أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - بطرس نباتي - صرخة أبو ذر الغفاري بوجه الفاسدين















المزيد.....

صرخة أبو ذر الغفاري بوجه الفاسدين


بطرس نباتي

الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 09:03
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



سيرة الصحابي الجليل والزاهد والتي رأيت فيها تقاربا إلى حد بعيد مع قصص الرهبان والنساك في المسيحية الذين غالبا ما دفعتهم شجاعتهم وجرأتهم في قول الحق إلى التضحية بأنفسهم والاستشهاد من اجل إيمانهم ومبادئهم.
قصة أبو ذر الغفاري معروفة في التراث الإسلامي وخاصة كيفية إشهار إسلامه على يد الرسول في وقت مبكر من الدعوة الإسلامية وما تعرض له من أذى على يد المشركين، ولكن ما يهمنا فيها، صرخاته المستمرة ضد الظلم والفقر وتحديه المستميت لتعسف الحكام عندما كان في الشام، لقد وقف هذا الصحابي الشجاع والزاهد أمام المعاوية، والي الشام متحديا سلطانه مستشهدا بالآية الكريمة من سورة التوبة 35:34 (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون )عندما قرأ على المعاوية هذه الآية قال له : يا أبا ذر هذه الآية إنما قد أنزلت بأهل الكتاب، فصاح به أبو ذر قائلا : لا بل أنزلت لنا نحن المسلمين ولهم( أي بأهل الكتاب) بعدها كتب معاوية إلى الخليفة عثمان بن عفان، بأن أبا ذر يفسد الناس في الشام ويتآمر على الدولة استدعاه الخليفة وبعد نقاشات طويلة يطلب من الخليفة أن يسمح له بالبقاء طيلة حياته في (الربذة1) قائلا للخليفة بعد أن ودعه قوله المشهور ( لا حاجة لي بدنياكم2) أبا ذر هذا الصحابي الذي فضل الزهد والفقروحسب بعض المصادر بينما كان على شفى الموت رأى زوجته تبكي سألها لها لما تبكين؟ أجابته لأن ليس لي ثوب يكفي لكفنك، هذا الزاهد أقلق بدعواته الحكام والمتسلطين، ولم يكن يأبه بتهديد وسخط الأمراء وأثرياء الدولة آنذاك، لأن دعواته لإصلاح أحوال وأوضاع الناس وحثه المستمر للخليفة والحكام والولاة الالتفاف إلى جانب الخير وإصلاح أمور رعاياهم وخاصة الذين يعانون منهم من الفقر والفاقة، كانت صرخاته هذه بمثابة طعنات توجه إلى هؤلاء السائرين في غيهم والذين أغواهم الحكم والكراسي وراحوا يكنزون الذهب والفضة، لو أراد أبا ذر الحكم والجاه لتمكن من جمع الفقراء والمعدومين في الدولة الإسلامية وقيادة ثورة لتطيح بخلافة عثمان ولكنه كان يأبى ويترفع عن مثل هذا الأمر، حيث دعي هذا الصحابي أكثر من مرة ليقود ثورة ضد الخليفة ولكنه كان يقول (والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة، أو جبل، لسمعت وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت ذلك خيرا لي) لم يكن يريد الحكم بل كان صوتا صارخا بوجه الظلم والظالمين يقال عنه أنه كان يمتطي ناقته ويصرخ صرخته المشهورة ( بشر الكانزين للذهب والفضة بمكاو من النار) ، وعندما جال في الشام كان لا يستكين من القول: (عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه)، في زمن السوء هذا أيضا من هم على شاكلة شعراء التكسب والتملق أيام زمان، فهم يمدحون السلاطين ويتغنون بأمجاد القادة على وعسى أن يناط بهم منصب مرموق، فإذا كانوا في الخارج فهم غالبا ما يطمعون بلقب السفير أو القنصل أو وزير، وإذا كانوا في الداخل فهم يطمعون بأي شيء يقدم إليهم كهدية لما يدونونه من أشعار أو مقالات في المدح والتمجيد، وهناك العديد من الناس يريدون التشبه بأبي ذر الغفاري الصحابي الشهم، فنجد من يجعل نفسه )كواعظ للسلاطين( ( كما يطلق عليهم المفكر الراحل علي الوردي) ولكن ما أن ترمى إليه بعض الفتات من موائد السلطان، حتى يلجم فاه ليسعى إلى تحقيق مصالحه الخاصة متخليا عن مبادئه وأرائه التي كان يتبجح بها، لينزوي في ركن يختاروه من أركان هذه الحياة لينشغل باكتناز الفضة والذهب بدون الخشية من إحراقه بنار جهنم يوم القيامة غير آبه بإنذار الصحابي ، ومن بيننا أبا ذر من نوع آخر فهو عندما يشتم ويسب السلطان ينوي جلب انتباه ذلك السلطان أو أحد أفراد حاشيته لوضعه، وعندما يلفت نظره أخيرا ويأمر السلطان بإعطائه كيسين أو ثلاثة من الدراهم الخضراء حتى يتوارى خلف مصالحه وتحقيق غاياته،(أي مشاكسة من أجل الكسب) وهناك من ينتقد رؤساء الدولة وقادتها، ويحث بعض السذج لأتباعه جاعلا من نفسه المنقذ المنتظر وما أن تسنح له فرصة ليحكم حتى تجد فيه ما لم تجد فيما سبقه من سوء، وهناك أيضا اليوم من يضحك ويتندر على أمثال الغفاري وعقلياتهم الساذجة ويصفهم بأبشع وأشنع الصفات لكونهم يقفون بجانب الفقراء والمستضعفين، واصفين أبو ذر بأنه إنسان هامشي لم يكن له طموح أو أطماع بتوسيع ثرواته وممتلكاته، وهؤلاء يأبون التصديق بأن هذا الصحابي كان باستطاعته اقتناء أكثر من ناقة ، ربما سيارة موديل 2012 مثلا ومشاريع وشركات وزوجات جميلات، فكيف يرضى بالعيش في الصحراء منفيا مفضلا ذلك على مسايرة أغنياء وأمراء عهده، أما خلفاء وسلاطين زماننا هذا فهم يختلفون في التقوى والورع عن الخليفة عثمان ولكن ربما يتشبهون بمعاوية ، فلو طرق سمعهم ولو من بعيد أن أبا ذر هذا يجول ويصول في مملكتهم مؤلبا خلق الله عليهم، فأنهم لا يتوانون أما بوضعه في سجن إنفرادي وإبعاده عن الناس طوال حياته أو الحكم بإعدامه وهذا أسهل الأمور عليهم، فما عليهم سوى تلفيق بعض التهم ، كإدعائهم بأنه قد سب الخليفة و إنه شق عصا الطاعة، وأنه متآمر على سلامة الوطن وأمنه ومن السهل عليهم اليوم الإتيان بأحد القضاة وعدد من الشهود، لتنفيذ ما يرونه مناسبا بحق بكل مشاكس عنيد، مرة وجدت أبا ذر يحمل حقيبة وبعض الأوراق وكاميرا صغيرة ومسجل كاسيت وكان جالسا على الأرض ليسجل مقابلة مع أحد الفقراء، بعد تلاوته لبعض الآيات البينات على مسامع الرجل ليشجعه على قول الحق، أخرج آلة التسجيل ، فما أن شاهدها الرجل حتى هرب مسرعا، وأبا ذر يصيح خلفه تكلم يا رجل، (الساكت عن قول الحق شيطان اخرس) استدار الرجل نحو أبا ذر قائلا شيطان اخرس!!! من أين أتيت لنا راكبا ناقتك العجيبة هذه؟يبدوا أنك غريب لا تعرف الأوضاع عندنا.. تعجب أبا ذر من كلام الرجل واخذ يهز رأسه وهو يردد قائلا: الناس في زماننا رغم وجود المعاوية كانوا أشجع من الناس في هذا الزمن، و لما لم يجد أبا ذر من يتكلم معه أمتطى ناقته ورحل متمتما (لا حاجة لي بهذه الدنيا أيضا) ...
1- تقع في السعودية كانت تشتهر بواحاتها ومنطقة جيدة لرعي الإبل ويقال بأن أبا ذر أول من سكنها خربت وهجرها أهلها سنة 319 هجرية
2- صور من حياة الصحابى : تأليف عبد الرحمن رأفت باشا 1992.



#بطرس_نباتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في البدءِ كانَ الطّوفان
- همسة رقيقة في آذان المنظمات النسوية
- مسلسل اضطهاد الاثنيات في ظل حكم طائفي
- من نحن ؟ ما بين الأمس واليوم


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - بطرس نباتي - صرخة أبو ذر الغفاري بوجه الفاسدين