدرجة أن الأمانة العامة للحزب اجتمعت وتدارست الموضوع ، وأصدرت بشأنه بلاغا . وكذلك الأمر فيما يتعلق بموضوع بيع الخمور حيث طرحت بخصوصه عدة أسئلة في البرلمان . كما خصص الحزب حيزا كبيرا في إعلامه لتأليب الرأي العام ضد الحكومة لأغراض عديدة أهمها تأليب الملك ضد مكونها الرئيسي : حزب الاتحاد الاشتراكي . وهذا ما نقرأه في الفقرة التالية المنشورة بجريدة العصر عدد 166 ( والمثير أن الآلة الحزبية والحكومية التي تقود البلاد وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي تتحرك لإلقاء الوزر على النظام الذي تشتغل في ظله لجعله رهين ابتزازها . لقد تأكد اليوم أن الحزب الذي لجأ إليه المرحوم الحسن الثاني لتسيير دفة الحكم وإخراج البلاد من أزمتها على قاب قوسين أو أدنى من إدخال البلاد في متاهة ماض صنع جل فصوله وأحداثه وكان له باع طويل في كل مآسيها الدامية) .
و / السكوت المطبق عن القضايا المصيرية : ويأتي في مقدمتها مشاريع القوانين التي ستحكم مصير لشعب على مدى عقود قادمة ، مثل مشروع مدونة الانتخابات ، مشروع قانون الحريات العامة ، مشروع قانون الصحافة ، مشروع مدونة الشغل الخ . والحزب ، ليس فقط لم يتخذ مبادرات بهذا الشأن ، ولكنه سكت كلية عن الاختلاسات المهولة التي طاولت أموال الشعب ولم يتطرق لفداحتها في التقرير السياسي المذكور . وهذا السكوت لا يمكن تفسيره إلا ضمن مواقف سياسية مساندة للمخزن ورموزه . . وإلا ما المقصود من تجند الحزب واستنفار طاقاته ضد تعديل مدونة الأحوال الشخصية ، وضد خطة إدماج المرأة في التنمية ، وأموال الشعب ينهبها الفاسدون كما دلت على ذلك ملفات الاختلاس في عدد من القطاعات الإنتاجية والمالية الهامة . ألم يكن حريا بالحزب ألا يشغل المواطنين بكازينو طنجة ، والخمارات ، فتلك قضايا يمكن تأجيلها لأنها ليست نفس درجة الأهمية والخطورة للمشاكل الحقيقية التي يعانيها الشعب المغربي مثل النزيف المالي والفساد الإداري والتشريع القانوني . فهذه أمور لا تقبل التأجيل . فمشاكل الشعب المغربي هي مع القهر وليست مع الخمر .
ز / التنسيق مع الأحزاب الإدارية صنيعة المخزن : وتجسد هذا التنسيق في محطات كثيرة : مسيرة الدار البيضاء ضد خطة إدماج المرأة في التنمية ، وعلى الواجهة البرلمانية كان أبرزها الطعن في دستورية القانون المالي لسنة 2002 . ثم الحضور السياسي لرموز الحزب في مؤتمرات تلك الأحزاب الإدارية ( حركة عرشان ، حركة العنصر ..) والمساندة السياسية لرموزها في برامج متلفزة ( برنامج " في الواجهة" الذي استضاف محند العنصر الذي بثته قناة 2 M مساء يوم 25 /10 /2001 . إذ لم توجد هناك ضرورة سياسية لهذا الحضور وهذه المساندة .
3 / جمعية البديل الحضاري ومفهوم الدولة :
تنطلق جمعية البديل الحضاري الإسلامية من اعتبار الواقع المجتمعي الحالي واقعا متخلفا منسلخا عن هويته وقيمه الحضارية ، واقع انسد أمامه الأفق وثبت فشل خياراته وسياساته المتغربة المنفصلة عن هوية الأمة وحضارتها. لهذا السبب تزعم الجمعية أنها صاحبة مشروع مجتمعي بديل لما هو قائم . ومن ثم فهي تميز بين نوعين من الدولة :
أ / الدولة العلمانية : وهي الدولة التي لا تقيم شرع الله ولا تستمد قوانينها من تشريعاته ، على اعتبار أن الإسلام ( دين يسوس حياة الناس ، ويوجهها على أساس من أحكام الشرع ، بل نجده ينفي صفة الإيمان عن كل من يرفض الاحتكام إلى شرع الله ، أو يجد في نفسه أي حرج عندما يقضي الله ورسوله أمرا ) ( البيان الحضاري ص 27) . وبناء عليه تكون الدولة المغربية دولة علمانية يسوسها نظام غير إسلامي ، هو ( نظام الحكم الجبري العلماني الذي فرق بين السلطان والقرآن ، وساد فيه حكام يرضون لأنفسهم ما لا يرضون لأمتهم ، وحكموا البلاد والعباد بقوة الحديد والنار ، ونصبوا أنفسهم أربابا من دون الله يلغون شريعته ويشرعون للناس مل لم يأذن به الله )(ص 28 البيان الحضاري) . والملاحظ في هذا الجانب أن جمعية البديل الحضاري لا تختلف عن غيرها من الحركات السياسية الإسلامية . فكلها تخلط بين حياة الناس وإطار الدولة . فالقول بأن الدين يسوس حياة الناس قول سليم من حيث أنه نظم عددا من المعاملات كالبيع والشراء والإيجار ، كما أسس لأخلاقيات التعامل بين الناس كتحريمه الغيبة والنميمة والتجسس وإفشاء السر والتنابز بالألقاب ، وكل همز ولمز ، أو حرصه على صيانة أعراض الناس وأماناتهم وودائعهم وكل حقوقهم وغيرها من المعاملات التي هي جزء لا يتجزأ من الدين . وأما القول بأن الدين يسوس الدولة فأمر فيه نظر وجدل . إذ أن الدين الإسلامي لا توجد فيه نظرية واضحة ومتكاملة في موضوع الحكم السياسي وطبيعته وإطار الدولة وهياكلها . ففي مجال العبادات اهتم الإسلام بأدق التفاصيل . بينما في أمور الحكم والدولة جعل مرجع الناس خبرتهم ودرايتهم مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم ( ما كان من أمر دينكم فردوه إلي وما كان من أمر دنياكم فأنتم أدرى به ) . وبسبب هذا الخلط بين الأمرين جاءت مواقف الإسلاميين رافضة لكل أشكال الدولة الحديثة ونظم تسييرها بحيث لا تكون الدولة إسلامية إذا لم يكن على رأس إدارتها فقهاء وأئمة . وهذا حالهم أمام دولة إيران الإسلامية ، ليس لأن قوانينها مستمدة من الشرع الإسلامي ، إذ معظمها من خارجه ، بل لأن على رأسها فقهاء ( مرشد الثورة والملالي ) . بينما دولة السعودية رغم صرامتها في تطبيق الحدود الشرعية فإن نظام حكمها " جبري" لأن على رأسها ملكا وليس فقيها . من هنا كان موقف جمعية البديل الحضاري من الدولة المغربية ، وكان كذلك حكمها في من يسوس الدولة بأنه ( ملأ سياسي متغرب وغريب عن شعبه في ثقافته وخياراته وتوجهاته ) . ومن ثم فجمعية البديل الحضاري ترفض استمرار وجود هذه الدولة العلمانية التي تخالف شرع الله ، ونظام الحكم الجبري العلماني . لهذا فهي تسعى إلى تغييرهما وإقامة دولة بديلة وشرعية ، هي الدولة الإسلامية . وما يميز هذه الجمعية مثلا عن جماعة العدل والإحسان هو اعتمادها النضال السياسي السلمي دون اللجوء إلى العنف . لهذا فهي لا ترفض التعامل مع الدولة ونظام الحكم ، بل تطالب بحقها في التنظيم الحزبي والعمل وفق القواعد التي وضعتها الدولة . وهذا ما نقرأه في البيان الحضاري ( إننا نعتبر أن الحكم الشرعي الذي نريده ونقبل به هو الحكم القائم على الشورى كمضمون والديمقراطية كآلية ووسيلة الحكم القائم على احترام اختيار الأمة . وقصارى ما سنعمل نحن من جهتنا هو إقناع الناس بالحكمة والموعظة الحسنة حتى تكون كلمة الله هي العليا وتصبح السيادة في التشريع ابتداء لله تعالى ، بحيث تنضبط السلطة البشرية لمعيار الحلال والحرام الشرعي ، وتقوم بناء عليه )(ص 31) .
ب / الدولة الإسلامية : وهي الدولة النقيض للدولة العلمانية على مستوى التشريع ومصادره ، وعلى مستوى نظام الحكم الذي هو في الدولة الإسلامية نظام حكم شوري يقوم على ( الشورى والبيعة الجماهيرية البعيدة عن الإكراه والجبر ) . وتقصد الجمعية بالشورى والبيعة الجماهيرية ضمان حق الأمة في اختيار من يسوسها على قاعدة تطبيق أحكام الشريعة . وإذ كانت البديل الحضاري لم تتطرق لتفاصيل الدولة الإسلامية ، إلا أنها أفصحت عن بعض أسسها كالتالي :
+ الإسلام هو مرجعية الدولة القانوني .
+ الشأن السياسي غير قابل للاحتكار .
+ الشورى مبدأ ضابط في صناعة واتخاذ القرار .
+ إدارة شؤون الأمة في السلم والحرب هي مهمة رئاسة الدولة لإدارة الأمة .
+ الأمة صاحبة السلطة الحقيقية تمارس الرقابة على الحكم وذلك عبر ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء في المستوى الفردي أو في مستوى مؤسسات الدولة كالمساجد والصحافة والأحزاب ومجلس الشورى .
+ سلطة التشريع للوحي ، أما الأمة فلا تملك هذه الصلاحية .
+ دولة الإسلام يتمتع فيها العلماء وقادة الرأي العام وزعماء العشائر والطوائف وكل ممثلي الشعب بمكانة عظيمة باعتبارهم أهل الحل والعقد .
+ سلطان الحاكم سلطان تنفيذي محدود جدا لصلح سلطان الشريعة والمجتمع وسائر المؤسسات الممثلة لهما .
وعموما فإن جمعية البديل الحضاري تنفي أن تكون الدولة الإسلامية دولة ثيوقراطية ، وتعتبرها في المقابل دولة مدنية تقبل بالتعددية الفكرية والسياسية ، ولا تنهج أسلوب الإقصاء أو الانتقام في حق أبنائها مهما كانت معتقداتهم ، نقيض الدولة لدى جماعة العدل والإحسان .
البديل الحضاري وموقفه من الديمقراطية :
خلافا لدعوى جماعة العدل والإحسان أن الديمقراطية كفر يستحيل استنباتها في التربة الإسلامية ، فإن جمعية البديل الحضاري أعلنت منذ تأسيسها عن الالتزام بخيار الديمقراطية ( وإن طريقنا الوحيد الذي سنتشبث به لأداء رسالتنا هو اختيار الديمقراطية كآلية تسمح بالاختلاف والتعددية والتداول السلمي للسلطة من خلال الاحتكام لصناديق الاقتراع ، التي وحدها تملك أن تفرز بكل شفافية ووضوح من اختارتهم الأمة لتسيير شؤونها بعيدا عن التزوير والمصادرة والإكراه )( البيان الحضاري ص 29) . وتؤكد البديل الحضاري أن الخيار الديمقراطي هو خيار استراتيجي ( إن تبني الديمقراطية كخيار في أدائنا السياسي يستند إلى قناعة مبدئية استراتيجية )(ص 29) . وترجع البديل الحضاري قناعتها بالممارسة الديمقراطية إلى الاعتبارات التالية :
+ إن الممارسة الديمقراطية تضمن إشراك الأمة في تسيير شؤونها واختيار ممثليها وحكامها ومراقبتهم .
+إنها المدخل لبناء الدولة الديمقراطية التي تحترم حقوق الإنسان واختياراته .
+ إنها أداة للوصول إلى الدولة الإسلامية ، فتكون هي الواجب الذي يتم به تحقيق الواجب الديني الذي هو الدولة الإسلامية حسب القاعدة الشرعية " ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب " . فقيام الدولة الإسلامية ، بالنسبة للبديل الحضاري ، واجب ديني . ولبلوغ ذلك لا بد من فترة انتقالية تكون فيها السيادة للأمة ، وهذا يستوجب بناء الدولة الديمقراطية ( إذا كانت البديل الحضاري تنشد تحقيق دولة الإسلام ، وهذا واجب يدخل ضمن إقامة الدين ، وإذا كانت شروط المجاهدة لتحقيقه راهنا غير قائمة بل معاكسة ، فإن النضال من أجل دولة ديمقراطية حقيقية يحقق الانتقال الديمقراطي ويحقق قضاء حرا للتدافع البرنامجي لكل الفرقاء ، ويعيد الاعتبار لمفهوم تم وأده منذ زمن وهو أن الأمة مصدر السلطة ، يصبح ـ هذا النضال ـ واجبا أيضا )( الجسر عدد 69) .
+ إن الديمقراطية لا تتنافى مع الإسلام .
وتصر جمعية البديل الحضاري على ( حضور المسألة الديمقراطية أثناء الحديث عن الدولة الإسلامية ) لذا فهي تستعمل مفهوم " الدولة الإسلامية الديمقراطية" .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أية مصلحة للأمريكيين في تحالفهم مع الإسلاميين ؟
- فتاوى التكفير أشد خطرا وفتكا بالمجتمع من عبوات التفجير
- الإنسان العربي أبعد ما يكون عن الحوار والتسامح والتحالف
- هل سيتحول المغرب إلى مطرح للنفايات الوهابية ؟
- نادية ياسين لم تفعل غير الجهر بما خطه الوالد المرشد
- المسلمون وإشكاليات الإصلاح ، التجديد ، الحداثة 2
- المسلمون وإشكاليات الإصلاح ، التجديد ، الحداثة 1
- خلفيات إضراب معتقلي السلفية الجهادية عن الطعام
- معتقلو السلفية الجهادية من تكفير منظمات حقوق الإنسان إلى الا ...
- المجتمعات العربية وظاهرة الاغتيال الثقافي
- الأزمة السياسية في إيران تؤكد أن الديمقراطية لا تكون إلا كون ...
- عبد الكبير العلوي المدغري والشرخ الغائر بين الروائي المتحرر ...
- الإرهاب يتقوى وخطره يزداد
- منتدى المستقبل- أو الغريب الذي تحالف ضده أبناء العم
- العنف لدى الجماعات الإسلامية بين الشرعنة والإدانة 2
- العنف لدى الجماعات الإسلامية بين الشرعنة والإدانة -1
- الإرهاب إن لم يكن له وطن فله دين
- هل أدركت السعودية أن وضعية المرأة تحكمها الأعراف والتقاليد و ...
- عمر خالد وخلفيات الانتقال بالمرأة من صانعة الفتنة إلى صانعة ...
- هل السعودية جادة في أن تصير مقبرة للإرهابيين بعد أن كانت حاض ...


المزيد.....




- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - الحركات الإسلامية والدولة الديمقراطية