|
الأُسرة كوكيل أساسي في التربية للتعددية ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 10:53
المحور:
المجتمع المدني
يتحدث علماء النفس والاجتماع عن دور الاسرة الأخذ بالتراجع ، ان لم يكن بالتلاشي في تربية الابناء . ويُشيرون وبصدق الى دور وكلاء أخرون لهم دور كبير في تنشئة الجيل الجديد ، كالمدرسة ، الشارع والعالم الافتراضي . ويتحول دور الاسرة الى مُراقب للمضامين التي "يُشاهدها " الابناء والبنات ، والسلوكيات التي يقوم بها هؤلاء ، والتدخل عند الضرورة ، وذلك من خلال قمع بعض السلوكيات ، أو منعهم من مشاهدة مضامين يعتقد الاهل بأنها لا تتلاءم مع البيئة الاجتماعية ولا مع قِيمهم . وعَرّف علماء الاجتماع عملية التنشئة الاجتماعية على أنها عملية تهدف الى اكساب المهارات ، المعايير والقيم للأبناء ليكونوا أعضاء في مُجتمعهم . وهنا يتبادر الى الذهن السؤال الهام و "المحرج " وهو : هل حقا هذا ما تريده الاسرة لأبنائها ، أن يكون أعضاء "طبيعيين " في مُجتمعهم ؟؟ وبناء على هذا ، في المجتمع الذي يعتبر المرأة غواية تسير على قدمين ، فالتحرش بها هو أكثر الامور طبيعية ..!! أما المُجتمع الذي يرى في تأدية الطقوس الدينية ، الغاية والهدف الوحيد والأوحد ، فسيعتبر من لا يؤديها شاذا وخارجا عن قيم ومبادئ المجتمع . لذا نُشاهد ميلا بل وتصميما في مُجتمعنا ، وعبر وكلاء التنشئة فيه ، كالمدرسة والبيت ، نرى ميلا شديدا لتنشئة اجيال جديدة متشابهة في تفكيرها وسلوكها ، ولا تُحبذ وجود الفرادة بين أعضائها ، فهي لا تريد من لا ينصاع للقولبة الفكرية والسلوكية ، وتعتبر التفرد شذوذا وغيرية ، والكل يعلم موقف المجتمع من المُختلف والمُغاير . ناهيك عن أن الأُسر تتفادى الدخول في "صدام " مع المجتمع والبيئة القريبة فتتنازل عن بعض افكارها لكي تندمج في "الجو " العام . فلكي تتم التربية للتعددية ، تقبل الاخر ، التفرد ، يجب أن تتوفر هذه الاجواء في حياة الأُسرة اليوم –يومية ، ويُمارسها افراد الأُسرة بكل حرية ودونما خوف أو حرج ..!! وهذا ما ينقص المُجتمع العربي ، فالمُناداة بالتعددية ، الحرية الفردية وتقبل الاخر ، هي شعارات نُرددها لكن وحينما نصل بيوتنا ، نوصد الابواب في وجهها ، فلا مكان للتعددية ، عندنا في أُسرنا ..!! يستوي في ذلك المثقف والامي ، اليساري واليميني ..!! وعادت صغيرتي بالأمس وهي تحمل ورقة امتحان في التعبير ، ولا حاجة للقول بأن علامتها كاملة غير منقوصة ، لكنها وجّهتني لقراءة ما كتبته ، إجابة على سؤال في ورقة الامتحان يطلب منهم أن يكتبوا "تقريرا " عن المدرسة أو القرية أو العائلة ، واختارت صغيرتي ، الطالبة في الصف السادس الابتدائي أن تكتب عن عائلتها . وهكذا كتبت تقول ، وسأجتزئ من جوابها ما أراه مُناسبا لمقالتي هذه : "...عائلة هدفها أن يتعلم جميع افراد الأُسرة ، ولكل منها رأيه ، هدفه وموهبته ............يُحبون الحيوانات الاليفة ، لديهم قطتان ، يستقبلون الطلاب والاصدقاء الاجانب ، علمانيون ، شخصياتهم اجتماعية وباختصار عائلة فريدة من نوعها " .. طبعا تستطيعون التكهن بأن لا حدود لفرحتي بصغيرتي ، وقد ازددت فرحا بأنها تُذوّت في شخصيتها قيما انسانية عامة ، وترى التنوع في الاهداف والاختلاف في المواهب لدى افراد الاسرة ، تعرفت على ابناء شعوب وديانات مختلفة ، صادقتهم وتحدثت اليهم ، ورغم صغر سنها فهي تُعرف عائلتها على أنها علمانية .. ومع اعترافي بأنني أكتب هذه الكلمات وأنا "منفوخ " فخرا ، لكن لدي هدف أخر وأعم ، وهو بأن للأُسرة دور كبير في تنشئة جيل جديد ، ليبرالي ، يؤمن بالحريات والتعددية . فكل مسؤول عن "الجو " العام في أُسرته ، وهل "يُمارس " فعلا لا قولا ، حياة ديموقراطية حقيقية فيها ، أم هو دكتاتور صغير؟؟
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألمُمانعة والصمود ..بين بيرؤوس وبشار..!!
-
اليسار الالكتروني ( 2): وسائل تقليدية في عالم مُتغير ..
-
مشاكسات : اليسار الإلكتروني – الحوار المتمدن نموذجا
-
ال---- هو هي ، الحل ..؟!!
-
وأخيرا غرقت سفينة - نوح- ..!!
-
وظُلم ذوي القُربى ..شكرا للزميل غسان صابور.
-
الخُوار المُتَخلف ..!!
-
مُعاداة الشيوعية وهزيمة الاشتراكية ..
-
الذبح الحلال..
-
ظلال الجبال ..والاصطفاف ضد الاخوان .
-
ايغور ، بافل والمُستهلك العربي ..
-
- جرائم شرف -..أم جرائم قتل ؟؟!!
-
ألثُمُ أطرافَ رِدائك ..
-
مأساة ماركس ..!!
-
بيان سياسي ..!!
-
بروفايل للقتلة ..
-
راسل ، مالتوس وفناء الثُلث ..
-
الحوار المُتمدن وإعادة التدوير ..!!
-
حجابي كتابي
-
أوسَعتُهم سبا وأودوا بالابل ..!!
المزيد.....
-
حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم (
...
-
أكسيوس: عباس رفض دعوات لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين بالأم
...
-
اليونيسف: استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
...
-
اعتقال عدد من موظفي غوغل بسبب الاحتجاج ضد كيان الاحتلال
-
الأمم المتحدة: مقتل نحو 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
-
موقع: عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين
...
-
??مباشر: مجلس الأمن يعقد جلسة للتصويت على عضوية فلسطين الكام
...
-
لازاريني: حل الأونروا يهدد بتسريع المجاعة وتأجيج العنف بغزة
...
-
الأونروا تحذر من حملة خبيثة لإنهاء عملياتها
-
اقتحام بلدتين بالخليل ورايتس ووتش تتهم جيش الاحتلال بالمشارك
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|