أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - هو لص... وهم كلاب... فماذا عنها؟!














المزيد.....

هو لص... وهم كلاب... فماذا عنها؟!


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 4396 - 2014 / 3 / 17 - 03:24
المحور: الادب والفن
    


عندما تمكنت قوات الأمن من القضاء على "سعيد مهران"، انطلق الصحفيون يلتقطون الصور لجثة المجرم العتيد ذي التاريخ الإجرامي، والذي ارتكب مؤخرًا عدة جرائم قتل، كان آخرها جريمة قتل بواب الصحفي الشهير "رؤوف علوان"، وهي الجريمة التي كان المقصود منها قتل "علوان" نفسه لا بوابه، إلا أن القدر اختار البواب. وبعد أن أتم الصحفيون مهمتهم، سحب رجال الإسعاف الجثة، ووضعوها في سيارة الإسعاف المصاحبة لهم، والتي انطلقت تحيطها سيارات رجال الشرطة إلى جانب سيارة "علوان" نفسه الذي حضر اللحظات الأخيرة في حياة "سعيد"، وهي الحياة التي كان الصحفي المخضرم أحد العناصر الرئيسية فيها. كذلك رحل بعض أهل المنطقة الذين التفوا حول مسرح الأحداث، ربما بحثًا عن حكاية يروونها لأبنائهم ليلًا عن المجرم الذي أسقطته رصاصات الشرطة.
رحل الجميع... وبقيت هي وحدها...
بقيت "نور" بعد أن انصرف رجال الشرطة والإسعاف وأهل المنطقة. وقفت وحدها في المشهد الأخير من فيلم "اللص والكلاب" المأخوذ عن قصة بالاسم نفسه للراحل المبدع "نجيب محفوظ"، والذي أخرجه مبدع آخر راحل هو كمال الشيخ.
وقفت "نور" (التي لعبت دورها ببراعة الفنانة المبدعة القديرة شادية) ترقب الحلم الضائع الممثل في جثمان "سعيد مهران" (الذي جسد دوره المبدع المتألق دومًا حتى بعد الرحيل شكري سرحان)؛ ذلك الحلم الذي تمثل في رجل لا يعبأ بجسدها، ولكنه يهتم بها وبروحها، ويضعها في مكانة واحدة من ابنته السليبة "سناء".
هم يقولون إن "سعيد مهران" لص، وهو يقول إنهم كلاب... حسنًا، ربما نصدق الاثنين بأنه لص، وبأنهم كلاب... فماذا عنها؟! ماذا عن نور؟!

من "نور"؟!!
نور... واحدة من بنات المجتمع، نساها المجتمع، ولما أخذت طريقها فيه بما تملكه من رأس مال، نبذها المجتمع نفسه!! كانت "نور" عاهرة تبيع جسدها لمن يدفع كسبًا للزرق، وربما دفع القدر في طريقها من يأخذ منها ما يريد، ولا يدفع الثمن؛ فلا يبقى لها في تلك الليالي سوى الدموع والجوع... وبعض من رأس المال أيضًا. هي واحدة عادية للغاية، أرادت حياة مستقرة؛ فلم تظفر من المجتمع سوى بحياة الليل. وعندما جاءها حلم الخلاص ممثلًا في "سعيد"، أخذه منها الكلاب؛ وربما هو أيضًا أخذ نفسه منها.
ولما رحل "سعيد" ورحل رجال الشرطة والإسعاف ورحل "رؤوف علوان"، بقيت نور بمفردها، دون أن يعبأ بها أحد؛ دون أن يحاول أحد حتى أن يعزيها في حلمها الضائع... دون أن يحاول أحد أن يقدم لها البديل.
تاهت نور في خضم الصراع بين اللص - الذي أخذته شهوة الانتقام ممن حولوه لقاتل - وبين الكلاب، الذين لم يتخيلوا - أو تخيلوا ورفضوا التصديق - أنهم الكلاب الذين حولوا لصهم إلى قاتل.
هذه هي "نور"، التي ضاعت بين اللص والكلاب، وبقيت وحيدة في المشهد لا يعبأ بها أحد.

أكثر من نور...
ربما يصادف الإنسان في حياته أكثر من نموذج لهذه المرأة المسماة "نور"، وربما يكون هذا النموذج ماديًّا، وربما يكون معنويًّا؛ فليس من الضروري أن يكون من لحم ودم. ربما يكون رمزًا... أو وطنًا.
وطنٌ؟!
نعم، من الممكن أن تكون هذه الـ"نور" وطنًا بأكمله ضاع بين اللص والكلاب.
فلننظر إلى حال مصر بعد ثورة 25 يناير. ما هو حالها؟!
فشل الثوار في الحفاظ على ثورتهم، وأهدوها إلى كل من ليس له علاقة بهذه الثورة ليتاجر بها. فشلوا في الحفاظ عليها، وعندما انطلقوا في الشوارع مطالبين باستردادها، أطلق عليهم تعبير "البلطجية"؛ فتحولوا بالفعل إلى بلطجية يهاجمون المقار الحكومية للفت النظر إلى أن الثورة قد ضاعت.....!!
لم يكن "سعيد مهران" مجرمًا بطبيعته، ولكن تحالف قوى المجتمع ضده أحاله إلى قاتل استحق إطلاق النار عليه في مقتل لإراحة المجتمع من شروره... هكذا فكرت الشرطة دون أن يتساءل رجال "الأمن" حماة المجتمع عن الكيفية التي تحول بها "سعيد مهران" إلى هذا المجرم العتيد.
راح الوطن إلى الكلاب، الذين استوطنوه وراحوا يطلقون على كل من يعارضهم تعبير "البلطجي" أو "الإرهابي" على حسب موقعه في التسلسل الإجرامي الذي اختاروه لمن يعارضهم، ونسوا للحظة أن الفيلم به تعبير "الكلاب"، وهو التعبير الأنسب لهم في الفيلم.
هل بات الوطن رخيصًا إلى هذا الحد؟!
بعد مقتل أي من المعارضين للنظام سواءً من التيارات الليبرالية أو الشبابية أو الإسلامية، يتجمع المواطنون حوله ثم ينفضون... و...
وتبقى "نور" بمفردها...
ترقب وجه القتيل...
فيه الحلم الضائع.
******



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل إذ يستقيل... ثم يحيل
- عندما تتكلم شهرزاد... ليصمت أصحاب الشوارب!!
- عزازيل... الشيطان يكمن في هيبا
- العزلة سبيلًا للحرية... والحفاظ على الهوية!!
- يسقط حكم العسكر... ما حكم العسكر؟!
- المأزق الراهن... كيف صرنا إلى ما صرنا إليه؟!
- بين كنفاني وموريس... التوثيق الروائي والزيف الوثائقي!!
- جيل النكسة وإحباطات الشباب... الحل العكاشي!!
- التاريخ... بين ابن خلدون وسان سيمون
- بعد حبس الفتيات وإقرار مسودة الدستور... الشارع هو الحل!!
- وسط البلد من جديد... حكايات المصريين
- إلى مصر مع التحية... هل عاد المد الثوري؟!
- أبو بلال... التغربية أو ربما الشتات... هل من فارق؟!
- محاكمة مرسي... مرسي فقط؟!
- موشح أيها الساقي... عن التصوف والإبداع وأشياء أخرى!!
- إنهم يفقروننا... فما الخلاص؟!
- شبرا وعبد الباسط وبرج الكنيسة... ومصر...!
- ملاحظات على فكر سان سيمون (3)... المجتمع المثالي
- الوضع المصري... محاولة للفهم وربما الخلاص (4) كيف أخفق رجال ...
- الوضع المصري... محاولة للفهم وربما الخلاص (3) الطبقة الوسطى. ...


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - هو لص... وهم كلاب... فماذا عنها؟!