أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حُسام كصّاي - التأسلم السياسي















المزيد.....

التأسلم السياسي


حُسام كصّاي

الحوار المتمدن-العدد: 4397 - 2014 / 3 / 18 - 11:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



إن قضية وصول رجال الدين الى السلطة واعتلاء منابر السياسة ومنصات البرلمانات اكثر من إعتلاء منابر المساجد ومنصات الافتاء, _ مستمدين فتاواهم واجتهاداتهم من النقل لا من العقل _, ومن سموا بـ"الثيوقراطيون" (حكم رجال الدين) وصعودهم السياسي بعد انهيار المنظومة القومية أو العلمانية _ إذا جاز التعبير _ التي تصدعت في اكثر من محفل وجبهة, ونجاح الاسلامويون بـ "تديين" الشارع والسياسة وبصبغة اكثر دينية مما هي مدنية او سياسية _ دنيوية.
وكان لنجاح الثورة الايرانية الاسلامية دورا بارزاً ومؤشر خطيراً اعطى زخما قويا لصعود هذه التيارات الدينية وتغذية النزعة الدينية ورفدها برصيد الشحن الطائفي والمذهبي تماشياً مع ظرية الفوضى الخلاقة التي هي مرحلة من مراحل الشرق الأوسط الكبير, وهي مُنطلقة من وجهه نظر اسناد ومناصرة الحركات الاسلامية المستضعفة (!) مثل حماس ( فلسطين ), والاخوان المسلمين (مصر), حزب الله (لبنان), الدعوة والمجلس الاعلى وغيرها (العراق) ذلك لم تكن مقاصد ايران على حسن نية بقدر ما هي تكمن وراءها مآرب سياسية بحتة ! .. فالإسلام لم يكن على مر مراحل التطور السياسي للإسلام من خلال النظرة الثيوقراطية لجدل الدين والدولة إلا مجرد شعار يرفع .. وكلمة حق يراد بها باطل .. ووسيلة لتحقيق غاية دنيئة.
وبعيدا عن ذلك كله ظل العامل الديني مسخرا في خدمة السياسة, كخادوم صغير (!) يعمل على حساب سمعة الدين ونقاوته التي لوثتها ادران السياسة ووقاحة السلطة, .. فهل هذا الإسلام السياسي الذي افرده ووضعه إجماع المفكرين المعاصرين, .. ام هو (التأسلم السياسي) كما يراه المفكر المصري (رفعت السعيد) في كتابه التأسلم السياسي عن جماعة الاخوان المسلمون نموذجاً.
وليس هذا فحسب بل جاء الاحتلال الامريكي للعراق الذي كان بمثابة "النقلة النوعية" الذي أعطى زخماً اخر تصدع فيه التيار القومي العربي في كافة اجزائه ونتج عنه احداث خطيرة على المنظومة العربية .. ومن جانبين:_
الأول: تقويض النظام العلماني (البعث) في العراق لمصلحة صعود الاحزاب الاسلامية (الدعوة _ بكافة اجنحته وتشققاته _, الحزب الأسلامي (جناح الاخوان المسلمين), المجلس الاعلى, وغيرها من المنظمات والجماعات ذات الطابع الديني.
الثاني: بروز المستفيد الوحيد والاوحد من احتلال العراق وهي (إيران) التي انتفعت من الغزو اكثر مما انتفعت صاحبته ذاتها (أي أمريكا) والتي شاءت الصدف ان تكون دولة متأسلمة, توظف الديني بالسياسي.
وهذا كله كان بطاقة دعوة لنا بحمل الهوية الطائفية والتفاخر بها وممارستها كعمل يومي ... لأن الإسلام السياسي وليد التوظيف السلبي للدين في الدولة والسياسة .. وعامل منهم في تنامي قوة وصدى الفتوى الدينية الراديكالية التي تنتهك حرمات الأخر لمجرد اختلاف فقهي او عقائدي ما, .. والذي انتج بحكم الضرورة والواقع منتوج الطائفية الأبنة الشرعية للإسلام السياسي, بما هي وثوب فئة معدودة وهيمنتها وإمساكها بزمام الأمور والحكم المطلق والمستبد.
إلا ان الزخم الاكبر والمحفز الاقوى لبروز ظاهرة "الإسلام السياسي" كان ببزوغ نجم ربيع الثورات العربية الذي تحول في المرحلة الانتقالية _ على الأقل _ الى ربيع الإسلام السياسي كما أشار اليه المفكر السياسي العربي الدكتور ( احمد يوسف احمد ), ورأه اخرين على أنه خريف أسلاموي دامي .. والتي استطاعت سواء بواسطة امريكا والغرب وبعض النظم العربية (!) ام عن طريق الصمود الجماهيري والحشد الشعبي الذي تكلل بتنحي انظمة الحكم في تونس ومصر وليبيا واليمن, .. وانظمة اخرى هي في طور التنحي في سوريا وكل هذه الانظمة تعد انظمة علمانية او اقرب لها من الإسلامية التي بدأت تأخذ منحنى تصاعدي بعد ربيع الثورات ذلك من خلال كل من فوز حزب العدالة والتنمية (المغرب), النهضة بزعامة راشد الغنوشي (تونس), الحرية والعدالة (الجناح السياسي للأخوان المسلمين) وحزب النور _ التيار السلفي (مصر), والصعود الإسلامي السلفي في ليبيا, والاحزاب ذات الجذور الدينية في اليمن, والاخوان المسلمين في سوريا وفي الاردن مع الإشارة الى ان اغلب دول الخليج تنحو منحنى التوجة الإسلامي البراغماتي, .. إضافة الى النظام الإسلامي (الدعوة والاحزاب الاسلامية الأئتلافية للحكم) في العراق بعد الأحتلال, .. والهيمنة الدينية لحزب الله في لبنان وتحديه للسلطه بمليشياته وجماعاته المسلحة, فهل بقي هناك في المنطقة العربي ما يدعو للتخوف من العلمانية العربية !!
هنا يثار تساؤل محق هل كل ما تدعو له الأحزاب الاسلامية العربية الان هو إسلام محمدي عبادي ام اسلام دنيوي _ سياسي وحزبي ؟؟
والجواب على ذلك ينصف العلمانية بالقدر الذي يظلم فيه الإسلام الحقيقي, .. لأن في الحقيقة ما من هناك إسلام حقيقي في المنطقة بعد الزج المغلوط للدين في السياسة, وتلوث الدين بلعبة السلطة وجعله اداة طيعة بيده, .. دينٍ يقوم على اراء واجتهادات تروج لشخص السلطة وتجئ بأقاويل نبوية تدحض الخارج عن طاعة الحاكم مثلاً حتى لو كان الاخير معصيا لطاعة الله, وتؤمن بنظرية الخلافة, وتدعي انها الناطقة باسم الالهة ووكيلة الله (عز وجل) في الارض وانها وحدها المعصومة من الخطأ والآخرون خطأون على اكثر الترجيح, مع إننا لسنا كصحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا إيماننا كإيمانهم, ومع إدراك العقل العربي إن الدين الذي تدعو له السياسة او السلطة او الدولة هو ليس بدين حقيقي لأنه دين مُفسر لذات السلطة ومُسخر لسياساتها ورغباتها ورغبات ومصالح شخوصها السياسيين.
اخيراً من الظلم والإجحاف أن نعتبر ان هذا الإسلام الذي جاءت به السياسة الى دفة الحكم هو إسلام حقيقي عبادي كونة اسلام خالي من كل مقومات الإسلام الحقيقي .. إسلاماً أطاح بالثوابت .. وضحى بجوهر الدين من أجل شكليات .. رمزيات وظاهريات .. دين يتغذى على الفتاوى التكفيرية والردة والتسقيط والقتل والطائفية والترويع والإقصاء والخطابات الساذجة والمُعّدة سلفاً والشعارات الطائفية المقيتة والعمائم واللحى ومظاهر السلف الصالح دون جوهرهم (!) فهناك فرق شاسع بين رجل الدين ورجل الدولة, .. كما يقول الشيخ والداعية (محمد حسان) وحتى كلمة الإسلام السياسي المتداولة بين طيات المفكرين فيها نوع من المظلومية وكان يجدر بالحقيقة الفكرية ان تحذو حذو الدكتور رفعت السعيد بتسمية (التأسلم السياسي) نصرةٍ للدين المحمدي وتوضحيا وتعرية لحقيقة العلمانية التي يجهلها اغلب العلمانيين فما بالنا بالإسلاميين!!
فالتأسلم السياسي مرفوض بالقدر الذي نرفض به علمنة الغرب الأستعماري .. الذي تدك دسائسه معاقل الدولة والمجتمع العربيين .. لأن التأسلم السياسي مبني على تحقيق مصالح خارجة عن الجبة العربية الأسلامية .. بل لأن التأسلم السياسي يتوافق الى حد ما مع نظرية الفوضى الخلاقة التي تعني مرحلة من مراحل تطور مشروع الشرق الأوسط الكبير في المنطقة, .. ولأن العلمانية الغربية تدفع الى تطبيق هذه النظرية من خلال إشعال نار الفتنة عن طريق إيجاد خصم سياسي يبرر لها حق التدخل "الإنساني" في شؤون الشرق الأوسط .. لأن الفوضى الخلاقة ومشاريع الغزو الاستعماري تتم أكثر ملامحها من خلال دواعي واهية وحجج وهمية كالتدخل الإنساني .. نصرة المظلومين .. حماية حقوق الأنسان .. حماية حقوق الأقليات .. نشر الديمقراطية وغيرها.
أن ما اصاب الأمة اليوم هي تيارات الإسلام السياسي التي أوقعت بالأمة العربية أكثر ما اوقعته التيارات العلمانية من تراجع وانكماش للمشاريع الوطنية .. فإذا كانت الأخير التيارات الوطنية حققت جزء متواضع من العمل الوطني, ورفعت شعار النهضة القومية والمشروع التكاملي الوحدوي, ووضعت القومية العربية في واجهة الماهيات, ودعت لمشروع وحدة بكل تشكيلاتها .. فأن التأسلم السياسي اول ما عمل قصم ظهر تلك الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي, .. وفكك تجانسها المجتمعي وجعل من مشاريع الوحدة مجرد ملفات على رفوف قديمة .. وفكك المجتمع وجزء الدولة الوطنية الى دويلات (دون القطرية) دولة ميليشات وعصابات تتحكم بوارداة البلد, .. أذن فالإسلام السياسي المتأسلم هو المنفذ الوحيد لمشروع الطائفية بتظافر جهودة مع العلمانية الاستعمارية التي تريد الإطاحة بالصفوة الوطنية في كل بلد تجد فيه المصلحة العليا لأحتلاله.





#حُسام_كصّاي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التسويق الطائفي ونظرية الفوضى الخلاقة
- الاسلام هو الحل
- الطائفية: خريف الثورات العربية
- جدّل المقدس والمدنس (نظرية الديني والسياسي)
- العلمانية هي الحل
- تداعيات العنف الطائفي في العراق


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حُسام كصّاي - التأسلم السياسي