أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طوني سماحة - سيّدي الرئيس/ جلالة الملك














المزيد.....

سيّدي الرئيس/ جلالة الملك


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4397 - 2014 / 3 / 18 - 08:25
المحور: المجتمع المدني
    


سيّدي الرئيس، جلالة الملك،
يرتجف القلم في يدي و أنا أخاطبكم. فرهبة المنصب الذي تشغلونه يجعلني أطارد الكلمات كيما أتوجه إليكم بالاحترام اللائق بكم.
سيّدي، لست أعرف من أين أبتدأ الكلام. فأنا مجرد إنسان صغير تمتد جذوره في هذه الأرض المباركة منذ مئات أو ربما آلاف السنين. لكنني مثل الكثيرين غيري، حملت جذوري و غرستها في أرض بعيدة. لماذا؟ يعزّ علي سيّدي أن أقول لكم أن أرضي المباركة تلوثت و ماءها العذب نبض و أشجارها يبست و جذورها ماتت.
من مكتبي الصغير في أرضي البعيدة، أحمل قلمي و بعض الذكريات الحلوة لأكتب إليكم. فلا يستطيع القلم أن يخط سوى كلمة "لماذا".
لماذا، سيّدي، يُقتلُ الأطفال في بلادي؟ أليست الطفولة مرآة المستقبل؟ أو ليس قتل الطفولة نحرٌ للمستقبل في رحم الحاضر؟
لماذا تعنّفُ المرأة و ليس من يصرخ في وجه الظلم؟ أو ليست الهمجية عنوانا عريضا للمجتمعات التي لا تحترم نساءها؟
لماذا يفتخر الرجل في بلدي بسيفه؟ أما عاد للكتاب من مكان في مجمتع يدّعي الحضارة؟
لماذا تستثمر شعوب العالم في محو الأمية فيما ثلث شعوبكم لا يقرأون و يكتبون و يرتفع هذا العدد ليصل الى النصف بين النساء ؟
لماذا شعوبكم ممزقة إثنيا و ثقافيا و دينيا و عرقيا و لا يستطيع واحدكم قبول الآخر؟
لماذا ترتفع نسبة العنصرية في بلادكم أكثر من سواها في بلاد الآخرين؟
لماذا ينعدم الأمن في بلادكم؟ أليس الأمن ضرورة حتمية للاستقرار و الرفاه؟
لماذا ليس للكتاب من مكان في مجتمعاتكم سوى على رفوف المكتبات التي علاها الغبار؟ أو ليس الكتاب رمز الحضارة و التقدم؟
لماذا يكره شعوبكم واحدها الآخر و يسيطر التطرف الديني و الطائفي على مجتمعاتكم؟
لماذا يُفتي رجال الدين بالقتل على الشاشات و المنابر؟ ألا تتسبب هذه الفتاوى بزعزة الامن؟
لماذا نستورد و لا نصدر؟
لماذا ليس لدينا جامعات و مراكز ابحاث تضاهي أكسفورد و هارفرد؟ أحل رجال الدين في مجتمعاتنا بفتاويهم المضحكة المبكية محل العلماء و الباحثين؟
لماذا تُهجرُ الأقليات و هم سكان الأرض الأصليين في الكثير من بلادكم و تفرضون الجزية على بعض رعاياكم؟ أليس في ذلك عيب عليكم؟
لماذا تستفحل الرشوة في دوائركم؟ أو ليست الرشوة دليل فساد و انحطاط؟
لماذا تتضاعف نسب التحرش الجنسي في بلادكم و أنتم تفتخرون بأنكم أمما محافظة؟ فكم بالأحرى لو لم تكونوا محافظين؟
لماذا تنعدم برامج التوعية الأخلاقية و الثقافية و التربوية في مجتمعاتكم و مدارسكم؟
لماذا غرقت البرامج التعليمية في مدارسكم في رمال القرن الماضي، فصار أطفالكم يقرأون و لا يفهمون و يحفظون غيبا و لا يدركون ما يرددون؟
لماذا تمتلكون أعلى نسب الموارد الطبيعية بين سكان الأرض و شعوبكم من أفقر شعوب المسكونة؟
لماذا أنتم أكثر شعوب الأرض تديّنا و أقلها رحمة؟
لماذا تتنصلون من كل مسؤولياتكم في حل المشاكل التي تعانونها و ترمون السبب دائما على الآخرين؟ ألم تكونوا السبب و لو لمرة واحدة في افتعال مشاكلكم؟
لماذا تكثر جرائم الشرف في بلادي و من ثم يُخفّف الجرم و يخرج المجرم من سجنه مرفوع الرأس مفتول الشاربين؟ تبّ شرف تغسله الأيادي الملطخة بالدماء. أو ليس من حق نساءكم أن يغسلن شرفهن بدمائكم إن أنتم زنيتم و خنتموهن؟
لماذا تتكسر السفن التي تحمل المهاجرين من بلادكم على شواطئ البلاد الاوروبية و الامريكية و الاسترالية؟ ألم تعد أرضكم تستطيع حمل شعوبها؟
لماذا يموت الإنسان في بلادي و ترمى جثته على الطريق و ليس من يسأل؟ أما عاد من قيمة للإنسان في بلدي؟
لماذا تتنقل الحروب في بلدي من مكان لآخر و منطقة لأخرى فيما الكثير من شعوب الارض تحيا في أمان؟ أترانا نحمل في جيناتنا إرث أب اللهب و أب الجماجم؟
لماذا أتانا الربيع العربي، و إذ بنا للمرة الاولى في تاريخ العالم نرى معجزة سقوط الثلوج الباردة و القاتلة في الربيع؟

سيدي الرئيس،
لماذا أنتم فوق المساءلة؟ نسمع دائما عن الفضائح الجنسية و المالية التي يرتكبها الحكّام في الدول الأخرى، فيما أنتم فوق الشبهات؟ هل أنتم جميعا من صنف الملائكة؟
لماذا يقف رؤساء الدول الأخرى أمام القضاء للمحاكمة، فيما القضاة في بلادي يخشون النظر الى وجوهكم؟
لماذا ثروات الكثيرين منكم تضعكم على لائحة أكثر الرؤساء ثروة في العالم و أنتم حكام بلاد فقيرة؟
لماذا تتوارثون السلطة أبا عن جد؟ أخلت أرضكم من النوابغ أم أن السلطة أحبتكم دون سواكم حتى صارت تجري إليكم من تلقاء ذاتها و باتت تسري في دمائكم؟
لماذا ترتفع تماثيلكم و صوركم على مفارق الطرقات و على سطوح البنايات، فيما تخلو شوارع البلاد الاكثر تقدما من صور رؤسائها؟ لماذا تنشغل أجهزة التلفاز في بلادكم بكم، فيغني لكم المغنون و يكتب الشعراء عنكم و تزغرد النسوة لكم؟ ترى ماذا أنجزتم أكثر من سواكم؟
لماذا تسبق الالقاب الرنانة أسماءكم. يخاطب العالم رؤساءه بكلمة "سيدي الرئيس" فيما أنتم أصحاب السيادة و الفخامة و الجلالة و المعالي و السعادة و دولة الرئيس؟
لماذا يطغى الطاغي من المحيطين بكم و يظلم الظالم و يسرق السارق و يقتل القاتل و ما من يحاسب حتى صح بكم المثل القائل "كلب المير مير" و ما معناه في الفصحى "كلب الأمير أمير".
سيّدي الرئيس، جلالة الملك،
لقد نبض الحبر من قلمي فابتدأت أكتب بدمعي و دمي. فليكن معلوما لديكم ان التاريخ يستطيع أن يزور صفحات الكتب و محو الحبر عن صفحاتها، لكنه لن يستطيع أن يمحو ما كُتبَ بدمع العين و دم القلب. لقد صرنا أضحوكة الشعوب و مسخرة الامم و انتم تبصرون و لا ترون و تسمعون و لا تعون ما يقال.
أعتذر سيدي الرئيس إن كان بعض كلامي جارحا، أقر أني حاولت جاهدا حبس الكلمات في قلبي، لكنها كسرت قيود السجن و فتحت أبوابه و مضت إليكم حرة طليقة رافضة أن تقيد و تسجن. أنا أعترف، سيدي الرئيس أنكم لستم المسؤول الوحيد عما آلت إليه الامور في بلدي، بل إن الشعب الذي يغني لكم و ينشد القصائد لكم ليس اقل ذنبا منكم.
"من له أذنان للسمع فليسمع"
ط. س.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء عاريات أمام اللوفر
- رسالة الى تكفيري
- السيدة و الخادمة
- عذرا سيّدتي


المزيد.....




- كاريس بشار لـCNN: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى ا ...
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: العمل جار لضمان حص ...
- الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 50 ألف شخص بسبب المعارك شمال إثي ...
- بعد تقرير -اللجنة المستقلة-.. الأونروا توجه رسالة للمانحين
- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...
- منتقدة تقريرها... إسرائيل: الأونروا جزء من المشكلة لا الحل
- زاخاروفا: هناك نقطة مهمة غائبة عن الانتقادات الأمريكية لحالة ...
- البرلمان البريطاني يقر قانون ترحيل المهاجرين غير النظاميين إ ...
- لجنة مستقلة: الأونروا تعاني من -مشاكل تتصل بالحيادية- وإسرائ ...
- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طوني سماحة - سيّدي الرئيس/ جلالة الملك