أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى القرة داغي - نواعم شوستاكوفتش.. الموسيقار الموسوعة















المزيد.....

نواعم شوستاكوفتش.. الموسيقار الموسوعة


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 4396 - 2014 / 3 / 17 - 01:19
المحور: الادب والفن
    


يُمكن إعتبار الموسيقار الروسي ديميتري شوستاكوفتش آخر أساطين الموسيقى الكلاسيكية العالمية، فرَغم إنه عاشَ القرن العشرين بكل تحولاته التي طالت المَدارس الموسيقية المُختلفة، ورَغم مُحاولته مُواكبة هذه التحَوّلات أحياناً، إلا أنه ترك بَعد وفاته عام1975 إرثاً موسيقيا ثميناً ورَصيناً مِن الأعمال الموسيقية، مِنها 15 سمفونية و15 رباعية وترية و2 كونشرتو للبيانو والعديد من المتتابعات وسويتات الباليه، كما وضع موسﯿ-;-قى تصويرية لكثير مِن اﻷ-;-فﻼ-;-م الروائﯿ-;-ة وأفلام الكارتون، تحَوّل بَعضها الى أعمال موسﯿ-;-قﯿ-;-ة مُنفصِلة بشكل متتابعات موسﯿ-;-قﯿ-;-ة أو سويت، مِن بﯿ-;-نها موسيقى فﯿ-;-لم "عَشرة أيام ھزت العالم" الذي يُوثق لأحداث أكتوبر1917 التي ألف لها شوستاكوفتش سمفونﯿ-;-تﯿ-;-ن، الثانية"إلى أكتوبر" والثانية عشر"إلى سنة 1917". رَغم ذلك لم يَكن شوستاكوفتش على وفاق مَع سلطة ستالين واللجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم، الذين وصفوه بعَدم الكفاءة والتأثر بالغرب لأنه لم يُمَجّد ما إعتبروه إنجازات رآها زائفة، وإنتصارات رآها مآسي، رؤية عَبّر عَنها في سمفونيته الخامسة ذات الطابع الدرامي والسابعة "لينينغراد" التي عُزفت لأول مَرة في لينينغراد المُحاصَرة والثامنة المأساوية والتاسعة المليئة بالتهكم والسُخرية، ولم تبدأ أنغام الفرح والتفائل بالتسَلل لمؤلفاته إلا أواخر الخمسينات بعد وفاة ستالين عام 1953 أملاً منه بحُرية قد تمنح للشَعب وفنانيه. وبَعد فترة إستقرار عاشَها في عَهد خروشوف، الذي شَهد إنفتاحاً بسيطاً مُقارنة بسَلفه أبدَع خلالها سمفونيتيه الحادية عشر والثالثة عشر، عاد القلق ليتمَلكه بعد تنحِية خروشوف ودخول البلاد بمَرحَلة غير مُستقرة تركت آثارها على نفسية شوستاكوفتش وأعماله التي بَدأت تطغي عليها أنغام كئيبة وموضوعات حَزينة، يُمكن أن نجد ترجَمتها في سمفونياته الأخيرة وتحديداً الرابعة عشر والخامسة عشر وسوناتا البيانو التي كانت آخر أعماله قبل أن توافيه المَنية عام 1975.
مِمّا لا شَك فيه إن سمفونيات شوستاكوفتش هي مِن الاعمال المُهمّة في عالم الموسيقى العالمية، لكنها بكل تأكيد ليسَت أروع ما تركه لهذا العالم، فلِنواعِمه القِصار مَذاق آخر يَجعلها تتميّز وتتفوق على الطِوال مِن مُؤلفاته. وقد تشَكل سمفونياته الـ15العمود الفقري لأعماله،إلا أن نواعِمه هي التي تعَبّر عَن ألقه وعَبقريته. فكونشرتاته ومُتتابعاته وسويتاته ضَمّت في طيّاتها وبَين ثنايا حَرَكاتها قطع موسيقية نادِرة ودُرَر فنية ثمينة أسميتها بالنواعِم لقِصَرها وخِفّتها وبَساطتها، ولكونها تُظهِر جانباً مُختلفاً مِن شخصيته الفنية والإنسانية، وعالماً لا يَمُت بصلة لعالم سمفونياته، عالم لم يَنل حَظه مِن التركيز والإهتمام الذي نالته سمفونياته، عالم يَحتاج الى سَـبر أغواره وإستِكشاف كنوزه والتـركيزعليها قطعة قطعة ليتسَنى فهمَها والإستمتاع بها. في نواعِمه نَجد تجَليات رغبة بالجُموح والإنطلاق بَعيداً عَن قيود يَبدوا أنه كان يَشعر بها تكبّل روحه وإبداعِه قبل يَديه ولِسانه، تجَليات يَبدوا بأنه لم يَكن يَجرؤ على الإعلان والتعبير عَنها بوضوح بل يَعمد لإخفائها ضِمن سِلسلة مِن الحَركات المُتعاقبة والمُتداخلة التي كانت تتضَمّنها سويتاته ومُتتابعاته،والتي كانت مُرونة مَواضيعها المُختلفة والمُتنوعة بين التأريخ والدراما وأفلام الكارتون تسمَح له بإطلاق مَكبوت إبداعه مِن الأنغام والألحان السَعيدة والراقِصة والرومانسية بإفراط أحياناً.
لعَل مِن أبرَز وأروع نواعِم شوستاكوفتش التي على المَرء الإستِماع اليها والإستِمتاع بها نواعِمه الراقِصة مِثل فالس سويت الجاز رقم 2، ورقصة غالوب سويت الباليه رقم 1، ومقاطع سويت شيريموشكي، وفالس سويت الجبال الذهبية، وفالس رقصة الدُمى. أو نواعِمه الدرامية كمَقطوعة الصَيد مِن سويت هاملت، و الحركة الثانية مِن رباعيته رقم 8، والحَركة الأولى مِن سمفونيتيه الخامسة والثامنة، والحَركة الأولى مِن كونشرتو البيانو رقم 2 . أو نواعِمه الرومانسية مِثل رومانس سويت غودفلاي المُفعَم بالعاطِفة، والحَركة الثانية الرقيقة مِن سويت سقوط برلين، والحَركة الثانية مِن كونشرتو البيانو رقم2 المَليئة بالشَجن، ولولباي البيانو. وغيرها مِن الأعمال التي أبدَعَتها أنامل شوستاكوفتش ومُخيّلته الخصبة، كزهور مُتنوعة العُطور والأشكال والألوان.
ليسَ غريباً أن يُعتبر شوستاكوفتش أحد أھَم موسيقيي القرن العشرين لأنه كان موسوعياً في موسيقاه، فمِن جهة تأثر أسلوبه بأسلافه مِن الموسيقين الروس كجايكوفسكي ومَجموعة الخمسة، وتظهِر بَعض سمفونياته تأثره بأسلوب الموسيقار النمساوي بروكنر، لذا كان يُعتبر مِن رموز المدرسة الرومانتﯿ-;-كﯿ-;-ة المُتأخرة. ومِن جهة أخرى أظهر تأثراً بالموسيقى الغربية بدا واضِحاً في سويت الجاز الأول والثاني. كما إتجه في بَعض مؤلفاته الى الحَداثة واللاتقليدية التي تَظهَر في لا مَقامية ولا تناغم ألحانها، والتي إمتازت بإحتواء تركيبتها اللحنيّة على أنغام غير مُتجانسة وغريبة ومُتقطعة، أشّرَت لمَيله في مَرحلة ما مِن مَسيرته الفنية الى بعض المدارس الموسيقية المُفرطة بحَداثويتها، التي سادَت وبادَت بسُرعة قياسية خلال النصف الأول مِن القرن العشرين، دون أن تترك أثراً يُذكر على الساحة الموسيقية كسابقاتها التي إمتلكت رصانة وأصالة رُبما لم تمتلكها هذه المدارس. لكن الجَميل في شوستاكوفتش هو أنه لم يتأثر كلياً بهذه المَدارس، وقد بدا هذا الأمر واضِحاً في مُتتابعاته وكونشيرتو البيانو 2 وسويتاته التي حَفلت بحَركات ومَقاطع رائعة تجمع بين جمالية اللحن وخفته ورصانة الأسلوب وقوته. بالتالي ولفَهم روحية مولفات شوستاكوفتش ومَنهجه بالتأليف يحتاج المَرء الى سماع مؤلفاته لمَرّات عَديدة بإصغاء عميق وتأني، ليَستطيع التمييز بين بنائها الدرامي مِن جهة وماتختزنه مِن عاطفة مِن جهة أخرى، ثم محاولة الرَبط وإيجاد التناغم بَينها للخروج بصورة واضِحة عَن أعمال تمتاز بخصوصية واضِحة في طريقة بنائها الهارموني.
رَغم الظروف المُتقلبة وغير المُستقِرة التي عاشَها، ورَغم الصَرامة التي كانت تبدو عليه، فقد كان شوستا كما كان يُسمّيه المُقرّبون مَرحاً وصاحِب مُزحة، وإحدى طرائِفه كانت السَبب في إبداعه لواحِدة مِن أشهَر مؤلفاته وأكثرها شَعبية وهي (Tea for two) التي أعاد توزيعها عَن أغنية لفِنسنت يومانس بَعد ان تحدّاه صديقه نيكولاي بإعادة توزيعها أوركسترالياً خلال ساعة، فما كان مِنه سوى أن جَلس وأمسَك بورقة وقلم وقام بتوزيعها خلال 45 دقيقة رَغم أنه لم يَستمع أليها سوى مَرة واحدة كانت كافية لأن يُحولها الى تحفة، وقد عُزفت لأول مَرة عام1928 بأسم (تاهيتي ترول) كجُزء مِن سويته الشَهير (العصر الذهبي) الذي ضَمّ بالإضافة اليها رقصة (البولكا) الشَهيرة. قبل وفاته بفترة وحينما بدأ يَتجه الى العُزلة كتب شوستاكوفتش رسالة الى أحَد أصدقائه قال فيها "لا أستطيع العَيش دون أن أؤلف موسيقى"، لذلك تبقى الطريقة المُثلى للتعَرّف على شوستاكوفتش كما يقول كاتب سيرته سولمون فولكوف هي بالإستماع لموسيقاه وليسَ بقراءة سيرة حياته.
وفي الروابط أدناه مَجموعة مِن نواعِم شوستاكوفتش التي تم الإشارة الى بَعضها في المَقال:

Waltz from the film "Golden Mountains"
http://youtu.be/g0R3xd3MZXI

Jazz Suite - Waltz No. 2
http://youtu.be/7UIHl0oJEpg

Shostakovich Plays Shostakovich - Piano Concerto No. 2
http://youtu.be/BCTEx3w2_jU

The Gadfly - Romance
http://youtu.be/Q0Xfyn0-YhU

Symphony No.5 - 1st movement
http://youtu.be/ABylqDUQ7Go

Tea for Two(Tahiti Trot) - Golden Age
http://youtu.be/y-Z8rN7oTgA

Lullaby for Piano
http://youtu.be/2lLBqerxWDY

String Quartet No. 8 - 2nd movement
http://youtu.be/PjvTTfbpWjY


مصطفى القرة داغي
[email protected]



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دَولة العِراق الحَديثة وعَهد التأسيس الذي كان إعجازاً وحُلما ...
- شارلي شابلن.. وللموسيقى مِن عَبقريّته حُصّة
- ذهَب القائد المُناضِل الضَرورة وجائنا القادة المُجاهِدون الض ...
- جَنّة جَنّة جَنّة .. تمَنّينا تصير يا وَطَنّا
- جعفر باشا العسكري أبو الجيش العراقي.. سيرة عطرة
- الموسيقى الكلاسيكية اليونانية.. نغم راقص وعَبَق مِن سِحر أفر ...
- الإسلام السياسي وأحلام السُلطة
- آلوندرا دي لا بارا وآرتورو ماركيز.. قيثارتان مِن بلاد السِحر ...
- العراقيون و (جين) عبادة الفرد وتأليه الزعماء
- الدَعوَجي والفِصام بَين شَخصيّة رَجل الدولة وشَخصيّة الرَوزخ ...
- هل الدول العربية وشعوبها نامية أم نايمة ؟
- أيها العِراقيون.. إن أعدتم الإعتِبار لمِلوكِكُم فحينها سَتعي ...
- انقِلاب 14 تموز 1958 ومَحكمَته الثورية الهَزلية
- ثورات الربيع العربي تنهش أبنائها
- عَزف نسائي.. وعَودة الألق الى المَسرح العراقي
- الرَوزَخون خضير الخزاعي وإعادة تشكيل الوَعي العراقي
- أحزاب الإسلام السياسي نَباتات سامة أتلفت تُربة مُجتمعاتِنا
- إنتخابات عِراق المالكي وشِراء الذِمَم بالبَطالة المُقنعة
- رَبيع خير أم خريف بؤس عَربي ؟
- العراقيون.. شَعب يَعيش التناقض حَتى في إختيار جَلاديه


المزيد.....




- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى القرة داغي - نواعم شوستاكوفتش.. الموسيقار الموسوعة