أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الدين الخطيب - لماذا ليست طائفية في سورية؟ -2-















المزيد.....

لماذا ليست طائفية في سورية؟ -2-


علاء الدين الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 18:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ملاحظة: الجزء الأول من هذا المقال على الحوار المتمدن على الرابط التالي: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=405987
************
خامسا، يمكننا الادعاء بارتياح أن كل الحروب الضخمة بتاريخ البشرية والأحداث المهمة لم تكن بسبب الدين أو الطائفة أو العرق أو حتى بسبب القبيلة. فحتى ما نتداوله بسطحية حول داحس والغبراء وغيرها من حروب قبائل العرب كانت بسبب صراع القوة والمال بين القبيلتين ولم يكن مفهوم القبيلة سوى وسيلة تجييش للناس. بل حتى لو راجعنا حروب الرسول الكريم لوجدنا أن بدرا كانت بهدف مالي بحت وهو استرداد أموال المهاجرين وأن أحدا والخندق كانتا حرب قريش التي كانت تصارع للحفاظ على سلطتها وقوتها. وهكذا كانت بحرب معاوية ضد علي، ثم حروب الامويين مع معارضيهم، بل حتى ان حروب الفرنجة بدءا من القرن العاشر كانت طمعا بكنوز الشرق الغني لكن تحت مسمى المسيح والصليب. اما حروب اوروبا الداخلية بالعصور الوسطى بين الكاثوليك والبروتستانت فقد كانت بالواقع الفعلي صراعا بين تطور حتمي باتجاه الدولة الوطنية وسيطرة المدن والبراجوازية (الاطار البروتستانتي) ضد حكم أمراء الإقطاع المتحجر علميا وتجاريا (الاطار الكاثوليكي).
إن كل ما سيق من مبررات قبلية أو عرقية أو دينية أو طائفية للحروب كانت وسائل تجييش للعامة وتحميس، فغنائم الحروب لم تكن حقا مشاعا للجنود وأهاليهم وتوزع بالعدل، بل كانت كما هي عادة المؤسسة البشرية الحاكمة من حق الطبقة الحاكمة. فكان لزاما على كل هذه الحكومات إيجاد المبررات العاطفية التي توائم حالة عموم الناس ليقدموا ما يكفي من جنود شجعان متحمسين مطيعين. مع نشوء الدولة الحديثة من القرن الثامن عشر أمكن أكثر التخلص من الحاجة للمبرر الأخلاقي يوم أصبح الجندي موظفا ذا راتب ينفذ أوامر من يدفع المال، فلم تكن حروب بريطانية في مستعمراتها قادرة على اختلاق مبررات عاطفية مقنعة كفاية ولا حروب أوروبا وأمريكا لاحقا.
نعود لسوريا بالذات بحالتها الخاصة. بالإضافة لما ذكرناه سابقا، فما تشهده سوريا منذ 3 سنين ليس بالتأكيد ذو أسباب وغايات طائفية لسببين إضافيين هما:
أولا، البيئة الجغرافية لسوريا منذ فجر التاريخ فرضت على سكان هذه المنطقة أن يقبلوا الغريب الوافد سواء كان غازيا أو تاجرا أو ضيفا أو لاجئا. موقع سوريا في قلب الحضارة البشرية منذ 10000 سنة لم يترك خيارات لسكانها أن يتقاتلوا بين بعضهم لأسباب العرق أو الدين. ولهذا لا يمكن أن نجد ضمن تاريخ سوريا كله أي حرب إبادة عرقية أو دينية تشبه بأي شكل ما حصل بأوروبا أو أمريكا بل لن نجد ما يشبه ما حصل بتاريخ شمال إفريقيا أو العراق خاصة إذا قارنّا المساحة، فشمال إفريقيا الذي كان مسيحيا بالكامل بعد ان كان وثنيا بالكامل أصبح مسلما بالكامل (باستثناء مصر)، وحتى العراق باشتباك تاريخه مع إيران نعرف الكثير عن حروب الصفويين مع العثمانيين. سوريا بحكم الموقع الجغرافي والتاريخي بقيت محافظة على أكبر تنوع بشري ديني وطائفي وعرقي قياسا على حجمها.
ثانيا، وهو العامل أهم. سوريا بموقعها وتأثيرها المعنوي بالدول المحيطة تشكل أهم قرار استراتيجي لدول الإقليم كلها ولكبرى الأقطاب الحاكمة للسوق الدولي في موسكو وبكين وواشنطن. هذه الاهتمامات الدولية المركزة بسوريا والتي تنبع من مصالح مُقاسة ببلايين الدولارات لن تتحرك وفق دوافع طائفية ساذجة ما بين نصرة "الهلال الشيعي" أو نشر "الوهابية". الصراع على سوريا الآن هو بين معسكر روسيا والصين وايران مع النظام السوري ضد معسكر الغرب وتركيا وقطر والسعودية بشكل أساسي، هذا الصراع الاستراتيجي ليس محل مغامرات من أجل فتاوى شيخ أو إمام أو انتصارا لهذه الطائفة أو تلك.
ما اجتمعت عليه مصالح كلا المعسكرين في سوريا هو منع الشعب السوري من الوصول لدولة حرة ديمقراطية مستقرة والأسلوب الأنجع والأقوى بتنفيذ هذه السياسة هو بالطبع استغلال التنوع الطائفي والعرقي بسوريا. ومن قبيل الصدفة التاريخية أن الديكتاتور الذي حكم سوريا منذ 40 سنة هو من الطائفة العلوية مما زاد من قوة سلاح التفريق الطائفي، بالواقع لو فرضنا أن ديكتاتورها حاليا كان سنيا مثل باقي الدول العربية ال22 لكان النداء الطائفي مختلفا قليلا "أنقذوا سوريا من حكم الأكثرية السنية المتعصبة ضد الأقليات" بدلا من النداء الحالي "انقذوا سوريا من حكم الأقلية العلوية الحاقدة على السنة" ولوجدنا اللوم يتوجه للسنة "أيها السنة ثوروا ضد الديكتاتور الذي يضحي بأولادكم لسلطانه" بدلا من اللوم الحالي المتوجه للعلويين "أيها العلويون ثوروا ضد الديكتاتور الذي يضحي بأولادكم لسلطانه". وبكل الأحوال النداءات الحالية والمفترضة هي بالواقع دعاية إعلامية سطحية تزيد من السعار العاطفي الطائفي، فالديكتاتور السوري الذي هو مؤسسة سلطة وليس مجرد شخص اسمه بشار الأسد يقوم على دعم طبقة سلطوية ومالية متنوعة المذاهب الطائفية والقومية في سوريا ووقوعه ليس رهنا بطائفة أو قومية. في هذه الحالة السورية وقوع هذه المؤسسة الديكتاتورية هو قرار دولي أساسا بين موسكو وواشنطن ومن يتبعهما من عواصم الإقليم. فلا ننسى أن حاكم مصر المسلم السني العربي ما بين مرسي والسيسي لم يحكم أو يقع بسبب دينه بل بسبب قرار قطري أو سعودي استغل تحرك الشعب المصري بثورته للحصول على الحرية والديمقراطية.

أضف لذلك العامل الأهم بحرب الدول على أرض سورية، وهو أن لا مصلحة حقيقية لأي طرف بتقسيم سورية وفق الطوائف. فالمعسكر الإيراني الروسي الصيني والممسك بمصير النظام السوري يسعى أساسا لحماية بقاء النظام الإيراني المعتمد على السوري في التنصل من الحصار الخانق المفروض عليه من الشرق والشمال والجنوب وأي دولة علوية فرضا مخنوقة على الساحل السوري لا تقدم للنظام الإيراني أي فائدة استراتيجية بل ستكون عبئا إضافيا مستهلكا. إن مصالح حكومات الدول وكما أثبت التاريخ البشري لا تتبع غرائزية الانتماء الطائفي أو القومي. بل حتى أن المعسكر الثاني المتمثل بالنظام السعودي والقطري والتركي لا يسعى أيضا لعزل دولة سنية ستكون مولدا لخطر مستمر عليهم.
إن مصير سوريا مرتبط لحد كبير بقدرة الشباب السوري والنخبة السورية وتاليا الشعب السوري على مواجهة النداء الطائفي المستعر حول وداخل سوريا إعلاميا وممارسة فعلية. وأول خطوات هذه المواجهة هي التخلص من تأثير الحوادث الفردية والمرويات القصصية التي تنبع من تجارب شخصية محدودة وتخضع لمحاكمات عاطفية يضخمها ويرسخها الإعلام. لا يمكن لسوريا أن تنجو بمستقبلها دون التحرر من نمطيات التفكير القديمة والاختباءات خلف تفسيرات المؤامرات الكونية والصليبية والشيعية والوهابية والماسونية. سوريا بحاجة أساسية ومصيرية لانتشار منهج العقلانية عند الشباب السوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن ينتصر وحش المال والسلطة بانياب الطوائف والقوميات ويسبب كوارث على سوريا لم تحصل بعد خلال السنين الثلاثة الماضية.

17/03/2014



#علاء_الدين_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ليست طائفية في سورية؟ -1-
- الخليج العربي، أزمات حكام أم قوانين سوق
- مشكلة القطار والرجل السمين. بين الأخلاق وسعة الاختيار
- تلفزيون الواقع السوري
- أخطاء أم خطايا، الائتلاف والمجلس السوريان
- النظام السوري وسلاح الوقت
- جنيف2 دكان الأوهام، تجارة الطوائف بين الوفدين
- سوريا ساحة صراع الكل مع الكل
- لماذا الأقليات؟
- البيان النهائي لجنيف 2
- سوريا الضحية الأولى للحرب العالمية الرابعة
- بيان مؤتمر الشعب السوري الذي لم ينعقد
- يجب أن تحضر إيران جنيف2
- ماذا قرر السوق الدولي حول سورية؟
- تساقط النخبة العربية، من العظم إلى الفيس بوك
- عقد الغاز السوري الروسي بين الحقيقة والخيال
- شمشون الجبار لا يريد هدم المعبد، فقط هدم حلب
- التهدئة في وسط آسيا مقابل إشعال سورية
- سوريا، بضاعة طوائف وممانعة وثورة
- نصف الحقيقة هو كذب يا سيد نصر الله


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الدين الخطيب - لماذا ليست طائفية في سورية؟ -2-