أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طالب الجليلي - اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991 ..20















المزيد.....

اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991 ..20


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4399 - 2014 / 3 / 20 - 09:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اوراق على رصيف الذاكرة .. انتفاضة آذار ..1991 ..20

لا ادري لماذا اخترت الذهاب بسيارتي في ذلك اليوم .. تعودت ان اذهب الى المستشفى راجلا طيلة الايام الستة التي مضت ..سمعت نداء يأت من السماء !! للمرة الاولى منذ احتلال الكويت  تطل في سماء المدينة طائرة سمتية !! هل استطاع شباب الانتفاضة ان يطيروا؟! لقد احتلوا جناح طيران الفيلق الرابع في اليوم الثاني ولم يتطوع طيار لاستعمال طائرة .. اه لقد فهمت .. انه شوارتسكوف جاء يتجول مزهوا بنصره !! تذكرت .. لقد سمح للمفاوض العراقي المهزوم باستعمال الطائرات ( عديمة الأجنحة) !! قال لهم دونكم الرعاع الحالمين بأخذ كراسيكم ولنا معكم جولة اخرى بعد ان تنضج الكعكة جيدا وتتحمص .. !! عند ذاك سوف نذيقكم الخازوق بحرفية تليق بكم  وبنا في حفلة شواء بعد ان نمارس هوايتنا في صيد الثعالب ...!!
لم افهم ما كان ينطلق من مكبرة الصوت المحمولة في تلك الطائرة ، لكنني وقبيل اقترابي من المستشفى دوى انفجار مرعب ورأيت النار والغبار الابيض ينطلق من برج المستشفى !!  اعقبه منظر السمتية وهي تأخذ دورة  في سمائه وتتجه شمالا ! ركنت سيارتي في مرآب تحت بناية المستشفى واتجهت الى ردهة الطوارئ .. كان المنظر مرعبا ... شغلت كل اسرة الردهة وغطى الجرحى أرضيتها وكانت الفوضى والصراخ والعويل تعم المستشفى .. جرحى وموتى واجساد مقطعة وكانت رائحة الدم المخلوط برائحة الشواء والنفط تملأ فضاء صالة الطوارئ .. لفت نظري شاب في العشرين ممدد على الارض وكان مصابا باطلاقة في صدره ويلفظ انفاسه الاخيرة .. اقترب منه د ابتسام وحاول ان يدخل أنبوبا في صدره لانقاذه انطلق ينبوع الدم من الأنبوب .. شهق الشاب ثم خمد ..!! كانت بجانبه طفلة مبتورة ساقيها وكانت امعائها ملقاة بجانبها ورائحة النفط والطين تفوح من ملابسها!! حملتها الطبيبة المخدرة وانطلقت بها نحو صالة العمليات وهي تصرخ باسم ابنتها التي تركتها عند اهلها في البصرة ...!! كان عدد الجرحى بفوق كثيرا قدرتنا على الاستيعاب .. لقد نفذ الأوكسجين قبل يوم وانقطع الناء كليا عن المستشفى وتوقفت المولدات !! اصبحت صالة العمليات كانها مصلخ للحيوانات !! 
كانت الفوضى تعم أرجاء المستشفى ..في تلك الظهيرة جائني ابو محمد مرعوبا وهو يبحث عني .. فلاح عالجته من إصابة بليغة في ذراعه في القادسية الثانية!! ظل وفيا لي ولم ينقطع عني طيلة السنين السبعة الماضية .. دس في يدي ورقة ألقت أكواما منها طائرة سمتية : قال وهو يرتجف : سوف يقصفون المدينة بالكيمياوي خلال ساعتين ويطلبون من اهل المدينة إخلائها فورا ..!! أردف لقد جئت من البستان إليك لكي ااخذ عائلتك !! هات مفتاح سيارتك !! تردد قليلا ثم قال : تعال معي !! هززت رأسي معتذرا ...ناولته المفتاح وراح يركض .. كانت قائمة انتضار العمليات قد جاوزت الخمسين جريحا ممن كانت جروحهم خطرة جدا كنا قد عملنا جدولا للمناوبة لكن معظم الاطباء كانوا متواجدين ، بل ان بعضهم قد جلبوا عوائلهم واحتموا في الغرف السفلية تحت الارضي تفاديا للقصف !!غادر معظم جرحى الايام السابقة الردهات ولم تبقى سوى الحالات الخطرة ومرضى العناية المركزة .. اما المقاتلون فقد بقي منهم ابناء المدينة وكان السيد مناف قائدهم لا زال موجودا .. اختفى الذين جائوا عبر الحدود !! عمد الموجودون منهم الى التوزع في الردهات العليا من المستشفى والبعض الاخر كمن خلف السياج الخارجي وأخذوا يرمون على القوات التي بدأت تقترب من الجسر اليوغسلافي المجاور للمستشفى وهو الذي يفصل وسط المدينة عن طريق بغداد !! هنا بدأت المعطلة التي سوف تواجهنا !! أخذ الجيش يقصف المستشفى بقذائف الهاون وال أر بي ج !! حاولنا ان نقنع المقاتلين بان يتركوا المستشفى لكنهم أبوا ذلك وتلك نقطة لم تحسب لهم !!
اشطررنا الى نقل كل الجرحى الرافدين في الطوابق العليا الى الطابق الارضي والطابق السفلي .. مر أمامي شاب يحمل قاذفة على كتفه وينطلق راكضا باتجاه سياج المستشفى .. اوقفته وانا أحذره: سوف تقتل .. الساحة مكشوفة والجنود قد وصلوا فوق الجسر .. قال لي : سيدنا هؤلاء البعثيون أمامي وسلاحي بيدي .. أليس هذا يوم الشهادة الذي انتظرته طويلا !!!؟؟ تركتي مشدوها وراح راكضا باتجاه السياج وقبل ان يرمي قذيفته اوقعته صريعا اطلاقة مميتة في رأسه !! حين ازداد قصف المستشفى وبائت محاولاتنا باقناع المقاتلين بالفشل تجمعنا مع المرضى في الطابق السفلي وسط صراخ النساء والأطفال والرعب الذي أخذ يدب فينا مما تحمله الساعات القادمة ... اقتنع المقاتلون بلا جدوى المقاومة .. أصيب بعضهم واستشهد عدد اخر .. بقي عدد منهم لم يستطع مغادرة المستشفى التي أخذ الجنود يقتربون من مداخلها .. صعد شاب مهندس وهو يحمل شرشفا أبيضا وأخذ يلوح به من احد شبابيك الردهات العليا .. جائتنا رشقة بالرصاص من الواجهة الزجاجية للمستشفى فاصابت طاولة الاستعلامات .. اسرعنا نحو الطابق السفلي حيث تجمع الاطباء وعوائلهم والمنتسبين والمرضى وانتظرنا مصيرنا المجهول  ... سمعنا اصوات أحذيتهم الثقيلة وقرقعات معدنية .. اطل علينا جندي طويل القامة ذو وجه قاتم السمرة وعيناه يكاد ان يفجرهم الغضب ويحتضن مدفعا رشاشا أر بي كي ويتدلى على صدره وحول رقبته شريط معبأ بالرصاص .. كان يتبعه عدد من الجنود نظر ما ان توسط الدرج حتى صرخ بنا بصوت أجش وبلهجة بدوية : كول يعيش صدام !!! برز ن بين الجنود ضابط شاب برتبة ملازم اول قصير القامة اسمر الوجه توقف فوق البلاطة قبل الاخيرة .. جال بنظره بيننا من اليمين الى الشمال وبالعكس ..  كنا جميعنا قد ارتدينا صدارينا البيضاء قال بهدوء وسخرية واحتقار: كلكم إيرانيون !! لا بل قوادون !!  وهبتم نسائكم للإيرانيين !! جبناء .. ماشاء الله .. ماجستير ودكتوراه ... كان يجب ان تقاتلونهم بالسرنجات !! لكنكم غير شرفاء!!! سوف اعدمكم جميعا ... صرخ صوت غاضب من خلفه ....لاااا .. ليس لكم حق !! كلهم ابطال وشرفاء .. أنا الرفيق خزعل غليم عضو شعبة وعضو المجلس الوطني .. كلهم ابطال .. كان قد تقدمهم وأخذ يشير لنا ببقية ذراعه المبتورة الملفوفة بالضماد .. كلهم ابطال خذني البى قائدكم ...

يتبع 
 



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991..19
- أحلام
- اوراق على رصيف الذاكرة ..1991..18
- اوراق على رصيف الذاكرة..انتفاضة اذار 1991 ..17
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة اذار 1991..16
- عشك السواجي
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991 ..15
- اوراق على رصيف الذاكرة .انتفاضة آذار 1991 14
- اوراق على رصيف الذاكرة..انتفاضة آذار 1991 ..13
- اوراق على رصيف الذاكرة .. انتفاضة آذار 1991 ..12
- اوراق على رصيف الذاكرة..انتفاضة آذار 1991..11
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991.. 10
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991. ..9
- اوراق على رصيف الذاكرة..1991..8
- اوراق على رصيف الذاكرة..انتفاضة آذار 1991..7
- خاطرة
- اوراق على رصيف الذاكرة .. انتفاضة آذار 1991 ..6
- اوراق على رصيف الذاكرة .. انتفاضة آذار 1991 .. 5
- اوراق على رصيف الذاكرة .. انتفاضة آذار 1991 ...4
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991 ...3


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طالب الجليلي - اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991 ..20