أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - الأغلبية المعذبة ومشروع البديل الوطني في العراق















المزيد.....

الأغلبية المعذبة ومشروع البديل الوطني في العراق


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1250 - 2005 / 7 / 6 - 12:10
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


إن تحتل الأغلبية المعذبة والمغيبة عن السلطة موقعها المناسب لها فهو أمر معقول، وأن يتسم سلوكها بالانتقام والتشفي فهو أمر طبيعي، إلا أن المطلوب هو تجاوز هذا "الطبيعي المعقول". بمعنى الارتقاء إلى مصاف الواقع القادر على تذليل هذين المكونين اللذين كانا وما يزالا نتاجا للإخلال بمبدأ الديمقراطية والحق. إذ تفترض الديمقراطية أن يكون الحق السائد للأغلبية، كما أن حق الأغلبية ينبغي أن يكون الأسلوب الطبيعي لتسيير أمور الدولة والمجتمع.
وشأن كل مفهوم، فان من الضروري النظر إليه بمعايير "المعاصرة" من اجل رؤية إمكانياته الفعلية ونواقصه المحتملة. وهي نواقص مرتبطة أساسا بمستوى تطور الدولة والمجتمع والثقافة بشكل عام والسياسية منها بشكل خاص. وعندما نطبق هذه المعايير على ظروف العراق الحالية، فإنها تشير عموما إلى واقع الخلل العميق، بل الانحطاط شبه الشامل والموروث من حقبة السيادة شبه التامة لتقاليد الراديكالية السياسية، التي جسدت الصدامية نموذجها الأكثر تخريبا. لقد أدى ذلك إلى خراب الدولة والمجتمع والثقافة وانحطاط الوعي السياسي. وهو واقع نعثر عليه في صعود الطائفية السياسية (السنية والشيعية) والقومية العرقية (الكردية). وهما التياران الأكثر فاعلية في استمرار التخريب البنيوي للدولة والمجتمع والثقافة. وذلك لانحصار همومهم الباطنية والفعلية بقضاياهم الخاصة، أي الجزئية. بمعنى غياب الرؤية الوطنية الفعلية.
فالهمّ الشاغل للتيارات الطائفية يقوم في محاولة الاستحواذ على الطائفة من اجل إعادة إنتاج التأثير التقليدي، ومن خلاله سرقة "الأغلبية المعذبة"، بينما لا همّ يشغل الحركة القومية الكردية غير "كركوك"، كما لو أنها سلعة ينبغي المتاجرة بها أو سرقتها على حين غفلة. والقضية هنا ليست فقط في انه لا علاقة للحركة القومية الكردية والأكراد عموما بكركوك وغيرها من مناطق العراق الأصلية (باستثناء السليمانية) من الناحية التاريخية والثقافية والجغرافية والقومية والسياسية، بل ولتحويلها إلى عصب الرؤية الذاتية لكل ما يجري في العراق. وهو واقع يشير إلى مستوى الاغتراب شبه الشامل عن فكرة الوطنية العراقية وفكرة الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي السياسي والمجتمع المدني الحديث. مما يعني العمل على إعادة إنتاج الاغتراب الفعلي عن "الأغلبية المعذبة" في العراق بما في ذلك الأكراد أنفسهم من خلال زجهم في معركة وهمية ومخربة للعقل والضمير السياسي والتاريخي والقومي.
إن ترابط الذهنية الطائفية والعرقية في نسيج الحركة السياسية الحالية في العراق سوف يؤدي بالضرورة إلى اندثارهما سواء نجح العراق في الخروج من أزمته العنيفة الحالية أو فشل. ففي حال نجاحه سوف يؤدي بالضرورة إلى اندثار القوى التقليدية للطائفية والقومية العرقية، وان فشل سوف يؤدي إلى سحقهما بالحديد والنار. وهي مخاطر لم يتوصل هذين التيارين بعد إلى إدراكهما كما ينبغي. وسبب ذلك يقوم أساسا في بقائهما خارج حدود المعاناة الفعلية للأغلبية المعذبة في تاريخ العراق المعاصر. وفي اعتقادي انهما سوف لن يتوصلا إلى هذا الإدراك وذلك بسبب البنية الاجتماعية والفكرية المميزة للتيارين. وسوف تكشف الفترة القريبة القادمة عن فشلهما الذريع في مواجهة الإشكاليات الجوهرية الكبرى التي يعاني العراق منها. ومن ثم سقوطهما الحتمي. وهي عملية طبيعية وضرورية بوصفها جزء من تراكم الوعي الاجتماعي والسياسي الذي خربته تقاليد الاستبداد والتوتاليتارية.
فالسياسة المتبعة في "إعادة بناء الدولة" لا تفعل في الواقع إلا على إعادة إنتاج صدامية جديدة هي عين المسار الخرب في تجزئة العراق. وهي ممارسة تعكس أولا وقبل كل شئ الاغتراب الفعلي عن مصالح العراق الجوهرية وحقيقة الانتماء إليه. إذ عوضا عن أن يجري تذليل الطائفية السياسة التي اتبعتها السلطة الصدامية يجري إعادة ترميمها من خلال طائفية سياسية سائدة (شيعية) وأخرى "معارضة" (سنية). بينما تصب الحركة القومية الكردية الزيت في نار الالتهاب من خلال افتعال قضايا "الأرض" وتغذيتها بنفسية العرقية الضيقة. والنتيجة اغتراب فعلي عن العراق والوطنية العراقية. بعبارة أخرى إننا لا نعثر على سياسة فعلية عند كلا التيارين غير سياسة الانغلاق على النفس والانهماك الشرس في السرقة والابتعاد عن هموم "الأغلبية المعذبة".
إن الحلول الجذرية والواقعية لإعادة بناء الدولة والمجتمع والثقافة في العراق ممكنة فقط من خلال إشراك "الأغلبية المعذبة" في إدارة شئون الدولة. وهي عملية ممكنة فقط من خلال إعادة النظر بأولويات بناء الهوية الوطنية وبنية المجتمع والاقتصاد وشكل المساهمة الفعلية للمحافظات في إدارة شئونها الذاتية. بمعنى العمل من اجل بناء منظومة مرنة للمركزية واللامركزية الاجتماعية الاقتصادية السياسية، وليس الطائفية أو القومية. بمعنى بناء منظومة قانونية تحكم الدولة والمجتمع، تأخذ بنظر الاعتبار واقع التعددية الفعلية في العراق (مع أنها تعددية اقرب إلى الواحدية بالمقاييس العالمية) التي انتهت في الظرف الحالي إلى مأزق خطر. إذ من الصعب إعادة اللحمة إليها بمعايير الرؤية الأخلاقية والدينية، وذلك لان القوى السياسية الأكثر تأثير في ظروف العراق الحالية هي قوى طائفية وعرقية. ومن ثم لا يمكن الاعتماد على "أخلاقياتها الوطنية"، لأنها لا تتمتع بالقدر الضروري منها. بينما أدى ويؤدي ضعف السلطة المركزية إلى استفحال مختلف ظواهر الانكماش والتحلل. من هنا ضرورة إعلاء وممارسة الأولوية الاقتصادية في إعادة بناء الدولة ومؤسساتها من خلال ربطها النموذجي بنظام سياسي ديمقراطي اجتماعي خالص.
إن النموذج السياسي الديمقراطي الاجتماعي الخالص في ظروف العراق الحالية ممكن فقط من خلال صياغة الأسلوب الأمثل لتمثيل الأغلبية ألا وهو النظام البرلماني الجمهوري. وإلغاء منصب الرئاسة، أو جعلها شكلية للغاية على أن يكون انتخاب الرئيس بالاقتراع المباشر من جانب الشعب وليس مجرد نتاج لصفقة سياسية، وذلك لما في هذا الفعل الأخير من تسخيف للموقع ولفكرة الرمز الجامع. وإلا قد يكون من الأفضل الرجوع إلى تنصيب الملك (على الطريقة الأسبانية). واستكمال هذه البنية بالتمثيل السكاني للمحافظات من اجل ألا تجري مصادرة الأصوات والمشاركة الفعلية للأغلبية من خلال صفقات الأحزاب السياسية (غير الناضجة بعد) والعائلات التقليدية المستشرية. وهو النموذج الذي ينبغي أن يستند بدوره إلى ما يمكن دعوته بولاية المحافظات، بمعنى حق المحافظة بإبقاء 50% من ثرواتها الطبيعية وإنتاجها المحلي ضمن خزينة تطويرها الذاتي من اجل إشراك الجميع في عملية بناء ذاتية ومن ثم تنشيط حركة الانتقال الاجتماعي والاقتصادي بالشكل الذي يوحد المجتمع في بنية ناشطة لا تتكل على "الأحزاب السياسية" و"العائلات" و"الشيوخ" و"السلطة" أو "الدولة" بل على قواها الخاصة. حينذاك تكف الدولة والسلطة والأحزاب والبنى التقليدية عن أن تكون مرتعا للأقلية أيا كان نوعها وشكلها وحجمها واصلها وفصلها.
فالتجارب التاريخية للأمم جميعا تبرهن على أن الأقلية تؤدي إلى الجريمة حتى من جانب أكثرها نزاهة. وهو الأمر الذي يجعل من الضروري التوصل إلى الحقيقة القائلة، بان الأغلبية "الطبيعية" – هي الأمر المعقول، وان الأغلبية العراقية – هي الأمر الضروري. وهو انتقال ممكن من خلال بناء وحدة النظام السياسي الديمقراطي والاقتصادي على أساس التمثيل الفعلي للمحافظات واستقلاليتها الاقتصادية. حينذاك ستضمحل تدريجيا فكرة ونفسية وذهنية وواقع "الأغلبية المعذبة" والأقلية الهمجية، أي لكي لا يكون التحول من التوتاليتارية إلى الديمقراطية في العراق مجرد استمرار لتاريخ النخب الخربة.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الهوية العربية للعراق – مشكلة الجهل والرذيلة
- المثقف العراقي – المهمة الشخصية والمسئولية التاريخية
- العلم والأنوثة
- ملاحظات على حملة التضامن مع منتدى الاتاسي
- فلسفة الاعتدال السياسي الأمثل في العراق المعاصر
- فلسفة التسامح ومنظومة الاحتمال العقلاني
- فلسفة الإصلاح العقلانية
- الاسلام والجنس – عقيدة العقدة
- المشروع الديمقراطي العراقي وفلسفة النفي الشامل للطائفية السي ...
- الحركة القومية الكردية - المثلث الهمجي للطائفية العرقية 5 من ...
- التوتاليتارية الشيعية – المثلث الهمجي للطائفية السياسية الجد ...
- الطائفية السياسية - قاعدة الاحتمال الهمجي في العراق 2 & 3 من ...
- المثلثات الهمجية - برمودا الانحطاط العراقي 1 من 6
- الاصولية والعنف في العراق – عنف بلا اصول
- الشرع والمرأة – حق الانتخاب ام انتخاب الحق
- اهانة القرآن بين الفضيحة والادانة
- الحجاب - غطاء لغنيمة الجهاد والاجتهاد الذكوري
- العلاقة الشيعية الكردية – زواج متعة ام حساب العد والنقد
- إشكالية الحزب والأيديولوجيا في العراق المعاصر
- من جلالة الملك الى العم جلال


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - الأغلبية المعذبة ومشروع البديل الوطني في العراق