أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حنان فوزي المسعودي - سعدي -الفكر-















المزيد.....

سعدي -الفكر-


حنان فوزي المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 4396 - 2014 / 3 / 17 - 12:39
المحور: كتابات ساخرة
    


سعدي "الفكر"....  

تلمس جيبه..كي يتأكد من وجود ذلك الخيط الأخضر المبارك الذي احضرته له زوجته من أحدى المراقد المقدسة...بينما كانت الشمس تطل بأولى اشعتها على مدينة بغداد..حي الأمين.... كان يفضل التنقل مشيا لأنه سيصل اسرع الى مبتغاه بسبب الازدحامات في شوارع العاصمة... توكل على الله...وحوقل....واستعاذ من الشيطان في كل خطوة..بينما تلمست يداه ذلك الحرز بين حين واخر وهو يدعو ...لم يكن صوفيا بطبعه ولكن الأحداث التي لازمته في الأونة الأخيرة..اجبرته على التصرف بروحانية أكثر....
غذ خطاه وهو يحاول تجنب مجموعة من الكلاب السائبة التي اتخذت من حطام إحدى السيارات المحترقة مأوى لها...كان يتردد وهو يهم بعبور الشارع فبرغم عدم تجاوز الساعة للسادسة صباحا إلا أنه كان متأكدا من قدوم إحدى المركبات بسرعة كي تدهسه....."فكر"...."فكر"....تذكر هذه الكلمة..وكيف رافقته في سنين مراهقته ... ثم اقترنت به بصورة عملية وهو قد شارف على الأربعين..... "ابني لاتزعل مني....انت صدك فكر" بهذه الكلمات البسيطة الساذجة قام الحاج ابو عبد الله بطرده من عمله الأخير في مطعم الوجبات السريعة الكائن في العلاوي... كان الحاج ابو عبد الله رجل خير وتقوى...وقد وافق منذ ثلاثة اشهر على تعيين سعدي "الفكر" كما يسميه اصدقائه في مطعمه ومنذ اليوم الأول والنحس يلازمه...بين الانفجارات المتلاحقة التي باتت تستهدف هذا المطعم البسيط الى سكب شوربة العدس على الزبائن...ثم فيضان مياه الصرف الصحي ..وأخيرا امتناع الزبائن عن القدوم لسبب غير معروف..مما حدا بأبو عبد الله الذي لايشاهد بدون سبحته الشهيرة ومع ختم الصلاة والورع على جبينه...الى طرده من عمله مع مكافأة ماليه بسيطة.....
أخذ يتذكر حظه العاثر وتقلبه في الأعمال منذ ثلاث سنوات وطفق يعدد أرباب عمله.... "سجاد ابو الكية"...."صالح ابو الشربت"..."ابو طه الركاع"....وغيرهم كثير...فقد قرر ان لايتذكر سوى من عمل معهم لمدة ثلاثة اشهر فأكثر.... لم يعرف هل إن الحياة معقدة بهذا الشكل لكل البشر ام إنه فعلا "فكر"...؟ "جاسم حاروكة" جيرانهم...جان يشتغل سكن..والله وفقه وهسة اشترى سايبة واموره ماشية..... "لعد شبيه حظي"...؟؟...تساءل سعدي وهو يتجنب بحذر احدى فوهات المجاري المفتوحة على الرصيف...
كان قد عقد أمالا كثيرة على العمل مع "سجاد"...ابن خالة زوجته..وهو سائق كيا على طريق الحبيبية....جلس سعدي الى جواره..وفتح النافذة وأخذ يصرخ على عادة السكنية..."حبيبية...مدينة...حبيبية...مدينة"..بينما يتدافع الركاب الى الصعود..حتى لم يتبق مكان لسعدي..فجلس على حافة كرسي سجاد الذي توكل على الله وادار السيارة ..وانطلق على صوت حسام الرسام منشدا في المذياع.."مو كالوا...جديد الوطن راح يصير".....وبعد دقائق فقط...انقطع الشارع...وتعالى الصراخ والهرج بوجود عبوة ناسفة..مما دفع الركاب الى مغادرة الكيا والركض الى الأزقة والشوارع الفرعية قبل ان يتمكن سعدي من جمع الكروة......كان يمكن ان تمر هذه الحادثة دون توابع فهي من الامور العادية في بغداد ولكن تكرارها بشكل يومي وحتى بعد ان غير "سجاد" مسار كيته...الى الكاظمية يوما....والسيدية ...والبياع يوما اخر.....وفي كل يوم تعترض طريقه عبوة او سيارة مفخخة....ويهرب الركاب بدون دفع الأجرة او يصرون بالشتائم والضرب على استرجاعها....حتى فقد سجاد اعصابه واخبر سعدي في نوبة سكر شديدة.."انه ماشاف خير من يوم اللي شاف وجهه"....
كيف يكون الشخص منحوسا...تساءل سعدي وهو يقترب من التقاطع ...متجها الى مقصده....هل ان الصدفة هي ماحدت بالزبائن لترك مطعم العلاوي......ام ان الصدفة هي التي زرعت العبوات في طريق سجاد ابو الكيا......وغيرها وغيرها....فقد كانت الصدفة تقف امامه ساخرة في كل عمل يزاوله.......ففي عز الصيف احجم زوار الكراج عن شرب العصير المثلج الذي يعده سعدي ويبيع القدح بنص دينار ثم بربع..... واحجم الناس عن تصليح احذيتهم القديمة حالما عمل سعدي مع ابو طه الركاع...مما دفعه الى غلق محله والاكتفاء بتقاعد زوجته المتواضع......
"خلص سعدي.... راح يعيفك النحس...ويمكن ينادوك الناس سعدي المجنص بدل الفكر"... سيذهب الى ممارسة العمل الذي لن يبور سوقه ولن ينقطع رزقه....بل ان نحسه قد يكون عاملا مساعدا في اداء هذا العمل......رغم احتقاره لنفسه...وهو يغذ الخطى بإتجاه عمله الجديد....ولكن يجب ان يأكل الأولاد....ويجب ان يدفع اجرة البيت وإلا سيجد نفسه مع اولاده الخمسة وزوجته "إنصاف" في الشارع قريبا...... لن يقتل أحدا....سيكتفي ببعض العمليات التخريبية ويقبض اجوره بالأخضر....ويمكنه أن يكتفي بعمليتين ثم يترك هذه المهنة ويفتح دكانا ربما..... كانت تلك افكاره الأخيرة التي حاول ان يقنع نفسه بها قبل ان يطرق الباب الحديدي الكبير ..ثلاث طرقات متفق عليها..... لم يجد جوابا.....انتظر قليلا وعاود الطرق....ثلاث مرات.....ولا جواب... غامر بفتح الباب وهو يتوقع انفجارا يقتلعه من مكانه..ولكن لم يحدث شئ.....رأى جسدا ممدا في الباحة الأمامية للمنزل...تصوره قتيلا ...ولكن تتابع غطيطه اخبره انه كان نائما...ايقظه برفق...."ابو ليلى...ابو ليلى".......استفاق مفزوعا......."لاتخاف..اني سعدي....اجيت على الموعد...لعد وين الجماعة"... قال الملقب بأبو ليلى الذي لم يتجاوز السابعة عشر بعد وهو يفرك عينيه......"يبدو انك لم تستمع الى الأخبار "؟.... "لا....نمت مبكرا كي اصحو مبكرا...ما الذي حصل"...؟ "لقد اعلنت المنظمات الأرهابية انسحابها من العراق بالأمس فقد توصلت كل التيارات الى إتفاق موحد او شئ من هذا القبيل.....عليك ان تبحث عن مهنة اخرى.....وخليني انام"..   غادر سعدي "الفكر" ذلك المنزل المتهالك..وهو لايصدق ماسمع.....حتى عندما اراد ان يعمل إرهابيا....عم السلام في العراق..... ضحك بصوت عال....وهو يردد "لك صدك اته فكر....هههههههههههههه"....التفت اليه بعض المارة التي ابتدأت الشوارع تعج بهم...وهم يتأسفون على شبابه...."ربما جن بفعل الاخبار السعيدة ليلة امس"....تساءل احدهم...بينما واصل سعدي ضحكه الهستيري..واخذ يقفز بحركات غريبة راقصة وهو يقول ..."وأخيرا الفكر مالتي فاد العالم...لو أدري جان اشتغلت ارهابي من زمان"....ههههههههههههه



#حنان_فوزي_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم المرأة الشرقية...رحمها الله
- إلى المطر
- أوراق من زمن الحب 18/ الأخير
- إلى من عشقت حبيبي....
- أوراق من زمن الحب 17
- إلى صديق إفتراضي..
- ممارستي الأولى للطب في السليمانية
- أوراق من زمن الحب 16
- عتاب...
- في سبيل الخاتم...
- أوراق من زمن الحب 15
- إلى متردد
- ألزعيم : ده أنا غلبان !!!
- إلى شمسي
- أوراق من زمن الحب 14
- إلى زجاجة عطري
- إلى من يرفض مكالمتي....
- أوراق من زمن الحب 13
- رجائي الوحيد
- أوراق من زمن الحب 12


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حنان فوزي المسعودي - سعدي -الفكر-