أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ناجي عقراوي - هل تستطيع الحكومة التركية تجاوز مواريث عنصرية متراكمة ؟















المزيد.....


هل تستطيع الحكومة التركية تجاوز مواريث عنصرية متراكمة ؟


ناجي عقراوي

الحوار المتمدن-العدد: 319 - 2002 / 11 / 26 - 04:18
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


نشرت في جريدة الزمان الغراء عدد 1373 في 25/11/2002 
   
                       
                                                                       

                                                                                                  
يشترك المتطرفون في الشرق و الغرب في نقطة واحدة وهي انهم جميعا ينظرون إلى النصف الفارغ من الكأس ، لذا نجد الكثيرين منهم في الغرب يضعون الإسلام في خانة التطرف و الجهل و التخلف ، وبعد أحداث 11 سبتمبر في أمريكا  ترسخت هذه القناعة اكثر لدى أوساط مختلفة من المجتمع الغربي ، في حين  لم يهتم هذا الغرب خلال عقود إلى ما يتعرض له الإنسان المسلم من ظلم و قمع على يد حكامه الذين صنعهم الغرب  أو ساهم في استمرار هذا الحاكم أو ذاك في سدة الحكم .
التطرف يؤرق الحكومات و لكنها في نفس الوقت يؤلم المجتمعات ، و الأصولية مثيرة للرعب  بين الشعوب لأنها تلغي الآخر مع الثقافات الأخرى  . قام الغرب و بمساندة من بعض الدول العربية و الإسلامية ،  في خلق و صنع جماعات دينية و أصولية لأسباب مختلفة ، وواكب نمو هذه الجماعات الكثير من القهر و الحرمان ، ولما ترسخت جذورها انقلب السحر على الساحر و انفجر اللغم الذي أعدوه في وجوههم . لم يعمل الغرب ولا الحكومات دراسة هذا التحول ومعرفة الأسباب  بل حكموا على نتائجه .
الدين الإسلامي يدعو إلى الاعتدال والى التسامح وهو دين الحياة لذا يدعو إلى الأخلاق والى التعاون بقوله تعالى :
        (  وتعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان ) 

البعض في الغرب يخطئ حينما يحاول أن يباعد بين المسلمين و إسلامهم ، أو العمل على تفريغ الدين الإسلامي من محتواه ، أو صنع و خلق علماء دين يصدرون فتاوى شرعية حسب ما يهدف إليه الغرب و بعض السلطات ، ليس من السهل القضاء على الثقافة الإسلامية بهذه السهولة ، هذه الثقافة التي تر سخت في ضمير ووجدان شعوب كثيرة خلال اكثر من 14 قرن ، لذا لا يمكن تعديل الأديان  لأنه يتعلق بروح و فكر الإنسان ، و الأديان ليست ببدعة أو سلعة تصنع ، والاعتدال الإسلامي  ليست بضاعة تركية أو صناعة أمريكية .
الفكر الإسلامي الصحيح هو فكر وسطي معتدل من الأساس ، ما يحتاجه الغرب هو قراءة متأنية للإسلام ، و خلق أجواء وبيئة صالحة لبروز هذا الفكر حينئذ يجدوه بأنه دين الاعتدال ، و لا يمكن أن يصبح الاعتدال ظاهرة في المجتمعات ، والصفعات والركلات والإلغاء نازلة على رأس الإنسان ، والمعروف لدى الجميع بان الأنظمة العربية و الإسلامية هي أنظمة قمعية و استبدادية وغير ديمقراطية وان أتت بدرجات متفاوتة ، عليه يجب أن يبدأ  الإصلاح انطلاقا من الأنظمة ومن  المؤسسات الرسمية ، وعدم مساندة ظلم الأنظمة لشعوبها أفرادا وجماعات مهما كانت المبررات ، وتشجيع محاربة الفساد وإشاعة العدالة الاجتماعية والحريات و حقوق الإنسان .
هناك أنباء متواردة من بعض مؤسسات الفكرية في الغرب ومن بعض أصحاب صنع القرار ، بأن النية تتجه نحو تشجيع المعتدلين من الجماعات الإسلامية ، ويتحدثون عن الحاجة لفتح حوار معهم ، وكان مثل هذا التوجه في السابق غير مقبول و غير متوقع ،  لكن  نتيجة الأحداث أصبحت مسايرة الإسلام المعتدل ممكنة وان كانت تبحث في المجالس المغلقة ، وهناك مطبات كثيرة سوف تعرقل هذا التوجه ، منها أن إسرائيل سوف تبرز كعامل قلق و كذلك الحكام العرب و المسلمين لعرقلة هذا التوجه .
لكننا نستطيع القول بان قبول جنرالات الجيش التركي لنتائج الانتخابات التركية الأخيرة ، بضغط غربي و أمريكي ( مكره أخاك لا بطل ) هو تعزيز لهذا الاتجاه ، ولما استطاع الجيش التركي هضم ما حدث  ، لأن  الدستور التركي يمنع قيام أحزاب على أسس دينية أو اثنية ، ومن المعلوم بان حزب العدالة والتنمية التركي الذي فاز فوزا ساحقا له توجهات  إسلامية ، بحكم كونه حزب قد خرج من خيمة حزب الرفاه ومن حزب الفضيلة و من ثم حزب السعادة  وتتلمذ قادته على يد اربكان ،  وان لبس هذا الحزب العباءة العلمانية  لا يلغي كون الذين وصلوا إلى سدة الحكم ليست لهم توجهات إسلامية  ،  لذا نجدهم يفتخرون  بأصولهم  الفقيرة الكادحة وبنظافة اليد  ،  لما سأل أحد الصحفيين  رجب طيب اوردغان زعيم الحزب  ،  عن مدى مشاركة زوجته معه في الحفلات الرسمية ، فأجاب بدون تردد بأنه بالأساس لا يتقبل فكرة حضور زوجته الحفلات ، وزوجة نائبه رئيس الوزراء عبدالله غول ( والأصح كول الذي يعني الوردة ) سيدة محجبة ، مما يتعارض مع قانون السرامليك  وحرمليك التركي الذي يدعو إلى الاختلاط الجنسين في الزيارات العائلية .
المتتبع للشأن التركي يجد توجه الجيل التركي الصاعد نحو الانفتاح ، ولديهم أفكار نابعة من محيطهم الشرقي إزاء الطريقة التي ينبغي أن تحكم بها بلادهم ، انهم يعرفون مدى حاجتهم إلى الغرب ، و يقدرون محدودية ساحة مناوراتهم  لنزع قوة العسكر وتدخلاته في السياسة  للتخلص من سيف الاتاتوركية .
الحكومة الجديدة واقعة بين نارين حيث يتذكرون المطبات التي أوقعه الجيش فيها اربكان وحزب الرفاه ، وفي نفس الوقت يأخذون بعين الاعتبار رغبة الشارع التركي ، الذي يريد بأن يكون  للإسلام السياسي أهداف وغايات مختلفة عن ممارسة الساسة السابقين ، حيث تريد الفسيفساء التركية نظاما مستقرا داخليا  و منفتحا على محيطه الإقليمي ، وفي رأينا المتواضع لا تحدث التحولات بسرعة ، أو أن يحصل شئ درامي للإسراع بعملية الانفتاح بدرجة التغيير الذي حصل في البرلمان التركي ، ولكن نتائج التغيير آتية لا ريب فيه .
الحرس القديم و القوميون الطورانيون فقدوا القوة والسلطة ، الذين كانوا يسيرون وهم نائمون  تغذيهم النزعة العنصرية ، ولم يستوعبوا ما يجري من تحولات داخلية  و إقليمية ودولية ، واستمروا في قمع الداخل وتهديد الخارج ، الحكومات التركية المتعاقبة السابقة حاولت خلق الاستعداد لدى المجتمع لعداء و كراهية الآخرين ، والأداء الاقتصادي و الأمني و المعيشي المتهالك ، ولدت قناعة لدى الأكثرية الصامتة وجوب التخلص من سياسة  تلك النخبة التي أوصلت أوضاع بلادهم إلى هذه الدرجة المتدهورة .
هناك استحقاقات عديدة داخلية و إقليمية و دولية تنتظر الحكومة التركية الجديدة تحقيقها ، لمواكبة العصر و للخروج من الأزمات التي تخنق حياة المجتمعات الدولة التركية في جميع المجالات ، تلك الأزمات التي تحولت إلى أخطار حقيقية عانت منها الشعوب التركية ، لذا بادرت الحريات المخنوقة وحاولت أن تتنفس الحياة ، وأوصلت حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم لتجد من يحس بآلامها ، خلال تاريخ الدولة التركية لم يحصل حزب على هذا الكم الهائل  من الأصوات إلا في حالات نادرة ( مثلا  عدنان مندريس الحزب الديمقراطي شكل الوزارة 3 مرات في بداية الخمسينات وخرج حزب الشعب الجمهوري من عباءته )  ، أو أن يصار إلى تشكيل حكومة ذات لون واحد ، منسجمة مع البرلمان الذي يهيمن على ثلثيه نفس الحزب ، لذا سوف تصادف هذه الحكومة الجديدة مخاطر منها :
معروف عن اتاتورك بأنه كان معجبا بالنزعة القومية الجرمانية ، و في نفس الوقت كان يهادن الماسونية العالمية ، لم يستطيع التكيف مع الاتجاهين ، مما ولدت عنده فكرة أن يكون لجيشه دولة وليس العكس ، فوضع قانون بحيث يكون الجيش هو راعي دستور دولته ، ولا زال بعض الساسة وكذلك جنرالات الجيش ، يعيشون في نفس الأحلام و الهواجس التي ورثوها من معلمهم ، مما خلقت عندهم حالة التعلق الزائد بالإرث التاريخي لأتاتورك ، وبالتالي اغرقوا بلدهم خلال عقود في مشاكل داخلية وخارجية منها حقيقية ومنها مفتعلة ، فسوف يحاربون أية صيغة خارجة عن تلك السياسة العقيمة ، ولا ننسى بان الحكومات التي تشكلت منذ عهد اتاتورك إلى الثمانينات من القرن الماضي كان رئيس الوزراء من العسكر و كان اخرهم كنعان افريم ،  المطلوب  من الجيل الصاعد للحكم الحذر والعمل بحكمة   ، مع إيجاد حلول ممكنة و معقولة للمشاكل والأزمات والسلبيات المتراكمة ، و الاعتماد كثيرا على الزخم الانتخابي الذي حصلوا عليه لتمرير تلك الحلول ، أما في حالة الاستمرار في السياسات السابقة فأنهم في هذه الحالة سوف يخسرون التأييد الجماهيري ،  وتفاقم الأزمات والمشاكل تعرض كيان دولتهم إلى هزات عنيفة ، لا سيما والعالم يشهد تطورات متسارعة ، ويشهد تزايدا في الدور الدولي وتأثيره في مجريات الأحداث بفعل تراجع مبدأ السيادة الوطنية لحساب حقوق الإنسان ولحساب فض المنازعات من اجل الاستقرار والسلام ، والسياسة الدولية الراهنة أفقدت من دول كثيرة صفة التجريد و العمومية  ، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق بات المجتمع الدولي قادرا إلى حد ما على توجيه وردع السياسات الخاطئة ( يوغسلافيا و كوسوفو العراق وتحرير الكويت مثلا )  ، وان كنا نجد في حالات معينة نوع من الكيل بمكيالين  ( فلسطين و إسرائيل مثلا ) وبعد أحداث 11 سبتمبر من السنة الماضية  التي حصلت  في أمريكا ، شكلت تلك الأحداث معطيات جديدة للبيئة الدولية في زمن القطب الواحد .
سياسات  الحكومات التركية السابقة وسجلها في مجال حقوق الإنسان ، كانت وراء عدم قبول تركيا في النادي الأوربي ، الحكومات السابقة أوصلت أوضاع البلد إلى درجة من التدهور ، حتى أصبحت متخاصمة مع نفسها و جيرانها ومحيطها العربي و الإسلامي ، إن لم تكن أداء الحكومة الجديدة منسجمة مع معايير معطيات كوبنهاكن ، فسوف يضاف البعد الإسلامي  كحجة إضافية لعرقلة دخول تركيا إلى الاتحاد الأوربي ، و نتيجة لسياسيات الحكومات السابقة و أطماعها في خيرات أراض الآخرين ، كانت هناك أصوات لإستراتيجيين عالميين  تدعوا إلى تقليص الدور التركي و تهميش مساهماتها في أحداث المنطقة ، وكانوا ينصحون  الحكومات التركية السابقة عدم الاندفاع ، وان يختصر دورها في النظام الإقليمي وفق رؤى غربية بحتة .
كانت الحكومات السابقة تراهن على لعب دور إقليمي لها في مجال المياه ، الأجدر بالحكومة الجديدة عدم لعب هذه الورقة  أو جعلها ورقة استنزاف ، عليها فتح صفحة جديدة وإيجاد صيغة توافقية لحل مشكلة المياه مع العراق و سوريا بما يرضي كافة الفرقاء ، وعدم الانجرار وراء تحريض بعض القوى الإقليمية ( إسرائيل ) ضد مصالح شعوب المنطقة .
زرعت الكمالية خلال عقود في أوساط المجتمع التركي ، بان العنصر التركي هو السعيد والسيد ، وأفرزت هذه الأفكار العقيمة طبقة من العنصريين الطورانيين ، يدعون العلمانية والحضارة و ينكرون ثقافات الآخرين ، في حين يقول التاريخ بأن الترك كانوا قبل الإسلام عبء عليه ، من هذه العقدة قام و يقوم بعض الساسة الأتراك بتحريف الحقائق ، و يبدلون مواقفهم وتحالفاتهم كتبديلهم لثيابهم ، مما قد يضعون عراقيل أمام مسيرة الحكومة في حالة إجرائها للإصلاحات ، ولا سيما أن الرشوة و المحسوبية والفساد متفشية في البلد  ، هنا يكون من المنطق مصالحة الذات و ترتيب بيت مجتمعات الدولة التركية وفق متطلبات العصر.
إقرار البرلمان التركي السابق وبضغط أوربي الحقوق الثقافية للشعوب غير التركية ، اعتراف ضمني بوجود شعوب و قوميات واثنيات أخرى ضمن الكيان التركي ، هذه الحقيقة التي حاولت الحكومات المتعاقبة السابقة جاهدة  تجاهلها لعقود طويلة ، لأنها كانت تعيش في الماضي بدلا من أن تحيا في الحاضر ، و كانت تعتمد على أمجادها الخالية بدلا من العيش في الواقع ، لكن الجيل التركي الصاعد تبلور لديه فكرة التخلص من القبضة الحديدية ومن القوانين الاستثنائية ، على الحكومة الجديدة ترجمة إرادة الناخبين والبحث عن حلول لمشاكلها الأساسية ومنها القضية الكردية الملتهبة ، وبعكسه سوف تبقى الدولة التركية في حالة التعبئة العسكرية و النفسية على حساب استقرار البلد وعلى حساب اقتصاده ، وكلنا نعلم كيف جعل بضعة آلاف من المقاتلين الأكراد ، أداءها العسكري مترديا وكبدو هم الخسائر الفادحة ، مما أشاعت جوا من الإرباك و التشاؤم في صفوف الجيش التركي ، وخلق أيضا في حينه لغطا كبيرا وشكوكا بين صفوف شعوب الكيان التركي ، حول النظام الكمالي و النخبة السياسية فيه .
ما تحتاجه الشعوب التركية هو الانفتاح والتخلص من القوانين المزاجية ، وقبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت المجتمعات التركية تغلي كالمرجل وان لم تكن ظاهرة للعيان بصورة واضحة ، و كان كثير من المراقبين يصورون تلك المرحلة بمرحلة مشابهة لمرحلة إيران الشاه ما قبل الثورة الشعبية الإيرانية ، صحوة الشعوب الإيرانية و العودة إلى جذورها ، هي نتيجة عدم انسجام سياسة حكوماتها السابقة مع البيئة الدولية والمستجدات الداخلية ، وما قيام الحكومات السابقة بترقيع سياساتها  هنا و هناك بقوانين فوقية وصورية دلالة أكيدة على تخبطها ، مما حدي ببعض الأوساط الأوربية الإعراب عن قلقها من وصول التيار الإسلامي للحكم ، إن استمرت أوضاعها على حالها من التردي وصدق ضنهم ، وبعض دوائر القرار تراقب الوضع التركي بقلق وتنتظر أداء الحكومة الجديدة ،  وتخوفهم هو  من التدخل الجيش لعرقلة الإصلاحات في هذه الحالة من الممكن أن تؤدي أوضاعها إلى حالة مشابه للمعضلة  الجزائرية  ،  وكذلك يعبرون عن قلقهم في حالة  عجز الحكومة لأسباب مختلفة عدم الوفاء ببرنامجها الانتخابي ، قد تؤدي إلى بروز تيارات أصولية تلجأ إلى العنف للتعبير ، إن لم يتم وضع  حد لممارسات الأجهزة الأمنية والبوليسية التركية ، فإذا كان الغرب اقتنع متأخرا من أن الأنظمة القمعية هي التي تفرغ الإرهابيين ، عندئذ يصار إلى اخذ الحالة التركية بعين الاعتبار ، و الضوء الأخضر الذي أعطي لصوت الاعتدال الإسلامي يفقد مبرراته .
الحكومات السابقة كانت تتدخل في الشأن العراقي ، ووصلت الوقاحة ببعض المسؤولين الأتراك في حكومة أجاويد المطالبة بشمال العراق ، كأننا نعيش في زمن الوصاية وعهد الدولة العثمانية ، تلك الادعاءات كانت نابعة من سوء تقدير و قصور في فهم الواقع العراقي بصورة عامة و للواقع الكردي بصورة خاصة ، أما محاولاتها السابقة  للعب دور إقليمي و التشبث ببعض الأوهام بذريعة أمنها القومي ، كانت لغرض تمرير إرهاصات مشاريعها المشوهة و المشبوهة ، أدينت في حينه عراقيا ودوليا ، حتى أن الاتحاد الأوربي عنف حكومة أجاويد عن طريق القنوات الدبلوماسية ، وقالوا بان دخول شمال العراق ليس نزهة عابرة ،  بعض المسؤولين الأتراك يرتبطون مع النظام العراقي بواسطة شركات وهمية ويحصلون على أموال طائلة من هذا النظام ، تلك العلاقة   المصلحية  المتميزة  كانت لها بريق و جاذبية خاصة لعناصر الغموض و الإثارة فيها ، وتتنافس جهات تركية عديدة للحصول على حصة الأسد من أموال العراقيين ، التي يبذرها النظام العراقي يمنة و يسرة على كل من هب و دب ، وفي نفس الوقت يحرم الشعب العراقي من أمواله ، أما عنتريات الدونكشية للجيش التركي ، أثرت كثيرا في العلاقات بين الشعبين ، على الحكومة الجديدة العمل الكثير  لتصحيح تلك الأخطاء  وعدم وضع كل أوراقها في سلة النظام  العراقي .
الحكومات السابقة كانت تتشبث ببعض الأوهام لتهويل و تضخيم مطالبة الأكراد بحقوقهم القومية ، وكانت حكومة أجاويد تفسر أية خطوة يخطوها أكراد العراق نحو الاتفاق و التوافق  ، على أنها خطوة مشبوهة الغاية منها إقامة الدولة الكردية ، الدولة الكردية المزعومة لم نسمع بها ولم نراها ، بل هي شبح تطارد بعض العقول المريضة ، هذه الأوهام و المزاعم التركية عن الدولة الكردية ، رد فعل بائس نتيجة ترتيب البيت الكردي ، تمهيدا للدخول إلى الخيمة العراقية الكبيرة المنشودة في عراق الغد ، كانت مواقف السلطات التركية نحو أكراد العراق حالة غريبة و شاذة ، دولة تتصرف وتقول بأنها لا توافق على الحقوق القومية لشعب آخر يسكن ضمن دولة أخرى ، بحجة وجود أقلية من ذلك الشعب ضمن الدولة التركية ، يسكن على ارض آبائه منذ آلاف السنين وقبل مجيء الأتراك إلى المنطقة ، والأعجب في بعض سياساتهم انهم كانوا حينما يجدون شخص ينطق بإحدى اللغات أو اللهجات التركية في أية دولة في العالم ، فأنهم يطالبون برفع مظلة على رأس هذا الشخص ليتميز عن الآخرين ، و هذا ما حصل في قبرص و كسوفو وبلغاريا ، هذه التصرفات وضعت الدولة التركية في صورة مخالفة لما تحاول أن تغرسها في عقول العالم عن علمانيتها و حضارتها ، الحكومة الجديدة مدعوة إلى الانفتاح على الشعوب الأخرى إقليميا  وعلى القوميات غير التركية داخل الكيان التركي ، مع إيجاد صيغ وآلية  لإقرار حقوق هذه القوميات وفق روح العصر .
الحكومات التركية المتعاقبة ضربت بعرض الحائط 23 قرارا و توصية صادرة من مجالس الأمن حول المشكلة القبرصية ، عليها استغلال الفرصة التي منحتها الأمم المتحدة لحل المشكلة القبرصية وعدم وضع العراقيل أمام الحل ، بذلك سوف تتخلص من عبء كبير ، ويكون الحل هو المفتاح لحل مشاكلها مع جارتها اليونان ومنها مشكلة المياه الإقليمية في بحر ايجة .
هناك مهمات واستحقاقات كبيرة تنتظر الحكومة التركية الجديدة ، عليها أن تخطو خطوات جدية لتجاوز مشاكلها غير العادية ، إن حصول حزب العدالة و التنمية على نسبة 3 / 34 %  و حزب الشعب الجمهوري على نسبة 4/ 19 % ، وعدد المقاعد التي حصل عليها 363 والحزب المعارض الذي حصل على 178 مقعد و المستقلين على 9 مقعد ، هذه المقاعد اكثر من النسبة التي حصلوا عليها ، وهي نتيجة غياب أصوات الأحزاب التي لم تحصل على نسبة 10 %   ، والتي تذهب حسب الدستور التركي إلى الأحزاب الفائزة بالنسبة المذكورة ، معناه هناك أصوات غائبة لها ثقلها في الحياة السياسية التركية ، فحزب HDP   الذي يمثل الأكراد لم يحصل على نسبة 10% على مستوى الجمهورية ولكنه كان الأول في 12 محافظة و الثاني في 4محافظة والثالث في 2 محافظة ، بالإضافة إلى  أصوات الأكراد في استنبول الذين يعدون بالملايين   وهي في نفس الوقت  معقل حزب اردوغان ، لذا على الحكومة أن تحسب حسابا للأصوات الغائبة ، وان تتعامل معها بحذر و تروي لتحصل على الإجماع الجماهيري المطلوب ، في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها الدولة التركية  ، لعل الأيام القادمة تكون حبلى بالتطورات و الأحداث .
 



#ناجي_عقراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة بأني كامل
- لنحافظ جميعا و معا على أمن الوطن والمواطن وعلى وحدتنا الوطني ...
- تفعيل اتفاق الحزبين الكرديين تعزيز لوحدة العراقيين
- عراق الغد و علاقاته الإقليمية
- سياسة الدولة الطورانية العنصرية هي من عقلية الطربوش
- تركيا وسياستها الغبية
- تركيا الطورانية و طابورها الخامس
- كيف يشعر الإنسان بالراحة وذراعه في قبضة الآخرين
- الطورانية شكل من أشكال العنصرية
- هناك فرق شاسع بين قوة الحضارة وحضارة القوة
- ماركة مسجلة .... أحذروا التقليد
- شئ من التأريخ
- السياسة التركية تتعارض مع تطورات ومستجدات العصر
- رسالة وشكر ومحبة من كردي لشقيقه العربي من سني لأخيه الشيعي
- الديمقراطية بين الواقع والتطبيق.... كلنا في الهم شرق


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ناجي عقراوي - هل تستطيع الحكومة التركية تجاوز مواريث عنصرية متراكمة ؟