أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - زهدي الداوودي - إرادة المرأة














المزيد.....

إرادة المرأة


زهدي الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 19:31
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



كان ذلك في منتصف شهر كانون الثاني 1979 حين قررت بشكل قاطع أن أترك الوطن للمرة الثالثة، إذ أن هواء الوطن لم يعد بمقدور الإنسان أن يتنفسه. كان علي أن أنتمي إلى صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي، ذلك أن كلية التربية في جامعة الموصل التي كنت أعمل فيها تسمى "كلية البعث" وأنا الشخص الوحيد الذي لم ينتم إلى الحزب القائد. "حسب قول رئيس قسم العلوم الاجتماعية".
بعد محاولات دامت أكثر من السنة، رفضت خلالها الانتماء إلى الحزب بمختلف الحجج، جاءني المرحوم د.خضر الدوري، رئيس قسم العلوم الإجتماعية، قائلاً أنه لم يعد يتحمل تسويفاتي وأن هذه المرة هي الأخيرة وإلا سيستلمك زبانية الأمن ويفعلون معك كما فعلوا مع د. حكمت عبد علي السماوي و د.عصام الجواهري. أحسست أنه جاد في كلامه. وكنت في تلك الأيام قد أنتهيت من تصفية أثاث البيت وبيعها واقتناء بطاقة الطائرة لي ولزوجتي وأبنتي وأما مشكلة الكفالة فقد حلها الصديق د. عبد الرضا علي.
كان د. خضر الدوري قد جلب معه ملفاً يحتوي على إستمارات الإنتماء إلى الحزب مع كراريس النظام الداخلي والميثاق. قال لي إن الأوراق كلها جاهزة. كل ما عليك هو أن توقع. اقترحت عليه أن يسلمني الأوراق كي آخذها معي على أن أجلبها في موعد نتفق عليه، إذ أن العطلة الربيعية كانت قد بدأت. أجاب، كما لو أنه يعرف بنواياي، لا يا عزيزي إن إستمارة طلب الإنتماء عند حزب البعث يختلف عما هو عليه في الحزب الشيوعي. إن حزب البعث يقول:"نفذ ثم ناقش".
وبعد مناقشات طويلة وعريضة اتفقنا أن يمنحني فرصة أسبوع على أن أذهب إليه في مكتبه الجديد برئاسة الجامعة في يوم 3 شباط 1979 . أمامي إذاً أسبوع واحد لا أكثر لتقرير مصيري. وكان علي في تلك الفترة القصيرة أن أتصل بالجماعة ليقرروا مصيري، إذ انني كنت قد طلبت منهم الموافقة للالتحاق بالأنصار. هنا في هذه النقطة أصطدمت بالواقع المر، فكتبت رسالة مفصلة حول الانهيارات والمواقف المزرية لبعض الرفاق الكوادر. أحسست بشيء ينهار في داخلي وأن الأمر كله عبث في عبث ولم أستلم أي جواب. وإذ نحن نناقش الأمور حول السؤال المطروح، أنحدرت دموع من عيني والدتي. دموع نزلت مثل ضربات السيف على قلبي. وبدأت قناعاتي تتصاعد من أعماقي مثل الفقاعات. قلت لوالدتي:
"أنظري يا أماه، إنني بدأت أنهار دون أن أتعرض إلى تهديد أو تعذيب. إن مصيري الآن بيدك أنت. قرارك الآن هو القاطع. أريد جوابك الذي سألتزم به. هل تريدين أن أبقى في الوطن وأعود إلى كليتي؟ أم أترك هذا البلد؟"
أجابت والدتي بكلمات صارمة وهي تمسح دموعها:
"أبق مرفوع الرأس يا بني وسافر مع السلامة. إن الله كريم"

كانت هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة.
كان ذلك في شهر تموز 1964 حيث صدر من المجلس العرفي الرابع في كركوك حكماً غيابيا يقضي بحبسي لمدة سنتين. ولما كنت لم أعترض على قرار الحكم حيث كنت "هاربا من وجهً العدالة"، لذا أعتبرت المحكمة الحكم الصادر بحقي نافذ المفعول. وبعد قراءة قرار الحكم سألني رئيس المحكمة ما إذا كنت أريد الذهاب إلى أهلي أم إلى ربعي في سجن بعقوبة. فكر أبني، إنه مجرد تقديم براءة من الحزب الشيوعي. قلت باعتزاز:
"شكراً، سيدي الرئيس. أنا أشتاق إلى ربعي في سجن بعقوبة"
كانت العادة الجارية أن المحكوم الذي يرفض تقديم البراءة، يتعرض عند خروحه من المحكمة إلى علقة محترمة من قبل أفراد الشرطة المحتشدين هناك. لم تنفذ العملية. وراح بعض الرفاق يفسر ذلك بحدوث انفتاح في سياسة الحكومة الجديدة!
كان إخواني يتابعون من خارج السجن مواعيد سفر السجناء. ولما علموا بموعد نقلي الذي كان يصادف حوالي الساعة العاشرة قبل الظهر في محطة قطار طوزخورماتو، لذا جلبوا معهم الوالدة.
نجح ترتيب اللقاء. أول سؤال وجهته إلي كان:
"هل قدمت البراءة؟"
قلت باعتزاز:
"وهل تتصوريني متخاذلا يا أمي"
ابتسمت وهي تمسح دموعها وتقول:
"حين تكون أنت مرفوع الرأس، أكون أنا مرتاحة الضمير"



#زهدي_الداوودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها القلب
- يتيم أمام أبواب اللئام
- مقامات كركوكية
- العاهرة الرجيمة
- لو عرف الوهم
- قادر رشيد: بطل من هذا الزمان
- بانتظار عيد رأس السنة الميلادية
- إلى أين؟
- كنت أبحث عنك
- رحلة ألفريد سمعان في قطار الموت
- العرق الروائي في -منازل الوحشة- لدنى غالي
- شيركو بيكه س
- الرحيل المبكر للصديق فلك الدين الكاكه يي
- حكاية تحرش جنسي
- كوردستان ومبدأ حق تقرير المصير
- عراق... إلى أين؟
- خطوة جديدة على طريق الرواية الكردية
- من أرشيفي.. ستون عاماً وما زلنا في بداية الطريق
- من أنت؟
- قصة قصيرة قطرات الماء


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - زهدي الداوودي - إرادة المرأة