أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خضر عواد - العراق وازمة الهوية الوطنية















المزيد.....

العراق وازمة الهوية الوطنية


خضر عواد

الحوار المتمدن-العدد: 4396 - 2014 / 3 / 17 - 14:07
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ألعراق وأزمة الهوية الوطنية
ليس من شك اننا نعاني بالعراق من أزمة عميقة تفرعت عنها كل ألازمات اللاحقة أنها أزمة الهوية الوطنية التي نشأت مع تفكك الدولة العثمانية وانهيارها وتشكيل أول نواة للدولة العراقية الحديثة فالمعروف أن الأسلام لم يكن ليقر لأمة بأي شكل من أشكال الهوية الوطنية لأنه يؤمن فقط بهوية العقيدة : التي ينضوي تحتها كل مسلم أيًّا كان مكانه أو شكله أو لغته فلأهل الإسلام مميزاتهم الخاصة بهم، والتي تجعلهم كلهم تحت مسمى واحد ومعتقد واحد (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)[الأنبياء:92 .
أن مشكلة العراق المعاصر هو أنه وقع بين فكي كماشة الأنتماء الوطني والعروبي وفي كلاهما كان الدين والطائفة القاسم المشترك لتعميق هذه المشكلة فهو صراع بين هوية العراق العراقي وهوية العراق العربي وهو صراع قديم أوجده ذلك الشكل الهزيل الذي رافق مرحلة التأسيس للدولة العراقية في العام 1921 ولقد ترسخت الهوة العميقة بين المفهومين بعد العالم 2003 ووصول الأحزاب الدينية الى سدة الحكم .
أولاً لناخذ بشيء من مفوم الوطنية كما عرفته الأمم المتحدة في مؤتمر اليونسكو المنعقد في مكسيكو في العام 1982 فالوطنية كما يعرفها المؤتمر (هي جماع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعنا بعينه أو فئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان، ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات، وان الثقافة هي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته والتي تجعل منا كائنات تتميز بالإنسانية )
أن السمات التي أشار اليها التعريف هي جزء حيوي من الواقع الروحي والفكري والثقافي للعراق والعراقيين لكن للاسف هناك من يجد في الطائفة وليس بالعراق عراقيته وهناك من يجد بالقومية وليس بالعراق عراقيته قبل ايام ومن على الفضائيات الاعلامية شاهد الكثيرون أحد علماء الدين السنة وهي يصرخ مستنجداً برجب طيب اردوغان حفيد محمد الفاتح كما يصفه لكي ينقذ أبناء جلدته السنة مما هم عليه وكان يرفع خلفه علم تركيا وفي نفس الوقت ومن على فضائية أخرى كان هنالك شأن آخر لرجل دين شيعي حينما سأل عن موقفه فيما اذا وقعت الحرب بين أيران والعراق وكان الرجل صريحا جدا حينما أجاب بأنه سيقف بالطبع الى جانب أيران .
هاتان الحادثتان أبرزتا حجم المشكلة التي يعاني منها البلد فالسني لايرى بالعراق الا امتدادا للدولة العثمانية متمثلة بتركيا والشيعي لايرى بالعراق الا امتدادا آخر للدولة الفارسية متمثلة بايران لكن أين يكون مكان وامتداد العراقي الكردي والكلدني والتركماني والمسيحي والصايئي والايزيدي ؟
فهل العراق العراقي للعراقين فقط ؟هل العراق القومي جزء من محيطه العربي ؟هل العراق المتنوع الدين والطائفة أسلامي ؟
من المؤكد أن العراق لم يكن نتاج ديني لا بأرثه ولا بتأريخه فالدين متمثلاً بالفتح الاسلامي دخل العراق بعد مايقارب الاربعة الاف سنة من من وجود العراق الذي عرف ببلاد ما بين النهرين أو بلاد الرافدين وهو بطبيعة الحال لم يكن جاهلياً كما هو الحال بالجزيرة العربية فلقد سبقت حضارة سومر وبابل واكد وآشور الفتح الاسلامي بعصور متقدمة فعلى ضفاف هذه الارض زرعت الارض ومدت قنوات الري وشرعت القوانين وكتبت الحروف واخترعت العجلة .
أيظا العراق لم يكن عربياً بنشأته فلاقوام التي أستوطنته في فجر التاريخ هي بالأصل أما أقوام محلية أو مهاجرة من شمال العراق كما يؤكد ذلك المؤرخ طه باقر ( أن السومرين لم يأتوا من جهات بعيدة خارج القطر وإنما كانوا أحد الأقوام الذين عاشوا في جهة ما من وادي الرافدين في عصر ماقبل التاريخ ثم استقروا في السهل الرسوبي منه في حدود الالف الخامس قبل الميلاد أو بعد ذلك الزمن عندما أصبح هذا السهل صالحا للسكنى) باقر، طه, مقدمة في ادب العراق القديم، الدار الدولية للاستثمارات الثقافية، مصر، 2004,ص81 .
كذلك يذكر المؤرخ البريطاني هنري فيلد أصل سكان العراق فيقول (ن سكان الاهوار هم النسل المباشر للسومرين الذين عاشوا في العراق قرابة خمسة الالاف عام خلت، وانهم دفعوا للحياة في الأهوار لغرض الحماية) سليم، د.شاكر مصطفى، الجبايش، دراسة انثروبولوجية لقرية في اهوار العراق، اطروحة دكتوراة في الفلسفة مقدمة لجامعه لندن, ج1, مطبعة الرابطة، بغداد, 1956, ص25.
ويقول الجاحظ في كتابه البيان والتبين أن اعداد العراقيين كان يقدر أبان الفتح الاسلامي ب 7 ملاين نسمة أكثرهم لم يكونوا يجيدون اللغة العربية حتى القرن الثالث الهجري .
أذن هذا العراق العراقي لم يصنعه الفتح العربي الاسلامي ولم يضف له من شيء بقدر ما اخذ منه الكثير الكثير فلقد كانت تقطن هذه الارض أمة منتجة متحضرة قدمت للعالم اللغة والحضارة والكتابة والصناعة والقوانين حين كانت الجزيرة العربية وأصقاع شاسعة من العالم تعاني من الجاهلية والتخلف والبداوة كان من سوء حضها أن تكون ساحة قتال بين قوى متناحرة مرة بين العرب والفرس ومرة بين العثمانين والفرس ومرة بين المغول والعثمانين .
ان المسألة المهمة في هذا الاسلام العراقي، ان المذهبين الاساسيين في الاسلام، التشيع والتسنن، ما كانا من صنع خارجي بل ان العقل العراقي وتطور الاوضاع في تلك الحقبة هو الذي أنتج هذه المذاهب. فالمذاهب السنية، مثل الاشعرية والحنفية والحنبلية (كذلك الاباضية) نشأت في العراق. نفس الحال بالنسبة للمذاهب الشيعية، مثل الجعفرية والاسماعيلية والزيدية والنصيرية أيضاً نشأت في العراق. بالاضافة الى ابداعات الفكر والتصوف العراقي، مثل اخوان الصفا والمعتزلة والقادرية وغيرها الكثير. ناهيك عن المجالات الاخرى في الابداع الحضاري البعيدة بصورة ما عن الدين، في اللغة والادب والفلسفة ومختلف الفنون والازدهار الحضاري التي دخلت ضمن ما سمي بالحضارة العربية الاسلامية.
أنها مهمة غاية بالصعوبة لسهولتها أن تجعل العراقي يشعر بوطنيته بعيداً عن مؤثرات الدين والقومية التي صارت لصيقة به منذ الألف وأربعمائة عام بعد ان أجبرته الضروف القاسية أن يتخلى عن تاريخ عمره يقدر بأكثر من سبعة الاف عام فالوطنية بأوج أزدهارها وهي تقارع الاحتلال الانكليزي لم تستطع أن تخلع رداء الدين والتدين وأمامنا هذا النموذج من التصور الديني للوطنية كما صاغه المرجع الديني السيد محمد تقي الشيرازي في العام 1920 وقد صدر بشكل فتوى رداً على مشروع الانتداب الانكليزي للعراق يقول السيد الشيرازي بفتواه (لاأحد من المسلمين أن ينتخب أو يختار غير المسلم للامارة والسلطنة على المسلمين ) ويعلق السيد علي الوردي على هذه الفتوى بما يلي (ان هذه الفتوى كانت عملا اساسيا في تطوير الوعي السياسي بالعراق فهي قد جعلت الدين والوطنية في أطار واحد وهذا جديد لم يكن الناس يالفونه من قبل وبذا اصبح الوطني متدينا والمتدين وطنياً ) المصدر لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الجزء الخامس ص 104 أذن نحن في رحاب النظرة الدينية للواقع العراقي لانستطيع ان نفصل الدين عن الوطنية ويمكن لنا ان نسيس القضية الوطنية لكن لايمكن أن نسيس الدين لأغراض الوطن حتى صدام حسين الذي عرف بعدائه الصريح للدين ورجاله وحمل لواء العلمانية للدولة البعثية وأقدم على أعدام أثنين من أبرز رموز الحركة الدينية بالعراق بجناحيها السني والشيعي حيث أقدم على أعدام الشيخ عبد العزيز البدري في حزيران من العام 1969 وبعدها أعدم سماحة الامام محمد باقر الصدر في نيسان 1980 لم يستطع في أواخر أيامه أن يتحرر من سطوة الدين وتاثيره السايكلوجي حين أصر ان يصطحب معه في محاكمته الشهيرة نسخة من القرآن الشريف بعد أن أطلق لحيته ونسي محاكماته لرفاقه الذين اخذ عليهم بناء الجوامع او ترددهم عليها وقال كلمته الشهيرة ( أن الرفيق البعثي الملتزم بمباديء البعث والمضحي من اجلها هو عند الله افضل من عمر بن الخطاب ) .
في التاريخ العراقي المعاصر ربما لانجد شخصية أنتهجت مسلكاً علمانياً في أدارة الدولة دون المساس بقدسية وروحية الدين ورجالاته كما فعل الزعيم عبدالكريم قاسم مؤسس الجمهورية الاولى وأول رئيس لوزرائه في النظام الجمهوري ولقد كان حنا بطاطو مصيبا ودقيقاً في وصفه لشخصية قاسم حين قال عنه ( أنه نسيج موَحِد ) وربما خدمه في ذلك نسبه فهو من أب سني زبيدي ومن أم شيعية من الكرد الفيلية ومن الطرائف التي تذكر عن جهل الكثيرين بانتمائه المذهبي الرواية التي ينقلها حسن العلوي في كتابه الشيعة والدولة القومية والتي يدور بها الحوار بين عبدالعزيز القصاب رئيس مجلس النواب العراقي في العهد الملكي وعبدالهادي الجلبي رئيس مجلس الاعيان في بيروت بعد ثورة 14 تموز 1958 حيث يسأل عبد العزيز القصاب صديقه الجلبي (من أين اتيتم ايها الشيعة بهذا الرجل البغيض ) ( ويقصد عبدالكريم قاسم ) اذا أستطاع عبد الكريم قاسم بحنكة الوطني وحكمة وحتى لرجال النخبة آنذاك أن يبعد نفسه عن كل ماكان يمكن أن يجعله رجل طائفة وليس رجل دولة وأعتقد أنه نجح في ذلك .
ختاماً اتصور أن موضوع البحث الدؤوب لهوية عراقية وطنية سيظل لزمن طويل آخر مطلباً وحلماً يرواد الملايين من العراقيين في ظل هيمنة صراع دولي تقوده أطراف عراقية علمانية ودينية بمسميات أثنية وقومية العراق لن يكون فيه اِلا غنيمة الرابحين .



#خضر_عواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خضر عواد - العراق وازمة الهوية الوطنية