أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الإله بسكمار - شمس العشي ....قد غربت














المزيد.....

شمس العشي ....قد غربت


عبد الإله بسكمار

الحوار المتمدن-العدد: 4397 - 2014 / 3 / 18 - 08:47
المحور: الادب والفن
    


للمرة الثالثة خلال ذات الأسبوع الأغبر، ترمي في وجهه الكتلة الورقية بفضاضة فيحس بسيف حاد ينهش أحشاءه " أقول لك للمرة الألف يابوتليس ، أترك ما تحتاجه فقط وألق مالا فائدة لك به خارج هذا المنزل " ألايتعسك هذا الغبار المتطاير بين الدفات والسطور القديمة ؟ " " ولكني محتاج إليها كلها يا سلوى ..." نبس بتهيب حتى لا يثير هياجها مرة أخرى ....لم تلق بالا إلى هرائه فتابعت بحرقة " وهذه الحساسية التي تنتابنا جميعا من الغبار والقدم والفيروسات ....ألا تخنقك ؟؟" تلقى اللطمة بهدوء صقيعي كعادته " من سابع المستحيلات ....لا يمكنه أن يتخيل تخليه عن تلك الكائنات الناعمة المركومة بجانب أختها الخشنة ... المنسوجة من خلاصات الخشب ونسيج القطن والصمغ والمداد والطبع والصور والخرائط والخطاطات والتمفهمات والمتمخضة ورقا زاهيا وخطوطا أزهى وأمتع ...عصارات الخلايا الدماغية....عجب واستغرب واستفهم ولعن في داخله .... ملتقيات المجانين لكثرة ما انتشر العقلاء حوارات الأزمنة والفضاءات والأخيلة والأحلام...منتديات الكلمات الكبيرة ....خزائن أسرار التكوين الأول ....أليس المطلق نفسه كلمات مجنحة ؟ أسفارا نزلت على أصفيائه الأخيار لإعادة ترتيب الماهيات وتطويق الخلاصات ؟...تذكر ياهذا ...يا بوتليس أنك في مرحلة الخلاصات ....لم يبق الشيء الكثير " أعاد ترتيبها للمرة الألف وكأن شيئا لم يكن ....كل المأساة انه لا يختار الوقت المناسب لإعادة التفكير فيها ...هذا أبو الحبر يغريك بتفاصيل الدواخل الملتبسة والآخر أبو الورق المعتق ينبئك عن حقب التحول والتطور أو الانحدارلا فرق من الكائن القائم على إثنتين إلى الضبع الساعي على أربع....وقال لنفسه وهو يعيد ترتيب الأندلس وتفاصيلها " لا شك أن التضبيع قد أطبق على الجهات الأربع ....لكن ما الجدوى وقد حاصرتكم الأزرار من كل ناحية وكيف تتقن العرنسية في بضع دقائق وتستطيع أن تحصل على لحظة كاملة من لهيبك الصقيعي وتلهفك المستهلك الهالك لا محالة ..."
لعن الشيطان الرجيم وتمكن من ترتيب آخر سفر في الرف المقابل لصالون الجلوس وخاطب طيفه للمرة الألف بعد الستمائة " أنت المعتوه دون ريب أما العقلاء فقد طلقوا الأسفار وعرضوها في الجوطيات وتعلم أن أذكاهم باعها لأقرب بقال في الحي ....تدر عليك في الأقل بعض الدريهمات ...ماذا بقي لهذه الكائنات العطنة من بهاء ومعنى ؟" استلقى على الأريكة ولجأ إلى الزر الملعون فصفعته الأشباح والأوهام ....مراسيم الخراب المعمم .....حطام بشع وناعم معا ....ما شئت أن تختار أو بالأحرى أن يختار الزر لك زرر وزرزر ورزز وزور وقبل أن يودع الصديق أسر له في حنق " لقد عرت الأزرار كل الأسرار..." فوافقك على الملاحظة وكأنه يضغط على زر هو الآخر ويبعث الإشارة ...لكن خدرا لذيذا داهمه ...أحاطت به الأرفف من جديد ....
وبختني سلوى للمرة الألف " أسيادك يجمعون الفرنك الأبيض أو الأصفر لليوم الأسود وأنت تراكم القبور الورقية قديمها والجديد " هاهي تطعنه مرة أخرى في الصميم وحق لها.... " المسكينة لم تلحق معك خاتما ذهبيا واحدا تظهره لأخواتها وصواحبها كعربون على حب غابر لم يبق منه إلا الرماد وطالما طعنتني في عميق الروح " أنت لا تحب إلا نفسك ثم تأتي باقي المعشوقات : الأوراق المتلاشية وما تبقى نذرته للأزرار....لعنها الله من حياة مفلسة " ....صعدت الشرارات إلى الدماغ رميت بالأزرار وقمت إلى الرف الأول فجمعته بالغرفة الهامشية المخصصة في العادة للخراف وأعياد الأضاحي : من العمارة الحضرية إلى البلاغة العربية عبورا على متن سفينة الأندلس وتاريخ البحر والتنشئة البحرية والبرية والهبات البشرية من سبارتاكوس وصاحب الزنج إلى الملتحي المقوبع بأدغال بوليفيا أفرغت بعض السوائل التي تضاعف اللهب في العادة ثم أوقدت الشرارة ...تصاعد الشواظ من الصفحة الأولى.....المقدمات والتشكرات والصعوبات والمنعطفات ...العروض والتفاصيل الصغيرة تتحول بسرعة البرق إلى موجات شعاعية متراقصة تنتهي إلى سواد فاحم شفاف ومن المقدمات إلى الخواتم اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة...
أحس اللهب يتصاعد مع الحر...لن تعود سلوى حتى يصبح كل شيء رمادا فتريحني وأريحها ... هاهي العملية تؤذن بالنهاية ....مراكمة آخر رف مع دفاته وكائناته الحبرية العتيقة والمعتقة يتصاعد اللهب دون انقطاع ....ثمة إحساس غريب بالخلاص ولنا بعد ذلك اضطجاعا رائعا بعد رحلة الألف ميل التي تبدأ بخطوة واحدة كان عليك أن تخطوها من زمان ... تصاعد النفس وأحسست بيد ناعمة تنبهني إلىاتجاه الريح واللهب ، لكني لم أعد ألمحه ....هذا اللهب الإبليسي ....بل إن جمجمتي توجعني ....هاأنت في محطة الخلاصات ويتراقص حولك سؤال الأسئلة " عباس ...وا عباس.... وا بوتليس ....ثقيل كعادتك في غيابات الجب كالأبله ....استو على جنبك الأيمن فقد ضايقتني الليل كله " قام إلى شربة ماء ثم إلى دورة المياه ....دور زر النور.... رباه الرفوف كما نسقها بالأمس بعد منازلته مع سلوى أتذكر سلوى والجرس المنبه ؟ .....اقترب من الرف الأوسط ...مد يديه إلى ذكريات مشاهير الوطن ولمحات من تاريخ الروائح ومنعطفات الأدمغة لم يطالعه أي لهب... لمس سفر السؤال بحنان رقيق لم يستشعره من قبل بل منذ سنوات خلت " هذه صورتك انطبعت عليه ...نفس الملامح والنظرات البعيدة " روى ريقه من ماء ليلي بارد وفكر في ترتيب جديد للرفوف ....















* أستاذ كاتب مغربي



#عبد_الإله_بسكمار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يوجد حزب حداثي بالمغرب ؟
- فصل من رواية قيد الإنجاز - الكباحي -
- باب الجمعة او حدائق تازة المعلقة ..تناغم الزمان والمكان
- الاتحاد الاشتراكي وقواته الشعبية …..يسار مؤجل
- وداعا السي محمد
- المغرب وأخلاق الحالة المدنية
- وطن إسمه المغرب....
- زعماء في الدرجة الصفر
- الوحدة الوطنية : التباسات وأسئلة
- ضد الشعوبية الجديدة
- صناع الهزائم ....
- الرموز لا تموت .....
- رحل الفاجومي ..... لنقف من فضلكم
- التعليم بالمغرب والسور القصير
- ...ومن لهذا الشعب ؟؟
- بين الكائنات الورقية والبيولوجية
- ماذا تبقى من الحركة الوطنية ؟
- 20 يونيو.....ايقاع الذاكرة والعبرة
- النادي التازي للصحافة : دينامية نضالية في خدمة التنمية
- الخطاب العرقي ....الى أين ؟ ( 2 )


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الإله بسكمار - شمس العشي ....قد غربت