أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - قوة الماضي















المزيد.....

قوة الماضي


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 1250 - 2005 / 7 / 6 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رفع متظاهرون من الطائفة الإسماعيلية علم الدولة الفاطمية في احدى البلدات السورية, في آذار الماضي , بعد مشاجرة جرت في الكاراج المحلي بين سائقين من طائفتين تسكنان تلك البلدة , تطورت إلى اضطراب سادها لعدة أيام , فيما أصيبت صحافية أميركية بالذهول لما سألت مرافقاً عراقياً يقف بجانبها في أحد شوارع كربلاء لمشاهدة الحشود المليونية التي جاءت بعد أسبوعين من سقوط صدام حسين لإحياء أربعين الإمام الحسين : (( متى مات )) , وأجابها ذلك العراقي بأن الموت قد حصل قبل أربعة عشر قرناً , مفترضةً بأن طراوة و طزاجة وقوة ذلك الحزن و التفجع الذي أظهرته تلك الحشود لا يمكن أن يكون إلا على موت إن لم يكن عمره أيام فعلى الأكثر أسابيع .
في العقد الأخير من القرن العشرين , انهارت تفاؤلية فكرية – سياسية سادت معظم القرن الماضي ( وكذلك الذي سبقه ) كانت تقوم على اعتقاد , ساد مَنْ هم على اليمين ( الاتجاه الراديكالي العلماني المعادي للإكليروس , المتأثر بالفلسفة الوضعية ) ومَنْ في اليسار ( الماركسيون بفرعيهم الشيوعي والاشتراكي الديمقراطي ) , بأن الأفكار الدينية ( وكذلك النزعات القومية , لصالح عالم واحد تسوده الأممية والنزعات المافوق –قومية ) هي في انحسار في النواحي السياسية والاجتماعية والثقافية .
بدلاً من ذلك , نرى , في بداية القرن الجديد , صورة معاكسة لتلك التفاؤلية , عندما يستعيد بابا الفاتيكان قوته السياسية , وكذلك الفكرية مع تأثيرات كبرى في الجوانب الاجتماعية , فيما يفرض اتجاه بروتستانتي إحيائي نفسه بقوة في الحياة السياسية الأميركية , بينما نرى كنيستي موسكو والصرب الأرثوذكسيتين محدِّدتين لكثير من معالم السياسة والأفكار في اللوحتين اللاحقتين لسقوط وتفكك الاتحاد السوفياتي ويوغسلافيا.
لم يكن صموئيل هنتنغتون , في مقالته (( صدام الحضارات )) المنشورة في عام 1993 , رجلاً سوداوي الأفكار , وإنما مصّوراً لوقائع السياسة العالمية في مرحلة ( ما بعد موسكو ) , فيما لم يكن الآخرون يتجرأون أو ربما لا يريدون رؤية تلك الوقائع : من دون ذلك لا يمكن تفسير تلك اللوحة السياسية العالمية , التي سادت في ربع قرن من الزمن , وطفت فيها على سطح السياسة العالمية أسماء الخميني, والبابا يوحنا بولس الثاني , وشارون, وأحمد ياسين , والأصولي الهندوسي فاجبايي , وبوش الابن وابن لادن , وميلوسيفيتش وعزت بيغوفيتش . , والروسي جيرونيفسكي وبطريرك موسكو ,بدلا من تيتو, والشاه,والبابا بولس السادس, ورابين, وعرفات , وأنديرا غاندي , وكارتر , وعبد الناصر , وبريجنيف وسوسلوف .
كان العالم العربي في قلب هذا الاتجاه العالمي : كان ابن تيمية , في القرن العشرين العربي , أكثر تأثيراً فكرياً وسياسياً من طه حسين وأكثر حضوراً , وهذا أمر كان عكسه هو الصحيح بين عامي 1918 و 1948 , عندما كان ( عميد الأدب العربي ) والليبرالي أحمد لطفي السيد , وعلي عبد الرازق ,من أهم الأسماء المتصدرة للفكر العربي , وليس حسن البنا أو مصطفى السباعي , فيما اختلف الأمر بعد قيام دولة إسرائيل , التي كان ( التوراة ) و ( التلمود ) مصدرين لهويتها الثقافية ونبعاً دينياً لأيديولوجيتها السياسية المتمثلة في الصهيونية , ما استدعى أسلحة مماثلة عند العرب , وخاصة بعد أن فشلت ( العروبة ) في مواجهة ( الصهيونية ) , الأمر الذي تجسد بوضوح في صباح يوم الخامس من حزيران ,لتبدأ بعدئذ مفاعيل ذلك بالظهور, بعد مرحلة انتقالية مثلّها ياسر عرفات وجورج حبش ونايف حواتمة وجورج حاوي الذي أطلق مع محسن إبراهيم مقاومة 1982 ضد الإسرائيليين , مع تصّدر حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله لمقاومة الإسرائيلي في الخمسة عشر عاماً الماضية .
كان الطابع الديني لدولة إسرائيل عاملاً رئيسياً في استدعاء العرب للإسلام إلى السياسة , وتعويمه على السطح السياسي لمعظم البلدان العربية , إلا أن ذلك لم يكن كل الصورة : حيث كان فشل إيديولوجيات الحداثة العربية ( الليبرالية بطبعتها القديمة قبيل سقوطها في تموز 1952 – القومية – الطبعة العربية من الشيوعية السوفياتية ) , وخاصة تلك التي تولّت الحكم , في تحقيق مهام التحديث والتنمية الاجتماعية وإدخال المجتمعات العربية في العصر الحديث , عاملاً مضافاً في استدعاء الإسلاميين إما كوسيلة احتجاجية معارضة لأنظمة الحكم أو من أجل تحقيق ما عجزت عنه تلك الأنظمة .
هذا ربما , هو ما حصل في القاهرة أو الجزائر , فيما نرى بغداد تعطي صورة أخرى : في 8 شباط 63, يوم انقلاب البعثيين العراقيين على حكم قاسم المدعوم من الشيوعيين , كان الاصطفاف السياسي والعقائدي لتلك القوتين السياسيتين الحديثتين متموضعاًمكانيا بين الأعظمية والكاظمية , فيما تجسد تخندق المنطقتين المذكورتين من بغداد , في مرحلة ( ما بعد 9 نيسان 2003 ) , بين الأحزاب والهيئات الإسلامية السياسية السنّية ( بالنسبة للأولى ) وبين القوى الإسلاميةالسياسية الشيعية للثانية , وهذا شمل عملياً كل مناطق العراق السنية والشيعية , ما عدا الأكراد الذي يتصرفون كقومية وليس كطائفة .
ربما ساهمت طائفية حكم صدام حسين , كبنية حكم من حيث توزع المناصب ومراكز القرار , في تخلي شيعة العراق عن ميولهم نحو الإيديولوجيات الحديثة , واتجاههم – عملياً منذ السبعينيات – نحو(حزب الدعوة) ثم ( المجلس الأعلى ) , الشيء الذي بلغ ذروته بعد تلك المجازر التي ارتكبت في المناطق الشيعية خلال أحداث آذار 1991 , عندما قطعت تلك الشعرة – التي أظهرتها عملية تغليب شيعة العراق للانتماء القومي على الطائفي في الحرب العراقية الإيرانية , وهو أمر لم يلاقيه صدام حسين بالمثل – بين الشيعة والنظام العراقي , مما كان إيذانا بسقوط بغداد في 9 نيسان 2003 , فيما لم يتحقق سقوط البصرة رغم مكوث القوات الايرانية في ضواحيها لست سنوات أعقبت انكفاء القوات العراقية عن خورامشهر في شهر أيار من عام 1982 .
نرى في المشهد العراقي الراهن , كيف يتصدر الشيخ حارث الضاري والسيد عبد العزيز الحكيم واجهة هذا المشهد , فيما كان هناك , في ذلك الصباح المأساوي من عام 1963 , علي صالح السعدي ( سكرتير البعث , الممتد أساساً في الأوساط السنية , وهو شيعي كردي فيلي مستعرب ) في مواجهة سكرتير الحزب الشيوعي العراقي ( سلام عادل ) , وهو الشيعي الآتي من عائلة أسياد في النجف , والذي كان يضم حزبه من كل الطوائف والأديان والقوميات. , وإن كان مع أرجحية واضحة في الامتداد الاجتماعي بين الشيعة والأكراد .
هل يعني ذلك , أن العراق لم يغادر , بعد , ( سقيفة بني ساعدة ) ؟ ..... أو أنه يستدعي أجواءها مؤقتاً , بحكم ما جرى من مفاعيل حكم صدام حسين, هذه المفاعيل التي جعلت المجتمع العراقي منقسما في الموقف حيال الغازي , ثم تجاه المحتل , وهي محطتين شكّلتا ورسمتا المشهد السياسي العراقي الراهن بتموضعاته , سواء من حيث التلاقيات ( الأكراد وأغلب الشيعة ) , أوا لانقسامات ( بين السنّة وبين الشيعة والأكراد ) , وهو ما يشمل بامتداداته الموقف من حاضر العراق المحتل ( وربما أيضاً الموقف من تجربة ما بعد 1921 ) وأيضاً مستقبله ؟
كيف يمكن للعرب أن يخرجوا من الماضي ؟ ............



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيل ذلك الشيوعي المختلف
- تناقص الممانعة العربية للاحتلال
- هجوم روما الفلسفي
- الاحتلالات:من كرومر الى بريمر
- . .. تحولات في الحياة السياسية السورية
- -سوريا نموذجا.... تباعد الوطني والديموقراطي -
- سوريا في مرحلة - ما بعد بيروت –
- عقدة الديمؤقراطية الاميركية
- مفهوم الديمقراطية:تحديدات
- المتكيفون
- خلافات المعارضة السورية
- -أزمة العقلانية في الفكر الغربي الحديث-
- ليبراليتان
- الاصلاح بين الداخل والخارج
- اخفاق القرن العشرين الكبير
- استدعاء الاسلام الى السياسة العربية
- تأملات استرجاعية في الأحداث السورية: 1979 - 1980
- تديين السياسة العالمية
- الحبل السري: من الماركسية الى الليبرالية
- الرئيس الحريري نموذجأ سياسيأ


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - قوة الماضي