أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 2















المزيد.....

قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 2


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 11:43
المحور: الادب والفن
    


3. قربان البقرة الفريدة
يشير نص الأسطورة عن لسان الكاهنة الناقلة لوحي إله الشمس " فويبس - أبوللو " في " دلفي " إلى " بقرة فريدة لم يُلبِسْها أحدٌ النَّير على عنقها ، و لم تجر المحراث يوماً ، و على خاصرتها بقعة تشبه نصف القمر " . و لهذه البقرة وظيفتان في حبكة القصة : أولاهما قيامها – باعتبارها الرسولة للإلهة أثينا – بإرشاد قدموس و رفاقه إلى المكان الذي يؤسس فيه مدينته طيبة ( و التي تبين إستعارة إسمها من إسم العاصمة المصرية القديمة " طيبة " مدى عمق التواشج الحضاري الفرعوني – الفينيقي تاريخياً ) ؛ و ثانيهما – مثلما تؤكد النسخ الأخرى للأسطورة – لكي تقدم نفسها أضحية لقدموس لينحرها بعدئذ تقرباً لإلهة الحكمة أثينا . هذا التوظيف للبقرة الحرة الفريدة بصفة معينة بالذات للإضطلاع بدور الدليل للبشر بأمر الآلهة ، و من ثم المنحورة كأضحية للآلهة توضح طقساً دينياً سومرياً إنتقل بعدئذ من السهل الرسوبي لوادي الرافدين ( و هو نفسه : جنات عدن تجري من تحتها الأنهار ) إلى الأقوام السامية و الهندوأوربية في تخيّر البقرة المتفردة و التي تُنحر تَقْدُمة للفداء . ففي أقدس الكتب الهندوسية " رٍگ ﭭ-;-يدا " ( Rig Veda) هناك عدة إشارات لقيام الهندوس بنحر البقرة لأغراض دينية . أما الطقس الديني الأشهر بهذا الصدد فهو قربان البقرة الحمراء عند العبرانيين للتكفير الجماعي عن آثامهم . هذا الطقس يستبطن عرف قتل الرسول الإلهي النصيح المتفرد البريء بغية افتداء آثام المجموعة البشرية ذات الصلة ، وهو العرف الديني الذي تتوِّجه المسيحية بتصويرها السيد المسيح بالقربان المخلص للبشر . و أصل هذا المعتقد مرتبط بالفكرة السومرية الأولية النابعة من حاجة الإنسان الطبيعية للقيام بشرب ماء الله و أكل رزق الله من النبات و الحيوان للبقاء على قيد الحياة و التي يتأسس عليها كل بنيان عبادة آلهة الخصب في العالم القديم ، بدءاً بالإلهة الأم - و هي أقدم المعبودات طراً – و التي سادت في مرحلة المشاعية البدائية – مروراً بالبقرة و الثور و المسحاة ، و إنتهاءً بالصليب و المنارة الرامزين لعبادة الفطر و العضو الذكري .
و في العديد من الحضارات القديمة و المعاصرة ، فإن رمز أمِّنا الأرض يتزاوج شعبياً مع رمز البقرة بخصوبتها و وفرة دِرِّها و قوّتها و قدرتها على التحمّل و التكيَّف ، علاوة على جمالها و هدوئها الملائكي ، و ذلك منذ أقدم الأزمان . فهي المثال المتحرِّك بين ظهرانينا للحيوان الذي تتكرَّس فيه قوة الحياة بكرم للغير دون أن يسبب الأذى لأحد . و لذلك ، فهي أشرف بما لا يقاس من أولئك البشر - زمرة " هوتب " مثلاً - ممن كرسوا أدمغتهم لإلحاق أبشع الأذى بأبناء جلدتهم من البشر الآخرين منذ بدء التاريخ . و لنفس هذه الأسباب ، فقد كانت البقرة و ما تزال رمزاً مقدساً للخصب لدى العديد من الشعوب في ضوء كون عبادة آلهة انتاج القوت هي المصدر السومري الأول لكل الديانات قديمها و حديثها إنطلاقاً من مفهومهم بأن كل الماء و الغذاء إنما هو الرزق الربّاني المنزّل للبشر من السماء إلى الأرض . و في مجال الرزق ، فإن البقرة هي الرمز للثروة الشخصية لأنها توفر شتى الإحتياجات للبشر من اللحم و الحليب و الجلد و العظام و الروث ، علاوة على إمكانية إستخدامها للجرِّ في أعمال الحراثة و الحصاد . كما يرتبط رمز البقرة عند السومريين و البابليين بالحب و التكاثر و بالحكمة ؛ فإلهة الحب عشتار مثلاً كانت تعرف عندهم بكونها " بقرة سن " إله القمر ؛ كما إن الإلهة ننسون – أم گـلـگـامش و أبنة الإله آنو و الإلهة أوراس - كانت تسمى بـ " البقرة البرية العظيمة " الحامية ، وهي التي يطلب منها گـلـگـامش و أنكيدو الدعاء لهما بالتوفيق في حملتهما ضد خمبابا في أرض الحياة ( بلاد الشام ) عند إله الشمس أوتو ؛ و هو نفسه الإله اليوناني أبوللو ( الروماني : فويبس ) في إسطورة قدموس ذات التاريخ اللاحق بأبعد من خمسة عشر قرناً .
أما المصريون القدماء ، فقد اتخذوا البقرة رمزاً للإلهة " حاثور " : أم المسرَّة ؛ و اعتبروها إلهة الإطعام لكل مخلوق باعتبارها التجسيد الأرضي لمجرَّة أرض اللبّانة ( أو التبّانة ) و التي تصوروها تجسيداً للبن المنسال من ضرع بقرة سماوية رؤوم حامية . كما جسَّد المصريون القدماء الإلهة " نوت " ببقرة على بطنها أربعة أنجم شعشاعة ترمز لجهات الأرض الأربع . و كذا الحال في الميثولوجيا الأسوجية التي تحكي بأن الأنهار الأربعة للقوة و التي غذَّت العمالقة حكام العالم الأول قد انبثقت من ضرع البقرة " أوذمبلا " . و البقرة حيوان مقدس في الميثولوجيا الفيدية - حيث تمثل عندهم الأرض و السماء معاً ؛ و كذلك في الديانة البوذية و الهندوسية ، و تمثل عندهم رمز القداسة و الصبر و السكينة . أما عند الشعوب السامية – و كلهم أقوام نشأت في صحارى شبه الجزيرة العربية القاحلة قبل هجرتها إلى شتى بقاع الهلال الخصيب و العالم القديم بعدئذ – فإن الثور ( العجل ) يصبح مشاركاً لها في القداسة أولاً ، ثم يزيحها تدريجياً كرمز للقوة و للفحولة و للقداسة و للخصب ؛ في حين تتحول البقرة إلى أضحية فداء لآثام البشر . و في هذا التحول من الأنثى للذكر إشارة إلى تحول المجتمع إلى المجتمع الذكوري بحت يقدِّس الفحولة سبباً للخصوبة ؛ مثلما يؤشر إلى تحويل المرأة إلى كبش الفداء لكل آثام الرجال .
و من المعلوم أن الإنسان القديم كان يتملك الحيوان الحر الحلوب من خلال الإمساك به ، في حين أن التملك الشرعي للحيوان المملوك للغير يتطلب طبعاً الشراء أو الإيهاب . و بعد تملكه إياه ، يصبح بإمكانه إستخدامه لأغراض شتّى ، بضمنها مبادلته . و كلما كان الحيوان الحلوب المصطاد نادراً و مفيداً و في مقتبل العمر و غير متضرر ، كلما زادت قيمة نتاج الصيد . و بعكس هذا ، يؤشر وجود أثر للنير على جلد كتف الحيوان الداجن ملكيته للغير ، كما تؤشر الشيّة للعيب و تدني القيمة إقتصادياً و للدنس دينياً . و في هذا تشاكل مع القيمة أو المنزلة المجتمعية للعروس . فإذا كانت الفتاة شابّة حرّة و نادرة الجمال و غير ملموسة ( باكر ) و لا شيَّة فيها و مصدراً للغنى ، صارت مراداً غالي المهر . هنا الشيَّة و المس يؤشران للعيب المبطل للطقس ؛ مثلما يؤشر عقد الزواج المصاغ على أساس عقود المبايعة لصفقة " إمتلاك " الرجل للمرأة قديماً و حديثاً إلى شرط الإجتماع و المعاينة و الخلو من " العيب " المفروض عرفاً ، و إلا بَطُل العقد . و عليه ، فكلما كانت البقرة المضحى بها نادرة ، كلما كانت التقدمة للآلهة أعظم ، و الأجر و الثواب أدعم . هنا التقدُمة تفعل فعل الهبة للشيء الثمين تقرّباً من الإله المستفيد . و من المعيب نحر تَقْدُمةٍ غير ثمينةٍ للآلهة العظيمة . ليس هذا فحسب ، بل أن بعض الآلهة لا تتقبل إلا تقدمات معينة من نوع نادر تليق بمقامها الرفيع ( بالطبع حسب أذواق كهنتها ) ، و إلّا أصبحت الأضحية مجلبة للعار و الدنس و الشنار و ليست سبباً لدفع البلاء و الإسترضاء و التكفير عن الآثام و الطهارة . و لذلك ، فإن الحضارات التي عرف تاريخها تقديم الأضحيات البشرية ( و هم في الأغلب الأعم من الفتيات أو الأطفال و ليس الرجال ) ، إنما كانت تتخيّر خيرة شاباتها الباكرات لهذا الغرض . و كذا الحال بالنسبة للأبقار و الثيران المقدمة أضحيات للآلهة . فمثلاً ، تستوجب تعاليم التطهير و التكفير الجماعي لدى العبرانيين نحر عجلة حمراء تماماً ( "صفراء " في القرآن ) بلا حتى و لو شعرة واحدة سوداء أو بيضاء ، و بلا شيّة أو نقطة ، و لا تركيب سابق للنّير عليها ، و لا إستخدام سابق لها في الجر . بعدها ، يتم حرقها ، و استخدام رمادها المخلوط بالماء الصافي للتطهير و التكفير عن الذنوب الجماعية في طقس معقد مستعار من السومريين . و من المعلوم أن مثل هذه الأوصاف نادرة جداً في البقر ، و هو ما جعل الإله أبوللو يصطفي الأبقار الحمر لنفسه مثلما تبيّن الميثولوجيا الأغريقية ، لتصبح الندرة الإقتصادية منبعاً للقداسة الدينية . الفكرة هنا هي تكريس القيمة الأعلى للبكارة و للكمال و للشباب و للندرة لمحو الآثام الثقيلة للبشر .
4. الإتصال بالأرباب
نعود الآن إلى وحي الإله أبوللو- فويبس في دلفي المذكور في الأسطورة . معلوم أن الإنسان الذي يقف عاجزاً إزاء تقلبات عناصر الطبيعة قد ربط قديماً بين نزول المطر من السماء و بين الآلهة التي تصور أنها تسكن السماء ، و التي إعتبر أن إنزالها للمطر على الأرض هو المسؤول عن خصب التربة عبر الإنبات ، و ذلك على غرار مسؤولية ماء الرجل عن حمل المرأة . و مثلما أن خطب ود المرأة يتطلب التواصل للتوسل و التضرّع ( من بين أشياء أخرى ) ، فكذلك هو الأمر مع خطب ود آلهة السماء . لقد كانت حاجة الإنسان القديم للتواصل مع الأرباب أمراً حيوياً جداً لإدامة الرزق و النيّات الطيبة للآلهة إزاءه . لذا فقد شُيّدت شتى المعابد لغرض التواصل مع الرب الكلي المعرفة و الكلي القدرة ؛ خصوصاً عند الفشل في مسعى ما ، أو لدى مواجهة مشكلة ما ، أو الأمل بتحقق أمنية ما . كان وحي الإله أبوللو في دلفي أحد أعرق و أشهر المعابد اليونانية للإتصال بالأرباب ، و الذي أضطر قدموس المحتار إلى اللجوء لنصحه عندما باءت رحلته للعثور على شقيقته أوروبا بالفشل التام . هنا الديالكتيك السلبي للفكر الديني يشتغل صاعداً نازلاً في التحكم بمصير الإنسان : يفشل قدموس في إيجاد شقيقته لأن الذي إختطفها هو رب الآلهة زِوِس الذي لا قدرة للبشر على تعقب حركاته ؛ و هو مضطر للجوء لاستشارة وحي الإله أبوللو- فويبس ( إله الشمس : الحقيقة ، العدل ) لمعرفة كيفية التصرف إزاء هذه المعضلة . في كلتا الحالتين فإن الخصام هو مع الآلهة ، و هي الخصم و الحكم ؛ و إن كانت الآلهة – في كل الأحوال - بريئة براءة الذئب من دم يوسف من وزر حماقات البشر لأن كل المشاكل إنّما هي بشرية المنشأ و ليست ربانية . المشكلة تكمن في البشر ، و ليس فيمن يعبدون .
نأتي الآن إلى السؤال : لماذا وحي أبوللو في دلفي و ليس غيره ؟ في بلاد اليونان القديمة كان معبد الإله أبوللو في دلفي مركزاً متخصصاً بتنزيل و تبليغ الوحي الإلهي و الذي إكتسب الشهرة العريضة و الكثير من الإحترام ، الأمر الذي جعل العديد من الفلاسفة و المؤرخين و الأدباء الأغارقة - بدءاً بأفلاطون و أرسطو و أرستوفان ، و إنتهاءً بزينفون و هيرودوت و بلوتارك - يتطرقون إلى ذكره في أعمالهم . يقع هذا المعبد على سفح جبل برناسوس ، أسفل النبع القشتالي المذكور في الملحمة و الذي كانت مياهه تجري إليه قبل أن يغيّر سكان مدينة دلفي المعاصرة مسارها إليهم . و تتولى الإتصال بأبوللو و نقل وحيه للحجاج المستفتين فيه كاهنة مختارة تتمتع بامتياز التفرغ تماماً للمعبد لتكافأ على ذلك بالجرايات و الهدايا الثمينة و بالإعفاء من الضرائب و بتاج من الذهب . و إسمها اليوناني هو " بيثيا " المشتق من " البيثون " ، و هي الأفعى الخطرة التي قتلها هناك إله الشمس أبوللو ، و تَرَكَها فيه حتى تفسخت جثتها تماماً . و موضوع التفسخ للنبات و الحيوان حيوي لنمو أنواع الفطريات التي تسبب الهلوسة مثل فطر الأمانيت الطائر (Amaneta muscaria ) الواسع الإنتشار بلونه الأحمر المبقع بالأبيض ( و هو الأصل لرموز " الصليب " ؛ و " عيد الميلاد " الذي يتطابق مع فترة أول ظهوره ؛ و " بابا نويل " بملابسه ذات نفس الألوان ؛ و باتخاذ شجرة الصنوبر " شجرة لعيد الميلاد " لكون هذا الفطر غالباً ما ينبت تحتها ) . و تحكي الأسطورة اليونانية بأن كاهنة دلفي كانت تنطق بالوحي و هي في حالة من الهذيان بسبب الأبخرة المتصاعدة من شرخ في الصخرة التي يرتكز عليها مقعدها الثلاثي القوائم و الذي تجلس عليه يوماً واحداً بالشهر للنطق بوحي أبوللو . الواضح هنا هو تناولها لعقار خاص زاخر بـ " قوة الرب " مثير للهلوسة حسب الطقوس الشامانية فيخيل إليها أنها قد حلقت إلى جنات ملكوت الرب السماوية و قابلته هناك و استلمت الوحي منه . كل رُسُل الوحي هم من هذا النوع المهلوس من البشر ممن يمنح نفسه إحتكار إمتياز تلقي و تبليغ كلمة الرب لقومه . و لأن كلامها لم يكن مفهوماً للناس العاديين ؛ لذا ، فقد كان كهنة نفس المعبد هم الذين يتولون عنها ترجمة معانيه لطالب الوحي ؛ و يُسمّى أولئك الكهنة بالأنبياء ( prophē-;-tai " : π-;-ρ-;-ο-;-φ-;-ῆ-;-τ-;-α-;-ι-;- " ) ، و هو الأصل الذي إشتق منه الإنجليز مفردة النبي " prophet " في لغتهم .
و لكن لماذا يأتي الوحي الإلهي عبر إتصال كاهنة أنثى بالإله ، و ليس كاهناً من الذكور ؟ السبب في هذا هو ربط الإنسان القديم بين الإتصال الجنسي بين الرجل و المرأة من ناحية ، و إمكانية إتصال أجمل و أقدس النساء بالأرباب عبر طقوس تشبه طقس العرس مثلما توضحه ملحمة گـلـگـامش في وصفها لطقس إتصال ننسون أم گـلـگـامش بالإله أوتو - شمش للدعاء بالتوفيق للحملة العسكرية لإبنها على بلاد الشام لجلب أخشاب الأرز . و لقد سبق و أن تطرقت إلى هذا الموضوع في كتابي " الصراع في ملحمة گلـگـامش " المنشور مسلسلاً في الحوار المتمدن . كما أشرت فيه إلى طبيعة التعويض التي حصلت عليه المرأة بعد استيلاء الرجل على المشاعة الأمومية في وادي الرافدين حسبما تصوره الأسطورة السومرية المعروفة بإسم " إنكي و ننخورساك " و العائدة للألف الثالث قبل الميلاد . و ملخصها هو أن الإله الذكر إنكي يقطع و يلتهم ثمانية أنواع من خيرات المحاصيل الزراعية العائدة للمشاعة الأمومية المزدهرة كجنة تجري من تحتها الأنهار ؛ فتسلط عليه الإلهة ننخورساك - سيدة المشاعة الأمومية - لعنتها ؛ ثم تتوارى عن الأنظار ؛ لتمرض ثمانية أعضاء من جسد الغاصب حتي يشارف على الهلاك . و هذا أصل الفكرة القديمة التي تربط بين المرض و الإثم . و بفضل ذكاء الثعلب ( طبقة الكهنة ) ، يتم إقناع ننخورساك بترك منفاها الإختياري ، و العودة لإشفاء أخيها و زوجها إنكي ، مقابل منحها إمتيازاً مفقوداً من النص بسبب إنخرامه . و هذا ما يحصل بالفعل من طرف ننخورساك الرؤوم عبر عودتها و إدخالها الإله في رحمها و إشفاء كل عضو مريض فيه . و أغلب الظن أن ذلك الإمتياز الذي أغراها بالعودة لم يكن غير توليها السلطة على المعبد ، علاوة على دورها التقليدي تاريخياً كطبيبة تعالج البشر من الأمراض . و لما كان الدين السومري قد طبع بميسمه كل أديان العالم القديم ، لذا فقد سادت الكاهنات العرّافات-الطبيبات على المعابد في الشرق الأوسط لخمسة عشر قرناً قبل أن تقصيها الأديان الإبراهيمية عنها ظلماً و عدواناً لصالح الرجل ، فتصبح الكهانة حكراً عليه ، لتتكرس بذلك السلطة السيادينية الذكورية . و لهذا لا نجد في هذه الديانات لا حاخامات و لا قسيسات و لا شيخات ؛ و بذا فقد خسر المؤمنون بهذه الأديان أفضليات حكمة أمِّنا المرأة بسبب شهوة الرجل للسلطة . و لحسن حظ قدموس أنه لم يحرم نفسه من هذه الحكمة عندما اختار الإستماع لنبوءة بالاس في دلفي ؛ علماً بأن الإسم " دلفي " مشتق من كلمة " دلفس " (delphys) (δ-;-ε-;-λ-;-φ-;-ύ-;-ς-;-) التي تعني : " الرحم " باللغة الأغريقية ، مما يعني أن المعبد كان مخصصاً لعبادة الإلهة الأم " گـايا " أولاً قبل إغتصابه من طرف أبوللو مثلما إغتصب أصله السومري إنكي أملاك مشاعة ننخورساك .
يتبع ، لطفاً .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 5
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 4
- حكاية الكلب المثقف :- سربوت -
- قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 1
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 3
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 2
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 1
- هيجل و رَسْل : الأسد يُعرف من فكيه
- عودة إلى خرافات يعقوب إبراهامي بشأن قوانين الديالكتيك / 2 و ...
- حكاية الطَّبْر و الهَبْر
- الفتى صالح و السبحة الكهرب
- عودة إلى خرافات يعقوب إبراهامي بشأن قوانين الديالكتيك /1
- الحمار و عبد الكريم
- قوانين الديالكتيك و ظواهر فيزياء علم الكم / 7 - الأخيرة
- قوانين الديالكتيك و ظواهر فيزياء علم الكم / 6
- قوانين الديالكتيك و تخريفات أبراهامي بصدد عدم وجود الصراع دا ...
- قوانين الديالكتيك و تخريفات أبراهامي بصدد عدم وجود الصراع دا ...
- ألحمار المناضل
- طبيعة قوانين الديالكتيك و طريقة إستنباطها و فحصها و علاقتها ...
- قصة البغل المتهوِّر


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 2